تفاقم وباء تعاطي التبغ بين الشباب
إن العديد من أطفال اليوم هم ضحايا تعاطي التبغ غداً. و إن تعاطي التبغ ـ الذي يبدأ عموماً خلال فترة المراهقة ـ يزداد بين الشباب. وإن الإدمان على النيكوتين يؤكد أن العديد منهم سيستمرون في تعاطي التبغ في مرحلة البالغية.
لقد أظهر المسح العالمي لتبغ اليافعين (1999-2008) أن تعاطي التبغ بين الشباب بعمر 13-15 آخذ في الازدياد في جميع أنحاء العالم؛ ففي إقليم شرق المتوسط 7% من الفتيان و2% من الفتيات يدخنون السجائر حالياً، و 14% من الفتيان و 9% من الفتيات يتعاطون ـ حالياً ـ منتجات التبغ غير السجائر، بما فيها الشيشة والتبغ عديم الدخان. وكما هو الحال في بقية أنحاء العالم، فإن الفجوة في معدلات تعاطي التبغ بين الفتيات والفتيان تصبح أصغر في بعض بلدان الإقليم.
لماذا يتعاطى الشباب التبغ؟
يميل تعاطي التبغ إلى البدء خلال مرحلة المراهقة، ويمكن للإدمان أن يبدأ بسرعة. وإن المراهقين الذين يبدأون بالتدخين في سن أصغر أكثر عرضة لأن يصبحوا مدخنين منتظِمين، واحتمال إقلاعهم أقل من الذين بدأوا في وقت لاحق. قد يتعاطى الشباب التبغ لتعزيز ضعف الثقة بالنفس، ولعلاج الإجهاد، ولضبط وزن الجسم، وكدارئ ضد المشاعر السلبية.
لقد أصبح تعاطي التبغ أكثر قبولاً اجتماعياً في البيت وفي العلن. وإن تعاطي التبغ من قِبَل الآباء وأفراد الأسرة والأصدقاء يؤثر على تعاطي الشباب له. المعلمون قدوة للطلاب، لكن فقط نصف المدارس في الإقليم تقريباً فيها حظر على تعاطي منتجات التبغ من قِبَل المعلمين. إضافة إلى ذلك فإن 16% فقط من المعلمين في الإقليم تم تدريبهم على وقاية الشباب من تعاطي التبغ، بينما أقل من النصف لديهم إمكانية الحصول على المواد اللازمة لكيفية القيام بذلك.
هناك سبب رئيسي آخر هو دعاية التبغ والترويج له، فصناعة التبغ تروِّج منتجاتها للمدخنين المحتمَلين ـ بما في ذلك الشباب ـ لتضمن استمرار زيادة سوق التبغ وضمان استبدال المدخنين الذين يموتون وأولئك الذين يُقلعون عن التدخين. وبما أن معدلات تعاطي التبغ تنخفض في كثير من البلدان في العالم المتقدم، فإن هذه الصناعة تستهدف الشباب في العالم النامي بشكل متزايد.
تسويق التبغ للشباب
إن صناعة التبغ تستهدف الشباب من خلال رسائل مضللة تساعد على تشكيل مواقف من تعاطي التبغ. فالترويج للتبغ يربط تعاطي التبغ بصور جذابة لاستدراج الشباب إلى إدمان التبغ مدى الحياة، مما يشجع الأطفال على تبني سلوك مضر بنموهم البدني والعقلي والاجتماعي.
يتم ذلك عن طريق الإعلان في مجلات الشباب وتصميم العلامات التجارية، والأغلفة والمواد الترويجية لجذب الشباب. إن الدعاية تستهدف الشباب من خلال استخدامها لصور الحيوية والرياضة والرقي والصداقة والاستقلال والجمال.
إن تسويق التبغ للشباب يشمل كلاً من التسويق المباشر - من خلال الدعاية لمنتجات التبغ - والتسويق غير المباشر، من خلال الترويج والرعاية. وقد وجد المسح العالمي لتبغ الشباب في الإقليم مستويات عالية من التعرض دعايات على اللوحات الإعلانية وفي الصحف والمجلات. كما وجد أن 15% ممن هم بعمر 13-15 سنة في الإقليم لديهم شيء يحمل شعار شركة تبغ أو غير ذلك من العلامات التجارية للسجائر، في حين تم تقديم سجائر مجانية لـ 9% منهم.
الأثر الصحي لتعاطي التبغ على الشباب
إن تعاطي التبغ يؤثر على اللياقة البدنية للشباب؛ فالشباب الذين يتعاطون التبغ لديهم انخفاض في وظائف الرئة، وهم أكثر عرضة للمعاناة من مشاكل تنفسية. وإن التدخين في سن مبكرة يزيد من اختطار سرطان الرئة، ومع استمرار الشباب بالتدخين في مرحلة البالغية يزداد اختطار السرطانات الأخرى وأمراض القلب والسكتات.
الأطفال ـ بشكل خاص ـ معرضون لضرر التدخين السلبي؛ لأن لديهم رئتين أصغر ويمتصون سموم دخان التبغ أكثر، وهذا يجعلهم عرضة للعديد من الحالات؛ مثل الأمراض التنفسية المُعدية والربو والتهابات الأذن المُعدية. وهم أيضاً أقل قدرة على الاشتكاء أو على إبعاد أنفسهم عن التعرض، خصوصاً في المنزل.
يتعرض الكثير من الشباب للتدخين السلبي في منازلهم وفي الأماكن العامة؛ بما في ذلك المَرافق التعليمية. 38% ممن هم بعمر 13-15 سنة في الإقليم يعيشون في منازل يدخن فيها الآخرون، و 46% منهم يتعرضون للتدخين السلبي في الأماكن العامة، مما يشكل مخاطر كبيرة على صحة الشباب وعلى سعادتهم في المستقبل.
أضرار إضافية للتبغ على الشباب
إن تعاطي التبغ من قبل البالغين يعني أن الكثير من الأسر قد قللت موارد الإنفاق على الطعام والرعاية الصحية والملابس والاحتياجات التعليمية لأطفالها، وهذا يمكن أن يكون له تأثير خطير على صحتهم ونمائهم البدني وفرص عملهم في المستقبل.
وإن كثيراً من شباب العائلات الفقيرة يعملون في صناعة التبغ، مما يعرضهم للأضرار المرتبطة بالتسمم بالنيكوتين وللتعرض لمواد كيميائية زراعية شديدة الخطورة تستخدم في زراعة التبغ. إنه عمل خطر، يعيق حقوقهم في الصحة والتنمية الاجتماعية والتعليم.
أفضلُ الممارسات وسبيلُ التقدم
لقد اعتُمدت اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1989. ومنذ ذلك الحين تم اعتبار التبغ ـ من قِبَل لجنة حقوق الطفل ـ قضيةً من قضايا حقوق الإنسان، وأن الدول مُلزمة قانوناً بحماية الأطفال من التبغ. وعلاوة على ذلك، فإن تطبيق الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية حول مكافحة التبغ يتطلب من الأطراف أن تتخذ تدابير لحماية اليافعين من أضرار تعاطي التبغ. وإن المادة 16 تتناول - بالتحديد - حظر بيع منتجات التبغ للقاصرين قانونياً.
إن الشباب بحاجة إلى أن يُزوَّدوا بمعلومات عن أضرار تعاطي التبغ، وعن أساليب تسويق صناعة التبغ، ولديهم الحق في الحماية من تسويق التبغ ومن التدخين السلبي. ولتحقيق ذلك:
- يجب تقوية الشباب بمعلومات عن الآثار الضارة لتعاطي التبغ، وعن حقهم في العيش في بيئة خالية من الدخان. كما ينبغي أن يُزوَّدوا بخدمات الإقلاع عن التدخين.
- يجب أن يتوقف بيع وتسويق التبغ للشباب، ومن المطلوب إجراء حظر تام على الدعاية للتبغ والترويج له ورعايته، وفقاً للمادة 13 من الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية حول مكافحة التبغ.
- إن الشباب حساسون ـ بصورة خاصة ـ لارتفاع سعر التبغ؛ ففرض ضرائب على منتجات التبغ بشكل فعال سوف يقي الكثير من الشباب من إدمان التبغ مدى الحياة.
- ينبغي كبح البالغين من تعاطي التبغ على مقربة من الشباب، بما في ذلك المنزل.
- يجب أن تصبح المدارس بيئات خالية من التدخين، ويجب دعم المعلمين في منع تعاطي التبغ بين الشباب.