توسيع نطاق التغطية الصحية الشاملة

إن الغايات العالمية والإقليمية للمنظمة بشأن توسيع نطاق التغطية الصحية الشاملة تُظهر الالتزامات المتكررة لقادة العالم لضمان حصول الجميع على الخدمات الصحية الجيدة التي يحتاجون إليها دون معانتهم من المصاعب المالية.

ما زلنا بعيدين كل البعد عن تحقيق هذا الهدف الطموح في إقليم شرق المتوسط. فوفقاً لأحدث تقرير عالمي للرصد، وهو تقرير الرعاية الصحية الأولية على الطريق إلى التغطية الصحية الشاملة، ما زالت التغطية الصحية الأساسية في الإقليم أقل بكثير من معظم أقاليم منظمة الصحة العالمية الأخرى. ففي الفترة بين عامي 2000 و2017، ارتفع مؤشر التغطية بالخدمات من أجل بلوغ التغطية الصحية الشاملة، وهو المؤشر الذي يقيس مدى توفر الخدمات الأساسية، ارتفع على الصعيد العالمي من 45 إلى 66 من أصل 100، بينما كان إقليمنا متأخراً بدرجة أقل من 60.

ويقوّض النقص الحاد في الموارد البشرية والمالية في كثير من بلدان الإقليم فرص الحصول على الخدمات الصحية. فالنظم الصحية تعاني من الفجوات وأوجه الضعف، مع عدم كفاية تكامل الخدمات، وسوء التنظيم أو عدم اتساقه، وقلة التركيز على ضمان الجودة وسلامة المرضى. وفي الوقت نفسه، تتعرض أعمال الوقاية من الأمراض ومكافحتها للخطر بسبب التحيّز والوصم ونقص المعلومات، فضلاً عن الحواجز المادية واللوجستية الأكثر وضوحاً، والاضطراب وانعدام الأمن الناجم عن حالات الطوارئ الإنسانية.

وفي عام 2019، سعت المنظمة مع دولنا الأعضاء وشركائنا إلى التصدي لهذه التحديات من خلال مجموعة كبيرة من الأنشطة.

تعزيز الرعاية الصحية الأولية

إن الرعاية الصحية الأولية هي حجر الزاوية لأي نظام صحي فعّال، وتعمل منظمة الصحة العالمية مع دولنا الأعضاء لمساعدتها على تطوير الرعاية الصحية الأولية وضمان دمجها بفعالية مع عناصر النظام الصحي الأخرى.

وتُعَدُّ مبادرة قياس الرعاية الصحية الأولية وتحسينها، التي أُطلِقت في يوم الصحة العالمي الموافق 7 نيسان/أبريل 2019، مبادرةً رائدةً في الإقليم في إطار الجهود الرامية إلى تأكيد الصلة بين الرعاية الصحية الأولية والتغطية الصحية الشاملة. فتقدم هذه المبادرة نهجاً تدريجياً لمساعدة البلدان على تعزيز تقديم الرعاية الصحية الأولية، ابتداءً من التقييم الموحَّد والمتعمق لنظام الرعاية الصحية الأولية في كل بلد من أجل إرساء القاعدة الأساسية وتحديد الثغرات والتحديات الرئيسية. وبعد ذلك سوف يُقدَّم الدعم إلى البلدان لإعداد تدخلات استراتيجية مُصممة خصيصاً لتحقيق تحسينات قابلة للقياس.

ويجري حالياً إعداد مجموعة من المنتجات الإعلامية لدعم المبادرة، لا سيما المرتسمات القُطرية للرعاية الصحية الأولية ومرتسمات العلامات الحيوية التي تعطي صورة سريعة لتقديم هذه المنتجات في كل بلد. وقد عُقد في كانون الأول/ديسمبر 2019 اجتماع تشاوري ضمّ تسعة عشر بلداً لمناقشة مرتسماتها.

وفي الوقت نفسه، واصلت المنظمة العمل على تحديد حزم المنافع ذات الأولوية - وهي الخدمات الأساسية التعزيزية والوقائية والعلاجية والتأهيلية والملطّفة التي ينبغي أن تكون متاحة وفي متناول جميع الناس في البلد دون تعرضهم لمخاطر المصاعب المالية. وقد أُعِدَّت مسودةٌ لحزمة إقليمية للخدمات الأساسية، وسوف تُنشر في عام 2020.

تحويل المستشفيات في الإقليم

لا يقتصر بناء نظام صحي قائم على الرعاية الصحية الأولية على تحسين الرعاية الصحية الأولية وحسب، بل لا بد أيضاً من إصلاح المستشفيات لضمان التكامل الفعّال بين مختلف الخدمات ومختلف المستويات داخل النظام.

ويمهد إطار العمل الجديد الطريق أمام تحوّل قطاع المستشفيات في الإقليم. ويقترح الإطار تدخلات مترابطة على مستوى النظام (السياسة) وعلى مستوى المنشأة (المستشفى) لإحداث نقلة نوعية في نموذج الرعاية بهدف تعظيم دور كل مستشفى في تلبية الاحتياجات الصحية للسكان المستفيدين (انظر الشكل 1).

وقد اعتمدت اللجنة الإقليمية هذا الإطار في تشرين الأول/أكتوبر 2019، ومن المقرر أن يبدأ في عام 2020 برنامج عمل لدعم تنفيذ الإطار.

إشراك القطاع الخاص

يؤدي القطاع الخاص دوراً رئيسياً في تمويل الرعاية الصحية وتقديمها في الإقليم. وتماشياً مع إطار العمل الرائد الذي اعتمدته اللجنة الإقليمية في تشرين الأول/أكتوبر 2018، تسعى المنظمة إلى دعم البلدان في إشراك القطاع الخاص وتسخيره للمساعدة في توسيع نطاق التغطية الصحية.

وتتمثل إحدى الخطوات الضرورية لهذا المشروع الطويل الأجل في العمل المكثف على تحليل القطاع الصحي الخاص وفهمه في مختلف البلدان، حيث إن أنظمة المعلومات والرصد والتنظيم غالباً ما يشوبها القصور. وقد استكمل سبعة عشر بلداً الآن التقييمات المتعمقة للقطاع الصحي الخاص باستخدام أداة أعدتها المنظمة، وبدأ الفريق الإقليمي أيضاً في إعداد سلسلة من ثمانية تقارير مواضيعية للمساعدة في تحديد الثغرات والأولويات المستقبلية.

وتشمل الأنشطة الأخرى التعاون المهم مع اليونيسف ووكالة التنمية الدولية التابعة للولايات المتحدة لإعداد حلقة عمل للحوار بشأن السياسات، والتعاون مع الشركاء في إطار خطة العمل العالمية بشأن تمتُّع الجميع بأنماط عيش صحية وبالرفاهية.

تنمية القوى العاملة الصحية

Health worker

لا يمكن أن تعمل النُظُم الصحية إلا إذا توفّر المهنيون الصحيون في المواقع التي تحتاج إليهم، واكتسبوا جميع المهارات والكفاءات المناسبة لتقديم الخدمات الصحية المطلوبة. غير أن هناك حالياً ثغرات كبيرة للغاية في القوى العاملة الصحية بالإقليم. وقد أظهر البحث الذي عُرض على اللجنة الإقليمية في تشرين الأول/أكتوبر أن عدد الأطباء والممرضات والقابلات لكل 100000 نسمة أقل من متوسط منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في جميع بلدان الإقليم، وأقل أيضاً من المستوى المستهدف لأهداف التنمية المستدامة في معظم البلدان (انظر الشكل 2).

وشملت الجهود المبذولة لتنمية القوى العاملة الصحية في الإقليم في عام 2019 تركيزاً قوياً على التمريض والقبالة. وأصدرت اللجنة الإقليمية القرار ش م/ل إ66/ق-3 الذي يدعو بلدان الإقليم إلى وضع استراتيجيات وخطط عمل وطنية وتنفيذها لتعزيز القوى العاملة في مجالي التمريض والقبالة، بهدف بناء زخم قبل الاحتفاء العالمي بعام 2020 باعتباره العام الدولي للتمريض والقبالة. وقد انضمت ثمانية بلدان في الإقليم إلى حملة "التمريض الآن" من أجل الارتقاء بمستوى هذه المهنة.

ويشدد القرار على الحاجة إلى ضمان أن التدريب والتعليم في مجالي التمريض والقبالة يؤكِّدان على كفاءات الرعاية الصحية الأولية، وإلى تحديد وتوسيع الأدوار التي يضطلع بها الممرضون ونطاق ممارسة مهنة التمريض لتعظيم مساهمتهم داخل نُظُم الرعاية الصحية الأولية.

وكان من المبادرات المهمة الأخرى لتعزيز قدرة القوى العاملة الصحية على تقديم الرعاية الصحية الأولية مبادرة إعداد مؤهل جديد لتعزيز معارف الأطباء بطب الأسرة. وتعاونت المنظمة مع المكتب الإقليمي لليونيسف، والجامعة الأمريكية في بيروت، والمنظمة العالمية لأطباء الأسرة لإنشاء دبلوم إقليمي مهني في طب الأسرة كبرنامج انتقالي للمساعدة على بلوغ الغاية الإقليمية المتمثِّلة في وجود ثلاثة أطباء أسرة لكل 10000 شخص بحلول عام 2030.

وسوف تتجه الجهود الآن إلى مساعدة البلدان على إدخال البرنامج ضمن نظمها الوطنية للتعليم الطبي.

وفي الوقت نفسه، استمر العمل على دعم البلدان للتصدي لتحديات القوى العاملة الصحية بطريقة منهجية من خلال تقييمات وخطط استراتيجية جيدة التنظيم. وقد أُحرز تقدم في تحسين المعلومات والبيّنات الخاصة بالقوى العاملة الصحية على الصعيدين القُطري والإقليمي، وجُمعت بيانات أخرى من خلال منصة حسابات القوى العاملة الصحية الوطنية. وأُطلق مرصد جديد للقوى العاملة الصحية في فلسطين.

ضمان الجودة وسلامة المرضى

أظهرت البحوث أن ما يصل إلى 18% من الحالات المحتجزة في المستشفيات في إقليم شرق المتوسط ترتبط بأحداث ضارة كان بالإمكان توقّي 83% منها. ويتركز عمل المنظمة لمعالجة هذه المشكلة على تنفيذ مبادرة المستشفيات المراعية لسلامة المرضى، وهي أداة لدعم مديري المستشفيات والعاملين بها في تبني أفضل الممارسات في مؤسساتهم.

وقد اعتمد الآن أكثر من 280 مستشفى في جميع أنحاء الإقليم هذه المبادرة. ويجري إعداد إصدار جديد من دليل تقييم سلامة المرضى، الذي يتضمن معايير وإجراءات مفصلة لتوجيه تنفيذ هذه المبادرة، وسوف يُنشر في عام 2020. ويتسق المحتوى الموضوعي للدليل مع متطلبات الجمعية الدولية للجودة، وقد أُجيز في اجتماع عُقد في تموز/يوليو 2019.

والعمل جارٍ أيضاً لتعزيز جودة الخدمات في أجزاء أخرى من النظام الصحي. وفي عام 2019، تلقت عدة بلدان الدعم في إعداد السياسة والاستراتيجية الوطنيتين للجودة وتنفيذهما. وتشمل هذه العملية مشاورات مكثفة مع أصحاب المصلحة من أجل صياغة رؤية مشتركة وتحديد أولويات مشتركة يُسترشد بها في اختيار التدخلات المسندة بالبيِّنات المرتبطة بالخطط الصحية الوطنية.

وبالإضافة إلى ذلك، قُدِّم الدعم إلى أربعة بلدان لاعتماد مجموعة من 34 مؤشراً للجودة، مخصصة للرعاية الأولية تحديداً.

توسيع نطاق إتاحة الأدوية والتكنولوجيات الصحية

اشتمل السعي لتوسيع نطاق إتاحة الأدوية في عام 2019 على إنشاء لجنة توجيهية إقليمية للسلطات التنظيمية الوطنية. وستساعد اللجنة الجديدة على تعزيز الربط الشبكي وبناء القدرات ومواءمة المعايير والممارسات.

وأُجري مسح بشأن حالة نُظُم التيقظ الدوائي في 19 بلداً للاسترشاد به في وضع الخطط الرامية إلى تعزيز التيقظ الدوائي في الإقليم. ونُوقشت في اجتماع إقليمي مواطن القوة والضعف الرئيسية التي حُدِّدَت.

وإلى جانب هذه المبادرات المُنفَّذة على مستوى الإقليم، قُدِّم دعم تقني موسَّع إلى فُرادى البلدان بشأن مجموعة من القضايا، منها تطوير المؤسسات والنظم الرقابية الوطنية، وتعزيز التيقظ الدوائي، ووضع برامج للإشراف على مضادات الميكروبات، وإجراء تقييم للتكنولوجيات الصحية، وتنفيذ الإطار الاستراتيجي الإقليمي لتحسين الحصول على الدم ومنتجاته الميسورة التكلفة والمأمونة والمضمونة الجودة.

تعزيز الحوكمة الصحية الفعالة

تعمل المنظمة على نطاق واسع من أجل تعزيز النقاش المستنير بين المشرعين في الإقليم حول القضايا المتعلقة بالصحة. وأُقيمت شراكات تركّز على عدة قضايا محددة، منها الصحة الإنجابية وصحة الطفل، والسلامة على الطرق، ومكافحة تعاطي التبغ، وقد تحقق إنجازٌ تاريخي آخر بإطلاق المنتدى البرلماني للصحة والرفاهية في حزيران/يونيو 2019.

ويضم المنتدى برلمانيين من جميع أنحاء الإقليم بدعم تقني من منظمة الصحة العالمية. ويتمثل الهدف من المنتدى في تعزيز مشاركتهم في النهوض بالصحة والرفاهية وتيسير التعامل مع القضايا الصحية بنهج أشمل يضم الحكومة بأسرها. وبذلك، من المفترض أن يساعد المنتدى راسمي السياسات على تحقيق أهدافهم الوطنية مع تشجيع التعاون على الصعيد الإقليمي في الوقت ذاته.

وبعد بضعة أشهر فقط، في تشرين الأول/أكتوبر 2019، نسَّقت المنظمة الاجتماع السنوي الأول للفرع الإقليمي للشبكة التعاونية المعنية بحوكمة النظم الصحية، الذي يجمع طيفاً واسعاً من أصحاب المصلحة منهم البرلمانيون وسائر راسمي السياسات والممارسون وممثلو المجتمع المدني والأكاديميون والباحثون.

وقد استُكملت هذه المبادرات بجهود متواصلة لدعم إدخال تحسينات على حوكمة النظام الصحي وتمويله وبناء القدرات داخل البلدان. وقُدِّم إلى 11 بلداً دعم تقني مكثف بشأن إضفاء الطابع المؤسسي على الحسابات الصحية، وحصل مهنيون من سبعة بلدان على تدريب بشأن قياس الحماية المالية الصحية، وبدأ العمل على وضع إطار للتمكين من التحليل المنهجي لحوكمة النظم الصحية على الصعيدين الوطني ودون الوطني في الإقليم.

التصدِّي للأمراض السارية

إن توسيع نطاق التغطية الصحية الشاملة، بالإضافة إلى تقوية النُظُم الصحية، يعني تنفيذ تدخلات فعَّالة لمكافحة الأمراض.

فقد أصابت الأمراض السارية ملايين البشر في الإقليم. وعدد المصابين بالتهاب الكبد الفيروسي B وC في إقليمنا يفوق عددهم في أي إقليم آخر من أقاليم منظمة الصحة العالمية، كما تتزايد حالات الإصابة بفيروس العوز المناعي البشري بوتيرة أسرع من أي مكان آخر في العالم، وظهرت مجدداً الأمراض المنقولة بالنواقل مثل الملاريا وداء الليشمانيات في بعض المناطق.

ولكن لا يزال النجاح ممكناً رغم كل هذه التحديات. وفي عام 2019، احتفلت بلدان كثيرة في الإقليم بإنجازات كبيرة، بدعم من منظمة الصحة العالمية وشركائها. وكان من أهم الأحداث القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية في العديد من البلدان، وتنظيم حملة كبرى لمكافحة التهاب الكبد C في مصر. وفي آب/أغسطس 2019، أصبح اليمن ثاني بلد في الإقليم يجري التحقق فيه من القضاء على داء الفيلاريات اللمفي بوصفه مشكلة صحية عامة، مما يدل على أن البلدان يمكن أن تحقق آثاراً صحية كبيرة حتى في أثناء حالات الطوارئ المعقدة.

تحسين برامج التمنيع‬‬‬‬‬

إن التمنيع الروتيني هو العمود الفقري للجهود الرامية إلى الوقاية من الأمراض السارية ومكافحتها. وقد ارتفع معدل التغطية بالجرعة الثالثة من اللقاح المضاد للدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي (DTP3) إلى 82% في عام 2018 (وهو أحدث عام أُبلِغَ عنه) مما يعني انخفاضاً سنوياً نسبته 6% تقريباً في عدد الرضع الذين لم يتلقوا لقاح الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي. ‏وحافَظ أربعة عشر بلداً في الإقليم على الهدف المتحقق المتمثل في زيادة نسبة التغطية باللقاح المضاد للدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي على 90%، واستمر تقديم خدمات التمنيع الروتيني في البلدان الهشة والمتضررة بالنزاعات‎.

وفي الوقت نفسه، أُدخِل مزيد من اللقاحات الجديدة في بلدان الإقليم في عام 2019، منها اللقاح المتقارن للمكورات الرئوية في تونس، واللقاح المضاد لفيروس الورم الحليمي البشري في الإمارات العربية المتحدة. وأصبحت باكستان أول بلد في العالم يُدخِل لقاح التيفود المتقارن. وتُستخدم حالياً لقاحات المستدمية النزلية من النمط "ب" ولقاحات شلل الأطفال المعطَّلة في البرنامج الوطني الموسَّع للتمنيع في جميع البلدان، واللقاح المحتوي على المكورات الرئوية في 17 بلداً، واللقاح المضاد للفيروس العجلي في 15 بلداً. وعلاوة على ذلك، وُضِعت سياسة وطنية واتُّخذ قرار وطني لإدخال لقاح الفيروس العجليّ في جمهورية إيران الإسلامية، ويجري حالياً الإعداد لذلك. وقد أوصى الفريق الاستشاري التقني الوطني المعني بالتمنيع في اليمن بإدخال جرعة معزِّزة من لقاح الدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي وجرعة عند الولادة من لقاح التهاب الكبد B.

مكافحة الحصبة والحصبة الألمانية

لقد سُجلت إنجازات مشجعة في مكافحة الحصبة والحصبة الألمانية. وانخفض المعدل الإجمالي للإصابة بالحصبة في الإقليم من 54.2 حالة لكل مليون في عام 2017 إلى 22.5 حالة لكل مليون في عام 2019، وأعلنت لجنة التحقق الإقليمية المعنية بالقضاء على الحصبة والحصبة الألمانية القضاء على هذين المرضين في البحرين، وجمهورية إيران الإسلامية، وعُمان. وتوجد الآن ست بلدان أخرى يقلّ فيها معدل الإصابة عن 0.5 حالة لكل 100 ألف نسمة.

وترجع هذه النجاحات إلى الجهود القوية المبذولة في مجالي الترصد والتمنيع.

وقد بدأ ترصُّد حالات الحصبة والحصبة الألمانية بدعم من المنظمة في عام 2004، وهو يُطبَّق الآن بالكامل في 20 بلداً من بلدان الإقليم الاثنين والعشرين. ويُدْعَم هذا الترصد من شبكة من المختبرات الوطنية المعتمدة من المنظمة للحصبة والحصبة الألمانية، وثلاثة مختبرات مرجعية إقليمية ودون إقليمية. وتُبيِّن مؤشرات أداء النظام وجود 17 بلداً استوفى المعايير الرئيسية لترصد التخلص من المرض.

ولتعزيز المناعة لدى السكان، جرى تلقيح نحو 90 مليون شخص تتراوح سنهم بين 6 أشهر و14 سنة ضد الحصبة في تسعة بلدان من خلال حملات التلقيح في عامي 2018 و2019، وبلغ متوسط معدل تغطية نحو 96%.

تعزيز المختبرات الصحية

تضطلع المختبرات الصحية أيضاً بدور بالغ الأهمية في الوقاية من الأمراض واكتشافها ومكافحتها، إلا أن العاملين في المختبرات، الذين يشغلون مناصب قيادية وإدارية، غالباً ما يفتقرون إلى التعليم والتدريب اللازمين. ولمعالجة هذه الفجوة بفعالية، اشتركت المنظمة مع خمس منظمات دولية أخرى لوضع البرنامج العالمي لقيادة المختبرات.

ويتّبع هذا البرنامج نهج "الصحة الواحدة"، ويشمل صحة الإنسان والحيوان على حد سواء، ويهدف إلى مساعدة قادة المختبرات على تنمية تسع كفاءات أساسية للوقاية من الأمراض ومكافحتها، على النحو المبين في إطار كفاءة قيادة المختبرات.

وفي عام 2019، أكمل بنجاح سبعة من مهنيي المختبرات من قطاعي الصحة البشرية والبيطرية في باكستان المرحلة الأولى من مراحل التحقق الداخلية الثلاث التي عالجت كفاءات القيادة والتواصل. وسوف تُجرى المرحلة الثانية في عام 2020.

تيسير الحصول على تشخيص وعلاج لفيروس العَوَز المناعي البشري

وفي عام 2019، شهدت باكستان فاشية غير مسبوقة لفيروس العوز المناعي البشري أثّرت على أكثر من 1000 طفل في إقليم السند، والسبب الرئيسي لذلك هو الحقن المتدني الجودة في الرعاية الصحية. ونسّقت المنظمة الدعم التقني لاستقصاء الفاشية والتصدي لها، واشتمل ذلك على مكافحة العدوى، وتوفير وسائل التشخيص والأدوية، فضلاً عن تقديم خدمات التشخيص والعلاج الجيدة.

وبوجه أعم، تركزت جهود الفريق الإقليمي على التدخلات الرامية إلى زيادة فرص الحصول على تشخيص وعلاج لفيروس العوز المناعي البشري. وقد ساعدت الأنشطة الإقليمية والوطنية في جمهورية إيران الإسلامية والمغرب وباكستان على التعجيل بإدخال الاختبار الذاتي لفيروس العوز المناعي البشري كنهجٍ استراتيجي لزيادة فرص الحصول على خدمات اختبار الفيروس. وقُدِّم الدعم في جمهورية إيران الإسلامية وباكستان إلى نُهُجٍ محورها المراجعين تستخدم نماذج متكاملة ومتمايزة لتقديم الخدمات، وذلك من أجل تحسين الربط بخدمات العلاج بعد التشخيص، وتعزيز استبقاء المرضى قيد العلاج، لا سيَّما للمجموعات السكانية الرئيسية الأكثر عرضة لخطر الإصابة بالفيروس. وأما الجهود الأخرى الرامية إلى تقديم خدمات فيروس العوز المناعي البشري للاجئين وغيرهم من المشردين فقد اشتملت على دعم تعبئة وتنفيذ موارد من الصندوق العالمي لمكافحة الإيدز والسل والملاريا.

القضاء على التهاب الكبد في البلدان المثقلة بعبء المرض

تشير تقديرات المنظمة إلى وجود 15 مليون شخص متعايش مع فيروس التهاب الكبد C في إقليم شرق المتوسط، وقد شُخِّص 33% منهم فقط، وعُولج 26% منهم فقط. ولذلك يُعَدُّ اكتشاف الحالات المخفية وعلاجها من الأولويات.

وقد شهد عام 2019 نجاحات مشجعة في هذا الصدد. ونظمت مصر، وهي البلد الأكثر تضرراً بهذا المرض في الإقليم، حملة وطنية للقضاء على التهاب الكبد C، خضع خلالها 60 مليون شخص للاختبار وتلقى 3.7 مليون شخص العلاج. ومن الأهمية بمكان أن تكون هذه الحملة مصحوبة بانخفاض في أسعار الأدوية ذات المفعول المباشر المضادة للفيروسات من خلال تشجيع المنافسة بين مختلف الشركات التي سجلت أدويتها الجنيسة في البلد.

وقد طُبق نفس النهج في باكستان لخفض الأسعار، مما أدى إلى وصول بعض الأسعار إلى أدنى سعر مبلغ عنه في جميع أنحاء العالم، ولكن أنشطة الاختبار والعلاج لم تبدأ إلا للتو. وفي 28 تموز/يوليو 2019، وهو اليوم العالمي لالتهاب الكبد، تعهد رئيس الوزراء بإجراء الاختبار على 140 مليون شخص في الأعوام الخمسة المقبلة وبعلاج جميع المصابين. وبدأ تنفيذ برنامج نموذجي للقضاء على المرض في إحدى مقاطعات البنجاب بدعم من منظمة الصحة العالمية لتحسين نموذج تقديم الخدمات المقرر استخدامه.

وتُشَجَّعُ حالياً بلدان أخرى في الإقليم على الاستفادة من توفر الأدوية الجنيسة للشروع في أنشطة مماثلة. وعلى الرغم من وجود استراتيجيات تهدف إلى القضاء على التهاب الكبد في 12 بلداً، لم يشرع في تطبيق تلك الاستراتيجيات إلا عدد قليل من البلدان.

القضاء على السل

لقد سعت أعمال مكافحة السل إلى البناء على الزخم العالمي الذي اكتُسب في أعقاب الاجتماع الرفيع المستوى الأول من نوعه الذي عقدته الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الكفاح من أجل القضاء على السل، وإعلانه السياسي التاريخي الصادر في تشرين الأول/أكتوبر 2018. ودعا فريق منظمة الصحة العالمية الإقليمي إلى الحصول على التزامات في هذا الصدد من الدول الأعضاء لتسريع وتيرة التقدم المحرز للقضاء على السل بحلول عام 2030.

وأعلن رئيس جمهورية باكستان عن إطلاق مبادرة «باكستان خالية من السل في عام 2019»، كما أعلنت وزارة الصحة في المغرب عن إطلاق مبادرة وطنية للقضاء على السل. وضاعف كلا البلدين جهودهما لضم شركاء من خارج القطاع الصحي في جهود مكافحة السل، وذلك تماشياً مع إطار المساءلة العالمي المتعدد القطاعات.

وعمل أيضاً الفريق الإقليمي لمكافحة السل مع البلدان والشركاء لتمكين التكيّف السريع واستخدام المبادئ التوجيهية الجديدة للمنظمة بشأن معالجة السل المقاوم للإِيزونيازيد، بالإضافة إلى المبادئ التوجيهية المحدَّثة بشأن علاج السل المقاوم للأدوية المتعددة والسل المقاوم للريفامبيسين، وحضر 17 بلداً بالإضافة إلى شركاء آخرين حلقة عمل في أيار/مايو. وتلقت أفغانستان والعراق ولبنان وباكستان وقطر الدعم لوضع خططها الاستراتيجية الوطنية، في حين تلقى الأردن والجمهورية العربية السورية واليمن الدعم لتحديث المبادئ التوجيهية الوطنية.

مكافحة الملاريا وسائر الأمراض المنقولة بالنواقل

Health worker

لقد تخلص مزيد من بلدان الإقليم من الملاريا أو اقترب من ذلك في عام 2019. وقدَّمت المنظمة الدعم إلى جمهورية إيران الإسلامية (التي لم تبلغ عن أي حالات أصلية في عامي 2018 و2019) والمملكة العربية السعودية (التي أبلغت عن 61 حالة أصلية في عام 2018 و38 حالة في عام 2019) كي يتمكنا من التحقق من القضاء على المرض. كما دعمت المنظمة البلدان الخالية من الملاريا في الإقليم لمنع عودة السراية المحلية للملاريا فيها، ودعمت التدبير العلاجي الملائم لحالات الملاريا، والاستعداد للإشهاد على الخلو من هذا المرض في مصر وعُمان.

وكانت هناك أيضاً أدلة مشجعة على تحسّن مستوى اكتشاف الحالات في البلدان التي لا تزال الملاريا متوطنة فيها. وينسق موظفون من جميع المستويات الثلاثة لمنظمة الصحة العالمية العمل في هذا الصدد مع وزارات الصحة والشركاء الآخرين، ومنهم الصندوق العالمي، واليونيسف، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمنظمة الدولية للهجرة، والشركاء الأكاديميون.

وأدت زيادة إتاحة اختبارات التشخيص السريع على مستوى المجتمع المحلي والمستوى الأدنى للمرافق الصحية إلى زيادة معدل تأكيد الإصابة بالملاريا في البلدان المتوطنة فيها، لا سيما أفغانستان وباكستان. وفي عام 2016، تأكّد أقل من 50% من حالات الملاريا المبلغ عنها في أفغانستان، وبحلول عام 2018، كان المعدل قد ارتفع إلى 80%.

كما أن التقدم الطويل الأمد والخبرة في التصدي للملاريا يمكن أن يكونا أساساً يستند إليه نظام متكامل قوي لترصد ومكافحة الملاريا وغيرها من الأمراض المنقولة بالنواقل. وقد نسَّق المكتب الإقليمي والمكاتب القُطرية الدعم من أجل الاستجابة لفاشيات الأمراض المنقولة بالنواقل، ومنها حمى الضنك والشيكونغونيا وداء الليشمانيات في أفغانستان وجيبوتي وباكستان وعُمان والصومال والسودان واليمن. وفي جمهورية إيران الإسلامية، قُدِّم الدعم للاستجابة لحالات الطوارئ المتعلقة بالفيضانات والوقاية من الأمراض المنقولة بالنواقل.

ومع ذلك، هناك حاجة إلى دعم لوجستي وتقني إضافي في البلدان التي تعاني من مستويات غير مسبوقة من الملاريا (مثل جيبوتي والسودان) وغيرها من الأمراض المنقولة بالنواقل، لا سيما الأمراض المنقولة عن طريق البعوضة الزاعجة (جيبوتي، وباكستان، والصومال، والسودان، واليمن)، بسبب الكوارث التي من صنع الإنسان و/أو الكوارث الطبيعية، والتحركات السكانية الضخمة. وكانت الاستجابة لفاشية الملاريا في جيبوتي متعددة القطاعات، وشارك فيها العديد من المنظمات، لا سيَّما برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.

التصدي لمقاومة مضادات الميكروبات

كانت توجد بيّنات على وجود التزام سياسي قوي بالتصدي لمقاومة مضادات الميكروبات في عام 2019. فقد اعتمد أربعة عشر بلداً في الإقليم رسمياً خطط العمل الوطنية لمقاومة مضادات الميكروبات، وقُدِّمت خطط العمل إلى منصات منظمة الصحة العالمية، وذلك بالمشاركة الكاملة مع جميع القطاعات الحكومية المعنية، والمنظمات غير الحكومية، والمنظمات الثلاثية الدولية، ومنها المكاتب الإقليمية والقُطرية التابعة لمنظمة الصحة العالمية، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة. واستكملت خمسة بلدان أخرى خططها، وفي انتظار موافقة وزراء الصحة عليها.

وأُحرِز أيضاً تقدُّم مشجع في إعداد بيانات الترصُّد، إذ جرى لأول مرة في الإقليم توفير بيانات دون إقليمية عن استخدام مضادات الميكروبات. كما أن سبعة بلدان في الإقليم، بما في ذلك 127 مستشفى، أجرت مسوحات حول معدل انتشار استخدام المضادات الحيوية في نقاط معينة لقياس ممارسات وصف الأطباء للمضادات الحيوية للمرضى نزلاء المستشفيات باستخدام منهجية موحدة. وأشارت النتائج إلى أن معدّل الانتشار يتراوح من 30% في تونس إلى أكثر من 85% في العراق والسودان. وتوفّر البيانات بيّنات للبلدان لتصميم مشاريع تحسين الجودة وتنفيذها لتحسين ممارسات وصف المضادات الحيوية لديها مع التركيز الخاص على برامج الإشراف على مضادات الميكروبات على المستوى الوطني ومستوى المرافق. والأردن هو البلد الوحيد حتى الآن الذي يستفيد من البيانات دون الإقليمية في تصميم واختيار التدخلات ذات الأولوية للتنفيذ.

تعزيز أنظمة ترصّد الأمراض غير السارية

إن الأمراض غير السارية، مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية، والاضطرابات النفسية مسؤولة عمّا يقرب من ثلثي جميع الوفيات في الإقليم، وتشكّل عبئاً ثقيلاً من الأمراض المزمنة.

لأنظمة الترصُّد الفعّالة أهمية بالغة في الوقاية من الأمراض غير السارية والتدبير العلاجي لها. وتعمل المنظمة على دعم البلدان في تنفيذ وإدماج رصد الأمراض غير السارية وتتبعها في نظم المعلومات الصحية الوطنية. ويحدد إطار الرصد العالمي لمنظمة الصحة العالمية ثلاث ركائز لترصّد الأمراض غير السارية: (1) رصد الوفيات (مع تركيز خاص على الوفيات المبكرة بسبب أمراض القلب والأوعية الدموية، والسرطان، والسكّري، والأمراض التنفسية المزمنة)، ورصد المراضة (معدل الإصابة بالسرطان)؛ (2) ورصد عوامل الخطر؛ (3) ورصد استجابة النظام الوطني (والمكون الأساسي لها هو استجابة النظام الصحي وقدراته). وفي عام 2019، أُولي اهتمام بتوسيع نطاق المصادر الحالية لجمع البيانات بشأن الوفيات والمراضة وعوامل الخطر واستجابة النظم الصحية. والمعلومات الناتجة عن ذلك سوف تساعد البلدان على تحديد الأولويات وإعداد تدخلات تستهدف دحر وباء الأمراض غير السارية.

وفي الوقت نفسه، جُدِّدَت الاتفاقات ومذكرات التفاهم المُبرمة مع مراكز الولايات المتحدة لمكافحة الأمراض والوقاية منها ومؤسسة مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها لمواصلة تنفيذ النظام العالمي لترصّد التبغ في الإقليم، وتحديداً المسح العالمي الخاص بالشباب والتبغ، والمسح العالمي لتعاطي التبغ بين البالغين، والأسئلة المتعلقة بالتبغ في المسوحات. واستمر التعاون مع الوكالة الدولية لبحوث السرطان، وهي وكالة شقيقة لمنظمة الصحة العالمية، من أجل تعزيز ترصُّد السرطان وتعزيز القدرات في مجال بحوث السرطان.

ووردت بيانات عن التقدم المُحرز في التصدي للأمراض غير السارية على المستوى القُطري في تقرير إقليمي جديد بعنوان تقييم القدرة الوطنية على الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها. ويهدف المسح إلى زيادة دعم البلدان من خلال تحديد التقدم المحرز حتى الآن والثغرات المتبقية، وإبراز الدروس المستفادة، والتوصية بفرص التحسين.

توسيع نطاق تقديم خدمات الصحة النفسية

تنتشر الاضطرابات النفسية والعصبية والإدمانيَّة انتشاراً كبيراً في الإقليم، وهي عوامل رئيسية تُسهم في المرض والعجز والوفاة المبكرة. وكثيراً ما ترتبط أيضاً بارتفاع مستويات الوصم وانتهاكات حقوق الإنسان، لا سيما في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.

وقد شهدت السنوات الأخيرة بعض بَوادِر التقدم المُبشِّرة. على سبيل المثال، انخفضت معدلات الانتحار انخفاضاً ملحوظاً (انظر الشكل 3). ولكن مما يؤسف له أنه لا تزال توجد فجوة كبيرة بين الموارد المتوفرة والموارد التي توجد حاجة ماسة إليها لمواجهة عبء هذه الاضطرابات النفسية. وتعمل منظمة الصحة العالمية مع البلدان على سد هذه الفجوة ومساعدة المصابين بالاضطرابات النفسية على الحصول على الدعم الذي يحتاجون إليه. وفي عام 2019، أعددنا مجموعة من صحائف الحقائق باللغتين العربية والإنجليزية، لتقديم المعلومات الأساسية حول مجموعة من الاضطرابات لزيادة الوعي بين عامة الناس. كما عملنا على توسيع نطاق برنامج العمل لرأب الفجوة في الصحة النفسية، الذي يهدف إلى سد الفجوة العلاجية لمشكلات الصحة النفسية ذات الأولوية من خلال إدماجها ضمن نظام الرعاية الصحية الأولية لكل بلد.