بعد العودة إلى الوطن.. أسرٌ تنضم إلى الحملة الاستدراكية الكبرى التي تهدف إلى حماية جميع الأطفال دون استثناء

13 تشرين الأول 2025 دمشق، الجمهورية العربية السورية – في مركز برزة البلد الصحي بدمشق، تبتسم يسرى البالغة ٣٥ عاماً وهي تمسك ببطاقة اللقاح الجديدة الخاصة بابنتها، وتقول: "ما أجمل أن نعود إلى ديارنا ونحن واثقون بأن أطفالنا في مأمن!"

عادت يسرى إلى سورية قبل شهرٍ بعد غيابٍ قارب العقد من الزمن قضته في لبنان، وخلال سنوات النزوح عانت كثيراً خلال متابعة جدول اللقاح الخاص بأطفالها، إذ أدت كثرة التنقلات وقلة فرص الحصول على الخدمات إلى أن ابنتها لين صالح العقلة البالغة من العمر عامين فاتتها عدة جرعات لقاح روتينية.

مسؤولة اللقاح مريم شهاب تخفف عن ولدَي يسرى بعد تلقيهما اللقاحات الروتينية في مركز برزة البلد الصحي بدمشق. مصدر الصورة: منظمة الصحة العالميةمسؤولة اللقاح مريم شهاب تخفف عن ولدَي يسرى بعد تلقيهما اللقاحات الروتينية في مركز برزة البلد الصحي بدمشق. مصدر الصورة: منظمة الصحة العالمية

وتستذكر يسرى قائلة "عندما عدنا لم نكن نعرف من أين نبدأ، ثم في أحد الأيام جاء إلي أحد العاملين الصحيين المجتمعيين وأنا في السوق وأخبرني عن حملة اللقاح الوطنية، فجئت بأطفالي في صباح اليوم التالي."

قامت الممرضات في المركز بمراجعة بطاقة اللقاح الخاصة بها المُصدَرة في لبنان وقمن بتحديثها باللقاحات التي فاتت لين. تقول يسرى "كان الفريق لطيفاً وطويل البال وقدموا معلومات عن كل اللقاحات وحددوا موعد الزيارة القادمة، وقد شعرت بالطمأنينة."

يسرى الآن حامل بطفلها الثالث وتقول إن استئناف اللقاحات هو جزء من بداية جديدة. تضيف "بعد سنوات عديدة خارج البلد، أشعر أخيراً بأالاستقرار.. أريد لأطفالي أن يكبروا متمتعين بالصحة والعافية هنا في سورية."

الرعاية المستمرة للعائلات

في مختلف أنحاء دمشق، يسعى آباء وأمهات مثل عائشة محمد إلى ضمان حماية أطفالهم أيضاً، ففي مركز مساكن برزة الصحي تواصل الطفلة لين محمد سمعان الزعبي البالغة من العمر 7 أعوام تلقّي لقاحاتها وفق الجدول المحدد. يقع المركز بالقرب من منزلهم وتحرص أمها عائشة على اصطحابها بانتظام إلى مواعيد المتابعة.

  مسؤولة اللقاح في دمشق تحتضن الطفلة لين صالح العقلة (7 أعوام) بعد تلقيها اللقاح في مركز برزة البلد الصحي. مصدر الصورة: منظمة الصحة العالمية مسؤولة اللقاح في دمشق تحتضن الطفلة لين صالح العقلة (7 أعوام) بعد تلقيها اللقاح في مركز برزة البلد الصحي. مصدر الصورة: منظمة الصحة العالمية

تعرضت المنطقة المحيطة لأضرارٍ بالغة خلال النزاع، لكنْ ظل المركز الصحي المُرمَّم ملاذاً آمناً للأسر التي تبحث عن رعاية مستمرة. تقول عائشة "الممرضات يعرفن ابنتي ويخصصن وقتاً لإعطائنا المعلومات دائماً ويُشعرنا المكانُ بالألفة والأمان.. فأنا أعلم أنها محمية." 

الوصول إلى جميع الأطفال دون استثناء

تُشرِف مريم شهاب، مسؤولة اللقاح، على هذه الجهود، إذ تتولى إدارة خمسة مراكز صحية في جميع أنحاء المنطقة، وهي تعمل في برنامج اللقاح الموسع منذ عام ٢٠١٢.

 مريم شهاب تقدم لقاحاً روتينياً لرضيع في أحد المراكز الصحية الأولية في دمشق. مصدر الصورة: منظمة الصحة العالميةمريم شهاب تقدم لقاحاً روتينياً لرضيع في أحد المراكز الصحية الأولية في دمشق. مصدر الصورة: منظمة الصحة العالمية

"شاهدتُ عائلاتٍ تعود بعد النزوح وأخرى لم تغادر أبداً ولكنها ظلت تواظب على الحضور بانتظام" تقول مريم "هذا العام نلمَس مزيداً من الوعي وزيادة في مستوى الثقة."

تعمَدُ فرق اللقاح العازمة على الوصول إلى الأهالي المترددين على الحوار والتواصل المجتمعي. تقول مريم "نحن نعمل مع متطوعين وعاملين صحيين مجتمعيين في الأسواق والمدارس ودورِ العبادة، كما تُساعد الفرق المتنقلة في الوصول إلى العائلات التي لا تستطيع المجيء إلى المراكز الصحية."

عاملة صحية تعطي طفلة لقاح شلل الأطفال الفموي خلال حملة اللقاح الوطنية في دمشق. مصدر الصورة: منظمة الصحة العالميةعاملة صحية تعطي طفلة لقاح شلل الأطفال الفموي خلال حملة اللقاح الوطنية في دمشق. مصدر الصورة: منظمة الصحة العالمية

وتأمل مريم أن يؤدي التقدم المحرز خلال حملة اللقاح الوطنية إلى تعزيز اللقاح الروتيني على مستوى البلاد، وتقول "في مرحلة إعادة إعمار البلاد، لا يقتصر هدفنا على استعادة ما فقدناه، بل نريد تقوية النظام حتى نتمكن من الوصول إلى جميع الأطفال في الوقت المناسب."

تُعد عائلات مثل عائلة يسرى وعائشة من بين مئات الآلاف من العائلات في جميع أنحاء سورية التي استفادت من حملة اللقاح الوطنية التي تقودها وزارة الصحة بدعم من منظمة الصحة العالمية واليونيسف والتحالف العالمي للقاح والتحصين (غافي).