Eastern Mediterranean Health Journal | All issues | Volume 18, 2012 | Volume 18, issue 7 | Knowledge and practices of women in Iraqi universities on breast self examination

Knowledge and practices of women in Iraqi universities on breast self examination

Print

PDF version

ندى عبد الصاحب العلوان1، وفاء محمد العطار2، رغدة العيسى 2، زيد المدفعي2، فرات نضال2

Research article

Knowledge and practices of women in Iraqi universities on breast self examination

ABSTRACT This study evaluated the knowledge and practice of breast self-examination (BSE), among a sample of educated Iraqi women. The study sample comprised 858 women aged 18–62 years affiliated to 6 major Iraqi universities, categorized according to occupation as teaching staff (11.5%), administrative staff (18.0%) and students (70.5%). Data were collected by a self-completed questionnaire. In all, 93.9% of the women had heard about BSE, the main source of information was television (39.9%), doctors (18.4%) and the awareness campaign of the Iraqi National Breast Cancer Research Programme (11.6%). Only 53.9% of the women practised BSE; the most common excuses by those that did not were lack of knowledge of the significance of BSE (42.0%) and lack of confidence in their ability to perform BSE (39.5%). Just over 38% did not seek medical advice if they experienced signs/symptoms of breast disease, attributing that to reasons of timidity, lack of time or fear of discovering cancer. The majority (88%) of the women were willing to instruct others in BSE (after training), 40% of whom were interested in collaborating with the National Breast Cancer Awareness Programme in Iraq.

الخلاصة: قيّمت هذه الدارسة المعارف والممارسات تجاه الفحص الذاتي للثدي بين عينة من النساء العراقيات المثقفات. شَمَلَتْ عينة البحث 858 امرأة في الفئة العمرية (18-62 سنة) من المنتسبات إلى ست جامعات عراقية كبرى، وجرى تقسيم المشاركات بحسب وظيفتهن إلى عضوات في هيئة التدريس (%11.5)، وموظفات (%18)، وطالبات (%70.5). وجُمِعت المعطيات عن طريق استبيان تجيب عليه المشاركات ذاتياً. وتبين أن %93.9 من المشتركات قد سمعن عن الفحص الذاتي للثدي؛ وكان المصدر الرئيسي لمعلوماتهن هو التلفزيون (%39.9)، ثم الأطباء (%18.4)، ثم حملات التوعية التابعة للبرنامج العراقي الوطني لبحوث سرطان الثدي (%11.6). وتبين أن %53.9 فقط من المشتركات تمارسن بالفعل هذا الفحص؛ وكان أكثر الأعذار التي بررت بها باقي المشاركات (%46.1) عدم إجرائهن للفحص هي عدم المعرفة بأهمية وطريقة الفحص الذاتي للثدي (%42)، وعدم الثقة في قدرتهن على إجراء الفحص (%39.5). كما تبين أن ما يزيد بقليل عن %38 من المشتركات لم يطلبن النصيحة الطبية عندما لاحظن وجود علامات وأعراض منذرة بمرض الثدي، وبرَّرن ذلك بأسباب من قبيل الخجل، وعدم وجود الوقت الكافي، والخوف من اكتشاف إصابتهن بالسرطان. وأظهرت %88 من المشاركات في عينة الدراسة رغبة صادقة في الحصول على النصح من الأخريات حول طريقة إجراء الفحص الذاتي للثدي (بعد التدرّب عليه)، وأن %40 منهن كن مهتمات بالتعاون مع البرنامج الوطني الريادي لبحوث السرطان لترويج التوعية الجماهيرية حول المرض في العراق.

Connaissances et pratiques des femmes fréquentant des universités iraquiennes concernant l'auto-examen des seins

RESUME La présente étude a évalué les connaissances et les pratiques en matière d'auto-examen des seins d'un échantillon de femmes iraquiennes instruites. L'échantillon de l'étude comprenait 858 femmes âgées de 18 à 62 ans fréquentant six grandes universités iraquiennes. Les participantes ont été classées en fonction de leur activité, soit comme personnel enseignant (11,5 %), soit comme personnel administratif (18,0 %), soit comme étudiante (70,5 %). Des données ont été recueillies à l’aide d’un auto-questionnaire. Globalement, 93,9 % des femmes avaient entendu parler de l'auto-examen des seins. Leur principale source d'information était la télévision (39,9 %), les médecins (18,4 %) et la campagne de sensibilisation du programme national de recherche sur le cancer du sein en Iraq (11,6 %). Seules 53,9 % des femmes pratiquaient l'auto-examen des seins ; les excuses les plus fréquentes de celles qui ne le faisaient pas étaient la méconnaissance de l'importance de l'examen (42,0 %) et le manque de confiance en leur capacité à le réaliser (39,5 %). À peine plus de 38 % des femmes s'abstenaient de consulter un professionnel de santé lorsqu'elles percevaient des signes/des symptômes de pathologie mammaire, en raison, selon elles, de leur timidité, d'un manque de temps ou par crainte de découvrir un cancer. La majorité des femmes (88 %) étaient volontaires pour enseigner à d'autres l'auto-examen des seins (après une formation). Parmi celles-ci, 40 % étaient intéressées par une collaboration avec le programme national iraquien de sensibilisation au cancer du sein.

1 مديرة وحدة بحوث سرطانَيْ الثدي وعنق الرحم، كلية طب جامعة بغداد، بغداد، العراق (البريد الإلكتروني: ( This e-mail address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it )

2 وحدة بحوث سرطانَيْ الثدي وعنق الرحم، كلية طب جامعة بغداد، بغداد، العراق

الاستلام: 11/5/10، القبول: 11/10/5

1 N. Alwan, Baghdad University Medical College, Baghdad, Iraq and Iraqi National Cancer Programme, Iraq.

2 W. Al Attar, R. Eliessa, Z. Al-Madfaie and F. Nedal, Iraqi National Cancer Research Program, Baghdad, Iraq.

EMHJ, 2012, 18(7): 742-748


المقدمة

تدلُّ التقديرات الأخيرة لمنظمة الصحة العالمية على أن السرطان هو أحد الأسباب الرئيسية المؤدية إلى الوفاة بين البالغين في العالم، وكذلك في بلدان إقليم شرق المتوسط، وأن من المتوقع أن تزداد خطورة السرطان على مر السنين ليكون في طليعة المشاكل الصحية، حيث سيأخذ بالتزايد والانتشار مع تقدم السكان في العمر وتكاثرهم في العدد. كما بينت الدراسات العالمية أن أربعين في المئة من الوفيات الناجمة عن السرطان يمكن تَوَقِّيها إذا انخفض تعاطي التبغ، والكحول، وتحسَّنت التغذية، وزاد النشاط البدني وتم التخلص من العوامل المسرطنة في مكان العمل. كما أن قطاعاً كبيراً من حالات السرطان يمكن شفاؤها إذا ما اكتشفت في مراحل مبكرة ولاسيّما إذا خضعت إلى تدبير علاجي فعال [1]، و يأتي سرطان الثدي في مقدمة السرطانات التي يمكن مكافحتها بالكشف المبكر.

ويعتبر سرطان الثدي من أكثر السرطانات شيوعاً عند الإناث في العالم بصورة عامة وفي إقليم شرق المتوسط والعراق بصورة خاصة، حيث تبلغ نسبة الإصابة به %23 من مجموع السرطانات التي تصاب بها المرأة في العالم، وعلى الرغم من اعتقاد البعض أنّ ذلك السرطان هو من أمراض العالم المتقدّم، إلا أنّ معظم الوفيات الناجمة عنه (%69) تحدث في البلدان النامية [2]. كما أن معدلات بُقْيَا مرضى سرطان الثدي على قيد الحياة تتراوح بين %80 أو أكثر في أمريكا الشمالية والسويد واليابان، و%60 في البلدان المتوسطة الدخل، وأقلّ من %40 في البلدان المنخفضة الدخل .[3] وفي العراق، يمثل سرطان الثدي حوالي ثلث نسبة السرطانات التي أصيبت بها المرأة العراقية (%32) وفقاً لما هو مدون في سجل السرطان العراقي الأخير الذي يبين أن سرطان الثدي يحتل المرتبة الأولى بين السرطانات التي يصاب بها الفرد العراقي [4]. كما لوحظ خلال السنوات الأخيرة تزايد واضح في نسبة الإصابة بهذا المرض، حيث بينت الإحصائيات والدراسات المحلية أن معظم الحالات التي تصيب المرأة العراقية، عادةً ما تُكتشف في مراحل متأخرة يصعب التحكم فيها بواسطة العلاج، وأن كثيراً من ضحايا هذا المرض هن في مقتبل العمر [5٫4]، وهذه حالة نادرة الحدوث في المجتمعات والدول الغربية.

ومن أهمّ الاستراتيجيات السكانية للكشف المبكر عن سرطان الثدي إذكاء الوعي العام بالمشكلة التي يطرحها هذا المرض، وبآليات مكافحته، والدعوة إلى وضع السياسات والبرامج المناسبة في هذا المجال. ولذا فقد بادرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي باستحداث برنامج وطني ريادي لبحوث السرطان، يستهدف توعية النساء من كافة أوساط الشعب العراقي بمرض السرطان بصورة عامة، وسرطان الثدي بصورة خاصة، إلى جانب إجراء الدراسات والبحوث حوله، وتدريب الكوادر الطبية والعاملين في الحقل الصحي على التقنيات المستخدمة عالمياً في الكشف المبكر عن سرطان الثدي، والتي تشمل طريقة الفحص السريري والذاتي للثدي، والفحص الشعاعي، والتشخيص الخلوي بواسطة الرشف بالإبرة الدقيقة.

وقد اعتمدت هذه الدراسة الاستطلاعية على المعلومات المسجلة في قاعدة بيانات البرنامج الوطني الريادي لبحوث السرطان، والتي توثق النشاطات المختلفة من خلال الندوات الوطنية التي نظمتها إدارة البرنامج في الجامعات العراقية بالتعاون مع وحدة بحوث سرطانَيْ الثدي وعنق الرحم في كلية طب جامعة بغداد. وتهدف الدراسة إلى تقييم مستوى معارف وممارسات عينة من المثقفات في الجامعات العراقية (مُدرِّسات وموظفات وطالبات) في ما يتعلَّق بالفحص الذاتي للثدي، والتحري عن وجود علاقة واضحة بين المهنة وبين مستوى المعرفة.

منهجية البحث

شاركت في هذه الدراسة عينة تتألف من (858) امرأة، تراوحت أعمارهن بين (62-18) سنة، من الجامعات والكليات العراقية وشَمَلت:

جامعة بغداد/كلية الطب: 131(%15.3)

جامعة بغداد/ كلية التمريض:85(%9.9)

الجامعة المستنصرية:116(%13.5)

جامعة الكوفة:180(%21.0)

جامعة النهرين:47(%5.5)

جامعة كركوك: 256(%30.0)

جامعة هولير الطبية:43(%5.0)

وقد تم تقسيم المشاركات بحسب المهنة، في الجامعات، إلى ثلاث مجموعات تضم المدرِّسات (98 = %11.5) والموظفات (154 = %18) والطالبات (602 = %70.5). وتم جمع المعلومات المطلوبة من تلك العينة البحثية من خلال ما تم توثيقه في استمارات استبيان، أعدَّت لتلك الدراسة من قِبَل إدارة البرنامج الوطني الريادي لبحوث السرطان ووحدة بحوث الكشف المبكر عن سرطانَيْ الثدي وعنق الرحم، تمّ توزيعها على المشاركات واستكملن مَلأْها أثناء ندوات التوعية الوطنية الخاصة بحملة الكشف المبكر عن سرطان الثدي، والتي نفذت في المدَّة ما بين 2010/10/14 إلى 2011/5/11.

وتضمنت البيانات الموثَّقة معلومات شخصية وديموغرافية إضافة إلى أسئلة حول معارف وممارسات المرأة العراقية حول الفحص الذاتي للثدي. ومن الجدير بالذكر أنه قد تم حصر الوقت المحدد للإجابة في فترة زمنية لا تتجاوز عشر دقائق، جَرَى بعدها جمع الاستمارات الاستبيانية من المشاركات قبل البدء بإلقاء محاضرة الندوة الخاصة بالتوعية حول أهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي. ومن ثمَّ تمَّ فرز المعلومات وتحليلها إحصائياً باستخدام التكرارات والنسب المئوية واحتساب مربع كـاي.

النتائج

أوضحت نتائج البحث أن أعمار الإناث المشاركات في الدراسة كانت تتراوح ما بين (62-18) سنة، وقد شكلت الفئة العمرية (20–29 سنة) النسبة الكُبْرَى منهن (%56 من المجموع الكلي)، تَلَتْها الفئة العمرية (أقل من 20 سنة) والتي شكلت %20.6 بينما مثَّلت الفئة (60 سنة فما فوق) %0.4 فقط.

18-7-11-F1

يبين الجدول (1) توزيع العينة بحسب الجامعات العراقية، والتي شملت بعض محافظات الوسط والشمال، حيث يلاحظ بأن جامعة كركوك مثلت %29.8 تلتها جامعة الكوفة (%21) ثم جامعة بغداد/كلية الطب (%15.3) والجامعة المستنصرية (%13.6). كما يبين هذا الجدول أن الطالبات شكَّلنَ (%70.5) من المجموع الكلي، يلي ذلك الموظفات (%18) ثم المدرسات (%11.5).

يبين هذا الجدول الإجابات المختلفة حول سؤال: هل سمعت بالفحص الذاتي للثدي؟ وما هو مصدر المعلومة الجدول (2) ؟ إن نسبة جيدة جداً من المشاركات (%93.9) قد سمعن بالفحص الذاتي للثدي، بينما %6.1 فقط منهن لم يسمعن به، كما يلاحظ عدم وجود علاقة إحصائية بين المهنة وبين الإجابة بـ"نعم" أو "لا". وأظهرت النتائج أن التلفاز هو المصدر الرئيسي لاكتساب المعلومات حول سرطان الثدي لدى (39.9 %)، ويليه الطبيب (%18.4)، ثم البرنامج الوطني الريادي لبحوث السرطان (%11.6) ثم الصحف والمجلات (%11.5)، ثم الـمَطْويَّات (الفولدرات) والملصقات (البوسترات) (%10)، ثم المراكز الصحية (%5.3)، وأخيراً الإذاعة (%3.3).

18-7-11-F2

يبين الجدول (3) أن هناك علاقة إحصائية واضحة بين المهنة والإجابة بـ"نعم" "عند القائمات بالفحص الذاتي للثدي ()، حيث أظهرت النتائج أن %53.9 من المشاركات كُنَّ يمارسن الفحص الذاتي للثدي وأغلبهن من المدرِّسات (%69.1) تليهن الموظفات (%56.8) بينما كانت مجموعة الطالبات هي الأقل (%51). ووجد أن السبب الرئيسي وراء عدم القيام بالفحص الذاتي للثدي في العينة المتبقية والتي تمثل %46.1 هو "عدم المعرفة بالطريقة الصحيحة للفحص" (%42) أو "عدم الثقة بإجادة الفحص" (%39.5) أو"الخوف من اكتشاف عقدة في الثدي" (%16.4)، بينما صرحت %1.9 فقط من المشاركات "بعدم الاقتناع بجدوى الفحص".

18-7-11-F3

يبيِّن الجدول (4) أن اختبار مربع كاى أثبت أن هناك علاقة إحصائية بين المهنة وبين القيام بزيارة الطبيب في حال الشعور بألم أو ورم في الثدي ()، حيث يتبيَّن من الجدول أن %61.7 من المشاركات بالدراسة يقمن بزيارة الطبيب، وأغلبهن من المدرِّسات (%80.5)، بينما شكَّلت اللواتي يمتنعن عن زيارة الطبيب %38.3 من المجموع الكلي، وكان أغلبهن من الطالبات (%44.6). وكان السبب الرئيسي وراء الامتناع عن زيارة الطبيب هو "الخجل" في 58 (%56.9)، ويلي ذلك "عدم وجود الوقت الكافي" في 38 (%37.3) ثم "الخوف" في 6 (%5.6) وذلك من مجموع مَنْ أَجَبْنَ بـ "لا".

18-7-11-F4

كشف الجدول (5) أن %88.1 من المشاركات في الدراسة أظهرنَ استعداداً لتعليم قريباتهنَّ وزميلاتهنَّ الطريقة الصحيحة للفحص الذاتي للثدي إذا تمَّ إرشادهنَّ إلى ذلك، في حين امتنعت عن ذلك %11.9 من المشاركات. ولم يظهر اختبار مربع كاى وجود أية علاقة إحصائية بين المهنة وبين الإجابة (). وكانت الأعذار الرئيسية عند الفئة التي لم تـُبْدِ اهتماماً بتعليم الأُخرَيَات هي إما "عدم وجود الوقت الكافي" (%68.2 من مجموع الإجابة بـ لا) ومعظمهن من الطالبات وإما أن "الأمر لا يعنيهن"(%31.8)".

ومن الجدير بالذكر أن 345 امرأة (%40.4) من مجموع النساء المشاركات في الدراسة أعْرَبْنَ عن رغبتهنَّ في الانضمام إلى البرنامج الوطني الريادي للكشف المبكر عن السرطان والتعاون معه في مجال مكافحة سرطان الثدي: منهن 36 مدرِّسة (%36.7 من مجموع المدرِّسات)، و65 موظفة (%42.2 من مجموع الموظفات) و244 طالبة (%40.3 من مجموع الطالبات).

المناقشة

تسعى منظمة الصحة العالمية إلى تعزيز مكافحة سرطان الثدي في إطار البرامج الوطنية الشاملة لمكافحة السرطان والتي تنطوي على الوقاية والكشف المبكّر والعلاج والرعاية الملطفة [6]. وعلى الرغم من إمكانية إسهام الاستراتيجيات الوقائية في الحدّ من بعض مخاطر سرطان الثدي، إلا أنها لا تمكّن من التخلّص من معظم الحالات. وينطبق ذلك تحديداً على البلدان النامية التي تشهد ارتفاعاً في معدلات الإصابة بهذا المرض [2] نتيجة زيادة متوسط العمر المأمول واعتماد أنماط الحياة الغربية التي عادة ما يشخص فيها داء السرطان في مراحل متأخّرة [8٫7٫1]. وبناء عليه فإنّ الكشف المبكّر يظلّ حجر الزاوية لمكافحة سرطان الثدي وتحسين معدلات البُقْيَا على قيد الحياة. وثـَمَّةَ بعض البيّنات على إمكانية إسهام استراتيجية الكشف المبكر في "تـَرَاجُع" زيادة نسبة حالات سرطان الثدي إلى مراحل أكثر قابلية للشفاء عن طريق العلاج [8-6].

ولما كان التصوير الشعاعي للثدي، وهو أحد أبرز وسائل الكشف المبكر عن سرطان الثدي، مرتفعَ التكلفة، فإنه لا يوصَى باللجوء إليه إلا في البلدان التي تمتلك بنية صحية أساسية جيّدة تمكنها من تحمّل تكاليف تنفيذ البرنامج على المدى البعيد. ولذلك تنصح منظمة الصحة العالمية النساءَ في بلدان العالم النامية بالتفطّن إلى العلامات والأعراض الأولى للمرض وذلك من خلال الفحص السريري للثدي الذي يجريه الطبيب، والفحص الذاتي للثدي، كما تؤكد المنظمة أن من العوامل الأساسية لإنجاح استراتيجية الكشف المبكّر عن السرطان: وضع خطط دقيقة لتنفيذ برنامج مستمر ومنتظم غايتُه الارتقاء بمستوى الوعي العام بالمشكلة التي يطرحها هذا المرض، وهو برنامج يستهدف الفئة السكانية المناسبة، ويضمن تنسيق الإجراءات وجودتها على جميع مستويات الرعاية [6٫1].

وتحقيقاً لتلك الغاية، التي تعتبر من أبرز أهداف البرنامج الوطني الريادي لبحوث السرطان، أُجريت هذه الدراسة للوقوف على معارف وممارسات الإناث حول الفحص الذاتي للثدي. وقد بينت تلك الدراسة بأن الغالبية العظمى من تلك الشريحة من المثقفات في المجتمع العراقي (%93.9) قد سَمِعْنَ بالفحص الذاتي للثدي، ولم يكن هناك اختلاف ملحوظ في مستوى الإجابة بين المجموعات الثلاث. وسجَّل باحثون من الدول المجاورة نتائج مختلفة في دراسات مماثلة تناولت معارف النساء حول تلك الممارسات، فبينما أظهرت إحدى الدراسات أن (%67) من النساء الأردنيات قد سمعن بالفحص الذاتي للثدي [9] تؤكد نتائج دراسة أخرى أن مستوى المعرفة عالٍ نسبياً عند الممرضات في المملكة الأردنية [10]. أما في المملكة العربية السعودية فقد أشارت الحصيلة النهائية لمسح مماثل أجري على عينة من طالبات المرحلة الثانوية في إحدى المدارس إلى أن إجابة (%40) منهن تدل على معرفتهن بطريقة الفحص الذاتي للثدي وأهميتها في الكشف المبكر عن الأمراض[11] .

وعلى الرغم من أنه لا توجد بيّنات ثابتة على أثر الفحص الذاتي للثدي [12]، غير أنّ هناك دراسات تدلُّ على أن المعرفة بهذه الممارسة وانتهاجها، وإن لم تؤدِّ بمفردها إلى انخفاض في نسبة الوفيات من سرطان الثدي، فإنها تسهم في إذكاء وعي النساء بهذا المرض، وتمنحهن مسؤولية الاعتناء بصحتهن، وتشجعهن على طلب المشورة الطبية إذا ما لاحظن وجود أية أعراض أو علامات غير طبيعية [14-12٫8٫7٫1]. إذ استطاعت نتائج الباحثين في دراسة أترابية cohort أجريت في فنلندا [13] وفي دراسة الحالات والشواهد من كندا [14] أن تبين أن الفحص الذاتي للثدي له مزايا عديدة مثمرة في جميع الأعمار، وإن لم تتمكن من استثناء وجود انحياز الانتقاء. كما أشادت جمعية السرطان الأمريكية بالدور الإيجابي للفحص الذاتي للثدي في الكشف المبكر عن السرطان، ونصحت النساء بممارسته شهريا، وبانتظام، للتعرف على طبيعة وملمس الثدي، لكي يتسنى لهن معرفة أي تغيرات قد تطرأ فيما بعد و حال حدوثها [15].

كان المصدر الرئيسي للمعرفة عند النساء في هذه الدراسة هو التلفاز (%39.9) ويليه الطبيب، ومن ثم البرنامج الوطني الريادي لبحوث السرطان، والذي بدأت فعالياته تظهر للعيان أثناء السنوات الماضية من خلال ندوات التوعية الجماهيرية، بينما أظهرت وسائل الإعلام المطبوعة (الصحف والمجلات) كطريقة لإيصال الرسائل الصحية للنساء دوراً ضئيلاً نسبياً (%11.5) ومقاربة للنسبة التي شكلتها مواد التوعية التي يصدرها البرنامج من جداريات ومطويات (%10) والتي أخذت تتوافر خلال الفترة الأخيرة في ربوع الجامعات العراقية، مع تفعيل أنشطة الحملة الوطنية للكشف المبكر عن سرطان الثدي. وفي الأردن سَجَّلَتْ نتائج دراسة سابقة أن (%82) من النساء اطَّلَعْنَ على طريقة الفحص الذاتي للثدي عن طريق التلفاز والمذياع [9] مما يؤكد أهمية دور الوسائل المرئية والصوتية كقناة إعلامية في ترويج ونشر التوعية في المجتمع العربي. وفي الوقت الذي تتوافق فيه نتائج هذه الدراسة العراقية مع دراسات أخرى مماثلة من دول الجوار [16]، فقد سجل باحثون من المملكة العربية السعودية أن المصدر الأول للمعرفة حول جدوى الفحص الذاتي للثدي عند الغالبية العظمى من المشاركات (%83.2) كان وسائل الإعلام المطبوعة التي سبقت دور التلفاز [17]. بينما شدَّد باحثون آخرون على ضرورة تكثيف برامج التعليم المهني والتثقيف الصحي للعاملين في الحقل الطبي لأنهم على الخط الأمامي للتماس بين المصابين بالسرطان وبين نظام الرعاية الصحية [16٫9٫6]. ومما يدعو للأسف أن دور المراكز الصحية في عملية التوعية كان محدوداً جداً، في هذه الدراسة وفي غيرها من الدراسات المدونة في المنطقة العربية [11٫9] مما يستوجب العمل على تعزيز عملية التدريب المهني للعاملين في تلك المراكز باعتبارها البوَّابة الأولى التي يتم عن طريقها نظام الإحالة في البرامج الوطنية لمكافحة السرطان.

وعلى الرغم من أن معظم المشارِكات في هذه الدراسة قد سمعن بالفحص الذاتي للثدي إلا أنه تبين بأن نصف العينة تقريباً (%46.1) لا يمارسن هذا الفحص، وكان أغلبهن من الطالبات (%49). ومع ذلك تُعتَبر تلك النسبة أعلى نسبياً مما أظهرته دراسات مماثلة من دول إقليم شرق المتوسط، إذ كشفت نتائج مسح صحي شمل 300 امراة سعودية من منطقة القصيم بأن حوالي %20 منهن يمارسن الفحص الذاتي للثدي، ولكن بصورة غير منتظمة [18] في حين أوضحت دراسات أخرى من دولة الإمارات العربية المتحدة [19] وجمهورية إيران الإسلامية [20] أن %13 تقريباً يمارسن الفحص الذاتي شهرياً بانتظام. كما سَجَّل مسحٌ صحي شمل ثلاث مدن في المملكة الأردنية أن %17.7 من السيدات يفحصْنَ الثدي ذاتياً وبانتظام كل شهر[21]. وفي حين أظهرت دراسات أجريت على عينة من نساء آسيويات يَقْطُنَّ في المملكة المتحدة والصين نتائج مماثلة نسبياً [23٫22] ، فقد كشفت نتائج مسح على سيدات يقمن في الولايات المتحدة الأمريكية أن %40 يمارسن الفحص الذاتي للثدي شهرياً [24]. وتظل تلك النسب أقل بكثير مما تسجله الدراسات الموثقة في بلدان العالم المتطورة، والتي تشير إلى وجود ارتباط وثيق بين ممارسة الفحص الذاتي للثدي وبين المستوى الرفيع للتعليم الطبي والخدمات الصحية التي يتمتع بها المواطنون في تلك الدول [25] .

وعند محاولة الوقوف على الأسباب الحقيقية وراء عدم ممارسة الفحص الذاتي للثدي في هذه الدراسة، وُجد أن (%42.2) ممن لا يقمن بالفحص لا يعرفن الطريقة الصحيحة، وأن (%39.5) منهن ليس لديهن الثقة بإجادة الفحص، بينما عُزيَ السبب في %16.4 منهن إلى الشعور بالخوف من اكتشاف أيِّ عقدة أو مرض في الثدي، وبهذا تكون هذه النتائج مشابهة لما سجلته بعض الدراسات العربية الأخرى التي أجريت في إقليم شرق المتوسط وكشفت أن تردد النساء وامتناعهن عن ممارسة الفحص الذاتي للثدي يعود إلى الشعور بالقلق من اكتشاف مرض السرطان وقلة المعرفة حول خطورة مرض السرطان [27٫26]. وبيَّن اختبار مربع كاى من خلال تلك الدراسة وجود علاقة إحصائية هامة بين المهنة وبين الممارسة عند النساء اللاتي يقمن بالفحص الذاتي للثدي، حيث كان أغلبهن من المدرِّسات (%69.1). كما أشار الاختبار ذاته إلى وجود علاقة إحصائية يُعْتَدُّ بها بين المهنة وبين القيام بزيارة الطبيب، حيث كشفت النتائج أن (%61.7) من المشاركات في البحث يَقُمْنَ بزيارة الطبيب عند الشعور بوجود أي أعراض أو علامات لمرض في الثدي ومعظمهن من المدرِّسات أيضاً (%80.5)، منهنَّ اللاتي أظهرن إدراكهن بجدوى الفحص الذاتي والفحص السريري للثدي وبأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي كأساس لتفادي المرض.

وفي الوقت ذاته بينت هذه الدراسة أن نصف الطالبات المشاركات (%49) لا يمارسن الفحص الذاتي للثدي، و(%72.9) منهن لا يقمن بزيارة الطبيب (%38.3) حتى وإن كانت هناك ضرورة لذلك. كما اتَّضح أن السبب الرئيسي وراء الامتناع عن مراجعة الطبيب يعود إلى الخجل (%56.9) أو عدم وجود الوقت الكافي (%37.3) أو الخوف من تشخيص المرض (%5.8)؛ وهذا مشابه لما أوردته إحدى الدراسات السعودية التي ذكرت أن نسبة الطالبات المراجِعات للطبيب عند الشك في وجود آفة في الثدي ضئيلة جداً لا تتجاوز (%2.5). كما أكدت دراسات عربية أخرى [27٫26] أن سبب رفض النساء لزيارة الطبيب يُعْزَى أساساً إلى شعورهن بالحرج. وذلك يعود إلى الطبيعة الخجولة المميزة للمرأة العربية والتي من الممكن تلافيها من خلال السعي إلى تنمية الوعي والمعرفة، وبالأخص عند الطالبات، حول العلامات المنذرة بالسرطان، وتثقيف عموم النساء حول التغيرات التي ينبغي ترقُّبها وأهمية المراجعة الفورية للطبيب. إذ إن غَرْسَ التوعية حول سرطان الثدي وأهمية تشخيصه بين النساء في أعمار صغيرة، يمهِّد للالتزام بممارسة طرق الكشف المبكر عنه في أعمار متقدمة [28] .

ومن المثير للاهتمام أن (%88.1) من المشاركات المشمولات في هذا المسح أظهرن استعداداً لتعليم قريباتهن وزميلاتهن الطريقة الصحيحة للفحص الذاتي للثدي إذا ما تم إرشادهن إلى ذلك. كما أعلن (%40.4) منهن عن رغبة صادقة للانضمام إلى البرنامج الوطني الريادي لبحوث السرطان. إن تلك المؤشرات الإيجابية تدعو إلى ضرورة الارتقاء بمستوى البرامج الوطنية لمكافحة السرطان ودعم ترويج التوعية الجماهيرية للوصول إلى كافة شرائح المجتمع العراقي. ثم إن الالتزام بوضع استراتيجية توعية شاملة وهادفة للنساء يتطلب إدراكاً ووعياً تاماً لكل ما يتعلق بالمرض من مسببات وعوامل اختطاره والطرق المفضلة للتشخيص والعلاج. ولذا فإن تضافر الجهات الحكومية المعنية والوزارات ذات العلاقة، وتشجيع التعاون مع منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام في تنفيذ الغايات المنشودة، وتسمية أعضاء ارتباط لبرنامج الحملة الوطنية للكشف المبكر عن سرطان الثدي، كلُّها تمثِّل شروطاً ضرورية للمساهمة الفاعلة في عملية التثقيف والتدريب المهني الذي يستهدف تعزيز المعرفة وتطوير المهارات عند النساء. كما أن التأكيد على إدراج مادة التوعية الوطنية حول الكشف المبكر عن سرطان الثدي في مناهج المدارس للدراسة الإعدادية، من شأنه أن يغرس المعرفة بين الفتيات في أعمار صغيرة مما يمهد لالتزام المرأة العراقية بالممارسات الصحية الجيدة فيما بعد.

 المراجع

  1. Towards a strategy for cancer control in the Eastern Mediterranean Region, 1st ed. Cairo, World Health Organization Regional Office for the Eastern Mediterranean, 2010.
  2. Globocan 2008. Lyon, International Agency for Research on Cancer, 2010 (http://globocan.iarc.fr/, accessed 18 April 2012).
  3. Coleman MP et al. Cancer survival in five continents: a worldwide population-based study. Lancet Oncology, 2008, 9:730–56.
  4. Iraqi cancer registry 2008. Baghdad, Iraqi Cancer Board, Ministry of Health, Iraq, 2010.
  5. Alwan N. Breast cancer: demographic characteristics and clinico-pathological presentation of patients in Iraq. Eastern Mediterranean Health Journal, 2010, 16(11):1073–1078.
  6. National cancer control programmes. Policy and managerial guidelines. Cairo, World Health Organization Regional Office for the Eastern Mediterranean, 2006.
  7. Anderson BO et al. Guideline implementation for breast healthcare in low-income and middle-income countries. Overview of the Breast Health Global Initiative Global Summit, 2007. Cancer, 2008, 113 (8 Suppl.): 2221–2243.
  8. Yip CH et al. Guideline implementation for breast healthcare in low- and middle-income countries: early detection resource allocation. Cancer, 2008, 113:2244–2256.
  9. Petro-Nustus W, Mikhail BI. Factors associated with breast self-examination among Jordanian women. Public Health Nursing, 2002, 19(4):263–271.
  10. Madanat H, Merrill RM. Breast cancer risk factors and screening awareness among women nurses and teachers in Amman, Jordan. Cancer Nursing, 2002, 25:276–282.
  11. Milaat WA. Knowledge of secondary-school female students on breast cancer and breast self-examination in Jeddah, Saudi Arabia. Eastern Mediterranean Health Journal, 2000, 6(2/3):338–343.
  12. Thomas DB et al. Randomized trial of breast self-examination in Shanghai: final results. Journal of the National Cancer Institute, 2002, 94:1445–57.
  13. Gastrin G et al. Incidence and mortality from breast cancer in the Mama program for breast screening in Finland, 1973–1986. Cancer, 1994, 73:2168–2174.
  14. Harvey B et al. Effect of breast self examination techniques on the risk of death from breast cancer. Canadian Medical Association Journal, 1997, 157:1205–1212.
  15. Smith RA et al. American cancer society guidelines for breast cancer screening: update 2003. CA, a Cancer Journal for Clinicians, 2003, 53:141–169.
  16. Dündar PE et al. The knowledge and attitudes of breast self-examination and mammography in a group of women in a rural area in western Turkey. BMC Cancer, 2006, 6:43.
  17. Dandash KF, Al Mohaimeed A. Knowledge, attitude and practice surrounding breast cancer and screening in female teachers of Buraidah, Saudi Arabia. International Journal of Health Science, 2007, 10:61–67.
  18. Jahan S, Al-Saiqul AM, Abdelgadir MH. Breast cancer. Knowledge, attitude and practices of breast self examination among women in Qassim region of Saudi Arabia. Saudi Medical Journal, 2006, 27(11):1737–1741.
  19. Bener A et al. Knowledge, attitudes and practices related to breast cancer screening: a survey of Arabic women. Journal of Cancer Education, 2001, 16(4):215–220.
  20. Parsa P, Kandiah M. Breast cancer knowledge, perception and breast self-examination practices among Iranian women. International Medical Journal, 2005, 4(2):17–24.
  21. Alkhasawneh I, Akhu-Zaheya I, Suleiman S. Jordanian nurses’ knowledge and practice of breast self-examination. Journal of Advanced Nursing, 2009, 65(2):412–416.
  22. Choudhry UK, Srivastava R, Fitch MI: Breast cancer detection practices of South Asia women: knowledge, attitude and beliefs. Oncology Nursing Forum, 1998, 25:1693–1701.
  23. Fung SY. Factors associated with breast self-examination behaviour among Chinese women in Hong Kong. Patient Education and Counseling, 1998, 33:233–243.
  24. Sadler G, Dhanjal S, Shah R. Asian Indian women: knowledge, attitudes and behaviors toward breast cancer early detection. Public Health Nursing, 2001, 18 (5):357–363.
  25. Hackshaw AK, Paul EA. Breast self-examination and death from breast cancer: A meta-analysis. British Journal of Cancer, 2003, 88:1047–1053.
  26. Seif N, Aziz M. Effect of a breast self examination training program on knowledge, attitude and practice of a group of working women. Journal of the Egyptian National Cancer Institute, 2000, 12(2):105–115.
  27. Muttappallymyalil J et al. Attitude and practice of nurses in imparting knowledge of breast self examination to women in Ajman, United Arab Emirates. Iranian Journal of Cancer Prevention, 2010, 3(3):139–143.
  28. Yarbrough SS, Braden CJ. Utility of health belief model as a guide for explaining or predicting breast cancer screening behaviours. Journal of Advanced Nursing, 2001, 33:677–688.