بلدان إقليم شرق المتوسط تؤكد من جديد أثناء انعقاد اللجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية التزامَها بتحقيق الصحة للجميع
17 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، القاهرة، مصر - تُختتم اليوم الدورة الثانية والسبعون للجنة الإقليمية لشرق المتوسط بعد ثلاثة أيام من المناقشات الرفيعة المستوى التي عُقِدت تحت شعار "معًا من أجل مستقبلٍ أوفر صحة".
واللجنة الإقليمية هي الجهاز الرئاسي لمنظمة الصحة العالمية في إقليم شرق المتوسط، وتضم وزراء الصحة وكبار المندوبين من الدول الأعضاء في الإقليم البالغ عددها 22 دولةً وأرضًا لمعالجة قضايا الصحة العامة الحاسمة والاتفاق على استراتيجية المنظمة. وانضم إلى وزراء الصحة ممثلون عن المنظمات الشريكة وخبراء منظمة الصحة العالمية.
وقالت الدكتورة حنان حسن بلخي، مديرة منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط: "إننا نجتمع من أجل بلورة الالتزامات السياسية التي تُحسِّن صحة 750 مليون شخص في إقليمنا.
وبرغم التخفيضات المفاجئة في التمويل وتقلص الحيز المالي، فإننا واصلنا إنجاز عملنا. ولكن إقليمنا ينوء بعبء ثلث الطوارئ الصحية في العالم وست أزمات ممتدة، ولهذا كان أثر خفض التمويل شديدًا، ومن المجالات التي تأثرت بهذا بعض المجالات البالغة الأهمية، مثل ترصُّد الأمراض ومكافحتها، والفاشيات والاستجابة الإنسانية، واستئصال شلل الأطفال. ومع أن الآثار الكاملة لخفض التمويل لم تتضح بعد، فإننا بدأنا نرى العواقب بأعيننا".
واستعرض المشاركون التقدم المُحرَز في إطار الخطة التنفيذية الاستراتيجية الإقليمية للمنظمة 2925-2028 التي تتضمن ثلاث مبادرات رئيسية لتحفيز العمل على تعزيز القوى العاملة الصحية، وتوسيع نطاق الإتاحة المُنصفة للأدوية، والتصدي للتحدي المتزايد المتمثل في تعاطي مواد الإدمان.
وناقشوا أيضًا أولوياتٍ مثل استئصال شلل الأطفال، وحماية الأطفال من خلال التمنيع، وتحسين الرعاية المُلطِّفة، والنهوض بالسلامة البيولوجية، وبناء نُظُم صحية أقوى وأكثر قدرةً على الصمود.
وقد عُقدت الدورة الثانية والسبعون للجنة الإقليمية في وقتٍ يواجه فيه الإقليم عددًا غير مسبوقٍ من حالات الطوارئ التي تؤثر على أكثر من 115 مليون شخص. وبرغم هذه التحديات، فإن التزام الإقليم بتحقيق التغطية الصحية الشاملة والإنصاف والتضامن يُترجَم إلى تقدمٍ على أرض الواقع.
وبعد مداولات مستفيضة، اعتمدت الدورة الثانية والسبعون للجنة الإقليمية خمسة قرارات تتناول الأولويات الصحية البالغة الأهمية.
ومن هذه القرارات قرارٌ بشأن الوصول إلى الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعات من اللقاحات والنهوض بالتخلص من الحصبة والحصبة الألمانية يحثُّ الدولَ الأعضاء على تحديد الأطفال الذين لم يتلقوا بعد لقاحًا روتينيًا واحدًا وتطعيمهم، ويُحدد غايات واضحة للتخلص من الحصبة الألمانية بحلول عام 2035، بما يتماشى مع خطة التمنيع العالمية لعام 2030.
وثمة قرارٌ آخر يركز على تعافي النُظُم الصحية في الأماكن الهشة والمتضررة من النزاعات، وحدد مجموعة من الإجراءات التي تضمن استعداد النظم الصحية للبلدان بشكلٍ أفضل للأزمات مثل الحروب أو الكوارث الطبيعية، وأن تُغتَنَم حالات الطوارئ بوصفها فرصةً "لإعادة البناء على نحو أفضل".
واعتمدت الدول الأعضاء أيضًا إطارًا إقليميًا لتعزيز الرعاية المُلطّفة في المستشفيات والرعاية الأولية والمجتمعات المحلية، واعتمدت توصيات لتقليل المخاطر البيولوجية إلى أدنى حد وتعزيز السلامة في المختبرات الصحية.
وتَوَصَّل المشاركون إلى اتفاق على الانتهاء من خطة عمل تنفيذية جديدة للصحة وتغيُّر المناخ في الإقليم وتقديمها للمساعدة في التصدي للتحديات الصحية المتزايدة المرتبطة بالمناخ، ومنها الحرارة الشديدة، والجفاف، وندرة المياه، والعواصف الترابية، وارتفاع مستويات البحر، والنزوح بسبب التغيُّرات المناخية.
وفي ختام الدورة، أثنت الدكتور حنان بلخي على الدول الأعضاء لوحدتها والتزامها، فقالت:
"إن التضامن الإقليمي ليس محل نقاش، بل هو سبيلنا الوحيد للمُضي قُدمًا. ويجب على كل بلد أن يعزز التمويل المحلي، وأن يضمن الكفاءة في الاستفادة من الموارد، وأن يستثمر في نُظم تركز على الناس. كما يجب أن يساعد كلٌّ منا الآخر من خلال الشراء المجمع، وتبادل الخبرات، والحلول المبتكرة.
إن الصحة في إقليمنا مسؤوليةٌ مشتركة. ولا سبيل أمامنا إلا تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لبناء نُظم تليق بشعوب إقليمنا، وقادرة على الصمود والاعتماد على الذات".
ومع إعادة تأكيد المشاركين على التزامهم بالعمل الجماعي بشأن الصحة، فقد أرست دورة اللجنة الإقليمية التي عُقِدَت هذا العام الأساسَ لتسريع وتيرة التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتحقيق الصحة للجميع.
وسوف تُعقَد الدورة المُقبلة الثالثة والسبعون للّجنة الإقليمية في القاهرة في تشرين الأول/ أكتوبر 2026.
كلمة ختامية تلقيها الدكتورة حنان حسن بلخي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط في الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لشرق المتوسط

17 تشرين الأول/ أكتوبر 2025
أصحاب المعالي والسعادة وزراء الصحة ورؤساء الوفود،
الزملاء الأعزاء والشركاء الكرام،
السيدات والسادة،
يسعدني أن أتقدم بجزيل الشكر لكم جميعًا على مشاركتكم وجهودكم في هذه الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لشرق المتوسط.
لقد حققنا على مدار ثلاثة أيام نتائج مهمةً، تمثلت في اعتماد خمسة قرارات حاسمة، وإقرار دعوة إلى العمل بشأن سرطان الثدي بالإجماع، فضلًا عن التقدم في التصدي لتعاطي منتجات التبغ والنيكوتين الجديدة والمستجدة في إقليمنا.
وقد طرحتم أيضًا أفكارًا قيمةً بشأن أعمال المنظمة، ومنها تنفيذ البرامج، والميزانية، ومسائل الحوكمة.
وقد اطلعنا على تلك الجهود الجماعية الرامية إلى استئصال شلل الأطفال من الإقليم، والتعاون المستمر بين البلدان للوصول إلى هذا الهدف المهم، وهو ما يؤكد مرةً أخرى عزمنا المشترك على القضاء على هذا المرض إلى الأبد.
فأكرر شكري لكم جميعًا على أوقاتكم ورؤاكم الثاقبة وإسهاماتكم القيمة. وأتقدم بخالص تقديري إلى معالي الدكتور صالح الحسناوي على دوره القيادي في رئاسة الدورة بكفاءة واقتدار، وإلى معالي وزير الصحة في سوريا، وسعادة وزير الصحة في السودان، اللذين شغل كل منهما منصب نائب الرئيس في أثناء هذه الدورة.
وأود كذلك أن أتوجه بالشكر إلى فريق المكتب الإقليمي، الذين كان تفانيهم وحرصهم وقودًا يدفع نجاحنا ويحدث فرقًا دائمًا في حياة ملايين الناس في جميع أنحاء الإقليم. وأخص بشكري فريق المترجمين الفوريين والتحريريين على جهودهم الكبيرة.
أصحاب المعالي والسعادة،
إني أتطلع إلى رؤيتكم جميعًا مرةً أخرى في الدورة الثالثة والسبعين للجنة الإقليمية العام المقبل إن شاء الله، وقبلها في اجتماعنا في المجلس التنفيذي في شباط/ فبراير، والجمعية العمومية في أيار/ مايو، لنستمر في هذه النقاشات، وتمثيل إقليم شرق المتوسط وأعمالنا أمام بقية الدول الأعضاء في المنظمة والشركاء العالميين.
وختامًا، أتمنى لكم عودةً آمنةً إلى بلدانكم، واستمرار النجاح والتوفيق في جهودكم الرامية إلى تحقيق الصحة للجميع.
شكرًا جزيلًا.
قادة الصحة يضاعفون جهودهم لتسريع وتيرة استئصال شلل الأطفال في اجتماع اللجنة الإقليمية
16 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، القاهرة، مصر - اجتمع وزراء الصحة وكبار المسؤولين في وزارات الصحة من جميع أنحاء إقليم شرق المتوسط في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 لحضور الاجتماع الرابع عشر للجنة الفرعية الإقليمية المعنية باستئصال شلل الأطفال والتصدي لفاشياته، الذي عُقِد أثناء الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط في القاهرة.
ولإقليم شرق المتوسط أهميةٌ محوريةٌ في جهود الاستئصال العالمية. فعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، تمكنت جميع الدول الأعضاء من استئصال شلل الأطفال باستثناء دولتين. وقد نجحت جميع الدول الأعضاء في وقف فاشيات شلل الأطفال مرارًا، وعززت تأهبها واستجابتها للفاشيات، ووسَّعت نطاق الحصول على التطعيم، وحشدت الموارد المحلية لحماية الأطفال من فيروس شلل الأطفال. ولا تزال أفغانستان وباكستان، وهما آخر بلدين يتوطن فيهما فيروس شلل الأطفال البري، تُكثفان جهودهما لوقف سريان العدوى. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات مستمرة تتطلب اهتمامًا مستمرًا، منها صعوبة الوصول إلى بعض المناطق، وانعدام الأمن - الذي يدفع السكان إلى التنقُّل - وتفاوت جودة حملات التطعيم.
وقَدَّمَ الدكتور حامد جعفري، مدير برنامج استئصال شلل الأطفال والأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات في الإقليم، في تحديثٍ تقني من إعداده، لمحةً عامةً عن التقدم المُحرَز، وسلَّط الضوء على التضامن الإقليمي القوي والإرادة السياسية القوية التي تحقق النتائج. وأثنى على الدول الأعضاء لتعاونها وعدم التسامح مطلقًا مع انتقال أي فيروس من فيروسات شلل الأطفال، وأكَّدَ على أهمية تكثيف الحكومات والشركاء للجهود على نحو عاجل لضمان الوصول إلى كل طفل ووقف سراية الفيروس إلى الأبد.
وأكَّد الدكتور جعفري على التحديات التي تشمل انخفاض التمويل الدولي، واستمرار سريان فيروس شلل الأطفال في المناطق التي يتعذَّر الوصول إليها في الإقليم، وذلك في وقتٍ يزداد فيه تعقيد النزاعات والأزمات الإنسانية في العديد من البلدان. وشَدَّدَ على أن للجنة الفرعية دورٌ حاسمٌ في تيسير إتاحة وسائل القضاء على هذا المرض، وحشد الالتزام السياسي، وتأمين الموارد المالية المحلية والدولية.
وفي كلمته أمام اللجنة الفرعية، أكد سعادة السيد منصور بن إبراهيم بن سعد آل محمود، وزير الصحة في قطر والرئيس المشارك للجنة الفرعية، على الحاجة المُلحّة إلى الاستفادة من الموسم القادم لانخفاض انتقال فيروس شلل الأطفال البري، وقال: "الأشهر الستة المقبلة ستكون حاسمة في جهودنا الجماعية للقضاء على شلل الأطفال إلى الأبد".
ونيابةً عن سعادة السيد أحمد بن علي الصايغ، وزير الصحة ووقاية المجتمع والرئيس المشارك للجنة الفرعية، أشار الدكتور حسين الرند، وكيل الوزارة المساعد للصحة العامة ونائب وزير الصحة ووقاية المجتمع في الإمارات العربية المتحدة، إلى الظروف المُعقَّدة التي يواجهها الإقليم في مجال الصحة العامة، فقال: "في هذه الظروف تحديدًا، تشيد الإمارات العربية المتحدة بالجمع الاستراتيجي بين برامج شلل الأطفال والبرنامج الموسَّع للتمنيع، فمن شأن هذا النَهج أن يُسرّع وتيرة استئصال شلل الأطفال، وأن يُعزز التمنيع الروتيني على المدى الطويل".
ويمتد الدعم الإقليمي من المناصرة الرفيعة المستوى إلى الاستثمارات المالية المستدامة، وهي استثماراتٌ ضروريةٌ للقضاء على شلل الأطفال في هذه المنطقة الجغرافية البالغة الأهمية، ولتعزيز النظم الصحية على حد سواء. وفي وقتٍ سابقٍ من هذا العام، انضمت المملكة العربية السعودية إلى المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال بوصفها جهة مانحة رئيسية، حيث التزمت بتقديم 500 مليون دولار أمريكي للجهود العالمية لاستئصال شلل الأطفال. وتأتي هذه المساهمة في وقت حيوي، إذ يبدأ البرنامج في تنفيذ خطة عمل جديدة مُنَسَّقّة للقضاء على سراية شلل الأطفال وسط عجز واسع النطاق في التمويل.
وقال السيد عبد الله القويزاني، ممثل المملكة العربية السعودية: «إن المملكة العربية السعودية تُثني على تنفيذ مبادرة "تحدي القضاء على شلل الأطفال" في أفغانستان، التي تفخر المملكة بالمشاركة في رعايتها. وتُسهم المبادرة في تعزيز خدمات التمنيع الروتيني وتحسين جودة حملات التطعيم ضد شلل الأطفال. والمملكة العربية السعودية تُعرب عن تقديرها لهذه الجهود المتضافرة التي تنهض بهدفنا المشترك المتمثل في عالمٍ خالٍ من شلل الأطفال".
وأكدت الدول الأعضاء من جديد التزامها بتحقيق خلو الإقليم من شلل الأطفال، وحددت خطوات لتعزيز التأهُّب والمساءلة على الصعيد الوطني، وتقوية الاستجابة للفاشيات والتنسيق عبر الحدود، واستمرار الحملات العالية الجودة التي تصل إلى جميع الأطفال. ودعت أيضًا إلى مواصلة التمويل الدولي وحشد التمويل المحلي لضمان عدم تأثر جهود الاستئصال بتخفيضات التمويل العالمية.
وأكد الدكتور كريس إلياس، رئيس مجلس مراقبة شلل الأطفال، متحدثًا نيابةً عن شركاء المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، أن الأشهر الستة المقبلة بالغة الأهمية للحفاظ على الدعم العالمي والاستفادة من الفرص الوبائية الحالية للقضاء على شلل الأطفال. وأقرَّ بظروف التنفيذ المتزايدة التعقيد، لكنه شدد على أن الهدف لا يزال في المتناول. وأثنى الدكتور إلياس على العاملين الصحيين لتفانيهم في بيئات مليئة بالتحديات، وشكر المانحين - ومنهم المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة - على قيادتهم وشراكتهم المستمرة، وحَثَّ الجميع على مواصلة المسيرة.
وفي ختام الاجتماع، أثنت الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، على الدول الأعضاء والجهات المانحة، بمن فيهم أعضاء الروتاري، لجهودها الكبيرة. وأكدت للدول الأعضاء أن استئصال شلل الأطفال يأتي على رأس أولويات منظمة الصحة العالمية، ودعت جميع البلدان إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية للقضاء على شلل الأطفال في الإقليم.
وجاء اجتماع اللجنة الفرعية في أعقاب اجتماع "متحدون للقضاء على شلل الأطفال"، وهو اجتماع رفيع المستوى عُقد في 14 تشرين الأول/ أكتوبر وجَمَعَ الحكومات والشركاء والبعثات الدبلوماسية للنظر في التقدم الإقليمي المُحرَز والأولويات المستقبلية. وفي 16 تشرين الأول/ أكتوبر، أشرَكَت جلسةٌ مخصصةٌ الجهات التنفيذية الراعية لمبادرة "تحدي القضاء على شلل الأطفال"، وهي مبادرة التمويل القائمة على النتائج لدعم استئصال شلل الأطفال وتعزيز النظم الصحية في أفغانستان.
وستجتمع اللجنة الفرعية مرة أخرى في أوائل عام 2026 لاستعراض التقدم المُحرَز نحو مستقبلٍ خالٍ من شلل الأطفال في اجتماعها الخامس عشر. وأثناء الاجتماع المُقبل، ستقترح الأمانة إجراءات لاستلهام روح التوصيات الصادرة عن المجلس العالمي للرصد، وعرضها على أعضاء اللجنة الفرعية.
المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط تعرضُ رؤيةً جريئةً للصحة في إقليم شرق المتوسط: "تستحقها شعوبنا"
16 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، القاهرة، مصر - في افتتاح الدورة الثانية والسبعين للّجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط أمس، تحدثت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية، عن المشكلات التي يواجهها الإقليم بشكلٍ مباشرٍ وصريح.
وتوجهت بحديثها إلى الوزراء ورؤساء الوفود وممثلي الشركاء المجتمعين فقالت: "نجتمعُ في أجواء يسودها التباسٌ تامٌ في مستقبل إقليمنا وفي الصحة العالمية. فقد اجتمعت الحروب والكوارث والنزوح وتراجُع المعونات لتزيد تفاقُمَ المآسي التي تتتابع علينا الواحدة تلو الأخرى. وما لم نتحرك لتصحيح الأوضاع، فإن التاريخ سيذكر أيامَنا هذه ضمن العصور المظلمة. ولكن ما يزال حتى اليومِ أناسٌ، ومنهم الجمع الكريم في هذه القاعة، يؤمنون بالولاية المسندة إلى هذه المنظمة، وما يزالون يؤمنون بأن الصحة حق للجميع".
وشدَّدت الدكتور حنان على أن إقليم شرق المتوسط، الذي يبلغ عدد سكانه 750 مليون نَسَمة، تَلقَّى العام الماضي ثلثَي الهجمات العالمية على المرافق الصحية، وأن المستشفيات، التي كانت ملاذًا آمنًا في السابق، أصبحت أماكن يُمارَس فيها العنف.
وأكَّدت الدكتورة حنان من جديد التزام منظمة الصحة العالمية بتحقيق الصحة للجميع، على الرغم من التحديات، وأشادت بالعاملين في الخطوط الأمامية الذين يخاطرون بحياتهم في مناطق النزاع والمناطق التي تعاني من نقص الخدمات. وأثنت على الدول الأعضاء لقيادتها في مجال حوكمة الصحة العالمية، ودورها في اتفاق المنظمة بشأن الجوائح وزيادة الاشتراكات المقدرة بنسبة 20٪. وتعكس التعهدات السخية ببذل جهود لاستئصال شلل الأطفال من جانب بلدان مثل المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، وقطر تضامنًا إقليميًا قويًا. وفي عام 2024 وحده، بلغت المساهمات الطوعية لبرنامج المنظمة للطوارئ 87.5 مليون دولار أمريكي.
واستعرضت الدكتور حنان التقدُّم المُحرَز في إطار الخطة التنفيذية الاستراتيجية الإقليمية والمبادرات الرئيسية الثلاثة في مواجهة تحديات غير مسبوقة.
استئصال شلل الأطفال
يتواصل تراجع فيروس شلل الأطفال البري في أفغانستان وباكستان، واحْتُوِيتَ الفاشيات المشتقة من اللقاحات في غزة ومصر.
الأمراض السارية
يصل التمنيع الروتيني الآن إلى 85% من الأطفال. وأدخل السودان لقاح الملاريا، وحصلت مصر على الإشهاد على خلوها من الملاريا، وكافحت التهاب الكبد B، وأصبح الأردن أول بلد على مستوى العالم يجري التحقق من القضاء على الجذام فيه.
الأمراض غير السارية والصحة النفسية
قضت المملكة العربية السعودية وعُمان على الدهون المتحولة الضارة، وتَبنَّى 14 بلدًا أفضل الممارسات في مجال السياسات المعنية بالأمراض غير السارية، ويجري إدماج خدمات الصحة النفسية في الرعاية الأولية بخطى ثابتة.
المناخ والصحة البيئية
أكثر من 150 مدينة ترصد الآن جودة الهواء، وأُدمِجَت الصحة في التخطيط للتصدي لتغيُّر المناخ في 7 بلدان.
قدرة النظم الصحية على الصمود
دعمت المنظمة جهود التعافي في العراق والسودان والجمهورية العربية السورية واليمن، وتدعم أيضًا التخطيط لمرحلة ما بعد انتهاء الصراع في غزة.
الهجرة والنزوح
تعمل الدول الأعضاء باستمرار على ضمان حصول اللاجئين والمهاجرين على الخدمات الأساسية، مع وجود مبادرات جديدة تركز على التكيف مع المناخ والحد من مخاطر الكوارث.
استخدام التكنولوجيا الرقمية في مجال الصحة والبيانات
تمضي الاستراتيجيات الوطنية لاستخدام التكنولوجيا الرقمية في مجال الصحة قُدُمًا، وثمة نماذج يُحتذى بها مثل برنامج مصر للمبادئ التوجيهية للرعاية السريرية، ومنصة بيانات الوفيات في المملكة العربية السعودية، وقد حصلت تلك المنصة على جوائز.
وسلَّطت الدكتورة حنان بلخي الضوء على التقدم المُحرَز في المبادرات الرئيسية بشأن توسيع نطاق الحصول المُنصِف على المنتجات الطبية، والاستثمار في قوى عاملة صحية قادرة على الصمود ومستدامة، وتسريع إجراءات الصحة العامة بشأن تعاطي مواد الإدمان.
ويجري تعزيز النُظُم التنظيمية، فقد بلغت المملكة العربية السعودية مستوى النضج 4 حسب تصنيف المنظمة، وتُعِدُّ لتصبح أول سلطة تنظيمية في الإقليم مُدرجة في قائمة منظمة الصحة العالمية بحلول عام 2026. ووصلت مصر إلى المستوى 3، تليها مباشرة المغرب وباكستان وتونس.
وتعمل البلدان على تعزيز القدرات الإنتاجية وتحسين نظم الإمداد من خلال الشراء المُجمَّع وتوظيف التقنيات الرقمية في المخازن. ويمضي التقارب في مجال التنظيم قُدمًا من خلال مبادرة مواءمة اللوائح التنظيمية في شمال أفريقيا التي تشمل 6 بلدان.
ومن المتوقع أن يعاني إقليمُنا عجزًا في العاملين الصحيين يبلغ 2.1 مليون عامل بحلول عام 2030. ولمواجهة ذلك، تعكف الدول الأعضاء على وضع استراتيجيات لتعزيز الرعاية الأولية، وإجراء تغيير شامل في التعليم، وتحسين الحوكمة. ويزداد التعاون الإقليمي من خلال الشراكات مع جامعة الدول العربية، والمجلس العربي للاختصاصات الصحية، والتحالف الصحي الإقليمي.
ويُعدّ تعاطي مواد الإدمان أحد التحديات المستجدة، إذ يؤثر على 6.7% من الأشخاص في الفئة العمرية 15-64 عامًا. وتدعم المنظمة البلدان في توسيع نطاق العلاج، وإدماج الرعاية الصحية في الخدمات الأولية، وتوسيع نطاق الوقاية. وثمة تحالفٌ إقليمي يعمل على إشراك المجتمع المدني وأصحاب التجارب الشخصية. وهناك أدوات جديدة مثل أطلس تعاطي مواد الإدمان والبرامج المدرسية تساعد على حماية الشباب، وبدأت باكستان ومصر العلاج ببدائل الأفيون، ويجري حاليًا تنفيذ استراتيجيات متعددة القطاعات في قطر والصومال وتونس.
وفي حين أثَّرَ خفض التمويل تأثيرًا بالغًا على العمليات، فترتب عليه إغلاق العيادات، وتَوقُّف الخدمات الصحية للأمهات والأطفال، فإن المنظمة تواصل تقديم الخدمات الأساسية، بدءًا من مكافحة الكوليرا إلى المساعدات المنقذة للحياة في غزة والسودان. وقد حشدت المنظمة 1.4 مليار دولار أمريكي في عام 2024، وأسَّست فرقة العمل الإقليمية المعنية بالتمويل الصحي لمساعدة الدول الأعضاء على تعزيز حشد الموارد محليًّا. وعلى الرغم من هذه الجهود، لا يزال 40% من الميزانية المعتمدة للفترة 2026-2027 دون تمويل.
واختتمت الدكتورة حنان البلخي حديثها بدعوةٍ للعمل، فأخبرت الوفود أن: "التضامن الإقليمي ليس محل نقاش، بل هو سبيلنا الوحيد للمُضي قُدمًا. إن الصحة في إقليمنا مسؤولية مشتركة. ولا سبيل أمامنا إلا تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لبناء نُظم تليق بشعوب إقليمنا، وقادرة على الصمود والاعتماد على الذات".