تعزيز الصحة في جميع مراحل العمر

طباعة PDF

النهج الشامل لجميع مراحل العمر

الصحة هي نتاج كل السياسات، بما في ذلك السياسات المتعلقة بالمحددات الاجتماعية للصحة، والاعتبارات الخاصة بنوع الجنس والإنصاف والتغذية والوقاية من الإصابات والإعاقة. وفي عام 2015، واصلت منظمة الصحة العالمية جهودها لحماية وتعزيز صحة السكان وسلامتهم وعافيتهم في الإقليم طيلة العمر. وتم التعامل مع احتياجات السكان المختلفة منذ الحمل وحتى بلوغ مراحل الشيخوخة، مع التركيز بشكل خاص على صحة الأمهات والأطفال باعتبارها أولوية استراتيجية.

صحة الأمهات والأطفال والصحة الإنجابية

تحقق تقدم ملحوظ صَوْب بلوغ الهدفين الرابع والخامس من الأهداف الإنمائية للألفية في إقليم شرق المتوسط. ففي المدة ما بين عامي 1990 و2015، انخفض معدل وفيات الأمهات من 362 حالة إلى 166 لكل 100 ألف ولادة حية، وانخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة من 181 إلى 91 لكل 1000 ولادة حية (انظر الشكلين 1 و2). واستطاعت ثمانية بلدان تحقيق الهدف الرابع من الأهداف الإنمائية للألفية، بينما حققت ثلاثة بلدان الهدف الخامس. وعقب المبادرة الإقليمية الخاصة بإنقاذ حياة الأمهات والأطفال، والتي أُطلِقت عام 2013، تحسُّن معدَّل انخفاض وفيات الأمهات باثني عشر نقطةً أي من 42% (2012) إلى 54% (2015).

الشكل 1
الاتجاهات الإقليمية السائدة في وفيات الأمهات: من عام  1990إلى عام2015

الشكل 1 - الاتجاهات الإقليمية السائدة في وفيات الأمهات: من عام 1990إلى عام2015

الشكل 2
الاتجاهات الإقليمية السائدة في وفيات الأطفال وحديثي الولادة بين عامي 2015و 1990

الشكل 2 - الاتجاهات الإقليمية السائدة في وفيات الأطفال وحديثي الولادة بين عامي 2015و 1990

يُعزى ارتفاع مستوى الوفيات في الإقليم في صفوف الأمهات وحديثي الولادة والأطفال بشكل رئيسي إلى ضعف النظم الصحية. كما لا توجد الأعداد الكافية من الموارد البشرية المدربة تدريبًا جيدًا، علاوة على نقص السلع والأدوية الأساسية أو عدم كفايتها في كثير من الأحيان، وسوء أداء نظم الإحالة وتردي جودة رعاية الأمهات والأطفال في مستشفيات الإحالة. ولا يستهدف معظم البرامج الوطنية الأسباب الرئيسية التي تُعزى إليها وفيات الأمهات وحديثي الولادة والأطفال بتنفيذ ما يتاح لها من تدخلات مسنَدَة بالبيّنات وعالية التأثير والمردود (أفضل الصفقات). والإرادة والالتزام السياسيين تجاه الاحتياجات الصحية للأمهات والأطفال لا تتم ترجمتهما دائماً إلى إجراءات ملموسة وآليات تمويل لضمان التغطية الشاملة بالخدمات الصحية للأمهات والأطفال. والوضع حرج للغاية في البلدان المتضررة من القلاقل السياسية والاضطرابات الاجتماعية والأزمات الممتدة الحادة والمزمنة.

وقد واصلت منظمة الصحة العالمية دعمها المقدَّم في مجال الصحة الإنجابية وصحة الأمهات وحدثي الولادة والأطفال والمراهقين، مع التركيز بشكل خاص على التصدي للأسباب الرئيسية في وفيات الأمهات وحدثي الولادة والأطفال، وعلى استهداف جودة الرعاية. واستمرت المبادرة الإقليمية بشأن إنقاذ حياة الأمهات والأطفال في استهداف التحديات الرئيسية في البلدان التي يرتفع فيها عبء وفيات الأمهات والأطفال، وذلك بالاشتراك مع صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسف وبالتعاون مع الدول الأعضاء وأصحاب المصلحة الرئيسيين. وأسهم بدء خطط تسريع وتيرة التقدُّم في مجال صحة الأمهات والأطفال في تعزيز الملكية الوطنية والقيادة على الصعيد الوطني نحو تحقيق الغايات الخاصة بالأهداف الإنمائية للألفية، كما مهد الطريق أمام أهداف التنمية المستدامة الجديدة.

وتم إيلاء اهتمام خاص إلى العناصر المرتبطة بالنظم الصحية، وذلك لضمان تنفيذ خطط تسريع وتيرة التقدُّم بدرجة كافية من الجودة ولمعالجة الثغرات التي يتم تحديدها من خلال المسوح الإقليمية. وتضمنت هذه العناصر إتاحة وإيصال التدخلات عالية التأثير والقوى العاملة الصحية وتقييم الجودة وخدمات مكافحة العدوى والوقوف على الثغرات في المعارف، وذلك حتى يتسنَّى تحديد أولويات البحوث. ويركز الدعم التقني للدول الأعضاء على بناء القدرات الوطنية في مجال التخطيط الاستراتيجي للفترة من 2016 إلى 2020، وذلك تماشيًا مع الاستراتيجية العالمية وأهداف التنمية المستدامة.

وتم إيلاء الأولوية إلى قيام كافة بلدان الإقليم باعتماد تدخلات أساسية مُسْنَدة بالبيِّنات وعالية المردود والتأثير. وخلال اجتماع عُقد بالاشتراك مع صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسف، حدد مديرو البرامج الوطنية الأولويات الخاصة بالتدخلات عالية التأثير فيما يتعلق بالصحة العمومية والصحة النفسية للأمهات وحدثي الولادة والأطفال، مع التركيز على التحديات الماثلة أمام النظم الصحية للتصدي لها وتحديد الاتجاهات الاستراتيجية سعيًا نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتأتي الاتجاهات الاستراتيجية متماشية مع الاستراتيجية العالمية للأمم المتحدة بشأن صحة المرأة والطفل والمراهق، والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر 2015. وفي الشهر التالي، حثت اللجنة الإقليمية (قرار ش م/ل إ62/1) جميع الدول الأعضاء على إعداد أو تحديث خطط استراتيجية وطنية للصحة الإنجابية وصحة الأمهات وحديثي الولادة والأطفال وفقاً للاستراتيجية العالمية.

ويأتي دعم البلدان في إرساء رعاية ما قبل الحمل وتعزيزها، بوصف ذلك جزءاً من العملية المستمرة لتقديم الرعاية، كأولوية أخرى سيكون من شأنها تحقيق مزيد من التحسن في الحصائل الصحية للأمهات وحدثي الولادة والأطفال في الإقليم. وفي اجتماع عُقِد مع الدول الأعضاء، بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان واليونيسف وخبراء دوليين وإقليميين، تم التوصل إلى توافق في الرأي حول مجموعة من التدخلات الأساسية وإطار تنفيذي إقليمي وقنوات تقديم الخدمات فيما يتعلق برعاية ما قبل الحمل. وقد بُذِل مزيد من العمل على مدار العام، وكان من ثماره وضع حزمة إقليمية من التدخلات الـمُسندَة بالبيِّنات وخطوات برنامجية لتعزيز رعاية ما قبل الحمل في البلدان. ويجري حالياً دمج حزمة رعاية ما قبل الحمل في حزمة أوسع نطاقاً تغطي الرعاية خلال الحمل وبعد الولادة، مع التركيز بوجه خاص على الوقاية من الاضطرابات الخلقية الشائعة ورعايتها.

وسوف تظل الصحة الإنجابية وصحة الأمهات وحديثي الولادة والأطفال من ضمن الأولويات الإقليمية والوطنية للصحة في خطة التنمية لما بعد عام 2015. وستركِّز المنظمة على بناء القدرات في البلدان لوضع حد للوفيات التي يمكن تلافيها على مستوى النساء والأطفال والمراهقين. ولا شك أن تنفيذ الاستراتيجية العالمية للأمم المتحدة لصحة المرأة والطفل والمراهق والأهداف الإنمائية للألفية سوف يتطلب نُهجاً متكاملة ومتعددة القطاعات مدعَمة بأهداف محددة جيدًا وآليات تمويل مستدامة.

التغذية

شهد الوضع في الإقليم فيما يتعلق بسوء التغذية تحسناً بوجه عام منذ عام 1990 ، إلا أن التقدُّم الـمُحرَز غير كافٍ ولا يزال الوضع خطراً للغاية في الكثير من بلدان الإقليم، الأمر الذي يلزم معه القيام بمزيد من العمل لضمان توفير التغذية لجميع الأمهات والأطفال في كل البلدان بما يكفي للحفاظ على الصحة وتحقيق التنمية. ووفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية وغيرها من منظمات الأمم المتحدة، فقد انخفض، في المتوسط، معدَّل انتشار سوء التغذية في الإقليم من 22.1% عام 1990 إلى 13.7% عام 2014. ومن ضمن اثنين وعشرين بلدًا في الإقليم، استطاعت ثلاثة عشر منها منذ عام 1990 تحقيق الهدف الأول من الأهداف الإنمائية للألفية فيما يتعلق بخفض نسبة السكان الذين يعانون من الجوع بمقدار النصف. وانخفض المعدَّل المقدَّر لانتشار تأثر الأطفال دون سن الخامسة بالتقزم من 39.8% في 1990 إلى 16.9% في 2014، وذلك نتيجة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، خاصة في البلدان المرتفعة الدخل والمتوسطة الدخل، بينما زاد المعدل المقدر لانتشار تأثر الأطفال بالهزال من 9.6% في 1991 إلى 10.1% في 2011، وذلك نتيجة لبعض الكوارث الطبيعية والكوارث التي هي من صُنع الإنسان، بالإضافة إلى القلاقل السياسية في أفغانستان وجيبوتي والعراق وباكستان والصومال والجمهورية العربية السورية واليمن.

ووُضِعت، في عام 2015، خارطة طريق إقليمية للبلدان لتنفيذ الأهداف العالمية التي حددتها جمعية الصحة العالمية عام 2012، بالإضافة إلى التوصيات الصادرة عن المؤتمر الدولي الثاني المعني بالتغذية. وقد أَعدَّ معظم بلدان الإقليم استراتيجيات وطنية و/أو خطط عمل وطنية لما بعد 2015.

وتمت الدعوة لإصدار بيان إقليمي خاص بالسياسات بشأن الحاجة الماسة إلى التنفيذ الكامل للمدونة الدولية لقواعد تسويق بدائل لبن الأم. وقد عمل معظم البلدان التي تمر بحالات طوارئ على زيادة عدد مراكز التغذية العلاجية لعلاج حالات سوء التغذية الحادة والمعقدة. ويوفِّر جميع البلدان تقريبًا المكملات الغذائية وتقوم بإغناء الأغذية بالمغذيات الزهيدة المقدار الأساسية.

ولا يزال الإقليم يواجه تحديات في معالجة المسائل المتعلقة بالتغذية، ومنها عدم توافر بيانات ومؤشرات ذات جودة عالية عن التغذية، فضلاً عن عدم توافر إلى القدرات الوطنية التي تتيح للبلدان جمع البيانات وتحليلها، والحاجة إلى ترصد فعّال للتغذية، ونظام رصد وتقييم بما يسمح برسم السياسات وتنفيذ البرامج. وأخيراً، يتزايد الطلب على اتخاذ إجراءات من أجل التصدي إلى سوء التغذية، على الرغم من محدودية الموارد المالية اللازمة للقيام بذلك.

ويعمل المكتب الإقليمي مع البلدان على إعداد إطار عمل إقليمي لتوسيع نطاق العمل فيما يتعلق بالتغذية، مع التركيز على التدخلات عالية المردود. ويُقَدم الدعم التقني إلى البلدان لتحديد الأهداف الوطنية ورصد خطط العمل الوطنية، وتعزيز التنسيق بين الوكالات والقطاعات المتعددة، وتعزيز النظم الغذائية الصحية والأمن الغذائي والتغذوي على المستويين الوطني والإقليمي، علاوة على تقديم وتطبيق نُهج مبتكرة لتنفيذ إجراءات فعَّالة مرتبطة بالتغذية، بما في ذلك تنفيذ المعايير الخاصة بالأغذية والمبادئ التوجيهية التي وضعتها منظمة الصحة العالمية في هذا الشأن.

صحة المجموعات الخاصة

تعرِّض الأوضاع السائدة في الكثير من البلدان حياة المسنين وأطفال المدراس وسلامتهم إلى مستويات مختلفة من الخطر، بينما ينبغي أن تمثل احتياجاتهم غير الملبَّاة ووضعهم الصحي أمراً مثيراً للقلق البالغ أثناء تقديم الدعم الصحي خلال حالات الطوارئ. وعلى الرغم من ذلك، فإن برامج الصحة المعنية بهذه المجموعات الخاصة تواجه منافسة قوية من أولويات أخرى كثيرة.

وعلى الرغم من ذلك، قام الكثير من البلدان بدور نَشط في مراجعة مسوّدة التقرير العالمي عن الشيخوخة والصحة وتقديم حالات للدراسة، بالإضافة إلى مسوّدة الاستراتيجية العالمية وخطة العمل الخاصة بالشيخوخة والصحة. وتم نشر التقرير العالمي على المستوى الإقليمي بالتعاون مع هيئة الشارقة الصحية بالإمارات العربية المتحدة، وذلك أثناء الاحتفال باليوم العالمي للمسنين (1 تشرين الأول/أكتوبر). وتتجه مدينة الشارقة بثبات نحو أن تصبح مدينة مراعية للسن. ولم يزل العديد من البلدان تواصل أنشطتها لبناء القدرات وتحقيق التعاون متعدد القطاعات فيما يتعلق بالشيخوخة والصحة.

وبالتركيز على بيئة المدارس بوصفها مدخلاً مهمًا نحو تعزيز الصحة طيلة العمر، تمت مراجعة الدور الفعّال الذي تلعبه البلدان في إضفاء الصبغة المؤسسية على المبادرة العالمية للصحة المدرسية، وذلك في عملية تشاور من أجل وضع معايير محدَّثة وإطار عمل تنفيذي للمدارس التي تعمل على تعزيز الصحة. وترمي الخطة إلى مواصلة هذا العمل في عام 2016 وتدشين معايير جديدة ضمن مبادرة خاصة بشأن المدراس التي تعمل على تعزيز الصحة في عام 2017.

وتوجد خطوات هامة في السبيل إلى الـمُضي قُدُماً، ومن ضمنها وضع الاحتياجات غير الملبَّاة للمسنين وأطفال المدرسة في بؤرة جهود وبرامج الإغاثة في البلدان التي تمر بحالات طوارئ.

العنف والإصابات والإعاقات

نشرت منظمة الصحة العالمية، في 2015، التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق 2015، والذي عرض أحدث البيانات من كل بلدان العالم، بما في ذلك إقليم شرق المتوسط. وأوضح التقرير أن إصابات حوادث المرور لا تزال تمثل خطراً له عواقب كارثية في الإقليم على الرغم من انخفاض معدل الوفيات الناجمة عن حوادث المرور من 21.3 إلى 19.9 لكل 000 100 نسمة في الفترة ما بين 2010 و2013. ويظل هذا المعدل أعلى من المعدَّل العالمي، واضعاً إقليم شرق المتوسط ضمن أقاليم المنظمة ذات أعلى معدلات الوفيات. وتقع معظم حالات الوفيات في البلدان ذات الدخل المتوسط. ويزيد المعدل الإجمالي للوفيات في البلدان ذات الدخل المرتفع عن البلدان الأقل ثراء، وهو أكثر من ضعف معدل البلدان الأخرى ذات الدخل المرتفع في العالم. وعلى الرغم من خطورة المسألة، فإنه لا يزال هناك ثغرات خطيرة فيما يتعلق بالتنفيذ الشامل للتدخلات التي أثبتت جدواها من حيث الفاعلية لقاء التكاليف على أساس نهج "النظام المأمون الكامل". وتم تنفيذ بعض أوجه هذه التدخلات في معظم بلدان الإقليم، إلا أنها لم تُنفَّذ كحزمة واحدة تغطي جميع العناصر الأساسية، مما ترك أثراً كبيراً على مدى فاعليتها.

وبالإضافة إلى ما سَبَق، ‏مثَّل عام 2015 منتصف عِقْد العمل من أجل السلامة على الطرق 2011-2020، وتم إدراج اثنين من الغايات المتعلقة بالسلامة على الطرق ضمن أهداف التنمية المستدامة. واعتُمد إعلان برازيلياً بشأن السلامة على الطرق خلال المؤتمر العالمي الثاني الرفيع المستوى بشأن السلامة على الطرق، والذي عُقد في تشرين الثاني/نوفمبر 2015. ويُبيِّن هذا الإعلان خارطة الطريق العالمية نحو تحقيق غايات عِقد العمل من أجل السلامة على الطرق وأهداف التنمية المستدامة، والتي لن يتحقق أي منها إلا بالجهود المتضافرة في جميع البلدان.

وواصلت منظمة الصحة العالمية جهودها بشأن الجوانب المختلفة للوقاية من الإصابات الناجمة عن حوادث المرور ومكافحتها، وذلك بدءاً من البيانات وحتى الرعاية. وتم إعداد منهجية معيارية لتقدير كلفة الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق، وتم تطبيقها على سبيل التجربة في جمهورية إيران الإسلامية. وتم الانتهاء من اختبار الأداة الإقليمية لتحديد ملامح نظم رعاية الإصابات والرضوح بعد تجربتها في جيبوتي وجمهورية إيران الإسلامية وباكستان. وتم إعداد تقرير لتوثيق التجربة واستعرضه النظراء تمهيدًا للنشر، ويوصي هذا التقرير بإجراءات معينة لمعالجة الثغرات الموجودة، كما سيمهّد الطريق للتوسُّع في التجربة وتطبيقها في البلدان الأخرى. وتم تطبيق التجربة على نطاق أشمل في العراق تعزيزًا لخدمات رعاية الإصابات والرضوح.

ومن المقرر عقد اجتماع إقليمي وزاري رفيع المستوى حول السلامة على الطرق في عام 2017 من أجل زيادة الالتزام السياسي والاتفاق على إجراءات ملموسة لتسريع وتيرة التقدُّم خلال النصف الثاني من عِقد العمل. وفي سبيل الإعداد لهذا الاجتماع، أجريت مشاورة على مستوى الخبراء في كانون الثاني/يناير 2016 لاستعراض تحليل متعمّق للعبء الحالي للإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق وعوامل الخطر المتعلقة بها في الإقليم، وهو التحليل الذي أجرته منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع كلية بلومبرغ للصحة العمومية التابعة لجامعة جونز هوبكنز. وبناء على هذا التحليل، سيقدم الخبراء آراءهم بشأن إعداد إطار عمل محدد للإجراءات المطلوبة على المستوى القُطري. وسوف يتم الاسترشاد بذلك في إعداد وثيقة مرجعية للاجتماع الوزاري تُحدد فيها مجموعات التدخلات عالية المردود لمجموعات البلدان الثلاث في الإقليم، استنادًا إلى الأعمال ذات الصلة بمنظمة الصحة العالمية، على أن يؤخذ في الاعتبار التطورات العالمية والإقليمية الأخيرة.

وفيما يتعلق بوقاية الأطفال من الإصابات، تم استعراض كل ما كُتب في هذا الشأن في الإقليم. واستنادًا إلى ذلك، تم تحديث وإتمام إطار عمل استراتيجي إقليمي بشأن وقاية الأطفال والمراهقين من الإصابات.

وفي مجال الوقاية من العنف، بيَّن التقرير العالمي لعام 2014 عن وضع الوقاية من العنف، الذي شاركت فيه 16 بلدًا من الإقليم، أن بلدان الإقليم المنخفضة الدخل والمتوسطة الدخل تحتل المرتبة الثالثة (7 لكل 000 100 نسمة) من حيث معدلات جرائم القتل، بين البلدان المماثلة في جميع أقاليم المنظمة. وكثير من استراتيجيات الوقاية التي خضعت للمسح متاحة في بلدان الإقليم المشاركة، إلا أن تنفيذها لم يخضع بعد للتقييم. وتم تنظيم مشاورة إقليمية لاستعراض خطة العمل العالمية لتعزيز دور النُظم الصحية في التصدي للعنف بين الأفراد، خاصة ضد النساء والفتيات وضد الأطفال، وذلك لضمان إدراج الأبعاد الإقليمية والقُطرية في النسخة النهائية. وقبيل المشاورة، عُقد اجتماع تحضيري للتنسيق مع وكالات الأمم المتحدة المعنية وجامعة الدول العربية للبدء في مناقشة آلية التنسيق الإقليمية المستدامة فيما بين الوكالات حتى يتسنَّى تنفيذ الخطة.

ويوجد عدد من التحديات الكبرى التي تواجه جهود الوقاية من العنف والإصابات ومكافحتهما على نحو فعال. فالالتزام السياسي المعلن لا يتم دومًا ترجمته إلى إجراءات كافية على المستوى القُطري. ويأتي ذلك بالإضافة إلى ضعف إنفاذ السياسات وأُطُر العمل التشريعية وتطبيقها وتقييمها. ولا يزال هناك نقص في التنسيق والعمل على مستوى القطاعات المتعددة. وعلاوة على ذلك، فإن إقرار نهج النظام المأمون الكامل غير كافٍ، خاصة مع الحاجة إلى التركيز أكثر على المسائل المتعلقة بالسلوك الفردي. وفي مجال الإعاقة، قامت عدة بلدان بإعداد استراتيجيات وخطط عمل وطنية خاصة بالإعاقة. وشاركت 13 بلدًا في المسح العالمي بشأن إعداد قائمة أولويات منظمة الصحة العالمية فيما يتعلق بالمنتجات المساعدة. وسوف يُناقش هذا الموضوع أثناء الدورة المقبلة للّجنة الإقليمية.

وواصلت المنظمة دعم البلدان في مجال الوقاية من العمى الذي يمكن تجنبه ومكافحته، وذلك تماشيًا مع مبادرة منظمة الصحة العالمية "الرؤية 2020: الحق في الإبصار". كما يجري إدماج أنشطة الرعاية الأولية للعيون ضمن نظام الرعاية الصحية الأولية في بعض البلدان، مما أسهم في خفض معدلات فقدان البصر وضعف النظر من خلال الكشف المبكر عن الحالات وإحالتها ومن خلال التثقيف بصحة العيون. وعلى الرغم من العبء الكبير لضعف الإبصار المرتبط بتقدم السن في كثير من بلدان الإقليم والزيادة في أمراض العيون التي قد تؤدي إلى العمى، مع حياة الناس الآن لفترات عمر أطول، يظل الاستثمار في مجال مكافحة العمى منخفضاً.

وسوف يعتمد بلوغ هدف القضاء على العمى الذي يمكن تجنبه بحلول عام 2020 على مدى قدرة النظم الصحية على توسيع نطاق الجهود المبذولة في هذا الصدد.

التثقيف الصحي وتعزيز الصحة

ركّزت منظمة الصحة العالمية، في عام 2015، على بناء القدرات في مجال إعداد خطط وطنية متعددة القطاعات بشأن الإجراءات الخاصة بالنشاط البدني وبشأن التسويق الاجتماعي وخطط الحملات الإعلامية. وبالشراكة مع المركز المتعاون مع المنظمة بشأن النشاط البدني والتغذية والسمنة في سيدني بأستراليا، تم إعداد حزمة تدريبية عن وسائل الإعلام والتسويق الاجتماعي لدعم البلدان في تنفيذ "أفضل الصفقات" فيما يتعلق بالنشاط البدني والنظم الغذائية الصحية. وعمل المشاركون سواء من قطاع الصحة أو من خارجه معًا على إعداد خطط مبدئية للتسويق الاجتماعي ووسائل الإعلام، والتي سوف تُطلق في عام 2016.

وتم إعداد مجموعة أدوات للاسترشاد بها في إدراج النشاط البدني ضمن الرعاية الصحية الأولية. وقد أعدت هذه المجموعة من الأدوات عبر الاستعراض المنهجي والتحليل التلوي، واللذان بيَّنا أن الرعاية الصحية الأولية ضرورية في تعزيز النشاط البدني، وبالتالي، فإنه من الضروري ضمان توفير الموارد الكافية للرعاية الصحية الأولية والتأكد من كونها مناسبة للعب دور أساسي في جعل السكان أكثر نشاطًا. واستعرضت البلدان مجموعة الأدوات لضمان ارتباطها بالإقليم وكذلك استنادها إلى السياق القُطري من الناحية العملية. وتتمثل الخطوة التالية في اختبار الأداة على سبيل التجربة في ثمانية بلدان مختارة.

وبالتعاون مع المكتب الإقليمي الأوروبي والمقر الرئيسي للمنظمة وجامعة ليفربول، عُقدت حلقة عمل للإقليمين لبناء القدرات القانونية والنهوض بالعمل فيما يتعلق بتوصيات المنظمة بشأن تسويق الأغذية والمشروبات غير الكحولية للأطفال. وحضر حلقة العمل مشاركون من تسعة بلدان حيث قاموا بإعداد خارطة طريق تمهيدية للنهوض بالعمل على التصدي لتسويق الأغذية غير الصحية في بلدانهم.

وفي إطار المبادرة الخاصة بمواجهة التسويق الذي لا يتم التصدي له، نُظمت سلسلة من الأنشطة لاسترعاء انتباه قطاعات أخرى بخلاف قطاع الصحة لهذه المسألة والحصول على أفكار مبتكرة في خلق حراك اجتماعي. ومن أهم الفعاليات كان تنظيم منتدى مفتوح حضرته وسائل الإعلام العامة وكبار الشخصيات على مستوى الإقليم وخبراء الإعلام وممثلو منظمات المجتمع المدني، بما في ذلك المنظمة الدولية لاتحادات المستهلكين، وانتهى المنتدى إلى مجموعة من الإجراءات سيتم الترويج لها لدى القطاعات الأخرى بخلاف قطاع الصحة. وتوجد عدة تحديات أمام تعزيز الصحة، ويتمثل أكبر هذه التحديات في قدرة البلدان على حشد القطاعات الأخرى بخلاف قطاع الصحة والعمل فيما بين القطاعات لتنفيذ الأهداف والحاجة إلى إجراء البحوث والمناصرة، والحاجة إلى حشد خبراء من ذوي الخلفية القانونية دعمًا للأهداف الإقليمية. وستستمر المنظمة في بناء القدرات لتعزيز العمل مع مختلف القطاعات.

المحددات الاجتماعية للصحة والنوع الاجتماعي

استمر التركيز على تنفيذ إعلان ريو السياسي بشأن المحددات الاجتماعية للصحة، والإدماج الفعَّال للمحددات الاجتماعية للصحة في إطار البرامج الصحية ونوع الجنس في البرامج الصحية، وتعزيز قدرات البلدان على تنفيذ إدماج الصحة في جميع السياسات، والعمل المشترك بين القطاعات، والمشاركة المجتمعية لمعالجة المحددات الاجتماعية للصحة ونوع الجنس.

واتفقت البلدان على تنفيذ إطار عمل تم إعداده في مشاورة إقليمية تم تنظيمها في عام 2015 حول الحد من أوجه عدم المساواة من خلال العمل على المحددات الاجتماعية للصحة. وفي هذا الصدد، أجرت أربعة بلدان تقييمات متعمقة بُغية إعداد خطط العمل. وتم رفع نتائج هذه التقييمات إلى اللجنة الإقليمية، والتي قامت بدورها بحث الدول الأعضاء على تقييم أوجه عدم المساواة في مجال الصحة والمحددات الاجتماعية المرتبطة بها، بالإضافة إلى تحديد الإجراءات ذات الأولوية ورَصْد التقدُّم الـمُحرَز (القرار ش م/ل إ 62/ق-1). وقد قام العديد من البلدان باتخاذ إجراءات محددة بشأن المحددات الاجتماعية للصحة.

الصحة والبيئة

بفضل الدعم الذي قدَّمه المركز الإقليمي لأنشطة الصحة البيئية، استطاع الكثير من البلدان تنفيذ برامج وأنشطة متعلقة بحماية الصحة والبيئة. وقد بدأ بالفعل تنفيذ الاستراتيجية الإقليمية للصحة والبيئة وإطار العمل الخاص بها (2014-2019)، وقامت عدة بلدان باتخاذ خطوات ملموسة نحو تطوير أُطُر العمل الاستراتيجية الوطنية بها. كما نظمت عدة بلدان بعثات ميدانية لتقييم وضع الصحة البيئية وتحديد أولوياتها.

وتم الترويج لدلائل منظمة الصحة العالمية الإرشادية حول جودة مياه الشرب، وإعادة استخدام المياه المستعملة. وقامت 16 بلدًا حتى الآن بتحديث معاييرها الوطنية المتعلقة بجودة مياه الشرب وفقًا لهذه الدلائل الإرشادية، كما أصدرت الأردن معايير وطنية بشأن جودة مياه الري بما يتماشى والدلائل الإرشادية للمنظمة بشأن الاستخدام الآمن للمياه المستعملة المعالجة في الزراعة. وبفضل دعم منظمة الصحة العالمية، استطاعت ثمانية بلدان اعتماد خطط وقائية لإدارة مأمونية المياه والإصحاح، كما نشرت 11 بلدًا مرتسماتها الوطنية بموجب إطار العمل الخاص بمبادرة الأمم المتحدة بشأن التقييم العالمي للصرف الصحي ومياه الشرب. وجميع البلدان مشاركة في البرنامج المشترك بين منظمة الصحة العالمية واليونيسف. ويتصدى بلدان اثنان حالياً لخطر الإشعاع الطبيعي في المياه الجوفية الذي يمثل تهديداً على الصحة العمومية.

وشاركت الدول الأعضاء في الإقليم في المفاوضات بشأن قرار جمعية الصحة العالمية (ج ص ع 68-8) حول الآثار الصحية لتلوث الهواء، وفي اعتماده، بالإضافة إلى مشاركتها في مناقشات بشأن خارطة الطريق الخاصة بالتنفيذ. وفي اجتماع إقليمي للخبراء مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة والمنظمة العالمية للأرصاد، نوقشت احتياجات الإقليم الخاصة فيما يتعلق بجودة الهواء؛ مثل أثر الرمال والغبار المنقول بالهواء على الصحة. وتم دعم بناء القدرات في مجال تلوث الهواء والصحة. وبالتعاون مع جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، قام المركز الإقليمي لأنشطة الصحة البيئية باستعراض المعارف وتجميعها من كل بلدان الإقليم في مجالات تلوث الهواء وتغير المناخ.

وبانضمامه إلى وفد منظمة الصحة العالمية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، دعا المكتب الإقليمي ودوله الأعضاء إلى وضع الصحة العمومية في صميم المناقشة الخاصة بتغير المناخ، كما ساهم في الاتفاقية العالمية الناجحة التي أُبرمت في باريس في كانون الأول/ديسمبر 2015. واستطاعت أربعة بلدان بدعم من منظمة الصحة العالمية أن تُعد مرتسماتها الوطنية الخاصة بتغير المناخ والصحة، والتي عُرضت في مؤتمر باريس وكثير غيرها من المرتسمات لا يزال في طور الإعداد. كما تم تكوين شبكة إقليمية من الخبراء في مجال تغير المناخ والصحة.

وتم تعزيز القدرة المؤسسية للبلدان في إدارة مخلفات الرعاية الصحية، كما تم توسيع نطاق الدعم التقني ليشمل عدة دول. واستجابة لأزمة المخلفات الصلبة في لبنان، عُقدت سلسة من المشاورات التقنية وأقيمت جلسات إحاطة لأصحاب المصلحة المعنيين حول الخطط الرئيسية لإدارة المخلفات الصلبة وتقييم مدافن القمامة وآثار النفايات على الصحة العمومية. وتم الانتهاء من إعداد بروتوكول علمي لتقييم الآثار الصحية المحتملة على السكان في لبنان فيما يتعلق بالمخلفات الصلبة وما يتعلق بها من تدخلات.

وتم إطلاق مبادرة إقليمية لتقييم سلامة الغذاء، بالإضافة إلى بعثات لإعداد المرتسمات الوطنية أجراها موظفو المنظمة وخبراؤها في 15 بلدًا، وعُرِضت نتائجها التي أظهرت ثغرات كبرى على اللجنة الإقليمية. وكان الغرض من ذلك تقييم مواطن القوة والضعف في النظم الوطنية المعنية بسلامة الغذاء، وتحديد الإجراءات ذات الأولوية المطلوب اتخاذها من أجل معالجة الثغرات التي يتم تحديدها في هذا المجال. ومن شأن هذه المبادرة المعروفة بمبادرة "من المزرعة إلى المائدة" أن تدعم قدرات البلدان على الوقاية من المخاطر الصحية والفاشيات المنقولة بالغذاء واكتشافها وتوفير التدبير العلاجي لها. وتتابع منظمة الصحة العالمية والبلدان النتائج وخطة العمل الإقليمية لتعزيز نظم سلامة الغذاء الجاري إعدادها.

وتم تقديم الدعم في مجال الصحة البيئية إلى كل البلدان التي تمر بحالات طوارئ، حيث قُدم الدعم الخاص بحالات الطوارئ في 10 بلدان، بما في ذلك عقد اجتماع إقليمي ضم أطرافاً متعددة من أصحاب المصلحة المعنيين، وإرسال البعثات التقنية، وتقديم الدورات التدريبة. وأنشأ المكتب الإقليمي لأنشطة الصحة البيئية مخزونًا إقليميًا متجددًا لإمدادات الصحة البيئية، وذلك دعمًا لحالات الطوارئ في الإقليم. كما تم دعم بناء القدرات لدى مقدمي الخدمات الصحية في كثير من البلدان، وذلك في إطار الاستجابة لمقتضيات الحوادث الكيميائية ورعاية الإصابات والرضوح. كما تم تعزيز القدرات الوطنية للتأهب والاستجابة لمقتضيات الأحداث الكيميائية والإشعاعية النووية وتلك المتعلقة بسلامة الغذاء، وذلك تمشياً مع متطلبات اللوائح الصحية الدولية (2005).