الصفحة الرئيسية
المقدمة PDF طباعة

لقد كان لديَّ، عند تقلُّدي لمنصب المدير الإقليمي للمنظمة في شهر شباط/فبراير من عام 2012، رؤية عمّا يمكن تحقيقه إزاء الوضع الصحي الإقليمي خلال مدة ولايتي. ونظراً لأن السنوات الخمس ستَمضي سريعاً كلمح بالبصر، فقد قُمت فَور انتخابي بإعطاء الأولوية لإجراء تحليل معمَّق لوضع التنمية الصحية في الإقليم، ولعمل تقييم سريع للتحدِّيات والفجوات وما يتعيَّن القيام به، وذلك بالتشاور مع البلدان الأعضاء والشركاء الإقليميين. وقد أسفَر الاجتماع الرفيع المستوى للخبراء والذي عُقد في آذار/مارس 2012، عن الاتفاق على التحدِّيات التي تقف كحجرة عثرة أمام التقدُّم في أعمال الوقاية من الأسباب الرئيسية لاعتلال الصحة وعبء المرض ومكافحتها، وأمام تعزيز النُظُم الصحية وصحة الأمهات والأطفال، وكذا الاتفاق على التوجُّهات الاستراتيجية الأساسية. وتتمثَّل هذه التوجهات في تقوية النُظُم الصحية؛ وتعزيز صحة الأمهات والأطفال والصحة الإنجابية والتغذية؛ ومكافحة الأمراض غير السارية؛ والوقاية من الأمراض السارية؛ والتأهُّب للطوارئ والاستجابة لمقتضياتها؛ إضافةً إلى إدارة المنظمة وإصلاحها. وقد أجرَيت المزيد من المشاورات والتي أسفرَت عن إعداد الوثيقة المعنوَنة "رسم ملامح المستقبل الصحي في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: تعزيز دور المنظمة".

والتي عُرضَت على وزراء الصحة في جنيف قُبَيْل عقد جمعية الصحة العالمية في أيار/مايو 2012. وقد خوَّلني ما أبدَته الدول الأعضاء من اتفاق واسع النطاق على محتوى هذه الوثيقة، تفويضاً واضحاً بالسير قُدُماً، فضلاً عما منحَتني إياه ملاحظاتهم البالغة الأهمية من توجيه بشأن بعض هذه المجالات الاستراتيجية. وفي تشرين الأول/أكتوبر، ناقَشَت اللجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط سُبُل المضيّ قُدُماً، وأصدَرَت قرارات ذات صلة بتعزيز النُظُم الصحية؛ وبوضع إطار عمل يتعلّق بالأمراض غير السارية، ومكافحة أحداث الصحة العمومية التي تثير قلقاً دولياً وذلك من خلال اللوائح الصحية الدولية. وأقرَّت اللجنة كذلك بعض الإجراءات التي قمتُ بطرحها لتنفيذ المبادئ المتعلقة بإصلاح المنظمة والتي تمّت مناقشتها على الصعيد العالمي، كما أقرَّت بعض الملاحظات المهمّة التي أبداها مراجعو المنظمة والدول الأعضاء نفسها.

وبنهاية العام، كان المكتب الإقليمي قد أجرَى كذلك تقييماً سريعاً للتقدُّم المحرَز في المرمى 4 والمرمى 5 من المرامي الإنمائية للألفية، وهما يتعلقان بصحة الأمهات وصحة الأطفال وتحديداً في الدول الأعضاء العشر التي تعاني من أعلى عبء للوفيات في الإقليم. وبناءً عليه، عرضت النتائج في اجتماع رفيع المستوى حول "إنقاذ حياة الأمهات والأطفال" تم تنظيمه في دبي في كانون الثاني/يناير 2013، بُغْيَة تسريع وتيرة التقدُّم المحرَز في بلوغ المرامي المستهدفة. وقد تم التركيز على تقوية المعلومات الصحية باعتبارها من مجالات النُظُم الصحية الحاسمة والمهمّة في عملية التخطيط والرَصْد الصحي. وفي عام 2012، أجرَت جميع الدول الأعضاء تقييماً سريعاً لنُظُم تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية فيها، وهو إنجاز مُهم في حد ذاته، وسيؤدِّي بنهاية عام 2013 إلى إعداد خطط وطنية، وقائمة بالمؤشرات الأساسية، واستراتيجية إقليمية لتقوية هذه النُظُم.

ومن ثَمَّ، تعتبر فترة الأحد عشر شهراً الممتدّة من شباط/فبراير حتى كانون الأول/ديسمبر فترة حافلة بالأعمال بالنسبة للمنظمة وللدول الأعضاء على حد سواء. فمن خلال هذه القاعدة، أرسَينا أساس التقدُّم، بَيْد أن الارتقاء بالصحة في الإقليم لايزال يواجه تحدِّيات هائلة. وبالنسبة لي، فإن رسم الطريق للوصول إلى التغطية الصحية الشاملة من خلال نظم الدفع المسبق والتي يستفيد منها جميع المواطنين، هو أحد القضايا ذات الأولوية.

فمن الأمور الصادمة، أن نجد أن الإنفاق الصحي في الإقليم يقتصر على %1.6 من الإنفاق العالمي على الصحة بالرغم من أن سكان الإقليم يمثلون %8 من إجمالي السكان في العالم. فأعداد كبيرة من الأفراد في الإقليم يفتقرون إلى التأمين الاجتماعي، ويعانون من تعذُّر الوصول إلى الرعاية الصحية. ومن ثَمَّ، فعندما يحتاجون هم أو أحد أفراد أسرهم إلى المعالجة، يكون عليهم أن يختاروا إما البقاء دون رعاية أو التضحية بالدخل الذي تمسُّ الحاجة إليه. وهي حالة يُرثَى لها لإقليمنا في القرن الحادي والعشرين. وحتى في البلدان التي لا يمثِّل فيها تمويل الرعاية الصحية أدنى مشكلة، فإن النُظُم الصحية تعاني من فجوات مهمة يتعيَّن معالجتها حتى نصل إلى الرعاية الصحية الجيدة.

ومن القضايا الرئيسية الأخرى، تأثير الطوارئ الناجمة عن الكوارث الطبيعية، والقلاقل السياسية على صحة السكان المتأثرين، والنُظُم الصحية، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية. ففي غضون العامين الماضيين، شهد 13 بلداً في الإقليم مثل هذه الطوارئ، مما أثَّر على ما يربو على 42 مليون شخص. والأدهى من ذلك، ما شهده عام 2012 من تدهور سريع في الوضع الإنساني في الجمهورية العربية السورية والذي تمخَّض عن أكثر من 6.8 مليون شخص بحاجة إلى المساعدة في شتى الأصقاع السورية، فضلاً عن 4.25 مليون نازح داخلي، و1.6 مليون لاجئ في البلدان المجاورة.

وتواصَلَت سراية شلل الأطفال في أفغانستان وباكستان بما

يهدِّد البرنامج العالمي لاستئصال شلل الأطفال، والدول الأعضاء الخالية من شلل الأطفال. وشهد عام 2012 تعزيز الجهود المبذولة، وتحقيق إنجازات مهمّة بما فيها تقليص عدد الحالات في البلدين بشكل كبير، بَيْد أن انعدام الأمن الحالي، والمعلومات المغلوطة التي يتم ترويجها والمناهضة للتطعيم، والهجمات التي تمت مؤخّراً على العاملين الصحيين المعنيين بشلل الأطفال، تُبدِّد أي شعور بالتفاؤل ولا تُبقي له أثراً. ولا مراء في أن هذا الوضع شديد الخطورة، ويتطلَّب استجابة مكثفة.

إن أي تقدمُّ في مجال التنمية الصحية تدعمه أو تعرقله، بشكل متزايد، المصالح الاقتصادية والجغرافية - السياسية التي تؤثِّر بدورها على الخطط الصحية، وجدول أعمال السياسة الخارجية الأوسع نطاقاً. ولطالما أقرَّت الجمعية العامة للأمم المتحدة مراراً وتكراراً بهذه العلاقة، وتم البدء في عدد من المبادرات داخل المنظمة من أجل تأهب الدول الأعضاء والعاملين في المنظمة، بشكل أفضل، للتعامل مع هذا السياق المتغيِّر والذي يتعيَّن التعاطي مع التحدِّيات الصحية من خلاله. وفي هذا السياق، قام المكتب الإقليمي بتنظيم ندوة حول الدبلوماسية الصحية العالمية، وهو ما هيأ الفرصة لتجميع ممثلي وزارات الصحة والشؤون الخارجية سوياً لمناقشة أساليب تعزيز القدرات الخاصة بالدبلوماسية الصحية في الإقليم. وناقش المشاركون كيف يمكن للسياسة الخارجية عرقلة الصحة أو تدعيمها، ومخاوف السياسات الخارجية التي تفرضها الأمراض المعدية المستجدّة، والقضايا الصحية أثناء الصراعات وعند إعادة التعمير بعد الصراعات. وفي الواقع، فإن هذه المبادرة لاتزال في مهدها ولكنني سأواصل العمل على المضيّ بها قُدُماً من أجل تعزيز تنمية الدبلوماسية الصحية في الإقليم، بما في ذلك التعاون والشراكات بين البلدان في ما يتعلق بالقضايا الصحية ذات الأولوية من قبيل اللوائح الصحية الدولية، واستئصال شلل الأطفال، وتعزيز نهج لاستجابة القطاع الصحي يرتكز على الحقوق، وذلك من أجل تعزيز العدالة الصحية والتغطية الصحية الشاملة.

إن هذا التقرير السنوي يحدِّد توجُّهاً جديداً لكيفية إعداد التقارير حول أعمال المنظمة على الصعيدين الإقليمي والقُطري. وستركِّز الفصول التالية على الأولويات الاستراتيجية التي تم تحديدها، وكذلك على سُبُل إدارة المنظمة وإصلاحها. ومن ثَمَّ ستحدِّد هذه الفصول تحدِّيات معينة، ستتعاطى معها المنظمة من بين العديد من التحدِّيات الراهنة، وكذا الأعمال التي شُرع فيها للتعامل مع هذه التحدِّيات. وإنني أعتزم في التقارير التالية، استعراض التقدُّم المحرَز في كل واحد من هذه المجالات على حدة في مقابل المؤشرات والمعالم المرجعية. وبطبيعة الحال فإن هذا التقرير لا يغطي كامل نطاق البرامج التقنية للمنظمة، ولكنه يقدِّم لمحة سريعة عن أهم الأعمال التي تمت في المجالات التي تحظَى بالأولوية. وإنني أتطلَّع إلى تلقِّي الملاحظات والتعقيبات حول التقرير من الدول الأعضاء والشركاء وسائر أصحاب المصلحة.

1 رسم ملامح المستقبل الصحي في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: تعزيز دور منظمة الصحة العالمية، القاهرة، المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، 2012.

2   خمسة ملاحق ترتبط بهيكل المكتب الإقليمي، والموظفين، والاجتماعات والمنشورات، والمراكز المتعاونة مع المنظمة، ويمكن الرجوع إليها على الموقع الخاص بالمكتب الإقليمي على شبكة الإنترنت
 http://www.emro.who.int/about-who/annual-reports/
 
المقدِّمة وأبرَز ما في التقرير PDF طباعة

يركّز هذا التقرير على أهم الأعمال التي جَرَت في العام الماضي بشأن الأولويات الاستراتيجية في إقليم شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية والتي أقرَّتها اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط عام 2012. وتشمل تقوية النُظُم الصحية صوْب التغطية الصحية الشاملة؛ وصحة الأمومة والطفولة؛ والأمراض غير السارية؛ والأمراض السارية، وبخاصة الأمن الصحي؛ والتأهب لحالات الطوارئ والاستجابة لها؛ وكذلك عملية إدارة منظمة الصحة العالمية وإصلاحها . ويعكس التقرير أيضاً بعض التحدّيات الكُبرى والأزمات التي تواجه الإقليم في الوقت الراهن، والتي أوجَدَت، في بعض المجالات، مطالبَ جديدة للعمل أدَّت إلى تباطؤ وتيرة التقدُّم المحرَز، وفرَضَت التنافُس بين الأولويات المطروحة. ويُسعدني، برغم ذلك، أن أسلِّط الضوء على بعض الإنجازات المهمّة التي تحققت في مجالات العمل الأساسية.

لقد كانت إحدى الأولويات الكبرى، في مطلع عام 2013، هي مبادرة، تمَّت بالتعاون مع شركاء الأمم المتحدة واليونيسيف وصندوق الأمم المتحدة للسكان، لتسريع وتيرة التقدُّم نحو تحقيق الهدفين الرابع والخامس من الأهداف الإنمائية للألفية، المتعلقَين بالحدّ من وفيات الأطفال وتحسين صحة الأمهات على التوالي. وقد أطلقنا على المبادرة اسم مبادرة "إنقاذ حياة الأمهات والأطفال" لأن هذا المعنى هو بالضبط ما أردنا تحقيقه. وعَقَد المكتب الإقليمي اجتماعاً رفيع المستوى في مدينة دبي، حضره وزراء الصحة والتعليم العالي والتخطيط، وآخرون من ممثلي الأطراف المعنية الأخرى، وتمخَّض الاجتماع عن "إعلان دبي"، الذي اعتمدَته اللجنة الإقليمية في وقت لاحق، والذي قَدَّم دليلاً تهتدي به جميع البلدان في خطواتها المستقبلية في هذا الإطار. وعملت المنظمة، بعد ذلك، مع تسعة بلدان اعتُبِر العمل فيها أولوية من أجل إعداد خطط شاملة لتسريع وتيرة العمل، وبدأ العمل على تمويل تلك الخطط وتنفيذها.

ولئِن كانت هذه الخطط عالية الطموح، فربما لا تتمكن بعض البلدان التسعة من تنفيذها بالكامل ولا بلوغ الأهداف الإنمائية للألفية في خَفْض وفيات الأطفال والأمهات، غير أنها تتيح لتلك البلدان، فرصة أفضل لكي تختتم عام 2015 محرِزةً تقدُّماً إيجابياً واضحاً، وأن تُقبل على خطة التنمية لما بعد عام 2015 بثقة والتزام متجدِّدَين. ومن أجل الشروع في الإجراءات الفورية والبدء في تنفيذ خرائط الطريق للبلدان، فقد قدَّمنا تمويلاً ابتدائياً إلى البلدان التسعة من موارد منظمة الصحة العالمية خلال النصف الثاني من عام 2013 لكي تتمكَّن الدول من الشروع بتنفيذ هذه الخطط دون تأخير.

وسوف نتمكَّن من خلال تنفيذ هذه المبادرة من إنقاذ حياة الكثير والكثير من الأمهات والأطفال، إلا أن مستوى الإنجازات التي سوف تتحقق سيعتمد، بلا شك وإلى حد كبير، على الالتزام السياسي للحكومات وقدرتها على ترجمة هذا الالتزام إلى واقع ملموس. وفي نفس الوقت سوف يظل التضامُن والدعم المقدَّم من البلدان والشركاء الآخرين في الإقليم أمراً حاسماً.

أما في مجال تقوية النُظُم الصحية، فقد اعتمدَت اللجنة الإقليمية الاستراتيجية الإقليمية وخارطة الطريق في عام 2013، وذلك بعد أن حدَّدَت التغطية الصحية الشاملة كأولوية جامعة في عام 2012. وأصبحت التغطية الصحية الشاملة، بتركيزها على الإنصاف والجودة، المظلة التي يندرج تحتها حالياً جميع أعمالنا في مجال النُظُم الصحية. ويُظهر الوضع الراهن في الإقليم تفاوتاً كبيراً بين البلدان في ما يتعلق بالإتاحة العادلة للرعاية الصحية ذات الجودة المقبولة. غير أن البلدان جميعها تعاني من وجود فجوات، ولذلك عليها القيام بجهود كبيرة من أجل تحسين الإتاحة وتعزيز الصحة. والقصد من وراء ذلك هو تحقيق تحسن ملموس في الأبعاد الثلاثة الأساسية التي تنطوي عليها التغطية الصحية الشاملة، وهي تحديداً الحماية من المخاطر المالية، والتغطية بالخدمات، وتغطية السكان، إلى جانب التحسن في الوقاية وتعزيز الخدمات الصحية. وتحدد خارطة الطريق، من بين أمور أخرى، الإجراءات التي يُمكن للبلدان اتخاذها للحدّ من الإنفاق الشخصي المباشر على الرعاية الصحية من جانب المواطنين، واعتماد أسلوب متعدد القطاعات بإشراك الأطراف المعنية ذات الصلة. وبنهاية عام 2013، طُبِّق أيضاً إطار عمل إقليمي لتوجيه البلدان بشأن الخطوات اللازمة على الصعيد القُطري، وشرَع العديد من البلدان حالياً في المضيّ قُدُماً في تنفيذ هذا الإطار. وهو الأمر الذي يمثِّل تقدُّماً كبيراً، وإنني لأتطلع لمزيد من التطوّر في العام القادم.

ولقد تحقق إنجازان مهمّان آخران في مجال تقوية النُظُم الصحية، وذلك فيما يتعلق بمجال المعلومات الصحية. فنُظُم المعلومات الصحية يشوبها الضعف والتفتُّت في بلدان كثيرة، ويعاني جميع البلدان من فجَوات كُبرَى. وقد اعتمدنا أسلوباً عملياً لتقوية نُظُم المعلومات الصحية في الإقليم من خلال التركيز على ثلاثة مكونات، هي: رَصْد المخاطر والمحددات الصحية، ورَصْد الوضع الصحي بما في ذلك الأمراض والوفيات، وتقييم أداء النُظُم الصحية. وأُعِدت قائمة من المؤشرات التي تغطي هذه المكونات الرئيسية الثلاثة من خلال عقد مناقشات مكثّفة مع ممثلين من القطاعات ذات الصلة في الدول الأعضاء، وسوف تُعْرَضُ في شكلها النهائي في الدورة الحادية والستين للّجنة الإقليمية. واستناداً إلى التحليل المتعمِّق للحالة الراهنة في التقارير الخاصة بكلٍ من المؤشرات الأساسية، سيتم أيضاً عرض استراتيجية إقليمية من أجل التصدِّي للثغرات وبناء القدرات الوطنية لمناقشتها واعتمادها أثناء انعقاد اللجنة الإقليمية.

وقد أظهرَت التقييمات السريعة والشاملة لتسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية، التي أجريَت في جميع الدول الأعضاء في عام 2013، وجود فجوات ونقاط ضعف كبرى. فمعظم البلدان لا تبلغ بإحصاءات دقيقة وكاملة للأسباب المحددة للوفيات، التي تُعَدُّ أمراً مهماً في تقييم الوضع الصحي ومتابعة الالتزامات الدولية. وبالعمل الوثيق مع البلدان والشركاء الإقليميين، أُعِدّت استراتيجية إقليمية لتعزيز تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية بالاشتراك مع البلدان والأطراف المعنية الأخرى، واعتمدتها اللجنة الإقليمية.

وسوف تسهم هاتان المبادرتان معاً في وضع حجر الأساس لنُظُم معلومات صحية وطنية أقوى، كما أنهما، حال قيام البلدان بتنفيذهما والاستفادة الكاملة منهما، سوف يحسِّنان عملية اتخاذ القرارات ويعززان تخطيط التنمية الصحية ورصد تقدُّمها على الصعيد الوطني.

وبرغم أن وتيرة التقدُّم المحرَز في مجالات أخرى متعلّقة بتقوية النُظُم الصحية كانت أبطأ، فقد تم إرساء قاعدة مهمّة لإعداد إرشادات شاملة للبلدان في مجال قوانين الصحة العمومية، التي عفا عليها الزمن في معظم البلدان، وكذلك في تنمية القوى العاملة الصحية، ووضع نَهْج استراتيجي لممارسة طب الأسرة، وتحسين فرص الحصول على الأدوية والتقنيات الأساسية، والمشاركة مع القطاع الخاص. وأخذاً بعين الاعتبار الدور الرئيسي الذي يضطلع به القطاع الخاص في توفير الرعاية الصحية في الإقليم، أصبح من المهم ضمان الاهتمام بالقطاع الخاص ومراقبته، وإشراكه أيضاً في دعم وتنفيذ سياسات الصحة العمومية وبلوغ التغطية الصحية الشاملة. وفي الوقت نفسه، أُنْجِزَت الأعمال التحضيرية لاستعراض الخبرات الإقليمية والدولية، ولإعداد إرشادات للبلدان لتعزيز إدماج الوقاية من الأمراض غير السارية واضطرابات الصحة النفسية والتدبير العلاجي لهما في الرعاية الصحية الأولية. وسيجري تنظيم اجتماعين مشتركين رئيسيين بين البلدان لهذا الغَرَض في عام 2014.

وتُعَدُّ الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها أمراً غايةً في الأهمية في إقليم شرق المتوسط، حيث يتسبَّب وباء أمراض القلب والأوعية، والسرطان، والسكّري، والأمراض التنفسية المزمنة، في الزيادة السريعة في معدّلات الوفيات المبكِّرة، وقد أربك ذلك بالفعل العديد من النُظُم الصحية. وعقب وضع إطار العمل الإقليمي بشأن الأمراض غير السارية في عام 2012، وما ينطوي عليه من نتائج واضحة ومحددة الأهداف تستند إلى الإعلان السياسي للأمم المتحدة لعام 2011، تحوّل التركيز إلى ترجمة هذا الإطار إلى عمل ملموس.

ومن الواضح أن البلدان لا تقوم حالياً بما يكفي حيال الحدّ من عوامل الخطر مثل استهلاك التبغ، والنُظُم الغذائية غير الصحية، والخمول البدني. وحتى تتسنَّى مساعدة الدول الأعضاء على التوسُّع في جهودها المبذولة في هذا السياق، كان كثير من العمل الذي أُنْجِز في عام 2013 موجَّهاً نحو تقديم إرشادات واقعية لراسمي السياسات في تنفيذ التدابير التي ثبتت فاعليتها، وبخاصة التدخُّلات المثلى "أفضل الصفقات". وقد تم إعداد الإرشادات التقنية بشأن خفض استهلاك الملح والدهون، وبدأ العديد من البلدان بالفعل تنفيذ هذه الإرشادات. والمتوقَّع أن يكون لذلك تأثير ملحوظ على صحة السكان.

ويحدوني الأمل في تحقيق توافق مماثل في الآراء حول اتباع أسلوب شامل متعدد القطاعات لتحسين الأنظمة الغذائية للأطفال، والتصدِّي للعادات الغذائية غير الصحيحة. والإقليم بحاجة أيضاً إلى تكثيف العمل بشأن الخمول البدني لجميع الفئات العمرية؛ وقد شهد عام 2013 تحضيراً موسعاً للمنتدى الشامل ومتعدد القطاعات بشأن النشاط البدني الذي عُقِد في شباط/فبراير عام 2014. كما تم تركيز الاهتمام أيضاً على الدعوة وتقديم الدعم التقني للبلدان لتنفيذ تدابير مكافحة التبغ التي ثبتت فاعليتها والتي تشمل فرض الضرائب على التبغ، ولكن، نرى مرّة أخرى أن التقدُّم كان بطيئاً. ولم يصدّق بَلَدَان حتى الآن على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، وهما الصومال والمغرب.

لقد هيمَنَت الأمراض السارية على العناوين الرئيسية للصحة العمومية في عام 2013، إذ اعتُبرت فاشيات شلل الأطفال في الجمهورية العربية السورية والصومال، واستمرار سريان فيروس شلل الأطفال في أفغانستان وباكستان، على وجه الخصوص، انتكاستين خطيرتين لبرنامج استئصال شلل الأطفال، غير أن الدول الأعضاء أبدَت الوحدة والتضامن في ما بينها، في بادرة كانت موضع ترحيب، وتلاقت إرادتها على العمل. وقد أدّى إعلان اللجنة الإقليمية انتشار فيروس شلل الأطفال البرّي حالة طارئة للإقليم وإعداد خطة عمل إقليمية في هذا الشأن، إلى تيسير الالتزام والعمل الفعّال على المدى القصير لاحتواء الفاشيات بنجاح. وفي نفس الوقت، أدى العمل على إنشاء الفريق الاستشاري الإسلامي إلى دعم قوي من المجتمع الإسلامي لتحسين الدعوة من أجل الوصول إلى الأطفال في المناطق غير المستقرّة أمنياً حيث حظر المسلحون أنشطة التمنيع، وروّعوا العاملين الصحيين وهاجموهم. وقد شهد البرنامج الإقليمي لاستئصال شلل الأطفال تعزيزاً كبيراً من حيث الخبرات والقدرات في مجال الاستجابة، بتأسيس وحدة تقنية لتلبية الاحتياجات المتزايدة في الأردن. ومع ذلك، ومع استمرارنا في العمل المكثف مع أفغانستان وباكستان للوصول إلى الأطفال في الأماكن غير المستقرة أمنياً، سيكون من الصعب تحقيق استئصال شلل الأطفال من دون حلول سياسية للوضع الذي أدَّى، في عام 2014، إلى إعلان أن شلل الأطفال طارئة صحية عمومية مثيرة للقلق الدولي. كما أن ظهور الفيروس التاجي الجديد (كورونا) المسبِّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، الذي اكتسب زخماً طوال عام 2013 ومطلع عام 2014، قد أبرز بشكل واضح قيمة "اللوائح الصحية الدولية" (2005). وهنا، نثني على البلدان المتضرِّرة بفيروس كورونا على إعطائها الأولوية له واتخاذها إجراءات بشأن تقصي حالات الإصابة به والعمل على التصدِّي للمشاكل ذات الصلة. وقد ضربت هذه الاستجابة، إلى جانب الدعم المكثف وشديد التنسيق من المستويات الثلاثة للمنظمة، مثالاً يُحتذى به ويبشِّر بالخير لمستقبل الأمن الصحي في هذا الإقليم. وحالياً، يجب أن تركز جميع الدول الأعضاء على استيفاء اشتراطات القدرات الأساسية اللازمة لتنفيذ اللوائح بحلول حزيران/يونيه 2016.

وتصدُّر الوضع الإنساني أيضاً العناوين الرئيسية خلال عام 2013 بظهور أرقامٍ غير مسبوقة من المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في شتى أنحاء الإقليم. فمع اقتراب العام من نهايته، تأثر ما يقدر بنحو 42 مليون شخص في أكثر من نصف بلدان الإقليم بالأخطار الطبيعية والصراعات السياسية. ومن ثمَّ فقد أنشأت منظمة الصحة العالمية فريقاً للدعم في حالات الطوارئ مقرّه الأردن لتقديم استجابة واحدة مجمّعة للأزمة في الجمهورية العربية السورية. وقد خضع هذا الفريق منذ إنشائه للمراجعة وتوسيع النطاق بما يوفر استجابةً أكثر فعالية. ولا رَيْب أن الوضع الإنساني في الإقليم يشكِّل تحدياً هائلاً للصحة العمومية، ويتطلّب إجراءات فعَّالة لضمان تقديم الخدمات الصحية الأساسية، ولإعادة تأهيل النُظُم الصحية على المدى الطويل. وينبغي بهذا الصدد أن نذكُر أن المجتمعات المحلية والنازحين ليسوا هم فقط المعرّضون للمخاطر، ولكن ينضَم إليهم العاملون الصحيون والعاملون في مجال المساعدات الإنسانية والمرافق الصحية الذين يتزايد استهدافهم أيضاً. كما لا يزال نقص التمويل يشكل تحدّياً رئيسياً لضمان تحقيق استجابة فعّالة في حالات الطوارئ الصحية، ومع ذلك هناك إجراءات إيجابية يمكن اتخاذها لتقوية التأهب والاستجابة الوطنية. وتشمَل تلك الإجراءات اعتماد استراتيجية وطنية لإدارة مخاطر الكوارث تتصدَّى لجميع المخاطر وتغطّي مختلف القطاعات. ورغم أن هذا الأسلوب نجح في العديد من بلدان العالم، إلا أن هذه الاستراتيجية لم تُعتَمَد إلى الآن سوَى في عدد قليل من بلدان الإقليم، ويحدوني أمل كبير أن نتمكّن من المضيّ قُدُماً نحو تحقيق ذلك.

وفي سياق إصلاح منظمة الصحة العالمية، تضافرت جهودنا في التصدِّي للمعوقات التنظيمية لأداء المنظمة. وتواصلت أعمال المراجعة وإعادة التنظيم الهيكلي، على المستويين الإقليمي والقُطري على حدٍ سواء، من أجل تعزيز العمل التقني للمنظمة، ونُفِّذت مجموعة من التدابير الإدارية بهدف تعزيز الأداء الإداري والامتثال للقواعد واللوائح. ويُعَدُّ ضمان وجود الموظف المناسب في المكان المناسب وفي التوقيت المناسب تحدياً من نوع خاص، حيث تأثّرت قدرة المنظمة على اجتذاب واستبقاء الكوادر ذوي السمات والكفاءات التي تحتاج إليها المنظمة في ظل البيئة الصعبة في الوقت الحالي جراء تفاقم الوضع الأمني في الإقليم. ونحن نتعامل مع هذه القضية، إلا أن الأمر يحتاج إلى حلولٍ أكثر تمعُّناً مما هو مطروح حالياً.

إن توطيد سُبُل التعاون التقني مع البلدان هو أحد المكوّنات الأساسية لعملية إصلاح المنظمة التي اعتمدتها جمعية الصحة العالمية في عام 2013. وكان أحد الإنجازات الكبرى في هذا الصدد هو التحول من التخطيط التقليدي إلى نهج التخطيط من القاعدة إلى القمة لفترة السنتين 2014-2015. وكان للإقليم دور ريادي في تطبيق هذا الأسلوب خلال النصف الأخير من عام 2013 بالتشاور الوثيق والمكثف مع الدول الأعضاء على أعلى مستوى لصنع السياسات. وقد ركّزنا على الأولويات الرئيسية في "برنامج العمل العام الثاني عشر" في تخطيط الميزانية. وكان المستهدف لفترة السنتين هو توظيف معظم الموارد والجهود لتنفيذ عشرة برامج ذات أولوية في المتوسط، مما أدّى إلى توفير موارد إضافية لكل منها، ونأمل أن تتمخّض الأنشطة المختارة عن أثر حقيقي. وأصبح عدد خطط العمل الناتجة عن هذه العملية يقرب من نصف عدد الخطط في الثنائية 2012-2013 للإقليم بأكمله، بما في ذلك البرامج القُطرية. وقد امتد العمل التعاوني المكثف مع الدول الأعضاء بشأن البعثات المشتركة لمراجعة وتخطيط البرامج كل سنتين، ليجرى على مدار بضعه أشهر ويبلغ ذروته في زيارة رفيعة المستوى لمدة يومين إلى البلدان لعَقْد مناقشات استراتيجية، وذلك بعد ما كان يجري فيما سبق خلال بضعة أيام، وقد أجرَيت بنفسي خمساً من هذه الزيارات، أما باقي الزيارات فقد أجريَت على مستوى المديرين كحد أدنى.

وبوجه عام، أستطيع التأكيد على إحراز تقدُّم جيِّد في مجالات محددة لعمل منظمة الصحة العالمية مع الدول الأعضاء في عام 2013 من خلال اتباع أساليب مبتكرة والارتقاء بمستوى العمل، ولاسيَّما في مجالات إعداد الاستراتيجيات، والتخطيط، والإرشاد التقني في ترجمة الخطط إلى تدخلات محددة، وكذلك وضع الأسس للخطوات المستقبلية. وفي الوقت ذاته، غالباً ما نواجه نحن والدول الأعضاء معاً قيوداً، على أرض الواقع، بسبب الأزمات والأحداث التي لم يسبق لها مثيل، والتي أدَّت ليس فقط إلى تباطؤ التقدُّم المحرَز في بعض مجالات العمل، بل أيضاً إلى تحويل حتمي للاهتمام والموارد تجاه أولويات أخرى. وفي كل ما بذلناه من عمل، يتضح أن النتائج الصحية الإيجابية العامة متأصلة في السياق الأوسع للتنمية الاجتماعية والسياسية، إذ لا يمثِّل قطاع الصحة سوَى أحد الأطراف الفاعلة في جميع المجالات ذات الأولوية الاستراتيجية التي نوهت إليها؛ فالتغطية الصحية الشاملة، والرعاية الصحية الأولية الناجحة، والوقاية من عوامل الخطر، والأمراض غير السارية، وتعزيز الصحة، والأمن الصحي، والتأهُّب لحالات الطوارئ والاستجابة لها، كلها موضوعات تتطلب الشراكة في ما بين القطاعات الحكومية وغير الحكومية.

وقد حظي هذا السياق الأوسع باهتمام خاص في عام 2013 في كثير من البرامج، حين سعَينا للوصول إلى القطاعات الأخرى في الحكومة؛ فمثلاً، في ما يتعلق بالمضيّ في مسار الوقاية من الأمراض غير السارية، تمكنّا من إشراك وزارات التخطيط، والنقل، والتعليم، والشؤون الخارجية، والرياضة، والداخلية، والمالية في هذا الإطار. وسلكنا أسلوباً مماثلاً في عمل المنظمة في ما يتعلق بتقوية النُظُم الصحية والمعلومات الصحية. وسعينا لإشراك أطراف فاعلة من خارج الحكومة؛ من المجتمع المدني، ووكالات الأمم المتحدة وغيرها. ولنا هنا مثال واضح على تعدُّد القطاعات في عمل الصحة العمومية، يتمثّل في الاستراتيجية الإقليمية للسنوات الخمس القادمة بشأن الصحة والبيئة، والتي أقرّتها اللجنة الإقليمية. وليس هناك بديل عن وجود أهداف صحية طويلة الأجل معبَّر عنها بوضوح في إطار خطط التنمية الوطنية طويلة الأجل ويجري تناولها بالتنسيق مع جميع القطاعات والأطراف المعنية، بما في ذلك المجتمع المدني.

وأخيراً، يتّضح أن كثيراً من التحدِّيات الصحية في الإقليم سيُمكِن التصدِّي لها من خلال تقوية الدعوة في مجال الصحة، والدبلوماسية الصحية، والحوار الاجتماعي والسياسي البنَّاء. فلم يَعُد بالمستطاع إيجاد حل لعدد متزايد من التحدِّيات الصحية التي نواجهها من الناحية التقنية فقط؛ فتلك التحدِّيات تحتاج إلى مفاوضات وحلول سياسية، على المستويات العالمي، والثنائي، والوطني. ومن بين تلك الحلول، فإن للدبلوماسية الصحية أهمية خاصة لإقليمنا بسبب ارتباط كثير من قضايا التنمية التي يواجهها الإقليم ارتباطاً مباشر بالصحة، وبسبب تأثُّر الإقليم على نحو غير متناسب بالأزمات الإنسانية. ولِذا، فمن الضروري أن نواصل معاً نشر الوعي وبناء القدرات في مجال الدبلوماسية الصحية لدَى الدول الأعضاء.

الدكتور علاء الدين العلوان
المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط

 
المقدِّمة وأبرَز ما في التقرير PDF طباعة

يسرُّني أن أقدِّم تقريري السنوي عن أعمال منظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط، الذي يغطي عام 2014 والفترة الأولى من عام 2015. وعلى غرار ما حدث في العامين الماضيَيْن، يركِّز التقرير على الأولويات الاستراتيجية التي أقرّتها اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط عندما تولَّيت مهام منصبي في عام 2012( )، وتتمثَّل هذه الأولويات الاستراتيجية في تقوية النُظُم الصحية صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة، وصحة الأمومة والطفولة، والوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، والأمن الصحي ومكافحة الأمراض السارية، والتأهُّب لحالات الطوارئ والاستجابة لها. وإلى جانب هذه الأولويات الاستراتيجية الخمس، التي تمثِّل التحدّيات الرئيسية التي تواجه التنمية الصحية في هذا الإقليم، أُولِي اهتمام كبير بعملية الإصلاح الإداري، وتحسين العمليات الإدارية، وتعزيز الامتثال والشفافية.

وظلَّت أعمال المنظمة خلال العام المنصرم تهيمِن عليها أوضاع الطوارئ والحالات الإنسانية المتصاعدة. وغنيٌّ عن القول أن حجم الأزمات التي يمرُّ بها هذا الإقليم هو حجم غير مسبوق، حيث يُقدَّر عدد المتضرِّرين حالياً من هذه الأزمات بـ 58 مليون شخص، من بينهم نحو 16 مليون لاجئ أو نازح داخلي. ودعَّمت المنظمة الاستجابات الإنسانية الجادَّة في الأردن، وفلسطين، والجمهورية العربية السورية، والعراق، ولبنان، وليبيا، واليمن، في الوقت الذي تحافظ فيه على الجهود التي تبذُلها بالتعاون مع شركائها، من أجل تعزيز مرونة النُظُم الصحية وقدرتها على التكيُّف في البلدان التي تَمُرّ بحالات طوارئ معقّدة طويلة الأمد. وكان للتدمير الذي طال المرافق الصحية، وعدم إمكانية الوصول إلى مناطق كثيرة للحفاظ على وجود إمدادات طبية كافية للحالات المرضية الحادّة والمزمنة، فضلاً عن هروب العاملين في مجال الرعاية الصحية وأسرهم، تداعيات خطيرة خلال العام المنصرم على قُدرة عدد من البلدان على مواصلة تقديم الخدمات. وعلى حين واصَل بعض المانحين التزامهم الإنساني ودعمهم السخي، فإن التحدِّي الرئيسي أمام قدرتنا على الحفاظ على وجود استجابة كافية، نحن وشركاؤنا في مجال الصحة، يتمثَّل في غياب التمويل المستدام. وقد نجم عن ذلك إيقاف عدد من البرامج والأنشطة الصحية، في 2015، في العراق، كما أن تقديم الخدمات والبرامج الصحية، في أماكن أخرى، مهددٌ أيضاً بالتوقُّف.

ومع ذلك، فقد واصلنا تكثيف دعمنا، مع تكشُّف فصول الأزمات، حيث قامت المنظمة بتيسير تسليم الأدوية والمستلزمات الطبية إلى المستشفيات والمرافق الصحية في غزَّة في 2014، سواء إبَّان النزاع أو بعده، كما قادت مجموعة الصحة في إجراء التقييم المشتَرَك للقطاع الصحي بالتعاون مع الشركاء. وعلى جانب آخر، تم تعزيز قدرات مكتب المنظمة القُطري في العراق من خلال نشر عدد إضافي لموظفين دوليين من ذوي الخبرة في جميع المجالات، وإنشاء محاور و/أو مراكز اتصال للمنظمة في جميع المحافظات التسعة عشر. هذا إلى جانب نشر 10 عيادات متنقلة في شمال العراق، حيث تم، مع حلول أيار/مايو 2015، تمكين 3.5 ملايين شخص للحصول المباشر على الأدوية الأساسية والمعدات الطبية، كما تم تطعيم ما يزيد على 5 ملايين طفل ضد شلل الأطفال. وفي الجمهورية العربية السورية، اتَّخذت المنظمة نَهْجاً مبتكراً بشأن العمل مع طيف من الشركاء لضمان الوصول إلى المناطق التي كان يصعب الوصول إليها، حيث جرى توفير العلاج الطبي لأكثر من 13.8 مليون حالة؛ ثلثها في مناطق يصعب الوصول إليها. وتمكنَّا من حشد ما يربو على 17.000 من العاملين في الرعاية الصحية للقيام بحملات التمنيع ضد الحصبة وشلل الأطفال. أما في اليمن، ففي أعقاب تصاعُد النزاع، قامت المنظمة، في الفترة ما بين آذار/مارس ونهاية تموز/يوليو 2015، بتوزيع 181 طناً من الأدوية والمستلزمات الطبية، وما يزيد على 500.000 لتر من الوقود، بالإضافة إلى توفير المياه المأمونة ومجموعات من لوازم النظافة الصحية، لضمان استمرار عمل البنية الأساسية والمنشآت الصحية لخدمة المجتمعات السكانية والنازحين الداخليين.

وأقرَّت اللجنة الإقليمية أهمية الحاجة إلى تعزيز التأهُّب للطوارئ والاستجابة لها، من خلال اعتماد نهج مواجهة جميع الأخطار وتبنِّي نهج متعدد القطاعات. وكانت 19 بلداً قد تلقَّت، بنهاية 2015، دعم المنظمة في مجال مراجعة خططها الوطنية القائمة، بهدف اعتماد النهج الشامل في هذا الشأن. وقد أكمل بَلَدان اثنان الآن خططهما الوطنية في هذا المجال. وأبرَمَت المنظمة، من خلال عملها الوثيق مع المدينة العالمية للخدمات الإنسانية، في دبي، اتفاقاً مع الإمارات العربية المتحدة لإنشاء مركز للمنظمة مخصص للعمليات الإنسانية/ الخدمات اللوجستية، والذي سيدعم عمليات الشراء السريع وتوفير المستلزمات والمعدات الطبية الحيوية للبلدان التي تمرّ بحالات طوارئ داخل هذا الإقليم وخارجه. وأنشئ الصندوق الإقليمي للتضامُن في حالات الطوارئ، والذي سيتم تمويله بمبلغ 4.9 ملايين دولار أمريكي للثنائية 2016 – 2017، أي ما يوازي نسبة 1% من ميزانية المنظمة التي تخصص للبلدان، وسيُترك المجال مفتوحاً لأي مساهمات طوعية أخرى. وفي سياق متصل، تم بناء قدرات مراكز الاتصال المعنية بحالات الطوارئ، وسيتواصَل ذلك بصفة سنوية، مع استمرارنا في إنشاء القائمة الإقليمية التي تَضُم خبراء أكفاء يمكن نشرهم على وجه السرعة في حالات الطوارئ.

وعقب المناقشات والقرارات التي اتُخذت في جمعية الصحة العالمية في أيار/مايو 2015، بعد اندلاع فاشية مرض فيروس إيبولا في 2014، وفي ما يتصل بإصلاح وتعزيز قدرات المنظمة على التأهُّب لحالات الطوارئ والاستجابة لها، قُمنا بإجراء مراجعة وثيقة لقدراتنا في هذه المجالات، وأجرينا، على أثر ذلك، مزيداً من إجراءات الإصلاح عن طريق إعادة هيكلة وتعزيز القدرات التقنية والإدارية في هذا الشأن، من أجل ضمان الاستعداد والاستجابة المناسبَيْن على المستويين القُطري والإقليمي، فضلاً عن التنسيق الفعَّال في هذا الإطار. وأنشأنا، بفضل الدعم الذي قُدِّم من الحكومة الأردنية، مركزاً إقليمياً للطوارئ واستئصال شلل الأطفال في العاصمة عمَّان. ويجرى حالياً إنشاء وحدة ينصَبُّ تركيزها على ضمان استعداد المنظمة، في هذا المركز في عمَّان، من أجل بناء القدرات وضمان استعداد المنظمة للاستجابة لطوارئ الصحة العمومية في هذا الإقليم. وثَمَّة كيان ثانٍ، مقرُّه القاهرة، يتألف من وحدتين، هما: وحدة التأهُّب للطوارئ ووحدة التنسيق، والذي سيتولى القيادة والتنسيق وضمان وجود آلية للاستجابة الفعَّالة وتقديم الدعم في الوقت المناسب للبلدان التي تواجه أزمات.

وحقق الإقليم انخفاضاً كبيراً في معدّلات وفيات الأمهات والأطفال منذ عام 1990، وفقاً لما توضحه أحدث بيانات الرَصْد الخاصة بالأهداف الإنمائية للألفية. وعلى الرغم من ذلك، فإن معدّلات الانخفاض ليست كافية لبلوغ المعدّلات التي حددها الهدفان الرابع والخامس من الأهداف الإنمائية للألفية بنهاية 2015. فعلى المستوى الإقليمي، انخفض معدَّل وفيات الأطفال دون سن الخامسة بنسبة 46% خلال الفترة من 1990 إلى 2013 (أقل من معدّل الانخفاض العالمي البالغة نسبته 49%)، بمتوسط انخفاض سنوي مقداره 2.6%. ومع ذلك، فإن هذا المعدّل يقل عن نسبة الانخفاض البالغة 67% المطلوب تحقيقها من أجل بلوغ الهدف الرابع من الأهداف الإنمائية للألفية بحلول 2015. وعلى الجانب الآخر، انخفض معدّل وفيات الأمهات بنسبة 50% خلال الفترة من 1990 إلى 2013 (ما يتجاوز نسبة الانخفاض على المستوى العالمي البالغة 45%)، بمتوسط انخفاض سنوي مقداره 3%. وهذا المعدّل يقل أيضاً عن نسبة الانخفاض البالغة 75% المطلوب تحقيقها من أجل بلوغ الهدف الخامس من الأهداف الإنمائية للألفية بحلول 2015. وتم توفير الدعم اللازم للبلدان التسعة التي تنوء بالعبء الأكبر من وفيات الأمهات والأطفال في تنفيذها لخطط تسريع وتيرة التقدُّم من أجل تخفيف هذا العبء بشكل أكبر. بَيْد أنه من غير المرجَّح أن تَبْلُغ غالبية هذه البلدان تلك الأهداف بنهاية 2015. وعلى الرغم من أن ضعف النُظُم الصحية وحالات الطوارئ ونقص التمويل تشكل عقبات رئيسية لابد من التصدِّي لها بصورة ملائمة، فإنه يتعيَّن إيلاء اهتمام أكبر ومستوى أعلى من الالتزام والدعم السياسي لقضايا خفض وفيات الأمهات والأطفال في هذه البلدان، كما أن هناك حاجة إلى الدعم الفعَّال من جانب الأطراف المعنية على الصعيدين العالمي والإقليمي. وبينما ستواصِل المنظمة دعم تنفيذ التدابير التي تتسم بالفعالية لقاء التكاليف والعالية التأثير خلال الثنائية المقبلة، فسيتم أيضاً إيلاء مزيد من الاهتمام إلى دعم الدول الأعضاء في مجابهة التحدّيات التي تواجِه النُظُم الصحية وتنفيذ التدخُّلات المجتمعية.

وتحسَّن الوضع بعض الشيء في ما يتعلق بسوء التغذية في الإقليم، غير أن التقدُّم الحاصل في هذا المجال غير كاف، ومازال هناك المزيد مما ينبغي عمله لضمان حصول جميع الأمهات والأطفال في كل البلدان على التغذية الكافية من أجل الحفاظ على الصحة والتنمية. ووفقاً للإحصاءات الصحية العالمية 2014، فقد شهد الإقليم في المتوسط انخفاضاً في معدّلات انتشار نقص التغذية من 22.6% عام 1991 إلى 13.6% في عام 2012. ومنذ عام 1990، حققت 13 بلداً من بلدان الإقليم، أي أكثر من نصف عدد البلدان، غاية الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية المتمثِّل في خفض نسبة السكان الذين يعانون من الجوع بمقدار النصف. ومع ذلك، فإن بلدَيْن اثنين فقط من هذه البلدان (عُمان والكويت) هما اللذان حققا أيضاً الغاية التي حددها مؤتمر القمة العالمي للأغذية في 1996، رغم أن تونس أوشكت على بلوغ هذه الغاية كذلك. وماتزال معدّلات الإصابة بفقر الدم مرتفعة في الإقليم ولاسيَّما بين النساء في سن الإنجاب وبين الأطفال. وكذلك هو الحال بالنسبة لمعدّلات التقزُّم وانخفاض وزن المواليد. وعلى نفس القدر من الأهمية بالنسبة للأطفال، وللصحة على المدى الطويل، فإن نسبة النساء اللائي يقتصرن على الرضاعة الطبيعية لمدة 6 أشهر على الأقل ما تزال منخفضة جداً. وتقوم المنظمة، بالتنسيق مع شركاء الأمم المتحدة، بدعم الدول الأعضاء بشأن أفضل السُبُل لتنفيذ الأهداف العالمية للمنظمة في مجال التغذية والتوصيات الصادرة عن المؤتمر الدولي الثاني المعني بالتغذية الذي عُقِد في عام 2014. والعمل جارٍ حالياً لإعداد إطار عمل إقليمي في هذا الشأن، والذي سيتألف من مجموعة من الخيارات السياساتية والتدخُّلات العالية المردود من أجل تعزيز التغذية في الإقليم.

وفي ما يختص بالهدف السادس من الأهداف الإنمائية للألفية فعلى الرغم من إحراز تقدُّم كبير في الوقاية من فيروسات نقص المناعة البشرية والسل والملاريا، ومكافحتها، فإن هذا التقدُّم غير كافٍ لتحقيق الغايات المطلوبة. وهناك عاملان رئيسيان يؤثِّران في إحراز المزيد من التقدُّم في هذا الخصوص، أولهما التحدّيات التي تواجِه قدرات النُظُم الصحية في الإقليم، بصفة عامة، ولاسيَّما في البلدان التي تنوء بالعبء الأكبر من الأمراض السارية، وثانيهما تأثير حالات الطوارئ المعقَّدة في الإقليم.

ويظل المعدَّل العام لانتشار فيروس نقص المناعة البشرية منخفضاً في هذا الإقليم بالمقارنة مع الأقاليم الأخرى. إلا أنه من المهم إدراك أن عدد حالات الإصابة الجديدة يواصِل الارتفاع بين الفئات السكانية الرئيسية التي ترتفع لديها مخاطر الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية. كما أن نسبة تلقِّي العلاج بمضادات الفيروسات القهقرية، التي تُعَدُّ حاسمة في الحفاظ على جودة الحياة والوقاية من حدوث حالات عدوى جديدة، ما تزال تقل كثيرا جداً عن النسبة المحددة في الأهداف العالمية. واستمر دعمنا للبلدان، خلال عام 2014، لتنفيذ المبادرة الإقليمية لوضع نهاية لأزمة علاج فيروس نقص المناعة البشرية، وعلى الدول الأعضاء مواصلة التركيز على ذلك.

وانخفض العبء الإقليمي من الملاريا انخفاضاً كبيراً، كما قل عدد الوفيات الناجمة عنها بمقدار النصف منذ عام 2000، وكذلك عدد البلدان المتضررِّة. وحققت سبعة بلدان الغاية ذات الصلة بالملاريا ضِمن غايات الهدف السادس من الأهداف الإنمائية للألفية، في حين يتعذَّر إجراء تقييم موثوق لاتجاهات هذا المرض في خمسة بلدان، نظراً لعدم الاتساق في تبليغ المعلومات الخاصة بالملاريا فيها. وتم إعداد خطة عمل إقليمية لتنفيذ الاستراتيجية العالمية للملاريا 2016 – 2030، بهدف وقف سراية الملاريا في المناطق التي يمكن تحقيق ذلك فيها وتخفيف العبء بأكثر من 90% في المناطق التي لا يمكن التخلص من الملاريا فيها بشكل فوري.

وفي حين حقق الإقليم غايات الأهداف الإنمائية للألفية، المتعلقة بوقف حالات وقوع السل وبدء انحسارها، فإنه لم يصل بعد إلى تحقيق غايات استراتيجية دحر السل المتمثِّلة في خفض معدّلات انتشار السل، والوفيات الناجمة عنه، بمقدار النصف. وهناك خمسة بلدان مسؤولة عن 84.5% من العبء الإقليمي للسل. ومن الأهمية بمكان ملاحظة أن التقديرات تشير إلى أن 40% من الحالات ما تزال إما لم تُكتشَف أو لا يبلَّغ عنها. ولهذا الأمر تداعيات خطيرة بالنسبة لمكافحة هذا الداء بشكل عام. وقد أعدَّت المنظمة في 2014 توجيهات وإرشادات حول مكافحة السل في حالات الطوارئ المعقّدة، إضافةً إلى حزمة من الخدمات لمرضى السل العابر للحدود. ويحدونا الأمل في أن تمضي البلدان التي تنوء بعبء كبير من هذا المرض قُدُماً في تنفيذ هذه التدابير المهمّة في 2015.

واستمر الوضع في ما يتعلق باستئصال شلل الأطفال يثير القلق في 2014، في ظل بقاء هذا الإقليم موطوناً بهذا الداء ومسؤولاً عن 99% من جميع الحالات التي تم الإبلاغ عنها على مستوى العالم خلال النصف الثاني من العام. ومع ذلك، فقد تم، في عام 2014، وضع الأسس اللازمة لإحراز تقدُّم في مجال استئصال شلل الأطفال من هذا الإقليم خلال 2015. وقام كل من أفغانستان وباكستان بوضع خطط لتسريع وتيرة التقدُّم في هذا المجال خلال موسم السراية المنخفضة بفيروس شلل الأطفال، ويقوم البَلَدان حالياً بتنفيذ هذه الخطط. وكانت استجابة الإقليم للفاشية التي وقعت في الشرق الأوسط خلال 2013 سريعة ورفيعة الجودة، حيث تم تطعيم نحو 25 مليون طفل، من خلال حملات متعددة تمَّت في ثمانية بلدان. وتم احتواء الفاشية خلال 36 أسبوعاً، على الرغم من أوضاع الطوارئ المعقّدة التي يَمُر بها الإقليم، وكانت آخر حالة تم الإبلاغ عنها، في نسيان/أبريل 2014، وقد مرَّ الآن أكثر من عام دون وجود أي حالات أخرى مؤكّدة، كما أدَّت الاستجابة للفاشية التي وقعت في القرن الأفريقي إلى خفض السراية بنهاية 2014 لتنحصر في جيب صغير.

وحافظت البرامج الوطنية في أفغانستان وباكستان على التزامها باستئصال شلل الأطفال، وواصَل العاملون الصحيون والمتطوعون إظهار شجاعة عظيمة لدى قيامهم بأنشطة التمنيع في ظل ظروف صعبة. وأبلغَت باكستان وأفغانستان معاً، حتى 19 آب/ أغسطس 2015، عن 36 حالة ناجمة عن فيروس شلل الأطفال البرّي، مقابل 123 حالة مؤكَّدة حتى نفس التاريخ في 2014، ما يشير إلى انخفاض عام بمعدّل يقارب 70%. ومع انحصار وجود فيروس شلل الأطفال البرّي في باكستان وأفغانستان فقط، فإن التقدُّم سيبقى هشاً إلى أن يتم الوصول إلى جميع الأطفال في هذه البؤر الأخيرة التي ينتشر فيها الفيروس بشكل متوطِّن، ومن ثَمَّ تمنيعهم. ويبقى التنفيذ الكامل لخطط تسريع الوتيرة يمثِّل خطوة حاسمة من أجل إحراز تقدُّم نحو استئصال هذا الداء في 2015. والبُلدان في الإقليم ملتزمة بالخطة العالمية للشوط الأخير لاستئصال شلل الأطفال، في ظل مُضي جميع تلك البلدان التي تَستخدِم حالياً لقاح شلل الأطفال الفموي فقط، نحو إدخال لقاح شلل الأطفال المعطَّل في 2015.

وواصَل الأمن الصحي احتلاله موقعاً متقدماً على سلم أولويات جدول الأعمال على مدى العام المنصرم، وقد أدركَت الحكومات والعامة مجدَّداً أهميته مع انتشار فاشيات مرض فيروس إيبولا في ثلاثة بلدان في غرب أفريقيا. وأثارت إمكانية وفادة هذا المرض إلى الإقليم مخاوف كبيرة لدَينا. وفي إطار الاستجابة لتوصية من اللجنة الإقليمية، أجرَت المنظمة على نحو عاجل تقييماً شاملاً لقدرات الدول الأعضاء على التعامل مع الوفادة المحتملة لفيروس الإيبولا، وأجرَت الأفرقة التقنية بالمنظمة، خلال المدة من تشرين الثاني/نوفمبر 2014 إلى شباط/فبراير 2015، تقييمات سريعة لمستويات التأهُّب وتدابير الاستعداد في 20 بلداً.

وأوضحت التقييمات وجود نقاط ضعف حرجة في مجالات الوقاية والاكتشاف المبكِّر والاستجابة. وتم تنفيذ خطة عمل بعد ذلك على مدى 90 يوماً في الإقليم، بدءًا من أيار/مايو 2015، لمساعدة البلدان على سَد الثغرات الـمُلحَّة. ويتعلق الكثير من الثغرات التي حددها التقييم بمدى قدرة البلدان عموماً على تنفيذ القدرات الأساسية المطلوبة بموجب اللوائح الصحية الدولية (2005). ويحين الموعد النهائي للتحقُّق من توافر القدرات الأساسية الوطنية اللازمة لتنفيذ اللوائح، في حزيران/ يونيو 2016. وما تزال هناك مواطن ضَعف موجودة، وعلى جميع البلدان تعزيز جهودها في ضوء التقييمات من أجل معالجة الثغرات التي تم تحديدها. ويتضمَّن التركيز الاستراتيجي للمنظمة في مجال دعم البلدان، التأكيد على التنفيذ المتعدد القطاعات الذي سيكون ذا أهمية حاسمة في معالجة هذه الثغرات. وستتم، خلال الاجتماع السنوي الرابع للأطراف المعنية باللوائح الصحية الدولية والذي سَيُعقَد في أواخر عام 2015، مراجعة تنفيذ الخطط الوطنية والإقليمية لتعزيز تنفيذ اللوائح الصحية الدولية في السياق الخاص بمرض الإيبولا.

وفي حين مثَّل مرض إيبولا تهديداً صحياً واضحاً وحقيقياً من خارج الإقليم، فقد كانت هناك تهديدات صحية أخرى أكثر إلحاحاً من داخل هذا الإقليم. فمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية الناجمة عن الفيروس التاجي كورونا (MERS-CoV)، وفيروس إنفلونزا الطيور (H5N1)، يمثلان تهديدَيْن صحيَّيْن مستجدَّيْن، ينبغي أن تستعد لهما البلدان نظراً لإمكانية تحولهما إلى جائحة. وقد حدث ارتفاع كبير في حالات الإصابة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية الناجمة عن الفيروس التاجي – كورونا في بلدين من هذا الإقليم في عام 2014، والتي تعود بشكل أساسي للإصابة بالعدوى الثانوية وعدوى المستشفيات داخل مرافق الرعاية الصحية، وهو الأمر الذي أبرَز مدى الحاجة إلى ضمان سلامة المرضى والعاملين في الرعاية الصحية، وإلى تحسين تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها في المستشفيات وغيرها من المرافق الصحية، والحاجة أيضاً إلى بناء القدرات لتوفير الرعاية للمرضى المصابين بحالات عدوى شديدة الخطورة.

وفي ضوء هذين التهديدين الصحيين المستجدَّين، أرسلت المنظمة بعثات تقنية إلى العديد من البلدان على مدى عام 2014 وأوائل عام 2015، لتقييم المخاطر وتقديم الدعم من أجل احتواء تفشِّي هذَيْن المرضين في المستشفيات. ومن جهة أخرى، أُجري عدد من أنشطة بناء القدرات، ما أدى إلى استكمال خطط التأهُّب والتنفيذ السريع لها من أجل تعزيز ترصُّد هذه الأمراض واكتشافها بالسرعة المطلوبة، وتحسين ممارسات الوقاية من العدوى بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية الناجمة عن فيروس كورونا، وغيره من الأمراض التنفسية الجديدة ومكافحتها في جميع مرافق الرعاية الصحية في الإقليم. وتم إعداد خطط الإبلاغ عن المخاطر وتوسيع نطاقها على نحو عاجل لرفع مستوى الوعي العام بين الحجاج والعاملين في الرعاية الصحية ولدى الجمهور ومنع انتشار هذه الأمراض على الصعيد الدولي، ولاسيَّما خلال موسم الحج. ونحن نواصِل السعي لرأب الفجوات المعرفية حول فيروس كورونا، المسبِّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية، بغَرَض تعزيز فهم العاملين في مجال الصحة العمومية للوضع الوبائي للفيروس وطرق انتقاله، ومن ثَمَّ تحسين فعالية الاستجابة الصحية العالمية. وقُمنا، في أيار/مايو 2015 بعَقْد الاجتماع الرابع، في سلسلة اجتماعات علمية دولية حول هذا الموضوع منذ 2013. وقد ساعدَت هذه الاجتماعات المجتمع العلمي الدولي على التعرُّف بدقة على الثغرات التي نواجهها في ما يتعلق بالمعارف والمعلومات حول طرق انتقال هذه العدوى الفيروسية المستجدَّة إلى الإنسان، والعوامل التي تساعد على هذا الانتقال، فضلاً عن تحديد التدابير الأكثر أهمية في مجال الصحة العمومية من أجل وقف سراية هذا الفيروس وانتشاره بالفاعلية المتوخّاة.

وتشكِّل مقاومة مضادات الميكروبات خطراً يتزايد بشكل سريع على الأمن الصحي العالمي، والذي بدأت الدول الأعضاء في هذا الإقليم لتوِّها إدراكه والتسليم به. ولهذه المشكلة تداعيات خطيرة في هذا الإقليم وتستوجِب اتّخاذ إجراء عاجل. واستمراراً للعمل الذي بدأناه في عام 2013 بشأن مقاومة مضادات الميكروبات، شهد عام 2014 إجراء تقييم قُطري عاجل بشأن الوضع في الإقليم، ولم يُسهم فيه سوى 12 بلداً. وأظهرت النتائج وجود ثغرات كبيرة في النُظُم والإجراءات اللازمة على المستوى البلداني لمواجهة هذا التهديد. ويُبرز تقرير المنظمة العالمي الذي صدر في وقت لاحق، غياب المعلومات الخاصة بالوضع في بلدان الإقليم. وفي حين يتواصل العمل على إجراء تحليل مفصَّل عن الوضع القُطري يغطي صحة الإنسان والحيوان، فقد بدأنا العمل أيضاً على وضع إطار تشغيلي لدعم البلدان في إعداد خطط عمل، تمهيداً لمناقشتها في اجتماع وزاري متعدد القطاعات رفيع المستوى، نعتزم تنظيمه مطلع 2016.

واعترفت الدول الأعضاء، من خلال اللجنة الإقليمية، بالحجم الخطير الذي بلغته الأمراض القلبية الوعائية وأمراض السرطان والسكّري وأمراض الرئة المزمنة، واعتمدت إطار عمل إقليمياً يستند إلى الإعلان السياسي للأمم المتحدة الصادر في عام 2011. ومع ذلك، وعلى الرغم من الحاجة الملحَّة لإطلاق إجراءات قوية وشاملة، فلا يزال تنفيذ الالتزامات السياسية المنصوص عليها في إطار العمل الإقليمي غير كاف بوجه عام، ولا يتناسب مع خطورة المشكلة في هذا الإقليم. وتعمل المنظمة مع الدول الأعضاء على العديد من المبادرات المهمّة من أجل تنفيذ الالتزامات الأساسية الواردة في المجالات الأربعة لإطار العمل الإقليمي: الحَوْكَمَة، والترصُّد، والوقاية، والرعاية الصحية.

وعلى صعيد آخر، أفضَت الأعمال التي قامت بها المنظمة في عام 2014 إلى إعداد إرشادات تقنية لتنفيذ التدابير التي ثبتت جدواها من حيث الفعالية لقاء التكاليف أو "أفضل الصفقات" في مجال الوقاية، كما قُدِّم الدعم التقني إلى كثير من البلدان. وتم إعداد بيانات للسياسات ودلائل إرشادية حول تقليل استهلاك الملح والدهون، تسترشد بها البلدان حالياً في اتخاذ الإجراءات المناسبة استناداً إلى أفضل الممارسات. وأُطلق نظام رصد لتتبُّع التقدُّم الذي تحرزه بلدان الإقليم في هذا الشأن. وتم تنظيم اجتماع بلداني لاستعراض الخبرات الدولية في إدماج الحالات الشائعة ضمن الرعاية الصحية الأولية. وسوف يتواصَل هذا العمل في 2015، مع التركيز بشكل خاص على إعداد إرشادات تقنية تستند إلى البيِّنات والبراهين وإلى أفضل الممارسات في مجال الرعاية الصحية. ونعمل أيضاً مع خبراء دوليين، بما في ذلك جامعة جورج تاون، من أجل دعم تحديث التدخُّلات المالية والقانونية للمساعدة على مكافحة عوامل الخطر وتعزيز توفير رعاية أفضل.

وبعد أن أقرَّت اللجنة الإقليمية في دورتَيْها لعام 2012 وعام 2013، الاستراتيجيات والإجراءات الخاصة بتقوية النُظُم الصحية، حَثّ المكتب الإقليمي البلدان، في عام 2014، على تنفيذ إطار العمل من أجل التقدُّم صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة. واتَخَذت بلدان عدة خطوات مهمّة في هذا الشأن. وجميع البلدان لديها الآن صورة أوضح حول ما ينبغي عمله لمواجهة التحدّيات في هذا المجال. وتعزّزت هذه المعرفة بعد إعداد المرتسمات القُطرية الخاصة بالقطاعات الدوائية، التي أبرزت وجود ثغرات في مجالات أساسية ذات صلة بتنظيم الأدوية والحصول عليها واختيارها وشرائها وصرفها واستعمالها على نحو رشيد.

وهناك دراسة استقصائية متعمِّقة حول التعليم الطبي تُقدِّم معلومات قيِّمة أيضاً حول سُبُل المضيّ قُدُماً بالنسبة للبلدان لتحسين التخطيط للاحتياجات المستقبلية في القطاع الصحي. ومن المجالات التي تشكِّل تحدياً نوعياً في هذا المجال، النقص الحاد في أطباء الأسرة في معظم بلدان الإقليم، والحاجة إلى توسيع نطاق إعداد وتخريج هؤلاء الأطباء. كما تُبذَل جهود من أجل تحديد التدخُّلات قصيرة وطويلة الأمد المسنَدَة بالبيِّنات والبراهين، التي يمكن من خلالها التغلب على النقص الحاصل في هذه الفئة من مقدمي الرعاية الصحية. وأجرَت المنظمة مراجعة شاملة، في عام 2015، لأوضاع التمريض والقبالة في الإقليم من أجل وضع توجُّهات استراتيجية واضحة لتقوية هذا المجال من مجالات العمل. وسترفع توصية بوضع إطار يضم قائمة بالإجراءات ذات الأولوية، مع مراعاة نطاق التحدّيات التي تواجهها مجموعات البلدان المختلفة. وسيتواصل اعتبار تعزيز خدمات التمريض والقبالة أولوية بالنسبة للمنظمة في 2015، وعلى مدار الثنائية المقبلة.

وتحقَّق إنجازان في مجال المعلومات الصحية وهو الأمر الذي يمثِّل أهمية حاسمة بالنسبة للتخطيط الصحي وإعداد السياسات وتنفيذها. فقد اتّخذت اللجنة الإقليمية، في عام 2014، خطوة مهمّة، بإقرارها الإطار الخاص بنُظُم المعلومات الصحية والمؤشرات الأساسية ذات الصلة. وكان ذلك ثمرة لعمل مكثَّف، تم على مدَى العامين الماضيين، مع مختلف القطاعات في الدول الأعضاء، ومع خبراء دوليين في هذا المجال. وينبغي لجميع البلدان أن تعزِّز نُظُم المعلومات الصحية لديها. ويتمثَّل التحدّي بالنسبة لها جميعا في تنفيذ الإطار ومعالجة الثغرات في ما يختص بإنتاج البيانات واستخدامها بالنسبة للمؤشرات الأساسية البالغ عددها 68 مؤشراً. وستكون مساعدة البلدان في أداء هذه المهمّة، المسعَى الأساسي للمنظمة خلال الثنائية المقبلة.

أما الإنجاز الثاني، فيتمثّل في العمل الذي أُنجز حتى الآن في مجال تقوية نُظُم تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية، مع التركيز بوجه خاص على تحسين الإبلاغ عن الوفيات التي تُعزَى لأسباب محددة. وتم إجراء تقييمات سريعة في جميع البلدان، وتقييمات شاملة في 17 بلداً. ويمتلك إقليمنا حالياً المعلومات الأكثر شمولا عن حالة تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية في الدول الأعضاء. وتم إبلاغ البلدان بالثغرات القائمة وحثّها على رأبها وفقاً للاستراتيجية الإقليمية التي أقرّتها اللجنة الإقليمية في دورتها الستين. وفي حين نقوم بتوسيع نطاق القدرات الإقليمية، بالتعاون مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى، فلا تزال الحاجة قائمة إلى مزيد من التركيز، داخل النُظُم الصحية، على استحداث بيانات دقيقة عن الوفيات، وعن أسبابها.

ومثَّل عام 2014 فترة مهمة بالنسبة لإصلاح المنظمة، حيث واصلنا تنفيذ التزامنا بمزيد من الفعالية والمساءلة والشفافية. وقد أثمر إعداد الميزانية البرامجية للثنائية 2016 – 2017 في الوقت المناسب والإشراك المبكِّر للشركاء من خلال النهج الذي ينطلق من القاعدة إلى القمة، عن تحسن عملية التخطيط المشتَرَك، ووضع عدد أكثر تركيزاً من الأولويات المحددة، وتخصيص الميزانية وفقاً لأولويات البلدان. وكان هناك تحسُّن واضح في عملية تحديد الأولويات ومهارات التخطيط.

وواصلنا تقديم الدعم لتعزيز مشاركة الدول الأعضاء في تسيير شؤون المنظمة، وتقديم إحاطات رفيعة المستوى إلى ممثلي الدول الأعضاء وبعثاتها الدائمة في جنيف قبل كل اجتماع من الاجتماعات الكبرى للأجهزة الرئاسية العالمية للمنظمة. وهي جمعية الصحة العالمية والمجلس التنفيذي. وقد أثبتت هذه الإحاطات قيمتها من خلال إسهامات الدول الأعضاء في الإقليم في النقاشات العالمية حول الصحة وحول عمل الأجهزة الرئاسية.

وتواصلت أيضاً الجهود الرامية إلى تعزيز وجود المنظمة على المستوى القُطري، مع التركيز على تحسين الخبرات التقنية ومهارات الإدارة الشاملة. وجرى تقييم القدرات في المكاتب القُطرية، في ما يتعلق بفئات العمل الست، لضمان توافر القدرات القيادية في المجالات الاستراتيجية والتقنية. وشهد عام 2014 توسعاً كبيراً في القدرات التقنية في العديد من المكاتب القُطرية، بينما انصَبّ تركيزنا في عام 2015، على تحسين القدرات الإدارية والتنظيمية العامة في الميدان. وتم وضع استراتيجية نوعية لزيادة الامتثال في عدد من مجالات عملنا في جميع مكاتبنا، بما في ذلك إدارة الأداء، والامتثال للائحة الموظفين والنظام الأساسي للموظفين. وستبقى قضية تحسين الامتثال على رأس الأولويات على مدى السنوات القادمة.

وعلى جانب آخر، يظل تشابُك القضايا التشغيلية والأمنية يشكِّل تحدّيات ويضع عراقيل أمام عمليات المنظمة على الصعيدين التقني والإداري. كما كان للوضع العام في الإقليم تأثير سلبي أيضاً على قدرتنا على جذب موظفين جدد من ذوي الخبرة من أجل التعامل مع عبء العمل المتصاعد ومتطلبات الاستجابة في جميع مجالات عملنا مع الدول الأعضاء. وفي حين نقوم باتخاذ خطوات لمعالجة ذلك، فقد اتخذنا أيضاً خطوات لدعم الاحتياجات المستقبلية للبلدان في عدّة مجالات رئيسية.

وظلت قضية تعزيز قدرات الصحة العمومية في الدول الأعضاء تحظى بالأولوية. ففي أعقاب إطلاق مبادرة إقليمية في عام 2013 لتقييم قدرات الصحة العمومية في البلدان، تم بنجاح، وبدعم من المنظمة ومن فريق من الخبراء الدوليين في مجال الصحة العمومية، إجراء تقييم قُطري في بلدين اثنين. وتمَّت مراجعة أداة التقييم، في أوائل عام 2015، والتي ستخضع لمزيد من الصقل قبل مدّ نطاق تنفيذ هذه المبادرة. وهناك طلب من عدد متزايد من الدول الأعضاء لإجراء المنظمة التقييم لديها ومساعدتها على تنفيذ التوصيات التي تنبثق عنه.

وأُطلق أيضاً، مطلع عام 2015، برنامج للقيادة من أجل الصحة بهدف إعداد قادة المستقبل وتنمية مهاراتهم في مجال الصحة العمومية، الذين يمكنهم القيام بأخذ زمام المبادرة في حل المشكلات الصحية الوطنية والمحلية التي تؤثِّر تأثيراً مباشراً على صحة السكان، والقيام بأدوار فعَّالة في مجالات الصحة العمومية على الصعيد العالمي. وقد حققت الدورة الأولى، التي قُدمِّت على مدى أربعة أسابيع، وأجريَت على مرحلتين في مكانين مختلفين (جنيف ومسقط)، نجاحاً باهراً، وصنَّفها المشاركون فيها تصنيفاً عالياً. وستبدأ الدورة الثانية مع أواخر عام 2015.

وواصلنا أيضاً استضافتنا للندوات الإقليمية السنوية حول الدبلوماسية الصحية. وقد نجحَت هذه الندوة نجاحاً عظيماً في جمع ممثلين عن الصحة والشؤون الخارجية والبرلمانات والأوساط الأكاديمية في نقاشات حول نقاط التماس بين الصحة وغيرها من القطاعات الأخرى. وأظهرَت الندوات المتعاقبة التي عقُدِتَ في هذا الإطار أهمية استمرار هذا النوع من الحوار من أجل رفع مستوى الوعي، وتفهُّم القضايا الصحية الرئيسية التي تواجه عالمنا، والدور المنوط بجميع القطاعات في مجال الدبلوماسية الصحية على المستوى العالمي والإقليمي والوطني. وسوف نواصِل دعمنا للبلدان في جهودها المبذولة لبناء هذا النوع من القدرات، وأيضاً في جهودها الرامية إلى تحسين صحة الناس في هذا الإقليم.

الدكتور علاء الدين العلوان
المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط

 
متلازمة الشرق الأوسط التنفسية لفيروس كورونا

MERS_copy_copyتدريب العاملين في المرافق الصحية قد يسهم في الحدِّ من فاشيات فيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة‬ المرتبطة بالرعاية الصحية (الصورة: منظمة الصحة العالمية)

متلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة‬ هي مرض تنفسي فيروسي يسببه فيروس كورونا التاجي، ولقد اكتُشف أول مرة في المملكة العربية السعودية في عام 2012.

وتتراوح أعراض الإصابة بمتلازمة الشرْق الأوسط التنفسيّة ما بين أعراض خفيفة إلى أعراض شديدة، مثل الحمى، والسعال، وضيق النفس، وقد تشمل أحياناً أعراض الإصابة بالالتهاب الرئوي، وأعراض اضطراب الجهاز الهضمي، مثل الإسهال. ويمكن أن يسبب الفيروس لبعض المرضى، لا سيما المصابون بحالات مرضية مزمنة ودفينة، مرضاً وخيماً يؤدي إلى الفشل التنفسي، مما يستلزم وضع المريض على جهاز التنفس الصناعي في وحدة الرعاية المركزة وتقديم الدعم له. ولقد أُبلغ عن بعض الحالات المؤكَّدة مختبرياً لفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة‬ بوصفها حالات عديمة الأعراض، أو بمعنى آخر لم يصاحبها أي أعراض سريرية، ولكن نتيجة الفحص المختبري جاءت إيجابية لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة‬. ولقد اكتُشفت معظم هذه الحالات العديمة الأعراض عقب جهود مكثفة من تعقُّب الأشخاص الذين خالطوا الحالة المؤكَّدة مختبرياً.

وحتى الآن، أبلغ 12 بلداً من بلدان الإقليم وهي: (البحرين، ومصر، وجمهورية إيران الإسلامية، والأردن، والكويت، ولبنان، وعُمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية، وتونس، والإمارات العربية المتحدة، واليمن) عن حالات مؤكَّدة مختبرياً لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة‬. وعلى مستوى هذه البلدان، أبلغت كل من مصر، ولبنان، وتونس، واليمن عن حالات وافدة مقترنة بالسفر.

وتشير البينّات العلمية الحالية إلى أن الإبل العربية (الأحادية السنام) هي المضيف الذي يعتبر المستودع الرئيسي لفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرْق الأوسط التنفسيّة‬، والمصدر الحيواني للعدوى بها في البشر. ولكن لا يزال غير معروفٍ إلى الآن الدور الذي تقوم به الإبل تحديداً في نقل الفيروس وطرق انتقاله. وعلى الرغم من عدم وجود أي حالات موثقة لانتقال الفيروس بين البشر، إلا أن الحالات المبلغ عنها تضمنت مخالطة الأشخاص المصابين بدون حماية، كما يحدث على سبيل المثال في مرافق الرعاية الصحية. ولقد وقعت فاشيات مرتبطة بالرعاية الصحية في عدة بلدان، ولكن كان أكبرها على الإطلاق في جمهورية كوريا، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة.

وتعتمد الوقاية من متلازمة الشرْق الأوسط التنفسيّة على تجنب تناول المنتجات الحيوانية غير المُبَسْتَرة أو غير المطهوة، وممارسة عادات صحية مأمونة في مرافق الرعاية الصحية وعند التعامل مع الإبل العربية، وإذكاء الوعي المجتمعي وتوفير التدريب لتوعية العاملين الصحيين، وكذلك تنفيذ تدابير فعالة لمكافحة العدوى. وإلى الآن، لم تصدر أي توصية بشأن دواء مضاد للفيروسات لعلاج الإصابة بفيروس كورونا المسبب لمتلازمة الشرْق الأوسط التنفسيّة، كما لا يوجد لقاح متوافر في الوقت الحالي للوقاية من الإصابة به.

 
تقوية النُظُم الصحية لتحقيق التغطية الصحية الشاملة PDF طباعة

التغطية الصحية الشاملة

كثَّفت منظمة الصحة العالمية، في عام 2015، دعمها للدول الأعضاء من أجل تسريع وتيرة التقدُّم صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة، والوفاء بالالتزامات التي تعهدت بها اللجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، في قرارها ش م/ل إ60/ق-2 (2013)، وتنفيذ إطار العمل الإقليمي بشأن الارتقاء بالتغطية الصحية الشاملة

(ش م/ل إ61/ق-1). وينصب التركيز في إطار العمل الإقليمي على أربعة جوانب رئيسية: وضع رؤية واستراتيجية خاصة بالتغطية الصحية الشاملة؛ وتعزيز سُبُل الحماية من المخاطر المالية؛ وتوسيع نطاق التغطية بالخدمات الصحية اللازمة؛ وضمان التوسُّع في توفير التغطية للسكان ومتابعة ذلك.

التمويل الصحي والتوسُّع في تغطية السكان وإمكانية الوصول إلى الخدمات

على الرغم من التقدُّم الملحوظ الذي تم إحرازه، فما تزال البلدان تواجه أوجه قصور وعدم مساواة وتحديات أمام استدامة تمويل النظم الصحية. ويُعَد التغلب على هذه العقبات أمراً أساسياً لبلوغ الأهداف الخاصة بتحقيق التغطية الصحية الشاملة. وقد تركَّز الدعم المقدَّم من المنظمة، في عام 2015، على: متابعة تحليل نظم التمويل الصحي في البلدان؛ وإجراء مراجعات تقنية رفيعة المستوى للنظم الصحية القائمة والإصلاحات الخاصة بالتمويل؛ والانخراط في حوار للسياسات من أجل التعرُّف على خيارات التمويل الصحي الخاصة بكل بلد؛ وبناء القدرات الإقليمية والوطنية في المجالات المتخصصة ذات الصلة بالتمويل الصحي.

وقد تم، في هذا السياق، إجراء تحليل لنظم التمويل الصحي في سبعة بلدان باستخدام أداة المنظمة للتقييم التنظيمي لتحسين التمويل الصحي (OASIS)، وذلك لتقييم الممارسات المؤسسية والتنظيمية فيما يختص بوظائف التمويل الصحي وهي، التحصيل، والتجميع، والشراء. وتم تنظيم بعثَتيْ مراجعة رفيعتَيْ المستوى- إلى جهورية إيران الإسلامية، لتقييم مدى ملاءمة خطة التحوّل الصحية التي أطلقت في عام 2014، ومدى تحقيقها للتأثير المطلوب، وإلى تونس للاسترشاد بآرائها في إعداد الاستراتيجية الصحية الوطنية الخاصة بالبلد. كما تم تنظيم جلسات حوار للسياسات رفيعة المستوى، في أربعة بلدان، للتعرف على خيارات التمويل الصحي من أجل التغطية الصحية الشاملة. وتركزت جهود بناء القدرات على عملية الشراء الاستراتيجي لإصلاح طرق سداد مستحقات مقدمي الخدمات، وقياس الحماية من المخاطر المالية، لرصد التقدُّم الـمُحرَز صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة.

وعُقِد اجتماع تشاوري للخبراء، وكذلك اجتماع إقليمي بشأن توسيع نطاق التغطية لتشمل الشرائح السكانية العامة في القطاع غير الرسمي والشرائح السكانية المعرَّضة للمخاطر، واللذين أفضيا إلى وضع مسوّدة لخارطة طريق تجاه توسيع نطاق التغطية الصحية لتشمل الشرائح السكانية العامة في القطاع غير الرسمي والشرائح السكانية المعرضة للمخاطر في الإقليم. وتم إعداد ونشر ملخصات موجزة عن السياسات الخاصة بطرق سداد مستحقات مقدمي الخدمات، وتمويل جانب الطلب.

وشرع المكتب الإقليمي في تعاون استراتيجي مع شبكة واسعة من الخبراء الدوليين عبْر مشروع أولويات مكافحة الأمراض (DCP3) بهدف إرساء حزمة ذات أولوية مرتفعة من الخدمات الأساسية الخاصة بالتغطية الصحيّة الشاملة. وتشمل المعايير المستخدمة في ضمّ التدخلات إلى هذه الحزمة كل من الدليل على الأثر الناتج عن التدخل، ومردوديته، ويُسْر تكلفته. وسوف تستعرض جلسة خاصة من الـمُقرر أن تُعقد على هامش الدورة المقبلة للجنة الإقليمية التقدُّم الـمُحرَز في هذه المبادرة. وأظهرت البلدان تقدماً تجاه تحقيق التغطية الصحية الشاملة من خلال إبدائها التزاماً سياسياً رفيع المستوى، ووضع استراتيجية واضحة المعالم في هذا الشأن، وتبنيها لنُهُج مبتكرة لحشد موارد إضافية لهذا الغرض. وهناك بعض البيِّنات الدالة على حدوث انخفاض في حصة الإنفاق الصحي المباشر للأشخاص من أموالهم الخاصة. وقد أعطى إدراج مسألة التغطية الصحية الشاملة كواحد من غايات الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة، زخماً إضافياً لتسريع وتيرة التقدُّم في هذا الشأن. وسوف يتركز العمل بشكل خاص، خلال الثنائية 2016 – 2017، على استكشاف وسائل مبتكرة لحشد الموارد، وتوسيع نطاق الحماية من المخاطر المالية التي تركز على الشرائح السكانية العامة في القطاع غير الرسمي، والشرائح السكانية المعرضة للمخاطر، والحد من هدر الموارد من خلال اعتماد طرق أفضل لتتبع الإنفاق، وتحسين عملية رصد التقدُّم الذي تحرزه البلدان صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة.

الحَوْكَمة في مجال الصحة وحقوق الإنسان

تم إجراء تقييم إقليمي لقدرات وزارات الصحة في مجال صياغة السياسات، والتخطيط الاستراتيجي، والذي أعقبه عقد حلقة عملية حول تنمية القدرات في مجال التخطيط الصحي الاستراتيجي. وقد تم التعرف، من خلال ذلك التقييم، على عدد من الثغرات ذات الصلة بالتخطيط، والتي من بينها: محدودية عدد الموظفين، وضعف المهارات في مختلف مجالات تحليل السياسات الصحية والتخطيط الصحي؛ والخطط الصحية المتعددة مع وجود مستويات متباينة من الالتزامات المتعلقة بتخصيص الموارد؛ وهياكل التخطيط المختلفة داخل الوزارات والصعوبات التي تكتنف التواصل فيما بينها في هذا الإطار؛ والتغيير المتكرر في القيادات، الذي غالباً ما يؤثر على الأولويات عند التخطيط.

وعلى جانب آخر، تم إجراء تقييم إقليمي لمدى فاعلية المساعدات والمعونات الخارجية، في ثمانية بلدان، باستخدام أدوات ووسائل محددة خاصة بجمع البيانات من الحكومات، ومن شركاء التنمية (الوكالات الثنائية والمتعددة الأطراف)، والمنظمات غير الحكومية. وتم عرض نتائج الدراسة في اجتماع تشاوري رفيع المستوى عقد في مطلع 2016 وحضره ممثلو الجهات المانحة الرئيسية وشركاء التنمية. ومن المتوقع أن يطرأ تحسن على عملية التنسيق بين الجهات المانحة وشركاء التنمية من خلال إقامة منتدى لشركاء التنمية في هذا الإقليم.

وفي ما يختص بالعمل في مجال تنظيم قطاع الصحة، مع التركيز على القطاع الخاص، فقد شمل إجراء دراسات تقييمية في ثلاثة بلدان إضافية، أعقبها نشاط لتنمية القدرات الإقليمية وإعداد دليل حول تنظيم القطاع الخاص. وأُعِدت دورة لبناء القدرات الإقليمية في مجال حقوق الإنسان والمساواة في مجال الصحة، مع التركيز على أهمية الصحة كحق من حقوق الإنسان، تستهدف راسمي السياسات ومسؤولي الإدارة، تمت تجربتها في مصر وتنفيذها في باكستان.

سيتم التركيز، في الثنائية 2016 – 2017، على بناء القدرات المؤسسية لدى وحدات تحليل السياسات الصحية والتخطيط الصحي في وزارات الصحة. وسيتم إيلاء اهتمام خاص بمسألة بناء وتحديث القدرات في مجال سَن التشريعات الصحية، وتعزيز قدرات الهيئات التنظيمية لمؤسسات القطاعين الخاص والعام، والدعوة إلى تعزيز قيمة الصحة بوصفها حقاً من حقوق الإنسان، والتنسيق بين شركاء التنمية، والاستفادة من المساعدات الخارجية على نحو فعال في السياقين الإنمائي والإنساني.

تنمية القوى العاملة الصحية

تمثل تنمية القوى العاملة الصحية أولوية كبرى في سياق تقوية النظم الصحية والتحرك صَوْب تحقيق التغطية الصحية الشاملة. وتعكس أوضاع القوى العاملة الصحية في هذا الإقليم الاتجاهات العالمية في هذا الشأن من حيث النقص العددي بشكل عام، والتوزيع غير العادل، والتحديات المتمثلة في الجودة، وعدم المساواة في مجال الصحة، والاحتفاظ بالعاملين، والأداء، مقرونة بالتناقص المستمر في القوى العاملة في البلدان التي ترزح تحت وطأة حالات الطوارئ الممتدة. وهناك حالات نقص حاد في بلدان المجموعة الثالثة، في حين تعتمد بلدان المجموعة الأولى اعتماداً كبيراً على العاملين الصحيين الأجانب( ). ومن بين القضايا الرئيسية في هذا الإطار، محدودية القدرات في مجال الحَوْكَمة، وعدم التنسيق بشكل مترابط بين أصحاب المصلحة/ الشركاء المعنيين على المستوى الوطني، ونقص المعلومات الموثوقة. ويؤدي تفاوت الأوضاع في هذا الإقليم إلى تباين التحديات التي تواجهها البلدان المختلفة، والتي ينبغي معالجتها وفقاً لذلك.

وتم، في إطار مواجهة القضايا المتعلقة بالتحديات والأولويات، إعداد مسوّدة وثيقة عمل لتنمية قوى العمل الصحية، وذلك من خلال سلسلة من المشاورات التي تجرى منذ عام 2014. وتأتي مسوّدة الإطار الاستراتيجي، الناتجة عن هذا الاجتماع متسقة مع الاستراتيجية العالمية بشأن الموارد البشرية، التي أقرتها جمعية الصحة العالمية في أيار/مايو 2016، وستناقشها الدول الأعضاء على هامش الدورة المقبلة للّجنة الإقليمية في تشرين الأول/أكتوبر 2016.

وتحظى تقوية التعليم الطبي في الإقليم بأولوية بالغة. فقد تم تقييم أوضاع التعليم الطبي في مختلف البلدان، بالتعاون مع الاتحاد الدولي للتعليم الطبي، من خلال إجراء مسح لكليات الطب، جنباً إلى جنب مع سلسلة من المشاورات التي تمت في هذا الشأن. واستناداً إلى النتائج، وُضِع إطار عمل إقليمي خاص بالتعليم الطبي، اعتمدته اللجنة الإقليمية، وسوف يُناقش تنفيذه مع وزراء الصحة ووزراء التعليم العالي في اجتماع رفيع المستوى، من المقرر عقده مطلع عام 2017.

ومن جهة ثانية، أُطلق في مطلع عام 2015، برنامج القيادة من أجل الصحة، بالتعاون مع كلية الصحة العامة بجامعة هارفارد بهدف تنمية مهارات القادة الحاليين وقادة المستقبل في مجال الصحة العمومية في الإقليم. وقد عُقِد هذا البرنامج المكثف الذي يقدم على مدى أربعة أسابيع على جزءين في موقعين مختلفين (في جنيف وفي مسقط). واستناداً إلى النجاح الذي تحقق في الجولة الأولى من هذا البرنامج، تم تقديم الجولة الثانية منه في المدة من تشرين الثاني/نوفمبر 2015 إلى كانون الثاني/يناير 2016.

وفي مجال التمريض والقبالة، أجريت مراجعة شاملة للتحديات والعقبات التي تعرقل تنمية القدرات في هذا المجال، حيث نوقشت نتائج تلك المراجعة خلال منتدى إقليمي بشأن مستقبل التمريض والقبالة في الإقليم، وقد تم، في اجتماع لاحق لفريق من الخبراء الدوليين، إعداد مجموعة من الإجراءات لمواجهة هذه التحديات. وعُرض إطار العمل الإقليمي بشأن تعزيز خدمات التمريض والقبالة 2016 – 2025 على وزراء الصحة وكبار المسؤولين الصحيين بالدول الأعضاء بالإقليم على هامش اجتماعات جمعية الصحة العالمية في أيار/مايو 2016. وعُقد أيضاً، في عام 2015، اجتماع تشاوري لمراجعة اللائحة التنظيمية الخاصة بالممرضات والقابلات والمهنيين الصحيين المساعدين، حيث تم تحديد الأولويات والخيارات المتاحة لتعزيز اللائحة التنظيمية في ظل وجود سياسات قوية تكفل حماية صحة الجمهور.

وعلى صعيد آخر، أصبح تفهُّم أوضاع المهنيين الصحيين الآخرين، يمثل قضية ذات أهمية متزايدة. وقد تم، في هذا السياق، إعداد الأدوات والوسائل التي يمكن من خلالها إجراء مسح يركز في البداية على ثلاثة مجموعات: مهنيو المختبرات الطبية، ومهنيو التصوير الطبي، ومهنيو الخدمات التأهيلية. وسيتم الانتهاء من هذا المسح، الذي يُعَد الأول من نوعه في هذا الإقليم، في عام 2016.

وسوف يتواصل العمل على تحسين جودة التعليم الطبي من خلال الاعتماد، ضمن وسائل أخرى؛ ومن خلال تعزيز مهارات التمريض والقبالة، وذلك بتنفيذ إطار العمل. وستكثَّف الجهود الرامية إلى تعزيز القدرات الوطنية في مجال الموارد البشرية لإدارة شؤون الصحة، والتي ستكون ضرورية لتنفيذ إطار العمل الاستراتيجي الإقليمي الخاص بالموارد البشرية. وسيتم إيلاء اهتمام لتعزيز القوى العاملة في مجال الرعاية الصحية الأولية وتنظيم قضايا التعليم والممارسة للقوى العاملة الصحية من خلال الاعتماد، وغيره من الوسائل، وتحسين القدرات في مجال التعليم المهني الصحي، والتصدي للتحديات التي تواجه القوى العاملة الصحية أثناء الطوارئ، وتحسين المعلومات والبيِّنات المتعلقة بالقوى العاملة الصحية من خلال المراصد الخاصة بالقوى العاملة الصحية.

الأدوية والتكنولوجيات الأساسية

تمثل إتاحة منتجات طبية مأمونة ومضمونة الجودة (أدوية ولقاحات وأجهزة طبية) تحدياً كبيراً في مجال التكنولوجيات الصحية، وذلك بسبب ضعف النظم التنظيمية الوطنية والمهام المرتبطة بها والخاصة بضمان جودة المنتجات الطبية المتداولة في الأسواق المحلية ومأمونيتها وفاعليتها. ويعد تنظيم المنتجات الطبية أمراً ذا أولوية بالنسبة للبلدان.

وتم، خلال وقائع اجتماع إقليمي حول تعزيز نظم التيقظ الدوائي، الدعوة بشكل خاص إلى تنسيق وتعزيز مهام التنظيم والتيقُّظ اللاحق للتسويق، وذلك بالنسبة للأدوية واللقاحات والأجهزة الطبية. وفضلاً عن ذلك، تم إعداد إرشادات إقليمية عن كيفية قيام الدول الأعضاء بوضع وتعزيز إجراءات تنظيم الأجهزة الطبية من خلال نَهج تدريجي، وذلك استناداً إلى الممارسات التنظيمية القائمة حالياً في كل من الأردن والسودان والمملكة العربية السعودية. وفي السياق ذاته، فإن المنتجات الطبية المتدنية النوعية/المزورة/المغشوشة التوسيم/المغشوشة/المزيفة، تشكل تهديداً للصحة العمومية في جميع الدول الأعضاء في هذا الإقليم. وتشارك الدول الأعضاء مشاركة فعَّالة في اللجنة التوجيهية لآلية الدول الأعضاء لمكافحة المنتجات الطبية المتدنية النوعية/المزورة/المغشوشة التوسيم/المغشوشة/المزيفة.

ومن جهة أخرى، شهد العمل في مجال الحَوْكَمة الرشيدة للأدوية تقدماً، في ظل وجود خمسة بلدان في المرحلة الأولى حالياً، وسبعة بلدان في المرحلة الثانية، وثلاثة في المرحلة الثالثة. وقُدِّم الدعم لاجتماعات فرقة العمل الوطنية في كل من أفغانستان، وباكستان لمناقشة نتائج التقييمات الوطنية في مجال الشفافية، ولصياغة الأُطُر الوطنية للبلدين في هذا المجال. وعُقد اجتماع بلداني ضم ممثلي بلدان المرحلة الأولى، تم خلاله وضع خطط العمل الوطنية حتى نهاية عام 2016. وقد تعاونت المنظمة على نحو وثيق مع الأفرقة الوطنية في وضع تقارير التقييم الوطني الخاصة بها في صورتها النهائية. ويشكِّل التباين الموجود في الإقليم وعدم الاستقرار السياسي الذي يعاني منه كثير من البلدان، تحديات خاصة في هذا المجال. 

ويوضح الجدول 1 قابلية التعرض لتدابير الفساد، وذلك في أعقاب تحليل لتقييمات أجريت في 11 بلداً، خلال 2015.

مستوى قابلية التعرضالوظائف التنظيمية (عدد البلدان)
التسجيلالترخيصالتفتيشالترويجالتجارب السريريةالاختيارالشراءالتوزيع
بالغ 1   1 5 3 1    
شديد 3   2   2 4 1 1
متوسط 3 5 5 6   5 3 1
هامشي 4 4 3   3 1 6 5
أدنى             1 4
الإجمالي 11 9 11 11 8 11 11 11

وقد تبيَّن أن الوظائف التنظيمية الخاصة بالترويج والتجارب السريرية تتسم بقابلية بالغة للتعرض للفساد في خمسة بلدان وثلاثة بلدان على التوالي. وبالنسبة للتفتيش والاختيار والتسجيل، فقد تبيَّن أنها تتسم بقابلية متوسطة إلى بالغة للتعرض للفساد في غالبية البلدان التي خضعت للتقييم. وتم تحديد حضور الالتزام السياسي، الذي يتجلَّى في وجود قوانين قائمة للأدوية وزيادة فرص الحصول على الأدوية كمكمن قوة مشترك في البلدان. وبالنسبة لغياب السياسات وإجراءات العمل المعيارية فيما يتعلق بتضارب المصالح، وكذلك غياب الاعتماد الجماعي لمدونات قواعد السلوك وتنفيذها، فقد ورد ذكرها كثغرات مشتركة في عملية الإدارة. أما وجود إخصائيي تقييم أكفاء من المواطنين فقد اُعتبر من عوامل النجاح، ذلك إلى جانب الدعم السياسي الرفيع المستوى، وهو ما يؤدي إلى إضفاء الطابع المؤسسي على عملية الإدارة الرشيدة للأدوية في وزارات الصحة.

وتم، خلال فترة ما قبل انعقاد اللجنة الإقليمية، التأكيد على أهمية بناء القدرات التقنية الوطنية في مجال تقييم التكنولوجيا الصحية. وطلب العديد من البلدان، في أعقاب ذلك، الدعم في مجال تحسين أو إنشاء وحدات للتقييم ضمن نظمها الصحية الوطنية، في حين طُلب أيضاً دعم أقاليمي لتطوير برامج من هذا النوع في أقاليم أخرى للمنظمة (جنوب شرق آسيا وغرب المحيط الهادئ). وتوسعت الشبكة التي أُنشئت في عام 2014، لتشمل بلداناً من الإقليمين المذكورين. وتضم الشبكة حالياً ما يربو على 100 خبير ومناصر محلي. وتواصلت عملية بناء القدرات في مجال تحسين الجودة وإتاحة الأجهزة الطبية والاستفادة منها، في ظل وجود ما يزيد على 70 موظفاً مدرَّباً، في كل من أفغانستان والعراق.

وفي غضون ذلك، أُطلقت مبادرة جديدة بشأن التعرف على الأجهزة الطبية ذات الأولوية والمنخفضة التكلفة من أجل تحسين فرص حصول مستخدم هذه الأجهزة على خدمات رعاية صحية عالية الجودة. وكان قد تم، خلال المرحلة الأولى، إعداد قائمة للأجهزة الطبية الأساسية، استناداً إلى الأولويات الإقليمية في هذا الشأن. وتهدف المبادرة، التي ستُعطَى الأولوية في الثنائية 2016-2017، إلى تقديم حلاً للطلب غير الملبَّي من أجهزة طبية معينة ونأمل أن تساعد المانحين المحتملين وشركات الصناعة على إتاحة تلك الأجهزة بتكاليف ميسورة. وعلى الجانب الآخر، تم الانتهاء من مسح قائم على التصور، حول مدى توافر الأدوية المضادة للسرطان ومدى يسر تكلفتها في هذا الإقليم، والذي تم بالتعاون مع الجمعية الأوروبية لطب الأورام. وتمثَّل أول نشاط خاص بتنفيذ خطة العمل العالمية لمكافحة مقاومة مضادات الميكروبات في الإقليم، في القيام بحملات توعية في هذا المجال. وما يزال التوافر والإتاحة المنخفضان جداً للأدوية الخاضعة للمراقبة يمثل هاجساً كبيراً فيما يختص بتقديم خدمات صحية عالية الجودة، من حيث التدبير العلاجي المناسب للألم بالنسبة للمرضى الذين يخضعون للمعالجة من أمراض السرطان أو لتدخلات جراحية كبرى.

وسوف ينصب التركيز، خلال عام 2016، على تقوية النظم التنظيمية فيما يختص بجميع المنتجات الطبية، وذلك عن طريق إجراءات التقييم الذاتي التي ستتم متابعتها من خلال زيارات للخبراء. وسيتم أيضاً تقديم الدعم للتغلب على النقص في الأدوية الأساسية وسائر المنتجات الطبية ولضمان التوازن في السياسات الوطنية المعنية بتوافر وإتاحة الأدوية الخاضعة للمراقبة، وبخاصة فيما يتعلق بالرعاية الملطِّفة. ومن شأن المبادرة الخاصة بالأجهزة الطبية المنخفضة التكلفة أن تتيح التعرف على، وتجميع خلاصة وافية عن الأجهزة ذات الأولوية والمنخفضة التكلفة، وإعداد موجز بها، وهذا الأمر الذي سيكون عوناً للبلدان في عملية الشراء. وسيتم تحديث مرتسمات القطاعات الدوائية القُطرية من أجل التعرف على الثغرات الموجودة في المجالات الرئيسية، مثل التنظيم والسياسات والقدرات التقنية والموارد البشرية وفرص الحصول على الأدوية. وسيتم، انطلاقاً من التقدُّم الـمُحرَز في مجال سياسات التكنولوجيا الصحية، التركيز على إنشاء وحدات تقييم خاصة بالتكنولوجيا الصحية في وزارات الصحة، لدعم اتخاذ القرارات السليمة والاستثمار وإنشاء هيئات تنظيم الأجهزة الطبية.

تقديم الخدمات المتكاملة

تمثل جودة خدمات الرعاية الصحية الأولية تحدياً مشتركا أمام جميع بلدان الإقليم. ولا يزال غياب فرص الحصول على الخدمات الصحية بسبب البُعْد الجغرافي عن مراكز الرعاية في عدد من البلدان المنخفضة الدخل، يشكل تحدياً في هذا المجال، في حين تمثل القدرة على تحمل التكلفة قضية في حد ذاتها في كثير من البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل. وما يزال العديد من البلدان يحاول جاهداً إعادة تشكيل خدمات الرعاية الصحية الأولية لمواجهة العبء المرضي المرتبط بالأمراض غير السارية ومشكلات الصحة النفسية. فالتوسُّع غير المنظم لجهات تقديم الرعاية الصحية في القطاع الخاص، يشكَّل تحديات إضافية في هذا الشأن. ومن ناحية أخرى، فإن نظم الرعاية الصحية في كثير من البلدان المتضررة من النزاعات، قد أصبحت معطَّلة، الأمر الذي يشكل تحديات خطيرة أمام فرص الحصول على خدمات الرعاية الأولية.

ومن المعلوم أن ضمان الحصول على خدمات رعاية صحية أولية عالية الجودة يمثل عنصراً أساسياً لاستراتيجية تحقيق التغطية الصحية الشاملة. وقد تبنت المنظمة نَهج طب الأسرة باعتباره النَهج الرئيسي لتقديم الرعاية الصحية الأولية وتعزيز الخدمات الصحية المتكاملة التي تركِّز على الناس في هذا الإقليم. وبالمثل، فإن دور العاملين الصحيين المجتمعيين والرعاية الصحية المنزلية والمدن الصحية يبقى دوراً حيوياً بالنسبة للعمل في مجال الرعاية الصحية الأولية والرعاية المجتمعية. وقد تم دعم العديد من المبادرات الرامية إلى زيادة أعداد أطباء الأسرة وبناء قدرات مقدمي الرعاية الحاليين، بما في ذلك إعداد وثيقة استراتيجية بشأن زيادة أعداد أطباء الأسرة في الإقليم، وعقد دورة على مدى ستة أشهر حول المبادئ الخاصة بطب الأسرة وممارسته، تقدَّم للممارسين العامِّين، وذلك بالشراكة مع الجامعة الأمريكية في بيروت. وشمل الدعم المقدَّم على الصعيد القطري إجراء مراجعة لتقديم خدمات الرعاية الصحية في العديد من بلدان الإقليم.

وتَوَاصَل العمل بشأن قطاع الصحة الخاص حيث عُقدت حلقة عملية انصب التركيز فيها على بناء القدرات القُطرية في مجالات تقييم القطاع الخاص وتنظيمه والشراكة معه. وفي مجال إدارة المستشفيات، تم الانتهاء من إجراء مراجعة لمستشفيات القطاع الخاص، تلتها دورة عُقدت على مدى عشرة أيام عن إدارة المستشفيات. واستناداً إلى نتائج تقييم الدورة والملاحظات التي وردت من المشاركين فيها، فسوف يَجري تقديم هذه الدورة، التي تُعَد الأولى من نوعها في الإقليم، إلى البلدان خلال عام 2016.

وفي مجال الجودة والسلامة، تم تنقيح أداة تقييم سلامة المرضى، كما تم نشر مجموعة أدوات خاصة بالتدخلات الأساسية. ومن ناحية أخرى، تم إعداد إطار خاص بتحسين الجودة في مجال الرعاية الصحية الأولية، والذي تمت مراجعته بصورة مستقلة من جانب نظراء وخبراء، ومن ثَم تجربته في 40 من مرافق الرعاية الصحية الأولية في أربعة بلدان. وقد أصبحت هذه الأداة جاهزة للاستخدام من قِبَل البلدان. وعلاوة على ذلك، تمت مراجعة أداة خاصة بتقييم مبادرة المستشفيات المراعية لسلامة المرضى، وجرى إطلاع البلدان عليها من خلال اجتماع تشاوري إقليمي عقد في هذا الإطار. كما تم، في اجتماع للخبراء حول مبادئ وممارسة إجراءات اعتماد مؤسسات الرعاية الصحية، إجراء مراجعة نقدية للبيِّنات الراهنة، والقيمة التي تضيفها عملية الاعتماد، من حيث تحسين جودة الرعاية.

في غضون ذلك، تم بنجاح إحياء برنامج المدن الصحية، وقامت المنظمة بالإشهاد على أن مدينة الشارقة هي أول مدينة صحية في الإقليم، وذلك في أعقاب تقييم خارجي أجري لهذا الغرض. وسوف تواصل المنظمة الدعوة إلى التوسُّع في برامج طب الأسرة وتقديم المشورة التقنية في هذا المضمار بوصفه يمثل استراتيجية شاملة لتقديم الخدمات باتجاه تحقيق التغطية الصحية الشاملة. وسيتم تقديم الدعم في مجال تحسين إدارة وأداء المستشفيات وجودة الرعاية الصحية الأولية. كما سيتم دعم البلدان التي تمر بأزمات من أجل تعزيز مرونة النظم الصحية وتكيفها وضمان توافر خدمات الرعاية الصحية في حالات الطوارئ.

نُظُم المعلومات الصحية

في إطار الجهود المبذولة لتعزيز الإحصاءات الخاصة بالوفيات، وتمشياً مع الاستراتيجية الإقليمية لتعزيز نظم تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية، تم إعداد إرشادات تقنية من أجل دعم البلدان في تطوير نظم الإحصاءات الخاصة بالوفيات، ويجري تشكيل مجموعة من الخبراء الإقليميين لنشرهم في البلدان، بغرض تعزيز الإحصاءات الخاصة بالوفيات، وستعمل هذه المجموعة عن كثب مع اللجنة الاقتصادية لأفريقيا واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا. كما أجريت تقييمات شاملة إضافية لنُظم تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية. ولم يتبق سوى ثلاثة بلدان فقط، لم تَقم بعد بإجراء تقييماتها في هذا المجال. وتتابع المنظمة مع البلدان فيما يختص بالإبلاغ عن خطط التنفيذ الخاصة بها، استناداً إلى أولويات تلك البلدان التي يتم التعرف عليها من خلال تلك التقييمات. وقُدِّم الدعم التقني في مجال تقييم جودة بيانات الوفيات التي تُعزى لأسباب محددة، وأُحرِز تقدُّم مهم في هذا المضمار. وقد ورد، خلال 2015، أكثر من 20 مجموعة للبيانات من 12 بلداً، حيث تم تقييمها للتأكد من اكتمالها، وذلك باستخدام أدوات تقييم معيارية. وأجريت مراجعة لإخطارات الوفاة ونماذج التسجيل الحالية، التي تستخدمها البلدان، وذلك في ضوء المعايير الدولية. وتم أيضاً دعم بناء القدرات في العديد من البلدان، في مجال إجراءات شهادات الوفاة والترميز بحسب التصنيف الدولي للأمراض (المراجعة العاشرة).

وفي إطار الجهود المبذولة أيضاً لتقوية نُظُم المعلومات الصحية الروتينية، بغرض تمكين البلدان من الإبلاغ عن المؤشرات الأساسية الإقليمية البالغ عددها 68 مؤشراً والتي اعتمدتها اللجنة الإقليمية في عام 2014 وأهداف التنمية المستدامة، عُقد اجتماع تشاوري تقني من أجل الاتفاق على محتويات أداة التقييم المنسّق التي سيجرى تجريبها في الإقليم في عام 2016. وتم تقديم الدعم لبناء القدرات في مجال تعزيز استخدام نُظُم إدارة المعلومات الصحية في المديريات (DHIS2)، كقاعدة لجمع المعلومات ورفع التقارير عنها ونشرها. وبُغْيَة معالجة الثغرات الكبيرة في عملية الإبلاغ عن المؤشرات، التي تنشأ بشكل أساسي من الدراسات الاستقصائية السكانية، تم إعداد أدوات لدعم مسوح الفحوص الصحية وتغطية عوامل الخطر السلوكية والبيولوجية والاستفادة من الرعاية الصحية والوضع الصحي وإنفاق الأسر المعيشية على الصحة. وسيجرى تنفيذ المسح في تونس، خلال عام 2016، بدعم من حكومتها.

وتَوَاصَل العمل على المؤشرات الأساسية الثمانية والستين مع إعداد سجل موجز للبيانات الدالة ذات الصلة بالمؤشرات، بالإضافة إلى قائمة مؤشرات موسَّعة والتي ستتضمن القائمة العالمية الإضافية، وكذلك مؤشرات الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة. وستواصل المنظمة دعمها للدول الأعضاء في تعزيز أنشطة رفع التقارير من خلال نظم المعلومات الصحية الخاصة بها بشأن المؤشرات الأساسية في المكونات الأساسية الثلاثة لنظام المعلومات الصحية والمحددات والمخاطر الصحية والوضع الصحي، بما في ذلك المراضة والوفيات واستجابة النظام الصحي، وذلك بغرض تعزيز عمليات رسم السياسات وصنع القرارات على نحو فعال.

وعلى الجانب الآخر، شهد الـمَرصَد الصحي الإقليمي مزيداً من التحسين بما يكفل نشر الإحصاءات الصحية واستخدامها على نحو أفضل في هذا الإقليم. وتم إعداد مرتسمات صحية شاملة توثِّق الوضع الحالي والتحديات الماثلة والثغرات القائمة والفرص المتاحة وسُبُل الـمُضي قُدُماً في كل بلد وكل برنامج من البرامج الصحية، وذلك بالتعاون مع الدول الأعضاء. وسوف يتواصل تحديث هذه المرتسمات بصفة سنوية.

غير أنه ما يزال هناك العديد من التحديات؛ فهناك حاجة إلى مزيدٍ من التعزيز لأنشطة تسجيل الوفيات التي تُعزى لأسباب محددة، والترميز بحسب التصنيف الدولي للأمراض، وذلك من خلال التدريب المستمر وتقييم جودة البيانات. كما أن الحاجة قائمة أيضاً إلى إجراء مسوح سكانية وتقييمات لأداء النظم الصحية بصفة منتظمة. وسيتم تشجيع البلدان على إعداد خطط استثمار من أجل تلبية احتياجاتها في مجال القدرات، وكذلك لإعداد مراصد صحية وطنية من أجل نشر بيانات شاملة على المستوى دون الوطني لمعالجة حالات الجور في مجال الصحة.

البحث والتطوير والابتكار

عُقد عدد من الاجتماعات المهمة وأنشطة تنمية القدرات في مجال تطوير البحوث والابتكار، وأُعيد تشكيل لجنة شرق المتوسط الاستشارية للبحوث الصحية، التي عقدت اجتماعاً لمناقشة دور البحوث في دعم الأولويات الصحية الاستراتيجية. وأوصت اللجنة ببناء القدرات المؤسسية ودعم الوظائف المؤسسية في مجال البحوث وتعزيز البحوث وأخلاقياتها لدى جميع المهنيين العاملين في مجال الصحة، وتشجيع البحوث التعاونية والمشتركة بين القطاعات (الوطنية، والإقليمية، والدولية) وتطوير قواعد بيانات كبرى خاصة بالبحوث واستخدام البحوث في توفير المعلومات لراسمي السياسات بنتائجها.

في هذه الأثناء، اجتمعت لجنة شرق المتوسط المعنية بمراجعة أخلاقيات البحوث، دعماً لمراجعة الجوانب الأخلاقية في البحوث التي تمولها المنظمة وتُجرى على البشر. وتركزت وقائع الاجتماع على ضمان توافق أعمال اللجنة مع الدلائل الإرشادية الدولية لمراجعة البحوث الصحية التي تُجرى على البشر؛ وتحديث الإجراءات القائمة الخاصة بمراجعة البحوث الصحية التي تُجرى بدعم من المنظمة؛ والتعامل مع التحديات الجديدة التي تواجه البحوث الصحية، بما في ذلك البحوث في مجال السياسات والنظم الصحية. وفي السياق ذاته، عقد اجتماع تشاوري للخبراء بشأن إعداد ومواءمة دلائل إرشادية مسندة بالبيِّنات، والذي خرج بتوصيات تهدف إلى بناء القدرات وتلبية احتياجات الدول الأعضاء في هذا الشأن ورسم خرائط للأنشطة الإرشادية في الإقليم وإعداد دلائل إرشادية تتوافق مع الظروف التي يختص بها الإقليم، والتي لا يوجد لها دلائل إرشادية. وتمخض اجتماع مديري المراكز المتعاونة مع المنظمة في الإقليم، وهو الأول من نوعه على مدى فترة تزيد على عشر سنوات، عن إنشاء شبكة لهذه المراكز، والتي أصبحت تضم الآن خمسة وأربعين من المراكز النشطة المتعاونة مع المنظمة في هذا الإقليم.

ومن ناحية أخرى، تم بالتعاون مع مركز المعرفة النرويجي للخدمات الصحية، دعم تنمية القدرات لدى الباحثين، حيث انصب التركيز على كيفية إعداد ملخصات سهلة الاستخدام لمراجعات منهجية للبيِّنات في النظم الصحية، للاستنارة بها من قِبَل راسمي السياسات وأصحاب المصلحة المعنيين في البلدان المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل، وإعداد "ملخصات المراجعات المنهجية". وقد أسفر ذلك عن إنجاز ثمانية ملخصات جيدة الإعداد تتناول المشكلات الرئيسية للصحة العمومية في الإقليم. وواصلت المنظمة دعمها لثلاثة مخططات خاصة بالمنح: البحوث ذات الأولوية في مجال الصحة العمومية؛ وتحسين تنفيذ البرامج من خلال البحوث الضمنية، اللذين قُدِّماً بالتعاون مع التحالف من أجل السياسات الصحية وبحوث النظم؛ ومخطط المنح الصغيرة لبحوث أمراض المناطق المدارية.

 


الصفحة 76 من 93