معلومات عن المكتب الإقليمي | المديرة الإقليمية | التقارير السنوية | 2015 | المقدّمة وأبرز النقاط الواردة في التقرير

المقدّمة وأبرز النقاط الواردة في التقرير

طباعة PDF

يُغطي هذا التقرير السنويّ أعمال مُنظّمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط طيلة عام 2015 والجزء الأول من عام 2016. ويسلِّط التقرير الضوء على ما حققناه من إنجازات وما جابهناه من تحديات، فضلاً عن سُبُل الـمُضي قُدُماً والخطوات التالية التي يتعين التعجيل باتخاذها. ويركّز التقرير بشكل خاص على الأولويات الخمس الرئيسية التي اتفقت عليها الدول الأعضاء في 2012، وهي: تقوية النُظُم الصحيّة صَوْب بلوغ التغطية الصحيّة الشاملة؛ وصحة الأمهات والأطفال؛ والأمراض غير السارية؛ والأمن الصحي والأمراض السارية؛ والتأهُّب للطوارئ والاستجابة لها .

وتمثل التغطية الصحيّة الشاملة الهدف الجامع الذي يُرجى تحقيقه من خلال عملنا مع الدول الأعضاء في الإقليم في مجال تقوية النُظُم الصحيّة. وقد أرسى المكتب الإقليمي للمُنظّمة لإقليم شرق المتوسط ذلك الهدف في 2012، وقد دأبنا منذ ذلك الحين على توفير الدعم للبلدان فيما يتعلق بتنفيذ الإجراءات الواردة في إطار العمل الإقليمي. وتبدي الدول الأعضاء مستوى عالياً من الالتزام تجاه تحقيق التغطية الصحيّة الشاملة. وعلى مدى الشهور الثمانية عشر الماضية، وفرت مُنظّمة الصحة العالمية الدعم للبلدان في مجالات أساسية عديدة كي تمضي قُدُماً صَوْب تحقيق التغطية الصحيّة الشاملة، ومنها إعداد تقييمات التمويل الصحي، وإرساء السياسات الصحيّة والتخطيط الاستراتيجي، وتنظيم القطاع الصحي، وتنمية القدرات للعمل على تعزيز القوانين والتشريعات في مجال الصحة العمومية. وسوف يستمر تحديث إطار العمل الإقليمي الذي يغطي المجالات الأربعة للتغطية الصحيّة الشاملة (وهي وضع رؤية واستراتيجية؛ وتحسين الحماية المالية، وتوسيع نطاق التغطية بالخدمات، وضمان تغطية السكان) وفقاً لاحتياجات الدول الأعضاء، وسوف يظل إطار العمل مصدراً يُسترشد به في تقديم الدعم التقني للبلدان وفي رَصْد ما تُحرزه من تقدُّم.

وقد شرع المكتب الإقليمي أيضاً في تعاون استراتيجي مع شبكة واسعة من الخبراء الدوليين عَبْر الإصدار الثالث لمشروع أولويات مكافحة الأمراض بهدف إرساء حزمة ذات أولوية مرتفعة من الخدمات الأساسية الخاصة بالتغطية الصحيّة الشاملة. وتشمل المعايير المستخدمة في ضمّ التدخلات إلى هذه الحزمة كل من الدليل على الأثر الناتج عن التدخل، ومردوديته، ويُسْر تكلفته. وسوف تستعرض جلسة خاصة من الـمُقرر أن تُعقد على هامش الدورة الثالثة والستين للّجنة الإقليمية التقدُّم الـمُحرَز في هذه المبادرة.

وقد وضعنا التركيز مجدداً على تنمية قدرات القوى العاملة، الأمر الذي يمثل تحدّيا كبيراً أمام بلدان الإقليم؛ فقد أجريت سلسلة من الاجتماعات التشاورية على مدار الثمانية عشر شهراً الماضية، ركَّزت على إعداد إطار عمل إقليمي لتنفيذ الاستراتيجية العالمية للموارد البشرية من أجل الصحة التي اعتمدتها جمعية الصحة العالمية في دورتها هذا العام، فضلاً عن إطار عمل استراتيجي شامل لتعزيز التمريض والقبالة، والذي أُطلق أيضاً أثناء انعقاد الاجتماع الوزاري في أيار/مايو 2016. كما اُجري استعراض شامل للتعليم الطبي، بما في ذلك التقييم الـمُتعمق للوضع في عدد من بلدان الإقليم، والذي جرى بالتعاون مع الاتحاد الدولي للتعليم الطبي وبمشاركة فعالة من جانب الدول الأعضاء. وتلى ذلك اعتماد اللجنة الإقليمية لإطار عمل إقليمي يهدف إلى إصلاح التعليم الطبي في الإقليم، ومن المقرر طرحه للنقاش مع معالي وزراء الصحة والتعليم العالي في اجتماع رفيع المستوى في عام 2017. ومن أجل تعزيز القيادة في مجال الصحة وبناء قدرات الصحة العمومية في وزارات الصحة، وضع المكتب الإقليمي برنامجاً تدريبياً للقيادات شمل كبار مسؤولي قطاع الصحة في عام 2015، وتم تنفيذه بنجاح في جولتين عُقدتا في جنيف ومسقط، وذلك بالتعاون مع كلية هارفارد للصحة العمومية. وقد تخرّج أكثر من 50 قائداً من قيادات الصحة لمستقبلاً من البرنامج الذي سوف يستمر تنفيذه سنوياً. ويواصل المكتب الإقليمي استضافة ندوة سنوية حول الدبلوماسية الصحيّة لكبار المسؤولين بوزارتي الصحة والخارجية والدبلوماسيين وأعضاء البرلمانات.

واستمر العمل في مجالات أخرى تكتسي أهمية استراتيجية وتهدف إلى تقوية النُظُم الصحيّة، بما في ذلك تنظيم القطاع الصيدلاني والأجهزة الطبية، وتعزيز نَهْج طب الأسرة، وتنظيم القطاع الخاص وإقامة الشراكات معه، والنهوض بمستوى إدارة المستشفيات وسلامة المرضى، وسجلات الأحوال المدنية والإحصائيات الحيوية، ونُظُم المعلومات الصحيّة. ويمتلك الإقليم، في الوقت الحالي، المعلومات الأكثر شمولاً بين جميع أقاليم المنظمة حول الوضع الراهن لنُظُم تسجيل الأحوال المدنية والإحصائيات الحيوية. واعتماداً على التقييمات الشاملة التي أُجريت في معظم الدول الأعضاء، تتوافر حالياً استراتيجية إقليمية لتعزيز نظم تسجيل الأحوال المدنية، بما في ذلك الإبلاغ عن الوفيّات الناجمة عن أسباب محدّدة، لإرشاد البلدان في ما يتعلق بتنفيذ الإجراءات ذات الأولوية.

وتواصل الـمُنظّمة تقديم الدعم فيما يتعلق بتنفيذ إطار العمل الإقليمي بشأن نُظُم المعلمات الصحيّة والإفادة من المؤشرات الرئيسية وبناء القدرات لتعزيز جمع البيانات، والإبلاغ بشأنها ونشرها. وقد وُضعت أداة عمليّة لتقييم الثغرات في قدرات البلدان على توفير واستخدام بيانات موثوقة للمؤشرات الصحيّة الأساسية الإقليمية البالغ عددها 68 مؤشراً. وسوف يُستفاد من التقييم في إصدار توصية بالإجراءات اللازم اتخاذها لسد تلك الثغرات وتقوية نُظُم المعلومات الصحيّة. كما جرى وضع وتحديث مُرتسمات صحية شاملة توثّق للموقف الراهن وتُسلّط الضوء على التحديات والثغرات والفرص المتاحة وسُبُل الـمُضي قُدُماً في كل برنامج من البرامج الصحيّة، وذلك بالتعاون مع الدول الأعضاء. وفي الوقت الراهن، يتوافر لدى كل بلد صحيفة موجزة تتضمن المؤشرات الصحيّة الأساسية، فضلاً عن عرض موجز لمواطن القوة ومكامن الضعف المحتملة والتحديات القائمة والأولويات الـمُواتية لنظامه الصحي. وتُحدَّث تلك المرتسمات سنوياً بعد التشاور الوثيق مع وزارة الصحة.

وسوف تستمر خارطة الطريق الخاصة بالتغطية الصحيّة الشاملة التي اعتمدتها اللجنة الإقليمية في عام 2014 في توجيه أعمالنا في ما يتعلق بتقوية النُظُم الصحيّة. وسوف نواصل التركيز على بناء القدرات في مجالي القيادة والحَوْكَمة. وسوف تظل مجالات العمل المتعلقة بتحليل السياسات الصحيّة والتخطيط لها، ووضع التشريعات والتنظيمات الصحيّة، ومواصلة تعزيز نُظُم المعلومات الصحيّة، بما في ذلك سجلات الأحوال المدنية والإحصائيات الحيوية، مجالات ذات أهمية. كما ستُوضع اللمسات النهائية على التوجيه الاستراتيجي بشأن القوى العاملة الصحيّة. وستُمنح الأولوية لدعم البلدان في سعيها إلى تنفيذ إطار العمل الاستراتيجي بشأن التمريض والقبالة، في الوقت الذي يُنتظر أن يحظى الاجتماع الوزاري رفيع المستوى المزمع عقده لوزراء الصحة والتعليم الطبي بأهمية خاصة في رسم ملامح المستقبل فيما يتعلق بإصلاح التعليم الطبي في الإقليم.

وقد بات واضحاً بحلول نهاية العام الـمُنصرم أن الإقليم قد أحرز تقُدُماً كبيراً في خفض معدلات وفيات الأمهات والأطفال منذ تسعينيات القرن العشرين، وفقاً لما توضحه أحدث بيانات الرصْد الخاصة بالأهداف الإنمائية للألفية. ومع ذلك، فإن معدلات الانخفاض ما تزال غير قادرة على بلوغ الغايات الإقليمية العامة المطلوب تحقيقها بموجَب الهدفين الرابع والخامس من الأهداف الإنمائية للألفية. وواصلت المبادرة الإقليمية لإنقاذ حياة الأمهات والأطفال التصدي للتحديات الرئيسية المطروحة أمام البلدان التي تعاني عبئاً مرتفعاً لوفيات الأمهات والأطفال. وقد أطلقت البلدان التسعة المثقلة بالعبء خططاً لتسريع وتيرة التقدُّم في هذا المجال وهدفت في بادئ الأمر إلى تحسين الحصائل الصحيّة للمضي قُدُماً صَوْب تحقيق غايات الأهداف الإنمائية للألفية، ولكنها تهدف أيضاً إلى تمهيد الطريق صَوْب تحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030. كما ركّزت المنُظمة على جودة الرعاية، بما في ذلك الرعاية قبل الحمل ورعاية حديثي الولادة، وهما اللتان ازدادت أهميتهما بوصفهما من عنصرين مهمين من عناصر بقاء الأمهات والأطفال على قيْد الحياة في الإقليم.

وسوف يكون تنفيذ الاستراتيجية العالمية وغايات الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة عاملاً مهماً من عوامل إحراز التقدُّم في مجال صحة الأمهات والأطفال والمراهقين. ومن هنا، فسنواصل التركيز على بناء قدرات البلدان بُغية وضع حد للوفيات التي يمكن الوقاية منها في صفوف الأمهات والأطفال والمراهقين. وفي هذا السياق، سوف تستمر الـمُنظّمة في دعم ورصد التقدُّم الـمُحرَز في مجال الصحة الإنجابية وصحة الأمهات وحديثي الولادة والأطفال، وتنفيذ خطط العمل ذات الصلة به، وسوف تولي اهتماماً خاصاً لتعزيز الرعاية قبل الحمل ورعاية حديثي الولادة. وسوف تُستكمل قائمة من تدخلات الصحة العمومية الـمُسندة بالبيّنات والخاصة برعاية ما قبل الحمل، بما في ذلك التدخلات عالية الأثر للوقاية من الاضطرابات الخِلْقية والوراثية ومكافحتهما، لرفع توصية بها للبلدان بحلول عام 2016.

ولا تزال تمثل التغْذية أمراً باعثاً على القلق؛ فقد وُضعت خارطة طريق إقليمية للبلدان لتنفيذ الأهداف العالمية التي حددتها جمعية الصحة العالمية في عام 2012، وكذلك التوصيات الصادرة عن المؤتمر الدولي الثاني المعني بالتغذية، وهو ما أدى إلى امتلاك معظم البلدان حالياً استراتيجيات أو خطط عمل وطنية في هذا المضمار. وقد تم دعم بيان السياسات الإقليمي بشأن الحاجة الماسة إلى التنفيذ الكامل للمُدوّنة الدولية لقواعد تسويق بدائل لبن الأم، في الوقت الذي زاد عدد المراكز الخاصة بالاستقرار الغذائي لعلاج حالات سوء التغذية الشديدة والـمُعقدة في البلدان التي تمر بحالات الطوارئ.

ولا تزال الأمراض غير السارية هي الـمُسبّب الأكبر للوفيات المبكرة في الإقليم، لا سيّما أمراض القلب والسرطان والأمراض الرئوية المزمنة والسكري. وعلى الرغم من توافر التزام سياسي رفيع المستوى بالعمل في هذا الميدان وتحقيق بعض البلدان لإنجازات مذهلة، فلا يزال التقدُّم الـمُحرَز غير متكافئ وغير متساوٍ ودون المستوى المطلوب؛ إذ أن معدلات تعاطي التبغ مازالت في تزايد، بينما تظل معدلات فرْط الوزن والسّمنة في صفوف البالغين والأطفال مرتفعة بصورة مزعجة في غالبية البلدان، ولا تتوافر بيّنات على حدوث أي تحسن في الاتجاهات الخاصة بعوامل الخطر الأخرى، ومن بينها الخمول البدني.

وقد واصلنا التركيز على دعم البلدان لتنفيذ الإعلان السياسي الصادر عام 2011 عن الاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، وذلك عن طريق إطار العمل الإقليمي الذي اعتمدته اللجنة الإقليمية في 2012. وعلى الصعيد العالمي، كان للمكتب الإقليمي دور مهم في الدعوة إلى وضع إطار للمساءلة لقياس مدى التقدُّم الـمُحرَز، في الوقت الذي كان لمساهمات البلدان أهمية بالغة في ضمان مواءمة المؤشرات العشرة التي وضعت على الصعيد العالمي من أجل قياس التقدُّم الذي تحرزه الدول الأعضاء مع المؤشرات الخاصة بإطار العمل الإقليمي. وقد تحسنت قدرة البلدان حالياً على رصد التقدُّم الـمُحرَز والإبلاغ به، لا سيّما في ما يتصل بالالتزامات المحددة بإطار زمني والواردة في الإعلان السياسي.

ويتناول إطار العمل الإقليمي الوقاية من الأمراض ومكافحتها عبر أربعة مجالات رئيسية، هي: الحَوْكَمة، والترصُّد، والوقاية، والرعاية الصحيّة. وفي عام 2015، قدمنا لكل دولة عضو الإصدار الأول من الـمُرتسم السنوي الموجز للاستجابة الوطنية، استناداً إلى المؤشرات العملية العشرة. وأتاح ذلك فرصة للبلدان كي تأخذ لمحة عامة حول التقدُّم الـمُحرَز في ما يتعلق بالتنفيذ. وحتى الآن، فإن عدداً لم يتجاوز ثلث الدول الأعضاء هي التي نجحت في وضع استراتيجيات أو خطط وطنية متعددة القطاعات من أجل الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها أو وضع أهداف وطنية اختيارية كخطوة أولى أساسية في هذا السياق. وقد أجرينا أنشطة شاملة للدعوة في عامي 2015 و2016 لتسليط الضوء على أهمية هذه القضايا.

كما اُتخذت إجراءات مهمة على الصعيد الإقليمي لدعم الاستجابة متعددة القطاعات لدى البلدان. وتضمن ذلك، بالاشتراك مع المركز الـمُتعاون مع الـمُنظّمة بجامعة جورج تاون، استحداث لوحة قياس وإعداد مُلخصات للسياسات حول أفضل الممارسات في التشريعات الصحيّة الخاصة بالأمراض غير السارية، فضلاً عن نشر الإرشادات بشأن السياسات الـمُتعلقة بخفض استهلاك السكّر في الأغذية، وهي الـمُكملة للإرشادات الصادرة بشأن سياسات خفض استهلاك الملح والدهون في الطعام. وقُدّم الدعم للبلدان في ما يتصل بتحديث تشريعاتها المتعلقة بمكافحة تعاطي التبغ وبناء القدرات لتشجيع ممارسة النشاط البدني.

وسوف تكتسي المشاركة الكاملة للقطاعات الأخرى غير القطاع الصحي أهمية كبيرة لضمان استمرار إحراز التقدُّم على صعيد تنفيذ إطار العمل الإقليمي المعني بتنفيذ إعلان الأمم المتحدة السياسي المعني بالأمراض غير السارية. وسوف تواصل الـمُنظّمة العمل مع الدول الأعضاء بُغية إحراز التقدُّم اللازم بحلول موعد اجتماع الاستعراض للأمم المتحدة في عام 2018، غير أن هذا التقدُّم سيرتكز في الأساس على الالتزامات التي تبديها الدول الأعضاء والإجراءات التي تتخذها.

وفي عام 2015 أيضاً، اعتمدت اللجنة الإقليمية إطار عمل إقليمياً عملياً ومسنداً بالبيّنات بُغية توسيع نطاق العمل في مجال الصحة النفسية وتفعيل خطة العمل الشاملة الخاصة بالصحة النفسية 2013-2020. وقد تحدّدت أربعة مجالات للعمل في إطار العمل الإقليمي: الحَوْكَمة، والوقاية، والرعاية الصحيّة، والترصُّد.

وأُحرز تقدم ملموس في العام 2015 صَوْب النهوض بمستوى الأمن الصحي في الإقليم. وفي أعقاب إجراء المكتب الإقليمي لعدد من التقييمات السريعة الخارجية في نهاية عام 2014 ومطلع عام 2015 لقدرة الدول الأعضاء على اكتشاف حالات الإصابة بمرض فيروس الإيبولا والاستجابة لها، بات من الواضح أن استعداد البلدان للوفاء الكامل بالقدرات المطلوبة بموجب اللوائح الصحيّة الدولية 2015 كان أقل كثيراً عمَّا سبق الإبلاغ به عبر التقييم الذاتي. ولهذا السبب، فقد قرّرت اللجنة الإقليمية عام 2015 تشكيل بعثة تقييم إقليمية معنية بتيسير التوجيه التقني وتوفيره للبلدان، فضلاً عن الإشراف على عملية تقييم مستقل مشترك تجريه جهات خارجية، فيما يعدُّ تحولاً عن التقييم الذاتي، بهدف التقييم الموضوعي لقدرة البلدان على الوقاية من التهديدات الـمُحدقة بالصحة والكشف عنها والاستجابة لها. وفي الوقت ذاته، فقد دعت اللجنة الإقليمية إلى مواءمة أدوات التقييم الـمُتاحة حالياً والتي مكَّنت الإقليم من لعب دور قيادي في مجال إعداد أدوات التقييم الخارجي المشترك التي باتت مقبولة عالمياً في الوقت الراهن من جميع الأطراف المعنية.

وأُجري التقييم الخارجي المشترك لتنفيذ القدرات الأساسية المطلوبة بموجب اللوائح الصحيّة الدولية، بالاستفادة من الأدوات الجديدة، في أربعة بلدان في الإقليم حتى الآن، كما وُضعت خطة لإجراء تقييمات مستقلة وموضوعية مماثلة في عشرة بلدان على الأقل بحلول نهاية عام 2016، وفي كل البلدان بحلول نهاية عام 2017. وتُعَد هذه خطوة كبرى على الدرْب. ولكن لا تزال هناك تحديات جِسام تعرقل الجهود الرامية للوقاية من الأمراض الـمُستجدة والـمُعاودة للظهور، ومكافحتها، ويتعين على جميع البلدان أن تعزز قدراتها في التعامل مع التهديدات الـمُحدقة بالأمن الصحي. وسوف يتواصل العمل على مدى الشهور الثمانية عشر شهراً القادمة لضمان إجراء تقييم لجميع الدول الأعضاء وإعداد خطط عمل استناداً لنتائج التقييم والعمل على سد الثغرات دون إبطاء.

واستمر تهديد فاشيّات الأمراض السارية طيلة عام 2015، حيث استمر تصاعد وتيرة الصراعات ونزوح السكان، ما مثل تحدياً بالنسبة لاستمرار التغطية بالتمنيع وغير ذلك من الخدمات الصحيّة الأساسية والـمُنقذة للحياة. وتمثلت استجابتنا في مواصلة التركيز ومضاعفة الجهود لمساعدة الدول الأعضاء في ترسيخ ترصّد الأمراض على نحو فعاّل وفي التوقيت المناسب، على سبيل المثال، وتوسيع نطاق شبكة الإنذار والاستجابة المبكرة في البلدان التي حلت بها كوارث، وتعزيز نظام الإنذار المبكر لأمراض الإنفلونزا والجهاز التنفسي وسائر الأمراض الـمُعدية لضمان الكشف مبكراً عنها والاستجابة للأخطار الـمُحدقة بالصحة. وقد أدى عدم الوصول إلى المناطق غير الآمنة لتنفيذ تدخلات المكافحة اللازمة إلى حدوث فاشيَتَيْ حُمَّى الضّنك في كل من السودان واليمن، وفاشية الكوليرا في عددٍ من الدول الأخرى. وعلى أية حال، تعكس حالات الكشف السريع عن تلك الفاشيات واحتوائها، لا سيّما فاشية الكوليرا في العراق، والفاشيات المتكرّرة في مستشفيات المملكة العربية السعودية لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسيّة لفيروس كورونا، بعض الأمثلة الرائعة على استجابة الـمُنظّمة بفاعلية وفي الوقت المناسب لتلك الأحداث، ما أدى إلى الوقاية من وقوع أي طوارئ صحية عالمية كبرى ناجمة عن استمرار الأخطار الصحيّة الماثلة في الإقليم واتساع نطاقها.

وأُحرز تقدم كبير على صعيد استئصال شلل الأطفال في البلدان التي لا يزال الفيروس متوطّناً بها وهما أفغانستان وباكستان، على الرغم من استمرار انتقال الفيروس في بعض المناطق. وبحلول منتصف شهر أيار/مايو 2016، حقّقت جميع البلدان التحوّل المطلوب منها عالمياً من اللقاح الفموي الثلاثي التكافؤ إلى اللقاح الفموي الثنائي التكافؤ للإفادة منه في التمنيع الروتيني وفي حملات التمنيع. وما تحقق من تقدّم إيجابي في مجال استئصال شلل الأطفال هو أمر يبعث الأمل في نفوسنا. وهناك الآن موجة كبيرة من التفاؤل بأن العمل الذي نقوم به في هذا الإقليم يمر حالياً بنقطة تحول صَوْب استكمال مهمة استئصال شلل الأطفال على الصعيد العالمي. ولابد أن نواصل دعم البرامج الجاري تنفيذها في أفغانستان وباكستان وإظهار أعلى درجات الالتزام بضمان تمنيع الأطفال في كل مكان. وعلى نفس المنوال، وحتى يتسنَّى لنا منع حدوث الفاشيات، يتعين علينا الآن ومستقبلاً الاستمرار في ضمان توفير التغطية بالتمنيع والحفاظ عليها لجميع أمراض الطفولة في سياقات الطوارئ التي لم يزال يتعذر فيها الوصول إلى عدد كبير من الأطفال.

اعتمدت اللجنة الإقليمية خطة عمل إقليم شرق المتوسط الخاصة باللقاحات بوصفها إطاراً لتنفيذ خطة العمل العالمية الخاصة باللقاحات، فضلاً عن خطة العمل الإقليمية بشأن الملاريا 2016-2020 لتنفيذ الاستراتيجية التقنية العالمية بشأن الملاريا 2016-2030. وقد عقدنا اجتماعات مع طائفة واسعة من أصحاب الشأن المعنيين وحرصنا على التعاون معهم من أجل إعداد خطة عمل إقليمية بشأن التهاب الكبد الفيروسي.

وشهد عام 2015 تدهوراً كبيراً في الوضع الإنساني في إقليم شرق المتوسط؛ إذ صنفت الأمم المتحدة في تموز/يوليو 2015 الأزمة في اليمن طارئة من المستوى الثالث، وهو أعلى مستوى التهديد. ويضم الإقليم في الوقت الحالي ثلاثة من طوارئ الصحة العمومية من المستوى الثالث، ومن بينها أزمتا العراق والجمهورية العربية السورية. وبنظرة عامة على الإقليم، فقد تجاوز عدد من يحتاجون إلى الخدمات الصحيّة 62 مليون شخص بنهاية عام 2015 جراء حالات الطوارئ، ما ألقى عبئاً ثقيلاً على كاهل النُظُم الصحيّة الضعيفة والـمُـثقلة بالأساس. وينتمي نحو 60% من جميع اللاجئين والنازحين إلى بلدان الإقليم. وفي لبنان، يشكِّل اللاجئون الآن نحو ثلث إجمالي عدد السكان.

وكان لنقص الموظفين الطبيّين المتخصّصين والأدوية والمعدات الطبية وسائر الموارد الصحيّة الأخرى، لا سيّما في المناطق التي كان وصول المنُظّمة وشركائها إليها محدوداً، أثر بالغ على تقديم الخدمات الصحيّة، ما أسهم في تدهور الوضع الصحي لبعض المجموعات السكانية وزيادة عدد الوفيات التي يمكن تجنبها. وعلى الرغم من القيود المفروضة على الموارد ووجود ثغرات كبيرة في تمويل المعونات الإنسانية، فقد أُعيدت هيكلة برنامج الاستجابة الإقليمي للطوارئ في عام 2015 وجرى تعزيزه بصورة كبيرة لمجابهة الزيادة غير المسبوقة في عدد الأزمات التي تستوجب دعم الـمُنظّمة وتفاقم حجمها وشدتها. وقد تم تعزيز قدرات الإقليم في مجال قيادة زمام الإغاثة الإنسانية الصحيّة، وواصلنا إعطاء الأولوية لاستجابة الـمُنظّمة للأزمات في الإقليم، مع ضمان توفير الأدوية الأساسية والإمدادات والمساعدات الإنسانية، فضلاً عن تعزيز ترصّد الأمراض وحملات التمنيع وخدمات الرعاية في حالات الصدمات والتدبير العلاجي للأمراض المزمنة، وتقديم الدعم النفسي. كما واصلنا السعي لإيجاد وتنفيذ النُّهُج وتوطيد الشراكات التي تضمن تمكين الأشخاص الـمُـحاصرين في المناطق التي يصعب الوصول إليها من الحصول على الرعاية الصحيّة حيثما أمكن، إضافة إلى دعم الخدمات الصحيّة الـمُتنقلة.

وبات من الواضح، كما أبرزت اللجنة الإقليمية في عدد من دوراتها، أننا بحاجة إلى ضمان وجود نَهج يتسم بالمنهجية والفاعلية، داخل البلدان وعبر الإقليم، للاستجابة للمتطلبات الصحيّة للمجموعات السكانية المتأثرة بالنزاعات والطوارئ، وضمان تقوية النُظُم الصحيّة في جميع البلدان المتضررة واستمرارها في تقديم الخدمات الصحيّة التي تشتد الحاجة إليها بين النازحين والمجتمعات المستضيفة. وسوف يتطلب ذلك تحسين وتوسيع نطاق التنسيق والعمل والمشاركة من سائر القطاعات والأطراف المعنية، بما في ذلك المجتمعات المتضررة ذاتها.

وبعد أن اعتمدت جمعية الصحة العالمية في أيار/مايو 2016 برنامج المنظمة الجديد للطوارئ الصحيّة، أُجريت أعمال إضافية لإعادة الهيكلة وجرى التخطيط لزيادة كبيرة في الموارد البشرية.

وجرى تفعيل صندوق التضامن الإقليمي لحالات الطوارئ في كانون الثاني/يناير 2016 لضمان توفير تمويل يمكن التنبؤ به للاستجابة الـمُفاجئة/السريعة للكوارث في الإقليم، سواء الطبيعية منها أو التي هي من صنع الإنسان، فضلاً عن تفعيل مركز الإمدادات اللوجيستية التابع للمنُظّمة في المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي بهدف ضمان توفير الأدوية والإمدادات الطبية والمعدات الطبية الحيوية المطلوبة في الوقت المناسب للبلدان في الإقليم وخارجه. ويحدوني الأمل أن تواصل الدول الأعضاء في الإقليم مساندة جهود حشد الموارد بُغية توفير الدعم الإنساني والصحي للبلدان المتضررة، علاوة على توفير القدرة التقنية على الاستجابة والتي تشتد الحاجة إليها في الإقليم.

وعلى مدار الشهور الثمانية عشر شهراً الماضية، واصلنا استكمال أنشطتنا التقنية والتشغيلية باتخاذ إجراءات موازية لتعزيز الفاعلية الإدارية. وتضمن ذلك استمرار التأكيد على الـمُساءلة والشفافية والكفاءة، وكذلك تعزيز القوى العاملة بالـمُنظّمة، لا سيّما على مستوى البلدان. ويتم حالياً رصد الامتثال عبر لوحة قياس الامتثال الشهرية وربطه بآليات تقييم الأداء. وأولينا مزيداً من التركيز على مبادرات بناء القدرات، مثل برنامج التدريب المتكامل لمراكز الميزانية، والمنتديات المخصصة للامتثال، ومبادرات التوعية. وحقق ذلك نتائج أولية إيجابية في ما يتصل بتحسين الإدارة والامتثال والمساءلة، تمثل في تحقيق انخفاضاً بنسبة تزيد عن 80% في عدد التقارير المتأخرة بشأن المساهمات المالية المباشرة مقارنة بعام 2013، وانخفاض بنسبة تزيد عن 80% في عدد التقارير المتأخرة للجهات المانحة مقارنة بعام 2014، والانتهاء من معظم توصيات لجنة المراجعة المشتركة التي لا تزال عالقة. وتم أيضاً تنفيذ مشروع يهدف للتصدي لعدم الامتثال في أساليب التعاقد مع غير الموظفين.

وتماشياً مع العُرف الـمُتّبع طيلة الأعوام القليلة الماضية، فقد عُقد اجتماع رفيع المستوى للوزراء وممثلي الدول الأعضاء والبعثات الدائمة لها في جنيف قبيل اجتماع جمعية الصحة العالمية. وقد أتاحت هذه الاجتماعات فرصة لإجراء استعراض، مع السادة وزراء الصحة وكبار المسؤولين الحكوميّين، للتقدُّم الـمُحرَز في معالجة الأولويات الرئيسية، منذ اجتماع اللجنة الإقليمية في دورتها السابقة، بُغْيَة تعزيز مشاركة الدول الأعضاء في المناقشات العالمية حول الصحة وإصلاح الـمُنظّمة.

وهناك بيّنات واضحة على أن هذا الإقليم يتبوأ الصدارة في عدد من مجالات البرامج بين أقاليم الـمُنظّمة. فقد أرسى عملنا في مجالات تعزيز النُظُم الصحيّة والأمن الصحي والأمراض غير السارية قاعدة يمكن الارتكاز عليها في العمل خلال السنوات العديدة القادمة، كما أنه وفر أساساً متيناً للبلدان كي تمضي قُدُماً تملؤها الثقة. ويتزايد الاعتراف في الإقليم بأن التعاون بين القطاعات أمرٌ ضروري من أجل بلوغ أهداف التنمية والصحة على المدى الطويل. غير أن الطريق أمامنا مازالت طويلة؛ فبينما نمضي قُدُماً في مرحلة ما بعد عام 2015، ومع شروع الدول الأعضاء في العمل صَوْب بلوغ أهداف التنمية المستدامة، مازالت هناك أربعة مجالات أساسية تحتاج إلى أن نوليها العناية، وهي: الدعوة إلى تنفيذ غايات التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة؛ ومواءمة الاستراتيجيات الصحيّة القائمة للمنُظّمة مع تلك الغايات؛ وتخصيص آليات أكثر فاعلية للعمل متعدد القطاعات داخل البلدان وعلى الصعيدين الإقليمي والعالمي؛ وتقوية نُظُم المعلومات الصحيّة لدعم رصد التقدُّم الـمُحرَز. وسوف تكون الثنائية 2016 - 2017 حاسمة في إرساء هذا الأساس.


(1) يمكن الرجوع إلى موقع المكتب الإقليمي على شبكة الإنترنت للاطلاع على الملاحق الخمسة المتعلقة بهيكل المكتب الإقليمي، وتعيين الموظفين، والاجتماعات، والمنشورات، والمراكز المتعاونة على الرابط http://www.emro.who.int/about-who/annual-reports/