العاملون الصحيون في سوريا يرفعون الوعي حول مخاطر سوء استخدام الصادات الحيوية

ملك فؤاد، صيدلانية من دير الزور، تشرح أنماط استخدام الصادات الحيوية محلياً خلال زيارة  منظمة الصحة العالمية. حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية  ملك فؤاد، صيدلانية من دير الزور، تشرح أنماط استخدام الصادات الحيوية محلياً خلال زيارة منظمة الصحة العالمية. حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية

تشرين الثاني/نوفمبر 2025 – دمشق، الجمهورية العربية السورية – في جميع أنحاء سوريا، يرفع العاملون24 الصحيون أصواتهم حول التهديد المتزايد لمقاومة الصادات الحيوية. حيث يواصلون توعية العائلات في المستشفيات والمراكز الصحية والصيدليات حول الاستخدام الآمن للصادات الحيوية — رغم الظروف المعيشية الصعبة التي تجعل التي تجعل الاستخدام المسؤول للصادات الحيوية أكثر صعوبة. حيث تكشف تجاربهم مزيجاً من التحديات والإصرار، والالتزام المشترك لحماية المرضى من العدوى التي يزداد علاجها صعوبة.

تقول الدكتورة ملك فؤاد خرابة، اختصاصية مخبر في المشفى الوطني في دير الزور: “لاتزال العديد من العائلات تعتقد أن الصادات الحيوية هي الحل الأمثل لأي حمى أو نزلة برد موسمية. ويزداد إقناع المرضى بالآثار طويلة المدى لتناول الأدوية غير الموصوفة يزداد صعوبة

عفراء ماوردي، صيدلانية ورئيسة قسم الرقابة الدوائية في المشفى الوطني باللاذقية تحدثنا من مكتبها. حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية عفراء ماوردي، صيدلانية ورئيسة قسم الرقابة الدوائية في المشفى الوطني باللاذقية تحدثنا من مكتبها. حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية

وتضيف أن الثقة بين المريض ومقدم الرعاية، وتوافر الخدمات، والتوعية المجتمعية هي عام أساسي لمساعدة الناس فهم متى تكون المضادات الحيوية ضرورية ومتى لا تكون كذلك.

وتتابع: “مع تحسّن ظروف المعيشة، والثقة، وزيادة الوعي بالمخاطر، يُمكننا حماية المرضى وإنقاذ المزيد من الأرواح. يُمكن لحملات التوعية أن تُحدث فرقًا، ولكن لا بدّ من بذل المزيد من الجهود ليتمكن الناس من حماية أنفسهم ومن يُحبّونهم."
في عدد من المحافظات، تدفع الظروف الاقتصادية الصعبة كثير من الناس لشراء الصادات الحيوية دون استشارة طبية — وهي ممارسة راسخة تساهم بزيادة مقاومة الصادات وتقلل من فعالية العلاج.

توضح عفراء موردي، رئيسة قسم الرقابة الدوائية في المشفى الوطني باللاذقية: " إن مشكلة سوء استخدام الصادات الحيوية مشكلة قديمة ومستمرة. ويُدرك معظم الناس مخاطرها، لكن الكثيرين يُضطرون إلى طلب الصادات الحيوية دون استشارة الطبيب لعدم قدرتهم على تحمل تكاليف زيارة الطبيب". وتضيف: "نواجه مشكلتين رئيسيتين: الاستخدام العشوائي للصادات الحيوية وعدم إكمال العلاج الموصوف".

وتؤكد عفراء على أن ضمان توافر الأدوية باستمرار وتعزيز المراكز الصحية يُمكن أن يُساعد في الحد من سوء الاستخدام. "مع الدعم المستمر للمرافق الصحية والتوعية المستمرة، يُمكننا مساعدة الناس على الحصول على العلاج المناسب في الوقت المناسب".

كما يُشير العاملون في مجال الصحة إلى أن مقاومة الصادات الحيوية تُعزى إلى عدة عوامل مترابطة تتجاوز الاستخدام الفردي. حيث تُستخدم الصادات الحيوية على نطاق واسع في تربية الماشية والزراعة، ويمكن أن تنتقل بقاياها إلى البيئة عبر مياه الصرف الصحي والتربة. وتواجه العديد من المرافق الصحية تحديات في الوقاية من العدوى ومكافحتها، مما يزيد الحاجة إلى الصادات الحيوية ويزيد من خطر الاصابة بعدوى مقاومة. يُعدّ تعزيز هذه الأنظمة - من خلال نهد الصحة الواحدة بدءاً من المياه النظيفة وإدارة النفايات وصولًا إلى تحسين تنظيم الاستخدام الزراعي - أمرًا ضروريًا للحد من انتشار مقاومة. الصادات.

في حلب، تظهر عواقب سوء استخدام الصادات الحيوية بشكل أوضح عند المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة.

تقول الدكتورة زين علي دوبا: “بالنسبة لمرضى الأورام وأمراض الدم، حتى العدوى البسيطة قد تصبح خطيرة إذا لم تعد الصادات الحيوية فعالة. لهذا السبب، من المهم للغاية تجنب تناول الصادات الحيوية غير الضرورية - واستشارة الطبيب قبل تناول أي دواء".

وتشرح أن محدودية الضوابط على الوصفات الطبية والضغط على المرافق الصحية يعرّض المرضى لعلاج غير مناسبة. “مع تشديد الرقابة على بيع الصادات الحيوية، واستمرار دعم المراكز الصحية، يمكننا المساعدة في حماية المرضى الأكثر عرضة لخطر العدوى المقاومة.”

بالنسبة للصيادلة مثل كمال الدلال في حماة، تكشف التعاملات اليومية مع المرضى عن مفاهيم خاطئة راسخة — إلى جانب تحسّن تدريجي.

يقول: “على مدى الخمسة عشر عامًا الماضية، رأيت مئات المرضى الذين يعتقدون أن الصادات الحيوية قادرة على علاج أي عدوى، وأن التوقف المبكر عن العلاج لا يسبب أي ضرر.”

وفي صيدليته، لا يزال الكثيرون يطلبون الصادات الحيوية دون وصفة طبية - حتى في الحالات التي لا تتطلبها. ومع ذلك، يشير كمال إلى أن الوعي يتحسن ببطء. "مع جهود التوعية المستمرة والتدريب المناسب للعاملين في مجال الصحة، يمكننا ضمان استمرار فعالية الصادات الحيوية لكل من يحتاجها

في حمص، يواجه الأطباء في الخطوط الأمامية بشكل متزايد التهابات الجهاز التنفسي التي لا تستجيب للعلاجات التقليدية.

يقول الدكتور مالك العوير من مشفى حمص الجامعي : “يعاني العديد من المرضى من التهابات الجهاز التنفسي المقاومة للعديد من الصادات الحيوية. وهذا يجعل العلاج صعبًا وطويل الأمد، وأحيانًا غير فعال. يُعد الاستخدام العشوائي للصادات الحيوية - دون وصفة طبية أو توجيه طبي - سببًا رئيسيًا".

ويضيف أن تشديد اللوائح، وزيادة التثقيف في المدارس والمجتمعات المحلية، والتدريب المستمر للعاملين الصحيين، خطوات أساسية للحد من سوء الاستخدام. "بالجهود الجماعية ودعم النظام الصحي، يُمكننا مساعدة الناس الحصول على العلاج المناسب وفي الوقت المناسب".

مع مشاركة سوريا في أسبوع التوعية العالمي بمقاومة الصادات الحيوية، تعكس هذه الاصوات من جميع أنحاء البلاد هدفاً مشتركاً: حماية المرضى، تعزيز النظام الصحي، والحفاظ على فعالية الصادات الحيوية للأجيال القادمة.

الدكتورة زين علي دوبا، اخصائية أورام في حلب تشرح عواقب سوء استخدام الصادات الحيوية على المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة ، حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية  الدكتورة زين علي دوبا، اخصائية أورام في حلب تشرح عواقب سوء استخدام الصادات الحيوية على المرضى الذين يعانون من ضعف المناعة ، حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية
الدكتور كمال الدلال في صيدليته بحماة يروي تجربته مع المرضى الذين يطلبون الصادات الحيوية دون وصفة طبية. حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية الدكتور كمال الدلال في صيدليته بحماة يروي تجربته مع المرضى الذين يطلبون الصادات الحيوية دون وصفة طبية. حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية
في حمص، الدكتور مالك العوير سجلاً طبياً للمرضى أثناء وقوفه في ممر المستشفى. حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية في حمص، الدكتور مالك العوير سجلاً طبياً للمرضى أثناء وقوفه في ممر المستشفى. حقوق الصورة: منظمة الصحة العالمية