Eastern Mediterranean Health Journal | All issues | Volume 15, 2009 | Volume 15, issue 6 | جودة المياه والوصول إليها في الأرض الفلسطينية المحتلة

جودة المياه والوصول إليها في الأرض الفلسطينية المحتلة

Print

PDF version

عصام أحمد الخطيب1، إيمان سليمان الريماوي2، لينا إبراهيم غيث2، عبير عبد المجيد التكروري2

الخلاصة: استقصى الباحثون جودة المياه والوصول إليها في الأرض الفلسطينية المحتلة، ووجدوا أن %89.2 من الأسر الفلسطينية تعيش في مساكن موصولة بشبكة المياه العمومية؛ %84.1 في الضفة الغربية و%99.3 في قطاع غزة. ويعتمد %2.3 من السكان في شمال وجنوب الضفة الغربية على شراء المياه من الصهاريج، وهو أمر لا نجده في وسط الضفة الغربية ولا في قطاع غزة. وتستخدم الصهاريج التي تستمد مياهها من المطر لدى %13 من سكان الضفة الغربية و%0.2 في قطاع غزة. وعلى وجه الإجمال يعتبر %63 من السكان أن المياه ذات جودة جيدة، وهؤلاء يتوزعون على %88 في الضفة الغربية و13.3 في قطاع غزة. وهناك علاقة ذات أهمية يعتد بها إحصائياً بين الأمراض المتعلقة بالمياه وبين جودة المياه، إذ كان معدل انتشار مثل تلك الأمراض في غزة أعلى منه في الضفة الغربية.

Quality of water and access to it in the Occupied Palestinian Territory

ABSTRACT We investigated access to and quality of water in the Occupied Palestinian Territory. As regards access, 89.2% of Palestinian families live in households connected to the public water network: 84.1% in the West Bank and 99.3% in the Gaza Strip. In the north and south West Bank, 2.3% of households depend on buying water from tanks but this is not available in the mid-West Bank and Gaza Strip. Rain-fed cisterns are used in 13% of households in the West Bank and 0.2% in the Gaza Strip. Overall, 63% of households considered the water quality good, 88.0% in the West Bank and 13.3% in the Gaza Strip. There was a significant relationship between water-related diseases and water quality: the spread of such diseases was greater in the Gaza Strip.

Qualité de l’eau et accès à celle-ci dans le territoire palestinien occupé

RÉSUMÉ Nous avons étudié la question de l’accès à l’eau et de la qualité de celle-ci dans le territoire palestinien occupé. S’agissant de l’accès, 89,2 % des familles palestiniennes vivent dans des foyers raccordés au réseau public de distribution de l’eau : 84,1 % en Cisjordanie et 99,3 % dans la bande de Gaza. Dans le nord et dans le sud de la Cisjordanie, 2,3 % des foyers doivent acheter leur eau aux réservoirs mais cette possibilité n’existe pas dans le centre de la Cisjordanie et dans la bande de Gaza. Des citernes de récupération d’eau de pluie sont utilisées dans 13 % des foyers en Cisjordanie et dans 0,2 % dans la bande de Gaza. Globalement, 63 % des foyers considèrent que l’eau est de bonne qualité : 88,0 % en Cisjordanie et 13,3 % dans la bande de Gaza. Il existe une relation significative entre les maladies liées à l’eau et la qualité de celle-ci : la propagation de ces maladies est plus importante dans la bande de Gaza.

1معهد الدراسات البيئية والمائية، جامعة بيرزيت، فلسطين (مراسلات إلى عصام أحمد الخطيب: This e-mail address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it )
2كلية الدراسات العليا، جامعة بيرزيت، فلسطين
الاستلام: 01/08/07، القبول: 27/02/08

I.A. Al-Khatib. Institute of Environmental of Water Studies, Birzeit University, Palestine.
I.S. Al-Remawi, L.I.Ghait & A.A. Takrouri, Faculty of Graduate Studies, Birzeit University, Palestine.
EMHJ, 2009, 15(6):1542-1552


المقدمة

تتفاوت خدمات المياه والإصحاح من منطقة لأخرى، حيث تنحدر هذه الخدمة إلى أدنى مستوياتها في الريف وبخاصة في آسيا وإفريقيا. وعلى أعتاب العام 2000 ثمة 1.1 بليون إنسان لا يجدون موردًا آمنًا للمياه وهم %17 من سكان المعمورة آنذاك. في حين أن %40 من البشر لا يجدون إصحاحًا مناسبًا، كما أن ثلث سكان المعمورة لا يمكنهم الحصول على المرافق الصحية المناسبة؛ مما أدى إلى وفاة الكثير من الأشخاص، خاصة في الدول النامية بسبب الأمراض المرتبطة بسوء حالة المياه، إذ توفي 6 آلاف طفل، وعانى أكثر من 250 مليون شخص من تلك الأمراض في سنة واحدة. حيث تعزى العديد من المشكلات الصحية التي يعاني منها الناس إلى تلوث الماء بيولوجيًا، أو كيماويًا أو فيزيائيًا [1]. والماء الملوث ينقل عددًا كبيرًا من الأمراض [4-2]؛ سواء أكان ذلك من خلال لشرب، أو الطهي، أو غسل الأواني، أو الاستحمام أو ري المزروعات [5]، وغالبا ما تمتاز هذه الأمراض بسرعة انتشارها، وإصابتها لعدد كبير من الناس، وفي مساحة واسعة [6].

إن انتشار الأمراض المنقولة بواسطة المياه يتناسب عكسيا مع تطهيرها، فعلى سبيل المثال يرتبط انتشار مرض الكوليرا، وأمراض الإسهال الأخرى بجودة المياه [8,7]، وهذا يتناسق مع ما ذكره أبو حجلة [1] فالرقابة على جودة مياه الشرب من أهم العوامل التي تساعد على رفع مستوى الصحة العامة.

لقد أقر المجلس التشريعي الفلسطيني قانون المياه رقم 3 لسنة 2002، الذي يهدف إلى تطوير مصادر المياه، وإدارتها بشكل سليم، وزيادة طاقتها، وتحسين نوعيتها، وحفظها، وحمايتها من التلوث والاستنزاف [9]. وأصبح من الضروري إلى جانب تنمية الموارد المائية، واستعمالها للري؛ اتخاذ إجراءات مناسبة؛ لضمان استدامة جميع الموارد وبخاصة المياه والأراضي، وذلك من خلال المحافظة عليها وحماية البيئة [10]. كذلك فقد أكد الخطيب وعرابي [11] أنه – وعلى الرغم من الاهتمام العالمي بالبيئة - لا يزال ثمة شح في المعلومات المتوافرة، والدراسات التي تتناول جودة المياه ونوعيتها، والاستهلاك المتزايد للمياه ونقصها.

أفاد تقرير لوزارة الصحة الفلسطينية - نقلا عن مصادر إسرائيلية - أن نسبة الملوحة في حوض «الشاطئ» (الخزان الساحلي للمياه الجوفية) آخذة في الارتفاع، وهو الذي يعدّ أحد أهم ثلاثة مصادر للمياه في إسرائيل، وأن أقل من نصف كمية المياه التي تضخ من الحوض تعدّ جيدة، وجاء في التقرير أن معدل تركيز الأملاح قد ارتفع في هذا الحوض بـنسبة %10 خلال السنوات الـ 15 الأخيرة، في حين ارتفعت نسبة النيترات في تلك الفترة بـ %20 [12].

تهدف هذه الدراسة إلى التعرف إلى واقع المياه في الأراضي الفلسطينية المحتلة من حيث الوسائل الرئيسة المستخدمة من قبل الأسر الفلسطينية للحصول على المياه، وتقييم هذه الأسر لجودة المياه التي تحصل عليها، ومدى تأثير ذلك على صحة المواطنين، وربط ذلك كله بالتوزيع الجغرافي للمناطق المختلفة في فلسطين.

المنهجية

تقوم هذه الدراسة على المنهج الوصفي، فقد اعتمدت بشكل أساسي على نتائج مسح البيئة المنزلي الذي قام به الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2004 [13]. ويشمل مجتمع الدراسة جميع الأسر الفلسطينية المقيمة بصورة اعتيادية في الضفة الغربية وقطاع غزة. أما عينة الدراسة فتكونت من 16 أسرة من كل منطقة عدّ، موزعة على 481 منطقة، اختيرت بطريقة العينة العشوائية الطبقية ثنائية المراحل، ليكون العدد النهائي للأسر 3444 أسرة، موزعة حسب نوع التجمع السكاني والمنطقة، وذلك حسب توزيع عينة مسح القوى العاملة.

لقد تم توزيع العينة إلى طبقات، باستخدام أربعة مستويات: توزيع العينة إلى طبقات حسب المحافظة، وتوزيع العينة إلى طبقات حسب نوع التجمع السكاني الذي يشمل (الحضر، والريف، ومخيمات اللاجئين)، وتوزيع العينة إلى طبقات حيث تم تصنيف التجمعات باستثناء المدن مراكز المحافظات إلى ثلاث طبقات، بناءً على ملكية الأسر في هذه التجمعات للسلع المعمرة والوسائل، كما جاء في تعداد السكان والمساكن والمنشآت عام 1997، وتم توزيع العينة إلى طبقات حسب حجم التجمع السكاني (عدد الأسر في التجمع).

تمثلت أداة الدراسة في استمارة المسح، حيث تم تصميم استمارة المسح بعد الإطلاع على تجارب الدول الأخرى في موضوع إحصاءات البيئة، بحيث تغطي الاستمارة أهم المؤشرات حسب توصيات الأمم المتحدة، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات المجتمع الفلسطيني في هذا الجانب. تم توزيع 3444 استمارة واسترجع منها 2758 استمارة مكتملة أي بنسبة 80.1% وهي نسبة ملائمة للتحليل [14]. ولاختبار صدق الاستبانة وثباتها، تم إدخال تعديلات طفيفة عليها بالاعتماد على المسح الذي أجراه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني في عامي 1999 و2003 [ 15, 16].

وتعد عينة الدراسة عينة جزئية من عينة مسح القوى العاملة الذي ينفذه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بصورة دورية منذ أيلول 1995، إذ يتم تنفيذ هذا المسح بشكل ربعي. لقد تم اختيار الأسر ضمن العينة بحيث تكون ممثلة على مستوى الأسبوع الواحد، لقد مثلت عينة مسح البيئة المنزلي ستة أسابيع من الربع الأول للعام 2004. بعد تحديد عينة الدراسة وزّعت أداة الدراسة للحصول على المعلومات المطلوبة من خلال العمل الميداني، الذي يقوم به باحثون ميدانيون مدربون ضمن التدريب الشامل لمسح القوى العاملة، وذلك قبل بداية تنفيذ المسح. لقد اشتمل تدريب الباحثين الميدانيين على عمليات جمع البيانات، وأدبيات العمل الميداني بما في ذلك طرح الأسئلة، وتسجيل الإجابات، وأدبيات إجراء المقابلات، بالإضافة إلى جزء خاص حول خصوصيات مسح البيئة المنزلي بما في ذلك استمارة المسح، والأسئلة الخاصة بها، والمصطلحات والمفاهيم المستخدمة في المسح. بعد تدقيق البيانات تم إدخالها، وتحليلها من خلال منظومة إحصائية هيversion 8.0 ,SPSS.

النتائج

الوسيلة الرئيسة المستخدمة للحصول على المياه

يبين الجدول رقم 1 التوزيع النسبي للأسر الفلسطينية حسب الوسيلة الرئيسة المستخدمة للحصول على المياه والمنطقة. يلاحظ أن %89.2 من مجموع الأسر الفلسطينية تقيم بمساكن متصلة بشبكة المياه العامة، حيث تتوزع هذه النسبة بواقع %84.1 في الضفة الغربية مقارنة بـ %99.3 في قطاع غزة. أما الأسر التي تتنقل إليها المياه بوساطة الصهاريج، فقد بلغت نسبتها %2.3 في الضفة الغربية، وكانت النسبة صفرًا في وسط الضفة الغربية، وقطاع غزة. أما فيما يتعلق باستخدام الصهاريج التي تجمع فيها مياه الأمطار، فقد أظهرت النتائج بأنها متوفرة، تستخدم بنسبة %13 في الضفة الغربية؛ مقارنة بنسبة قليلة جدًا في قطاع غزة. من جانب آخر توضح النتائج أن نسبة الأسر الفلسطينية التي تحصل على المياه من خلال الينابيع، أو العيون المائية قد بلغت %0.3 في الضفة الغربية، في حين غابت هذه الظاهرة عن قطاع غزة.

تقييم الأسر الفلسطينية لجودة المياه

يوضح الجدول رقم 2 التوزيع النسبي لتقييم الأسر الفلسطينية لجودة المياه. حيث يلاحظ أن %63 من مجموع الأسر في الأراضي الفلسطينية تعتبر جودة المياه جيدة، وتتباين هذه النسبة حسب المناطق المختلفة، لتبلغ %88 في الضفة الغربية، وتنخفض إلى %13.3 في قطاع غزة.

كما تبين النتائج أن %27.5 من الأسر في الأراضي الفلسطينية تعتبر المياه متوسطة الجودة، في حين ترتفع هذه النسبة في قطاع غزة لتصل %60.1، وتنخفض لتصل إلى %11.2 في الضفة الغربية.

ويلاحظ من الجدول رقم 2 أن نسبة الأسر في مناطق جنوب الضفة الغربية التي قيمت جودة المياه على أنها جيدة كانت مرتفعة حيث بلغت %97.75، في حين أن %1.7 من الأسر في مناطق شمال الضفة الغربية قيموا جودة المياه بأنها سيئة.

المناقشة

تعتمد معظم الأراضي الفلسطينية على شبكة المياه العامة للحصول على مياه الشرب، وكان ذلك بنسبة %89.2، ويلاحظ أن هذه النسبة في قطاع غزة أعلى منها في الضفة الغربية، وذلك نظراً لتوفر المياه الجوفية مصدراً وحيداً لمياه الشرب، حيث يتميز قطاع غزة بضآلة المياه السطحية، وقلة الأودية، وقصرها، وضحالة مياهها؛ نظرا للظروف المناخية، وقلة اختلاف التضاريس [17]. وعادة ما تتعرض المياه السطحية إلى تلوث، وتصبح بحاجة إلى معالجة حتى تكون صالحة للاستعمال [18]. وقد ذكر المجذوب [4] أن الأمطار المتساقطة سنويًا على القطاع تتراوح كميتها بين 164.3-171.3 مليون متر مكعب. وهذا ما أكده العفيفي [17]، إذ يتسرب إلى باطن الأرض %35 منها، و%5 ينساب فوق سطح الأرض تبعًا للانحدار الموجود في الطبيعة، أما القسم الأكبر الذي يقدر بنحو %60-65 فيتبخر بالحرارة، ونتح النباتات، هذه المشكلات تضاف إلى جفاف الينابيع الصغيرة الموجودة، وإلى منع الإسرائيليين الفلسطينيين من إنشاء آبار جوفية ارتوازية جديدة.

أما في الضفة الغربية، فيوجد تنوع في مصادر المياه، حيث تتوافر المياه الجوفية، والآبار المنزلية، والينابيع. ونظرًا لكبر مساحة الضفة الغربية وترامي أطرافها، مقارنة بقطاع غزة، فإن هناك صعوبة في توصيل شبكة المياه العامة لجميع القرى والمدن، بالإضافة إلى أسباب سياسية تحول دون ذلك، حيث الإسرائيليون السلطات المختصة في فلسطين- مثل سلطة المياه الفلسطينية- من إقامة شبكات مياه جديدة، أو حفر آبار ارتوازية، أو إصدار تراخيص تمديد شبكات الصرف الصحي، علماً بأن معظم مراكز تجميع مياه الصرف الصحي تقع في مناطق يسيطر عليها الاحتلال. إضافة إلى التكاليف المرتفعة لإنشاء شبكات المياه الجديدة، واعتماد ذلك بشكل أساسي على الدول المانحة، وارتباطه بالاستقرار السياسي.

يعتمد الفلسطينيون في الضفة اعتماداً جزئيّاً على الينابيع لتغطية جزء من الطلب على المياه، حيث يستقون حوالي 25.9 مليون متر مكعب سنوياً، وهذا يشكل ما نسبته %27.5 من مجموع مصادر مياه الضفة الغربية. أما في قطاع غزة فلا توجد ينابيع. ويستقي الفلسطينيون في الضفة الغربية من الآبار الارتوازية 58.8 مليون متر مكعب، بنسبة %50.3 من مصادر المياه في الضفة الغربية [19].

وفيما يتعلق بوسائل حصول الأسر الفلسطينية على المياه في مناطق الضفة الغربية، فإن مناطق الوسط هي الأوفر حظاً في توفر شبكات المياه العامة بنسبة %97.6، وهي محافظة رام الله والبيرة ومحافظة أريحا. وتبلغ النسبة في مناطق الشمال %77.6 وفي مناطق الجنوب %78.0. وهذا يتفق مع المعلومات المأخوذة من سلطة المياه الفلسطينية والموضحة في الجدول رقم 3، الذي يبين توزيع التجمعات السكنية في الضفة الغربية حسب توفر شبكات المياه.

يتم تجميع مياه الأمطار في العديد من مناطق الضفة الغربية وتخزينها في صهاريج منزلية؛ وذلك نظرًا لشح المياه في تلك المناطق [1]، وللانقطاع المتكرر في ضخ المياه في شبكة المياه العامة صيفاً، حيث تنقطع المياه بشكل متكرر كما هو الحال في مدينة الخليل، مع العلم بأن الحاجة للمياه في فصل الصيف تبلغ ضعف الكمية المطلوبة في فصل الشتاء على الأقل [20]. وهذا ما يدفع الفلسطينيين في بعض المناطق في الضفة الغربية إلى استخدام صهاريج نقل المياه، وغالبًا ما تكون هذه الصهاريج مراقبة جيدًا؛ مما يضمن جودة المياه وسلامتها [1].

ثمة علاقة وثيقة بين جودة المياه المتوافرة في الأراضي الفلسطينية المحتلة ومصدرها، فغالبًا ما تتميز المياه الجوفية العذبة بجودة عالية، مقارنة مع المصادر الأخرى للمياه، إذ إنها لا تحتاج إلى عمليات معالجة معقدة لتكون صالحة للاستعمال البشري وبرغم ذلك فإنه يوجد الكثير من العوامل التي تؤثر في جودة المياه في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث يتحكم الاحتلال الإسـرائيلي بإدارة معظم الآبار الارتوازية الفلسـطينية، ويضخّ غالبية مياهها لصـالح المستوطنين؛ وذلك لرغبة الاحتلال في استقطاب أكبر عدد منهم.

يرى %12 من الأسر الفلسطينية في الضفة بأن المياه متوسطة الجودة أو سيئة، ويعزى هذا الأمر إلى المياه العادمة التي تتسرب إلى المياه الباطنية، قادمة من المستوطنات كما يرى الباحثان «نعمان ومحمد» مما يهدد بآثار صحية خطيرة، و زيادة نسبة الأملاح، وتزايد نسبة النيترات [3]. وفي هذا السياق، أفادت تقارير فلسطينية أن كمية المياه العادمة التي تضخها المستوطنات الإسرائيلية التي يقطنها حوالي 400٫000 مستوطن في الضفة الغربية قد بلغت حوالي 40 مليون متر مكعب سنوياً، في حين أن كمية ما ينتجه الفلسطينيون في الضفة الغربية 33.72 مليون متر مكعب، علماً بأن عدد السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية بلغ 2.3 مليون نسمة؛ ما يعني أن كمية المياه التي ينتجها المستوطنون تفوق كثيراً ما ينتجه السكان الفلسطينيون. كما وأشار التقرير إلى أن %90 من مساكن المستوطنات، متصل بشبكات الصرف الصحي، إلا أن نسبة ما يعالج منها لا تتجاوز %10 من كمية المياه العادمة المنتجة، أما المياه العادمة للمستوطنات، فتصب في الأودية الفلسطينية، وفي حوض نهر الأردن، وقد تتجاوز ذلك إلى الأراضي الزراعية الفلسطينية، كما هو الحال في منطقة وادي قانا بالقرب من محافظة نابلس، ومنطقة شمال شرق مدينة الخليل وغيرها من المناطق. وبينت التقارير أن المياه العادمة توجه إلى المناطق الرملية، أو تحمل في صهاريج، وتضخ في الأودية، أو إلى مياه البحر المتوسط، كما تتسرب كميات كبيرة إلى باطن الأرض، لتختلط بمياه الخزان الجوفي، مما يهدد بآثار صحية خطيرة [20 ,21].

وتعدّ طرق التخلص من المياه العادمة في الضفة الغربية من العوامل التي تسهم في تلوث مياه الشرب، إذ بلغت نسبة الأسر المربوطة بشبكات الصرف الصحي %32.6، و%62.6 مربوطة بحفر امتصاصية، و 3.4% منها مربوطة بحفر صماء، و%1.4 بطرق أخرى [13]. وفي حالة امتلاء الحفر الامتصاصية أو الصماء، يتم نضحها والتخلص منها في الأراضي الزراعية، والأودية، وغيرها من الأماكن. ويمكن أن تسهم الحفر الامتصاصية في تلويث الصهاريج المغذاة بمياه الأمطار، خاصة وأن المسافة بين الحفرة والصهريج تقل عن 15 متراً في %30.2 من المنازل التي يوجد فيها الحفر الامتصاصية والصهاريج [13].

أما في قطاع غزة، فإن %13.3 من الأسر يرون أن المياه جيدة فيما يرى الباقون بأنها متوسطة الجودة أو سيئة. أي أن نسبة عالية من المياه في قطاع غزة غير صالحة للاستخدام الآدمي؛ نتيجة لمجموعة من العوامل أهمها:

الضخ المستمر للمياه من غزة إلى داخل الخط الأخضر، وذلك وحسب ما ذكره المجذوب [4]؛ لتغذية الخط الناقل القطري الإسرائيلي. إضافة إلى ذلك فإن السدود المقامة في وادي غزة داخل إسرائيل تحول دون وصول المياه لقطاع غزة كما وأن الآبار الإرتوازية الإسرائيلية الواقعة إلى الشرق من قطاع غزة تحدث تأثيرًا سلبيًا في كمية المياه ونوعيتها داخل القطاع.

قيام سلطات الاحتلال بنقل المصانع الإسرائيلية الملوثة للبيئة إلى مناطق تقع بمحاذاة الأراضي الفلسطينية، وطرح النفايات الإسرائيلية، والمياه العادمة في وادي غزة، وتصريف مياه الصرف الصحي الخاصة بالتجمعات الاستيطانية إلى الأراضي الفلسطينية، وكذلك الحال مع المخلفات الكيميائية [19].

الاستنزاف الكبير للمياه الجوفية، الذي أدى إلى ارتفاع نسبة الملوحة فيها مما جعلها غير صالحة للشرب مع أنها تضخ إلى المنازل، ففي العام 2003 أشارت نتائج الفحوصات لعينات المياه المأخوذة من شبكات المياه قد تجاوزت المعايير العالمية والفلسطينية وبنسب مرتفعة، وكان أهمها العكورة، والايصالية، ومجموع المواد الصلبة المذابة، والنيترات، والكلوريد، والكبريتات، والعسر، والفلوريد، حيث بلغت هذه النسب %15.7، و%49.0، و%46.0، و%64.2، و%52.0، و%17.1، و%42.2، و%66.7 على التوالي [22].

طرق التخلص من المياه العادمة، حيث إن %63.4 من المنازل مربوطة بشبكة الصرف الصحي، و36.4% منها مربوط بحفر امتصاصية، و%0.2 منها مربوط بحفر صماء [13]. فالحفر الامتصاصية تسرب المياه العادمة، ويمكن أن تصل إلى المياه الجوفية وتلوثها، خاصة وأن التربة في قطاع غزة معظمها رملية.

عند مقارنة انتشار الأمراض المرتبطة بالمياه بين قطاع غزة والضفة الغربية لسنة 2004، يتضح أن هناك 1492 حالة (ascariasis, roundworm) في قطاع غزة (بمعدل 10.6 حالة لكل 10000 مواطن) مقارنة مع 203 حالات في الضفة الغربية (بمعدل 0.8 حالة لكل 10000 مواطن) ، و11360 حالة (trophozoit) (بمعدل 80.8 حالة لكل10000 مواطن) مقارنة مع 1490 حالة (بمعدل 0.7 حالة لكل 10000 مواطن)في الضفة الغربية، بالإضافة إلى وجود 1166 حالة (typhoid & paratyphoid) في قطاع غزة (بمعدل 8.3 حالة لكل 10000 مواطن) مقارنة مع 31 حالة (بمعدل 0.1 حالة لكل 10000 مواطن) في الضفة الغربية [23].

وفي سياق آخر، يقوم مفتشو وزارة الصحة بفحص روتيني لعينات من المياه لمراقبة مصادرها، والتأكد من جودتها. وقد أظهرت نتائج الفحص الميكروبي أن 20.8 %من العينات التي تم فحصها عام 2004 في الضفة الغربية كان ملوثًا بالبكتيريا القولونية الكلية، و%11.8 من هذه العينات كان ملوثاً بالبكتيريا القولونية البرازية [23]. وهذا يؤكد نتائج فحوصات مفتشي وزارة الصحـة لعينات في سنة2000 [20]، حيث تم فحص ما مجموعه 5308 عينات للبكتيريا القولونية الكلية، وكانت نسبة التلوث %14.5 في الضفة الغربية، وما مجموعه 9163 عينة في قطاع غزة وكانت ملوثه بنسبة %20.4.

وهذا يتناسق مع ما ذكره الخطيب وعرابي [11] في دراستهما التي هدفت للتعرف إلى الخصائص البيولوجية لمياه الشرب في ثلاث قرى برام الله ومنطقة البيرة. أجريت هذه الدراسة على مياه الصهاريج التي تجمع فيها مياه الأمطار، وبعد تحليل النتائج توصلت الدراسة إلى أن %87 من مياه الصهاريج غير صالحة للشرب، وملوثة بتراكيز عالية من القولونيات، وتحتاج إلى تخثير وتصفية وتطهير، ذلك حسب المعايير التي وضعتها منظمة الصحة العالمية [24]، وأن %10.5 منها ملوثة تلوثاً بسيطاً وتحتاج لمعالجة أولية بالتطهير، في حين أن %2.5 من الصهاريج غير ملوثة وصالحة للاستخدام البشري دون أية معالجة للمياه. كما اتضح من الدراسة أن أهم مصادر التلوث لمياه الشرب هي الحفر الامتصاصية، ومواقع تسريب مياه الفضلات ومكبات النفايات إذا كانت قريبة من هذه الصهاريج. وهذا يتفق مع ما ذكر في إحدى الدراسات [25]؛ أن إحدى المخاطر الكبيرة على جودة المياه وتحديداً المياه الجوفية في الأرض الفلسطينية المحتلة ناتج عن جريان المياه العادمة دون مراقبة ومعالجة خاصة، كذلك التسميد المكثف، واستعمال المبيدات الحشرية بكثرة في الزراعة، بجانب جريان المياه العادمة الصناعية، والمخلفات الصناعية والزراعية ومجمعات المخلفات الصلبة البيتية [26].

أما بخصوص نتائج الضفة الغربية ففي شمال الضفة الغربية كان الاعتماد على الصهاريج التي تجمع فيها مياه الأمطار أكثر من مناطق الوسط والجنوب، بحيث كانت %18.6. ولهذا علاقة بتقييمهم لجودة المياه إذ كانت أسوأ بقليل من غيرهم، حيث إن مياه الصهاريج التي تجمع فيها مياه الأمطار غالبًا ما يتم جمعها من أسطح المنازل التي لا تعدّ نظيفة كلياً؛ مما يسبب بعض التلوث لهذه المياه، وهذا ينعكس على صحة المجتمع [11,1]. كما أن تقرير وزارة الصحة الفلسطينية لسنة 2005 أظهر أن %78.9 من عينات المياه التي جمعت في العام 2004 من الصهاريج التي تجمع فيها مياه الأمطار كانت ملوثة [23]. كما أن قرب الصهريج من الحفرة الامتصاصية يلعب دوراً كبيراً في احتمالية التلوث الميكروبي والكيميائي لمياه الصهريج، كذلك فإن مواصفات الصهريج نفسه لها علاقة باحتمالية حدوث تلوث. ونظراً لأن درجة الحرارة في مناطق الشمال أعلى منها في الوسط والجنوب وذلك يساعد على زيادة نمو البكتيريا والفطريات؛ مما يقلل من جودة المياه [13,1].

الخلاصة والتوصيات

تعتمد معظم الأسر في الأراضي الفلسطينية على شبكة المياه العامة وسيلة رئيسة للحصول على مياه الشرب، ونسبة المنازل المربوطة بشبكة المياه العامة في قطاع غزة أكثر منها في الضفة الغربية، وذلك لأن المياه الجوفية هي المصدر الوحيد في القطاع، ووجد أن وسائل الحصول على المياه سواء كان من خلال شبكات المياه، أو الآبار المنزلية، أو صهاريج المياه، أو الينابيع والعيون؛ يختلف من منطقة إلى أخرى في الضفة الغربية، وذلك حسب مصدر الماء المتوافر، ومدى القيود التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين. ويلاحظ أن جودة المياه في الضفة الغربية أفضل منها في قطاع غزة، وانعكس ذلك بشكل واضح على النوعية الحيوية لمياه الشرب، إذ بلغت نسب التلوث الحيوي لمياه الشرب في قطاع غزة أكثر منها في الضفة الغربية، وانعكس ذلك بشكل واضح على صحة المواطنين، إذ كانت نسبة الأمراض ذات العلاقة بالمياه في قطاع غزة أعلى منها في الضفة الغربية.

ومن التوصيات التي خلصت إليها الدراسة لحل مشكلة المياه الأرض الفلسطينية المحتلة ما يلي:

  • إشراك المجتمعات المحلية في حملات التوعية، والتثقيف حول الخطر الذي تلعبه المياه الملوثة في نقل الأمراض.
  • توعية الناس لضرورة المحافظة على مصادر المياه، وحمايتها من التلوث.
  • الاستفادة بشكل أفضل من مصادر المياه المتوافرة، وخاصة الينابيع والعيون، وذلك عن طريق صيانتها، وتيسير سبل الاستفادة منها، والمحافظة عليها.
  • إعداد برامج لتوعية المواطنين وتدريبهم على كيفية التعامل مع المياه الملوثة.
  • إجراء دراسات أخرى أعم وأشمل حول هذا الموضوع، بحيث تتناول متغيرات أخرى وبالتفصيل، مثل الأمراض ذات العلاقة بالمياه.
  • العمل على إيصال شبكة الصرف الصحي إلى جميع المناطق الفلسطينية، والعمل على معالجة المياه العادمة، والتخلص السليم منها.
  • ضرورة بناء الحفر الامتصاصية، أو الصماء الخاصة بتجميع المياه العادمة المنزلية وفق معايير صحية، وبيئية، وإنشائية مناسبة تحول دون تلويث مياه الأمطار التي تجمع في الصهاريج، وخاصة في الريف الفلسطيني.
  • تفعيل دور الجهات المسؤولة عن مراقبة جودة المياه، والعمل على توثيق النتائج.
  • ويعتبر زوال الاحتلال أهم عامل في الحفاظ على جودة مصادر المياه، وتحسّن خدماتها وجودتها.

المراجع

  1. أبو حجلة، بكر. دراسة وبائية حول أثر المياه على الصحة في محافظة طوباس. رسالة ماجستير، كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، فلسطين، 2004.
  2. Al-Khatib IA et al. Water health relationships in developing countries: a case study in Tulkarem district in Palestine. International journal of environmental health, 2003, 13:199–206.
  3. Noman A, Muhammad S. Alternate water supply arrangements in peri-urban localities: awami (people’s) tanks in Orangi Township, Karachi. Environment & urbanization, 2003, 15(2):33–44.
  4. المجذوب، طارق. لا أحد يشرب، مشاريع المياه في استراتيجية إسرائيل. بيروت، لبنان: شركة رياض ريس للكتب والنشر، 1998.
  5. Water quality: guidelines, standard & health. Geneva, Word Health Organization, 2002.
  6. مؤسسة المواصفات والمقايـيس الفلسطينية. مواصفة فلسطينية – مياه الشرب. رام الله: فلسطين، 1998.
  7. Gasana J et al. Impact of water supply and sanitation on diarrhea morbidity among young children in the socioeconomic and cultural context of Rwanda (Africa). Environmental research section, 2002, A 90:76–88.
  8. Gundry S et al. A systematic review of the health outcomes related to household water quality in developing countries. Journal of water health, 2004, 2:1–13.
  9. المجلس التشريعي الفلسطيني، قانون المياه. رام الله، فلسطين، 2003.
  10. منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAW)، (2006). مراقبة جودة المياه وحماية البيئة، أخذ بتاريخ 20/4/2006 من http://www.fao.org/word/regional/rne/inform/inform ar.htm
  11. الخطيب عصام، وعرابي، معمر (2004). أسباب تلوث المياه في الصهاريج التي تجمع فيها مياه الأمطار في ثلاث قرى في رام الله البيرة في فلسطين، المجلة الصحية لشرق المتوسط، منظمة الصحة العالمية، 2004، 10(3): 435-429.
  12. The status of health in Palestine, annual report 2002. Palestine, Ministry of Health, 2003.
  13. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. مسح البيئة المنزلي، 2004: النتائج الأساسية. رام الله، فلسطين، 2004.
  14. عودة، أحمد وملكاوي، فتحي. أساسيات البحث العلمي في التربية والعلوم الإنسانية. إربد: مكتبة الكتاني، 1992.
  15. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. إحصاءات البيئة في فلسطين 1999. رام الله، فلسطين، 2001.
  16. الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني. مسح البيئة المنزلي، 2003: النتائج الأساسية. رام الله، فلسطين، 2003.
  17. العفيفي، جبر. المياه مصادرها واستخداماتها ومشكلاتها في قطاع غزة. القدس، فلسطين: ملتقى الفكر العربي للنشر، 1992.
  18. Simeonov V et al. Assessment of the surface water quality in Northern Greece. Water research, 2003, 37(17):4119–24.
  19. الإدارة العامة لمصادر المياه والتخطيط. تـزويد المياه في الضفة الغربية. وزارة التخطيط، رام الله، فلسطين، 2002.
  20. The status of health in Palestine, annual report 2000. Palestine, Ministry of Health, 2001.
  21. غنايم، محمد. الوضع الحالي للمياه في فلسطين. معهد الأبحاث التطبيقية – القدس: فلسطين، 2001.
  22. The status of health in Palestine, annual report 2003. Palestine, Ministry of Health, 2004.
  23. The status of health in Palestine, annual report 2004. Palestine, Ministry of Health, 2005.
  24. Guidelines for drinking water quality: Recommendations, 2nd ed. Vol. 1. Geneva, World Health Organization, 1993.
  25. Rochelle C, Harding AK. Acceptability of solar disinfection of drinking water treatment in Kathmandu Valley, Nepal. International journal of environmental health research, 2005, 15(5):362–72.
  26. برنامج الأمم المتحدة للبيئة. دراسة مكتبية عن حالة البيئة في الأراضي الفلسطينية المحتلة. سويسرا، الطبعة الأولى، 2003.