الصفحة الرئيسية
الخاتمة PDF طباعة

لقد هيّأ عام 2012 الفرصة أمام الدول الأعضاء والمنظمة للاتفاق على التحدّيات الرئيسية التي تجابه التنمية الصحية في الإقليم. ويشير التقييم المتعمِّق والموضوعي للوضع الصحي في البلدان بوضوح إلى الأولويات في التعاون التقني مع المنظمة، وهي الأولويات التي أقرَّتها اللجنة الإقليمية. ويتناول هذا التقرير التحدّيات الراهنة التي تقف كحجرة عثرة أمام تقوية النُظُم الصحية، وصحة الأمهات والأطفال، ومكافحة الأمراض غير السارية والوقاية منها، والبرامج المتعلقة بالأمراض السارية والتي لم يتم الانتهاء منها بعد، والتأهب للطوارئ والاستجابة لمقتضياتها، وإصلاح المنظمة. ولقد أشَرتُ كذلك في ثنايا هذا التقرير إلى الإجراءات الاستراتيجية التي اضطلعت بها المنظمة والدول الأعضاء في عام 2012 بهدف التصدي لبعض من هذه التحدّيات في سياق برامجهما المشتركة.

إننا نسعى دائماً إلى استكمال العمل مستندين إلى ما توصلنا إليه من بيِّنات، وما اكتسبناه من خبرات، وما اضطلعنا به من أعمال قيِّمة في العقود السابقة. وفي العامَيٍْن الماضيَيْن تم الاتفاق، على الصعيد العالمي، على خرائط طريق واضحة للغاية حول سُبُل التعامل مع الأولويات الصحية الرئيسية. وقد أعربت الحكومات والمانحون والشركاء بوضوح عن التزامهم باتباع خرائط الطريق الموضوعة، سواء أثناء انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة، أو جمعية الصحة العالمية، أو غيرها من المحافل الدولية. ولقد تم وضع خطوط الأساس والأهداف التي يمكن قياس مدى تقدمنا على أساسها في مختلف الوثائق التقنية التي عرضت على اللجنة الإقليمية، وفي خطط كل قُطر على حدة، سواء تلك التي تم إعدادها بالفعل في كل مجال من المجالات، أو التي هي قَيد الإعداد. ومن ثَمَّ فإن التحدي الماثل أمام الدول الأعضاء يتمثَّل في المبادرة باتخاذ تدابير ملموسة لتنفيذ خرائط الطريق الموضوعة، والوفاء بمختلف الالتزامات العالمية. أما نحن في المنظمة، فيتمثَّل التحدّي الماثل أمامنا في ضرورة تعزيز جهودنا من أجل تقديم المزيد من الدعم التقني للبلدان.

ففي مجال تقوية النُظُم الصحية، سيتم التركيز على قيادة القطاع الصحي، وتصريف الشؤون (الحَوْكمة) وإعداد خريطة طريق لبلوغ التغطية الصحية الشاملة وتنفيذها، وضمان توفير قوى عاملة متوازنة تماماً في مجال الصحة، وسُبُل الحصول على الأدوية والتكنولوجيا الأساسية، ووضع شبكة متكاملة من مرافق الرعاية الصحية الأولية. ويتعين دعم النظام الصحي ومساندته من خلال نظام قوي للمعلومات الصحية يتضمن تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية. وسيتم التأكيد بشكل خاص على تشجيع تطوير هذه المجالات. وينبغي كذلك تقوية الآليات اللازمة للتعاون بين مختلف القطاعات لدعم جهود القطاع الصحي المبذولة في جميع المجالات، بما في ذلك القطاع الخاص.

وفي سياق تعزيز الصحة في جميع مراحل العمر، سيتم إعطاء الأولوية لتسريع وتيرة العمل على إحراز المرمى 4 والمرمى 5 من المرامي الإنمائية للألفية. وهذا يعني بدوره إعداد وتنفيذ خطط وطنية تؤدِّي إلى تقليص وفيات الأطفال والأمهات في البلدان العشرة التي ترزح تحت أثقل الأعباء، كما يعني حشد الموارد اللازمة لدعم تنفيذ هذه الخطط. وبطبيعة الحال ستسعى هذه الخطط إلى استنهاض تنفيذ التدخلات العالية المردود، وإعطاء الأولوية للمناطق الجغرافية التي تعاني من نقص الخدمات، والتعاطي مع عدم المساواة في تلبية الاحتياجات الصحية للأمهات والأطفال، وذلك إما من خلال النظام الصحي نفسه أو بالتعاون مع القطاعات الأخرى. ويتعيَّن كذلك إيلاء المزيد من الاهتمام للوقاية من الإصابات ولاسيَّما بين الأطفال وعلى الطرق.

وينبغي متابعة قوة الدفع التي تولدت من العبء المتنامي للأمراض غير السارية، وذلك من خلال تنفيذ الإطار الإقليمي للعمل لتنفيذ الإعلان السياسي الصادر عن الأمم المتحدة حول الأمراض غير السارية، والذي يغطي مجالات تصريف الشؤون (الحَوْكمة)، والوقاية من عوامل الخطر وتقليصها، والترصُّد، والرعاية الصحية. ويجب كذلك تقوية أواصر الشراكات وإدماج الأمراض غير السارية في الرعاية الصحية الأولية. وينبغي تسريع وتيرة العمل على تنفيذ اتفاقية المنظمة الإطارية بشأن مكافحة التبغ، وإعطاء المزيد من الاهتمام للغذاء والنشاط البدني. أما في ما يتعلق بالأمراض السارية، فسَيَتم التركيز بشكل عاجل على دعم تحقيق المرامي الإنمائية للألفية المرتبطة بالأمراض. ويجب تحقيق التكامل بين نُظُم ترصُّد الأمراض، وزيادة الاستثمار في برامج التمنيع. كما يتعيَّن أن يحظى برنامج استئصال شلل الأطفال بالأولوية في جميع البلدان. إن الفاشية التي ظهرَت مؤخّراً في الصومال، واكتشاف فيروس شلل الأطفال في العينات البيئية في البلدان التي كانت خالية من شلل الأطفال لسنوات عديدة لا يمكن مهادنتها أو السكوت عليها. وسيستلزم الأمر العمل بشكل مكثف وبقوَّة في أفغانستان وباكستان للحفاظ على ما تحقق من تقدم في عام 2012، وعلى ما وصلت إليه مناعة السكان في البلدان الخالية من شلل الأطفال، وعلى مستوى الإشهاد الخاص بترصُّد الشلل الرخو الحاد، وعلى القدرة على اكتشاف أي حالة وفادة. أما في مجال مكافحة السل والملاريا، فإنهما يحتاجان إلى مواصلة التأكيد على ضرورة الارتقاء باكتشاف الحالات، وذلك من خلال عقد شراكات بين القطاعين العام والخاص، وتحسين القدرات المختبرية وتقوية الترصُّد. ويجب زيادة سُبُل الحصول على المعالجة المضادة للفيروسات القهقرية وغيرها من الخدمات للمصابين بعدوى فيروس الإيدز، ولاسيَّما للفئات السكانية المعرضة لمخاطر مرتفعة، فضلاً عن تصعيد العمل على التخلص من انتقال العدوى بفيروس الإيدز من الأم إلى الطفل. وسيحظى العمل بأحكام اللوائح الصحية الدولية في الوقت المحدَّد بالأولوية أيضاً، كما سيتواصل التأكيد على بناء القدرات الوطنية الأساسية اللازمة في مجال الترصُّد، والاستجابة، والدعم المختبري، والموارد البشرية.

ولا مراء في أن الصراعات الدائرة، والطوارئ الإنسانية المزمنة السائدة في العديد من بلدان الإقليم، والتي تسفر عن أعداد كبيرة من النازحين، تعتبر من عوامل الخطر الأساسية التي تهدد تطوير الصحة والنُظُم الصحية على المدى البعيد. وتتمثل الأولويات الاستراتيجية المتعلقة بالتأهب للطوارئ والاستجابة لمقتضياتها في إعداد سياسات وتشريعات واضحة استناداً إلى أسلوب يراعي جميع المخاطر من منظور "الصحة الشاملة"، مع إيلاء اهتمام خاص لحماية المرافق الصحية والقوى العاملة في أوقات الطوارئ. وعلى الرغم من زيادة التمويل المتاح للأنشطة الصحية إبان الطوارئ، فإن %38 فقط من متطلبات الإقليم قد تم تلبيتها في عام 2012. ولايزال القطاع الصحي يعاني من نقص شديد في التمويل مما يؤكِّد على الحاجة إلى اتخاذ الشركاء التقليديين وغير التقليديين لأسلوب أكثر تنسيقاً من أجل تلبية الاحتياجات الصحية للفئات السكانية المتضررة في الإقليم.

ولعل أكثر ما يلفت النظر أن أياً من هذه الأعمال لا يمكن النظر إليه بمعزل عن غيره. فتحديد الأولويات الاستراتيجية يجب ألا يعني أنه يمكن التعامل مع كل منها بشكل منفصل. وبالتالي فإن تعزيز النُظُم الصحية يعتبر أمراً ضرورياً لإحراز المرامي الإنمائية للألفية، وللحفاظ على ما تحقق من مكاسب حتى بعد عام 2015، ولتعزيز الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها. فالتأهب للطوارئ، وترصُّد الأمراض والتبليغ عنها، وتبني أسلوب متكامل ومتعدد القطاعات للتعامل مع الأمراض غير السارية، كلها من الأمور المتكاملة التي تأتي في سياق التنمية الصحية الوطنية.

إن عملية إصلاح المنظمة ستساعدها في تقوية ما تقدمه من دعم تقني للدول الأعضاء، سواء من حيث الجودة أو من حيث التوقيت على الصعيدين الإقليمي والقُطري. ومن ثَمَّ، فإن هذا سيساعد بدوره في زيادة التنسيق والتكامل بين البرامج الوطنية؛ بحيث تنعكس الإجراءات التي يتم اتخاذها في مجال معين من مجالات تعاون المنظمة مع البلدان، على تعزيز حصائل الإجراءات التي تم اتخاذها في مجال آخر. إن إصلاحات الإدارة ستدعم تحسين الشفافية والمساءلة بحيث تتأكد الدول الأعضاء من أن إسهاماتها التي تقدمها للمنظمة تستخدم بفعالية وأنها ذات مردود عالٍ، وتستخدم بشكل مناسب. وستحظى الدبلوماسية الصحية بشكل متزايد، بدور مهم في وضع تصور لوضع برنامج العمل الصحي على الصعيدَيْن العالمي والإقليمي، وإنني آمل أن تواصل الدول الأعضاء في الإقليم سعيها إلى زيادة مشاركتها في أعمال جمعية الصحة العالمية والمجلس التنفيذي.

ولقد تبنَّت اللجنة الإقليمية جدول أعمال للمنظمة وللدول الأعضاء خلال السنوات الأربع القادمة. وهذا الجدول وإن كان محفوفاً بالتحديات، ولكنه محدَّد البنود والمكونات بوضوح. وقد تم وضع معالم بارزة يمكن على أساسها قياس ما أحرزناه من تقدُّم. وستبذل المنظمة قصارى جهدها لتحسين تعاونها مع البلدان ودعمها لها. وعلى نفس النسق فإنني آمل أن تقوم الدول الأعضاء بدورها في متابعة خطة العمل التي التزمت بها. فنحن جميعاً أمامنا الكثير لنقوم به.

 
الخاتمة PDF طباعة

إن هذا التقرير السنوي عن أعمال منظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط في عام 2013 يستعرض العام الكامل الأول الذي سعينا خلاله إلى إحراز تقدُّم في تنفيذ الالتزامات التي اتَّفَقتُ عليها مع الدول الأعضاء في الإقليم. وبعد التعرُّف على الوضع الصحي، وتحديد الاحتياجات والأولويات في السنة السابقة، وضِعَت الخطط الاستراتيجية لبلوغ التغطية الصحية الشاملة، وإنقاذ حياة الأمهات والأطفال، والاتفاق على المؤشرات الأساسية لقياس التنمية الصحية، وتنفيذ إطار العمل الإقليمي للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، وتحسين الأمن الصحي. وقد سَعَيّتُ إلى إشراك اللجنة الإقليمية في جميع هذه القرارات الاستراتيجية لضمان أن تكون مقترحاتنا عملية ومجديَة للدول الأعضاء. وقد تعرَّضَت بعض أعمالنا للقيود نتيجة الأزمات التي وقعَت في أرجاء مختلفة من الإقليم، وضرورة الاستجابة لحالات الطوارئ، ومع ذلك فقد تحقّق الكثير في ظل هذه الظروف. ومع اكتمال الأعمال الأساسية الهامة في الوقت الحالي، سنواصل المُضيّ قُدُماً نحو تنفيذ الالتزامات العالمية والإقليمية مع التركيز بقدر أكبر من أي وقت مضى على الأولويات الاستراتيجية على الصعيد القُطري، وعلى الشفافية الكاملة، ومستوى أعلى من الكفاءة التقنية. وسنسير على هذا الدرب لا نحيد عنه، مدركين أنه لا يزال أمام منظمة الصحة العالمية والدول الأعضاء الكثير من العمل للقيام به في السنة القادمة، وما بعدها.

وسينصَبُّ التركيز في مجال تقوية النُظُم الصحية على تقديم الدعم إلى البلدان في المجالات الاستراتيجية المُبَيّنة في خارطة الطريق التي أقرَّتها اللجنة الإقليمية عام 2012؛ وهذه الأولويات هي: التحرُّك صَوْب التغطية الصحية الشاملة؛ وتعزيز القيادة والحوكَمَة في مجال الصحة؛ وتقوية نُظُم المعلومات الصحية؛ وتعزيز إعداد القوى العاملة الصحية المتوازنة وجيِّدة الإدارة ؛ وتحسين الوصول إلى خدمات الرعاية الصحية العالية الجودة؛ والمشاركة مع القطاع الصحي الخاص؛ وضمان الوصول إلى التقنيّات الأساسية (الأدوية الأساسية، واللقاحات، والأجهزة الطبية، وأدوات التشخيص). وسيولى اهتمام خاص لوضع استراتيجيات وطنية للتغطية الصحية الشاملة وخطط وطنية لتعزيز نُظُم المعلومات الصحية، بما في ذلك تسجيل الأحوال المدنية والإحصاءات الحيوية. وسيحظى بالأهمية أيضاً تعزيز السلطات التنظيمية الوطنية وتطوير الدعم المختبري للرعاية الأولية والثانوية. وستوضَع استراتيجية إقليمية بشأن نُظُم المعلومات الصحية، كما سيوضَع إطار عمل استراتيجي إقليمي لتعزيز إعداد القوى العاملة الصحية المتوازنة وجيدة الإدارة لدعم وتوجيه الدول الأعضاء في هذه المجالات.

وسيستمر التأكيد على تعجيل وتيرة التقدُّم نحو تحقيق الهدفين الرابع والخامس من الأهداف الإنمائية للألفية ضمن مبادرة إنقاذ حياة الأمهات والأطفال. ومن الضروري أن تحافظ الدول الأعضاء على مستوى رفيع من الدعوة لخطط تسريع وتيرة التقدُّم في مجال صحة الأمهات والأطفال من أجل تعزيز الالتزام على المستويات المختلفة للحكومة وفي ما بين الشركاء، وحشد الموارد لسد ثغرات التمويل. وهناك حاجة إلى رَصْد جودة تنفيذ خطط تسريع الوتيرة وإجراء البحوث الميدانية المناسبة. وسوف تكرِّس منظمة الصحة العالمية جهودها في سبيل تعزيز المزيد من العمل المشتَرَك مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، واليونيسف، وإقامة شراكات مع الأطراف المعنية الرئيسية.

وبالرغم من الالتزام السياسي الرفيع المستوى للإعلان السياسي للأمم المتحدة بشأن الأمراض غير السارية وإطار العمل الإقليمي الرامي إلى تنفيذ ما وَرَد بالإعلان السياسي من التزامات، فمن الواضح أن هناك ثغرات هامة في التنفيذ وأن البلدان تواجه تحدِّيات تعوقها عن اتخاذ إجراءات ملموسة. وسوف نواصل تقديم التوجيه التقني السليم والمُسنَد بالبيِِّنات والمطلوب لتنفيذ التدخلات والتدابير الرئيسية الواردة في إطار العمل الإقليمي، بَيْد أن التقدُّم سيعتمد أساساً على الالتزام السياسي والمبادرات التي تطلقها الحكومات. وما لم تُتخَذ إجراءات جديّة، فإن وباء أمراض القلب، والسكّري، والسرطان سيواصل تفاقمه في الإقليم.

وفي ما يتعلق بالأمن الصحي، فقد أظهرَت الأحداث التي وقعَت في أنحاء الإقليم في العام الماضي على نحو واضح استمرار الحاجة إلى التركيز على ضمان التأهُّب لتنفيذ اللوائح الصحية الدولية في جميع البلدان بحلول المواعيد النهائية المتّفَق عليها. وكشف من جديد ظهور الأمراض المعدية ومعاودة ظهورها، والتي تحدُث غالباً في فاشيات سريعة الاندلاع، شدّة تأثر الإقليم بحالات العدوى التي يمكن أن تنتشر بسرعة. وتتفاقم شدة التأثر بأوضاع الصراعات والأزمات الإنسانية الطويلة الأمَد، والتي تنتشر في أجزاء كثيرة من الإقليم. ويكتسب تبادل المعلومات أهمية بالغة. وبالإضافة إلى ذلك، فإن مقاومة مضادات المكروبات آخذة في النمو على نحو سريع على نطاق واسع وباتَت تشكِّل تهديداً قد يكون له تأثير بالغ وعواقب اقتصادية وخيمة على النُظُم الصحية في جميع البلدان. وما زال من الضروري العمل على تضافر وتنسيق الجهود لمواجهة التحدِّيات السياسية والاجتماعية والأمنية الخاصة التي تؤثِّر على الوصول إلى الأطفال لتطعيمهم ضد شلل الأطفال في باكستان والصومال. ويُحدِث الدعم الذي قدَّمه الفريق الاستشاري الإسلامي تغييراً كبيراً، وينبغي أن يستمر هذا الدعم، وأن يكمله مزيد من جهود الدبلوماسية الصحية على المستوى الإقليمي. وتحتاج جميع البلدان، دونما استثناء، إلى بذل المزيد من الجهد من أجل توسيع نطاق التغطية، ليس فقط في ما يتعلق بالحصول على الرعاية الصحية الجيّدة، ولكن أيضاً في تعزيز تدابير الوقاية وتعزيز الصحة.

وفي ما يتعلّق بالتأهب لحالات الطوارئ والاستجابة لها، سيظل الشغل الشاغل هو وضع السياسات والتشريعات الواضحة استناداً إلى نهج يراعي جميع الأخطار ويتعامل مع "الصحة ككل". وستقدِّم منظمة الصحة العالمية الدعم التقني للدول الأعضاء الملتزمة بإعداد برنامج فعّال للتأهب لحالات الطوارئ مع التركيز على المجتمعات المحلية الأكثر تعرضاً للخطر. وفي ما يتعلق بالاستجابة لحالات الطوارئ الإقليمية، سنسعى إلى إيجاد وسيلة لتفعيل الصندوق الإقليمي للتضامن في حالات الطوارئ المخطط له منذ فترة طويلة، لضمان استدامة التمويل واستمرار تنفيذ الأنشطة المُنقِذة للحياة لتلبية الاحتياجات الصحية للسكان المتضرّرين. كما سيكون من الأهمية بمكان تعزيز قدرات المكاتب القُطرية لمنظمة الصحة العالمية في إدارة الأحداث المُصنَّفة.

وقد عملَت منظمة الصحة العالمية على تحسين أدائها في طيف من المجالات، تمشياً مع الالتزامات المُتعهَّد بها في إطار الإصلاح الإداري للمنظمة. وكان لإعادة التنظيم الهيكلي الأثر في استكمال وتيسير الإنجازات المشار إليها في هذا التقرير، لاسيَّما في مجال النُظُم الصحية، والأمراض غير السارية، والبيِّنات والمعلومات الصحية. وسوف تتواصل التدابير التي اتُّخِذت في عام 2013 لتحسين الشفافية والمساءَلة. ويجري تعزيز قدرات المكاتب القُطرية لضمان زيادة كفاءة العمليات الإدارية بها، وتحسين الصلة بين استراتيجيات التعاون القُطري والتخطيط التشغيلي، وتهيئة بيئة للرقابة الكافية. وأولي اهتمام أكبر لإدارة الأداء، لاسيّما الجوانب الإدارية للأداء على المستوى الأعلى، بهدف تحسين الامتثال والتقيّد بالإطار التنظيمي لمنظمة الصحة العالمية. وسوف يستمر العمل الجاري بشأن تعزيز آليات المراقبة الداخلية عن طريق عمليات ضمان الجودة، وزيادة فعالية وظيفة الامتثال على المستوى الإقليمي. وما زال التمويل يشكِّل تحدياً، ويجب علينا، جنباً إلى جنب مع الدول الأعضاء، أن نبذُل مزيداً من الجهود لمعالجة تدنِّي مستوى حشد الموارد من داخل الإقليم، الذي لا يزال المستوى الأدنى بين أقاليم منظمة الصحة العالمية.

نشهَد جميعاً السيناريوهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تتغيَّر بإيقاع سريع وتتكشَّف في الإقليم. وهناك أوقات يبدو فيها أن عملنا تحرِّكه متطلبات إدارة الأزمات، والاستجابة لحالات الطوارئ، والتكيُّف مع الحقائق المستجدَّة. ومما لا شك فيه أنه يجب علينا أن نتحلى بالمرونة، ولكن بالنظر إلى ما استطعنا تحقيقه في السنة الماضية، أعتقد أننا قد أرسَيْنا بعض الأسس الراسخة لبناء مستقبل صحي أكثر إشراقاً، بالشراكة مع الدول الأعضاء في منظمتنا. وهذه أوقات صعبة حافلة بالتحدِّيات، ولكنها أيضاً أوقات الفرصة العظيمة. فدعونا نغتنم هذه الفرص وألا نضيعها.

 
الخاتمة PDF طباعة

يستعرض هذا التقرير أعمال منظمة الصحة العالمية خلال العام المنصرم من أجل دعم التنمية الصحية في الدول الأعضاء في هذا الإقليم، كما يسلط الضوء أيضاً على التحدّيات الرئيسية التي يتعيَّن مواجهتها، ويعكس العمل المتواصِل والخطوات المقبلة لكل من الدول الأعضاء والمنظمة لعام 2015 وما بعده. وتوخِّيا للإيجاز والتركيز، فإن هذا التقرير يعرض التقدُّم الذي تم إحرازه خلال العام الماضي في معالجة الأولويات الصحية الرئيسية الخمس التي أقرّتها الدول الأعضاء جميعها في 2012. وشملت أعمال المنظمة خلال 2014 أيضاً، مبادرات أخرى ذات أهمية خاصة للتنمية الصحية في مختلف بلدان الإقليم. وإنني لعلى ثقة من أن كثيراً منها سوف يُثار ويخضع للمناقشة خلال جلسات وفعاليات الدورة الثانية والستين للّجنة الإقليمية التي ستُعقد في تشرين الأول/أكتوبر 2015.

ومن غير الممكن رفع تقرير عن الدعم الصحي دون إدراك تأثير الأزمات الإنسانية على النُظُم الصحية الوطنية والوضع الصحي وعلى القدرات الشاملة للمنظمة في الإقليم. فالمَرافق والبرامج الصحية تتضرَّر تضرراً شديداً في البلدان التي تَمُرّ بأزمات والتي يتزايد عددها باطراد، ويشكل غياب التمويل الكافي من الجهات المانحة مصدر قلق حقيقياً تماماً. ويتعيَّن على كل الدول الأعضاء، دونما استثناء، إيلاء اهتمام أكبر لبناء نُظُم صحية تتسم بالمرونة والتكيُّف، مع تحسين فرص الحصول على الخدمات الصحية، كما ينبغي تعزيز الخدمات الطبية الطارئة في غالبية البلدان. وسيتم إيلاء أولوية خاصة لهذه المجالات من خلال تعاون المنظمة مع الدول الأعضاء على مدى السنوات القادمة.

ولما كان العالم يجتاز حالياً مرحلة انتقالية ما بين الأهداف الإنمائية للألفية وبين خطة ما بعد عام 2015 وأهداف التنمية المستدامة الجديدة، فسيكون من المهم الاستفادة من الزَخَم الذي تولَّد في ما يختص بصحة الأمهات والأطفال في الإقليم خلال السنوات الثلاث الفائتة؛ فصحة الأمهات والأطفال قضية تهم جميع البلدان في الإقليم. وسوف نواصِل التركيز على البلدان التي تنوء بعبء ثقيل، والبلدان التي تتضرَّر بشكل مباشر أو غير مباشر جرّاء أوضاع الطوارئ المعقّدة. ومع ذلك، فسوف تقوم بلدان الإقليم جميعها بوضع خطط استراتيجية وتشغيلية بشأن الصحة الإنجابية وصحة الأم وحديثي الولادة والطفل للمدة 2016 – 2020، وفقاً للاستراتيجية العالمية المحدَّثة لصحة المرأة والطفل والمراهق، التي سيتم إقرارها في أيلول/سبتمبر 2015. ولابُد للمنظمة ولشركائها مواصلة التركيز على البلدان التي تَمُر بأزمات، على وجه الخصوص، من أجل تجنُّب النكوص عن المكاسب التي تحققت.

وستقوم المنظمة، في عام 2015 وما بعده، بالتركيز بشكل أكبر على كيفية التعامل مع الحاجة إلى توفير رعاية أفضل في المرحلة السابقة للحمل في هذا الإقليم، ومعالجة جوانب عدم المساواة المستمرّة في إتاحة فرص الحصول على رعاية صحية عالية الجودة بالنسبة للأمهات والأطفال. وسنعمل أيضاً مع الدول الأعضاء على تنفيذ التوصيات الرئيسية الصادرة عن المؤتمر الدولي الثاني المعني بالتغذية، استناداً إلى الأولويات التي تم الاتفاق عليها في اجتماع بلداني عُقِد مؤخراً بشأن التغذية. وسيشمل ذلك التركيز بشكل خاص على تشجيع الرضاعة الطبيعية ومعالجة نقص التغذية والوقاية من السمنة في مرحلة الطفولة.

وسيكون من المهم أيضاً الحفاظ على الالتزامات، على المستوى الإقليمي والوطني، من أجل تحقيق مزيد من التقدُّم في مجال تخفيف العبء المَرَضي للإيدز والسل والملاريا. ونحن الآن بصدد وضع خطط عمل إقليمية للمدة

2016-2020، تمشِّياً مع الاستراتيجيات العالمية للمنظمة لما بعد 2015، والهدف الجديد المقترح للتنمية المستدامة في مجال الصحة، وسنواصل العمل مع البلدان لضمان استمرار التقدُّم في هذا المجال.

لقد أصبح استئصال شلل الأطفال في إقليمنا، وعلى الصعيد العالمي، في متناول اليد الآن. فقد كثَّفنا دعمنا للبلدان المتضرِّرة، في الدَفعة الأخيرة لاستئصال هذا الداء. وإنني لأحثّ البلدان، ونحن نقترب من تخطي العقبة الأخيرة، على ضمان أعلى مستوى ممكن من التمنيع والترصُّد، إلى أن يتحقق استئصال هذا الداء على الصعيد العالمي، ويتم الإشهاد على ذلك. كما أدعو أيضاً جميع البلدان لمواصلة تقديم دعمها الهام والثمين لكل من باكستان وأفغانستان من أجل تحقيق هدف الاستئصال في أسرع وقت ممكن.

ويتعيَّن مواصلة التأكيد على الأهمية التي تولَى للتدبير الفعَّال للتهديدات التي يتعرَّض لها الأمن الصحي في أعقاب اندلاع أزمة مرض الإيبولا، كما يتعيَّن على جميع البلدان، دونما استثناء، تعزيز قدراتها الأساسية المطلوبة بموجب اللوائح الصحية الدولية. وستتواصَل، على المستويين الوطني والإقليمي، أعمال المراقبة الدقيقة في ما يتعلق بانتشار متلازمة الشرق الأوسط التنفسية الناجمة عن الفيروس التاجي كورونا (MERS-CoV) وأنفلونزا الطيور (H5N1)A. وما تزال هناك فجوات معرفية حول كِلا الداءين، ومن المهم، بل والضروري دعم البحوث التي تُجرَى عليهما وعلى غيرهما من الأمراض شديدة الخطورة، وتبادُل نتائج تلك البحوث في الوقت المناسب. وينبغي، قبل كل شيء، أن تتأكد البلدان من استعدادها للتعامل مع الحالات بطريقة تركز فيها على سلامة المرضى وسلامة العاملين في الرعاية الصحية، على حد سواء.

وتثير المقاومة المتصاعدة لمضادات الميكروبات التي ثبتت فاعليتها من قبل، قلقاً بالغاً. فمن الواضح أن إقليمنا، ولسنا وحدنا في ذلك، غير مستعد بما يكفي لمعالجة هذه المشكلة. وتتكفل المنظمة بالرعاية المشتَرَكَة لمؤتمر وزاري رفيع المستوى سيُعْقَد في هذا الإقليم مطلع عام 2016، وسيُجرَى فيه تحليل مفصَّل للوضع، وعرض خطة إقليمية محددة وواضحة في هذا المجال. وتعمل المنظمة مع الدول الأعضاء، وغيرها من الأطراف المعنية للإعداد لهذا المؤتمر. ويشهد الإقليم تصاعداً سريعاً في حجم العواقب الوخيمة الناجمة عن الأمراض غير السارية. ولدينا رؤية صحيحة وخارطة طريق قوية نسترشد بهما في هذا الإطار؛ وبوسعنا دحر هذا الوباء من خلال تنفيذ إطار العمل الإقليمي. وسأواصِل توسيع نطاق عملنا في هذا المجال حتى نتمكَّن من زيادة قدراتنا في مجال تقديم الدعم التقني للبلدان، غير أن المسؤولية النهائية في هذا الإطار تقع على عاتق الدول الأعضاء. فأمراض القلب والسرطان والسكّري، وأمراض الرئة المزمنة، لن يُكبح جماحُها ما لم تُترجم الالتزامات المعلنة إلى إجراءات ملموسة. وقد أعدَّت المنظمة، في أيار/مايو 2015، قائمة بالمؤشرات العملية التي ستستخدم لتقييم التقدُّم المحرَز من قِبَل البلدان للوفاء بالتزاماتها الواردة في الإعلان السياسي الصادر عن الأمم المتحدة في 2011. وستنشر نتائج التقييم خلال اجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى الذي سيُعْقَد في نيويورك في 2018. وستستخدم هذه المؤشرات لرصد التقدُّم المحرَز بصفة سنوية، وسنعمل مع الدول الأعضاء للتحقُّق من استعدادها على نحو مناسب لرصد التنفيذ في هذا الخصوص.

لقد أضحَت التغطية الصحية الشاملة الآن جزءاً من أهداف التنمية المستدامة. وكانت اللجنة الإقليمية قد أقرَّت، العام الماضي، خارطة طريق إقليمية في هذا المجال. وتتمثَّل الخطوة المقبلة للمنظمة في تقديم الدعم للبلدان لوضع خططها الخاصة بها، مع التركيز على التدخُّلات الرئيسية الموصَى بها في الإطار الإقليمي. ويتم التركيز بوجه خاص في عمل المنظمة، على بناء القدرات الوطنية في مجال التخطيط الصحي الاستراتيجي وتنظيم القطاع الصحي، وتعزيز تقديم الخدمات من خلال اعتماد نهج طب الأسرة، والرعاية في المستشفيات وإدارتها، وسلامة المرضى، ومساهمة القطاع الخاص بمزيد من الفعالية. وستناقش اللجنة الإقليمية خطة لإصلاح التعليم الطبي، والتي آمل أن تقود إلى الالتزام باتخاذ إجراءات فعَّالة في هذا الصدد من جانب الدول الأعضاء.

وسيتواصَل إيلاء أولوية كبيرة لنُظُم المعلومات الصحية. وانطلاقا من الإنجازات التي تحققت على مدى السنوات الثلاث الفائتة، فإننا سنعمل على نحو وثيق مع مجموعات البلدان المختلفة ومع شركاء الأمم المتحدة، كي تكون لدينا نُظُم معلومات صحية وطنية أكثر قوة، حتى يمكن رصد الاتجاهات الصحية وأداء النُظُم الصحية استناداً إلى إطار المعلومات الصحية الجديد.

لقد مرَرْنا بأوقات عصيبة خلال العام المنصرم في أجزاء كثيرة من هذا الإقليم، حيث تواجِه النُظُم الصحية والأشخاص الذين يعملون فيها، تحدّيات وضغوطاً هائلة، ولم تكن تنمية القدرات القيادية في مجال الصحة العمومية، في يوم من الأيام، أكثر أهمية للتنمية الصحية، مما هي عليه الآن.

وسأظل ملتزماً تماماً بالإصلاح الإداري، وأنا سعيد بالتقدُّم الذي حققناه حتى الآن، بَيْد أن من الواضح أنه مازال هناك المزيد مما يتعيَّن القيام به في ما يتعلق بتحسين أدائنا ودعمنا للدول الأعضاء على أساس الكفاءة والمساءلة والشفافية. وكانت المكاتب القُطرية تحوز جل اهتمامي طوال العام المنصرم. وبينما تم إحراز تقدُّم إيجابي في العديد من البلدان، فإن خطتنا تتمثَّل في مواصلة توسيع نطاق حضور المنظمة في بلدان أخرى. وسنواصِل الاستماع إلى الدول الأعضاء بالإقليم، والاستجابة لها. ونحن، بدورنا، بحاجة إلى دعم الدول الأعضاء كي يمكن معالجة الأولويات على النحو المأمول.

وكما ذَكَرتُ العام الماضي، فإنني أعتقد أننا أرسينا بعض الأسس المتينة كي نبني عليها مستقبلاً أكثر إشراقاً بالشراكة مع دولنا الأعضاء. وإننا ندرك أننا نَمُر بأوقات صعبة، لكنها أوقات تمنحنا أيضاً فرصاً عظيمة. فلنغتنم هذه الفرص ولا نضيعها، ولنواصِل جميعاً، نحن الدول الأعضاء والمنظمات الدولية والمجتمع المدني، دعم وتعزيز شراكتنا من أجل الصحة.

 
المواد الدعائية PDF طباعة
 
PDF طباعة

الموارد

أسئلة وأجوبة

صحائف الوقائع

فيروس زيكا: منشأ الفيروس المنقول بالبعوض وانتشاره

النساء في سياق صغر الرأس ومرض فيروس زيكا

إبادة الحشرات في الطائرات لمكافحة البعوض

 


الصفحة 55 من 93