زينب العرفي1، عبير قدسي2، ريما السّيد حسن1
Research article
Views of final-year medical students at Damascus University about clinical skills acquired before graduation
ABSTRACT Medical education in Syrian universities is facing many challenges that may affect the quality of the education and the standard of graduates. We therefore conducted a cross-sectional study using a self-administrated questionnaire with 76 items to investigate the perceptions of 290 final-year medical students regarding the confidence of performing some core clinical skills. A total of 271 responded (response rate 93.4%). Student responses differed. While confidence was highest for skills that do not require practice in the clinical skills laboratory, it was low for skills that need training in emergency and intensive care units, or when students were participating in patient care with partial responsibility. Our findings confirm the need for effective clinical laboratory training, student participation in emergency room shifts, and that students to be allowed to take some degree of responsibility.
الخلاصة: يواجه التعليم الطبي في الجامعات السورية تحديات عديدة يمكنها أن تؤثر على جودة التعليم ومعايير التخرج. ولذلك أجرت الباحثات دراسة مقطعية باستخدام استبيان ذاتي يحتوي على 76 بنداً بغرض استقصاء إحساس 290 طالباً وطالبة في السنة النهائية في كلية الطب بالثقة في أداء بعض المهارات السريرية الأساسية. كان معدل الاستجابة %93.4 على الاستبيان، وتباينت إجابات الطلبة. ومع أن الثقة بلغت أعلى مستوى لها في المهارات التي لا تتطلب مختبراً للمهارات السريرية، كانت الثقة منخفضة في المهارات التي تتطلب تدريباً في وحدات الطوارئ والرعاية المشددة، أو عندما يشارك الطالب في رعاية المرضى ويتحمل جزءاً من المسؤولية. وتؤكد نتائج هذا البحث على الحاجة إلى مختبر للتدريب السريري الفعّال، ومشاركة الطلبة في مناوبات العمل في غرف الطوارئ، والسماح للطلبة بتحمل بعض درجات المسؤولية. ومن المهم الحد من عدد الطلبة في مجموعات حلقات العمل، وتوفير المساواة بين الطلاب من حيث نوعية الحالات المرضية، وظروف التدريب.
Avis des étudiants en dernière année de médecine de l’Université de Damas sur les compétences cliniques acquises avant l’obtention du diplôme
RÉSUMÉ L’enseignement de la médecine dans les universités syriennes est confronté à de nombreuses difficultés qui pourraient influer sur la qualité de l’enseignement et le niveau des diplômés. Par conséquent, nous avons mené une étude transversale au moyen d’un autoquestionnaire composé de 76 items afin de connaître la confiance exprimée par 290 étudiants en dernière année de médecine lors de l’utilisation de certaines compétences cliniques essentielles. Au total, 271 étudiants ont rempli le questionnaire (taux de réponse de 93,4 %). Les réponses des étudiants étaient variées. Alors que le niveau de confiance était maximal pour les compétences ne requérant pas de pratique en laboratoire, il était faible pour les compétences dont l’acquisition nécessite une formation aux services des urgences et des soins intensifs. Les étudiants exprimaient également un niveau de confiance faible à l’égard de la prise de responsabilités partielles dans l’exécution des soins. Nos résultats confirment la nécessité de dispenser une formation clinique en laboratoire efficace, de faire participer les étudiants au service des urgences, et de leur accorder l’autorisation de prendre certaines responsabilités.
1 قسم الأمراض الباطنة، كلّية الطّب، جامعة دمشق، دمشق، سوريا البريد الالكتروني: ( This e-mail address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it )
2 قسم طب الأسرة والمجتمع، كلّية الطّب، جامعة دمشق، سوريا
الاستلام: 26/04/11، القبول: 26/06/11
1Z. Alourfi; 1R. ElSayed Hassan, Department of Internal Medicine, Faculty of Medicine, Damascus University, Damascus, Syrian Arab Republic.
2 A. Koudsi, Department of Family & Community Medicine, Faculty of Medicine, Damascus University, Damascus, Syrian Arab Republic.
EMHJ, 2012, 18(6): 671-677
المقدمة
إنّ التدريب السريري والعملي هو الدّعامة الأساسية في تعليم طلاّب الطب، وقد تطورت طرائقه وأدواته بشكل كبير في العالم من خلال وجود مختبرات المهارات السريرية، والتعلّم المعتمد على المحاكاة، والمرضى الافتراضيين. وعلى الرغم من التطور الهائل في التقنيات التشخيصية، يبقى أخذ القصة السريرية والفحص الفيزيائي الأساس في الوصول للتشخيص في معظم الحالات، وهما حجر الزاوية في الطب السريري [1]. وتبقى مقاربة المريض والتواصل معه الأهم في تأهيل وتدريب الطلاّب لاكتساب مختلف المهارات والكفاءات الأساسية والضرورية لممارسة آمنة وفعّالة في المستقبل.
إن جامعة دمشق كغيرها من جامعات العالم تواكب التغيرات الهامة الحاصلة عالمياً في مجال التعليم الطبي، وخلال سعينا إلى وضع أسس لقياس جودة التعليم العالي [2] لتخريج طبيب كفء قادر على تقديم الرعاية الصحية المطلوبة في الزمان والمكان المناسبين، وفي كافة الظروف المجتمعية، واجهتنا بعض التحدّيات منها الأعداد الكبيرة للطلاّب نسبة لأعضاء الهيئة التدريسية خاصّة في المرحلة السريرية، حيث بلغت النّسبة في إحصائيات عام 2010 في كلية الطب – جامعة دمشق: أستاذ لكل 9-8 طلاب [3]. تخرّج هذه الجامعة نحو 550 طبيباً سنوياً وفق إحصائيات المكتب المركزي للإحصاء [4]. من التحديات الهامّة أيضاً غياب الدلائل الإرشادية للكلّية التي تحدّد الحد الأدنى من الكفاءات المطلوبة في الطبيب الخريج، وغياب الأهداف التعليمية المعتمدة لكل مقرر تدريبي سريري، وكذلك عدم وجود سجل أداء logbook.
ولّدت كل هذه التحديات قلقاً على نوعية التدريب السريري الذي يتلقاه طلاّبنا، مثلنا مثل العديد من جامعات العالم التي لديها المخاوف ذاتها بشأن النقص في المهارات السريرية والعمليّة لدى خريجها، ممّا دفعها للعمل على تطوير مناهجها [6٫5]. ففي التقرير الصادر عن “رابطة كلّيات الطب الأمريكية” عام 2004 إشارة إلى العديد من التقارير المنشورة خلال العقد الماضي عن التعليم الطبي التي أظهرت نقص فعّالية المدارس الطّبية في إعداد خريجيها للممارسة، والتشديد على الحاجة إلى إيجاد السُّبل الجديدة لتدريب الطلاّب وإيصالهم إلى المستوى المنشود [7].
كان من الأمور الهامّة في العقد الماضي تطبيق مبادئ الطب المسند بالبيّنات على التعليم الطبّي، وظهور ما يسمّى التعليم الطّبي المسند بالبيّنات للوصول لأفضل الاستراتيجيات التعليمية لإنتاج أكفأ الأطباء [8]. لذلك فإنّ تقييم جودة التعليم الطّبي لا يتطلب فقط إجراء الدراسات ذات الموثوقية والمعّولية لتقييم مختلف المحصلات فحسب، وإنّما يتطلّب أيضاً دراسات تُقيّم إدراك ووجهة نظر الطلاّب في فعّالية برامجهم التدريبية [9].
أشارت دراسة بريطانية إلى أن %4.3 فقط من الطلاّب يوافقون بشدّة على أن تدريبهم في كليّة الطب قد أهّلهم بشكل جيد لشغل الوظائف التي أُنيطت بهم لاحقاً، وكان أكثر من ربع المشاركين (%29.7) لا يوافق على أنّ تدريبهم كان ملائماً [10]. نتائج مشابهة أظهرتها دراسة دانماركية، من خلال تقييم ذاتي، حيث تبين أن لا أحد من المشاركين لديه الحد الأدنى من المهارات المطلوبة وهناك %8 فقط يملكون %90 من هذه المهارات [11].
إنّ مدة الدّراسة في كليّة الطب بجامعة دمشق هي ست سنوات. تبدأ المرحلة السريرية في السنة الرابعة، يتدرب فيها الطلاّب من خلال مقررات تدريبية دوّارة مختلفة الطول في مختلف التخصصات. والتدريب جانب سرير المريض هو الطريقة الأساسية المعتمدة في تنمية وصقل المهارات السريرية لطلاّبنا في السنة الأخيرة، حيث يشاركون في الجولات السريرية على المرضى مع الأستاذ المشرف. أما في السنة الرابعة والخامسة فإنّ التدريب يكون في القاعات التدريسيّة الموجودة في المشفى والتي يُحضر المريض إليها، حيث يقوم الطلاّب بمشاهدته وفحصه سريرياً بحضور المشرف.
ورغبة منا في المساهمة في توفير البيّنات والدلائل على ضرورة تطوير المنظومة التعليمية الحاليّة، جاء هذا البحث لاستطلاع آراء طلاّب السنة الأخيرة في كلية الطب في جامعة دمشق والذي يهدف إلى تقييم وعيهم الذّاتي بامتلاكهم الكفاءات اللازمة، ودرجة ثقتهم في قدراتهم على إجراء بعض المهارات السريرية والعملية الأساسية، التي تمّ اكتسابها.
المواد والطرائق
دراسة مقطعية عرضية أجريت على طلاّب السنة السادسة للعام الدراسي 2009-2010 في كلّية الطب في جامعة دمشق في الفترة الواقعة بين أيار وحزيران 2010، والتي يفترض فيها أن يكون جميع طلاّب السنة السادسة لذلك العام الدراسي قد أتمّوا تدريبهم السريري ليصبحوا جاهزين للامتحان النهائي والتخرّج.
كان الاعتيان نظامياً استخدم فيه إطار اعتيان من خلال قوائم أسماء طلاّب السنة السادسة للعام المذكور. بلغ عدد المشاركين 290 طالباً وطالبة (أي %42.03 من إجمالي عدد طلاب السّنة السادسة في ذلك العام). تمّ استطلاع وجهات نظرهم من خلال استبيان صممّ بناءً على استبيانات استخدمت في أبحاث مشابهة أُديرت في جامعات ذات منهاج دراسي مماثل لمنهاجنا، مع الاستعانة ببعض دلائل الأهداف التعليمية لكلية الطب البشري في سوريا وبعض جامعات العالم [12-15].
شمل الاستبيان المعلومات الديموغرافية والعامة التالية (العمر، الجنس، الحالة العائلية، معدّل السنوات السابقة، العمل خارج أوقات الدراسة إن وجد). وتضمّن 76 بنداً غطّت مجالاً واسعاً من المهارات السريرية والعمليّة توزّعت كما يلي: قياس العلامات الحيوية، ومهارات التأمل في الفحص الفيزيائي، وإجراءات تحتاج للتدريب في مختبر المهارات السريرية، ومهارات تتطلب الدّوام في الإسعاف والعناية المشددّة، ومهارات متفرقة، ومهارات القدرة على الربط بين الموجودات ووضع التشخيص. صُنفت آراء الطلاب بما يتعلق بالقدرة على القيام بالمهارات السابقة وفقاً لمستويات خمسة: (1) أستطيع القيام بالإجراء بكل ثقة. (2) أستطيع القيام بالإجراء وحدي لكن دون ثقة بنفسي. (3) ممكن أن أقوم بالإجراء لكنني أحتاج لإشراف. (4) راقبت إجراء المهارة دون التطبيق عملياً. (5) لم أتعلمه.
ولسبر الرأي العام للطلاّب طُرحت في النهاية ثلاثة أسئلة هي: (1) بشكل عام أنا راضٍ عن نوعية التعليم الطبي الذي تلقيته. (2) أشعر أنّ تدريبي السريري يؤهلني للعمل بشكل مستقل كممارس عام. (3) أشرف الأساتذة على تعلّمي هذه المهارات. قدّرت الإجابات باستخدام سلّم ليكرت Likert scale بحيث: 1= أوافق بشدة، و5= لا أوافق بشدة. تُرك للطالب في نهاية الاستبيان فرصة لكتابة ملاحظاته واقتراحاته.
قمنا قبل إدارة الاستبيان بإجراء دراسة ارتيادية على 15 طالباً لتحرّي الوضوح في الأسئلة والمتغيرات المقاسة، وبعدها تمّ توزيعه على عينة الدراسة من الطلاّب بعد أن شُرح لهم الغرض من القيام بهذا البحث. وقد حصل هذا البحث على موافقة مجلس الدراسات والأبحاث في جامعة دمشق.
معالجة البيانات وتحليلها: أدخلت البيانات إلى برنامج Excel (الإصدار رقم 10) بعد أن أعطي كل مشارك رمزاً، ومن ثمّ تمّ تدقيق الإدخال من قبل مساعد بحثي للتوثق من صحتها وغياب الخطأ. واُستخدم برنامج SPSS (الإصدار الثامن عشر) لإجراء الاختبارات الإحصائية الوصفية للمتغيرات الديموغرافية وجميع المتغيّرات الخاصّة بالمهارات المدروسة.
النتائج
بلغ معدّل الاستجابة للاستبيان الموزّع على طلاّب السّنة النهائية %93.44 (271 /290)، وتراوحت نسب الإجابة على المهارات فرادى بين -98.2 %100.
بلغ عدد المشاركين من الذكور 164 (%60.5)، وكان متوسط أعمار المشاركين 24.36 ± 1.24 سنة. ذكر 221 طالباً وطالبة معدّلاتهم خلال السنوات الخمس السابقة لتتراوح بين %59 و%87.6 (المتوسط 71.48 ± 5.44). وتجدر الإشارة إلى أن هناك سبعة طلاب (%2.58) كانوا يعملون إلى جانب دراستهم، وشكَل المتزوجون %2.95 (8 /271)، منهم ست إناث.
نتائج عامة
كان %30.6 من الطلاّب غير راضين بشدة عن نوعية التعلّيم الذي تلقوه، ويرى نحو نصفهم (%50.2)، أنهم غير قادرين على ممارسة الطّب بشكل مستقل بعد التخرج، بينما كان ربع الطلاّب (%24) لا يوافقون بشدة على أن هناك دوراً للأساتذة في تدريبهم.
أولاً- قياس العلامات الحيوية
يثق عدد كبير من الطلاّب بقدراتهم في قياس العلامات الحيوية (النبض:%82.7، الضغط الشرياني: %81.2، عدد مرات التنفس: %78.2، قياس الحرارة: %64.6)، ونسبة قليلة جداً كانت بحاجة لإشراف عند القيام بها (%1.8، %3.7، %3، %3.7 مع احترام الترتيب) (المخطط 1) .
ثانياً- التأمل
اخترنا عشرة من مهارات التأمل. كانت النسبة الأكبر للذين يتوقعون القيام بهذه المهارات بثقة دون إشراف، وسجّل أعلاها لتأمل الصدر (%78.6)، تلاها وجود الكدمات (%66.4)، ثمّ الشحوب (%64.9)، وبعدها اليرقان (%63.8)، ومن ثمّ وجود الفرفريات (%57)، والتصبغات الجلدية (%55.7)، والنمشات (%53.5)، وكان في آخر القائمة تأمل الكفين والأظافر (%48.3) والفم والأغشية المخاطية (%43.9)، وأخيراً تأمل الدوران الجانبي والدوالي (%41). بالمقابل كان هناك عدد قليل من الطلاّب بحاجة لوجود المشرف للقيام بهذه المهارات، وهي موضّحة في الجدول (1) .
ثالثاً- مهارات تحتاج لوجود مختبر المهارات السريرية
اخترنا بعض المهارات السريرية التي يصعب تطبيقها على المرضى مباشرة دون المرور بمرحلة تعلّم إجرائها على الدمية البشرية (المانيكان). يعرض المخطط 2 النتائج. كانت نسب الطلاّب الذين لم يتعلّموا القيام بالإجراء أو الذين راقبوه فقط دون تطبيقه عمليّاً مرتفعة مقارنة مع النسب المنخفضة للذين يعتقدون أنهم يستطيعون القيام بهذه المهارات بثقة بمفردهم، كما يلي: فحص قعر العين (%50.6 مقابل %3.3)، المس الشرجي (%90.8 مقابل %2.2)، المس المهبلي (%65.4 مقابل %5.9)، فحص الثدي (%50.9 مقابل %14)، تركيب الأنبوب الأنفي المعدي (%87.8 مقابل %1.1)، تركيب قثطرة بولية (%85.2 مقابل %3.7).
رابعاً- مهارات تتطلب الدوام في الإسعاف والعناية المشددة
اخترنا بعض المهارات التي يتطلب إتقانها الدوام في الإسعاف والعنايات المشدّدة وهي موضّحة في الجدول (2) .
يلاحظ الانخفاض الشديد في نسب الطلاّب القادرين على القيام بالمهارة بثقة، وارتفاع نسب الطلاب الذين لم يتعلموا هذه المهارات أو اكتفوا بالمراقبة فقط. وكانت نسب الطلاّب الذين يعتقدون أنهم قادرون على القيام مثلاً بمهارة تقدير درجة الوعي، ووضع نتائج قياس العلامات الحيوية، وتقدير درجة التجفاف عند الطفل، والإنعاش القلبي الرئوي عند البالغين بثقة بالترتيب: %14.8، %7، %7.7، %2.6 مقابل الذين راقبوا القيام بالمهارة فقط أو لم يتعلموها بالترتيب نفسه: %46.8، %78.2، %58.6، %85.6.
خامساً- مهارات متفرقة
اخترنا مهارات متفرقة تشتمل كتابة الوصفة الطبّية وكتابة التقرير الطبي وكتابة تقرير الوفاة والتشخيص السريري للموت ومعايير عزل المريض. فكانت نسبة الواثقين من أنفسهم في اتقانها منخفضة جداً مقارنة مع الذين لم يتعلموها، فكتابة الوصفة الطبّية (%8.1 مقابل %29.9)، وكتابة التقرير الطبي (%2.2 مقابل %71.2)، وكتابة تقرير الوفاة (%0.7 مقابل %86)، والتشخيص السريري للموت (%3 مقابل %70.1)، ومعايير عزل المريض ( %1.8 مقابل %71.6) (المخطط 3) .
سادساً- مهارات الربط بين الموجودات السريرية والقدرة على وضع التشخيص
اخترنا مهارات تشخيص الأمراض الصدرية بحيث تشمل مهارات الفحص السريرية للموجودات فرادى (تأمل الصدر، وإصغاء الأصوات التنفسية، وجس الاهتزازات الصوتية، والقرع) فكانت نسبة الطلاب الذين يعتقدون أنهم يستطيعون القيام بالمهارة بثقة هي بالترتيب: %78.6، %40.2، %48.3، %49.8. أما الذين يحتاجون لوجود المشرف فكانت نسبهم على التوالي: %0.7، %19.9، %15.5، %15.9.
كما اخترنا مهارات جمع الموجودات مع بعضها للتشخيص، فكانت نسبة الذين يعتقدون أنهم يستطيعون بثقة تشخيص تناذر الانصباب الجنبي %28.4 مقابل %26.9 من الطلاب يحتاجون لإشراف. أما نسبة الذين يعتقدون أنهم يستطيعون تشخيص ذات الرئة بثقة فكانت %12.2 مقابل %29.9 منهم يحتاج لإشراف. وبلغت نسبة الذين يعتقدون أنهم يستطيعون تشخيص الريح الصدرية بثقة %21 مقابل %28.8 بحاجة لإشراف (المخطط 4) .
مثّلت عيّنة هذه الدراسة %42.03 من طلاّب السنة السادسة للعام الدراسي 2010-2009 وقد تمّ انتقاؤهم عشوائياً مما يمكن معه القول أنّ العيّنة كانت ممثلة فعلاً لطلاّب العام المدروس.
تقدّم موجودات هذا البحث معلومات هامة حول آراء طلاّب الطبّ وهم على وشك التّخرّج في المهارات التي اكتسبوها خلال سنوات تدريبهم السريري.
جاءت نسبة الطلاّب المشاركين في الدّراسة والذين لم يكونوا راضين بشدّة عن نوعيّة التعلّيم الذي تلقوه مماثلة لنسبة الطلاّب غير الراضين بشدّة أيضاً عن تعليمهم السريري في الدّراسة الإيرانية للمؤلف Jalili وزملائه وهي %30 [13]، وربما هذا ما جعل نحو نصف الطلاّب يشعر بأنه غير قادر على ممارسة الطّب بشكل مستقل بعد التخرج مباشرة. هذه النسب العالية تبقى مقلقة رغم ما بيّنته دراسة Mario Sičaja وزملائه في كرواتيا، من أنّ الطلاّب يقيّمون أنفسهم ومهاراتهم بدرجة أقل بالمقارنة مع تقييم أساتذتهم [16]. وفي تحليلنا للنتائج التي حصلنا عليها وجدنا تفسيراً منطقياً قد يكون وراءها.
أولاً: يشكّل عدم وجود مختبر للمهارات السريرية ليقوم الطلاّب بالتدرّب واكتساب المهارات اللازمة قبل البدء بتطبيقها على المرضى، أحد أهم الأسباب في شعور الطالب بالنقص في الثقة بقدراته، وبالتالي عدم رضاه عن تعليمه السريري. يتّضح ذلك من مقارنة نتائج المهارات التي لا تحتاج لوجود المختبر والتي يمكن للطلاب بوجود المشرف تعلّمها وإجراؤها على بعضهم مثل فحص النبض، وقياس الضغط الشرياني، وعدد مرات التنفس حيث كانت نسبة الثقة عالية جداً (%82.7، %81.2، %78.2 على التوالي)، ومن اللافت للنظر أن قياس الحرارة على الرغم من سهولته، وعدم الحاجة لإجرائه في مختبر المهارات السريرية فإن النسبة الأقل من الطلاب (%64.6) هي التي تستطيع إجراءه بكل ثقة، بدون أي تبرير منطقي لذلك.
أما الإجراءات التي تحتاج فعلاً لوجود مختبر المهارات السريرية ومنها: فحص قعر العين، والمس الشرجي، والمس المهبلي، وفحص الثدي، وتركيب الأنبوب الأنفي المعدي، وتركيب قثطرة بولية، فقد تفاوتت النسب كثيراً بين الطلاّب الذين راقبوا إجراء هذه المهارات دون القيام بها عملياً أو لم يتعلموها، فأكثر من نصفهم (%50.6) لا يعرف تشخيص وذمة حليمة العصب البصري، مقابل فقط %3.3 يعتقد أنه يستطيع القيام بذلك، كما أنّ معظمهم (%90.8) لا يعرف كيف يضع قثطرة بولية، مقابل فقط %3.7 يعتقد أنه يستطيع القيام بذلك. ومن هنا ضرورة التأكيد على أهمية ودور وجود مختبر مهارات فعّال كامل التجهيز متاح للطلاّب طيلة مراحل الدراسة [17].
ينطبق ما سبق أيضاً على مهارات التأمل والتي يمكن القيام بها جانب سرير المريض أو في قاعة الدرس حيث يكون الدرس على المريض بوجود المشرف، فقد وجدنا أنّ أكثر من %60 من الطلاب يثقون في قدرتهم على القيام بإجراءات تأمّل أساسيّة ولا سيّما الصدر والكدمات والشحوب واليرقان ولكنّ نسبة الواثقين من أنفسهم انخفضت في تأمّل الفرفريات والتصبّغات الجلدية والنمشات ليشير %41 منهم للثقة في إجراء تأمل الدوران الجانبي والدوالي رغم أهميته. وتفسير ذلك واضح لأنّ التعلّم في مشافينا الجامعية جانب سرير المريض أو في قاعة الدرس يحكمه توفّر الحالات المرضيّة فلا يمكن توفير نفس الحالات لكل الطلاّب، فضلاً عن عدد الطلاّب الكبير الذي يجعل توفير نفس الحالات للجميع من الصعوبة بمكان.
ثانياً: يأتي في مقدمة الأسباب الأخرى (التي نعلم أنّ عدم وجودها في المنهاج يجعل نسبة قليلة من الطلاّب يشعرون أنهم يملكون الثقة بأنفسهم في أدائها) غياب الدّوام الإلزامي لطلاّب ما قبل التخرّج في الإسعاف والعناية المشدّدة. فبينما لوحظ الانخفاض الشديد في نسب الطلاّب القادرين على القيام بثقة ببعض المهارات مثل تقدير درجة الوعي (%14.8)، ووضع نتائج قياس العلامات الحيوية (%7)، وتقدير درجة التجفاف عند الطفل (%7.7)، والإنعاش القلبي الرئوي عند البالغين (%2.6) وكلها مهارات تتطلب الدوّام في الإسعاف والعنايات المشددّة، لوحظ ارتفاع نسب الطلاّب الذين لم يتعلموا هذه المهارات أو اكتفوا بالمراقبة فقط (الترتيب نفسه للمهارات السابقة الذكر: %46.8، %78.2، %58.6، %85.6). ويبدو أن ذلك مذكور في دراسات أخرى فعلى سبيل المثال يرى أكثر من ثلث طلاّب دراسة أُجريت في المملكة المتحدة أنهم غير قادرين على إجراء الإنعاش القلبي الرئوي بدون إشراف [18].
نعتقد أنّه يجب أن تتعزز ثقة الطلاّب في أداء مثل هذه المهارات بعد فرض مقرر تدريبي للإسعاف والعناية المشددة، وهذا ما أشارت إليه دراسة لاي Lai وزملائه من تحسن في أداء هذه المهارات عند طلاب السنة الأخيرة بعد دوامهم في وحدة العناية المشددة [19].
ثالثاً: أظهرت دراسة أجريت على طلاب متخرجين حديثاً أن معظمهم قد صُدم عندما عرف أنّ عليه فجأة وضع التشخيص الصحيح وكتابة وصفة العلاج المناسب [20]، مما يشير إلى ضرورة وجود تكامل ما بين العلوم الأساسية والعلوم السريرية، وكذلك إلى ضرورة تحميل طالب السنة السادسة مسؤولية جزئية بإشراف جيد عن المرضى في المستشفى وذلك بعد أن أنهى المقررات التدريبية الدوارة في كافة الأقسام في السنين السابقة، وهذا كفيل بتحسين مهارات التشخيص والربط بين الموجودات ووضع تشخيص تفريقي إن لم يكن هناك تشخيص نهائي (مثلاً من نتائجنا: الثقة في تشخيص تناذر الانصباب الجنبي %28.4، وذات الرئة %12.2، والريح الصدرية %21)، وكذلك سيرفع من نسبة من يستطيع كتابة وصفة طبية بثقة أو تقرير طبي أو حتى تقرير وفاة فالنتائج الحالية منخفضة وهي بالترتيب: (%8.1)، (%2.2)، (%0.7)، (%3).
وأخيراً: إن الاكتفاء بالمراقبة أثناء الدرس السريري والطالب جالس على الكرسي في قاعة التدريس أو واقف بجوار الأستاذ في الجولة السريرية، لا تنتج طبيباً، ويبدو أن هذا شعور الطلاب أيضاً فربع الطلاب لا يوافق بشدة على وجود أي دور للأستاذ المشرف في تعليمهم، ويبدو أنّ نقص الإشراف الفعّال مشكلة عالمية، ووصلت لمعدلات مماثلة لنا أو تفوقها، وفي بعضها يذكر الطلاّب أن في 50 - %80 من الحالات لم يكن هناك إشراف عند إجراء الفحص الفيزيائي [21٫13].
إن الالتزام والإشراف والتواصل الجيد من قبل الأستاذ، يخلق بينه وبين الطالب علاقة تعدُّ جوهرية لجودة التدريب السريري [22].
ومهما كانت أعداد الطلاّب كبيرة في كليّتنا يجب في رأينا ألاّ تقف حجر عثرة في تأمين تدريب سريري أفضل لهم، فأعداد الأساتذة والمشرفين كبيرة أيضاً، وتتوفر للطلاّب سبع مشافي تعليمية تضم مختلف التخصصات الطبية، وذات طاقة استيعابية كبيرة. لكنّنا بحاجة لإعادة النظر في توزيع الطلاّب إلى فئات صغيرة لتوفير الإشراف الجيد، وكذلك لتأمين أماكن أكثر كي تكفي الأعداد المتزايدة للفئات بعد تقليل عدد الطلاّب في كل منها.
نعتقد أنّ القيام بما سبق بالإضافة إلى توسيع نطاق التدريب ليشمل أقسام الإسعاف والعنايات المشددّة المختلفة، وتفعّيل التدّريب في مختبر المهارات السريرية سيؤدي إلى تحسن واضح في مستوى التدريب السريري [23]. من الجدير بالذكر أن هذه الأفكار جاءت متطابقة مع مقترحات الطلاّب وملاحظاتهم.
يضاف إلى ما سبق أن تزويد الطالب بدليل بالأهداف التعليمية المطلوب انجازها في نهاية مرحلة التدريب السريري، وتحميله بعض المسؤوليات كجزء من تأهيله، وتعديل نظام التقييم والامتحانات ليصبح تقييماً معتمداً على الكفاءات competency based assessment، واستخدام طرائق كالامتحان السريري الموضوعي المُبنّىobjective structured clinical examinations، كل هذا سيكون كفيلاً بتخريج الطبيب الكفء والمؤهَّل بالشكل الأفضل لتحمّل أعباء مهنته على أكمل وجه، وللسمو أكثر في مستوى كلّية الطّب في جامعة دمشق العريقة.
كلمة شكر
نتوجه بجزيل الشكر لعمادة كلية الطب ورئاسة جامعة دمشق على الموافقة لإجراء هذه الدراسة ونثمن غالياً استجابة الطلاب لملء الاستبيان. ونشكر الأستاذة الدكتورة هيام بشور لبعض الملاحظات التي قدمتها أثناء تنفيذ وصياغة هذا البحث.
المراجع
- King DB et al. Clinical skills textbooks fail evidence-based examination. Evidence-Based Medicine, 2005, 10:131–132.
- Van Zanten M et al. Overview of accreditation of undergraduate medical education programmes worldwide. Medical Education, 2008, 42(9):930–937.
- دليل كلية الطب البشري جامعة دمشق عام 2010 – مطبوعات جامعة دمشقGuidelines of the Faculty of Medicine. Damascus, Damascus University Publication 2010
- المكتب المركزي للإحصاء www.cbssyr.org/studies/st.pdf2005
- Goodfellow PB, Claydon P. Students sitting medical finals- ready to be house officers? Journal of the Royal Society of Medicine, 2001, 94:516–520.
- Nelson S, Traub S. Clinical skills training of US medical students. Academic Medicine, 1993, 68:12; 926–928,
- Educating doctors to provide high quality medical care: a vision for medical education in the United States. Report of the ad hoc Committee of Deans. Washington DC. Association of American Medical Colleges, 2004 (http://cgea.net/deansreport.pdf, accessed 5 March 2012).
- Wolf FM, Shea JA, Albanese MA. Toward setting a research agenda for systematic reviews of evidence of the effects of medical education. Teaching and Learning in Medicine, 2001, 13(1):54–60.
- Vroeijenstijn Al. Quality assurance in medical education. Academic Medicine, 1995, 70(7 Suppl. ):S559–S567; discussion S68–S69.
- Goldacre MJ et al. Preregistration house officers’ views on whether their experience at medical school prepared them well for their jobs: national questionnaire survey. British Medical Journal, 2003, 326:1011–1012.
- Moercke AM, Eika B. What are the clinical skills levels of newly graduated physicians? Self-assessment study of an intended curriculum identified by a Delphi process. Medical Education, 2002, 36(5):472–478.
- Jalili M, Mirzazadeh A, Azarpira A. A survey of medical students’ perceptions of the quality of their medical education upon graduation. Annals of the Academy of Medicine, Singapore, 2008, 37: 10 12–1018.
- Chen Wet al. Clinical skills in final-year medical students: the relationship between self-reported confidence and direct observation by faculty or residents. Annals of the Academy of Medicine, Singapore, 2008, 37:3–8.
- Premadasa IG et al. Frequency and confidence in performing clinical skills among medical interns in Kuwait. Medical Teacher, 2008, 30:e60–e55.
- Hoat LN, Son NM, Wright EP. Perceptions of graduating students from eight medical schools in Vietnam on acquisition of key skills identified by teachers. BMC Medical Education, 2008, 8:5.
- Sičaja M, Romić D, Prka Ž. Medical students’ clinical skills do not match their teachers’ expectations: survey at Zagreb University School of Medicine, Croatia. Croatian Medical Journal, 2006, 47:169–175.
- Remmen Ret al. Can medical schools rely on clerkships to train students in basic clinical skills? Medical Education, 1999, 33:600–605.
- Gillard JH et al. Pre-registration house officers in eight English regions: Survey of quality of training. British Medical Journal, 1993, 307:1180–1184.
- Lai NM, Sivalingam N, Ramesh JC. Medical students in their final six months of training: progress in self-perceived clinical competence, and relationship between experience and confidence in practical skills. Singapore Medical Journal, 2007, 48(11):1018.
- Prince KJ et al. Junior doctors’ opinions about the transition from medical school to clinical practice: a change of environment. Education for Health (Abingdon, England), 2004, 17(3):323–331.
- Holmboe E. Faculty and the observation of trainees’ clinical skills: problems and opportunities. Academic Medicine, 2004, 79:16–22.
- Alhaqwi Al et al. Determinants of effective clinical learning: a student and teacher perspective in Saudi Arabia. Education for Health, 2010, 23:1–14.
- Umber PC et al. Teaching acute care: A course for undergraduates. Resuscitation, 2007, 74(1): 142–149.