الصفحة الرئيسية
التأهُّب للطوارئ والاستجابة لمقتضياتها PDF طباعة

لمحة عامة

لقد دخل العمل الإنساني في عام 2013 مجالاً جديداً، سواءً من حيث نطاق العمل وحجمه وأعداد الأشخاص الذين يحتاجون للمساعدة. وعزا ذلك بشكل رئيسي إلى الأزمة التي اندلعت في الجمهورية العربية السورية، والتي خلَّفت ما يقرُب من 6.8 مليون شخص داخل البلاد و2.3 مليون لاجئ سوري في البلدان المجاورة، في حاجة ماسّة للمساعدة الإنسانية بنهاية كانون الأول/ديسمبر عام 2013. وبوجه عام، هناك أكثر من 42 مليون شخص حالياً يتوزّعون في 13 بلداً من بلدان الإقليم يتضررون الآن من الأخطار الطبيعية أو العنف الناجم عن الصراعات السياسية.

فقد اجتاحت الفيضانات أجزاء من أفغانستان، وباكستان، والسودان، وفلسطين، بينما ضربَت الزلازل مناطق من جمهورية إيران الإسلامية، وباكستان، وأفغانستان، لتلحق الضرر بملايين الأشخاص وتهدِّد الصحة العمومية. وقد أسهمَت منظمة الصحة العالمية في عمل الإغاثة في البلدان المتضرِّرة بالكوارث من خلال المشاركة في بعثات التقييم التي استهدفت التعرُّف على الاحتياجات الصحية، وضمان تقديم الأدوية الأساسية والدعم التقني، وتعزيز ترصُّد الأمراض، وتنسيق الأنشطة التي ينفذها الشركاء في الصحة على أرض الوقع.

أثر الطوارئ الممتدّة

يواجه بعض الفئات السكانية في المناطق والبلدان حالات طوارئ ممتدة، ولا تزال هذه الفئات يتعذَّر عليها الحصول على الخدمات الصحية الأساسية نتيجة النُظُم الصحية الواهنة، بما في ذلك النقص في العاملين الصحيين ذوي الكفاءة، وفي الأدوية، وفي المستلزمات الطبية. ولا يحصل ما يقرُب من 8.6 مليون شخص على الخدمات الصحية في اليمن، إلى جانب 13 مليون شخص (يشكلون أكثر من نصف السكان) يفتقدون إلى مصادر المياه المحسّنة. ونتيجةً لذلك، يتعرَّض اليمنيون لمخاطر مرتفعة من حدوث فاشيات الأمراض المنقولة بالمياه، مثل الكوليرا والزحار.

وفي قطاع غزة، تتسبَّب جوانب النقص في الإمدادات الأساسية في الضغط على قدرة النظام الصحي على مواصلة تقديم الرعاية الصحية ذات المعايير الجيدة لسكان القطاع الذين يبلغ تعدادهم 1.7 مليون فلسطيني. وتعذّر الحصول على الخدمات يحول دون تمتع الأفراد بحقهم في الصحة. وقد أصدَر مكتب منظمة الصحة العالمية في الضفة الغربية وقطاع غزّة تقريراً حول الصعوبات التي يواجهها آلاف المرضى الفلسطينيين للحصول على التصاريح الإسرائيلية للحصول على الرعاية الصحية المتخصصة في القدس الشرقية وإسرائيل والأردن، فلم تُمنح تصاريح الوصول للرعاية الصحية لشخص من بين كل خمسة أشخاص من الضفة الغربية ممن تقدَّموا للحصول على تلك التصاريح. وقد استعانت الدراسة بالبيانات المتاحة، التي قدَّمَتها السلطة الوطنية الفلسطينية وجِهات تقديم الخدمات الصحية غير الهادفة إلى الربح، لتسليط الضوء على القيود التي تفرضها إسرائيل على حرية التنقُّل في الضفة الغربية وقطاع غزّة، وكيف تقلل هذه القيود من فرص إتاحة الخدمات الصحية للمرضى الفلسطينيين ومقدِّمي الرعاية الصحية، ولاسيّما في القدس الشرقية حيث تقع مراكز الإحالة الفلسطينية الرئيسية.

ولا تزال معدّلات المراضة والوفيات بين الأطفال والأمهات في الصومال عالية إلى حد يصعُب قبوله. فوفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن واحداً من بين كل خمسة أطفال يموت قبل سن الخامسة، وواحدة بين كل 12 امرأة تموت لأسباب تتعلق بالحمل، في حين يكون النـزف وارتفاع ضغط الدم السببين الرئيسيين في وفيات الأمهات. ومن بين العوامل المساهمة الرئيسية انخفاض معدّل الوصول إلى الخدمات الصحية العالية الجودة، ولاسيّما في المجتمعات الريفية والمناطق النائية. وقد شرَعَت منظمة الصحة العالمية والحملة السعودية الوطنية لإغاثة الصوماليين في مشروع يمتدّ 18 شهراً لتقديم التدخُّلات المنقذة للحياة للنساء وللأطفال، ومنها إنشاء عيادات جوالة في المناطق النائية، وتقديم الأدوية والمستلزمات الطبية، والقيام بأنشطة تمنيع الأطفال دون سن الخامسة، وبناء قدرات العاملين في مجال تقديم الرعاية الصحية للأطفال وللأمهات.

الرعاية الصحية في أوقات الخطر

يواجه العاملون في تقديم المساعدات الإنسانية في البلدان التي يتواصَل فيها الصراع تحدِّيات رئيسية منها الأخطار التي تهدِّد سلامتهم. فبرغم القوانين الدولية الإنسانية، واتفاقيات جنيف التي تدعو لحماية العاملين في تقديم المساعدات الإنسانية، فإن هؤلاء العاملين وكذلك المرافق الصحية لا يزالون عُرضَة للمخاطر. ويزداد الأمر حدّةً في إقليم شرق المتوسط الذي شهد معظم حوادث الاعتداء عليهم مؤخّراً. واستمرّت مواجهة العاملين الصحيين في باكستان والصومال لتهديدات عنف خطيرة، بينما تعرَّضَت المرافق الصحية في الجمهورية العربية السورية واليمن للقصف، وتعرَّضَت سيارات الإسعاف للحرق والسرقة، وكان مصير المئات من العاملين في الرعاية الصحية إما القتل أو التعرُّض للاعتداء أو الاختطاف، ولا يسلم المرضى أيضاً من هذه المخاطر.

ضمان تقديم الخدمات الصحية والمعدات أثناء الطوارئ

سعياً إلى ضمان تلبية احتياجات البلدان التي تعاني من الطوارئ بسرعة وبكفاءة عالية، تدير منظمة الصحة العالمية ما قيمته 94 مليون دولار أمريكي من أدوية ومعدّات وتجهيزات للطوارئ في المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي، بموجب اتفاق مع برنامج الأغذية العالمي. وتم استكمال هذا المخزون ثلاث مرّات في عام 2013 من أجل الوصول إلى المجموعات السكانية التي تأثّرت بالطوارئ في الجمهورية العربية السورية وفي البلدان المجاورة لها (الأردن، والعراق، ولبنان، ومصر )، بالإضافة إلى أفغانستان، والسودان، والصومال.

وقد أدَّت العقود المتعاقبة من الإهمال، وما دار عام 2011 من صراع في ليبيا إلى إنقاص توافر خدمات الصحة النفسية في ليبيا. وقد أطلقت منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة في ليبيا عام 2013 شهادتَيْ دبلوم بعد التخرج في الرعاية الصحية الأولية النفسية وفي التدخُّلات السريرية للمعالجة النفسية، بالمركز الوطني لمكافحة الأمراض، وذلك بهدف سدّ الفجوة القائمة في الموارد البشرية في مجال الصحة النفسية والدعم النفسي، ولاسيَّما في المناطق النائية والمحرومة.

الآثار الصحية للأزمة في الجمهورية العربية السورية واستجابة منظمة الصحة العالمية

شهد شهر آذار/مارس 2013 بداية السنة الثالثة من الأزمة في الجمهورية العربية السورية، والتي لم يشهد التاريخ المعاصر لها مثيلاً من حيث اتساع نطاقها وآثارها. فوفقاً لتقديرات الأمم المتحدة، قُتِل في نهاية كانون الأول/ديسمبر 2013 عدد يتراوح بين 120 و130 ألف شخص، وأُصيب ما يزيد على 625 ألفاً، وفي داخل الجمهورية العربية السورية هناك ما يقدَّر بـ 9.3 مليون شخص محتاج للمساعدات، منهم 6.5 مليون نازح داخل البلاد.

وقد جاء القدر الكبير من الآثار التي خلفتها الأزمة متمثّلاً في انهيار الخدمات الصحية وتدهور الحصائل الصحية، إما مباشرةً بسبب الوفيات والإصابات، أم على نحوٍ غير مباشر من خلال تفاقُم الأمراض والمشكلات الصحية النفسية. وتعرُّض النظام الصحي لاضطراب شديد، مما أثّر على تقديم الرعاية الصحية الأولية والثانوية، وإحالة المصابين، ومعالجة الأمراض المزمنة، وتقديم الخدمات الصحية للأطفال والأمهات، وتقديم الرعاية الصحية النفسية، وبرامج التطعيم، ومكافحة الأمراض المعدية.

وفي الربع الأول من عام 2013، أصدَر نظام الإنذار المبكر بفاشيات الأمراض، والذي يغطي جميع المحافظات الأربع عشرة للجمهورية العربية السورية، تقارير أظهرت ازدياداً واضحاً في الإسهال المائي الحاد والتهاب الكبد "A" والحمى المعوية (التيفود). كما عادَت للظهور حالات جديدة من الأمراض التي يمكن توقّيها باللقاحات بسبب انخفاض المعدلات الوطنية للتغطية بالتطعيم من 95% في عام 2010 إلى 45% في عام 2013. ومع تناقص معدّلات التغطية بالتطعيم داخل الجمهورية العربية السورية، ظهرَت تقارير عن الأمراض السارية داخل البلد وفي المجتمعات المضيفة للسوريين خارج البلد، مما أدَّى إلى زيادة مخاطر وقوع الفاشيات. وتعتبر فاشية شلل الأطفال من المظاهر الواضحة على عواقب تدهور المؤشرات الصحية وظروف الحياة بين المواطنين السوريين. وتطلّب ذلك إجراء ترصُّد منسّق متعدِّد البلدان على الصعيد الإقليمي، مع حملات متعددة للتطعيم الجماعي في أضخم استجابة تمنيعية من نوعها في الشرق الأوسط، تستهدف تطعيم ما يزيد على 23 مليون طفل في عامَيْ 2013 و2014 يتوزّعون في بلدان عديدة.

وتشتمل الإجراءات الرئيسية التي اتّخذتها منظمة الصحة العالمية وشركاؤها للتصدِّي لما يواجه الصحة العمومية من تهديدات من الأمراض المعدية، بما في ذلك الإمداد بمياه الشرب الآمنة وخدمات الإصحاح، وتقوية نُظُم الإنذار المبكِّر لاكتشاف الأمراض، والتجهيز المسبَق للأدوية وللمعدات الطبية، وإجراء حملات تطعيم جماعي طارئة، سواءً داخل الجمهورية العربية السورية أم في البلدان المجاورة.

وقد أدَّى تزايد أعداد السوريين المصابين بأمراض مزمنة، وتدمير القدرات الصيدلانية المحلية، والحظر المفروض على الواردات، إلى نقص في الأدوية الأساسية المنقذة للحياة. وقد تم تحديث القائمة الوطنية للأدوية الأساسية، بدعم من الخبراء في الإقليم، لتلبّي الاحتياجات استناداً إلى الملفات المحدَّثة للمرضى، وإلى حجم الطلب على الأدوية الناشئ بسبب الأزمة، مع الأخذ بالحسبان ما هو متوافر بالفعل في المخازن داخل الجمهورية العربية السورية، والإمدادات التي تخطط منظمة الصحة العالمية لتقديمها. وتشتمل تلك القائمة، إلى جانب المعدّات اللازمة لمعالجة الإصابات التي أسفر عنها الصراع، على الأدوية المنقذة للحياة والمستلزمات الطبية اللازمة لمعالجة الأمراض القلبية والوعائية والسكّري والصحة الإنجابية، إلى جانب المعدات البالغة الأهمية للمستشفيات. وبعد ظهور تقارير حول استخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين، قدَّمَت منظمة الصحة العالمية الدعم لبعثة الأمم المتحدة للكشف عن الأسلحة الكيميائية في الجمهورية العربية السورية من خلال خبيرين صحيَّين، مع توفير المعدات الصحية اللازمة. كما نشرَت منظمة الصحة العالمية معلومات وتوجيهات للشركاء ولعامة الناس حول التعرُّض للمواد الكيميائية، وأعراضه، وطرق الحماية منه، كما أجرَت سلسلة من التدريبات للمهنيين الصحيين من أجل بناء القدرات في رفع مستوى الوعي بالأسلحة الكيميائية والتدبير العلاجي للحالات.

أما داخل الجمهورية العربية السورية، فتعمل المنظمة في المناطق التي تخضع لسيطرة الحكومة، وأيضاً عبر خطوط المواجهة، عن طريق الاستعانة بشبكة من المنظمات غير الحكومية وجمعية الهلال الأحمر السوري. وكانت لهذا الأسلوب في العمل أهمية في الوصول لأكبر عدد ممكن من المدنيين، ولاسيّما الأطفال، المحتاجين للتمنيع خلال حملات التطعيم ضد شلل الأطفال. وبرغم نجاح هذا الأسلوب بوجه عام، حيث نُفِّذ بالتوافق مع مبادئ العمل الإنساني، فقد واجه انتكاسات في مناسبات عديدة، عندما تم منع الوصول للمجموعات السكانية المعرَّضة للمخاطر في المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة وجعله أمراً صعباً، وعندما سُحِبت الأدوية بالغة الأهمية من القوافل الإنسانية.

وأخذاً لما تقدَّم في الاعتبار، وحتى يتسنَّى توفير استجابة صحية فعَّالة للأزمة، حدّدت منظمة الصحة العالمية خمس أولويات استراتيجية لعام 2014، وهي: (1) ضمان إتاحة وصول المرضى للخدمات الصحية التي يحتاجون إليها، وتمكُّن العاملين في الرعاية الصحية من الوصول إلى عملهم في المناطق التي هي بأمسّ الحاجة إليهم، مع حماية المرافق الصحيـة (من خلال أنشطة الدعوة)؛ (2) ضمان تقديم الرعاية للإصابات والصدمات (بما فيها الصدمات المرتبطة بالصحية النفسية)؛ (3) رَصْد ومكافحة الأمراض المعدية من خلال إنشاء نُظُم الإنذار المبكر؛ (4) ضمان التقديم المتواصل للأدوية الأساسية البالغة الأهمية والمعدّات الطبية، ودعم سلسلة الإمداد؛ (5) التصدِّي للفجوات في تقديم خدمات الرعاية الصحية مثل خدمات صحة الأطفال والأمهات، والأمراض المزمنة وخدمات المياه والإصحاح.

التأثير الإقليمي للأزمة في الجمهورية العربية السورية واستجابة منظمة الصحة العالمية لها

أدَّى تزايُد أعداد النازحين في البلدان المجاورة، والذي وصَل بنهاية عام 2013، وفق تقديرات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إلى 2.3 مليون شخص، إلى إجهاد شديد للمجتمعات المضيفة من حيث البنية الأساسية والموارد. وبالإضافة إلى السوريين الذين يحتاجون إلى المساعدة، فإن التقديرات تشير إلى أن ما يقرب من 2.7 مليون شخص من المجموعات السكانية المضيفة في البلدان المجاورة أيضاً معرّضون للمخاطر.

وتسبِّب التكاليف المالية المرتفعة التي ترتبط باستضافة أعداد متزايدة من النازحين مخاطر محدقة بالاستقرار الاجتماعي في البلدان المجاورة مثل العراق، والأردن، ولبنان. ويتزايد الضغط على الخدمات الصحية وعلى المياه والإصحاح، وأماكن الإيواء، وفرَص العمل، والتعليم، إلى جانب ازدياد التوترات بين المجتمعات النازحة والمجتمعات المضيفة، ولاسيَّما في الأردن وفي لبنان، حيث يعيش معظم اللاجئين داخل مجتمعات مضيفة. كما أضافت القلاقل السياسية وصعوبة توقُّع الأحداث في كل من العراق ولبنان المزيد من التحدِّيات حول تقديم الخدمات الصحية والمساعدات الإنسانية للسكان المتضررين.

وقد تضمَّنَت استجابة منظمة الصحة العالمية في البلدان المجاورة عام 2013 دعم السلطات الصحية من خلال: تقوية نظام الإنذار المبكر والتنبيه والاستجابة من أجل تقليل فُرَص اندلاع فاشيات الأمراض السارية بين النازحين وفي المجتمعات المستضيفة لهم إلى أدنى قدر ممكن؛ وتقديم الدعم لحملات التمنيع للنازحين وللمجتمعات التي تستضيفهم، وبناء القدرات لدى المهنيين في الرعاية الصحية الأولية، والمساعدة في تقييم المرافق الصحية، وتقوية نُظُم المعلومات الصحية، وتقديم الدعم للسلطات الصحية في توفير الأدوية الأساسية والأجهزة الطبية.

وقد واصَل فريق منظمة الصحة العالمية للدعم في حالات الطوارئ، والذي أنشئ في كانون الثاني/يناير عام 2013، في عمَّان، الأردن، بهدف تنسيق أنشطة الاستجابة الإقليمية للأزمة السورية واتساقها في البلدان الستة المتضرِّرة، وتنسيق ما يقدِّمه القطاع الصحي من إسهامات مع المنظمات الإقليمية الأخرى المعنية بالعمل الإنساني. وبعد مرور ما يقرب من 12 شهراً على إنشاء هذا الفريق، خضع لإصلاحات هائلة تناولت بنيته التنظيمية ومجالات اهتمامه، وذلك من أجل تعزيز قدراته في دعم منظمة الصحة العالمية واستجابتها الإقليمية وتلبية الاحتياجات الصحية المتغيّرة.

دعم المانحين

تمكَّنَت منظمة الصحة العالمية في عام 2013 من مواصلة القيام بأنشطة الإغاثة الإنسانية المنقذة للحياة في البلدان التي تعاني من الطوارئ، وذلك بدعم من حكومتَي الكويت والمملكة العربية السعودية، والمنظمات الخيرية في المملكة العربية السعودية، وجامعة الدول العربية (مجلس وزراء الصحة العرب). ولكن الحاجة المتزايدة للتمويل مستمرَّة في التأثير على جهود المنظمة في الوصول إلى المجموعات السكانية المتضرِّرة. وقد عقدت مؤتمرات لإعلان التبرعات، مثل المؤتمر الذي استضافته الكويت حول الاستجابة الإنسانية الإقليمية للأزمة السورية، والمؤتمر الذي استضافته قَطَر حول إعادة إعمار وتنمية إقليم دارفور، وذلك بهدف تقديم الدعم لحشد الموارد اللازمة للجهود الإنسانية في الجمهورية العربية السورية والسودان. ولا تزال عدة بلدان تعاني من حالة طوارئ مستمرة مثل أفغانستان، والصومال، واليمن، وتعاني من نقص حاد في التمويل. فمثلاً، نجد أن الصومال واليمن، اللذين يعانيان من أسوأ الأزمات الإنسانية، لم يلبَّ فيهما سوى 24-27% من متطلبات التمويل اللازمة للقطاع الصحي في عام 2013، مما يترك ملايين الأشخاص يكافحون للوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية في حدودها الدنيا.

وقد أُطلِقَت خطة الاستجابة للمساعدة الإنسانية في الجمهورية العربية السورية، وخطة الاستجابة الإقليمية للأزمة السورية في نهاية عام 2013. وتمت مناقشتهما مع الدول الأعضاء ومع المانحين الدوليين في مؤتمر المانحين لمنظمة الصحة العالمية في جنيف. وتحتاج منظمة الصحة العالمية مبلغاً إجمالياً قدره 246 مليون دولار أمريكي لعام 2014 (186 مليون دولار أمريكي للجمهورية العربية السورية و60 مليون دولار أمريكي للبلدان المجاورة) لتلبية الاحتياجات الملحّة المنقذة لحياة الناس في سوريا وفي المجتمعات المضيفة. وتأتي هذه المتطلبات في إطار أكبر نداء أطلقته الأمم المتحدة حتى الآن من أجل طارئة إنسانية واحدة طُلب فيه 6.5 مليار دولار أمريكي. إذ تمسُّ الحاجة لأكثر من 450 مليون دولار أمريكي لتقديم الأدوية المنقذة للحياة والأجهزة الطبية إلى 9.3 مليون شخص في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة وتلك التي تسيطر عليها المعارضة.

إعداد البلدان لإدارة مخاطر الكوارث والطوارئ

هناك مجموعة من التحدِّيات التي تؤثِّر على قدرات البلدان على تنفيذ الإجراءات على أرض الواقع في مجال التأهب لإدارة الكوارث والطوارئ. ويُعَدُّ عدم الاستقرار الذي يشوب الإقليم بوجه عام من العوامل الكبرى، أما التحدِّيات الماثلة على الصعيد الوطني فتتمثَّل في تغير الأولويات، وارتفاع وتيرة تغيير الموظفين، ونقص توزيع الموارد. ففي بعض البلدان، نرى أن الحاجة إلى الاستجابة للطوارئ الحادة تطغى على تطوير إدارة المخاطر أثناء الطوارئ في القطاع الصحي.

ومع ذلك، فقد أُحرِز تقدُّم في الانتقال من مرحلة وضع السياسات إلى مرحلة التطبيق العملي؛ حيث اعتمد معظم البلدان أسلوباً لإدارة المخاطر يستند إلى مواجهة جميع الأخطار ضمن الإجراءات الوطنية للتأهُّب للطوارئ وللاستجابة لمقتضياتها. وتقدِّم المنظمة الدعم التقني للبلدان من أجل تطوير ومراجعة خططها الوطنية الخاصة بالتأهُّب للطوارئ والاستجابة لمقتضياتها وفقاً للوائح الصحية الدولية، بُغْيَة تعزيز الأمن الصحي في الإقليم.

وظل ضمان سلامة وتأهب المرافق الصحية والقوى العاملة الصحية في الاستجابة لأي طارئة في الصحة العمومية يمثِّل أولوية في كل البلدان؛ إذ تنفذ خمسة بلدان برنامج لسلامة المستشفيات. ونظراً للأهمية البالغة لهذا الموضوع، فقد انضمَّت منظمة الصحة العالمية إلى شبكة "الرعاية الصحية في خطر" التي أنشأتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وواصَلَت المنظمة دعمها لدمج القطاع الصحي في البلدان ضمن إطار العمل الخاص بالحدّ من المخاطر الكوارث. كما تعمل المنظمة حالياً مع الشركاء على الصعيدين الإقليمي والعالمي لدعم البلدان التي تهدف إلى إنشاء قواعد صحية وطنية ينطلق منها تنسيق الإجراءات الصحية للحدّ من المخاطر أثناء الكوارث. وقد استضافَت الأردن المؤتمر العربي الأول حول الحدّ من مخاطر الكوارث لإطلاق المنتدى العربي للحدّ من مخاطر الكوارث. وقد أكّدَت ندوة أقيمت تحت مظلة المؤتمر ذاته على أهمية الصحة كأحد المجالات ذات الأولوية ضمن إطار عمل التنمية لما بعد عام 2015.

 

عضو في فريق الاستجابة السريعة يتلقى تدريبًا على الإيبولا في السودان (الصورة: من منظمة الصحة العالمية). عضو في فريق الاستجابة السريعة يتلقى تدريبًا على الإيبولا في السودان (الصورة: من منظمة الصحة العالمية).

مرض فيروس الإيبولا هو مرض وخيم يصيب البشر وغالبًا ما يكون مميتًا إن لم يُعالَج. فيروس الإيبولا هو جنس من فصيلة الفيروسات الخيطية، التي تشمل أيضًا أجناس فيروس كويفا، وفيروس ماربورغ، وتشمل 5 أنواع من الإيبولا: زائير، وبونديبوجيو، والسودان، وغابات ريستون وتاي.

وتكون الأعراض الأولية هي إصابة مفاجئة بالحُمّى وإعياء وآلام في العضلات وصداع والتهاب في الحلق. ويلي ذلك قيء وإسهال وطفح جلدي وأعراض خلل في وظائف الكلى والكبد، وفي بعض الحالات نزيف داخلي وخارجي (على سبيل المثال نزيف من اللثة، ودم في البراز). وتشمل النتائج المختبرية انخفاض عدد خلايا الدم البيضاء والصفائح الدموية وارتفاع إنزيمات الكبد.

وينتقل الفيروس إلى الناس من الحيوانات البرية وينتشر في البشر بالمخالطة المباشرة عن طريق الدم أو الإفرازات أو الأعضاء أو سوائل الجسم الأخرى للأشخاص المصابين، وكذلك عن طريق الأسطح والمواد الملوثة بهذه السوائل (مثل الفِراش والملابس). وكثيرًا ما يتعرض العاملون في مجال الرعاية الصحية للإصابة أثناء تقديم العلاج للمرضى المشتبه بإصاباتهم بمرض فيروس الإيبولا أو المؤكَّد إصابتهم بالمرض وذلك بسبب مخالطة المرضى عن قُرب وعدم تنفيذ احتياطات مكافحة العدوى بدقة. كما يمكن أن تسهم مراسم الدفن التي تنطوي على ملامسة مباشرة لجثة المتوفى في انتقال فيروس الإيبولا. وهناك حاجة إلى مزيد من بيانات الترصد والبحوث بشأن خطر الانتقال العدوى عن طريق الاتصال الجنسي، وخاصةً عند انتشار فيروس قابل للحياة وللانتقال في السائل المنوي مع مرور الوقت.

ويقتل مرض فيروس الإيبولا نصف المصابين به في المتوسط، رغم أن معدلات الوفيات تراوحت بين 25% و90% في الفاشيات السابقة. وظهر الفيروس لأول مرة عام 1976 في فاشيتين متزامنتين فيما يُعرف الآن بجنوب السودان، وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية قُرب نهر إيبولا الذي أُخذ منه اسم المرض. وكانت الفاشية التي وقع بين عامي 2014 و2016 في سيراليون وليبيريا وغينيا، والتي تسبب فيها نوع زائير، أكبر وأعقد فاشية للإيبولا على الإطلاق، إذ بلغ عدد حالات الإصابة أكثر من 28,000 حالة وبلغ عدد حالات الوفاة أكثر من 11,000 حالة. وبالإضافة إلى الأثر الصحي المباشر، تسببت الفاشية وما يرتبط بها من مخاوف ووصم في إلحاق ضرر جسيم وتعطُّل للاقتصادات المحلية والحياة اليومية. وعاود نوع الفيروس ذاته الظهور في جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 2017، ثم في أيار/مايو وآب/أغسطس 2018.

ولم تُسجل حتى اليوم أية حالات إصابة بمرض فيروس الإيبولا في إقليم شرق المتوسط. وفي الفترة بين تشرين الأول/أكتوبر 2014 وشباط/فبراير 2015، أجرى 20 بلداً من بلدان الإقليم البالغ عددها 22 بلدًا تقييمًا سريعًا لتدابير التأهُّب والاستعداد بها للتصدِّي لفيروس الإيبولا. وقد جرى التصدي لأية فجوات من خلال خطة عمل لمدة 90 يومًا، تتناول القيادة والتنسيق، والقدرات في المعابر الحدودية، والترصُّد وتتبع المخالطين، والكشف والتشخيص المختبريين، والتدبير العلاجي للحالات، والوقاية من العدوى ومكافحتها، والإبلاغ عن المخاطر، والدفن الآمن.

 

فنيّ يحمل حاوية للمياه تحتوي على بيض بعوض الزاعجة المصرية

وسائل انتقال العدوى

ينتقل فيروس زيكا للناس عن طريق لدغة البعوضة المصابة، وينتقل أساساً عن طريق بعوض الزاعجة المصرية في المناطق المدارية. وهو نفس البعوض الذي ينقل حمى الضنك وداء شيكونغونيا والحمى الصفراء. ويوجد البعوض الناقل في 8 بلدان من إقليم شرق المتوسط هي: جيبوتي، ومصر، وعمان، وباكستان، والمملكة العربية السعودية، والصومال، والسودان، واليمن. ومع ذلك، لم يبلغ أي بلد في الإقليم حتى أيار/مايو 2016 عن انتقال العدوى محليًا أو وفود فيروس زيكا من الخارج، ولكن ينبغي للبلدان مراعاة اليقظة للحيلولة دون انتشار الفيروس حال وصوله إلى الإقليم. ويحتاج الترصد الوبائي والمختبري وترصد ناقلات المرض إلى التعزيز في جميع هذه البلدان حتى يمكن اكتشاف أي علامة على حدوث انتقال محلي للمرض أو وفوده من الخارج.

عدد البلدان المتضررة

منذ أعلنت منظمة الصحة العالمية، في 1 شباط/فبراير 2016، عن أن المجموعات المصابة بصغر الرأس والتي يعتقد أنها ترتبط بالإصابة بفيروس زيكا تُعدُّ طارئة صحية عمومية مثيرة للقلق الدولي، استمرت الحالات في الزيادة في البلدان المعروف وجود البعوض الناقل فيها. واعتبارًا من أيار/مايو 2016، أبلغت مجموعة من 60 بلدًا ومنطقة عن انتقال العدوى بفيروس زيكا، منها 46 بلدًا شهدت فاشية فيروس زيكا لأول مرة منذ عام 2015، ولا توجد أية أدلة سابقة على سريان العدوى فيها. وبرغم الإبلاغ عن الانخفاض في حالات الإصابة بعدوى فيروس زيكا في بعض البلدان أو في بعض أجزاء من البلدان، فإنه لم يحدث انخفاض عام في الفاشية، وظل تقييم المخاطر العالمية الشاملة المرتبطة بالفيروس بدون تغيير.

وفي الآونة الأخيرة، أُبلغ عن فاشية لفيروس زيكا في الرأس الأخضر وأظهر التحليل التسلسلي للفيروس أنه نفس الفيروس الذي ينتشر في البرازيل. وهذا دليل واضح على أن فيروس زيكا يمكنه الانتشار على الصعيد الدولي، وإنشاء سلسلة انتقال جديدة في المناطق التي يوجد فيها الناقل.

متلازمة صغر الرأس ومتلازمة غيلان-باريه

لا يوجد توافق دولي في الآراء العلمية حول كون فيروس زيكا هو المسبّب لصغر الرأس ومتلازمة غيلان-باريه. واعتبارًا من أيار/مايو 2016، ذكر عدد من البلدان والمناطق أن صغر الرأس وتشوهات الجهاز العصبي المركزي الأخرى من المحتمل أنهم يرتبطون بعدوى فيروس زيكا أو يشيرون إلى وقوع عدوى خلقية بالفيروس. وبخلاف إمكانية انتقال العدوى بالبعوض، فإن هناك بلاغات أيضًا عن حدوث انتقال للعدوى بالفيروس من شخص إلى شخص وتقع أساسًا من خلال الانتقال الجنسي.

وقد نصح بعض البلدان في القارة الأمريكية اللاتينية النساء بتأجيل الحمل حتى يتسنى فهم هذه المخاطر الصحية الوخيمة على نحو أفضل. وفي 1 شباط/فبراير 2016، أعلنت منظمة الصحة العالمية عن أن المجموعة الأخيرة من الاضطرابات العصبية وتشوهات المواليد التي أبلغ عنها في الأمريكتين تمثل طارئة صحية عمومية مثيرة للقلق الدولي، ودعت إلى تصدٍ عالمي لانتشار العدوى بفيروس زيكا.

الأعراض

لا تظهر الأعراض إلا على 20% فقط من المصابين بعدوى فيروس زيكا، وهي تشمل الحمى الخفيفة والطفح الجلدي وإحمرار العيون. وتستمر هذه الأعراض عادة لمدة 2-7 أيام. ولا يوجد لقاح للوقاية من الإصابة بفيروس زيكا، كما لا يتوفر أي علاج مُحَدّد مضاد للفيروس.

المواقع ذات الصلة

خطة التأهب لمواجهة فيروس زيكا في إقليم شرق المتوسط

خطة التأهب لمواجهة فيروس زيكا في إقليم شرق المتوسط [نشرة إعلامية]

ما هي الطارئة الصحية العمومية المثيرة للقلق الدولي؟

التغطية الكاملة لحالة مرض فيروس زيكا

المواد الأعلامية

Zika virus: we can prevent it (message for general public)

فيروس زيكا: نستطيع أن نقي أنفسنا منه
اللغة الإنجليزية | اللغة العربية | الفرنسية


zika_message_for_health_workers

معلوات يجب أن يعرفها العاملون في مجال الرعاية الصحية عن فيروس زيكا
اللغة الإنجليزية | اللغة العربية | الفرنسية 


zika_message_for_pregnant_women

معلومات يجب أن تعرفها الحوامل عن فيروس زيكا
اللغة الإنجليزية | اللغة العربية | الفرنسية

» موارد أخرى

 
التأهُّب للطوارئ والاستجابة لها PDF طباعة

لمحة عامة

شَهِدَ عام 2014 تصاعداً في حالات الطوارئ وما يصاحبها من احتياجات صحية للسكان المتضرِّرين في عدد من البلدان في الإقليم. ويتضرَّر ما مجموعه 58 مليون شخص من حالات الطوارئ في هذا الإقليم، من بينهم نحو 16 مليون لاجئ أو نازح داخلي. ويأتي أكثر من نصف عدد اللاجئين في العالم من ثلاثة بلدان تقع جميعها في إقليم شرق المتوسط (أفغانستان، والجمهورية العربية السورية، والصومال) تستضيفهم أربعة بلدان فقط (الأردن، وباكستان، وجمهورية إيران الإسلامية، ولبنان). وقد تضاعَف عدد اللاجئين في الأردن، وزاد عددهم ثلاث مرّات في لبنان، خلال 2014، جرّاء الأزمة السورية. ويشكِّل اللاجئون حالياً نسبة 25% من إجمالي عدد السكان في لبنان. وعلى الجانب الآخر، يستضيف الإقليم أيضاً العدد الأكبر من النازحين داخلياً، بسبب النزاعات الدائرة، وتأتي الجمهورية العربية السورية، والسودان، والعراق بين أكثر خمسة بلدان على مستوى العالم تستضيف النازحين داخلياً.

ففي العراق، كان نحو 5.2 ملايين شخص، من مختلف أنحاء البلاد، يحتاجون إلى المساعدة الإنسانية مع حلول أيار/مايو 2015، منهم ما يزيد على 2.9 مليوناً من النازحين داخلياً، ما يمثِّل واحدة من أكبر حالات النزوح الداخلي للسكان في العالم. واعتباراً من كانون الأول/ديسمبر 2014، كان نحو 80% من المرافق الصحية في المحافظات التي تعاني من اختلال أمني، يعمل بشكل جزئي، بينما كان 4% من تلك المرافق متوقفاً تماماً عن العمل. وقد أدَّت مغادرة ما يقرب من نصف جميع العاملين الصحيين إلى إحداث فجوة في تقديم الرعاية الصحية الأولية، والعلاج الجراحي للإصابات، والرعاية التوليدية، في المناطق التي كان العنف متواصلاً فيها. وكانت الإمدادات من الأدوية والمعدات غير منتظمة بسبب عدم إمكانية الوصول إلى الطرق، وانقطاع الكهرباء أو نقص الوقود. وأدَّى التدفق الهائل والسريع للنازحين داخلياً في المحافظات الثلاث التي تُشكِّل إقليم كردستان إلى إنهاك النظام الصحي، وسبَّب نقصاً حاداً في المواد الطبية الأساسية، وأثقل كاهل المرافق الصحية. وفي ضوء النطاق غير المسبوق للصراع وشدة الأوضاع وتعقُّدها، أعلنت اللجنة الدائمة المشتَرَكة بين الوكالات، في آب/أغسطس 2014، الأزمة العراقية طارئة من المستوى الثالث، وهو ما يمثَّل المستوى الأعلى من حالات الطوارئ، وهي الثانية في الإقليم، بعد تصنيف الأزمة في الجمهورية العربية السورية كطارئة من المستوى الثالث في عام 2012.

وفي الجمهورية العربية السورية، وبحلول كانون الأول/ديسمبر 2014، ومرور ثلاث سنوات على الأزمة الدائرة، كان نحو 12.2 مليون شخص قد تضرروا داخل البلاد، من بينهم 7.6 ملايين من النازحين داخلياً، فضلاً عن 4.8 ملايين شخص يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها أو مناطق محاصرة. وهناك نحو 4 ملايين لاجئ إضافي يتّخذون من كل من الأردن، وتركيا، والعراق، ولبنان، ومصر ملاذاً لهم. وبنهاية آذار/مارس 2015، ذكرت التقارير أنه من 113 مستشفى عامة جرى تقييمها، هناك 44% تعمل بالكامل و36% منها تعمل بشكل جزئي، في حين توقّف 20% من هذه المستشفيات عن العمل. وأضحَت فُرص حصول السكان على الخدمات الأساسية محدودة بشكل متزايد، بما في ذلك الرعاية الصحية المنقذة للحياة، مع عدم مقدرة المرافق الصحية القادرة على العمل، على مواكبة الاحتياجات المتزايدة للسكان المتضررين في مناطق النزاع. وقد أدَّت الأوضاع المعيشية الشديدة الاكتظاظ، إلى جانب الانخفاض الكبير في التغطية الشاملة بالتطعيم، إلى جعل السكان معرَّضين بشكل متزايد للإصابة بالأمراض السارية كالحصبة والتيفود والسعال الديكي.

وفي آذار/مارس 2015، تصاعَد النزاع في اليمن ليصل العنف إلى 19 محافظة من المحافظات اليمنية البالغ عددها 22 محافظة. وبحلول حزيران/يونيو، كان ما يزيد على 20 مليون شخص قد تضرروا جرّاء ذلك، مع احتياج ما يناهز 15 مليون شخص إلى خدمات الرعاية الصحية. وفي أيار/مايو، تضاعف تقريباً عدد النازحين داخلياً ليتجاوز مليون شخص. وأدَّى النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية ونقص الوقود اللازم لتشغيل مولدات المستشفيات وللحفاظ على سلسلة التبريد اللازمة لحفظ اللقاحات إلى انهيار تدريجي للنظام الصحي. وأدَّى نقص الوقود أيضاً إلى عدم، أو قلة حصول ما يقدَّر بـ 9.4 مليون شخص على مياه مأمونة. وأوردت التقارير ارتفاعاً شديداً في الحالات المشتبه في إصابتها بالملاريا وحمّى الضنك، حيث وصل عدد الحالات المشتبهة إلى ما يزيد على 3000، بالإضافة إلى عدد من الوفيات. وأعاقَت صعوبة الوصول إلى المناطق المتضرِّرة منظمة الصحة العالمية وشركاءها عن إجراء تقييم للأوضاع، والقيام بتدابير مكافحة النواقل. وأوردت التقارير أيضاً استمرار وقوع عدد كبير من أمراض الإسهال والالتهاب الرئوي. وزاد التأخُّر في إجراء حملات التطعيم وإلغاؤها من خطر وقوع فاشيات للحصبة، كما يهدد ذلك بمعاودة دخول فيروس شلل الأطفال إلى البلاد، على الرغم من عدم الإبلاغ عن أي من حالات شلل الأطفال منذ حزيران/يونيو. وقد أتاحت هُدنة إنسانية، مدتها خمسة أيام، في أيار/مايو، قيام المنظمة وشركائها بتوسيع نطاق استجابتها في مختلف أنحاء البلاد، بَيْد أن الدعوات التي أُطلِقت من أجل هدنة ثانية في شهر رمضان المعظم قد باءت بالفشل.

وفي باكستان، أدَّت العمليات العسكرية في وكالة وزيرستان الشمالية إلى نزوح نحو 500.000 شخص، في حزيران/يونيو 2014، ليصل بذلك إجمالي عدد النازحين إلى نحو مليون شخص؛ 74% منهم نساء وأطفال. وأدَّى سوء الأحوال الجوية والمساكن المكتظة في المجتمعات المستضيفة لهؤلاء النازحين، فضلاً عن ضعف التغذية، إلى زيادة مخاطر الإصابة بالأمراض التي تنتقل عن طريق المياه كالكوليرا وغيرها من أمراض الإسهال، فضلاً عن الأمراض المنقولة بالهواء كالالتهاب الرئوي والحصبة.

وفي ليبيا، اندلعت اشتباكات، في حزيران/يونيو 2014، بين القوى المتناحرة في طرابلس وبنغازي. وبحلول كانون الأول/ ديسمبر 2014، كان ما يزيد على 2.5 مليون شخص في حاجة إلى مساعدة إنسانية، من بينهم نحو 400.000 من النازحين. وأدَّى نقص الأدوية والمستلزمات الطبية، إلى جانب إجلاء العديد من القوى العاملة الصحية الدولية الموجودة بالبلاد، إلى ضُعف النظام الصحي وإلى إنهاك المرافق الصحية القادرة على العمل.

وفي فلسطين، تسبَّب 51 يوماً من القتال في غزة، خلال شهرَي تموز/يوليو و آب/ أغسطس 2014، في مقتل 2.333 فلسطينياً، وإصابة 15.788 آخرين، كما أدَّى إلى نزوح نحو نصف مليون شخص، وتدمير ما يصل إلى 22.000 منزل أو أنها باتت غير صالحة للسكن، مع بقاء نحو 100.000 شخص بلا مأوى مع نهاية العام. وقد سبَّب النزاع أضراراً واسعة النطاق للبنية الأساسية، بما في ذلك المستشفيات والعيادات وسيارات الإسعاف، فضلاً عن مرافق المياه والصرف الصحي، مما أدَّى إلى تقليص فُرَص الحصول على الخدمات الأساسية.

ومع تصاعُد النزاع المسلح في أفغانستان، من حيث الشدّة والنطاق الجغرافي، ارتفع عدد الأشخاص الذين هم في حاجة إلى الخدمات الصحية من 3.3 ملايين في عام 2013، إلى 5.4 ملايين في عام 2014. وما برح الصراع يسبب اضطراباً شديداً في تقديم الخدمات الصحية. ولايزال أكثر من 30% من سكان أفغانستان يفتقرون إلى الرعاية الصحية الأساسية أو يصعب حصولهم عليها.

وفي الصومال، حذَّرت الأمم المتحدة، في حزيران/يونيو 2014، من "حالة طوارئ إنسانية تلوح في الأفق"، حيث يفتقر نصف سكان البلاد تقريباً إلى الخدمات الأساسية، كما يحتاج نحو 3.2 مليون امرأة ورجل إلى خدمات صحية طارئة. وما يزال نظام الرعاية الصحية يعاني من الضعف، كما أن هناك نقصاً حاداً في العاملين الصحيين الأكفاء. ويُرى تأثير هذا النقص الحاصل في الخدمات الأساسية، أكثر ما يُرى، بين الأشخاص النازحين داخلياً الذين يتواصل تضررهم من فاشيات الأمراض الناجمة عن الظروف المعيشية المكتظة ونقص المرافق الصحية، ومحدودية الخدمات الصحية.

وتسبّبت الكوارث الطبيعية في حصد المزيد من الأرواح. ففي أيلول/سبتمبر 2014، تسبّب الفيضان في السودان، في تشريد أكثر من 320.000 من الرجال والنساء والأطفال، في حين تضرر نحو 1.8 مليون شخص في باكستان جرَّاء الأمطار الموسمية والفيضانات، التي أسفرت عن وفاة 282 شخصا وإصابة 489 آخرين. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 42.000 منزل تعرَّضت لأضرار أو أنها دُمِّرت، في حين غمرت المياه ما يُقدَّر بـ 976.5 مليون هكتار من الأراضي الزراعية، في وقت كانت المحاصيل فيه شبه جاهزة للحصاد. وكانت بعض المناطق المتضرِّرة من بين تلك التي تعرَّضت من قَبْل للفيضان في عام 2013.

وتقوم المنظمة بحشد كل إمكاناتها من أجل الاستجابة لمقتضيات حالات الطوارئ المذكورة آنفاً، وذلك من خلال قيادتها لأعمال المجموعة المعنية بالخدمات الصحية الإنسانية، وتنفيذ المهام المنوطة بها في مجال تعزيز ترصُّد الأمراض، ونُظُم الإنذار المبكِّر، وتعزيز وظائف الصحة العمومية الأخرى، بما في ذلك مكافحة الفاشيات المرضية والتمنيع والمساعدة على استمرار خدمات الرعاية الصحية الأولية والخدمات المنقذة للحياة.

التحدّيات واستجابة منظمة الصحة العالمية للطوارئ في الإقليم

تمثَّل محدودية القدرة على الوصول إلى المناطق المتضرِّرة، بسبب انعدام الأمن، واحداً من أكبر التحدّيات التي تعوق قدرة المنظمة على الاستجابة لمقتضيات الطوارئ. ففي الجمهورية العربية السورية، استوجَبَت القدرة المحدودة على الوصول إلى تلك المناطق إيجاد حلول أكثر ابتكاراً من أجل الوصول إلى السكان الذين هم في حاجة إلى الخدمات. وفي اليمن، تسببت قيود الدخول إلى البلاد عبر أي من الموانئ، في تأخير تسليم الإمدادات من المستلزمات الصحية التي تَمَسُّ الحاجة إليها. وحتى داخل البلاد، تَسَبَّب العنف وانعدام الأمن في جعل الوصول إلى بعض المناطق أمراً غير ممكن الحدوث، وزاد من مخاطر وقوع أمراض مثل الملاريا وحمّى الضنك، في ظل عدم حصول المرضى على الرعاية الصحية، وبالتالي عدم تشخيص المرض وتلقِّي العلاج في الوقت المناسب. ومن بين التحدّيات الأخرى الإضافية، الهجمات المتكرِّرة التي تستهدف العاملين في الرعاية الصحية والمرافق الصحية والبنية الأساسية الصحية. وقد أدان المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية علناً في عام 2014 مثل هذه الهجمات التي وقعَت في أفغانستان، وفلسطين، والجمهورية العربية السورية، والسودان، والعراق، واليمن. وعلى جانب آخر، شكَّل أيضاً غياب التمويل المستدام للصحة في ما يختص بالاستجابة للطوارئ، تحدّياً رئيسياً يحدّ من قدرات المنظمة وشركائها في مجال الصحة على الاستجابة، ويُنذر بخطر إغلاق الخدمات والبرامج الصحية القائمة. ففي عام 2014، وَقَف مستوى تمويل الصحة في هذا الإقليم عند نسبة 45.6%، في حين كانت نسبة تمويل التنسيق 84.8%، والغذاء بنسبة 61.8%. وعلى الرغم من تزايُد الاحتياجات، فلم تتجاوز نسبة تمويل الصحة لعام 2015 نسبة 12.5% حتى أيار/مايو. ويتواصَل اعتماد البلدان التي تَمُرّ بأزمات اعتماداً كبيراً على المساعدات الإنسانية والمالية الخارجية، والتي قد لا تصل دائماً عندما تكون تلك البلدان في أشد الحاجة إليها.

وعلى حين زادت الاحتياجات في مجال رعاية الإصابات والرضوح، فإن القدرات تتناقص بين الشركاء لتلبية هذه الاحتياجات، وذلك بسبب انعدام الأمن. ففي الجمهورية العربية السورية، حيث تعرَّض مليون شخص لإصابات خلال الربع الأول من عام 2015، اضطر الشركاء في مجال الصحة إلى الانسحاب الكامل من المناطق "الساخنة"، تاركين وراءهم هوَّة عميقة في مجال تقديم رعاية الإصابات والرضوح. وكذلك، فإن التحرُّكات الجماعية للسكان، مقرونة بانخفاض معدّلات التمنيع ونقص اللقاحات، تُعرِّض الإقليم بأكمله لخطر وقوع الفاشيات المرضية. وقد أدَّى انتشار شلل الأطفال والحصبة في الجمهورية العربية السورية، نتيجة للأزمة الدائرة فيها، إلى عودة دخول شلل الأطفال إلى العراق في عام 2014 بعد مرور 14 عاماً على خلوِّه من هذا الداء.

ومن بين التحدّيات التشغيلية التي واجهتها المنظمة والشركاء في مجال الصحة، الاضطراب الحاصل في النُظُم الصحية، ووجود أعداد متزايدة من المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية الإصابات والرضوح (ولاسيَّما في المناطق التي يصعب الوصول إليها)، والأعداد المتنامية من النازحين داخلياً، والنقص الحاد في القوى العاملة الصحية؛ حيث هرب العاملون الصحيون مع أسرهم، واضطراب نُظُم الإحالة نتيجة لانعدام الأمن وقطع الطرق والنقص الحاد في الأدوية واللقاحات الأساسية. وزادت التحرُّكات السكانية الجماعية من مخاطر الإصابة بالأمراض السارية، في ضوء سعي النازحين داخلياً إلى إيجاد ملاذ لهم داخل المخيمات والأماكن العامة المكتظة. كما زادت الأضرار التي لحقت بالبنية الأساسية لمرافق المياه والنظافة العامة من مخاطر الإصابة بالأمراض التي تنتقل عن طريق المياه. وتعرَّضَت نُظُم ترصُّد الأمراض لاضطراب بسبب القدر المحدود من البيانات والمعلومات التي تصل إليها. واضطر المرضى المصابون بأمراض غير سارية مزمنة إلى البحث عن أماكن بديلة لتلقِّي العلاج، حيث أغلَقَت المرافق الصحية أبوابها أو أعلَنَت عن نقص الأدوية الأساسية لديها. وازدادت أيضاً الاحتياجات الخاصة بالصحة النفسية نتيجة للعنف الدائر.

وفي أعقاب تصنيف الأزمة في العراق في المستوى الثالث، وهو ما يعني استجابة المنظمات على مستوى العالم، تم تعزيز قدرات مكتب المنظمة القُطري بنشر أكثر من 21 موظفاً دولياً لديهم خبرات في جميع المجالات وذلك بحلول أيار/مايو، وإنشاء محاور و/أو مراكز اتصال للمنظمة في جميع المحافظات الـتسع عشرة. وقامت المنظمة، بتمويل من المملكة العربية السعودية، بشراء وتشغيل 10 عيادات متنقلة في شمال العراق تغطي احتياجات 300.000 من النازحين داخلياً والمجتمعات المستضيفة لهم. ويأتي هذا المشروع في إطار استجابة المنظمة الأوسع نطاقاً لتقديم حزمة أساسية من خدمات الرعاية الصحية الأولية والثانوية، في الوقت المناسب. ومع حلول أيار/مايو 2015، كان قد تم توفير الإمكانية لـ 3.5 مليون شخص في العراق للحصول المباشر على الأدوية الأساسية والأجهزة الطبية التي قامت المنظمة بشرائها والتجهيز بها.

وتأكَّد، في مطلع عام 2014، وجود حالتين من شلل الأطفال في العراق. وقد تمكَّنت المنظمة، جنباً إلى جنب مع الشركاء في مجال الصحة، من المؤسسات الوطنية ومن الوكالات التابعة للأمم المتحدة، من تطعيم أكثر من 5 ملايين طفل ضد شلل الأطفال، في ثلاث حملات تمنيع وطنية، وذلك بحلول أيار/مايو 2015.

وفي الجمهورية العربية السورية، وفَّرَت المنظمة العلاج الطبي، في عام 2014، لأكثر من 13.8 مليون شخص ممن يحتاجون إليه في مختلف أنحاء البلاد، مع توزع أكثر من 32% من تلك المعالجات في المناطق التي يصعب الوصول إليها، وتلك التي تسيطر عليها المعارضة. كما حشدت المنظمة أيضاً أكثر من 17.000 من العاملين في الرعاية الصحية لتطعيم نحو 2.9 مليون طفل ضد شلل الأطفال، من خلال 10 حملات للتمنيع، كما تم تطعيم 1.1 مليون طفل ضد الحصبة.

وفي اليمن، وزَّعَت المنظمة، في الفترة ما بين آذار/مارس و حزيران/يونيو2015، ما يقرب من 130 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية، وأكثر من 500.000 لتر من الوقود لضمان استمرار عمل المستشفيات الرئيسية ومستودعات اللقاحات وسيارات الإسعاف والمختبرات الوطنية ومراكز الكلى والأورام والمراكز الصحية في 13 محافظة، تصل خدماتها لأكثر من 4.7 مليون مستفيد، بمن فيهم 700.000 من النازحين داخلياً، و140.000 من الأطفال دون سن الخامسة. ووفَّرت المنظمة أيضاً المياه المأمونة، ومجموعات من لوازم النظافة الصحية والمستلزمات للمرافق الصحية وللنازحين داخلياً الذين تستضيفهم المجتمعات المتضرِّرة. كما وفَّرت خدمات نقل المياه بالشاحنات إلى المرافق الصحية وإلى المجتمعات التي ترتفع فيها أعداد النازحين داخلياً. ووفرت المنظمة كذلك أدوية السل والملاريا، ودعمَت الاستجابة للفاشيات المرضية ومكافحتها.

وقامت المنظمة، إبَّان الصراع في غزّة وما بعده، بتيسير تسليم الأدوية والمستلزمات الطبية للمستشفيات والمرافق الصحية، لصالح مئات الآلاف من المرضى. وأعيد تفعيل نظام المجموعات الصحية تحت قيادة المنظمة، جنباً إلى جنب مع وزارة الصحة. وتولت المنظمة إجراء العنصر الخاص بالصحة في التقييم المتعدد المجموعات، وقادت مجموعة الصحة لاستكمال التقييم المشترك للقطاع الصحي. وعلى الرغم من النزاع الدائر، فقد حرصَت المنظمة على تواصُل الدعوة إلى تمكين المرضى الذين لديهم إحالات إلى الخارج، كما أنها تعمل على مستوى السياسات من أجل تيسير حصول المرضى على ذلك.

إدارة المخاطر الصحية

أقرَّت اللجنة الإقليمية أهمية الحاجة إلى تعزيز التأهُّب للطوارئ والاستجابة لمقتضياتها من خلال اعتماد نَهْج مواجهة جميع الأخطار، واتباع نَهْج متعدد القطاعات (ش م/ل إ 61/ق-1)، وطلبت تعزيز الدعم التقني من جانب المنظمة من أجل تعزيز القدرات الوطنية لإدارة مخاطر الطوارئ. ومع نهاية 2014، كان 19 بلداً قد تلقَّى دعماً في مجال مراجعة خططها الوطنية القائمة الخاصة بالتأهُّب للطوارئ والاستجابة لها، بهدف اعتماد النَهْج الشامل في هذا الشأن. وقد أكمل بَلَدان، حتى الآن خططهما الوطنية للتأهُّب لجميع مخاطر الطوارئ والاستجابة لها في ما يتعلق بالصحة. وفي إطار دعم عملية التخطيط، تم تجريب البروتوكول الشامل لتقييم المخاطر المرتبطة بجميع الأخطار في جمهورية إيران الإسلامية، بالإضافة إلى إجراء تحليل شامل لدرجة التأثُّر بالمخاطر. وفي أفغانستان، تم، بالتعاون مع الشركاء، تعزيز القدرات في مجال التدبير العلاجي للإصابات الجماعية.

وتمكَّنت المنظمة، في عام 2014، من إنجاز أعمالها في حالات الطوارئ في هذا الإقليم، بفضل الدعم الذي قُدِّم من العديد من الدول المانحة، ومن بينها أستراليا، وكندا، والصين، والمفوضية الأوروبية، وفنلندا، وإيطاليا، واليابان، وكوريا، والكويت، والنرويج، والاتحاد الروسي، والمملكة العربية السعودية، وسويسرا، وتركيا، والإمارات العربية المتحدة، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية.

تنفيذ الاستراتيجيات التي أقرتها اللجنة الإقليمية

أُحرز تقدُّم في ما يتعلق بتنفيذ القرارات التي اعتمدتها اللجنة الإقليمية. فقد شُرع في عملية إنشاء صندوق إقليمي للتضامُن في حالات الطوارئ، بهدف ضمان تمويل يمكن التنبؤ به للاستجابات المفاجئة/السريعة للكوارث الطبيعية أو التي هي من صنع الإنسان، التي قد تقع في الإقليم. وقد شددت اللجنة الإقليمية على أهمية هذا الأمر، وحثّت الدول الأعضاء على المساهمة في الصندوق بتخصيص نسبة لا تقل عن 1% من ميزانية المنظمة التي تُخصَّص للبلدان، إلى جانب أي مساهمات طوعية أخرى متى أمكن.

وسعياً لهدف إنشاء قائمة إقليمية تَضُم خبراء أكفاء يكونون قادرين على الاستجابة بالسرعة والفاعلية المطلوبة لمقتضيات أي حالة من حالات الطوارئ، بما في ذلك فاشيات الأمراض، فقد تم دعم بناء القدرات في مراكز الاتصال المعنية بحالات الطوارئ، للتدرب على الاستجابة في حالات الطوارئ المفاجئة، وسيتواصل دعم هذه الأنشطة بصفة سنوية. وبُغْيَة ضمان شراء المستلزمات والمعدات الطبية الحيوية، وتوفيرها في الوقت المناسب، للبلدان التي تَمُرّ بحالات طوارئ في الإقليم وما وراءه، فقد أتمَّت المنظمة اتفاقاً مع حكومة الإمارات العربية المتحدة لإنشاء مركز مخصص للعمليات الإنسانية/الخدمات اللوجستية للمنظمة.

وستواصِل المنظمة العمل مع الدول الأعضاء من أجل تعزيز قدرات النُظُم الصحية لمنع وقوع الطوارئ والأزمات، والتخفيف من أثرها، والتأهُّب والاستجابة لها، والتعافي منها، باتباع نهج متعدِّد القطاعات يراعي الصحة كمنظومة متكاملة، مع التركيز بوجه خاص على تعزيز القدرات التقنية في مجال التأهُّب.

 
تنفيذ الإصلاحات الإدارية لمنظمة الصحة العالمية PDF طباعة

البرامج ووضع الأولويات

واصَلَت المنظمة تعزيز تنفيذها للإصلاح في مجالَيْ استراتيجية البرامج ووضع الأولويات، بهدف تحسين الحصائل الصحية على الصعيدين العالمي والإقليمي من خلال التركيز على ما تتمتع به المنظمة من مزايا نسبية. ومن جانبه، دعم المكتب الإقليمي الجوانب الاستراتيجية لعمل المنظمة على المستوى القُطري من خلال الاتصال المنتظم بالمكاتب القُطرية للمنظمة والجهات صاحبة المصلحة المعنية في الإقليم بشأن إعداد استراتيجيات التعاون القُطري ورصد تنفيذها وتقييمها. وأُعلِن عن البدء في تنفيذ دلائل إرشادية جديدة لاستراتيجيات التعاون القُطري. كما وضِعت مجموعة رائدة أولية من أربعة بلدان، وقُدِّم لها التدريب على استخدام هذه الدلائل الإرشادية الجديدة، التي تؤيد تعزيز الملكية الوطنية للاستراتيجيات وتدعم إجراء عملية تشاورية وشاملة للجميع عند التفاوض بشأن هذه الاستراتيجيات وإعدادها. كما عزَّز المكتب الإقليمي إقامة الشراكات مع المؤسسات الأخرى مثل جامعة الدول العربية، ومجموعة الأمم المتحدة الإنمائية الإقليمية، ومنظمة التعاون الإسلامي، ومنظمات وهيئات الأمم المتحدة الإقليمية ونُفِّذت عملية التخطيط التشغيلي من القاعدة إلى القمة في وقت مناسب قبل انطلاق الحوار الخاص بتمويل منظمة الصحة العالمية الذي عُقِد في تشرين الثاني/نوفمبر 2015، ومِن ثَم كان من الممكن البدء في تنفيذ هذا التخطيط في وقت مبكر بدرجة متساوية بالنسبة للثنائية 2016-2017.

وأظهرت نتائج التقارير التي أُعِدت عند نهاية الثنائية حول تقييم أداء الميزانية البرمجية للثنائية 2014-2015 أن الميزانية الأساسية الإقليمية، وقيمتها 268 مليون دولار أمريكي، قد تم تمويلها عند مستوى 84% في حين مُوِّل 89% من الميزانية الـمُخصَّصة لحالات الطوارئ وقدرها 585 مليون دولار أمريكي. وبلغ استخدام الميزانية البرمجية الأساسية (المصروفات والأعباء) 83%، كما وصل استخدام التمويل الفعلي المتاح إلى 99%. أما استخدام الميزانية في برنامج الطوارئ بالنسبة للإقليم فقد بلغ 85% في المجمل، ووصل استخدام التمويل إلى 96%، ليرتفع بذلك إجمالي استخدام المنظمة للتمويل على المستوى الإقليمي إلى 97% بنهاية الثنائية. وشهد الاستثمار في الأعمال التي تحظى بالأولوية على المستوى القُطري ضخ 85% من التمويل المرن الـمُخصَّص للأولويات القُطرية.

كما ارتفع كذلك إنجاز النواتج التقنية، لا سيّما عند النظر إليها في مقابل الجهود المتواصلة التي تبذلها المكاتب الإقليمية والمكاتب القُطرية من أجل الاستجابة لأوضاع الطوارئ المدفوعة بالأحداث، مع إنجاز 78% من النواتج إنجازاً كاملاً، أما النسبة المتبقية وقدرها 22% فقد أُنجِزت جزئياً.

لقد كان المكتب الإقليمي شريكاً فاعلاً في تعزيز شبكات الفئات ومجالات البرامج العالمية التي أسهمت في تحقيق الترابط البرنامجي والتقني على المستويات العالمية والإقليمية والقُطرية. ولعب كل من شبكات الفئات ومجالات البرامج دوراً رئيسياً في المواءمة بين الأولويات الـمُستقاة من عملية التخطيط على المستوى القُطري من القاعدة إلى القمة والالتزامات المنبثقة، ضمن جملة أمور، من القرارات الإقليمية والعالمية، على النحو الذي يضمن أن تكون خطط العمل شاملة ومكتمِلة.

وتمهيداً لإقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2015 لخطة التنمية الجديدة للفترة 2016-2030 التي تم الإعراب عنها في صورة 17 هدفاً من أهداف التنمية المستدامة، منها هدف خاص بالصحة (الهدف 3) تندرج تحته 13 غاية، شرع المكتب الإقليمي في العمل على إعداد الخطط من أجل معالجة جدول الأعمال غير الـمُنجَزة من الأهداف الإنمائية للألفية وتنفيذ خطة أهداف التنمية المستدامة المتكاملة. وقد عُرِضت ورقة حول هذا الموضوع على اللجنة الإقليمية في دورتها الثانية والستين.

وفي إطار الاستعراضات البرنامجية الدورية المستمرة، عُقِدت مشاورة للخبراء في مطلع عام 2016 حول البرنامج العربي العالمي. واستعرض المشاركون في هذه المشاورة، ممن لديهم خبرة في مجالات الترجمة والنشر والصحة العمومية، عمل البرنامج وما حققه من إنجازاتٍ على مدار العِقْدين الماضيين. وأوصى المشاركون بضرورة تركيز موارد البرنامج العربي العالمي على ترجمة إصدارات المنظمة التي تدور حول المجالات الاستراتيجية ذات الأولوية، وعلى تحديث المعجم الطبي الموحد، وذلك مع مراعاة السياق الحالي والضغوط الملقاة على الموارد المتاحة والحاجة إلى تيسير التركيز الاستراتيجي للبرنامج.

الحَوْكَمة

حفاظاً على ما جرت به العادة في السنوات القليلة الماضية، عُقِد قبيل جمعية الصحة العالمية اجتماع رفيع المستوى ضم وزراء الصحة وممثِّلي الدول الأعضاء والبعثات الدائمة في جنيف. وما فتِئت هذه الاجتماعات تتيح فرصةً سانحةً يتم فيها مع وزراء الصحة وكبار المسؤولين الحكوميين استعراض التقدُّم الـمُحرَز في بلوغ الأولويات الرئيسية منذ اللجنة الإقليمية السابقة، وتعزيز مشاركة الدول الأعضاء في المناقشات العالمية الدائرة حول الصحة وإصلاح منظمة الصحة العالمية. كما أتاحت الاجتماعات اليومية التي عُقِدت أثناء المجلس التنفيذي وجمعية الصحة العالمية فرصاً إضافية للدول الأعضاء بإقليم شرق المتوسط حتى تتفاعل وتتفق على المواقف المشتركة التي تؤثِّر على الإقليم.

وأقرَّت اللجنة الإقليمية، في دورتها الثانية والستين التي عُقِدت في تشرين الأول/أكتوبر 2015، خمسة قرارات تتعلق بالأولويات الاستراتيجية للإقليم. وقد خُصِّص اليوم السابق على انطلاق اللجنة الإقليمية مباشرة لعقْد اجتماعات تقنية تناقش القضايا الجارية التي تحظى بالأهمية. وعُرِضت النتائج التي أسفرت عنها المناقشات على اللجنة الإقليمية للتباحث بشأنها أكثر، متى كان ذلك ملائماً. وهذه الآلية، التي تنبثق عن النظام الداخلي الـمُنقَّح الذي اعتمدته اللجنة الإقليمية في دورتها التاسعة والخمسين، أثبتت التجربة أنها منتدًى مفيدٌ لإجراء مناقشات تقنية رفيعة المستوى مع الدول الأعضاء.

الإدارة

واصَل المكتب الإقليمي إعداد أدوات أساسية من أجل تعزيز عملية إصلاح المنظمة، مع إيلاء اهتمام خاص إلى الإصلاح الإداري، وذلك من خلال العمل عن كثب مع جميع المستويات الأخرى للمنظمة بغية تحقيق الأهداف الواردة في برنامج العمل العام الثاني عشر. كما استمر المكتب الإقليمي في تحسين قُدراته على التخطيط والتنبؤ والتنفيذ والرصد والتقييم بهدف رفع كفاءة الاستفادة من الموارد المحدودة وتوزيعها بكفاءة أكثر، حتى تكون المنظمة أوفى بالغرض المنشود منها في الإقليم.

وقد عزَّز المكتب الإقليمي ثقافة المساءلة استكمالاً للإجراءات الإدارية المرتبطة بعملية الإصلاح والتي تتصل بتنقُّل الموظفين وتناوبهم، وإدارة الأداء، وتخطيط الموارد البشرية وإدارتها. وتمحورت جهود التحسين حول المساءلة والضوابط مع التركيز على المجالات الخمس للامتثال التي ورد ذكرها مراراً وتكراراً في ملاحظات عمليات المراجعة الداخلية والخارجية التي أُجريت في السنوات السابقة؛ وهذه المجالات الخمس هي: المساهمات المالية المباشرة، والتنفيذ المباشر، وأوامر شراء السلف، وقوائم جرد الأصول، والترتيبات التعاقدية لغير الموظفين. وجرى رصد هذه المجالات بدقة طيلة العام من خلال أدوات لمتابعة الامتثال كل شهر. وبنهاية العام تحقق بالكامل الهدف الـمُتمثِّل في تقليل ملاحظات عمليات المراجعة إلى أدنى حد وإقفال جميع ملاحظات عمليات المراجعة التي لم تُقفَل منذ مدة طويلة، إذ أُقفِل أكثر من 230 توصية من توصيات المراجعة. حصل ذلك في الوقت الذي رحَّب فيه المكتب الإقليمي بعددٍ غير مسبوق من بعثات المراجعة إلى الإقليم (سبع بعثات أُوفِدت بعثتان منها إلى المكتب الإقليمي) خلال السنة نفسها. وانتهت جميع عمليات المراجعة إلى تقديرات إما مُرضية أو مُرضية جزئياً، مما يُظهِر تحسُّناً واضحاً في تنفيذ الضوابط مقارنة بالعام الماضي، والتزاماً عميقاً بعدم التسامح نهائياً مع أي حالة من حالات عدم الامتثال عبر الإقليم.

ونفَّذ المكتب الإقليمي عدداً من المبادرات خلال الثنائيتين الفائتتين التي ثبتت جدواها للأقاليم الأخرى أيضاً. ومن هذه المبادرات: تحديد دور خاص للامتثال وإدارة المخاطر؛ وتحسين رصد الامتثال وإعداد التقارير من خلال أدوات المتابعة؛ وإبرام اتفاقات المساءلة مع مديري مراكز الميزانية والمسؤولين الإداريين ترتبط بآليات إدارة الأداء؛ واستبيانات التقييم الذاتي للمديرين دعماً لتأكيدات الإدارة بشأن الرقابة الداخلية؛ ومبادرات بناء القُدُرات مثل برنامج التدريب المتكامل لمراكز الميزانية ومنتديات الامتثال والكثير من المبادرات التوعوية الأخرى؛ وتنفيذ المشروعات الرائدة كأساس للاستعراضات البرنامجية والإدارية؛ وإنشاء قُدرات دعم إضافية لتلبية الاحتياجات المفاجئة مع إيلاء اهتمام خاص إلى البلدان التي تشهد حالات طوارئ؛ والقيام بزيارات مُوجَّهة إلى البلدان من أجل تقديم الدعم الميداني؛ وتعزيز الدعم الإداري الـمُقدَّم لأغراض التأهُّب للطوارئ والاستجابة لها، بما في ذلك إنشاء صندوق تضامن إقليمي.

وسوف تتصدَّى المنظمة لعددٍ من التحدِّيات النوعية خلال الثنائية 2016-2017 منها الحاجة إلى بناء قُدرات المؤسسات لدعم الدول الأعضاء حتى تظل متوائمة مع المتطلبات المتغيرة؛ وتعزيز وجهات النظر على المستوى القُطري في الاستجابة لحالات الطوارئ الحادة والممتدة؛ والنظر في نشر فرق الاستجابة للطوارئ وتنفيذ الأعمال على أساس مبدأ عدم الندم؛ وإنشاء سجل للمخاطر الإقليمية إضافة إلى سجل المخاطر المؤسسية؛ ومواصلة التحسين في المساءلة والضوابط على النحو الوارد في الأُطر التنظيمية.

 


الصفحة 64 من 93