Eastern Mediterranean Health Journal | All issues | Volume 15, 2009 | Volume 15, issue 3 | دور منظمة الصحة العالمية وبرنامجها العربي في النهوض باللغة العربية

دور منظمة الصحة العالمية وبرنامجها العربي في النهوض باللغة العربية

Print

PDF version

قاسم طه السارة

الملخص: البرنامج العربي لمنظمة الصحة العالمية برنامج عالمي يستضيفه المكتب الإقليمي لشرق المتوسط في المنظمة منذ الثمانينيات من القرن المنصرم، يُعنَى بتقديم صورة صحيحة وواضحة للقارئ العربي عن منظمة الصحة العالمية وجهودها في النهوض بالوضع الصحي في العالم، من خلال ترجمة الوثائق الأساسية للمنظمة وعرض أنشطتها باللغة العربية، إلى جانب تلبية احتياجات البلدان من المعلومات المستجدة والموثوقة في شتى المجالات الصحية، ووضع المصطلحات العلمية وتوطين التكنولوجيا الصحية في البلدان العربية، وقد عمل بالتعاون مع اتحاد الأطباء العرب، ومع مجلس وزراء الصحة العرب والمجامع اللغوية في البلدان العربية والاتحادات المهنية الصحية من الأطباء وأطباء الأسنان والصيادلة والممرضات والجامعات ومعاهد التعليم للعلوم الصحية والمجامع اللغوية، وتوضِّح الورقة دور البرنامج العربي لمنظمة الصحة العالمية في تطوير اللغة العربية بين أوساط العاملين في الطب والصحة.

Role of WHO Arabic Programme in scaling up the Arabic language

ABSTRACT The World Health Organization Arabic Programme (WAP), a global programme hosted by the Eastern Mediterranean Regional Office (EMRO) since the 1980s, is concerned with presenting a clear and sound view of WHO and its efforts to promote health throughout the world. This is achieved through translating WHO basic documents, presenting WHO activities in Arabic, meeting the needs of countries for new and reliable information in all areas of health, developing scientific terminology, and institutionalizing health technology in the Arab countries. WAP has collaborated with the Arab Medical Union, the Arab Health Ministers Council, Arabic language academies and unions of health professions, as well as universities and health science teaching institutes. This paper details the role of WAP in promoting Arabic in the field of health.

Rôle du Programme OMS en langue arabe dans le renforcement de l’utilisation de la langue arabe

RÉSUMÉ Le Programme en langue arabe (WAP) de l’Organisation mondiale de la Santé, qui est un programme mondial installé au Bureau régional de la Méditerranée orientale depuis les années 1980, s’efforce d’offrir une image claire et juste de l’OMS et de son action en faveur de la santé dans le monde entier. L’accomplissement de sa mission passe par la traduction des documents essentiels de l’OMS, la présentation des activités de l’OMS en arabe, la réponse aux besoins des pays en matière d’informations nouvelles et fiables dans tous les domaines de la santé, l’élaboration d’une terminologie scientifique et l’institutionnalisation de la technologie sanitaire dans les pays arabes. Ce programme collabore avec l’Union des médecins arabes, le Conseil des ministres de la Santé arabes, les écoles de langue arabe et les syndicats de professionnels de la santé, ainsi qu’avec les universités et les établissements d’enseignement des sciences de la santé. Le présent article décrit le rôle du Programme OMS en langue arabe du point de vue de la promotion de l’arabe dans le domaine de la santé.

قسم الإعلام الطبي والصحي، المكتب الإقليمي لشرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية، القاهرة، مصر
(البريد الإلكتروني: This e-mail address is being protected from spambots. You need JavaScript enabled to view it )
الاستلام: 08/10/05، القبول: 08/10/13 

K. Sara. Health & Biomedical Information Unit, World Health Organization Regional Office for the Eastern Mediterranean, Cairo, Egypt.
EMHJ, 2009, 15(3): 665-682 


المقدمة

عانت اللغة العربية من الجمود الذي سيطر على الساحة المعرفية في البلدان العربية لقرون عدة، ومع بزوغ بشائر النهضة في مطلع القرن العشرين أصبح التعريب سمة لازمة للناشطين العرب الساعين إلى النهوض بأمتهم للحاق بالركب الحضاري المتسارع الخطى. وتتفاوت المعاني التي تحملها كلمة التعريب في الأذهان بين مقام وآخر، فقد تضيق لتـدل على إبـدال اللفظة من حروفهـا الأعجميـة وإلباسها حروفاً عربيـة مقابلـة لها [1]، وقـد تـتسع لتصبـح ((التجانس الاجتماعي لفئات الشعب للتعبير الحر بلغتهم...لأن استعمال لغة واحدة يؤدي إلى وحدة الرأي والشعور)) [2]، أما في حديثنا هذا فنعني به ما اتفق عليه في مؤتمر التعريب الأول المنعقد في الرباط عام 1961 وهو (( إحلال اللغة العربية في التعليم محل اللغات الأجنبية وتوسيع اللغة العربية بإدخال مصطلحات جديدة عليها وإلزام الإدارة بعدم استخدام لغة دون اللغة العربية والعمل على أن تكون لغة التخاطب اللغة العربية وحدها)) [3].

وعلاقة التعريب بمنظمة الصحة العالمية علاقة وثيقة [4]، فمنظمة الصحة العالمية وكالة متخصصة ضمن منظومة الأمم المتحدة، ورسالتها التي حددتْها بوضوح ديباجةُ دستورها عام 1948 هو البلوغ بجميع الناس، أفراداً وجماعات،ٍ أرفع مستوى صحي ممكن. ولتحقيق تلك الرسالة تعمل المنظمة على قيادة العمل الصحي الدولي [5] والتنسيق بين البلدان بوضع المعايير الصحية وتوحيد الرواميز والتسميات والتصنيفات والمصطلحات، وفرض استعمالها وإشاعتها [6].

كما تعمل المنظمة على نشر الوعي الصحي وترسيخ الممارسة الطبية المُسْنَدَة بالبَيِّنات، وما يستلزمه ذلك من جمع للمعطيات وتخزينها ومعالجتها وتحليلها واستخلاص النتائج وإتاحتها لمن يحتاج إليها بالطرق والوسائل التي يسهل تناولها وباللغة التي يفهمونها ويتعاملون بها في حياتهم العملية وأنشطتهم اليومية، وإدماج ذلك في مقررات ومناهج التدريس والتعليم الطبي والصحي. وتحرص المنظمة في عملها هذا على احترام ما لكل مجتمع من خصوصية ثقافية وتاريخية لضمان قبول الأفراد والجماعات فيه للرسائل الصحية التي ترسلها المنظمة والعمل بها ونقلها للأجيال اللاحقة وترسيخها بينهم، وتعزيز التعليم والتعلم للعلوم الصحية باللغات الوطنية [7].

ولا يخفى من هذه المقدمة الموجزة ما للغة الوطنية عامة، واللغة العربية خاصة، من أهمية في تحقيق رسالة منظمة الصحة العالمية، واللغة العربية اليوم هي إحدى لغات العمل الثلاث في المكتب الإقليمي لشرق المتوسط، إلى جانب الإنكليزية والفرنسية، وهي اللغة الرسمية في ثمانية عشر بلداً من بلدان الإقليم الاثنين والعشرين.

شيء من التاريخ:

اللغة العربية في منظومة الأمم المتحدة وفي منظمة الصحة العالمية منظمة الصحة العالمية هي السلطة التوجيهية والتنسيقية ضمن منظومة الأمم المتحدة فيما يخص المجال الصحي. وهي مسؤولة عن تأدية دور قيادي في معالجة المسائل الصحية العالمية، وتصميم برامج البحوث الصحية، ووضع القواعد والمعايير، وتوضيح الخيارات السياسية المسندة بالبيّنات، وتوفير الدعم التقني للبُلْدان، ورصد الاتجاهات الصحية وتقييمها. وللمنظمة مقر رئيسي في جنيف، سويسرا، وستة أقاليم [8]، وأحدها، وهو موضوع بحثنا اليوم، هو إقليم شرق المتوسط الذي أنشئ عام 1949 [9]، وشغل الدكتور علي توفيق شوشة باشا منصب أول مدير إقليمي له، وكانت لغتا العمل به الإنكليزية والفرنسية، ثم أضيفت العربية بدءاً منذ عام 1956. أما في المقر الرئيسي للمنظمة، ففي عام 1971 اعتمدت اللغة العربية لغة رسمية في جمعية الصحة العالمية، إلى جانب الأسبانية والإنكليزية والروسية والصينية والفرنسية، ثم أصبحت من عام 1973 إحدى اللغات الرسمية الست في منظومة الأمم المتحدة، وقد تطور القسم العربي في الأمم المتحدة تطوراً مطرداً حتى أصبح يضم اليوم ما يقرب من مئتي مترجم ومصطلحي ولغوي.

وقد أصبحت اللغة العربية عام 1975 لغة عمل في منظمة الصحة العالمية وأصبحت تُستخدم في جمعية الصحة العالمية، والمجلس التنفيذي واللجان الرئيسية والفرعية، كما تُستخدم في التراسُل مع الدول العربية [10]، وبدأ العمل بتعريب وثائق جمعية الصحة العالمية والتقارير الفنية التي تصدرها المنظمة. كما بدأ العمل أيضاً بإعداد معجم للمصطلحات الطبية العربية، واعتماد ترجمة المادة الأولى من دستور المنظمة، وتثبيتها بعد ذلك على واجهة مبنى المقر الرئيسي للمنظمة في جنيف، ثم ترجمة واعتماد نص عربي لدستور المنظمة كنص قانوني له نفس حجية النصوص الخمسة باللغات الأخرى عام 1977 [11]، وقد اعتُمد هذا النص من اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط ومن المجلس التنفيذي لمنظمة الصحة العالمية ومن جمعية الصحة العالمية الحادية والثلاثين في أيار/مايو 1978 ليصبح النص العربي الرسمي [12].

وفي إطار الجهود المخلصة لتلبية احتياجات ومطالب البلدان العربية المتزايدة عاماً بعد عام من العلوم والمعارف الصحية باللغة العربية، نشأ تعاون وثيق بين المكتب الإقليمي والمقر الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية، فأنشئ في المكتب الإقليمي عام 1979 برنامج عربي لتعزيز استخدام اللغة العربية في الإقليم كوسيلة للتفاهم والتواصل، ولاسيَّما فيما يتصل بخدمات الرعاية الصحية الأولية وإعداد العاملين الصحيِّـين.

وقد أعطى البرنامج العربي للمنظمة الأولوية لترجمة الدلائل التدريبية والإرشادات العملية ذات الأهمية التطبيقية لأعداد كبيرة من العاملين الصحيين، ولترجمة ما يصدر من المنظمة من دوريات مثل مجلة وقائع منظمة الصحة العالمية ومجلة الصحة العالمية ومجلة دراسات الصحة العامة، وعدد من الكتب المرجعية الدراسية والمواد التعليمية، كما ترجم البرنامج العربي للمنظمة عشرات المنشورات تلبية لطلب الأقطار العربية، هذا بالإضافة إلى عنايته بإعداد المعجم الطبي الموحَّد والمعجمات الطبية المتخصصة.

ومما زاد من أهمية البرنامج العربي لمنظمة الصحة العالمية أنه أنشئ بالمكتب الإقليمي في سنة 1986 برنامج للإعلام الصحي، وقد أدى ذلك إلى الاتفاق على توسيع مسؤوليات البرنامج العربي ليكون برنامجاً عالمياً (البرنامج العربي لمنظمة الصحة العالمية) يتخذ من المكتب الإقليمي لشرق المتوسط (وهو اليوم في القاهرة، مصر) مقراً له، على أن تبقى في المقر الرئيسي خدمات جمعية الصحة العالمية والمجلس التنفيذي والمراسلات المتبادلة مع البلدان العربية الأعضاء وفقاً لنص قرار جمعية الصحة العالمية رقم ج ص ع28-34 الذي سبقت الإشارة إليه [10]، وكان من مزايا هذه الخطوة تيسير التشاور المستمر بين المنظمة والبلدان العربية، وتوافُر خبرات الترجمة التي يمكن حشدها عند اللزوم بتكاليف أقل وفي وقت أقصر، ومراجعة الترجمات وتصحيح التجارب الطباعية في داخل المكتب الإقليمي، الأمر الذي يوفِّر النفقات ويضمن توحيد الأسلوب والمصطلحات، والاستفادة من رخص تكاليف الطباعة في الإقليم.

دور البرنامج العربي لمنظمة الصحة العالمية في صوغ وتوحيد المصطلحات الصحية وإعداد وتطوير المعجم الطبي الموحد

كانت المصطلحات الطبية والصحية في السبعينيات شحيحة [13]، إلى جانب تعدُّد المقابلات للمصطلح الأجنبي الواحد [14]، فلم يكن يتوافر منها للعاملين في منظمة الصحة العالمية سوى مجموعة مصطلحات المؤتمرات والاجتماعات التي كان قد ترجمها للعربية الدكتور علي توفيق شوشة، عضو المجمع [15]، إلى جانب قوائم المصطلحات المتاحة لدى منظمات الأمم المتحدة الأخرى ومجامع اللغة العربية بالقاهرة ودمشق وعمَّان وبغداد، وقد نشطت وحدة اللغة العربية في المنظمة منذ إنشائها في المقر الرئيسي للمنظمة بإعداد بطاقات تجمع فيها ما يُتَّفق عليه من مصطلحات أثناء أعمالها اليومية، حيث لم تكن خدمات الحاسوب متاحة لها في ذلك الوقت، وعندما تجمَّع قدر كاف من المصطلحات طُبعت في ملزمة تم توزيعها على وزارات الصحة في البلدان الأعضاء تحت عنوان المصطلحات المستعملة في منظمة الصحة العالمية، وطُلب إلى الوزارات إبداء رأيها في تلك المصطلحات، حتى يتم الاتفاق على قائمة موحَّدة في نهاية الأمر يلتزم بها الجميع في داخل المنظمة وخارجها، وأدى ذلك إلى تسهيل العمل في وحدة الترجمة، واستمر العمل على ذلك حتى صدور المعجم الطبي الموحد.

وعند الحديث عن المعجم الطبي الموحد لابد من القول بأنه كان لاتحاد الأطباء العرب فضل كبير على المعجم الطبي الموحد، فقد بدأ المعجم بمبادرة من اتحاد الأطباء العرب في ستينيات القرن الماضي [16]، ليكون تتويجاً لجهود سلسلة متصلة الحلقات، بدأت منذ العصور الأولى للتدوين ولا تزال مستمرة حتى اليوم، فقد جُمِع فيه ما اطَّرد استعماله من المصطلحات التي وردت في أمهات الكتب الطبية والمعاجم، وما استخدمه وأثبته الأطباء العرب في ممارساتهم وكتاباتهم، وما استعملته المدارس الطبية العثمانية، ثم ما ذهب إليه المدرسون في مدرسة القصر العيني والكلية الإنجيلية السورية التي أصبح اسمها اليوم الجامعة الأمريكية في بيروت، وما هو مستخدم في التدريس في كليات الطب والعلوم الصحية في الوطن العربي حتى اليوم [17].

والمعجم كما وصفه الدكتور عزت مصطفى [18] الذي كان الأمين العام المساعد لاتحاد الأطباء العرب آنذاك هو خطوةّ متواضعةّ على درب الوحدة العربيّة الحقيقّية، وحدة الفكر وأداة التفكير، عَزَمَ اتحاد الأطباء العرب أن يقوم بها، وفاءً بحاجةٍ ماسّةٍ لوجود مصطلحات طبيّة عربيّة موحّدة تُستَعمَلُ في المؤسسات العلميّة في سائر الأقطار العربيّة، يكون التعبيرُ بها عن المعاني والأفكار العلميّة سهلا ميسوراً على أبناء هذه الأمة في كل مكان، ويَتم باستخدامها التفاهمُ العلميُّ على وجهٍ من الدقّة والضبط الذي يلزم لمثل هذه الدراسة، وتلك إحدى غايتَين رمى إليهما "اتحاد الأطباء العرب" من وراء هذا العمل العلمي، أما الغاية الأخرى، فهي الخلاصُ من واقع مؤلم في المؤسسات الثقافية العليا في كثير من بلادنا العربيّة، يتمثّل في اتّخاذها من اللغات الأجنبية وسيلةً للتدريس والعمل، وهكذا خطا اتحاد الأطباء العرب في أواخر الستّينات وأوائل السبعينات الخطوةَ الحقيقية الأولى على درب توحيد المُصطَلَح الطبي العربي، فأصدر الطبعة الأولى للمعجم الطبي الموحّد، بعد أن عَملَت بها، سَبعَ سنين دأباً، لجنة توحيد المصطلحات الطبية، وقد تقبّلها الأطباء العرب في أقطارهم كافةً بقبول حَسَن وأنزلوها منزلةً حسنةً، ووضعوها من فورهم موضعَ التداول، فأحلّوا بذلك اللغة الواحدة محل اللُغَيّات المتفرّقة، وبدأ في حقل التعليم الطبي والكتابة الطبية عهدٌ جديد في أقطار العرب.

وسرعان ما تبّين لاتحاد الأطباء العرب، أن من الضروري أن يُشفَعَ هذا المعجم الانكليزي العربي بمعجم فرنسي عربي، فدَعَا الغُيُرَ على مصلحة التعليم الطبي باللغة العربية إلى النهوض بهذا الواجب، وقد لبَّى مجلس وزراء الصحة العرب مشكوراً هذه الدعوة المباركة، وعهد إلى المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بشرق المتوسط أن يتولى إقامة سلسلة من الجلسات الجديدة، لإنشاء المعجم الفرنسي العربي، ولإعادة النظر في الوقت نفسه في الأصل الانكليزي العربي، بعد أن حَكَمَ التَدَاوُلُ على تعابيره لتعديل ما أظهر الاستعمال جدوى تعديله، ثم لإضافة عديد من المصطلحات التي لم يشتمل عليها المعجم في طبعته الأولى وهي كثيرة ومتنوعة، وذلك أمر أشير إليه في مقدمة الطبعة الأولى للمعجم بأنه "لا بد أن يُصار إلى ملاحقة التطور في العلوم الطبية وما يَجدُّ فيها كل فترة من الزمن تبعاً لما يقضي به التطور والاستعمال وطول الممارسة والنقد البنَّاء" [19].

وهكذا صدرت الطبعة الورقية الأولى للمعجم عن مطبعة المجمع العراقي في بغداد عام 1973، ثم أعيد طبعه بالأوفست في القاهرة عام 1977، ثم صدرت الطبعة الثانية مصحّحة ومطبوعة بالأوفست عن مطبعة جامعة الموصل عام 1978.

ومن جميل التقدير أن الدكتور عبد الحسين طابا، المدير الإقليمي لشرق المتوسط، دعا المجموعة الاستشارية للترجمة العربية للاجتماع بالمكتب الإقليمي بالإسكندرية عام 1977، وذلك لتزويده بالمشورة اللازمة لإعداد معجم طبي موحد باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية، وكانت هذه المجموعة تتألف من أعضاء لجنة توحيد المصطلحات الطبية التي ألَّفها اتحاد الأطباء العرب لإعداد المعجم الطبي الموحّد، وهم الدكتور حسني سبح، رئيس مجمع اللغة العربية بدمشق؛ والدكتور محمد أحمد سليمان، أستاذ الطب الشرعي بكلية الطب بجامعة الرياض؛ والدكتور محمود جليلي، رئيس جامعة الموصل؛ والدكتور عادل لطفي ممثلاً عن اتحاد الأطباء العرب؛ بالإضافة إلى مسؤولين من المكتب الإقليمي والمقر الرئيسي للمنظمة، وقد أوصت المجموعة الاستشارية بتشكيل لجنة العمل الخاصة بالمصطلحات الطبية العربية التي ستتولى إعداد المعجم الطبي الموحَّد الجديد انطلاقاً من الطبعة التي سبق أن نُشرت من قبل.

وتشكلت لجنة العمل الخاصة بالمصطلحات الطبية العربية من السادة: الدكتور حسني سبح (سورية)، الدكتور سعيد شيبان (الجزائر)، الدكتور الصديق الجدي (تونس)، الدكتور عبد اللطيف البدري (العراق)، الدكتور عبد اللطيف بن شقرون (المملكة المغربية)، الدكتور محمد أحمد سليمان (مصر)، الدكتور محمد هيثم الخياط (مقرر اللجنة، سورية)، الدكتور محمود الجليلي (العراق)، الدكتور مروان محاسني (سورية)، الدكتور أحمد عبد الستار الجواري (العراق)، وصُرِّح للمكتب الإقليمي بأن يدعو بالإضافة إليهم من يراه مناسباً.

وقد سارت اللجنة الجديدة الموسعة على هَدي ما سارت علية اللجنة السابقة [20] وقد استغرق إعداد الطبعة الثالثة للمعجم الطبي الموحَّد أربع سنوات، عَقَدت اللجنة فيها ثلاثة عشر اجتماعاً في الإسكندرية وبغداد وتونس ودمشق والرباط وعمّان والجزائر وكانت خاتمتها في أواخر كانون الأول(ديسمبر) من سنة إحدى وثمانين وتسعمئة وألف، ثم صدرت في سويسرا عام 1983.

وتتابع العمل المنهجي في المكتب الإقليمي للمنظمة في خدمة المعجم الطبي الموحد بعد تأسيس وحدة للمصطلحات عام 1998، فصدرت إخراجات إلكترونية سنوية من المعجم، بدأت أولاها عام 1998، وزِّعت على أقراص حاسوبية للمهتمين بأمور المصطلح الطبي والصحي، ونُشِرَت على صفحات الشابكة (الإنترنت) على موقع المكتب الإقليمي للمنظمة، وكانت كل إخراجة تتميز عن الإخراجة التي سبقتها بما أُضيف إليها من حصيلة ما يرد من المهتمين بأمور المصطلح الطبي وما أقرَّته المجامع في دمشق والقاهرة وبغداد وعمّان، بعد أن عمل البرنامج العربي للمنظمة مع مجمع اللغة العربية في القاهرة على تجميع هذه المصطلحات التي أصدرها المجمع منذ إنشائه عام 1934 وحتى اليوم، هذا إلى جانب الأخذ بأحسن ما يدلي به مستخدمو المعجم من اقتراحات عبر خدمة التراسل الإلكترونية لشبكة تعريب المصطلحات الصحية "أحسن" التي أنشئت في المكتب الإقليمي عام 2003، وعبر المراسلات الخطية والإلكترونية التي ترد إلى وحدة المصطلحات في المكتب الإقليمي، وعبر رصد ما ينشر في الدوريات والكتب حول المصطلحات، ولاسيما مجلة العلوم التي تصدرها مؤسسة الكويت للتقدم العلمي ترجمةً للمجلة العلمية الأمريكية "Scientific American"، وما انتهى إليه العمل في إعداد معجم "الإفصاح" وهو معجم مُحَوْسَب للموضوعات، يتضمن جُلّ ما في معجم المخصَّص الذي ألَّفه ابن سيده الأندلسي.

وقد ظهرت إخراجات ورقية لبعض المعاجم الموحّدة التخصُّصية أو الفرعية المستفردة من المعجم الطبي الموحّد الأم، فظهر معجم التشريح الموحد عام 2004، ومعجم طب الأسنان الموحَّد بإصدارتيه العربية - الإنكليزية والإنكليزية - العربية، ومعجم الصيدلة الموحَّد عام 2005، ثم صدرت الطبعة الورقية الرابعة عن مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، لبنان عام 2006. واليوم تضم قاعدة المعطيات للمعجم الطبـي الموحَّد قرابة مئة وخمسين ألف مصطلح، تتوافر لمعظمها المقابلات الإنكليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية، والشروح، والصور، والبحث الصرفي في المصطلحات وفي الشروحات.

وما هو جدير بالذكر أن الجهود الكبيرة التي بذلت في وضع المصطلح الطبي وتوحيده [21] قد تكلَّلت بوضع منهجية واضحة لصوغ المصطلحات قبل إدراجها في المعجم الطبي الموحَّد، ولئن بدت بوادر هذه المنهجية متواضعة في الطبعة الأولى والثانية من المعجم، فإنها أصبحت أكثر تبلوراً ووضوحاً في الطبعة الثالثة، ثم أصبحت تامة النضج في الطبعة الرابعة، حتى ذهب بعض الباحثين للزعم أن قيمتها لا تكاد تقل بحال من الأحوال عن قيمة متن المعجم [22]، وقد تصدر النص الكامل لهذه المنهجية المعجم الطبي الموحد والمعاجم الفرعية التخصصية المستفردة منه.

تعريب التعليم الطبي

ساهمت منظمة الصحة العالمية في الدعوة للتعليم الصحي باللغة الوطنية، ومن منطلقات علمية مُسْنَدَة بالبَيِّنات [23]، واستجابة لقرار اتخذه مجلس وزراء الصحة العرب عام 1987 في دورته الثانية عشرة بالخرطوم [24]، والذي أدى لتشكيل فريق عمل يضم ممثلين للمكتب الإقليمي لشرق المتوسط والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والمجلس العربي للاختصاصات الطبية والمركز العربي للوثائق والمطبوعات الصحية (والذي أصبح اسمه اليوم مركز تعريب العلوم الصحية، أكمل، ومقره في دولة الكويت)، مهمته وضع خطة تنفيذية واقعية لتعريب التعليم الطبي في الوطن العربي، وتنظيم اجتماع مشترك بين وزراء التعليم العالي العرب ووزراء الصحة العرب للاتفاق على الخطة الزمنية ومراحل تطبيقها للبدء في تعريب التعليم الطبي في كليات الطب العربية، وتشكيل هيئة من وزراء التعليم العالي ووزراء الصحة العرب للإشراف على متابعة تنفيذ المشروع [25].

وفي كانون الثاني/يناير 1988 عقد اتحاد الأطباء العرب مؤتمره الرابع والعشرين بالقاهرة، وقرَّر تأييد قرار مجلس وزراء الصحة العرب المشار إليه بشأن التعريب [26]، وقرَّر اعتبار عام 1988 عام بدء التعريب في كليات الطب والعلوم الصحية في الوطن العربي، ودعا إلى إعلان السنوات العشر التي تبدأ بعام 1988 عقداً عربياً لتعريب الطب والعلوم الصحية، وأكَّد ضرورة اعتماد المعجم الطبي الموحَّد مرجعاً وحيداً لتعريب المصطلحات الطبية والصحية، ومما يذكر أن هذا القرار المفصَّل قد صيغ بالتعاون الوثيق بين اتحاد الأطباء العرب وبين المكتب الإقليمي لشرق المتوسط.

وفي أيار/مايو 1988 قرَّر المكتب التنفيذي لمجلس وزراء الصحة العرب تنظيم ندوة في دمشق حول تعريب التعليم الطبي بالتعاون بين مجلس وزراء الصحة العرب والمكتب الإقليمي لشرق المتوسط، للاطِّلاع على تجربة الجمهورية العربية السورية في مجال تعريب التعليم الصحي، وعُقدت في دمشق بعد ذلك من 5 إلى 7 كانون الأول/ديسمبر 1988، ندوة تعريب التعليم الطبي والصحي في الوطن العربي، وأسفرت عن 11 توصية بإعداد خطة تنفيذية للتعريب تعرض على الاجتماع المقبل لمجلس وزراء الصحة العرب ومؤتمر التعليم العالي الذي سيُعقد في الجماهيرية العربية الليبية خلال شهر آذار/مارس 1989 للمصادقة عليها واتِّخاذ الإجراءات التنفيذية بشأنها، وفي آذار/مارس 1989 قرَّر مجلس وزراء الصحة العرب المنعقد في الجماهيرية العربية الليبية تشكيل لجنة مشتركة من وزراء الصحة والتعليم العالي وعمداء كليات الطب وطب الأسنان وكليات الصيدلة وكليات العلوم الصحية لتضطلع بمهمة استكمال سَبْـر الآراء ووضع وإقرار سياسة تعريب التعليم الصحي، واتخاذ الخطوات التنفيذية الكفيلة بتحقيق التعريب وما يتعلق به من خطط وبرامج ومشروعات، ووضع وإقرار التمويل اللازم لذلك، والإشراف على التنفيذ.

وفي نيسان/أبريل 1989 ناقشت الشعبة الصحية بالمجالس القومية المتخصصة في مصر [27] موضوع تعريب التعليم الطبي مناقشة موسَّعة شارك فيها الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي للمنظمة والدكتور محمد هيثم الخياط، نائب المدير الإقليمي للمنظمة ومدير البرنامج العربي لمنظمة الصحة العالمية، وآخرون من المسؤولين بالمكتب الإقليمي، إلى جانب عشرات من أساتذة الطب المصريين المؤيدين والمعارضين للتعريب، وأسفرت المناقشات عن عدد من التوصيات ذات الأهمية لمسيرة التعريب في مصر.

وفي المدة من 17 إلى 20 حزيران/يونيو 1990 عقد المكتب الإقليمي لشرق المتوسط مؤتمراً إقليمياً حول تعريب التعليم الطبي في البلدان العربية، وحضر هذا المؤتمر ستة وثلاثون من السادة عمداء وأساتذة العلوم الصحية والطبية في العالم العربي، ومن ممثلي المؤسسات والهيئات العربية المعنية باستعمال العربية في التعليم الصحي والطبي، وكانت أهداف المؤتمر: تدارُس الحالة الراهنة للتعريب في جميع كليات الطب في العالم العربي، وبحث ومناقشة متطلبات عملية التعريب وتحديد الاحتياجات والإمكانيات والتوجُّهات بالتفصيل في كليات الطب مجتمعة، وتأكيد التآزر والتعاون بين جميع المعنيِّين في سبيل إعداد أطباء المستقبل ووضع خطة عمل لأعمال التعريب في السنوات المقبلة يمكن تطبيقها في كل كلية على انفراد. وانطلاقاً من مفهوم هذه الأهداف اتّفق الرأي على أن التطبيق يمكن أن يبدأ على الفور بالإمكانات المتاحة في كل البلدان العربية، قليلة كانت أم كثيرة، ولا يهم أن تكون البداية متواضعة أو متطورة، بحسب ما هو متاح هنا أو هناك من عزم سياسي، ودعم مالي، واقتناع لدى رجال العلم والتعليم والخدمة الصحية، وانتهى المؤتمر إلى إصدار مجموعة من القرارات وخطة تنفيذية مفصَّلة.

ومن معالم مسيرة التعريب ذلك القرار المهم الذي اتَّخذته اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط عام 1990 حول استخدام اللغات الوطنية في التعليم الصحي والطبي [28]، ففي ذلك القرار أكَّدت اللجنة الإقليمية أهمية استعمال اللغات الوطنية في مختلف أنشطة الإعلام والتعليم والتعلُّم والتثقيف الصحي والطبي في الدول الأعضاء، وساندت سياسة المدير الإقليمي الرامية إلى تعزيز استعمال اللغات الوطنية على أوسع نطاق ممكن في جميع بلدان الإقليم، وشجّعت التعاون المستمر بين المكتب الإقليمي والدول الأعضاء والمؤسسات الوطنية في ترجمة وتوزيع المواد الإعلامية والمنشورات باللغات المحلية وتعزيز استعمالها في أغراض التعليم الصحي والطبي، وشجّعت اللجنة الإقليمية التعاون المستمر بين المكتب الإقليمي والدول العربية الأعضاء والمؤسسات الوطنية من أجل تعزيز البرنامج العربي لمنشورات المنظمة دعماً لاستعمال اللغة العربية في أنشطة الإعلام والتعليم والتعلُّم والتثقيف الصحي والطبي في البلدان العربية، ودعت اللجنة الإقليمية المدير الإقليمي والدول الأعضاء إلى تخصيص خمسة بالمئة من الميزانيات القُطرية المعتمدة لبرنامج تنمية الموارد البشرية من أجل النهوض باستعمال اللغات الوطنية في التعليم الصحي والطبي [16].

وقد أدَّى تطبيق هذا القرار، مع توافُر الاعتمادات المالية المخصَّصة بموجبه إلى إنجاز عديد من الأنشطة الداعمة لمسيرة التعريب، ومن أهم تلك الأنشطة: إنتاج وترجمة عدد من الكتب المرجعية الطبية ضمن سلسلة الكتاب الطبي الجامعي وسلسلة المنشورات التقنية، وتوفير التدريب في ممارسات التعليم والتعلُّم، وتبادل المعلومات والخبرات بين البلدان المعنيَّة، وتنظيم زيارات متبادلة بين أعضاء الهيئات التدريسية في كليات الطب والعلوم الصحية للاطِّلاع على تجارب التعريب الناجحة في الجامعات السورية، وشراء وتوزيع آلاف من المراجع الطبية العربية، وتقديم مِنَح مالية لدعم الاجتماعات الخاصة بالتعريب ولتمويل أنشطة تتعلق بالتعريب.

وقد شارك مندوبون من المكتب الإقليمي في أعمال المؤتمر الطبي السابع والعشرين الذي عقده اتحاد الأطباء العرب في تونس عام 1991، وفي البحرين [29]، عام 1993وفي السودان عام 1994، وفي المؤتمرات التي عقدتها الجمعيات والاتحادات والنقابات المهنية في البلدان العربية مثل النقابة العامة للأطباء في مصر عام 1989، والمؤتمر العلمي السنوي لكلية الطب، جامعة الإسكندرية، أيضاً عام 1989، وندوة المجلس القومي للتعليم العالي، الهيئة العليا للتدريس، في السودان،عام 1990، وندوة المؤتمر القومي السابع للجمعية المصرية لطب المجتمع عام 1991، وندوة المجلس العربي للاختصاصات الطبية للسادة عمداء كليات الطب العربية في دمشق عام 1993. وفي الحقيقة لا يكاد يخلو برنامج أي اجتماع للمنظمات والهيئات والاتحادات المهنية العربية من ندوةٍ لمدارسة التعريب وعوائق تعميمه والحلول المقترحة لتطبيقه [30].

ومما سبق نلمس وبوضوح تام أن قضية تعريب التعليم الطبي قد حظيت بقدر وافر من العناية والاهتمام، فقد عُقِدَت لها عشرات المؤتمرات والندوات، وصَدَرت حولها عشرات القرارات والتوصيات التي حددت خطوط السير التي ينبغي سلوكها من أجل الوصول إلى هدف التعريب، وربما كان الأمر يحتاج إلى توحيد الخطط التنفيذية المتعددة في خطـة واحـدة تلتزم بها جميـع الجهـات المعنيَّة في جهـد موحَّد بدلاً من تلك الجهود الفرادية التي لا تحقِّق الغرض المرجو [31].

المجلة الصحية لشرق المتوسط

صدر العدد الأول من المجلة الصحية لشرق المتوسط في آب/أغسطس 1995 لتحل محل النشرة الوبائية لشرق المتوسط ومجلة الخدمات الصحية لشرق المتوسط اللتين استمر صدورهما لمدة عشر سنوات، أي منذ 1985. وفي تقديم المجلة الجديدة إلى قرائها أشار السيد الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي، في صدر العدد الأول من المجلد الأول إلى أهمية الاطلاع على التطوُّرات التي تحدث في بيئتنا المحلية وفي العالم، وإلى ضرورة تبادُل المعلومات حول التطوُّرات الجديدة والمشكلات الملحَّة والحلول الناجحة والاتجاهات السائدة في مختلف مجالات الصحة العمومية.

ويُنْشَر في المجلة الصحية لشرق المتوسط مع كل بحث خلاصة وجيزة ووافية باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية، ويُفْسَح المجال في كل عدد من أعداد المجلة لنشر مقالة واحدة أو مقالتَيْن بكلٍّ من اللغتَيْن العربية والفرنسية، وأعداد المجلة توزع بإخراجة ورقية على المؤسسات المهتمة بالبحوث الصحية في العالم، كما تتاح على موقع المكتب الإقليمي للمنظمة على الشابكة [32].

سلسلة الكتاب الطبي الجامعي

تنص جميع دساتير الدول العربية، وجميع قوانين تنظيم الجامعات في الوطن العربي، على أن لغة التعليم هي اللغة العربية [33]. ورغم ذلك فقد تواصل الاعتماد على اللغات الأجنبية في تعليم العلوم الصحية في معظم البلدان العربية. وعدم توافر الكتب الدراسية باللغة العربية من أهم الحُجَج التي يتقوَّلها من يتعمَّد التعليم باللغات الأجنبية وإقصاء اللغة العربية [34]. وسلسلة الكتاب الطبي الجامعي محاولة جادة لتلبية احتياجات الطلاب من هذه الكتب، وتفويت الفرصة على من يدعي عدم توافر الكتب الدراسية، وهم الذين يعتبرون معارضين استراتيجيين للتعليم باللغة العربية [35].

وقد ضَمَّتْ سلسلةُ الكتاب الطبي الجامعي كتباً مترجَمة عن اللغات الأجنبية وأخرى مؤلَّفة بالعربية، وقد ساهم في إعدادها مجموعات متخصصة من أساتذة كليات الطب في البلدان العربية، ويتبع البرنامج العربي للمنظمة خطة محكمة لإنتاج كل كتاب، تبدأ باختيار العناوين، ثم دعوة مجموعة من أساتذة كليات الطب المتخصصين بالموضوع إلى اجتماع يحددون فيه ملامح الكتاب الدراسي المنشود، ويوزعون فصوله بينهم، ثم يتبادلون مع زملائهم مراجعة تلك الفصول، ثم تعهد المنظمة بالمخطوطة إلى من يراجعها وينقِّحها ويبعث فيها روح الكاتب الواحد.

وقد صدر من سلسلة الكتاب الطبي الجامعي عدد من الكتب المترجمة عن أصول أجنبية نذكر منها كتاب الموجز في الفيزيولوجيا الطبية المنسوب لغايتون وهيل، وعلم الأدوية السريري المنسوب لبينيت وبراون، وكتاب البيولوجيا المنسوب إلى كامبل وريس، وكتاب الأسس الباثولوجية للأمراض المنسوب لروبنـز وقطران، وكتاب طب النساء المنسوب لستيوارت كامبل وآش مونجا، وكتاب طب التوليد المنسوب لستيوارت كامبل وكريستوف ليز، وكتاب التسميات التشريحية، وكتاب أساسيات علم الوبائيات المنسوب لبونيتا وبيغلهول كجيل شتورم بطبعتيه الأولى والثانية.

ومن الكتب التي قام بتأليفها مجموعة من أساتذة الجامعات العربية وفق المنهجية المذكورة سابقاً؛ كتاب الطب الشرعي بطبعتيه الأولى والثانية، وكتاب الطب النفسي، وكتاب طب المجتمع بطبعتيه الأولى والثانية، وكتاب الغذاء والتغذية بطبعتيه الأولى والثانية، وكتاب التخدير وتاريخه، وكتاب صفحات من تاريخ التراث الطبي العربي والإسلامي، وكتاب أطلس الباثولوجيا، وكتاب الإدارة الصحية، وكتاب تمريض صحة المجتمع، وكتاب علم المصطلح لطلبة كليات الطب والعلوم الصحية، والكتب الثنائية اللغة في التشريح وعلم الجنين وعلم النسج، ونتوقع صدور المزيد من هذه السلسلة قريباً، مثل كتب المكروبيولوجيا بفروعها المختلفة من طفيليات وفيروسات وجرثوميات ومناعيات، وكتب الكيمياء الحيوية والعضوية.

ومما يبعث الأمل في النفوس أن كل كتاب من هذه الكتب قد ساهم في إعداده فريق من المدرِّسين من عدد من البلدان العربية، تضافرت جهودهم للعمل على إخراج الكتاب بعد أن شاعت بينهم روح واحدة لخدمة قضية التعريب للتعليم الطبي والصحي [36]، ومن الأمثلة على ذلك أن أعضاء الفريق الذي ترجم كتاب علم الأدوية السريري ينتمون إلى السودان والجزائر وفلسطين وسورية والسعودية، فيما ساهم في إنتاج ومراجعة كتاب الطب الشرعي فريق ينتمي أفراده إلى أحد عشر بلداً عربياً،

وينطبق ذلك أيضاً على ما أُلِّف من الكتب الأخرى في هذه السلسلة.

إغناء المحتوى العربي لموقع المنظمة على الشابكة (الإنترنت)

تعتمد منظمة الصحة العالمية وغيرها من المؤسسات الدولية اعتماداً كبيراً على نشر المعلومات عبر الشابكة أو الإنترنت أو شبكة المعلومات الدولية، وقد أصبح مفهوم التعدد اللغوي سائداً في المنظمات الدولية كافة، وهو مفهوم يتوخى تحقيق العدالة في إتاحة المعلومات للناس باللغات التي يتكلمون بها، مما يوجب على المنظمات إيلاء أهمية بالغة لإنتاج الإخراجات المتعددة اللغات من النصوص ذات الأهمية في اتخاذ القرارات السياسية، ومن المعلومات التي ينبغي أن تطبقها المجتمعات للوقاية من الأمراض أو لتغيير أنماط الحياة.

وللمقر الرئيسي للمنظمة في جنيف، سويسرا، موقع غني بالمعلومات الصحية القيِّمة والمحدَّثة وذات الأهمية على الصعيد الدولي والإقليمي والمحلي والشخصي، وعنوان هذا الموقع هو: www.who.int ويتضح لمن يزور هذا الموقع ومنذ الوهلة الأولى أنه متعدد اللغات، ففيه الكثرة الكاثرة من المضمون باللغة الإنكليزية، ونسب متفاوتة منها باللغات الرسمية الخمسة الأخرى وهي العربية والفرنسية والروسية والصينية والإسبانية.

أما المكتب الإقليمي لشرق المتوسط، ومقره القاهرة، مصر، ويضم اثنتين وعشرين دولة من بينها ثماني عشرة دولة عربية، فله موقع على الشابكة عنوانه هو: www.emro.who.int وهو غني باللغة العربية التي يكاد مضمونها يعدل ثمانين بالمئة من مضمون اللغة الإنكليزية فيه.

ويستهدف موقع المنظمة على الشابكة، وفق ما توضحه رسالة المدير الإقليمي الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري المنشورة على الصفحة الرئيسية للموقع، إتاحة سائر منشورات المكتب الإقليمي العلمية والتقنية؛ وزيادة كفاءة إنتاج وتوزيع المعلومات بأقل قدر من النفقات؛ وإيصال المعلومات الواردة من منظمة الصحة العالمية ومن المؤسسات العلمية العالمية إلى الناس، ولاسيَّما قواعد المعطيات المكتبية والفهارس الإقليمية ؛ وتعزيز الوعي بمنظمة الصحة العالمية بصفة عامة وبالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط وأنشطته بصفة خاصة، بنشر وقائع الاجتماعات العلمية والتقنية التي ينظمها المكتب الإقليمي، وتقديم المعلومات الإحصائية والمعلومات الخاصة ببلدان الإقليم.

وهكذا أصبح الموقع قبلة يتوجه إليها العاملون الصحيون ومتخذو القرارات وأرباب المهن الصحية من أطباء وأطباء أسنان وصيادلة وممرضات وقابلات، إلى جانب العاملين في وسائل الإعلام الجماهيرية وعامة الناس في أوسع نطاق ممكن.

برنامج تبادل الزيارات بين أساتذة البلدان العربية للتشارك في التجارب والخبرات المستفادة في تدريس العلوم الصحية باللغة العربية

كان برنامج تبادل الزيارات من الثمرات اليانعة التي نتجت عن المؤتمرات الطبية العربية المؤيدة لتعريب التعليم الصحي، وحظي بمساندة وزراء الصحة العرب الأعضاء في اللجنة الإقليمية التي أوصت عام 1990 بتخصيص قسط من مساهمات الدول الأعضاء لدعم اللغات الوطنية.

وقد استهدف برنامج تبادل الزيارات في البدء عمداء وأساتذة كليات الطب والعلوم الصحية ممن كانوا يتخوفون من ممارسة التعليم باللغة العربية [37]، ويعزون ذلك التهيب إلى عدم ألفتهم لمحاضر باللغة العربية، إما لأنهم لم يتعلموا أصلاً بها أو لأنهم ينظرون إليها نظرة تقديس وتبجيل. وقد قدم المكتب الإقليمي لهذا البرنامج الدعم المالي والإداري اللازم، واستعان بخبرات العمداء والمدرسين في الجامعات السورية لتمكين الأساتذة الزائرين من المراقبة الميدانية للدروس تلقى على الطلاب باللغة العربية، ومدى تجاوب الطلاب واستيعابهم لها، وتشجيعهم على إلقاء الدروس باللغة العربية.

وقد نجحت تلك الزيارات نجاحاً باهراً سهَّل على الأساتذة الزائرين تطبيق التعليم باللغة العربية في جامعاتهم التي قدموا منها أو الدفاع عنه عن قناعة وإصرار، ولاسيما أن أغلبهم عاد إلى بلاده محملاً بما راق له حمله من الكتب الدراسية المعتمدة للتدريس في الجامعات السورية باللغة العربية، إلى جانب بناء علاقات حميمة مع المدرسين السوريين.

وبالمقابل فقد لبَّى أعضاء هيئات التدريس في الجامعات السورية طلبات دعوة زملائهم من الأقطار العربية للتدريس باللغة العربية. وتكللت هذه التجربة بمزيد من النجاح بإنتاج كتب دراسية باللغة العربية ساهم في إعدادها فريق من الأساتذة السوريين وأصحاب البلد المضيف لهم، وهو أمر أغنى المكتبة العربية وزاد من الثروة المصطلحية وقرَّب من لغة التواصل بين بلدان عربية متعددة.

شبكة تعريب العلوم الصحية (أحسن)

إن شبكة تعريب العلوم الصحية هي شبكة معلومات تضم مجموعة من المهتمين بترجمة العلوم الصحية والطبية من المترجمين المحترفين المتفرغين للترجمة، والهواة غير المتفرغين لها، ومن يتعامل مع المواد بلغاتها الأصلية، ومع تلك المواد بعد ترجمتها من ناشرين تقليديين وناشرين على الإنترنت وعلى الأقراص الحاسوبية، وموزعين للمنتوجات، والمستخدمين لها من طلبة العلوم الصحية ومدرِّسيها، ومَن يقوم بالتأليف في أحد مجالاتها، والمسؤولين عن التعليم بمراحله المختلفة ولاسيما التعليم العالي من عمداء للكليات ومديري الجامعات ووزراء التعليم والثقافة والتربية والصحة.

أما أهداف الشبكة فهي تعزيز التواصل بين المهتمين بترجمة العلوم الصحية والطبية والتعريف بأعمالهم وترويجها والاستفادة منها على أتم وجه، والتنسيق بين الأعمال والمراحل وتوافر المنتجات في الأسواق وإتاحتها لمن يحتاج إليها بأفضل السبل والوسائل المتوفرة، وتجنب إضاعة الجهود والأموال في تكرار إنتاج بعض الأعمال وإهمال بعضها الآخر.

وقد أنشئت الشبكة على هامش الحلقة العملية الأولى لشبكة المترجمين الذين يساهمون في نقل العلوم الطبية والرسائل الصحية من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، والتي عُقِدَت في المكتب الإقليمي لشرق المتوسط، في القاهرة، في آب/أغسطس 2003، ويحرص القائمون على خدمتها في المكتب الإقليمي، ولاسيَّما الدكتور محمد هيثم الخياط، كبير مستشاري المدير الإقليمي ومدير البرنامج العربي للمنظمة، على إتاحة بيئة من الحوار والتنسيق بين الأطراف المشاركة في الشبكة، وتوصيل الرسائل والمبادرات التي يرسلها الأعضاء في الشبكة، إلى جانب عقد مؤتمر سنوي يستعرض فيه المشاركون الجهود التي بذلت في العام المنصرم، والنتائج التي أسفرت عنها تلك الجهود، ويتفقون على تنفيذ المزيد منها مما يلبي الاحتياجات الملحَّة.

وتستأثر المساجلات حول المصطلحات ومدى صحتها ومقبوليتها وشيوعها وما يستجدّ منها بقسط وافر من أعمال الشبكة، ولاسيما ما ينصبّ منها في تطوير وتحديث وتدقيق المعجم الطبي الموحد والمعاجم المنبثقة عنه. وثمة الكثير من الرسائل الإعلامية التي تعرض على المشاركين بالشبكة فرص العمل في المنظمات الدولية، والتدريب في المؤسسات المتخصصة، والمشاركة في المؤتمرات، والتعريف بالكتب التي تصدر هنا وهناك مما يهم أعضاء الشبكة. وقد استفاد من البيئة التعليمية التي تتيحها شبكة تعريب العلوم الصحية الكثير من الأعضاء في إعداد كتبهم ونشرها وتوزيعها والتعريف بها [38].

التعاون والتنسيق مع مجامع اللغة العربية

تأسس المجمع العلمي العربي بدمشق عام 1919، وبادر أعضاؤه إلى إلقاء المحاضرات العلمية والأدبية وإصلاح اللغة السائدة آنذاك، وإصدار مجلة شهرية تحولت إلى الصدور كل ثلاثة أشهر، ودأب المجمع على نشر المصطلحات العلمية والتعريف بها دون أن يقرَّها أو أن يحققها أعضاؤه، فقد كان المجمع يرى أن هذه الألفاظ، على وجاهة الكثير منها، لا تعبِّـر إلا عن رأي أصحابها، لأن المجمع لا يجيز لنفسه إقرارها والتشبُّث بها [39]. وقد تحوَّل اسم المجمع بعد ذلك إلى مجمع اللغة العربية بعد استيثاق عرى الوحدة مع مصر، وكان جُلُّ أعضاء المجمع من أساتذة الكليات العلمية من طب وصيدلة وهندسة وزراعة وجيولوجيا.

وقد طرأ تحول واضح في الوقت الحاضر للاهتمام بالمصطلحات العلمية وتنسيقها [40]، فتشكلت لجان متخصصة للعناية بها ومتابعتها، فتكوَّن لدى المجمع رصيد ضخم من المصطلحات العلمية. وقد تعاون البرنامج العربي لمنظمة الصحة العالمية ووحدة المصطلحات في المكتب الإقليمي منذ عام 1998 مع مجمع اللغة العربية بدمشق في إضفاء السمات العصرية على العمل الإداري واللغوي في المجمع، بإدخال شبكة داخلية للتواصل بين الأعضاء والإداريين داخل المجمع، وتوصيل المجمع بالشابكة "الإنترنت"، واكتناز منتجات المجمع بشكل رقمي إلكتروني يتيح إيصال جميع ما صدر عنه من مطبوعات دورية ومخطوطات وكتب تراثية محققة لمن يبحث عنها بأيسر سبيل، ولايزال [41].

أما مجمع اللغة العربية في القاهرة فقد أنشئ بمرسوم صدر عام 1932، ويعده الكثير من الباحثين المجمع العربي الوحيد الذي قصر عمله على اللغة ومصطلحاتها، وأسس لها لجاناً فرعية متخصصة في الطب، والكيمياء والطبيعة، وعلوم الأحياء والزراعة، والعلوم الرياضية والهندسية، والاقتصاد والقانون، والعلوم الفلسفية والاجتماعية، والتاريخ والجغرافيا. وتستعين اللجان في تأدية أعمالها بخبراء، وتجتمع معهم كل أسبوع للنظر فيما يرد إليها أو مايعرضه خبراؤها عليها من مصطلحات، وهم يناقشون المصطلحات دون تعصب أو تطرف [42].

وقد كان للبرنامج العربي مع مجمع اللغة العربية في القاهرة تاريخ طويل من التعاون تبلور بإعداد برنامج حاسوبي يكتنـز ذخيرته اللغوية، والتي تتضمن جميع المصطلحات العلمي والفنية التي أصدرها مجمع اللغة العربية منذ بدئه العمل عام 1934 وحتى اليوم، إلى جانب القرارات والتوصيات التي اتخذها المجمع في لجانه ومؤتمراته، ومقررات اللجان حول الألفاظ والأساليب، وأصول اللغة، والمعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم. ثم ساعد البرنامج العربي للمنظمة على إنشاء موقع للمجمع على الشابكة (الإنترنت)، وتكلل التعاون باختيار الدكتور محمد هيثم الخياط مدير البرنامج العربي للمنظمة عضواً في المجمع وبمساهمته الفعالة في لجنة الطب.

وقد تواصل التعاون بين مجمع اللغة العربية في عمّان وبين البرنامج العربي للمنظمة، فقد كان الأستاذ الدكتور عبد الكريم خليفة رئيس المجمع على رأس المؤسسين لشبكة تعريب العلوم الصحية، وله مساهمات قيِّمة في تعزيز مسيرتها. واستفاد البرنامج العربي للمنظمة أيضاً استفادة كبيرة من المصطلحات التي أعدها مجمع اللغة العربية في بغداد، وأدرج قسطاً منها في المعجم الطبي الموحد والمعاجم التخصصية الفرعية المستفردة منه.

التعاون والتنسيق مع المؤسسات العربية المهتمة بالتعريب

كان للبرنامج العربي إسهام كبير في التعاون وبناء الشراكات مع المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية لتعزيز حضور اللغة العربية وإغنائها في المحافل والمطبوعات وشبكة الإنترنت، ونخص بالذكر مجلس وزراء الصحة العرب الذي كان شريكاً فاعلاً في إعداد الطبعة الثالثة من المعجم الطبي الموحد، ومجلس وزراء التعليم العالي العرب الذي كان مسانداً حاضراً لما اتخذته المؤتمرات المتعاقبة حول التعريب، والمجلس العربي للاختصاصات الطبية الذي يصدر مجلته باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية، ولعل ما فيها من خلاصات باللغة العربية هي أكثر ما تجذب الأطباء العرب، واتحاد الأطباء العرب الذي يجعل مناقشة أمر التعريب من الحصص الدائمة الحضور على جدول أعمال مؤتمره السنوي، وهو أيضاً مساهم فعال في المعجم الطبي الموحد، بل إن المعجم ثمرة مبادرة له، واتحاد الجامعات العربية الذي رعى موضوع التعريب في مؤتمراته المتعاقبة، ومركز تعريب العلوم الصحية بالكويت الذي كان ولايزال شريكاً ورائداً في وضع خطط التعريب وتوفير مستلزماته من كتب دراسية ومصطلحات، والمركز العربي للتعريب والتأليف والترجمة والنشر بدمشق الذي جمعت بينه وبين البرنامج العربي للمنظمة شراكة قوية أثمرت عدداً من الكتب القيمة، ومكتب تنسيق التعريب بالرباط الذي كانت مصطلحاته معيناً ثراً نهل منه العاملون في وحدة المصطلحات وفي حقل الترجمة الطبية والصحية، والهيئة العليا للتعريب بالسودان التي عملت بالتعاون مع البرنامج العربي للمنظمة على إنشاء مطبعة محلية لطباعة الكتب والمنشورات التعليمية، والجمعية المصرية لتعريب العلوم في القاهرة، وكليات الطب والعلوم الصحية في الجامعات والمؤسسات التعليمية العربية، وقد ساهمت في إنجاح برنامج المنظمة لتبادل الزيارات بين أعضاء الهيئات التعليمية العربية، والمنظمة الإسلامية للعلوم الطبية في الكويت والتي خصصت وقتاً وتمويلاً لبحث القضايا الصحية المستجدة بمشاركة من الباحثين الصحيين وعلماء الشريعة، والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة التي رعت بعض المشروعات التعليمية والتثقيفية باللغة العربية في الإقليم، ومعهد المخطوطات العربية في القاهرة، والمجلس البريطاني من خلال فرعه في دمشق، سورية، والذي نفذ بالشراكة مع البرنامج العربي دراسة لتقييم وتحسين مهارات التواصل باللغة الإنكليزية بين طلبة ومدرسي كلية الطب في جامعة دمشق، ودور النشر الكبرى المهتمة بالتعريب مثل مكتبة لبنان-ناشرون ويعود لها الفضل في إنتاج وتوزيع الإخراجة الورقية من الطبعة الرابعة للمعجم الطبي الموحد الأم وطبعات المعاجم المستفردة منه في مواضيع فرعية ومتخصصة، مثل معجم التشريح الموحد ومعجم الصيدلة الموحد ومعجم طب الأسنان الموحد، ثم الإخراجة العربية للطبعة السابعة من كتاب البيولوجيا المنسوب لكامبل وريس. ومكتبة أكاديميا إنترناشيونال في بيروت، وكان لها الفضل في إنتاج جُلَّ الكتب في سلسلة الكتاب الطبي الجامعي. والمركز التقني المعاصر، وقد تعاون مع البرنامج العربي للمنظمة في إنتاج بعض العناوين الهامة، وأخص بالذكر منها مكافحة الأمراض السارية، والطبعة الثانية من كتاب الطرائق الأساسية للمختبرات الطبية، والإخراجة العربية لكتاب روبنـز وقطران الموسوم بالأسس الباثولوجية للأمراض. ومجموعة خليفة للكمبيوتر في القاهرة، وشركة أتاسوفت في لندن. وجميع هذه المكتبات والمؤسسات قدمت للتعريب خدمات جلى وكان بعض ما أنتجته ثمرة تعاون وتشجيع من البرنامج العربي لمنظمة الصحة العالمية.

الخاتمة حول استشراف المستقبل

تمتلك اللغة العربية حيويتها الخاصة التي تحميها من التقوقع والسقوط في الجمود والانغلاق، واستطاعت أن تواكب العصور التي مرت عليها، وأن تكون لغة كل عصر بكل معطياته، وهي قادرة على نقل كل ألوان الحداثة، وعلومها، وفلسفاتها، ومصطلحاتها المرتبطة بمفاهيمها. وقد أثمر العمل في البرنامج العربي للمنظمة نتائج طيبة أسهمت في توحيد لغة التخاطب بين أرباب المهن الطبية عبر العمل الدؤوب في المعجم الطبي الموحد إضافة إلى تقديم صورة عن الوضع الصحي في العالم للقارئ العربي وإصدار الكتب والدلائل الإرشادية والتدريبية للعاملين الصحيين وطباعة وتوزيع الكتب الدراسية لطلبة الطب والعلوم الصحية العربية المترجمة أو المؤلَّفة بالعربية وإقامة الدورات التدريبية للمحاضرين والمترجمين والمصطلحيين. كما عملت شبكة تعريب العلوم الصحية التي أنشأها البرنامج العربي لمنظمة الصحة كمنبر يتبادل من خلاله المهتمون بتدريس العلوم الصحية وجهات النظر ووضع المصطلحات بمجال الطب وسائر العلوم الصحية باللغة العربية، وأصبحت توفر لمجموع العاملين في الدول العربية وسيلة تواصُل ومناقشة لكثير من المصطلحات وتعاريفها، وهو ما ساعد على الانتهاء من إعداد الطبعة الرابعة للمعجم الطبي الموحد الذي بدأ العمل به سنة 1968 بقرار من اتحاد الأطباء العرب، حيث بلغ عدد مصطلحاته في هذه الطبعة 150 ألف مصطلح.

والتحدي الماثل أمام البرنامج العربي اليوم هو المحافظة على قوة الدفع لمسيرته، بما يتطلبه ذلك من استمرارية للموارد البشرية والمالية، للنهوض بقضية التعريب وجعلها على رأس أولويات التعليم الجامعي.

المراجع

  1. الأستاذ شحادة الخوري، التعريب، مجلة التعريب التي تصدر عن المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر المنبثق عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومكتبه في دمشق، في العدد الحادي والثلاثين من السنة السادسة عشرة، كانون الأول/ديسمبر 2006، الصفحة 11.
  2. الدكتور صالح بلعيد، تعريب التعليم العالي أولوية الأولويات، وهي دراسة أعدت للندوة السادسة للمسؤولين عن تعريب التعليم العالي في الوطن العربي التي عقدت في عُمان عام 2006، ثم نشرت في مجلة التعريب التي تصدر عن المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر المنبثق عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومكتبه في دمشق، في العدد الثاني والثلاثين من السنة السابعة عشرة، حزيران/يونيو 2007، الصفحة 36.
  3. الدكتور جابر عصفور، العربي ولغتها العربية، كتاب العربي 72 حول أزمة اللغة العربية، الصفحة 13.
  4. الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، من كلمته في افتتاح المؤتمر السادس لشبكة تعريب العلوم الصحية التي عقدت تحت رعاية الكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية العربية السورية في رحاب مجمع اللغة العربية بدمشق في المدة 8–10 حزيران/يونيو 2008.
  5. الدكتور عبد الحسين طابا، المدير الإقليمي السابق لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، عن تقديمه لكتاب الناس والصحة في الشرق الأوسط، تأليف يان سيمون، ترجمة الدكتور سعيد عبده، نشر المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في شرق البحر المتوسط، 1968، الصفحة 9.
  6. حول المعلومات والاتجاهات الطبية والصحية، يمكن مراجعة التقارير السنوية الصادرة عن المكتب الإقليمي للمنظمة، مثل أعمال منظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط، التقرير السنوي للمدير الإقليمي عن المدة من 1 كانون الأول/يناير إلى 31 كانون الثاني/ديسمبر 2005، الصفحات 35–41. وهي متاحة على موقع المكتب الإقليمي www.emro.who.int
  7. الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، من مقدمة كتاب علم المصطلح لطلبة كليات الطب والعلوم الصحية، أعد بإشراف الدكتور محمد هيثم الخياط، وساهم فيه الدكتور الشاهد البوشيخي، والدكتور عزالدين البوشيخي، والدكتور مصطفى أوفوشي، والدكتور قاسم طه السارة وأعضاء شبكة تعريب العلوم الصحية "أحسن"، طباعة أكاديميا إنترناشيونال، بيروت، لبنان 2007.
  8. للاطلاع على المزيد من المعلومات حول رسالة المنظمة والمهام المنوطة بها وبرامجها والبنية التنظيمية لها يمكن زيارة موقعها على الإنترنت، وهو موقع متعدد اللغات، أما مضمونه العربي فعنوانه: http://www.who.int/about/ar
  9. الدكتور عبد المنعم محمد علي: مسيرة اللغة العربية في منظمة الصحة العالمية، المحاضرة الرئيسية في الاجتماع الأول لشبكة تعريب العلوم الصحية، المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية في القاهرة، 2003، وهي متوافرة بنصها الكامل على موقع المكتب الإقليمي للمنظمة : www.emro.who.int
  10. قرار جمعيه الصحة العالمية رقم ج ص ع 28–34 مايو/أيار 1975.
  11. وفقاً للمرجع (9) فقد أسندت رئاسة المجموعة إلى الأستاذ الدكتور مصطفى كامل ياسين (من العراق)، أستاذ القانون الدولي بجامعة جنيف، وكان أعضاء المجموعة الأستاذ عدنان يوسف (من العراق)، رئيس قسم الترجمة العربية بالأمم المتحدة، نيويورك، والأستاذ محمود مراد (من مصر)، أستاذ الترجمة العربية بكلية اللغات والترجمة بجامعة جنيف، والدكتور سيد أبو النجا (من مصر)، رئيس قسم الترجمة الفورية بمقر الأمم المتحدة بجنيف، والأستاذ رفعت لطفي (من مصر)، رئيس قسم الترجمة العربية بمقر الأمم المتحدة بجنيف، والأستاذ محمد يعقوب (من مصر)، رئيس قسم الترجمة بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط، والأستاذ سامي شوبير (من العراق)، المستشار القانوني برئاسة منظمة الصحة العالمية، جنيف، والأستاذ إبراهيم زريقات (من الأردن)، من وحدة اللغة العربية بالمقر الرئيسي للمنظمة، جنيف، والدكتور عبد المنعم محمد علي (من مصر)، رئيس وحدة اللغة العربية بالمقر الرئيسي للمنظمة، جنيف.
  12. قطوف من الإنجازات اللغوية والأدبية للأطباء المجمعيين (الدكتور علي توفيق شوشة 1891–1964)، الدكتور محمود فوزي المناوي، أزمة التعريب، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة 2003، الصفحات 363-364.
  13. الأستاذ أحمد شفيق الخطيب، منهجية وضع المصطلحات وتطبيقاتها، دائرة المعاجم، مكتبة لبنان-ناشرون واتحاد مجامع اللغة العربية، دمشق، تشرين الأول/أكتوبر 1999.
  14. الدكتور محمد علي الزركان، الدعوات المبكرة إلى توحيد المصطلح العلمي العربي من قبل الأفراد والجماعات، مجلة اللسان العربي المجلد 41، 1996 الصفحات 73-69.
  15. الدكتور محمود فوزي المناوي، أزمة التعريب، مركز الأهرام للترجمة والنشر، القاهرة 2003، الصفحات 263-264.
  16. الدكتور محمد هيثم الخياط، التعريب في سورية، وهي محاضرة ألقيت في ندوة تعريب التعليم العالي والجامعي التي أقامها اتحاد مجامع اللغة العلمية العربية في الرباط (1985) ونشرت في الطبعات المتلاحقة لكتابه "في سبيل العربية".
  17. الدكتور قاسم سارة، المعجم الطبي الموحَّد: تجربة رائدة في وضع المصطلح الطبي وتوحيده ونشره، بحث ألقي في المؤتمر الثالث لمجمع اللغة العربية بدمشق 10-12 تشرين الأول/أكتوبر 2004.
  18. الدكتور عزة مصطفى، مقدمة الطبعة الثالثة للمعجم الطبي الموحد.
  19. الدكتور محمد هيثم الخياط، مقدمة الطبعة الثالثة للمعجم الطبي الموحد.
  20. الدكتور محمد هيثم الخياط، أربعون عاماً مع المصطلح، من البطاقات إلى الـحَوْسَبَة، بحث قُدِّم إلى مؤتمر مجمع اللغة العربية في دورته الثالثة والستين، ونشر في الطبعات المتلاحقة لكتابه "في سبيل العربية".
  21. الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط من كلمته في المؤتمر السادس لشبكة تعريب العلوم الصحية التي عقدت تحت رعاية الكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية العربية السورية في رحاب مجمع اللغة العربية بدمشق في المدة 8-10 حزيران/يونيو 2008.
  22. الدكتور قاسم سارة، مقبولية الألفاظ المستحدثة، بحث ألقي في المؤتمر الرابع لمجمع اللغة العربية بدمشق 2005.
  23. الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية، كلمته في افتتاح المؤتمر الإقليمي الخامس لتعليم العلوم الصحية باللغة العربية، الإسكندرية، مصر، 24–25 تشرين الثاني/نوفمبر 2007‏.
  24. الدكتور خالد منيمنة، المؤتمرات القومية والوطنية التي عقدت حتى الآن حول تعريب التعليم الطبي وتوصياتها وقراراتها، بحث أعد للإلقاء في مؤتمر تعريب التعليم الطبي، دولة الكويت، 1996، موقع المركز العربي لتعريب العلوم الصحية "أكمل": http://www.acmls.org
  25. الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط من كلمته في مؤتمر تعريب تعليم الطب والعلوم الطبية في الوطن العربي، خطوات تطبيقية، جمعية الأطباء البحرينية، 1993، كتيب المؤتمر، الصفحات 17-23.
  26. الدكتور عبد الرحمن العوضي، من كلمته في مؤتمر تعريب تعليم الطب والعلوم الطبية في الوطن العربي، خطوات تطبيقية، جمعية الأطباء البحرينية، 1993، كتيب المؤتمر، الصفحات 49-51.
  27. الدكتور محمود حافظ، قضية التعريب في مصر، مجمع الغة العربية في القاهرة، 1997 الصفحات 43-18.
  28. اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط، الدورة السابعة والثلاثون، استعمال اللغات الوطنية في التعليم الطبي والصحي، القرار ش م/ل إ37/ق -4، 10 تشرين الأول/أكتوبر 1990.
  29. وقائع مؤتمر تعريب تعليم الطب والعلوم الطبية في الوطن العربي: خطوات تطبيقية، جمعية الأطباء البحرينية، المنامة، البحرين، 1618 شباط/ فبراير 1993.
  30. الدكتور قاسم سارة، التعريب جهود وآفاق، دار الهجرة بدمشق، 1989، الصفحات 99-145.
  31. الدكتور أحمد ديب دشاش، من كلمته في الحصة المخصصة للتعريب في المؤتمر الثاني والأربعين ن لاتحاد الأطباء العرب، عمّان 2008.
  32. http://www.emro.who.int/publications/emhj/1403/Index.htm
  33. الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط من كلمته في المؤتمر السادس لشبكة تعريب العلوم الصحية التي عقدت تحت رعاية الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية العربية السورية في رحاب مجمع اللغة العربية بدمشق في المدة 8-10 حزيران/يونيو 2008.
  34. الأستاذ شحاذة الخوري، دور المراجع العلمية وأمهات الكتب في سيرورة المصطلحات العلمية وانتشارها، الدراسة التاسعة من الجزء الثالث من كتابه دراسات في الترجمة والمصطلح مالتعريب، دار الطليعة الجديدة، 2007، الصفحة .135
  35. الدكتور محمد توفيق الرخاوي، محاضرته حول تعريب الطب في المؤتمر السادس لشبكة تعريب العلوم الصحية التي عقدت تحت رعاية الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية العربية السورية في رحاب مجمع اللغة العربية بدمشق في المدة 8-10 حزيران/يونيو 2008.
  36. الدكتور دفع الله عبد الله الترابي، حصيلة تعريب العلوم الصحية في الجامعات السودانية، المؤتمر السادس لشبكة تعريب العلوم الصحية التي عقدت تحت رعاية الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية العربية السورية في رحاب مجمع اللغة العربية بدمشق في المدة 8-10 حزيران/يونيو 2008.
  37. الدكتور محمد هيثم الخياط، أهمية الترجمة في نشر العلم ورفع مستوى التعليم، محاضرة في أكاديمية المملكة المغربية، طنجة، 1995، ونشرت في الطبعات المتلاحقة لكتابه "في سبيل العربية".
  38. الأستاذ ماهر محمدي ياسين وجمال فتح الله، مقدمات كتاب تكنولوجيا التصوير الطبي بالرنين المغناطيسي، مطابع الدار الهندسية، القاهرة 2007.
  39. عمل المجامع والجمعيات في وضع المصطلحات، المصطلحات العلمية في اللغة العربية في القديم والحديث، الأمير مصطفى الشهابي، الطبعة الثانية، 1965، مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق، الصفحات 61–63.
  40. الدكتور محمود أحمد السيد، النهوض باللغة العربية بين التوصيات والممارسات، قراءة في توصيات مجمع اللغة العرببي بدمشق، مجلة التعريب التي تصدر عن المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر المنبثق عن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم، ومكتبه في دمشق، في العدد الحادي والثلاثين من السنة السادسة عشرة، كانون الأول/ديسمبر 2006، الصفحة 79.
  41. الدكتور مروان المحاسني، نائب رئيس مجمع اللغة العربي بدمشق، من كلمته في افتتاح المؤتمر السادس لشبكة تعريب العلوم الصحية التي عقدت تحت رعاية الدكتورة نجاح العطار نائب رئيس الجمهورية العربية السورية في رحاب مجمع اللغة العربية بدمشق في المدة 8-10 حزيران/يونيو 2008.
  42. عمل المجامع والجمعيات في وضع المصطلحات، المصطلحات العلمية في اللغة العربية في القديم والحديث، الأمير مصطفى الشهابي، الطبعة الثانية، 1965، مطبوعات المجمع العلمي العربي بدمشق، الصفحات
  43. 69–70.