مصر
بناء الثقة وإنقاذ الأرواح: رحلة مصر نحو مستشفيات أكثر مأمونية
17 أيلول/ سبتمبر 2025 - بمناسبة اليوم العالمي لسلامة المرضى، نستعرض كيف وضعت مصر سلامة المرضى في صميم إحداث تحوُّل في نظام الرعاية الصحية لديها.
وتسير مصر حاليًا على طريق نُظُم الرعاية الصحية القائمة على التغطية الصحية الشاملة، ووضع الإنصاف في الحصول على الرعاية وجودتها في صميم برنامجها الوطني. ومنذ البداية، اعتُرِفَ بسلامة المرضى بوصفها جزءًا أساسيًا من هذا الإصلاح، مع الإقرار بأن الخدمات المأمونة تُتَرجَم إلى حياةٍ أوفرَ صحةً وثقةً أقوى بين المرضى والنظام الصحي.
وفي عام 2025، أطلقت وزارة الصحة والسكان، بدعمٍ من المكتب القُطري للمنظمة في مصر، مبادرة المستشفيات المراعية لسلامة المرضى لجعل المستشفيات أكثر مأمونيةً للجميع.
ولتنفيذ هذه المبادرة، اعتمدت الوزارة ومنظمة الصحة العالمية في مصر نهجًا شاملًا وتدريجيًا يستند إلى العناصر التالية:
- التخطيط سعيًّا لتحقيق هدفٍ مُعيَّن
اشتركت المنظمة والوزارة في إعداد أداة تقييم مصممة خصيصًا لتقييم المستشفيات تقييمًا دقيقًا ومُنصفًا.
- تمكين فِرَق العمل
ساعدت حلقات العمل والدورات الميدانية قادة المستشفيات والعاملين فيها على فهم "أسباب" و"كيفية" الحفاظ على سلامة المرضى.
- اختيار المناصرين
اختيرت ثلاثة مستشفيات نظرًا لاستعدادها وقدرتها على أن تصبح نماذج إقليمية. وقد حددت هذه المستشفيات الثغرات وضعت خطط عمل بالتعاون مع المنظمة.
- اتخاذ الإجراءات اللازمة
نَفَّذَت المستشفيات تغييرات أحدثت فرقًا حقيقيًا، من تحسينات السلامة من الحرائق إلى لجان المبادئ التوجيهية السريرية. ونَفَّذَت المستشفيات خطط العمل المتفق عليها بدعمٍ تقني من المنظمة، بالإضافة إلى ما يلي:
بدء جولات منتظمة ومُنظّمة بشأن سلامة المرضى يجريها موظفو المستشفيات للوقوف على المخاطر قبل أن تسبب وقوع أضرار؛
اعتماد القائمة المرجعية لمنظمة الصحة العالمية بشأن الولادة المأمونة؛
إدماج ميزانيات السلامة المخصصة في تخطيط المستشفيات؛
إنشاء لجان معنية بوضع المبادئ التوجيهية.
ومكنت هذه الإجراءات المستشفيات الثلاثة من الوصول إلى المستوى الثاني من الاعتراف، ويدل ذلك على إحراز تقدم قابل للقياس في إدماج سلامة المرضى في مؤسساتها.
- البناء من أجل المستقبل
نُفِّذ برنامج تدريبي وطني لاعتماد المُقيّمين الذين سيقودون التقييمات في المستقبل لضمان تطور المبادرة ونجاحها.
وفي أواخر عام 2025، ستطلق مصر المرحلة الثانية، وبذلك يتسع نطاق مبادرة المستشفيات المراعية لسلامة المرضى لتشمل مزيدًا من المستشفيات. وسيتولى مُقيّمون مصريون قيادة المسيرة هذه المرة، وستُقدم منظمة الصحة العالمية الإرشادات اللازمة. إنه نموذج للاستدامة والمسؤولية والفخر الوطني.
ويُظهِرُ نجاح مصر أن إدماج سلامة المرضى في إصلاح الرعاية الصحية يؤدي إلى بناء الثقة وتحقيق حصائل أفضل. ومن خلال الجمع بين عمليات التقييم المُنظَّمة والتحسينات المستهدفة والقدرات الوطنية المستدامة، تضمن مصر عدم اقتصار التغطية الصحية الشاملة على زيادة إتاحة الخدمات الصحية فحسب، بل تشمل أيضًا توفير رعاية مأمونة وفعَّالة وكريمة للجميع.
كذلك وركزت المبادرة أيضًا على نحوبشكلٍ أساسي على بناء المرونةالقدرة على الصمود.. فهذه المبادرة لا تتعلق بتحسين الخدمات الأساسية الروتينية فحسب، بل تتعلق أيضًا بتأمين قدرة المستشفيات على الاستمرار في تقديم تلك الخدمات في أثناء حالات الطوارئ، دون المساس بمعايير سلامة المرضى.. وقد أصبح هذا الأمر ذا أهمية كبرى مع استمرار مصر في استقبال أعداد كبيرة من النازحين من البلدان المجاورة المتضررة من الأزمات . ومن خلال تعزيز التأهُّب والاستجابة للطوارئ، أصبحت المستشفيات أكثر مرونة قدرة على الصمود ومجهزة بشكل أفضل لحماية المرضى ، حتى في أوقات الأزمات.
يقول أحد المرضى في إحدى المستشفيات المصرية المعترف بها وفقًا لمبادرة المستشفيات المراعية لسلامة المرضى "عندما أدخل المستشفى الآن، أشعر بدرجةٍ أكبر من السلامة، ليس لنفسي فقط، ولكن لأُسرتي ومجتمعي."
وكان التزام مصر القوي بسلامة المرضى أحد العوامل الرئيسية التي مكّنت من تحقيق هذا التقدم. وعلى وجه الخصوص، أدى إنشاء الإدارة العامة لسلامة المرضى في وزارة الصحة والسكان إلى إتاحة القيادة والتنسيق اللذين جعلا تنفيذ المشروع ممكنًا، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
وفي كل خطوة، تثبت مصر أن التغطية الصحية الشاملة ليست مجرد سياسة، بل وعد. وهذا الوعد يتحقق من خلال مبادرة المستشفيات المراعية لسلامة المرضى.
جمهورية إيران الإسلامية
النهوض برعاية حديثي الولادة في إيران: رعاية الأم لمولودها بتلامس بشرتيهما ودعم النمو يُحدثان تحوّلًا في الحصائل الصحية للرُّضَع المُبْتَسَرين

أيلول/ سبتمبر 2025، القاهرة، مصر - في خطوةٍ كبيرةٍ نحو رعاية أكثر أمانًا ورحمةً لحديثي الولادة، نجحت جمهورية إيران الإسلامية في توسيع نطاق تنفيذ رعاية الأم لمولودها بتلامس بشرتيهما (على طريقة الكنغر) وحِزَم رعاية النمو في وحدات الرعاية المركزة لحديثي الولادة. وتعمل هذه الجهود الرامية إلى إدماج سلامة المرضى ودعم النمو العصبي في الممارسات الروتينية على إحداث تحوّل في الحصائل الصحية لحديثي الولادة المبتسرين والمصابين بأمراض خطيرة في جميع أنحاء البلد.
ومع تحسن معدلات بقاء حديثي الولادة على قيد الحياة، تَحَوَّل التركيز نحو الحد من المضاعفات الطويلة الأجل، لا سيّما اضطرابات النمو العصبي. وإدراكًا من وزارة الصحة والتعليم الطبي لتعرض الأطفال المبتسرين للأخطاء الطبية والعدوى والإجهاد، فقد أعطت الأولوية للتدخلات المسندة بالبيّنات التي تجمع بين السلامة ورعاية النمو.
إن رعاية الأم لمولودها بتلامس بشرتيهما نهجٌ يركز على التلامس الجلدي المباشر بين الأم والرضيع، وقد اعتُمد تدريجيًا منذ عام 2000. وفي عام 2013، انضمت جمهورية إيران الإسلامية إلى برنامج رعاية النمو الفردي لحديثي الولادة، وزادت من إدماج مبادئ رعاية النمو في بروتوكولات وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة. وتؤكد التدخلات على مشاركة الوالدين، والرعاية الفردية، وبيئة التنشئة بوصفها عوامل أساسية لتحسين الحصائل الصحية على المديين القصير والطويل.
واضطلعت وزارة الصحة والتعليم الطبي بدور محوري في إضفاء الطابع المؤسسي على رعاية الأم لمولودها بتلامس بشرتيهما في إطار برنامجها الوطني لصحة حديثي الولادة، وإدماج مبادئ السلامة مثل الوقاية من العدوى، والحماية من الحرارة، والوضع الآمن للرُّضَع، في المبادئ التوجيهية الوطنية. وقد عمل التدريب الموحّد لموظفي وحدة العناية المركّزة لحديثي الولادة، وأطر الرصد القوية، والارتقاء بالبنية الأساسية، على ضمان التنفيذ المتواصل والعالي الجودة، مع تقلّد مواقع التجريب الاستراتيجية مركز الصدارة في هذا الصدد.
وكان مستشفى فالي آسر في طهران رائدًا في تقديم الرعاية وفقًا لنَهج رعاية الأم لمولودها بتلامس بشرتيهما بشكلٍ متقطع، وقَدَّمَ حزمة شاملة لرعاية النمو اشتملت على تعديلات بيئية، وتحفيز حسي، ومتابعة بعد الخروج من المستشفى. وتُبيّن الحصائل الصحية أن إدماج رعاية النمو مع مبادئ سلامة المرضى أمرٌ ضروري لتقديم رعاية عالية الجودة لحديثي الولادة تركّز على الأسرة. وتوصي منظمة الصحة العالمية بزيادة الدعم المؤسسي لاستدامة هذه البرامج وتعزيزها في جميع الوحدات المعنية.
وقد أصبح مستشفى الزهراء في تبريز أول مستشفى في جمهورية إيران الإسلامية يطبق نموذج رعاية الأم لمولودها بتلامس بشرتيهما بشكلٍ مستمر، ويسمح ذلك للأمهات بالبقاء مع أطفالهن الرُّضَع على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع في جناح مخصص مجاور لوحدة العناية المركزة لحديثي الولادة. ويُعدُّ نموذج رعاية الأم لمولودها بتلامس بشرتيهما في مستشفى الزهراء مثالًا رائدًا على كيفية تلاقي البنية الأساسية والسياسات والرعاية الرحيمة لإحداث تحوُّل في الحصائل الصحية لحديثي الولادة. ويتماشى هذا النموذج مع إطار رعاية التنشئة الصادر عن المنظمة، وقد أثر على التنقيحات الإرشادية الوطنية للخدمات الصحية المستدامة والمنصفة والشاملة للأسرة لحديثي الولادة.
واستمرت المبادرة لأكثر من عقدين من الزمن. وعلى الرغم من محدودية البيانات الأساسية المتعلقة بالمراضة قبل التنفيذ، تشير التقارير الداخلية والدراسات المنشورة إلى تحسُّن ملحوظ في الحصائل السريرية، ومنها انخفاض حالات العدوى، وتحسين زيادة الوزن، وتعزيز نجاح الرضاعة الطبيعية، وتحسين الصحة النفسية للأمهات. وعلاوة على ذلك، فإن الدعم بعد الخروج من المستشفى، مثل تقييمات النمو وعلاجات التدخل المبكر، يزيد من تعزيز الحصائل الطويلة الأجل.
وقال الدكتور ماماك شريات، الأستاذ المتفرغ بمركز بحوث الأمومة والأجنّة وحديثي الولادة بجامعة طهران للعلوم الطبية: "لقد أظهر أكثر من عقدين من الخبرة السريرية والبحثية أن مشاركة الآباء في رعاية حديثي الولادة، لا سيّما في الحالات الشديدة الخطورة، لا تقتصر على تحسين بقاء الرُّضَع على قيد الحياة ونمائهم فحسب، بل تقوي أيضًا قدرة الأسرة على الصمود. فالرعاية القائمة على مشاركة الأسرة تعزز التواصل وتحد من الأخطاء الطبية وتبني الثقة بين مقدمي الرعاية والأسر. وهي نهج تحويلي من منظور سلامة المرضى. ويجب أن يكون توسيع نطاق هذه النماذج الشاملة والمسندة بالبيّنات أولوية عالمية لضمان توفير رعاية صحية أكثر أمانًا وفعالية لحديثي الولادة والأطفال".
وعلى الرغم من النجاح الذي حققه البرنامج، فإنه يواجه تحديات تتعلق بالموارد البشرية وإشراك الآباء وتحقيق الاستفادة المثلى من البيئة. وتقتضي معدلات تنقُّل الموظفين استمرار التدريب والتوجيه. ولا تزال مشاركة الأب محدودة بسبب نقص الوعي، وهو ما يسلط الضوء على الحاجة إلى التعليم الشمولي، والاستفادة المثلى من البيئة للحد من الإجهاد ودعم الرعاية الفعالة.
وتعكف وزارة الصحة والتعليم الطبي على معالجة هذه الثغرات من خلال نُهُج مبتكرة، منها مواصلة بناء القدرات، وتحسين البنية الأساسية، والتعليم الذي يركز على الأسرة.
وقد دعمت منظمة الصحة العالمية تكييف بروتوكولات رعاية الأم لمولودها بتلامس بشرتيهما مع السياق لتتماشى مع النظام الصحي ومعايير السلامة في إيران. وأسهمت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في إيران في تطوير البنية الأساسية، وتثقيف الوالدين، وتبادل المعارف العالمية من خلال شبكة رعاية الأم لمولودها بتلامس بشرتيهما.
وقد أرسى هذا التعاون الوطني والدولي القوي الأساس للتوسع المستدام في رعاية الأم لمولودها بتلامس بشرتيهما بكلٍ من الشكلين المتقطع والمستمر، وشَجَّع على إجراء إصلاحات أوسع في رعاية حديثي الولادة بأسلوب مشاركة الأسرة، بالنظر إلى أن سلامة المرضى ركيزة أساسية لتقديم الخدمات ووضع السياسات.
وقال الدكتور علي رضا العسكري، مدير عام مركز إدارة المستشفيات والتميّز السريري بوزارة الصحة: "إن اعتماد رعاية الأم لمولودها بتلامس بشرتيهما في جميع أنحاء إيران يعكس التزامنا بتقديم ابتكارات عالية التأثير ومنخفضة التكلفة من شأنها تعزيز سلامة المرضى وتعزيز قدرة النُظُم الصحية على الصمود". "ومن خلال إدماج رعاية الأم لمولودها بتلامس بشرتيهما في البروتوكولات الوطنية والاستثمار في بناء القدرات باستمرار، فإننا نضمن حصول أصغر حديثي الولادة وأكثرهم تعرُّضًا للمخاطر على رعاية مأمونة وعالية الجودة ومنصفة، بغض النظر عن مكان ولادتهم".
نموذج يُحتَذى في الإقليم
تُظهر تجربة إيران أنه حتى في الأماكن ذات الموارد المحدودة، يمكن تحقيق رعاية مأمونة لحديثي الولادة تقوم على مشاركة الأسرة وتوسيع نطاقها. ويُقدم إدماج نَهج رعاية الأم لمولودها بتلامس بشرتيهما ورعاية النمو في السياسات والممارسات الوطنية نموذجًا يُمكن تكراره في البلدان الأخرى التي تسعى إلى تحسين الحصائل الصحية لحديثي الولادة، مع إعطاء الأولوية لسلامة المرضى.
عُمان
ممارسات الولادة المأمونة في عُمان
إن ممارسات الولادة المأمونة ضروريةٌ لصحة الأمهات والمواليد وعافيتهم. وقد قطعت سلطنة عُمان، التي تحدث 98% من الولادات فيها في المستشفيات أو العيادات المعتمدة، أشواطًا كبيرةً في تحسين صحة الأمهات والأطفال من خلال توفير الرعاية التي يسهل الحصول عليها قبل الحمل وأثناءه وبعده. ويَنصَبُّ التركيز على الفحوص المنتظمة قبل الولادة، والتغذية السليمة، والتعرف المبكر على حالات الحمل الشديدة الخطورة.
وتُشرف وزارة الصحة على توافر المعدات والأدوية وتدريب القائمين على الرعاية الصحية مع التركيز على التصدي للمشكلات الشائعة التي تصيب الأطفال الحديثي الولادة مثل الاختناق والإنتان والخداج وانخفاض حرارة الجسم والاضطرابات الخلقية.
المبادئ التوجيهية للتدبير العلاجي لمشكلات الأطفال الحديثي الولادة من المستويين 1 و2
في عام 2007، أُعِدَّت حزمة لرعاية الأطفال الحديثي الولادة. ونَقَّحَت وزارة الصحة المبادئ التوجيهية للتدبير العلاجي للمواليد المُعرَّضين لمخاطر عالية، وأنشأت نظامًا لتدريب مقدمي الرعاية الصحية على مستوى الرعاية الأولية. وفي عام 2008، بدأ تنفيذ مبادئ توجيهية وطنية بشأن التدبير العلاجي لمشكلات المواليد. وقد جرى تكييف المبادئ التوجيهية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية لتتماشى مع السياق العُماني، وأُصدِرَت لمستويين، الأول لمرافق الرعاية الصحية الأولية المجهزة للولادة، والثاني للمستويات الأعلى من الرعاية، وينصب التركيز على التحديد المبكر للمشكلات مثل الاختناق والإنتان والخداج وانخفاض حرارة الجسم والاضطرابات الخلقية، والتدخل لعلاج هذه المشكلات.
ولا تزال العدوى تثير القلق. فالإنتان الناجم عن الجراثيم السلبية الغرام هو أحد الأسباب الرئيسية للوفاة بين الأطفال الحديثي الولادة المبتسرين. ولا غنى عن التدابير الصارمة لمكافحة العدوى، والتشخيص في الوقت المناسب، والاستخدام المناسب للمضادات الحيوية لمكافحة هذه المشكلة.
وتؤدي عُمان، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، دورًا قياديًّا في الاستراتيجية العالمية للوقاية من العدوى ومكافحتها. فقد نفذت برنامجًا للإشراف على مضادات الميكروبات بقيادة أحد اختصاصيي الأطفال الحديثي الولادة أدى إلى خفض استخدام المضادات الحيوية في عنابر المواليد بنسبة 65٪ تقريبًا دون التأثير سلبًا على معدلات الوفيات أو الكشف عن الإنتان. ولزيادة تعزيز الحصائل الصحية، تدعم عُمان البروتوكولات الشاملة لفحص السمع لدى الأطفال الحديثي الولادة، وبرامج فحص الأطفال الحديثي الولادة للكشف عن حالات مثل قصور الغدة الدرقية الخلقي، وتوجد بروتوكولات للرعاية المتعلقة بالخداج والنقل المأمون. ويتولى تنسيق هذه المبادرات المركز الوطني لصحة المرأة والطفل.
وفي حين أن هذه الممارسات تُعد أساسًا متينًا لرعاية الأطفال الحديثي الولادة، لا يزال ضمان مأمونية الولادة، لا سيما في حالات الطوارئ التوليدية، أمرًا ضروريًّا. ولتلبية هذه الحاجة، استحدثت عُمان برامج تدريبية متخصصة.
وتتمثل أهداف البرنامج في تحسين النتائج السريرية للأمهات والرُّضَّع من خلال تعزيز الاستجابات الجماعية لحالات الولادة الطارئة، وتعزيز العمل الجماعي المتعدد المهن والتواصل أثناء حالات الولادة التي تنطوي على مخاطر عالية، وتوحيد الرعاية التوليدية الطارئة في جميع مؤسسات الرعاية الصحية، وبناء القدرات المؤسسية عن طريق تمكين المدربين الرئيسيين من تقديم التدريب بشكل تسلسلي في إطار التطوير المستمر للموظفين.
ويشتمل التدريب على الجمع بين المحاضرات التفاعلية ومحطات المهارات والسيناريوهات المستندة إلى المحاكاة التي تغطي موضوعات مثل التدبير العلاجي لنزف ما بعد الوضع، وعُسر الوِلادة الكتفيّ، والارتعاج وتدهور صحة الأمهات، وتدلي الحبل السري، والإنتان وعلامات الإنذار المبكر، والتواصل مع الفريق والقيادة في حالات الطوارئ، وإنعاش المواليد واتخاذ القرارات، وإدارة المخاطر في طب التوليد.
وسيكون البرنامج، الذي أُدمِجَ في السياسة الوطنية للرعاية السابقة للولادة، إلزاميًّا في مؤسسات الرعاية الصحية الحكومية والخاصة التي تقدم خدمات الولادة.
وفي عام 2024، نُفِّذت المرحلة الأولى من البرنامج التدريبي في 14 مستشفى. وقد اعتُمِدَ البرنامج الآن معيارًا وطنيًّا للتدريب في حالات الطوارئ التوليدية في عُمان. وعند الانتهاء من التدريب، من المتوقع أن تتدرج الفِرَق في تنفيذ البرنامج داخل مؤسساتها، وهو ما يُسهم في تحقيق الاستدامة على المدى الطويل وتحسين جودة رعاية الأمومة.
وستشمل المجموعة التالية من الدورات التدريبية في عُمان، التي ستستضيفها وزارة الصحة، المدينة الطبية لجامعة السلطان قابوس، والمدينة الطبية للخدمات العسكرية والأمنية، والمستشفيات الخاصة إلى جانب مرافق الوزارة.
النقل المأمون للأطفال المرضى
يُعدّ نقل المرضى بين مرافق الرعاية الصحية بأمان إحدى الوظائف الأساسية لتقديم الرعاية الصحية. وفي عام 2011، نظمت عُمان دورة تدريبية في مجال النقل المأمون لهذا الغرض.
وفي عام 2013، أُجرِي تدريب متابعة للمدربين من أجل بناء القدرات المحلية وضمان استدامة المبادرة. ووُضعت مبادئ توجيهية وطنية للنقل المأمون للأطفال المصابين بأعراض سريرية، ونُشِرَت على نطاق واسع. وقد صدرت المبادئ التوجيهية أول مرة في عام 2013، وحُدِّثَت في عام 2021 لتشتمل على أحدث الممارسات المسندة بالبيّنات.
وتوضح هذه الجهود مجتمعةً التزام عُمان الراسخ بخفض معدلات وفيات الأمهات والرُّضَّع وضمان الولادة المأمونة لكل أم وكل طفل.
السودان
الاستشارات عن بُعد في السودان تسد الفجوات في مجال صحة الأمهات والأطفال

أيلول/ سبتمبر 2025، بورتسودان، السودان – في ظل الاضطرابات الشديدة التي أحدثها النزاع في النظام الصحي، اتخذ السودان خطوة لحماية صحة الأمهات والأطفال من خلال حلول مبتكرة للتطبيب عن بُعد. وبدعمٍ من منظمة الصحة العالمية، هناك منصتان للاستشارات عن بُعد من خلال مركز اتصال مجاني، وخدمة تُقدَّم على تطبيق واتساب (WhatsApp)، لمساعدة الفئات السكانية المستضعفة، ومنها تلك الموجودة في المناطق النائية ومجتمعات اللاجئين، على الحصول على الرعاية.
وتُعد مؤشرات صحة الأمهات والمواليد والأطفال في السودان من بين أسوأ المؤشرات في الإقليم. ويصل معدل وفيات الأطفال الحديثي الولادة إلى 25 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حية، بينما يصل معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة إلى 50 حالة وفاة لكل 1000 ولادة حية. وتُعدُّ مضاعفات الولادة المبتسرة، والاختناق عند الولادة، وإنتان المواليد، وعدوى الجهاز التنفسي من الأسباب الرئيسية للوفاة. وفي المناطق المتضررة بالنزاعات مثل دارفور وكردفان، يؤدي الانعزال الجغرافي ونقص الموظفين المَهَرة وتجزؤ نُظُم الإحالة إلى حالات تأخير في الرعاية تهدد الحياة.
ولمعالجة هذه الثغرات العاجلة، أطلقت المنظمة مبادرتين للتطبيب عن بُعد في أواخر عام 2024.
يتيح مركز الاتصال المجاني (1700) إمكانية الحصول على إرشادات سريرية عن طريق الهواتف النقالة البسيطة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وهو ما يُمكّن من التدخل في الوقت المناسب في حالات الحمل الشديدة الخطورة وأمراض الطفولة.
تتيح المنصة المُشفرة على تطبيق واتساب (WhatsApp) لمقدمي الرعاية تبادل الوثائق البصرية للأعراض، وهو ما يتيح لاختصاصيي طب الأطفال تقييم العلاج وتقديم التوجيه عن بُعد، فيقلل ذلك من أخطاء التشخيص.
ومن خلال تقديم خدمات مجانية تمامًا، تساعد المنصتان على تعزيز الإنصاف في الصحة وإتاحة الفرصة للفئات السكانية الأكثر تهميشًا، ومنها اللاجئون، للحصول على الرعاية.
وتقول الدكتورة هبة حسين، مسؤولة الصحة الإنجابية وصحة الأمهات في منظمة الصحة العالمية بالسودان: "إن القدرة على التحقق بصريًا من الأعراض الحرجة عبر تطبيق واتساب ستحد بشكل كبير من أخطاء التشخيص، وخصوصًا في المناطق التي يصعب الوصول إليها". "تُظهر هذه المبادرة أن الابتكار يمكن أن يُكلَّل بالنجاح حتى في الظروف الصعبة، وهو ما يساعد على ضمان عدم تخلف أي أم أو طفل عن الرَكب".
وقد وصلت هاتان المنصتان منذ إطلاقهما إلى 3,489 من الأمهات والأطفال لتقديم إرشادات عاجلة ومنع التأخير في تحديد حالات الطوارئ التي تهدد الحياة مثل الجفاف الشديد والضائقة التنفسية. وتشمل نتائج المبادرة الحد من الأخطاء التشخيصية من خلال إجراء تقييمات بتوجيه من متخصصين، والإحالة الفورية إلى المرافق الصحية العاملة باستخدام خرائط ديناميكية، وإنشاء سجلات رقمية آمنة لترصُّد الأمراض وتتبع الفاشيات.
وقد أسهمت المبادرة في تحسين النظم الصحية على نطاق أوسع من خلال تعزيز تقديم الخدمات والدعم السريري على مدار الساعة في المناطق النائية ومناطق النزاع، وبناء قدرات القوى العاملة من خلال فرص التدريب لمقدمي الخدمات في الخطوط الأمامية في مجال الرعاية الطارئة.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد تسنَّى تعزيز الترصُّد من خلال تأمين البيانات التي تدعم الاستجابة للفاشيات، وتعزيز الإنصاف، بما يتماشى مع التكليف المنوط بالمنظمة الذي يتمثل في "عدم ترك أحد يتخلّف عن الرَكب"، من خلال إتاحة حصول السكان المتضررين من النزاعات والنازحين على الخدمات الصحية مجانًا.
التغلب على التحديات والاستدامة والتوسع
كانت مشكلات الاتصال والتمويل من بين التحديات التي تواجه المشروع. وقد تسنَّى التخفيف من حدة مشكلات الاتصال بالجمع بين المنصات الرقمية والخدمة الهاتفية المجانية، بما يكفل إمكانية الاتصال في المناطق ذات الشبكات المنخفضة. كما جرى سد العجز في قدرات العاملين الصحيين من خلال التدريب على الفرز في حالات الطوارئ، وتحديث بروتوكولات صحة الأمهات والأطفال.
وتدعو المنظمة إلى إدماج استخدام التكنولوجيا الرقمية في مجال الصحة في الاستراتيجيات الصحية الوطنية في السودان، وإلى تخصيص تمويل محلي لضمان الاستدامة على المدى الطويل. وتشمل خطط التوسع الإرشاد الإلكتروني لمقدمي الخدمات في الخطوط الأمامية، وتوسيع نطاق مركز الاتصال لتقديم الرعاية المتخصصة، وتعزيز تنسيق الإحالة من خلال إعداد الخرائط الرقمية.
وتتولى منظمة الصحة العالمية في السودان تنفيذ هذه المبادرات التي تُقدِّم التوجيه التقني وأُطُر الرصد، وذلك بالتعاون مع رابطة تنظيم الأسرة في السودان، والمجلس القومي السوداني للتخصصات الطبية، والشبكة.
سوريا
تمكين المجتمعات المحلية وإنقاذ الأرواح: برنامج رعاية المواليد والأمهات في المنازل في سوريا
تمكين المجتمعات المحلية وإنقاذ الأرواح: برنامج رعاية المواليد والأمهات في المنازل في سوريا
وُلدت لينا* في الشهر السادس من الحمل في منطقة يصعب فيها الحصول على رعاية حديثي الولادة، وكان وزنها 900 غرام فقط، وكانت نجاتها غير مؤكدة على الإطلاق. ولكن بفضل الإرشادات الطبية وبروتوكولات الرعاية التي قدمها متطوعون متفانون من برنامج الجمهورية العربية السورية لرعاية المواليد والأمهات في المنازل، والالتزام الدؤوب من والديها، بدأت لينا في النمو.
وتتمتع لينا بصحة جيدة الآن، وبلغت عامين، وهذا يبرهن على قوة الأسرة وأثر الرعاية المنزلية المنقذة للحياة. وبدعمٍ من الفريق الذي قدم المشورة والمتابعة الدقيقة، اتبع والدا لينا أفضل الممارسات، وهي الرضاعة الطبيعية المتكررة، والتدفئة بتلامس بشرة الأم والطفل، وتجنب المكملات الغذائية وبدائل لبن الأم. وقد تحقق ذلك بفضل جهد جماعي نابع من الرعاية المجتمعية.
وأسرة لينا واحدة من الأُسَر العديدة التي استفادت من برنامج رعاية المواليد والأمهات في المنازل. وقد بدأ هذا البرنامج في عام 2017، ويصل إلى قرابة 20,000 أسرة سنويًا في المناطق الريفية التي تعاني نقصًا في الخدمات.
وهذه المبادرة مرتبطة ببرنامج القرى الصحية، وتضم عاملين صحيين متطوعين يقدمون الرعاية الأساسية للحوامل والمواليد. وعلى الرغم من القيود المفروضة على التمويل، فقد اتسع نطاقها باطراد.
تمكين المجتمعات المحلية وإنقاذ الأرواح: برنامج رعاية المواليد والأمهات في المنازل في سوريا وفي إطار البرنامج، يُجري العاملون في مجال صحة المجتمع زيارات منزلية خلال الفترة السابقة للولادة والأسابيع الأولى بعد الولادة. ويدعم البرنامج الأسر في اعتماد أفضل الممارسات لرعاية الأمهات والمواليد في المنازل، ويشجع على التماس الرعاية من المهنيين الصحيين المتخصصين عند الضرورة.
وقد بدأ البرنامج بدعمٍ من المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط ومكتب المنظمة في سوريا، وتولى تكييف الوحدات التدريبية الإقليمية بما يتلاءم مع السياقات المحلية في سوريا. ويجري تنفيذه حاليًا في 11 محافظة، حيث يتولى ما مجموعه 885 متطوعًا تغطية 216 قرية صحية.
وفي عام 2024، أجريت 19,180 زيارة منزلية، أحيل فيها 58 من المواليد و69 من الأمهات إلى الرعاية المتخصصة.
ويُعزى نجاح البرنامج بدرجةٍ كبيرةٍ إلى تفاني متطوعيه الذين يتلقون 5 أيام من التدريب على الرعاية الصحية الأساسية. وبدأت عملية بناء القدرات في عام 2018 بإجراء سلسلة من تدريب المدربين بالتعاون مع المكتب الإقليمي.
وعلى الرغم من النجاحات التي تحققت، لا يغطي البرنامج سوى 5٪ من احتياجات الرعاية السابقة للولادة ورعاية المواليد. وﻻ يزال التمويل يشكل عقبة كبيرة أمام استدامة البرنامج وتوسيعه. والموارد محدودة، على الرغم من المساهمات التي تقدمها أحيانًا منظمات مثل مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، وهناك عقبات في الوصول إلى مناطق مثل المنطقة الغربية الشمالية.
المستقبل
الهدف هو الاستفادة من النجاحات التي حققها البرنامج وتوسيع نطاقه. ومع التركيز المتجدد على الجودة والتدريب، يهدف البرنامج إلى إشراك متطوعين من ذوي المؤهلات العالية، إذ أن معظم المتطوعين حاليًا لم يتجاوزا مستوى التعليم الإعدادي والثانوي، ويهدف البرنامج أيضًا إلى تعزيز فرص بناء القدرات، بما في ذلك التحوّل إلى استخدام الحاسب الآلي في جمع البيانات.
وإذ يمضي البرنامج قُدمًا، فإنه يستعد لإحداث أثر أكبر. ومع التركيز على الجودة والتدريب وبناء القدرات، سيواصل برنامج رعاية المواليد والأمهات في المنازل تمكين المجتمعات المحلية وإنقاذ الأرواح.
* ليس اسمًا حقيقيًا.