الصفحة الرئيسية
رسالة المدير الإقليمي PDF طباعة

أصحاب المعالي،

السيدات والسادة الأعزاء،

الزميلات والزملاء الأكارم،

إن يوم الصحة العالمي لهذا العام موجَّه لموضوع التحضُّر والصحة، وهو مجال يتمتع بأهمية بالغة، يستمدّها من التحدّيات الصحية الهائلة التي يشهدها عالمنا المتحضر. لقد فرض التحضُّر السريع آثاره الاقتصادية، والاجتماعية، والبيئية، والصحية، على بلدان إقليم شرق المتوسط. ونتيجة للتزايد السريع في أعداد السكان، وللتغيرات السريعة، في السياسات الاقتصادية والتنموية، تركّزت معظم رؤوس الأموال، والاستثمارات، والمرافق العامة في المدن، واستأثرت المدن الكبرى، والـحَوَاضر المحتشدة بالناس، بمعظم الأعمال غير الزراعية، وبالفرص التعليمية، وبفرص استدرار الدخل. كما تركّزت دعائم نمو الاقتصاد الوطني في المناطق الحضرية. وليس من المستغرب أنه نتيجة لهذه العوامل مجتمعة أن تتجاوز متوسط السكان في الحواضر خمسين بالمئة من مجمل سكان ستة عشر بلداً من بلدان الإقليم الاثنين والعشرين تجاوُزاً كبيراً.

أما الأسباب الرئيسية للتحدِّيات الصحية، ولتدنّي جودة الحياة في المدن، فتعود إلى: الافتقار إلى التخطيط الكافي للمدن والحواضر؛ وغياب الإطار القانوني القابل للتطبيق؛ وضعف الحكامة governance؛ وأدى ذلك إلى مشكلات صعبة في توفير المياه، والصرف الصحي، وإلى تلوث الهواء، وتفاقم المخاطر البيئية، والمساكن غير الآمنة، وتزايد معدّلات العنف والإصابات، ورافق ذلك كله نقص في التغطية بالخدمات الصحية، وشيوع النُظُم الغذائية غير الصحية، وأنماط الحياة التي يركن فيها الناس إلى الدَّعَة وقلة النشاط البدني. وزاد تعاطي الناس للتبغ وللأدوية غير المشروعة، وتفاقمت عوامل الاختطار الصحية المرتبطة بأنماط الحياة، تزايـداً واضحاً بين كلٍ من الفقراء والأغنياء، على حد سواء، وكل ذلك بسبب التحضر. إلا أن الفقراء والأطفال والنساء في المدن بشكل خاص، يتعرّضون للأخطار أكثر من غيرهم.

ويهدف يوم الصحة العالمي لهذا العام، ألفين وعشرة، إلى تنفيذ حملة تـتواصل طوال العام، وتستهدف وضع التحديات الصحية في المدن، ضمن جدول أعمال التنمية، على المستوى الوطني والمحلي في البلدان. كما تستهدف هذه الحملة، ضمان الالتزام السياسي على أعلى مستوى، ورفع مستوى الوعي والفهم لدى عامة الناس، وتشجيع الشراكات بين القطاعات، وإسهام المجتمع في تعزيز الصحة، وفي اتخاذ القرارات السياسية في الحضر، وبالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الحملات تـتضمّن مبادرة عالمية غير مسبوقة، وهي "ألف مدينة وألف سيرة حياة"، وهي مبادرة تجمع بين أصحاب القرار السياسي، والمجتمعات، والأفراد، لإبراز أهمية إحلال الصحة موقع الصدارة بين الأولويات في تنمية المدن. وفي إقليم شرق المتوسط، تحمَّست المدن للانضمام إلى هذه المبادرة، وللتخطيط لها، ولتنفيذ أنشطة ذات صلة بالصحة، على أن تعمل كل مدينة وفقاً للسياق المحلي فيها.

ويسعدني أن أعلن لكم، أن مئة وتسعةً وثمانين مدينة من إقليم شرق المتوسط، قد سجلت في مبادرة ألف مدينة وألف سيرة حياة، وقد أكّدت كل مدينة منها التزامها، من خلال رسائل رسمية للتعاون أرسلها العُمَد أو المحافظون إلى منظمة الصحة العالمية لتوثيق عُرى التعاون، وإنني إذْ أتقدّم بجزيل الشكر والامتنان لهؤلاء العُمَـد والمحافظين على ما أبدوه من التزام، فإنني أؤكّد لهم أننا على مشارف مسيرة مفعمة بجهود مثمرة ومضمونة الاستمرار، تهدف لتحسين الصحة في المناطق الحضرية، وللتخفيف من انعدام العدالة الصحية.

السيدات والسادة الأعزاء،

لقد وثـّق المكتب الإقليمي ما اكتسبناه من خبرات حول التحضر والصحة في تقرير تقني، استند إلى أوراق تقنية ساهم في إعدادها ثمانية بلدان. وسيتم إصدار التقرير بشكله النهائي في هذا العام، وهو يقدِّم بيِّنات حول التحديات الصحية الكبيرة التي تواجه المناطق الحضرية في الإقليم، ونأمل أن تسهم هذه المطبوعات في التأثير على راسمي السياسات، وفي تسهيل إحداث تغيـير إيجابي في ما ينفّذ في المدن من إجراءات صحية، ولاسيَّما من خلال تنفيذ برامج المدن الصحية.

ويوضِّح التقرير، بجلاء، ما تعانيه الأحياء العشوائية والفقيرة في المدن، من معدّلات مرتفعة في وفيات الرضّع والأمهات، وفي معدلات الاكتئاب، وسوء التغذية بين الأطفال، وفي معدّلات تعاطي مواد الإدمان، وفي تفضيل الذكور على الإناث في إتاحة فرص التعليم. كما يوضِّح التقرير بجلاء ما تعانيه هذه المدن من انعدام العدالة، وتدنِّي جودة الحياة. وإذا أخذنا مدينة أريانة في تونس، على سبيل المثال، فسنجد أن معدّل وفيات الرضَّع في المناطق العشوائية للمدينة، تصل إلى موت عشرين رضيعاً، مقارنةً بموت ثمانية عشر منهم، من كل ألف مولود حي، على الصعيد الوطني. وفي منطقة بطن البقرة، وهي إحدى المناطق العشوائية في مدينة القاهرة، يوضِّح التقرير فداحة الفقر الذي يعاني الناس منه، فدَخْل كل منهم يقل عن دولارٍ واحدٍ في اليوم، إلى جانب فقدانهم فرصاً جيدةً للتعليم، والخدمات الصحية، والمياه الآمنة، والإصحاح والصرف الصحي، والمرافق التـرفيهية؛ إذْ يعيش خمسة وثمانون بالمئة من الناس، في مساكن تفتقد إلى الجدران، والأرضيات، والأسقف الملائمة.

ومما ورد في التقرير؛ أنه في منطقة سَلاَ، في المغرب، تحتل قرى الأكواخ خمسة وستين بالمئة من الأراضي ذات الملكية الخاصة، مما يوجب على قاطني تلك الأكواخ دفع الأموال إلى مُلاَّك الأراضي، وهذا مما يزيد من الإقصاء الاجتماعي لسكان المناطق العشوائية. وفي الخرطوم، عاصمة السودان، يقدّم التقرير بيِّنات على ما يلحق بقاطني الأحياء الفقيرة من وصمة، فهم يفتقدون العنوان الرسمي، ويتعذر عليهم الحصول على شهادة ميلاد، مما يحرمهم من الالتحاق بالمدارس الحكومية، إلى جانب حرمانهم من استحقاقات أخرى كثيرة. كما يلقي التقرير الضوء على القضايا الرئيسية ذات الصلة بالصحة العمومية في الخرطوم، وهي قضايا تسبب معدّلات عالية للوفيات وللأمراض، ومنها الحصبة، والإسهال، والالتهابات التنفسية الحادة، والأمراض التي يمكن توقّيها باللقاحات، والملاريا، وسوء التغذية. ومن المعروف أن الإتاحة الضئيلة للخدمات وسوء الرعاية تزيد من أخطار مراضة ووفيات الأمهات. كما أوضح التقرير معدّلاً مرتفعاً للأمراض المنقولة جنسياً.

أما في راولبندي، باكستان، فيوضح التقرير الروابط بين حرمان النساء من التعليم وبين الزواج المبتَسَر، وحجم الأسرة، وإسهال الأطفال، والأمراض التنفسية الحادة، وعدد الأطفال الذين يلتحقون بالمدارس. وقد كان من الجدير بالملاحظة أن واحداً وخمسين ونصف بالمئة من الأطفال دون سن الثالثة، ممن تشرف على تربيتهم أمهات غير متعلمات، قد أصيبوا بهجمة إسهال خلال الأسبوعين اللذين سبقا إجراء الدراسة. كما يعرض التقرير الخبرات المستفادة من برنامج المدن الصحية في جمهورية إيران الإسلامية، وفي سلطنة عُمان، وفي المملكة العربية السعودية.

الزميلات والزملاء الأكارم،

و نظراً لما تـتطلبه الأوضاع الصحية المتـردية في المناطق العشوائية من إيلاء اهتمام عاجلٍ ومُلحّ، فإنني أتوجّه إلى القائمين على تخطيط المدن، وإلى الشركاء من وكالات الأمم المتحدة، وإلى المجتمع المدني، وإلى أفراد المجتمع المحلي، وأناشدهم للعمل معاً، وتجميع الموارد، وحشد الجهود لتحسين الصحة وجودة الحياة، وضمان العدالة الصحية في الأحياء الفقيرة في المدن. أما المجالات التي تحتاج إلى إيلاء اهتمام فوري فتشمل تحسين الحكامة governance الصحية في هذه المدن، ومراجعة النُظُم الصحية في المدن، وضمان إتاحة الخدمات الرفيعة الجودة والمنصفة للجميع. كما ينبغي إيلاء اهتمام خاص، لتلبية احتياجات الأطفال، وصحتهم، ومعافاتهم. وإلى جانب ذلك كله، فإن من الضروري التـركيز على تحسين البيئة، وتوفير فرص العمل، واستدرار الدخل للفقراء، وتعليم النساء في الأحياء الفقيرة.

وأغتنم هذه المناسبة لأؤكّد الدعوة إلى توسيع نطاق برنامج المدن الصحية، وهو برنامج أطلقته منظمة الصحة العالمية عام ألف وتسعمئة وستة وثمانين، يستهدف تعزيز صحة المدن، وقد أنشئ هذا البرنامج في إقليم شرق المتوسط، عام ألف وتسعمئة وتسعة وثمانين، وقد نجح برنامج المدن الصحية في مواجهة الكثير من القضايا الصحية في المدن والحواضر.

السيدات والسادة،

ومن بين الأنشطة والفعاليات التي سيتم تنفيذها في هذا اليوم، عقد مؤتمر صحفي يدعى إليه جميع الأطراف المعنيَّة الذين شرفونا بحضورهم ومشاركتهم، وأود في هذه المناسبة أن أغتنم الفرصة لأعبر عن تقديري وامتناني لانضمام الهلال الأحمر المصري إلى المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية أثناء المرحلة التحضيرية لمبادرة حديقة الأطفال التي كانت جزءاً من جدول أعمال المنظمة ليوم الصحة العالمي.

وفي الختام، إن من الواضح أن التنمية الصحية، في المناطق الحضرية، تـتطلب موارد إضافية، كما تـتطلّب التزام جميع المعنيـين بها، على الصعيد الوطني، وعلى الصعيد الدولي. وقد آلت جميع التقارير التي جمعناها من مختلف بلدان إقليم شرق المتوسط إلى نتيجة واحدة، مفادها أن تحسين صحة الحضر يتطلب أسلوباً متكاملاً، واستجابة قوية، وفق خطة محكمة، تعدّها الحكومة، والأوساط الأكاديمية، والمجتمع المدني. وعند ذلك فقط، سنـنجح في رأب الفجوات التنموية الأساسية في مدنـنا.

فلنعمل معاً، ولنجعل صحة المدن في صدارة أولوياتنا.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري
المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط

 
الأمراض غير السارية PDF طباعة

شهد عام 2012 نقطة تحول في دفع جدول الأعمال الخاص بالأمراض غير السارية في الإقليم إلى الأمام، وذلك بوضع الوقاية من هذه الأمراض ومكافحتها كإحدى الأولويات الاستراتيجية الخمس للمكتب الإقليمي في السنوات الخمس القادمة. وينبع إعطاء الأولوية للأمراض غير السارية من إدراك ما تمثّله هذه الأمراض في الإقليم من عبء شديد الوطأة على الصحة، والنُظُم الصحية، بَل وعلى عملية التنمية برمَّتها. ويستند إعطاء الأولوية هذا إلى رؤية واضحة، وما يستتبعها من التوجُّهات الاستراتيجية التي وافقت عليها الدول الأعضاء بموجب الإعلان السياسي الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، وذلك في أيلول/سبتمبر 2011.

وإدراكاً لأهمية العمل الراهن الذي تقوم به المنظمة والدول الأعضاء في هذا المضمار واعتماداً عليه، تم التركيز في عام 2012 على إبراز الأمراض غير السارية في جدول الأعمال الخاص بالصحة والتنمية، وعلى إعداد خارطة طريق إقليمية والشروع في العمل في المجالات التي تحظى بالأولوية، وكذلك في تهيئة الهياكل الضرورية في المكتب الإقليمي واللازمة لدعم هذا العمل. وعلى الرغم من هذا، فهنالك تحديات خطيرة تعرقل التقدُّم الإقليمي في تنفيذ ما قطعته الدول الأعضاء من التزامات بموجب الإعلان السياسي الصادر عن الأمم المتحدة. فعلى صعيد الحَوْكَمة والسياسات، نجد أن الإرادة والالتزام السياسيين على أعلى المستويات غير موجودين أو غير كافيين في العديد من البلدان. وحتى في حالة وجود مثل هذا الالتزام، فعادةً ما تكون الإجراءات اللازمة لترجمة هذا الالتزام إلى عمل ملموس غير كافية. فالعمل المتعدد القطاعات والذي يعتبر من الشروط الأساسية للوقاية الفعَّالة من الأمراض غير السارية يتسم بالضعف في معظم البلدان.

ولا مِراء في أن ضعف مشاركة القطاعات غير الصحية يعوق تنفيذ التدخلات الرئيسية العالية المردود، والشديدة التأثير، أو "أفضل الصفقات" من قبيل الإجراءات الستة المجربة لمكافحة التبغ MPOWER، والحدّ من الملح، وحملات التوعية الخاصة بالنظام الغذائي والنشاط البدني. فقد اتّسم أداء الدول الأعضاء في الإقليم، بشكل عام، بالبطء في تنفيذ الاتفاقية الإطارية للمنظمة بشأن مكافحة التبغ، وتدابيرها الستة المجربة. وأدى هذا البطء إلى استمرار المعدّلات المرتفعة لتعاطي التبغ. ولايزال هناك بَلَدان اثنان في الإقليم (الصومال، والمغرب) لم يقوما بَعْد بالتصديق على الاتفاقية الإطارية للمنظمة بشأن مكافحة التبغ، كما أن العديد من البلدان، مع الأسف، لا تعترض على الضرر الواقع على الصحة العمومية بسبب ترويج دوائر صناعة التبغ لاستخدامه. وعلى نفس النسق، فبالرغم من ارتفاع معدل استهلاك الملح، والأحماض الدهنية المشبعة، والأحماض الدهنية المتحوِّلة، إلا أن هنالك نقصاً في التنسيق بين الأعمال المتعلقة بالتغذية ولاسيَّما من خلال السياسات المتعددة القطاعات والمؤثرة على قطاعات عريضة من السكان. وهنالك ضعف عام في القدرة على رَصْد الأمراض غير السارية، كما أن نُظُم الرصد بحاجة إلى تقويتها، وإضفاء الطابع المؤسسي عليها في جميع البلدان. ولايزال هناك فَجَوات كبيرة على الرغم من تراكُم الخبرات في مجال إدماج الرعاية الصحية، بالنسبة للأمراض غير السارية الشائعة مثل السكّري والأمراض القلبية الوعائية، في الرعاية الصحية الأولية. وهو الأمر الذي يعكس تحدّيات أوسع نطاقاً أمام النظام الصحي.

وعلى الرغم من هذه التحدّيات، فإن المنظمة والدول الأعضاء سَعوا سوياً إلى دفع جدول أعمال الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها إلى الأمام. والحاصل أن هناك العديد من المعالم البارزة التي وإن ضَربت المثل على ما أحرز من تقدم صَوْب الارتقاء بالعمل، إلا أنها تبرز أيضاً الطلبات التي لاتزال ماثلة أمامنا. ويعد اعتماد اللجنة الإقليمية "لإطار العمل" الإقليمي، معلماً بارزاً، لاستنهاض تنفيذ الإعلان السياسي الصادر عن الأمم المتحدة (القرار ش م/ل إ59/ق.2). ويوضِّح هذا الإطار التدخلات الرئيسية في المجالات الأربعة التي تحظى بالأولوية ألا وهي الحوكمة؛ والوقاية وتقليص عوامل الخطر؛ والترصُّد والرَصْد والتقييم؛ والرعاية الصحية. وقد مهّدت سلسلة من المشاورات والاجتماعات الإقليمية المهمّة الطريق أمام تنفيذ هذا القرار. ويُعتبر المؤتمر الدولي الخاص بأنماط الحياة الصحية والأمراض غير السارية في العالم العربي والشرق الأوسط، والذي نظمهُ المكتب الإقليمي بالتعاون مع حكومة المملكة العربية السعودية في الرياض في أيلول/سبتمبر 2012، أول استجابة إقليمية كبيرة للإعلان السياسي الصادر عن الأمم المتحدة. وهناك معلم آخر يتمثل في إنشاء إدارة جديدة تعنى بالأمراض غير السارية والصحة النفسية في المكتب الإقليمي، مع منحها تفويضاً واضحاً بالارتقاء بالعمل الإقليمي في هذه المجالات.

وقد أحرز تقدُّم مهم في المجالات الاستراتيجية الأربعة الخاصة بالإطار المذكور. ففي مجال تصريف الشؤون (الحوكمة) وتطوير السياسات، عمل المكتب الإقليمي عن كثب مع البلدان لوضع خطط وطنية متعددة القطاعات في عام 2013، ولتطوير القدرات الوطنية، ولرصد التقدُّم الـمُحْرَز. وتم إجراء مشاورتين إقليميتين للإسهام في خطط العمل العالمية الخاصة بالوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها في المدة 2013 – 2020، وإطار الرصد العالمي المصاحب لها، حتى يتسنّى إقرارهما في جمعية الصحة العالمية في أيار/مايو 2013. وبدأ التعاون مع الشبكة الدولية لأولويات مكافحة الأمراض من أجل تعزيز البحوث، وبناء القدرة الإقليمية على تحليل مردود السياسات في مجال الأمراض غير السارية. وسيتواصل العمل خلال عام 2013 من أجل إعداد مجموعة أساسية من المدربين الإقليميين المعنيين بمختلف جوانب عمليات تحديد أولويات مكافحة الأمراض بالنسبة للتدخلات الخاصة بالأمراض غير السارية.

أما في ما يتعلق بالوقاية، فقد تم التركيز على التعاطي مع عوامل الخطر المشتركة للمجموعات الأربع الرئيسية للأمراض غير السارية. وتم استهداف عوامل الخطر المتعلقة بالتغذية، مثل الملح وتناول الدهون وتعاطي التبغ، لإعطائها أولوية العمل. وتم توسيع نطاق إعداد الدلائل الإرشادية للنُظُم الغذائية ليشمل أفغانستان، وعُمان، ولبنان، ومصر. وتم بالاشتراك مع جامعة الإمارات العربية المتحدة، وكجزء من مبادرة عالمية، تنفيذ مشروع ارتيادي لبناء القدرة الإقليمية على إعداد مرتسمات التغذية. ولقد أسفرت الحلقة العملية البلدانية المؤثِّرة والتي أجريَت في تشرين الثاني/نوفمبر 2012، حول وضع أساليب فعّالة لخفض استهلاك الملح على مستوى السكان جميعاً، عن إطلاق إجراءات للحد من الملح على المستوى الوطني في الكويت. ويتم العمل على توسيع نطاق هذه الإجراءات، والتي قد يكون لها تأثير مهم على صحة السكان حال استمرارها وتطويرها بشكل أكبر، على الصعيد الإقليمي في عام 2013.

وفي ما يتعلق بمكافحة التبغ، فقد واصل المكتب الإقليمي إعطاء الأولويات لتنفيذ الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ، والإجراءات الخاصة بالتدابير الستة المصاحبة لها. ولقد شهدنا في عام 2012 تطوراً واعداً، بتبنِّي أربع من الدول الأعضاء تشريعات جديدة لمكافحة التبغ تنطوي على إجراءات صارمة لأقصى درجة. وحظى تطوير القيادة والقدرة على اتخاذ إجراءات لمكافحة التبغ باهتمام بالغ. وعقدت الدورة العالمية للقيادة في مجال مكافحة التبغ لأول مرة في الإقليم، وذلك بالاشتراك مع جامعة جون هوبكنز. وعزَّزَت الحلقة العملية الإقليمية لأطراف الاتفاقية الإطارية بشأن مكافحة التبغ قدرة الأطراف على المشاركة في الدورة الخامسة لمؤتمر الأطراف الخاص بالاتفاقية. وتم كذلك تدعيم بناء القدرات في مجالات أخرى مثل: الضرائب المفروضة على منتجات التبغ وأسعارها في الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي، وفي تنفيذ المادة 3.5 من الاتفاقية الإطارية للمنظمة بشأن مكافحة التبغ، والتي تتعلق بتدخُّلات دوائر صناعة التبغ؛ والإقلاع عن التبغ، وتنفيذ التعليمات الخاصة بخلوّ الأماكن العامة من التبغ، والتحذيرات الصحية المصورة، وحظر جميع أشكال الدعاية عن التبغ، ورعاية فعالياته وترويجه.

أما في مجال الترصُّد والرَصْد، فقد استكمل مزيد من البلدان المسح الخاص بالأسلوب المتدرج للرَصْد STEPS ليصل بذلك إجمالي عدد الدول الأعضاء التي قامت بإجراء المسح ونشر التقارير الخاصة به إلى 18 بلداً. وقدَّم المكتب الإقليمي الدعم للدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي من أجل إعداد أهداف ومؤشرات وطنية وفقاً للإطار العالمي للرصد، سوف يستمر هذا الدعم في عام 2013، كما ساعد جميع الدول الأعضاء في تنفيذ نظام ترصد التبغ العالمي وتحليل البيانات، والانتهاء من التقارير القطرية، بالإضافة إلى وضع خطط لنشر البيانات. هذا فضلاً عن دعم المكتب الإقليمي لإعداد وتنفيذ المسوحات العالمية التي تحظى بالأولوية مثل المسح العالمي لاستهلاك التبغ بين الشباب، والمسح العالمي لاستهلاك التبغ بين البالغين، وذلك بالتعاون مع الشركاء الدوليين. وتم استكمال الجزء الإقليمي من التقرير العالمي الرابع الخاص بمكافحة التبغ والذي سيتم نشره في عام 2013.

وفي ما يتعلق بمجال الرعاية الصحية، قدم المكتب الإقليمي دعماً تقنياً لمواءمة مجموعة التدخلات الأساسية الخاصة بالأمراض غير السارية، التي وضعتها المنظمة، وتنفيذها من خلال الرعاية الصحية الأولية في ثلاثة بلدان (الإمارات العربية المتحدة، والسودان، والكويت) ليصل مجموع البلدان التي تحظى بعاملين مدربين وبروتوكولات متكاملة خاصة بتحري الأمراض غير السارية ومعالجتها ضمن الرعاية الصحية الأولية إلى ستة بلدان.

ويتمثَّل التحدّي الماثل أمام الدول الأعضاء، في عام 2013، في تقوية التزامها، وإعطاء المزيد من الأولوية للتعاطي مع هذه الزيادة المفزعة في حجم الأمراض غير السارية، وفي ترجمة هذا الالتزام إلى عمل ملموس يتجسد في تنفيذ إطار العمل الذي تم إقراره في الدورة التاسعة والخمسين للّجنة الإقليمية.

الصحة النفسية

تُعتبر الاضطرابات النفسية والعصبية وتلك الناجمة عن تعاطي مواد الإدمان مسؤولة عن أكثر من %11 من سنوات العمر المصححة باحتساب مدد العجز، و%27 من عدد السنوات التي يعيشها المرضى في حالة عجز في الإقليم. ولاشك في أن الصراعات والطوارئ الإنسانية المعقدة، وما يصاحبها من نزوح للسكان وانخفاض الدعم الاجتماعي المقدَّم، ساعد في تفاقم هذا العبء بشكل كبير. ولقد ساهمت الوصمة والتمييز، ونقص الالتزام السياسي، ومحدودية الموارد المالية والبشرية، وتضاؤل الاهتمام بالأمراض النفسية في الصحة العمومية في حدوث فجوة هائلة في معالجة الاضطرابات النفسية. فالحاصل أن أكثر من ثلاثة أرباع الذين يعانون من اضطرابات نفسية خطيرة في بلدان الإقليم المنخفضة والمتوسطة الدخل، وما يربو على نصف البلدان المرتفعة الدخل لا يحصلون على المعالجة الأساسية.

وسعياً منه إلى التغلب على هذه التحدّيات، عمل الكتب الإقليمي على الاستجابة من خلال اتباع أسلوب متعدد الجوانب، مسترشداً بالاستراتيجية الإقليمية المعنية بالصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان. وخلال عام 2012، ساهم المكتب الإقليمي في إعداد خطة عمل شاملة للصحة النفسية 2013 – 2020، حتى يمكن إقرارها من قبل جمعية الصحة العالمية في أيار/مايو 2013 من أجل ضمان ارتباطها بحاجات الإقليم وتقبُّل الدول الأعضاء لها. وتم إطلاق برنامج العمل الخاص برأب الفجوة في الصحة النفسية في الأردن، وأفغانستان، وباكستان، والسودان، والصومال، والعراق، وعمان، وليبيا، ومصر. وساهَم المكتب الإقليمي في وضع أطلس الصحة النفسية 2011، والأطلس الخاص بتعاطي مواد الإدمان بهدف بناء قاعدة بيِّنات توجِّه العمل في الإقليم. وقدَّم المكتب الإقليمي الدعم التقني لتحديث السياسات والتشريعات الوطنية في أفغانستان، وجمهورية إيران الإسلامية، وجيبوتي، والسودان، والصومال، وعُمان، وقَطَر.

 
الأمراض غير السارية PDF طباعة

إطار العمل الإقليمي

استمرّ التركيز على توسيع نطاق تنفيذ الإعلان السياسي الصادر عن الاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، استناداً إلى إطار العمل الإقليمي الصادر في هذا الشأن. ويخضع هذا الإطار، منذ أن أقرّته اللجنة الإقليمية في عام 2012، إلى التحديث بصفة سنوية، كما تم إعداد مجموعة مؤشِّرات عملية بغَرَض توجيه الدول الأعضاء حول كيفية قياس التقدُّم المحرَز على المستوى الوطني في تنفيذ التدخُّلات الاستراتيجية المطلوبة.

والإقليم منخرط بشدّة في متابعة الاستراتيجية العالمية والإعلان السياسي لعام 2011، واتَّخَذ مبادرات مهمّة في هذا الشأن. وقد أتاح الاجتماع الإقليمي السنوي الثاني، الذي عُقِد في عام 2014، الفرصة للدول الأعضاء، ليس فقط لمراجعة التقدُّم المحرَز في تنفيذ إطار العمل الإقليمي، بل أيضاً لتقديم إسهام مهم في مناقشات الدول الأعضاء، في نيويورك، من أجل إعداد البيان الختامي للاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العامة بشأن الاستعراض والتقييم الشاملَين للتقدُّم المحرَز في مجال الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها. وكان معظم التوصيات التي قدّمتها الدول الأعضاء في هذا الإقليم للميسِّرين وللدول الأعضاء، في نيويورك، قد وَرَد في البيان الختامي الذي أقرّه الاجتماع الرفيع المستوى في تموز/يوليو 2014. وتَمثَّل الاستثناء الوحيد من ذلك في التوصية المتعلقة بطلب إنشاء آلية للرَصْد ترتكز على مجموعة محددة من المؤشرات لتقييم التقدُّم الذي تحرزه البلدان خلال الفترة ما بين عام 2014 وموعد اجتماع الاستعراض التالي للجمعية العامة المقرر عقده في عام 2018.

وقد أثارت الدول الأعضاء، مرّة أخرى، مسألة الأهمية الحاسمة لإنشاء تلك الآلية الخاصة بالرَصْد، وذلك خلال اجتماعات الدورة الحادية والستين للّجنة الإقليمية، التي عُقِدَت في تشرين الأول/أكتوبر 2014، وتم اعتماد قرار في هذا الشأن يدعو المجلس التنفيذي لأن يطلب إلى المديرة العامة تعميم مذكرة تقنية، قبل انعقاد جمعية الصحة العالمية الثامنة والستين، بشأن الكيفية التي سترفع بها المنظمة تقريرها إلى الأمين العام للأمم المتحدة حول التقدُّم الذي تحرزه البلدان، تمهيداً لتقديمه إلى الاجتماع الرفيع المستوى القادم، المقرّر عقده في نيويورك في عام 2018. وكان للمؤشرات العملية المذكورة في إطار العمل الإقليمي، إسهام كبير في المذكرة التقنية النهائية التي أصدرتها المديرة العامة في أيار/مايو 2015.

في هذه الأثناء، تعمل المنظمة عن كَثْب مع الدول الأعضاء، على عدّة مبادرات مهمّة لتنفيذ الالتزامات الرئيسية الواردة في المجالات الأربعة لإطار العمل الإقليمي: الحَوْكَمَة، والترصُّد، والوقاية، والرعاية الصحية.

الحَوْكَمَة

تمتلك 38% من البلدان استراتيجيات و/أو خطط عمل تنفيذية متعددة القطاعات لمكافحة الأمراض غير السارية، غير أن خُمس البلدان فقط هي التي وضعت أهدافاً محددة يكتمل تنفيذها بحلول عام 2025، وترتكز على توجيهات المنظمة من أجل الوفاء بالالتزامات المحددة زمنياً، وذلك على النحو الموضَّح في البيان الختامي الصادر في عام 2014. وتعمل المنظمة على نحو وثيق، مع عدد من البلدان (تونس، وجمهورية إيران الإسلامية، والسودان، وعُمان، ولبنان، والمغرب، واليمن) لتعزيز وضع خطط العمل المتعددة القطاعات، بما يشمل تحديد الأهداف الوطنية لعام 2025.

وأعدَّت المنظمة مرتَسَمات قُطرية توضِّح المرحلة التي وصل إليها كل بلد في تنفيذ الالتزامات المطلوبة، استناداً إلى المؤشرات العملية الواردة في إطار العمل الإقليمي. وقد روجِعَت هذه المرتَسَمات من قِبَل الدول الأعضاء، خلال اجتماعات اللجنة الإقليمية في دورتها التي عُقِدَت في تشرين الأول/أكتوبر 2014، وستتواصل عملية المراجعة على نحو منتظم، خلال الاجتماعات الوزارية التي ستسبق انعقاد جمعية الصحة العالمية، وأيضاً خلال الدورات المقبلة للّجنة الإقليمية.

وبُغْيَة تعزيز التدخُّلات المالية ودعم البلدان في مجال التشريع، أعدَّت المنظمة، بالتعاون مع المركز المتعاون مع المنظمة بجامعة جورج تاون، آلية متابعة للتدخلات القانونية الرئيسية لمعالجة قضايا الحَوْكَمَة، والنُظُم الغذائية، والخمول البدني، ومكافحة التبغ. وسيتواصل العمل، في عام 2015، على إعداد التوجيهات للدول الأعضاء في ما يختص بتنفيذ كل تدخل من التدخُّلات الرئيسية، وذلك في ضوء الخبرات الدولية وأفضل الممارسات في هذا المجال.

الوقاية من عوامل الخطر ومكافحتها

تم تسريع وتيرة العمل على سياسات مجابهة عوامل الخطر المشتَرَكة للأمراض غير السارية الرئيسية، بما يستهدف، على وجه الخصوص، توسيع نطاق تنفيذ التدخُّلات التي ثبتت جدواها من حيث الفعالية لقاء التكاليف (أفضل الصفقات) للوقاية من تلك العوامل.

وما تزال مكافحة التبغ تواجه تحدّيات صعبة، ولاسيَّما تلك التي تشكلها عملية التحول الاجتماعي والسياسي، وسطوة دوائر صناعة التبغ، وظهور منتجات جديدة. ولا يزال عدد البلدان الموقِّعة على أول بروتوكول للمنظمة الخاص بالاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ يراوح مكانه، منحصراً في ثمانية بلدان. والحاجة قائمة لاستمرار الدعم السياسي والتقني من أجل التصديق على هذه الاتفاقية والبروتوكول الخاص بها. وقد دعم المكتب الإقليمي الدول الأعضاء في صياغة قرارين لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، يتعلقان بمكافحة منتجات تبغ النرجيلة (الشيشة) والوقاية منها، وبالهدف العالمي المتمثِّل في الحدّ من تعاطي التبغ، واللذين سيتيحان للدول الأطراف رفع تقرير للمؤتمر حول التقدُّم المحرَز صَوْب تحقيق هدف خفض معدّل تعاطي التبغ بنسبة 30% بحلول عام 2025. واستناداً إلى التوصيات الصادرة عن أحد الاجتماعات التشاورية الإقليمية، فمِن المقرّر إنشاء مراصد وطنية، خلال 2015، لتتبُّع أنشطة الإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته في الأعمال الدرامية، وذلك في ثلاثة من البلدان. وتم أيضاً دعم مبادرات بناء القدرات في مجال فرض الضرائب على التبغ، في العديد من البلدان. ويُجرى حالياً إعداد قائمة تفقُّدية من أجل دعم البلدان في إعداد تشريعات وطنية تتسق مع الالتزامات الدولية في هذا المجال. وتم كذلك إعداد حزمة إقليمية في إطار الاحتفال باليوم العالمي للامتناع عن تعاطي التبغ، يتم التركيز فيها على فرض الضرائب، ومكافحة التبغ، وتدابير السياسات السِت الرئيسية لمكافحة التبغ (MPOWER)، وعلى دوائر صناعة التبغ.

وفي ما يختص بالتغذية، فقد حظيَت باهتمام متواصِل. فمن المعروف أن الاستهلاك اليومي الحالي للملح في الإقليم يزيد على 10 غرامات لكل شخص، وهو ضِعف المعدّل الذي توصِي به المنظمة (5 غرامات للشخص في اليوم). وتم إعداد إرشادات تقنية تستند إلى استعراض متعمِّق للبيِّنات والخبرات الدولية في هذا المجال، وذلك في شكل بيانات للسياسات، حول الحدّ من استهلاك الدهون والملح في البلدان. وقام كل من الكويت وقطر بخفض محتوى الملح في الخبز بنسبة 20% خلال سنة واحدة، ووضعت جمهورية إيران الإسلامية حداً أقصى لمستويات الملح في عدد من الأغذية، كما أصدَرَت مرسوماً يقضي بخفض المحتوى من الدهون المهدرجة إلى أقل من 2% في منتجات صناعة الزيوت، وخفَّضت وارداتها من زيت النخيل، في عام 2014، إلى 30% من إجمالي وارداتها من الزيوت، وسوف تواصِل خفض الواردات بنسبة 15% في عام 2015. وعلى الصعيد نفسه، تُعِدُّ بلدان مجلس التعاون الخليجي تشريعات للتخلص من الدهون المهدرجة في جميع الأغذية، سواء أكانت منتَجة محلياً أم مستوردة. وهناك خمسة بلدان لديها حالياً دلائل إرشادية للأنظمة الغذائية قائمة على الأغذية، في حين تم إعداد مرتَسَمات تغذوية نموذجية، تخضع حالياً للاختبار في سبعة بلدان، من أجل مساعدتها على تحسين توسيم الأغذية وتشجيع إنتاج الغذاء الصحي. وتتمثَّل الأولويات الاستراتيجية للمنظمة في الثنائية المقبلة، في مساعدة البلدان على تنفيذ بيانات السياسات العامة، ووضع خطط عمل وطنية، ومراجعة التشريعات والمعايير الخاصة بالمنتَجات الغذائية التي تحتوي على نسبة عالية من الملح والدهون، وتشجيع البحوث في مجال الحدّ من استهلاك الملح والدهون، وإعداد دليل للسمات التغذوية الإقليمية. ويجري الإعداد لتقديم أنشطة تدريبية، بالتعاون مع جامعة ليفربول، في ما يختص بتنظيم تسويق الأغذية الغنية بالملح والسكّر والدهون. والغَرَض من ذلك هو تعزيز القدرات في الدول الأعضاء على تنفيذ توصيات المنظمة بشأن تسويق الأغذية والمشروبات غير الكحولية للأطفال. وأُعلن خلال اجتماعات اللجنة الإقليمية عن مبادرة لمواجهة تسويق المنتجات غير الصحية بلا قيود، ولاسيَّما للأطفال، والتي سيتم إطلاقها في عام 2015. كما تقوم المنظمة حالياً، وبالتعاون أيضاً مع جامعة ليفربول، برسم خارطة للتقدُّم المحرَز من قِبَل 15 بلداً في تنفيذ توصيات المنظمة بشأن تسويق الأغذية والمشروبات غير الكحولية للأطفال. وتم الإعداد كذلك لدورة، تُقَّدم على مدى ثلاثة أيام سيجرى تنفيذها في عام 2015، لبناء القدرات القانونية والدفع قُدُماً بإجراءات تنفيذ التوصيات. وعملت المنظمة مع خبراء عالميين لإعداد مسوَّدة خارطة طريق لمواجهة التسويق غير الـمُنَظَّم بلا قيود للمنتجات غير الصحية.

وكما ورد في القسم السابق، فقد شُكِّلت لجنة استشارية إقليمية لدعم تنفيذ الدعوة الإقليمية للعمل على تعزيز النشاط البدني. كما يجرى إعداد حزمة تدريبية عن وسائل الإعلام، والتسويق الاجتماعي في ما يختص بالنشاط البدني والنُظُم الغذائية الصحية.

الترصُّد والرَصْد والتقييم

تتمثَّل الأولوية الاستراتيجية في تعزيز قدرات البلدان على تنفيذ وتقوية الإطار الذي وضعَته المنظمة لترصُّد الأمراض غير السارية. وتم إدماج المؤشرات الأساسية المحدَّدة المدرَجة في العناصر الثلاثة للإطار – تتبع المخاطر والمحددات الصحية، ورَصد النتائج (المراضة والوفيات الناجمة عن أسباب محددة)، وقدرات النُظُم الصحية واستجابتها – تم إدماجها ضِمن الإطار الوطني للمعلومات الصحية الذي أقرّته اللجنة الإقليمية في دورتها الحادية والستين. ومن أولويات بناء القدرات في مجال الترصُّد، إقامة شبكة من الخبراء الإقليميين والدوليين لدعم البلدان في تنفيذ الإطار، باعتباره جزءًا لا يتجزأ من نُظُمها الوطنية للمعلومات الصحية. وتم، من خلال العمل مع شبكة شرق المتوسط للصحة العمومية، إقامة حلقة عملية تدريبية حول ترصُّد الأمراض غير السارية، وذلك للخبراء الإقليميين المحتملين، تنفيذاً لبنود حزمة تدريبية إقليمية تم إعدادها في هذا المجال. وستجرى متابعة هذا العمل وتعزيزه في عام 2015.

وأكمل بلدان (باكستان والكويت)، في عام 2014، المسح الذي يُتَّبع فيه النهج المتدرِّج، كما أن ستة من البلدان ماضية قُدُماً في إجراء هذا المسح (الأردن، وتونس، وجيبوتي، والسودان، والصومال، والمغرب). واكتمل، في ذات الوقت، إجراء المسح العالمي لتعاطي التبغ بين البالغين، في كل من باكستان وقطر، في حين يجرى استكماله حالياً في عُمان والمملكة العربية السعودية. وأكملَت خمسة بلدان (الأردن، والسودان، والعراق، ومصر، واليمن)، جولات الإعادة للمسح العالمي لتعاطي التبغ بين الشباب.

وأُجريَت تحليلات لنموذج (SimSmoke) لمحاكاة سياسات مكافحة التبغ في 14 بلداً، والتي ستمكِّن نتائجها هذه البلدان من التنبؤ بالآثار الصحية المترتبة على التنفيذ الكامل لتدابير السياسات الست الرئيسية لمكافحة التبغ (MPOWER)، في الحدّ من تعاطي التبغ، وتحقيق الهدف المحدد في إطار الرَصْد العالمي للأمراض غير السارية.

وتَمَّ، بالتعاون مع الوكالة الدولية لبحوث السرطان، تقييم سجل السرطان في أربعة بلدان، كما تم تعزيز القدرات الوطنية في مجال إعداد سجلات السرطان.

الرعاية الصحية

تتمثَّل الاستراتيجية الأساسية لتحسين الرعاية الصحية للأشخاص الذين يعانون من المجموعات الأربع الرئيسية للأمراض غير السارية (الأمراض القلبية والوعائية، والسكّري، والأمراض التنفسية المزمنة، والسرطان)، في إدماج التدبير العلاجي لهم في إطار الرعاية الصحية الأولية. ويجرى إيلاء اهتمام خاص لبلوغ الهدف العالمي الثامن المتمثِّل في حصول 50% على الأقل من الأشخاص المستحقين للعلاج بالأدوية للوقاية من النوبات القلبية والسكتات الدماغية، على الأدوية والمشورة الطبية (بما في ذلك ضبط سكّر الدم)، والهدف العالمي التاسع المتمثِّل في توافر التكنولوجيات والأدوية الأساسية المطلوبة بنسبة 80% بأسعار ميسورة، وذلك بحلول عام 2025.

واستناداً إلى نتائج استطلاع أجري في 2014/2015، على شبكة الإنترنت، تبيَّن أن ثمانية بلدان فقط استخدمت النَهْج الموصَى به من المنظمة لتحديد المرضى المعرَّضين لمخاطر عالية للإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية: 60% فقط من البلدان أدرجَت في حزمة الرعاية الصحية الأولية الأساسية، مجموعة الأدوية التي حددتها المنظمة والتي تتضمَّن سبعة أدوية على الأقل، للحدّ من خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. وقد وَضَع المكتب الإقليمي إطارا لتعزيز إدماج التدبير العلاجي للأمراض غير السارية الشائعة، مع التركيز بشكل خاص على ارتفاع ضغط الدم والسكّري، في إطار الرعاية الصحية الأولية. كما يقوم المكتب الإقليمي حالياً بإعداد حزمة من الأدوات لدعم تنفيذ هذا الإطار، بما يشمل النُهُج الممكنة لمعالجة القيود المفروضة على النُظُم الصحية.

وتمثِّل إتاحة العلاج الرفيع الجودة لأمراض السرطان أولوية بالنسبة لهذا الإقليم. وقد شُرِع في عام 2014، عقب اجتماع تشاوري للخبراء حول تحسين الرعاية لمرضى السرطان، في إنشاء برنامج للعمل المشتَرَك بين المنظمة والوكالة الدولية لبحوث السرطان. والعمل جار حالياً لوضع خيارات للسياسات الإقليمية في ما يختص بالنُهُج العملية لتعزيز رعاية مرضى السرطان، مع التركيز على جوانب تنظيم الرعاية، والأدوية والتكنولوجيات الأساسية، والتمويل، والرَصْد، ومجالات البحوث ذات الأولوية.

ويشكِّل التدبير العلاجي للأمراض غير السارية تحدِّياً كبيراً في حالات الطوارئ والأزمات، والتي يتضرَّر منها حالياً، مع الأسف، أكثر من نصف بلدان الإقليم. وقد أجري تحليل للوضع الإقليمي بغَرَض تقييم التحدّيات التي تواجِه توفير الرعاية الأساسية، مع التركيز على البلدان المتضرِّرة من الأزمة السورية. وإلى جانب القيود المفروضة على النُظُم الصحية، التي تتفاقم أثناء الأزمات، فإن غياب التوجيهات الواضحة والأدوات اللازمة لتحسين إتاحة التدخُّلات المنقذة للحياة، بما في ذلك الأدوية والتكنولوجيات، تلقَى حالياً أعلى درجات الاهتمام في أعمال المنظمة في عام 2015 وما بعده.

الصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان

يَلقَى الحجم الضخم لاضطرابات الصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان مزيدا من الاهتمام باعتبار ذلك يمثل واحدة من مشكلات الصحة العمومية، ولاسيَّما في أعقاب اعتماد جمعية الصحة العالمية لخطة العمل العالمية للصحة النفسية 2013 – 2020. وقد ولَّد العدد الكبير من البلدان التي تشهد أوضاع طوارئ معقّدة في هذا الإقليم، زَخَماً قوياً لإبراز أهمية برامج الصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان، مما زاد من الحاجة إلى خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي، وزيادة الطلب عليها. ورغم إحراز جميع بلدان الإقليم لبعض التقدُّم صَوْب إدماج الصحة النفسية في الرعاية الصحية الأولية، فما تزال هناك فجوات علاجية ضخمة، تتراوح نسبتها ما بين 76% و85%، بصرف النظر عن المجموعات التي تصنَّف فيها هذه البلدان. وقد ساعد المسح الخاص بأطلس الصحة النفسية، الذي أُنجز في عام 2014 من أجل تقييم القدرات والموارد المتاحة في مجال الصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان، ساعد على التعرُّف على الثغرات الموجودة في مجال السياسات والتشريعات، وتقديم الخدمة، وتعزيز الصحة والوقاية من الأمراض، والمعلومات، والبيِّنات، والبحوث.

وفي مجال السياسات والتشريعات، فإن 55% فقط من البلدان لديها سياسات تم إعدادها أو تحديثها خلال الأعوام الخمسة الماضية، في حين تمتلك خمسة بلدان فقط تشريعات خضعَت للتحديث خلال السنوات الخمس الماضية. وعلى ذلك، فقد تم تقديم الدعم التقني للبلدان من أجل إعداد أو تحديث السياسات والاستراتيجيات والتشريعات الوطنية المعنية بالصحة النفسية، بما يتّفق مع خطة العمل، واتفاقية الأمم المتحدة بشأن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

وتسترشد المنظمة في عملها في هذا الإقليم بخطة العمل العالمية. فالخطة شاملة وتُلم بمختلف أبعاد مشكلة الصحة النفسية. وحتى يمكن للخطة معالجة الأولويات الإقليمية، فقد تقرّر التركيز في عملنا مع الدول الأعضاء ومع الشركاء، على إعداد إطار عمل إقليمي يشتمل على مجموعة من الاستراتيجيات والتدخُّلات العالية التأثير والمسنَدَة بالبيِّنات، تكون وثيقة الصلة بالمشكلة، وممكنة التنفيذ في مجموعات البلدان الثلاث. ولقد تم بالفعل إعداد الإطار، من خلال عمل مكثف جرى مع خبراء دوليين وإقليميين. ويغطي الإطار مجموعة من التدخُّلات المسندة بالبيِّنات والعالية التأثير في كل من العناصر الأربعة الرئيسية: الحَوْكَمَة، والوقاية وتعزيز الصحة، والرعاية الصحية، والترصُّد. وسيتم، في تشرين الأول/أكتوبر 2015، عرض هذا الإطار على اللجنة الإقليمية للنظر فيه.

وكما ذُكر أعلاه، فإن نسبة كبيرة من البلدان في هذا الإقليم تشهد حالات طوارئ إنسانية، الأمر الذي زاد من معدّلات الاضطرابات النفسية والتوتر من جهة، وأدّى إلى انخفاض مستويات الخدمات المتاحة، من جهة أخرى. وقد تم، بالتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية غير الحكومية، تقديم الدعم اللازم لتعزيز قُدرات المشاركين في الاستجابة للطوارئ، من أجل تقديم خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في البلدان المتضرِّرة من الأزمتين السورية والعراقية على وجه التحديد. وتم توظيف العاملين المطلوبين لتقديم خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في كل من الجمهورية العربية السورية والعراق. ومع ذلك، فهناك حاجة إلى إجراءات لتعزيز خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي في بلدان أخرى، بما في ذلك ليبيا واليمن.

وعلى جانب آخر، يمثِّل تعاطي مواد الإدمان هاجساً كبيراً في عدد متزايد من البلدان. وحتى يمكن تطوير استجابة مترابطة لقضية تعاطي مواد الإدمان في هذا الإقليم، فقد تم، بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى وغيرها من الأطراف المعنية في الإقليم، إعداد إطار عمل لتعزيز استجابة الصحة العمومية في هذا المجال. ويتوفَّر الدعم لهذا الإطار من خلال المراجعات التي تجرى على السياسات، والتي يمكن أن تساعد البلدان على توضيح موقفها في هذا السياق، خلال الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للأمم المتحدة حول المخدرات، في نيسان/أبريل 2016.

 
الأمراض غير السارية PDF طباعة

إطار العمل الإقليمي

ركَّزت منظمة الصحة العالمية جهودها، في عام 2013، على تفعيل إطار العمل الإقليمي الذي اعتمدته اللجنة الإقليمية في 2012، من أجل التوسع في نطاق تنفيذ الإعلان السياسي الصادر عن الاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها. وكان الغرض من ذلك هو ضمان استمرارية الالتزامات الرفيعة المستوى للدول الأعضاء، ودعمها في تنفيذ التدخلات الاستراتيجية المتفق عليها في المجالات ذات الأولوية في إطار العمل، وبناء القدرات اللازمة لتلبية الاحتياجات في كل بلدٍ من بلدان الإقليم.

وقد اعتمدت جمعية الصحة العالمية، في أيار/مايو 2013، خطة العمل العالمية للمنظمة بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها 2013-2020، إلى جانب الإطار العالمي للرصْد الذي ينطوي على مجموعة من تسعة أهداف طوعية و25 مؤشراً. وقد أدرجت جميع بلدان الإقليم الأمراض غير السارية كإحدى أولوياتها عند تخطيطها للبرنامج التعاوني مع المنظمة خلال الثنائية 2014-2015. كما ركّزَت منظمة الصحة العالمية على عقْد الشراكات مع شركاء دوليين وإقليميين مثل الاتحاد الدولي للسكري، والاتحاد الدولي لمكافحة السرطان، والاتحاد العالمي للقلب، التي يضطلع كل منها بدور هام في مجال التوعية بالأمراض غير السارية.

وفيما يلي نقدم موجزاً للتقدم المحرَز في المجالات الأربعة لإطار العمل الإقليمي.

الحوكمة

ركَّزت منظمة الصحة العالمية على بناء القدرات الوطنية وتقديم الدعم التقني في مراجعة وتحديث الخطط الوطنية للأمراض غير السارية، وذلك من خلال عقد الاجتماعات الإقليمية وإرسال بعثات التقييم للبلدان. وفي الوقت الحاضر، هناك وحدات ومسؤولي اتصال لإدارة برامج الأمراض غير السارية في 20 بلداً، وذلك على مستوى وزارة الصحة أو ما يقابلها، وفي سياق المبادرة العالمية المتعددة الأقاليم لمنظمة الصحة العالمية، هناك أربعة بلدان بصدد إعداد خطط وطنية متعددة القطاعات للأمراض غير السارية، تضمَّنت إرشادات حول كيفية إعداد الأهداف والمؤشرات، وتحديد أولوية التدخلات، وسيتم وضع اللمسات الأخيرة على هذه الخطط في مطلع عام 2014. وشهد عام 2013 أيضاً إجراء أنشطة لبناء قدرات المهنيين الوطنيين، بما في ذلك مديرو البرامج في وزارات الصحة، وتدريبهم على الجوانب الإدارية لعملية الوقاية من الأمراض غير السارية. ومع ذلك، فإن الحاجة إلى التدريب تزيد بكثير على التدريب المقدم. ولذا، يتم النظر حالياً في خطة لإقامة منتدى إقليمي منتظم حول التدريب بغرض استيعاب عدد أكبر من المهنيين المعنيين بإعداد البرامج ورصدها.

الوقاية من عوامل الخطر ومكافحتها

سرّعت منظمة الصحة العالمية من وتيرة العمل في سياسات مجابهة عوامل الخطر المشتركة للأمراض غير السارية الرئيسية، واستهدفت في ذلك بشكل خاص التوسع في نطاق تنفيذ أفضل الصفقات للوقاية من تلك العوامل، والتي تشمل تدخلات تستهدف تعاطي التبغ، وقلة النشاط البدني، والنُظُم الغذائية غير الصحية.

ولا تزال جهود مكافحة التبغ تواجه العديد من التحدِّيات الهامة، في ظل تجمد أو انحسار المكاسب التي سبق أن تحسنت في بعض البلدان، ومع تزايد مزعج لمخاطر تعاطي بعض أشكال التبغ مثل الشيشة. ويوضح الشكل 1 معدل انتشار تدخين التبغ بين البالغين بالمقارنة مع أقاليم المنظمة الأخرى. وعَقَدَت المنظمة سلسلة من أنشطة الدعوة لتحفيز العمل الوطني في البلدَيْن اللذَين لم يصدِّقا على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية لمكافحة التبغ (الصومال والمغرب). وسيظل هذا الأمر ضمن الأولويات وسيتواصل العمل عليه خلال عام 2014. وعقد المكتب الإقليمي اجتماعاً إقليمياً متعدد الأطراف للتصدِّي للتحدِّيات ذات الصلة بالتبغ وبالتجارة، وتم التخطيط لعقد اجتماع متابعة لدول مجلس التعاون الخليجي في عام 2014. كما قدَّمَت المنظمة الدعم التقني للعديد من البلدان في مجالات فرض الضرائب على منتجات التبغ وإعداد التشريعات لمكافحة التبغ، وتمت تقوية القدرات الوطنية لدى بلدَيْن اثنين بما يلزم لدعم تنفيذ المادة 5-3 من الاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، وهي المادة التي تتعلق بتدخل دوائر صناعة التبغ. وقد تم ذلك بمساهمة عدد من القطاعات. وقد بلغ عدد بلدان الإقليم الموقعة على البروتوكول الأول للاتفاقية الإطارية لمكافحة التبغ، وهو بروتوكول القضاء على الاتجار غير المشروع بمنتجات التبغ، ثمانية بلدان.

ويعتبر تعزيز النشاط البدني أولوية استراتيجية. ففي سياق الإعداد للمنتدى الإقليمي الرفيع المستوى حول نهج يمتد طيلة العمر لتعزيز النشاط البدني، والذي عُقِد في عام 2014، أعدّ المكتب الإقليمي توصيفاً للوضع الراهن للسياسات والبرامج الإقليمية حول النشاط البدني. ومن بين التحدِّيات التي تم التعرف عليها نقص البيانات حول معدل انتشار النشاط البدني، والدعم المحدود من القيادات، ونقص التعاون بين مختلف القطاعات. وجمع المنتدى الذي عُقِد في شباط/فبراير 2014 بين جنباته راسمي السياسي على المستوى الوزاري من عدد من القطاعات، مثل قطاع الصحة والشباب والتعليم والرياضة والنقل والتخطيط العمراني والمعلومات، من أجل مناقشة سُبُل التصدِّي لهذه القضايا.

وفي ما يتعلق بمواجهة التغذية غير الصحية، أعد المكتب الإقليمي بيانات للسياسات وإجراءات مُوصى بها للحدّ من استهلاك الملح والدهون. وقد بدأ بلدان اثنان في خفض الملح في الخبز، وأعد مجلس التعاون الخليجي مسودة بالمعايير والمواصفات حول القضاء على الدهون المهدرجة في الطعام والزيوت الصالحة للأكل.

وقد تم إعداد بروتوكول إقليمي لقياس استهلاك السكان للملح، بالتعاون مع مركز التغذية المتعاون مع منظمة الصحة العالمية في جامعة وارويك، وقد أُطلق البروتوكول في تشرين الأول/أكتوبر 2013. كما قدَّمَت منظمة الصحة العالمية الدعم التقني وبناء القدرات في مجال إعداد الإرشادات الغذائية واستراتيجيات خفض الملح والدهون، وشرع العديد من البُلدان في تنفيذ تلك الاستراتيجيات.

وقد أُجريَت دراسة لتوصيف الوضع الراهن في الإقليم حول التقدُّم المحرَز في تنفيذ توصيات منظمة الصحة العالمية حول تسويق الأغذية والمشروبات غير الكحولية للأطفال، بالتعاون مع جامعة ليفربول. وأظهرت الدراسة قلة الوعي بالتوصيات، وتدني مستوى إعداد الأطر القانونية لمكافحة هذا التسويق، وعدم الاهتمام بالتسويق عبر الحدود. وقد عُقد اجتماع تشاوري للخبراء حضره ممثلون من مختلف مجموعات المستهلكين، ومجموعات حماية صحة الأطفال، والمتخصصون في التغذية، والمحامون، والشبكات الإعلامية، وأوصى الاجتماع الدول الأعضاء باعتماد أسلوب شامل لتنظيم التسويق، وأصدر توصيات رئيسية لتسريع وتيرة تنفيذ توصيات منظمة الصحة العالمية، ومنها إنشاء مجموعة عمل وطنية متعددة القطاعات في كل بلد بقيادة وزارة الصحة. وسوف يستمر هذا العمل خلال عام 2014 مع التركيز على بناء القدرات لدى مجموعات حماية المستهلك في هذا المجال، وعلى إعداد أنشطة الدعوة وإنفاذ اللوائح المنظِّمة للتسويق.

Fig_1_Annual_report

Fig. 1. Tobacco use among adults (15+ years) in the Eastern Mediterranean Region compared with other WHO regions

Source: WHO report on the global tobacco epidemic 2013. Geneva: World Health Organization; 2013

الترصُّد والرصد والتقييم

شارك جميع البلدان في مسح استهدف إعداد مرتسمات قطرية للقدرات في مجال الأمراض غير السارية والاستجابة لها، ويجري العمل على إعداد تقرير إقليمي في هذا الشأن. وأجرت خمسة بلدان المسح التدريجي خلال عام 2013. ذلك في الوقت الذي تمثِّل فيه عملية إعداد التقارير حول الوفيات التي تُعزَى لأسباب محددة فيما يتعلق بالأمراض غير السارية أحد التحدِّيات التي يواجهها معظم البلدان. ومن المتوقع أن تساعد الاستراتيجية الإقليمية لتقوية نُظُم تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية في التصدِّي لتلك التحدِّيات. وتواصل منظمة الصحة العالمية تقديمها الدعم للبلدان لتقوية سجلات السرطان لديها، بالتعاون مع الوكالة الدولية لبحوث السرطان. وشرعت البلدان في إعداد الأهداف والمؤشرات الوطنية، وإعداد التقارير حول التقدُّم المحرَز تماشياً مع إطار العمل العالمي للرصد. وقد بدأت منظمة الصحة العالمية عملاً تعاونياً مع شبكة شرق المتوسط للصحة العامة من أجل دراسة الثغرات في ترصُّد الأمراض غير السارية وإعداد برنامج لبناء القدرات في مجال الترصُّد تمهيداً للتوسع في شبكة الخبراء الإقليميين الذين يمكنهم تقديم مشورة رفيعة المستوى للبلدان.

ولقد تواصل الاهتمام بترصُّد التبغ، فقد تم نشر تقرير منظمة الصحة العالمية حول الوباء العالمي للتبغ 2013، والذي يتضمَّن مرتسمات لجميع بلدان الإقليم، كما تم تقديم الدعم لخمسة بلدان للقيام بالجولة الرابعة من مسح تعاطي التبغ بين الشباب. كما استُكمِل المسح العالمي لتعاطي التبغ بين البالغين في قطر، وهي أول دولة في الإقليم تقوم بذلك من خلال التمويل الذاتي؛ وقد تم بالفعل إطلاق النتائج الأولية. وهناك ثلاثة بلدان أخرى في مراحل مختلفة في إجراء المسح.

وقد قدَّمَت المنظمة الدعم وأجرت المسوحات والبحوث اللازمة لإعداد البيِّنات الضرورية لدعم عمل السياسات في المجالات ذات الأولوية. وتجري حالياً في أربعة بلدان بحوث حول التقييم الاقتصادي للتدخلات ذات الأولوية وأفضل الصفقات المتاحة للأمراض غير السارية، وذلك بالتعاون مع شبكة الأولويات في مكافحة الأمراض وجامعة واشنطن. ويقصد بأفضل الصفقات الخيارات التي يُتوقَع أن تدر عائداً كبيراً على الاستثمار من حيث المكاسب الصحية. كما تم تعزيز القدرات الإقليمية في هذا المجال بهدف إعداد مجموعة أساسية من الباحثين الإقليميين. ويتم حالياً إجراء دراسة متعددة البلدان لإعداد البيِّنات في ثلاثة مجالات للاسترشاد بها في تدخلات السياسات الخاصة بخفض الملح: التعرف على مستوى استهلاك الملح لدى السكان من خلال قياس مستوى إفراز الصوديوم في البول على مدى 24 ساعة؛ ومحتوى الملح في الأغذية التي يشيع استهلاكها؛ وأنماط استهلاك تلك الأغذية. وستتاح نتائج هذه الدراسات في عام 2014.

الرعاية الصحية

واصَلَت منظمة الصحة العالمية تقديمها الدعم للبلدان من أجل تقوية إدراج الأمراض غير السارية ضمن الرعاية الصحية الأولية، بما في ذلك تنفيذ حزمة منظمة الصحة العالمية من التدخلات الأساسية الخاصة بالأمراض غير السارية في الرعاية الصحية الأولية في المواقع المنخفضة الموارد، إلى جانب الدلائل الإرشادية المعتمدة على الصعيد الوطني. وتلقى الإقلاع عن تعاطي التبغ أيضاً الاهتمام باعتباره أحد التدخلات ذات الأولوية في الرعاية الصحية، مع تقديم الدعم لعدد من البلدان في مجال معالجة الاعتماد على التبغ.

ومن بين المجموعات الأربع للأمراض غير السارية، حظي كل من السرطان والسكري باهتمام خاص في عام 2013، حيث تم تقييم البرامج الوطنية لمكافحة السرطان في خمسة بلدان، وذلك بالتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والوكالة الدولية لبحوث السرطان. وبُغْيَة وضع خارطة طريق واضحة للبلدان في مجالات ترصد السرطان والبحوث حوله، والاكتشاف المبكر لحالاته، فقد عقد المكتب الإقليمي اجتماعاً إقليمياً حول مكافحة السرطان وأولويات البحوث، بالاشتراك مع الوكالة الدولية لبحوث السرطان. وتُرجمت توصيات الاجتماع إلى خطة عمل سوف يتم تنفيذها بالتعاون مع الوكالة الدولية لبحوث السرطان في مجالات تسجيل حالات السرطان، وأسباب الإصابة بها، والاكتشاف أو التحري المبكر للسرطانات الشائعة. وأصبحت دولة قطر البلد الأول في الإقليم الذي ينضم إلى المجلس التنفيذي للوكالة الدولية لبحوث السرطان، مما يشير إلى الالتزام الرفيع المستوى بالبحوث حول ترصَّد السرطان والبحوث حوله. كما أعدّ المكتب الإقليمي، بدعم من خبراء إقليميين، وحدتين تدريبيتين تستهدفان بناء القدرات ودعم التدريب للمدربين الوطنيين في البلدان المنخفضة الموارد.

الصحة النفسية

لازالت الاضطرابات النفسية والعصبية والاضطرابات الناجمة عن تعاطي مواد الإدمان تفرض عبئاً جسيماً في الإقليم، ولاسيّما في البلدان التي تعاني من حالات طارئة حادة أو مزمنة ومن اتساع دائرة نزوح السكان داخل البلاد أو عبر حدودها. وقد تبيَّن وجود فجوات مؤثرة في استجابة الصحة العمومية وفي تقديم الخدمات. فعلى سبيل المثال، 40% من البلدان لا تمتلك سياسات حول الصحة النفسية، و30% منها ليس لديها خطط بشأن الصحة النفسية، كما أن 65% تفتقر لتشريعات حديثة صادرة خلال العشرين عاماً الماضية. وهناك تفاوت كبير في إتاحة توافر العاملين بالصحة النفسية وإتاحة خدمات الصحة النفسية. ويبلغ معدل امتلاك الإقليم للعيادات الخارجية نصف المعدل العالمي، كما أن 1% فقط من العيادات الخارجية تقدم رعاية متابعة مجتمعية. ويعمل ما يقرب من 60% من القوى العاملة في الصحة النفسية في مواقع مؤسسية، ومن ثمَّ فإن خدمات الصحة النفسية المجتمعية نادرة الوجود. وقد أحرزت البلدان قدراً متفاوتاً من التقدُّم في دمج الصحة النفسية ضمن الرعاية الأولية. ورغم العبء والأثر الاقتصاديين للاضطرابات النفسية والعصبية واضطرابات تعاطي مواد الإدمان فإن متوسط الاستثمار في الرعاية الصحية النفسية يبلغ 2 دولار أمريكي للفرد سنوياً، وهو أقل من المقدار اللازم لتوفير حزمة منتقاة من التدخلات العالية المردود في الصحة النفسية في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل، والبالغ 3 – 9 دولارات أمريكية. وقد أدى ذلك إلى فجوة في المعالجة في البلدان تراوحت بين 76% و85%.

وفي عام 2013، ركَّزَت منظمة الصحة العالمية على خمسة مجالات؛ أولاها هو إعداد السياسات والتشريعات والاستراتيجيات، وقد اعتمدت جمعية الصحة العالمية خطة عمل عالمية شاملة للصحة النفسية 2013-2020. كما تم تقديم الدعم التقني لعدد من البلدان في مراجعة وصياغة واستكمال السياسات الوطنية في الصحة النفسية، وفي صياغة تشريعات الصحة النفسية، وفي إعداد سياسات واستراتيجيات وطنية بشأن تعاطي مواد الإدمان، وفي إعداد خطط عمل وطنية للحدّ من التعاطي الضارّ للكحول.

وفي مجال تطوير الخدمات، فقد ركَّزَت منظمة الصحة العالمية على التوسع في نطاق تنفيذ برنامج العمل لرأب الفجوة في مجال الصحة النفسية، من أجل سد فجوة المعالجة من خلال تقديم الخدمات المتكاملة. وقد أُطلِق هذا البرنامج في بلدان عدة بدأ فيها بناء القدرات اللازمة لإدراج الصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان في الرعاية الصحية العامة باستخدام أداة برنامج العمل لرأب الفجوة في مجال الصحة النفسية.

ومن ناحية أخرى، فإن دعم الصحة النفسية والدعم النفسي من الأمور الأساسية في الاستجابة للأزمات والطوارئ الإنسانية. ومن هنا، فقد تم تعزيز القدرات التقنية في بلدان عدة، بما في ذلك المنظمات غير الحكومية الدولية العاملة في هذه المواقع. كما قدَّمَت المنظمة الدعم في إعداد حزمة من التدخلات النفسية التي ستقدم على يَد عاملين صحيين غير متخصصين في حالات الطوارئ، ويتم حالياً تجربة هذه الحزمة ميدانياً في باكستان. وتتعاون منظمة الصحة العالمية مع جامعة جونز هوبكنز في إعداد برنامج لبناء القدرات في مجال التدخلات النفسية، ينفذه الإخصائيون في الصحة النفسية.

وقد أعدَّ المكتب الإقليمي توجيهات لدعم البلدان في جهودها لإنشاء نظام معلومات حول معالجة تعاطي مواد الإدمان، ولإنشاء نظام لتسجيل حالات الانتحار.

 
الأمراض السارية PDF طباعة

الأمن الصحي واللوائح الصحية الدولية

ما يزال معدَّل الإصابة بالأمراض المستجدَّة، وتلك التي تعاود الظهور، يتصاعد في هذا الإقليم، الأمر الذي تؤكِّده حقيقة أن نصف عدد بلدان الإقليم قد أبلغ عن معدّل مرتفع للإصابة بالأمراض المعدية المستجدة وتلك التي تعاود الظهور في عام 2015. وقد تصدَّت المنظمة لعدد متزايد من الفاشيات، منها فاشية الأنفلونزا A(H1N1) pdm09 في الأردن والكويت وليبيا، وأنفلونزا الطيور A (H5N1) في مصر، وفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في المملكة العربية السعودية والأردن، والكوليرا في العراق والصومال، والتهاب الكبد في الجمهورية العربية السورية، وحمى الضنك في اليمن، والحمى النزفية الفيروسية غير المعلومة في السودان. وقُدِّم الدعم الاستراتيجي والميداني والتقني إلى البلدان لتمكينها من اكتشاف الأمراض المعدية المستجدة وإدارة المخاطر الناشئة عنها والاستجابة السريعة لها، وللحيلولة دون الانتشار الدولي لهذه الأمراض.

واستجابةً لقرار اللجنة الإقليمية (ش م/ل إ61/ ق-2)، أُجريت تقييمات عاجلة في 20 بلداً من أصل 22 بلداً في الإقليم في أواخر عام 2014 ومطلع عام 2015 لتقييم قدرتها على التعامل مع الوفادة المحتملة لفيروس الإيبولا. وارتبطت الثغرات الكبرى التي تم تحديدها بمجالات القيادة والتنسيق والقدرات المتاحة في نقاط الدخول والترصُّد والاستجابة ومكافحة العدوى والقدرات المختبرية والتبليغ بالمخاطر (الشكل 3). وعقب هذا التقييم لتدابير التأهُّب والاستعداد، أُعِدت خطة عمل إقليمية مدتها 90 يوماً، ونُفِّذت خلال الربع الأول من عام 2015 لمساعدة الدول الأعضاء على مواجهة الثغرات الحرجة التي حددتها المنظمة في مجالات الترصُّد والاستجابة لتدابير الوقاية من الأمراض واكتشافها والاحتواء الفعّال لها. وقد أسهم هذا العمل في تسريع وتيرة التقدُّم الـمُحرَز في تنفيذ القدرات الأساسية المطلوبة بموجب اللوائح الصحية الدولية (2005).

الشكل 3
 مقارنة نتائج تقييم اللوائح الصحية الدولية ونتائج تقييم الإيبولا، 2014، بحسب القدرة الأساسية الخاصة بالترصُّ

الشكل 3 - مقارنة نتائج تقييم اللوائح الصحية الدولية ونتائج تقييم الإيبولا، 2014، بحسب القدرة الأساسية الخاصة بالرتصد

وقد بُذِلت جهود كبيرة فيما يتعلق بالصحة العمومية من أجل احتواء الكوليرا في العراق، حيث تم تقوية نُظم الترصُّد وتقديم التدريب العاجل للعاملين بالرعاية الصحية على علاج الحالات ورفع درجات الاستجابة الميدانية، واستخدام لقاحات الكوليرا الفموية لتمنيع ما يزيد على 300 ألف شخص معرَّض لخطر العدوى ومنع تسرب الفاشية إلى المناطق التي يتعذر الوصول إليها.

وتَوَاصَل العمل بهدف إنشاء شبكة إقليمية لمؤسسات الخبراء في اطار الشبكة العالمية للإنذار بحدوث الفاشيات والاستجابة لمقتضياتها، وذلك للاستجابة إلى الفاشيات وغيرها من تهديدات الأمن الصحي. وسيتم الانتهاء من المبادئ التوجيهية وقواعد المشاركة الخاصة بهذه الشبكة وتفعيلها في عام 2016. كما تم توسيع نطاق شبكة الإنذار المبكر والمواجهة لتشمل البلدان المتأثرة بالنزاعات مثل الجمهورية العربية السورية والعراق وليبيا واليمن.

وقد اعتبر الإقليم التأهُّب لجوائح الأنفلونزا والاستجابة لها إحدى الأولويات. وبناء على ذلك، فقد انصب تركيز العمل في عام 2015 على تعزيز نظام الترصُّد فيما يتعلق بالإنذار المبكر وبناء فرق للاستجابة السريعة وتحسين التشخيص المختبري وتحسين أنشطة التبليغ بالمخاطر وزيادة مستوى إتاحة لقاح الأنفلونزا الموسمية واستخدامه، ووضع خطط العمل لتعزيز القدرات الوطنية في مجال التأهُّب والاستجابة وتنفيذها. وتلقت سبعة بلدان (هي، أفغانستان وجيبوتي ومصر والأردن ولبنان والمغرب واليمن) اعتمادات مالية من الشراكة الخاصة بإطار التأهُّب للأنفلونزا الجائحة بهدف تحسين قدراتها في مجال التأهُّب للأنفلونزا الجائحة والاستجابة لها.

وبالنظر إلى التهديد الواسع والسريع لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية الناجمة عن فيروس كورونا، تواصلت الجهود الرامية إلى دعم البلدان في سعيها إلى تحسين تدابير التأهُّب في مجال الصحة العمومية، ولا سيّما ما يختص بالوقاية من العدوى ومكافحتها في محيط الرعاية الصحية. ونَظَّم المكتب الإقليمي الاجتماع العلمي الدولي الرابع حول فيروس كورونا الـمُسبِّب لمتلازمة الشرق الأوسط في أيار/مايو 2015. وقد ساعدت هذه الاجتماعات المجتمع العلمي الدولي على تحديد الثغرات المعرفية فيما يتعلق بطرق انتقال الأمراض بين البشر وعوامل الخطر المرتبطة بذلك، كما ساعدت على تحديد مجالات البحث الأساسية في مجال الصحة العمومية التي تمس الحاجة إليه من أجل التصدي لتلك الثغرات.

وقد أُحرِز تقدُّم كبير في عام 2015 فيما يتعلق بالتصدي لمقاومة المضادات الحيوية، إذ اجتمعت اللجنة التوجيهية الإقليمية للمرة الأولى ووضعت الخطوط العريضة لإطار تشغيلي لتنفيذ خطة العمل العالمية بشأن مقاومة مضادات الميكروبات بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) والمنظمة العالمية لصحة الحيوان وتماشياً مع مفهوم "الصحة الواحدة".

وثَمة تحديات خطيرة في الإقليم أمام جهود الوقاية من الأمراض المستجدة وتلك التي تعاود الظهور، ومكافحتها. وتفتقر أعداد كبيرة من اللاجئين والنازحين إلى الخدمات الأساسية الكافية من صحة ومياه وإصحاح، وهو ما أدى إلى وقوع فاشيات متكررة للأمراض المعدية. ومن ثَم، فهناك حاجة إلى استراتيجية شاملة ومتكاملة للتعامل مع تهديدات الأمن الصحي. وعلاوة على ذلك، لايزال بعض البلدان تفتقر إلى البنية التحتية الصحية والموار الصحية اللازمة لتعزيز ترصُّد الأنفلونزا. وقد مرّ وقت طويل دون اعتبار التبليغ بالمخاطر من الأولويات المطروحة على جدول أعمال الصحة العمومية في معظم البلدان ولايزال هذا الميدان ينقصه التمويل الكافي. وستواصل المنظمة تقديم الدعم الاستراتيجي للبلدان التي تواجه مخاطر عالية في مجالات ترصُّد فاشيات الأمراض المعدية المستجدة والكشف المبكر عنها والتصدي لها. وستوضع خطط واستراتيجيات إقليمية شاملة ومتكاملة للتأهُّب والاستجابة من أجل إدارة هذه الفاشيات وغيرها من تهديدات الأمن الصحي، مع التركيز على عنصر الوقاية حيثما أمكن، إلى جانب الكشف المبكر عنها والتصدي لها. وسوف تُبذل جهود متضافرة أيضاً لبناء القدرات الوطنية بُغْيَة تعزيز ترصُّد الأمراض والاستجابة لها بما يتفق واللوائح الصحية الدولية (2005)، بما في ذلك التبليغ بالمخاطر بوصفه جزءاً لا يتجزأ عن تدخلات الصحة العمومية في الطوارئ.

ولم يفِ نصف عدد بلدان الإقليم تقريباً حتى الآن بالقدرات الأساسية للمختبرات المطلوبة بموجب اللوائح الصحية الدولية (2005) بسبب نقص التمويل وصعوبة الحصول عليه، وجودة الاختبارات والمعدات والإمدادات، وكفاءة القوى العاملة. وواصلت المنظمة تقديم الدعم الشامل في مجال تعزيز نظم المختبرات الصحية الوطنية وما تقدِّمه من خدمات، مع التركيز على القدرات الأساسية المطلوبة. وقد أَعدَّت المنظمة، بالتشاور مع الجهات المعنية الوطنية والدولية، مسوّدة الاستراتيجية الإقليمية لمختبرات الصحة 2016-2020. وهي الاستراتيجية التي ستوجِّه جهود البلدان نحو تعزيز نظم مختبرات الصحة الوطنية على نحو مستدام.

ولتعزيز الإدارة الرشيدة للخدمات المختبرية، فقد قُدِّم مزيد من الدعم بهدف وضع سياسات وخطط استراتيجية للمختبرات على الصعيد الوطني في العديد من البلدان. وتم تدعيم القدرات البشرية والمؤسسية في مجال تشخيص مرض فيروس الإيبولا وفيروس كورونا والأنفلونزا، وإدارة الجودة.

وبدأ العمل على إقامة شبكة للمختبرات هدفها تعزيز الترصُّد المختبري، والكشف عن مسببات الأمراض المستجدة الخطيرة والاستجابة لها. وللحصول على المعلومات الأساسية اللازمة لإنشاء مثل هذه الشبكة، تم تحليل الوضع الوبائي للحمى النزفية الفيروسية ومسببات الأمراض المستجدة الخطيرة، وجرى توصيف القدرات والممارسات الحالية في مختبرات الصحة الأكثر تقدماً وتحليلها. وستكون الخطوة التالية هي تطوير المرافق وممارسات السلامة البيولوجية/الأمن البيولوجي للمختبرات المستهدفة، وبناء القدرات والرصد، والانضمام إلى البرامج الإقليمية للتقييم الخارجي للجودة وبرامج توأمة المختبرات.

وأُعِدّت استراتيجية إقليمية لخدمات الدم ونقل الدم من خلال عملية تشاورية، بالتعاون مع الخبراء والمعاهد من داخل الإقليم وخارجه. ويجري إعداد اتفاق للتعاون في مشروع بين منظمة الصحة العالمية والاتحاد الدولي لمنظمات المتبرعين بالدم لتحسين التبرع الطوعي بالدم وخدمات رعاية المتبرعين في الإقليم.

وقد جرى توطيد أَواصِر التعاون التقني بين الشمال والجنوب وبين الجنوب والجنوب مع الشركاء الحاليين الإقليميين والعالميين، وتوسيع نطاقه ليشمل الأوساط الأكاديمية على الصعيدين العالمي والإقليمي لدعم البلدان في تنفيذ اللوائح الصحية الدولية. كما تم تعزيز التعاون عَبْر الحدود من خلال وضع خطط ثنائية أو متعددة الأطراف لمعالجة العجز في القدرات المطلوبة بموجب اللوائح الصحية الدولية في المعابر البرية المعيَّنة، وهو أمر يتفاقم بفعل الصراعات وسهولة اختراق الحدود والنزوح الجماعي داخل وعَبْر الحدود في العديد من الدول الأطراف.

وقد تَواصَل التحسُّن في التزام ضباط الاتصال الوطنيين المعنيين باللوائح الصحية الدولية بالمتطلبات المتعلقة بالإخطار والإبلاغ، وفي الاستجابة لطلبات التحقق المرسلة من جانب منظمة الصحة العالمية فيما يتعلق بأحداث الصحة العمومية التي قد تثير قلقاً دولياً. ومع ذلك، لا تزال هناك حاجة إلى مزيدٍ من التحسُّن من خلال التعاون الفعّال بين القطاعات لضمان الكفاءة وحسن التوقيت في الإخطار بأحداث الصحة العمومية التي تقع خارج نطاق الاختصاص المباشر لقطاع الصحة.

وواصلت المنظمة رَصْد التقدُّم الـمُحرَز في تنفيذ اللوائح الصحية الدولية ورفع تقارير بذلك إلى اللجنة الإقليمية والمجلس التنفيذي وجمعية الصحة العالمية من خلال استبيان التقييم الذاتي المقدَّم من الدول الأطراف. وقد أشارت نتائج عام 2015 إلى بلوغ مستوى التنفيذ الإقليمي أكثر من 60% لمختلف القدرات المطلوبة بموجب اللوائح الصحية الدولية. ومع ذلك، فقد تم على نحو متزايد التشكيك في موثوقية وصحة التقدُّم الـمُحرَز في تطبيق اللوائح الصحية الدولية استناداً إلى التقييم والإبلاغ الذاتيين على جميع مستويات المنظمة، وكذلك من جانب الجهات المعنية الخارجية. وفي هذا الصدد، اعتمدت اللجنة الإقليمية قراراً (ش م/ل إ62/ق-3) ينص على إنشاء لجنة إقليمية للتقييم، تَضُم خبراء إقليميين وعالميين لتقييم تنفيذ اللوائح الصحية الدولية في الإقليم وتقديم المشورة إلى الدول الأعضاء بشأن الإجراءات ذات الأولوية لتطوير القدرات الأساسية والحفاظ عليها. وقد تشكَّلت اللجنة وعقدت أول اجتماع لها في كانون الأول/ديسمبر 2015، نوقش خلاله اختصاصات اللجنة وطرق عملها. وعُقِد أيضاً الاجتماع الرابع للجهات المعنية باللوائح الصحية الدولية في كانون الأول/ديسمبر وتعرفت الدول الأطراف خلاله على عمل اللجنة والنهج الجديد الذي تتبناه للتعجيل بتنفيذ اللوائح.

وقد أَعدّت المنظمة إطاراً لرصد اللوائح الصحية الدولية وتقييمها، وتم تنظيم مشاورة عالمية في القاهرة في كانون الثاني/يناير عام 2016، لتنسيق عمليات التقييم وأدواته مع المبادرات التي تشاطرها الرأي مثل برنامج العمل من أجل الأمن الصحي العالمي، ومنظمة الفاو، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، امتثالاً لقرار اللجنة الإقليمية ش م/ل إ62/ق-3. وفي وقتٍ لاحق، أُعِدت أيضاً عملية وأداة منسَّقة للتقييم الخارجي المشترك لتنفيذ القدرات المطلوبة بموجب اللوائح الصحية الدولية لتكمِّل التقارير السنوية التي ترفعها الدول الأطراف. ويجري حالياً وضع اللمسات الأخيرة على عملية وأداة التقييم الخارجي المشترك بمساهمات من جميع الجهات المعنية ذوات الصلة. وبمجرد الانتهاء منها، سيتم إجراء عمليات التقييم الطوعية على مستوى الدول الأطراف بهدف التعرُّف الدقيق على الثغرات ووضع وتنفيذ خطط العمل القطرية التي تشمل أولويات واضحة، بما يضمن الأمن الصحي للجميع.

استئصال شلل الأطفال

كان التقدُّم الـمُحرَز صَوْب استئصال شلل الأطفال على الصعيد العالمي في عام 2015 تقدماً هائلاً (الشكل 4)؛ فها هي القارة الأفريقية، لأول مرة في تاريخ المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، لم تبلّغ عن أي حالات للإصابة بالمرض لمدة تجاوزت العام، إذ ظهرت آخر حالة إصابة بها في 11 آب/أغسطس 2014 في الصومال. أما انتشار النمط المصلي الوحيد المتبقي، وهو فيروس شلل الأطفال البري من النمط 1، فقد اقتصر على بضع مناطق في بلدين فقط يتوطن فيهما المرض، وهما أفغانستان وباكستان، وكلاهما ينتمي لإقليم شرق المتوسط، وقد أبلغا في المجمل عن 74 حالة في عام 2015، وهو ما يعني انخفاضاً بنسبة 80% في عبء الحالات مقارنة بعدد الحالات المبلّغ به في عام 2014.

الشكل 4
انخفاض الحالات في البلدان التي يتوطن فيها شلل الأطفال منذ عام2012

الشكل 4 - انخفاض الحالات في البلدان التي يتوطن فيها شلل الأطفال منذ عام2012

وبرغم هذا التقدُّم الهائل، وطالما ظل فيروس شلل الأطفال البري ينتشر في بقعة ما، فإن خطر وفادة الفيروس إلى بلدان الإقليم لم يزل قائماً بسبب اتساع حركة السكان واستمرار حالات الطوارئ المعقَّدة في عدة بلدان، الأمر الذي أسفر عن تدني مستوى التغطية بالتمنيع الروتيني. وفي عام 2015، نفذت 10 بلدان من البلدان الخالية من شلل الأطفال في الإقليم حملات وطنية أو دون وطنية للتمنيع ضد شلل الأطفال بهدف الحفاظ على ارتفاع مستويات المناعة والحد من خطر وفادة فيروس شلل الأطفال البري أو من تطور فيروس شلل الأطفال الدائر الناجم عن تلقي اللقاحات.

وقد أعدَّ أفغانستان وباكستان خطتي عمل وطنيتين مُحكَمَتين لإيقاف سراية شلل الأطفال في عام 2016. وأحرَز كلا البلدين تقدماً كبيراً في الحد من سراية الفيروس على مدار عام 2015 وطيلة الستة أشهر الأخيرة من العام الجاري، وهي الفترة التي تبلغ سراية المرض فيها ذروتها، ولم يبلغا سوى عن 36 حالة في المجمل، وهو ما يُعدُّ أقل عبء للمرض يُسجَّل على الإطلاق أثناء تلك الفترة. وفي الثلاثة أشهر الأخيرة من عام 2015، خلُصَت الاستعراضات الرسمية للفاشيتين اللتين وقعتا في عدة بلدان بمنطقتي الشرق الأوسط والقرن الأفريقي عامي 2013 و2014، إلى انتهاء الفاشتين.

ويتمثل أحد الأهداف الرئيسية لخطة الشوط الأخير من استئصال شلل الأطفال في سحب لقاح شلل الأطفال الفموي على مراحل، مع البدء بمكوِّن النمط 2 من هذا اللقاح. وقد تحوَّل كل بلدان الإقليم بنجاح من استعمال اللقاح الفموي الثلاثي التكافؤ إلى اللقاح الفموي الثنائي التكافؤ في أغراض التمنيع الروتيني وحملات التطعيم، وتوقفت بهذا عن استعمال لقاح شلل الأطفال الفموي ثلاثي التكافؤ. ومن الضروري أن يقوم جميع البلدان بالإبلاغ الكامل بشأن عملية التحوُّل المعتمدة وتدمير أي مقادير متبقية من لقاح شلل الأطفال الفموي 2/النمط 2 من سلالة سابين بحلول 30 تموز/يوليو 2016، في إطار المرحلة الأولى من خطة العمل العالمية (GAP III) لاحتواء فيروس شلل الأطفال من النمط 2.

ولتحقيق هدف استئصال المرض، ينبغي على الإقليم إيقاف السراية الحالية لفيروس شلل الأطفال البري في البؤر الموطونة المتبقية في أفغانستان وباكستان، والحفاظ على مناعة السكان، ومن بينهم سكان البلدان التي تشهد طوارئ وبين النازحين، وإيصال اللقاحات إلى الأطفال الذين يتعذّر الوصول إليهم، والحفاظ على اليقظة والقدرة على اكتشاف أي دخول جديد لفيروس شلل الأطفال البري أو الفيروس الدائر الناجم عن تلقي اللقاحات أو أي فاشية ناجمة عنهما، والتصدي لها. ومن ثم، فسوف يتواصل التركيز في عام 2016 على تعزيز قدرات البرامج في أفغانستان وباكستان من خلال تعيين موظفين من ذوي الخبرات العالية في كلا البلدين، إلى جانب تقديم الدعم التقني القوي.

وسوف تخضع البرامج في أفغانستان وباكستان ومنطقة القرن الأفريقي إلى المراجعة المنتظمة من خلال اجتماعات الفريق الاستشاري التقني لتحليل التقدُّم الـمُحرَز وإسداء النصح للحكومات بشأن التدخلات التقنية الأكثر فاعلية. وستتلقى البلدان المعرَّضة للخطر الدعمَ في تنفيذ أنشطة التمنيع التكميلي لتمكينها من الحفاظ على ارتفاع مستويات الحماية، وسيُقدَّم الدعم الميداني إلى البلدان الموطونة والمعرّضة للخطر لتنفيذ الأنشطة المخطط لها. وسيتم إجراء تحليل منتظم للمخاطر للوقوف على حجم المخاطر القائمة ووضع الاستراتيجيات اللازمة للحد منها. وسيقدَّم الدعم التقني لبناء القدرات في مجال الاستجابة للفاشيات وإعداد خطط التأهُّب والاستجابة الوطنية في البلدان الخالية من شلل الأطفال. وهدف الإقليم المنشود من وراء هذه الأنشطة هو أن يصبح خالياً من شلل الأطفال ويظل كذلك في عام 2016.

فيروس نقص المناعة البشرية، والسل، والملاريا، وأمراض المناطق المدارية

لم يزل عدد الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية يتزايد بوتيرة سريعة، إذ بلغ 330 ألف شخص مع نهاية عام 2015. وقد حققت الدول الأعضاء تقدُّما كبيراً في زيادة عدد الأشخاص الذين يتلقون العلاج بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية من 34,345 شخصاً في عام 2014 إلى 46,345 شخصاً في نهاية عام 2015. وبرغم هذا التقدُّم، فإن معدل التغطية بالأدوية المضادة للفيروسات القهقرية، البالغ 14%، لم يزل الإقليم بعيداً عن الغاية العالمية في هذا الصدد. وبحلول نهاية عام 2015، كانت البلدان جميعها قد قامت بتحديث الدلائل الإرشادية الخاصة بعلاج فيروس نقص المناعة البشرية لديها بما يتفق مع أحدث الدلائل الإرشادية لمنظمة الصحة العالمية. وأجرى العديد من البلدان (جمهورية إيران الإسلامية، باكستان/إقليم البنجاب، السودان، لبنان، مصر، المغرب) تحليل تسلسلي لمراحل علاج الفيروس، أي الاختبار والمعالجة والاستبقاء، والتي تمخضت عن فهمٍ عميقٍ لطبيعة الثغرات والفرص الفائتة فيما يتعلق بإشراك الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية والإبقاء عليهم في سلسلة الخدمات الخاصة بفيروس نقص المناعة البشرية وهي الاختبار والرعاية والعلاج.

ونظراً إلى أن الغالبية العظمى من المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية في الإقليم لا يعلمون حالتهم من الإصابة بالفيروس، فقد انصب قدر كبير من الاهتمام على إطلاق حوار مكثف مع مديري البرامج الوطنية للإيدز وشبكات المجتمع المدني الإقليمية حول الابتكارات التي انطوت عليها سياسات اختبار الفيروس وأساليب تقديم الخدمات. ونوقش تنفيذ الدلائل الإرشادية الموحَّدة الجديدة لمنظمة الصحة العالمية بشأن خدمات اختبار فيروس نقص المناعة البشرية، وذلك في اجتماع تشاوري إقليمي نظَّمه برنامج الأمم المتحدة المشترك لمكافحة الإيدز ومنظمة الصحة العالمية، حيث حدد المشاركون الإجراءات ذات الأولوية الخاصة بكل بلد بما يخدم تسريع وتيرة تقبُّل إجراء الاختبارات الخاصة بفيروس نقص المناعة البشرية. وقامت المنظمة بإعداد وتوزيع مقرر تدريبي حول المعارف الأساسية المتعلقة بالفيروس والحد من الوَصْم في أماكن تقديم الرعاية الصحية. وتم تقديم هذه الدورة التدريبية في كل من المغرب والسودان والعمل جارٍ بشأن تقديمها في بلدان أخرى.

ولما كان تعاطي المخدرات عن طريق الحقن يسهم مساهمةً كبيرةً في انتشار وباء فيروس نقص المناعة البشرية، فقد أُجري استعراض إقليمي لمدى إتاحة خدمات اختبار الفيروس وعلاجه للأشخاص المتعايشين معه ممن يتعاطون المخدرات حقناً. وقد أظهرت نتائج الاستعراض أن 6% فقط من الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية ممن يتعاطون المخدرات حقناً تلقوا العلاج في عام 2014. وقد أُرسِلت هذه النتائج إلى أصحاب الشأن المعنيين ونوقشت معهم أثناء المشاورة الإقليمية التي عُقِدت بالشراكة مع شبكة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للحد من مخاطر استخدام المخدرات، وأسفر ذلك عن توصيات محددة للتعامل مع العوائق التي تحول دون الوقاية من المرض وتشخيصه وعلاجه. وعُقِدت مشاورات أيضاً بغرض تقديم المساهمات الإقليمية في إعداد استراتيجيات عالمية جديدة لقطاع الصحة بشأن بمكافحة فيروس نقص المناعة البشرية والأمراض المنقولة جنسياً والتهاب الكبد، وذلك للفترة 2016-2021.

أما فيما يتعلق بالتهاب الكبد، فهو يمثل مشكلة من مشكلات الصحة العمومية ذات الأولوية في الإقليم، إذ يُقدَّر عدد المصابين بالعدوى المزمنة لفيروسي التهاب الكبد B وC نحو 14.8 مليون و16 مليون على التوالي. أما الإصابات الجديدة فهي تحدث بصفة رئيسية نتيجة عمليات الحقن والإجراءات الطبية غير المأمونة. وتُعدُّ إتاحة الأدوية وأدوات التشخيص التي يُمكِن تحمُّلها والفعّالة من التحديات الكبرى التي تواجه جميع البلدان.

ولحشد استجابة متَّسقة للصحة العمومية، تعطي أولوية للتدخلات الفعّالة وتشجِّع الإنصاف في الوصول إلى الخدمات، فقد قامت المنظمة بدعوة مجموعة واسعة من أصحاب الشأن المعنيين وإشراكهم في إعداد خطة العمل الإقليمية لالتهاب الكبد الفيروسي، التي تحدد غايات تتماشى مع الاستراتيجية العالمية للمنظمة المعنية بالتهاب الكبد الفيروسي، وتوجِّه الجهود الرامية إلى وضع خطط العمل الوطنية. وإلى الآن، قدمت المنظمة الدعم لإعداد خطط العمل الوطنية في خمسة بلدان، منها باكستان ومصر، وهما البلدان اللذان ينوءان بالعبء الأكبر من التهاب الكبد Cفي الإقليم.

وسوف تؤكِّد الخطوات المستقبلية على التغطية الصحية الشاملة وتقديم الخدمات المتكاملة وتعديل نماذج تقديم الخدمة، مع استمرار التركيز على الاستفادة بكفاءة من الموارد البشرية والمالية في إجراء اختبارات فيروس نقص المناعة البشرية، وربطها بالرعاية، والعلاج الناجح. وستُبذَل جهود متضافرة بهدف الوصول إلى مرحلة عدم التسامح التام مع الوَصْم والتمييز ضد الأشخاص المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية في أماكن تقديم الرعاية الصحية. وسوف يُقدَّم الدعم اللازم للبلدان لإعداد خططتها الوطنية الخاصة بالتهاب الكبد وتنفيذها.

وجرى خلال عام 2014 ، الإبلاغ عن زيادة طفيفة في عدد حالات السل بجميع أشكاله في الإقليم مقارنة بعام 2013 (677 465 و000 448 على الترتيب). وعلى الصعيدين العالمي والإقليمي، لم يزل التحدي الرئيسي أمام جهود مكافحة السل متمثلاً في انخفاض معدلات اكتشاف الحالات لكل من السل والسل المقاوم للأدوية المتعدِّدة. وفي عام 2014، ارتفع معدل اكتشاف الحالات ارتفاعاً طفيفاً (61%) مقارنة بالمعدّل المسجّل في عام 2013 (58%). أما معدّل العلاج الناجح فقد بلغ 91%، وهي نسبة تزيد على المعدل العالمي المستهدف البالغ 85%. ويعدُّ التدبير العلاجي للسل المقاوِم لأدوية متعدِّدة من أهم التحديات؛ فمن بين ما يقدّر بـ 700 15 حالة إصابة بالسل المقاوم للأدوية المتعددة، تأكدت عبر الفحوصات المختبرية مقاومة 4348 حالة ولم يخضع للعلاج سوى 3423 حالة منها. وكانت محدودية الموارد وضعف القدرات الإدارية للتعامل مع مقاومة الأدوية المتعددة من العوائق الرئيسية في هذا المجال. وعلاوة على ذلك، لم يزل تحرِّي الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية محدوداً بين حالات السل، إذ أن 15% فقط من مرضى السل في عام 2014 كانوا على علم بحالتهم من الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.

وتواجه برامج السل تهديدات أكبر جرّاء حالات الطوارئ في كثير من البلدان واتساع الهوة بين الموارد المتاحة والاحتياجات الفعلية؛ فاللاجئون السوريون في الأردن ولبنان بحاجة إلى كثير من الدعم في الوقت الذي تتحمل فيه النظم الصحية فوق طاقتها. وقد تسبب ذلك في تأخر تنفيذ الخطة الخاصة بالقضاء على السل في الأردن. كما أن تنفيذ الخطط الاستراتيجية الوطنية لمكافحة السل على نحو فعّال وفي الوقت المناسب في كل من العراق واليمن يواجه عقبات بسبب ارتفاع أعداد النازحين. وقامت المنظمة بنشر دليل لمكافحة السل في حالات الطوارئ المعقدة، فضلاً عن إتاحة حزمة من الخدمات لعلاج حالات السل العابر للحدود والسل المقاوم للأدوية المتعددة. وقد قدَّم لبنان والأردن، بدعم من المنظمة، مقترحات طارئة إلى الصندوق العالمي بشأن التدبير العلاجي للسل بين اللاجئين السوريين.

وقد أُعِدت مسوّدة الخطة الاستراتيجية الإقليمية بشأن القضاء على السل للفترة 2016-2020 بالتشاور مع مديري البرامج. وروجعت البرامج الوطنية للسل في ستة بلدان، وجرى بعد ذلك تضمين التوصيات التي خرجت بها بعثات المراجعة في الخطط الاستراتيجية الوطنية. وواصلت لجنة الضوء الأخضر الإقليمية دعمها لضمان العلاج الفعّال للسل المقاوم للأدوية المتعددة من خلال بناء القدرات ومسوح مقاومة الأدوية وبعثات الرصد والتقييم.

وشهدت ثمانية من بلدان الإقليم سراية محلية للملاريا، ويعكف اثنان منها (وهما، جمهورية إيران الإٍسلامية والمملكة العربية السعودية) على تنفيذ استراتيجيات التخلص من الملاريا، وهما قاب قوسين أو أدنى من بلوغ هذه الغاية، حيث تم الإبلاغ عن 187 و83 حالة محلية على التوالي في عام 2015 (الجدول 2). وتعاني ستة بلدان (أفغانستان، باكستان، جيبوتي، السودان، الصومال، اليمن) عبئاً ثقيلاً من الملاريا (الجدول 3) وتواجه تحديات عديدة. وتقدِّر منظمة الصحة العالمية انحسار معدّل الإصابة بالملاريا بنسبة 70% في عام 2015 مقارنة بعام 2000، وانخفضت الوفيات المقدَّرة بنسبة 64% في نفس الفترة. وقد تمكَّنت سبعة بلدان (أفغانستان، وجمهورية إيران الإسلامية، والجمهورية العربية السورية، والعراق، وعُمان، والمغرب، والمملكة العربية السعودية) من بلوغ الهدف السادس من الأهداف الإنمائية للألفية، والأهداف المحددة في القرار ج ص ع 58-2، بخفض معدَّل الإصابة المؤكدة مجهرياً بين عامي 2000 و2014. وقد حقق الإقليم، خلال الخمسة عشر عاماً الماضية، نجاحاً كبيراً في الحد من عبء الملاريا، إلا أنه شهد، في عامي 2014 و2015، اندلاع فاشيات وزيادة في عدد الحالات المبلغ بها في بعض البلدان. وهو الأمر الذي يظهر مدى الحاجة إلى استمرار التيقُّظ والاستثمار في جهود مكافحة الملاريا والتخلص منها.

الجدول 2. عدد الحالات المُثْبَتة بالفحص المختبري للطفيليات في البلدان التي لا تعاني من سرايـة الملاريا أو التي يوجد فيها سراية فُرادية، والبلدان التي تتوطَّنها الملاريا بمعدلات منخفضة

الجدول 2. عدد الحالات المُثْبَتة بالفحص المختبري للطفيليات في البلدان التي لا تعاني من سرايـة الملاريا أو التي يوجد فيها سراية فُرادية، والبلدان التي تتوطَّنها الملاريا بمعدلات منخفضة

          البلد         

2013

 

2014

 

2015

 

 

إجمالي الحالات الـمُبلَّغ عنها

عدد الحالات المحلية الأصل

إجمالي الحالات الـمُبلَّغ عنها

عدد الحالات المحلية الأصل

إجمالي الحالات الـمُبلَّغ عنها

عدد الحالات المحلية الأصل

البحرين

182

0

100

0

غير متوافر

غير متوافر

مصر

262

0

313

22

291

0

جمهورية إيران الإسلامية

1373

519

1238

376

797

187

العراق

8

0

2

0

2

0

الأردن

56

0

102

0

59

0

الكويت

291

0

268

0

309

0

لبنان

133

0

119

0

125

0

ليبيا

340

0

412

0

غير متوافر

غير متوافر

المغرب

314

0

493

0

510

0

عُمان

1451

11

1001

15

822

4

فلسطين

0

0

غير متوافر

غير متوافر

غير متوافر

غير متوافر

قطر

728

0

643

0

445

0

المملكة العربية السعودية

2513

34

2305

51

2620

83

الجمهورية العربية السورية

22

0

21

0

12

0

تونس

68

4

98

0

88

0

الإمارات العربية المتحدة

4380

0

4575

0

3685

0

الجدول 3 حالات الملاريا المبلّغ عنها في البلدان ذات العبء المرتفع من الملاريا

الجدول 3 حالات الملاريا المبلّغ عنها في البلدان ذات العبء المرتفع من الملاريا

البلد

2013

2014

2015

إجمالي الحالات الـمُبلَّغ عنها

إجمالي الحالات المؤكدة

إجمالي الحالات الـمُبلَّغ عنها

إجمالي الحالات المؤكدة

إجمالي الحالات الـمُبلَّغ عنها

إجمالي الحالات المؤكدة

أفغانستان

319742

46114

290079

83920

350044

103377

جيبوتي

1684

1684

9439

9439

غير متوافر

غير متوافر

باكستان

3472727

281755

3666257

270156

3776244

202013

الصومال

9135

7407

26174

11001

غير متوافر

غير متوافر

السودان

989946

592383

1207771

1068506

غير متوافر

غير متوافر

اليمن أ

149451

102778

122812

86707

96348

68938

(أ) تقدير اكتمال التبليغ في عام 2015 بلغ 47% بسبب الوضع الراهن

واعتمدت اللجنة الإقليمية خطة العمل الإقليمية الخاصة بالملاريا للفترة 2016-2020 بهدف تنفيذ الاستراتيجية التقنية العالمية للملاريا للفترة 2016-2030. وتم أيضاً إعداد استراتيجية إقليمية للإدارة المتكاملة للنواقل للفترة 2016-2020 بالتشاور مع أهم الخبراء والدول الأعضاء.

واستُخدِم نظام جديد للإبلاغ الإلكتروني عن طريق نظام المعلومات الصحية على مستوى المناطق ((DHIS2 لدعم ترصُّد الملاريا. وتم أيضاً دعم الترصُّد القائم على علم الحشرات، بما في ذلك رصد مقاومة المبيدات الحشرية في البلدان ذات الأولوية ورصد فاعلية الأدوية في البلدان التي تتوطن فيها الملاريا. وعُقِدت دورة تدريبية إقليمية حول ضمان جودة تشخيص الملاريا بالتعاون مع جامعة الجزيرة في السودان. واستكمل المكتب الإقليمي تنفيذ المشروعات الإرشادية المشتركة بين منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومرفق البيئة العالمية بشأن البدائل المستدامة لمادة الدي دي تي. وسوف تسهم البيّنات المستحدثة والقدرات المطوَّرة في هذا المجال في تحديث استراتيجيات الإدارة المتكاملة للنواقل وتعزيز أنشطة مكافحتها في الإقليم.

وقد حدث توسُّع كبير في العلاج الجموعي لداء البلهارسيات باستخدام عقار البرازيكوانتيل الذي تبرعت به المنظمة في السودان، وذلك بفضل اتباع آلية مبتكرة تتيح التمويل المحلي، فضلاً عن الشراكات الدولية. كما تم استهداف المناطق الموطونة في اليمن في وقت سابق من العام. وتم الانتهاء من مرحلة التخطيط لإجراء توصيف للوضع في الصومال، كما تم حشد الموارد اللازمة عقب إنشاء برنامج أمراض المناطق المدارية المهملة في وزارة الصحة. وقٌدِم الدعم إلى ثلاثة بلدان (العراق، عُمان، مصر) من أجل تخطيط وتنفيذ المسوح الرامية إلى تأكيد إيقاف سراية المرض أخذاً بعين الاعتبار بدء عملية التحقق الخاصة بالمنظمة للتخلص من داء البلهارسيات.

وشهد عام 2015 زيادة في عدد البلدان المتقدِّمة للحصول على عقاري ألبيندازول وميبيندازول اللذين تتبرع بهما المنظمة لعلاج الأطفال قبل سن الدراسة والأطفال في سن الدراسة من داء البلهارسيات المنقول بالتربة، وذلك مقارنة بعام 2014، ومن هذه البلدان أفغانستان والجمهورية العربية السورية والصومال والعراق. وتَوطّد التعاون ما بين المنظمة ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) لتوفير الأدوية المجانية في ميادين العمليات الخمسة للوكالة (الأردن، لبنان، فلسطين (قطاع غزة والضفة الغربية)، الجمهورية العربية السورية).

واتُخِذت الخطوات النهائية للتخلص من داء الفيلاريات اللمفي بوصفه إحدى مشكلات الصحة العمومية‬ في كل من مصر واليمن، في حين أتم السودان عملية توصيف الوضع وانتهى من التخطيط الميداني لتوسيع نطاق العلاج الجموعي بعقاري ألبيندازول وإفرميكتين المتبرع بهما من جانب المنظمة في عام 2016. وتحقق التخلص من داء كلابية الذنب onchocerciasis في إحدى البؤر بالسودان، ويجري حالياً اتخاذ ما يلزم من إجراءات لتحقيق نفس الهدف في البؤر الثلاث المتبقية. وفي اليمن، أُجري مسح تجريبي لتحديد المنطقة التي يتوطنها داء كلابية الذنب، وتم حشد الأموال اللازمة لتوفير العلاج من خلال الشركاء، مع الانتهاء من التخطيط للعلاج الجموعي.

أما فيما يتعلق بداء الليشمانيات، فقد واصلت المنظمة مساهمتها في توفير خدمات علاج الحالات لجميع البرامج بالبلدان المتأثرة، وهي: أفغانستان والجمهورية العربية السورية والسودان والصومال والعراق.

وفي عام 2014، اكتشفت 899 213 حالة إصابة جديدة بالجذام. وقد تم إحراز التخلص من هذا المرض كمشكلة صحية عمومية (أي بلوغ معدل انتشار يقل عن حالة واحدة لكل 000 10 نسمة) على المستوى الوطني في كل بلدان الإقليم. ومع ذلك، فهناك خمسة بلدان (باكستان، السودان، الصومال، مصر، اليمن) لم تزل تحوي جيوباً كثيفة السراية وتحتاج إلى تعزيز أنشطة اكتشاف الحالات بها. ولوحظ تراجع مطَّرد في نسبة الإعاقات من الدرجة الثانية بين الحالات المكتشفة حديثاً في الأعوام الأخيرة، مما يؤكد تزايد اكتشاف الحالات في مراحل مبكرة. وقد وفَّرت المنظمة المعالجة المتعدِّدة الأدوية الخاصة بداء الجذام إلى جميع البلدان التي طلبتها.

وانتهى السودان من إجراءات توصيف الوضع الحالي للتراخوما، وتتواصل هذه الإجراءات في كل من باكستان ومصر واليمن، بينما أتم أفغانستان والصومال التخطيط لها. وعزز كل من باكستان والسودان أنشطة العلاج بالأزيثروميسين والتيتراسايكلن، وغيرها من عناصر استراتيجية الجراحة، ونظافة الوجه، وتحسين البيئة (استراتيجية SAFE) لمكافحة التراخوما.

ولم يزل السودان البلد الوحيد في الإقليم الذي لم يُشهد على خلوه من داء التنينات، إذ لم يُبلّغ عن أي حالات منذ عام 2014، والبلد حالياً في مرحلة ما قبل الإشهاد. وقد نُفِذت في عام 2015 أنشطة ميدانية هدفها تقييم درجة الاستعداد لخوض إجراءات الأشهاد.

التمنيع واللقاحات

بلغ متوسط التغطية باللقاح الثلاثي في الإقليم 80%، بحسب التقديرات، في عام 2015. وبينما حافظ 14 بلداً على نطاق تحقيق غاية التغطية عند 90% أو أكثر، فقد انخفضت هذه النسبة في الجمهورية العربية السورية إلى 41% في عام 2015 (بحسب تقديرات منظمة الصحة العالمية واليونيسف). وتشير التقديرات إلى أن 3.3 مليون طفل فاتتهم فرصة التمنيع باللقاح الثلاثي المضاد للدفتيريا والسعال الديكي والتيتانوس في عام 2014، وكان 94% منهم في بلدان تمر بأوضاع صعبة، وهي: أفغانستان وباكستان والجمهورية العربية السورية والسودان والصومال والعراق واليمن.

وحققت 8 بلدان تغطية بالجرعة الأولى من اللقاح المحتوي على لقاح الحصبة بنسبة تساوي أو تزيد على 95%، بينما قدَّم 21 بلداً الجرعة الثانية الروتينية من اللقاح المضاد للحصبة بمعدلات تغطية متفاوتة. وأبلغت ثمانية بلدان عن معدلات إصابة منخفضة جداً بالحصبة (أقل من خمس حالات لكل مليون من السكان)، من بينها 4 بلدان واصلت الحفاظ على المعدّل الصفري، وتستعد لتأكيد القضاء على المرض. واستعاد الأردن وضع الخلو من الحصبة بعد أن شهد فاشية كبرى في عام 2013.

وفيما يتعلق باللقاحات الجديدة، أدخل اليمن اللقاح المضاد للحصبة الألمانية ضمن التمنيع الروتينية لديه، بينما نفذ السودان المرحلة الثانية من حملةٍ استهدفت الحمى الصفراء. وأدخلت تسعة بلدان لقاح شلل الأطفال المعَطَّل الذي لم يكن ضمن برامج التمنيع الروتيني لديها قبل ذلك. وبالتالي، أصبح لقاح شلل الأطفال المعطَّل مستخدماً في كل بلدان الإقليم فيما عدا مصر التي لم تصلها توريدات اللقاح بسبب النقص الحالي على المستوى العالمي. وقد استكمل الإقليم التحوُّل من استخدام لقاح شلل الأطفال ثلاثي التكافؤ إلى ثنائي التكافؤ في التمنيع الروتيني بحلول منتصف أيار/مايو 2016.

وواصَلَت برامج التمنيع الوطنية مواجهة تحديات عديدة خلال عام 2015، منها التعقيدات المرتبطة بتسليم اللقاحات إلى المناطق المتأثرة بالنزاعات، ونُظم توريد اللقاحات وإدارتها، ونفاد مخزونات اللقاحات. وقدِّم الدعم اللازم إلى البلدان ذات معدلات التغطية المنخفضة بالتمنيع الروتيني، بما في ذلك تكثيف أنشطة التوعية والقيام بحملات تسريع الوتيرة لزيادة التغطية والحفاظ على السلسلة الباردة والقدرة على إدارة اللقاحات. وقُدِّم الدعم أيضاً فيما يتعلق بوضع الخطط الوطنية وتنفيذها بهدف الوصول إلى السكان الذين لم يحصلوا على التطعيم أو لم يحصلوا على التطعيم الكامل.

وفي الصومال، كان الدعم في تنفيذ خطة لتحسين معدلات التغطية وبناء قدرات الموارد البشرية ووضع خطة شاملة متعددة السنوات. أما في الجمهورية العربية السورية، فقد كان الهدف من الدعم المقدَّم إجراء استعراض شامل للبرامج، ووضع خطة شاملة متعددة السنوات وتقييم إدارة اللقاحات وبناء القدرات الخاصة بها. وأجرى العراق استعراضات للبرامج على مستوى المحافظات ونفذ خططاً لتطعيم اللاجئين والنازحين والأطفال الذين يتعذَّر الوصول إليهم، ولا سيّما في المناطق النائية. وقُدِّم دعم هائل إلى اليمن من أجل الحفاظ على استمرارية برنامج التمنيع لديه، بما في ذلك تنفيذ الجولات الخمس من أنشطة التوعية المكثَّفة في المناطق التي تنخفض بها معدلات التغطية أو التي كان متعذّراً الوصول إليها، وتعزيز سلسلة التبريد والحفاظ عليها. وقامت خمسة بلدان بتقييم وضع التخلص من الحصبة بها، بينما نفَّذت تسعة بلدان أنشطة التمنيع التكميلي ضد الحصبة على المستوى الوطني أو دون الوطني.

وجرى دعم البلدان من أجل تحسين نظم إدارة بيانات التمنيع وجودة هذه البيانات، واعتماد مختبرات الحصبة/الحصبة الألمانية الوطنية، وبناء القدرات في مجال الإدارة الفعّالة للقاحات. وواصلت المنظمة دعم الشبكة الإقليمية لترصُّد الحصبة/الحصبة الألمانية المستند إلى الحالات، ورصدها. واستمر تقديم الدعم أيضاً إلى شبكة الترصُّد الإقليمية الخاصة بالتهاب السحايا الجرثومي والالتهاب الرئوي الجرثومي والفيروسات العجلية. وشمل ذلك توفير مستلزمات المختبرات، وبناء القدرات، ورصد الأداء وتقييمه، وتنسيق نظام مراقبة الجودة في المختبرات الخارجية.

وقد اعتمدت اللجنة الإقليمية خطة عمل إقليم شرق المتوسط الخاصة باللقاحات كإطارٍ لتنفيذ خطة العمل العالمية الخاصة باللقاحات. وستواصل المنظمة تقديم الدعم التقني اللازم وحشد الموارد من أجل تحديث الخطة الشاملة متعددة السنوات وخطط العمل السنوية وتنفيذها ورصدها وتقييمها، مع التركيز بوجه خاص على البلدان والمناطق التي تنخفض بها معدلات التغطية باللقاحات.

استمرت ستة بلدان في تحقيق الغاية المتمثلة في إنشاء سلطات تنظيمية وطنية عاملة. وتقوم المنظمة بدعم البلدان في تقوية الوظائف التنظيمية اللازمة، ولا سيّما تسجيل اللقاحات مثل لقاح شلل الأطفال المعطَّل ولقاح شلل الأطفال الفموي الثنائي في إطار استراتيجية الشوط الأخير من استئصال شلل الأطفال، وكذلك تعزيز تنفيذ نظام لإدارة الجودة لبعض السلطات التنظيمية الوطنية في البلدان التي تدعمها الشراكة الخاصة بإطار التأهُّب للإنفلونزا الجائحة، وذلك من أجل تحسين قدرتها التنظيمية فيما يتعلق بالتأهُّب للإنفلونزا الجائحة والاستجابة لها.

واستمر إحراز تقدُّم كبير في مجال مأمونية اللقاحات، وأطلِقت الشبكة الإقليمية للتيقُّظ الدوائي في الاجتماع الإقليمي بشأن التيقُّظ الدوائي الذي عُقِد في أيلول/سبتمبر 2015، غير أنه قد تَعذَّر تحقيق الغاية المتمثلة في إنشاء سلطات تنظيمية وطنية عاملة في بعض البلدان بسبب عدد من التحديات، منها عدم وضوح الرؤية واستبدال الموظفين وقلة الموارد المالية التي تتيح للسلطات أداء واجباتها بصورة مستقلة حسبما توصي منظمة الصحة العالمية.


(3) بالنسبة لاكتشاف حالات السل، تتلقى منظمة الصحة العالمية البيانات بعد عام من وقوع الحالات، ولذلك تتعلق بيانات اكتشاف الحالات بعام 2014 وبيانات نتائج العلاج بعام 2015.

د
 


الصفحة 69 من 93