الصفحة الرئيسية


الكلمة الافتتاحية للدكتورة حنان حسن بلخي، مديرة منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، في اجتماع التحالف الصحي الإقليمي بشأن تعزيز العمل في مجال الصحة العامة لمكافحة تعاطي مواد الإدمان PDF طباعة

01 حزيران/ يونيو 2025

المديرون الإقليميون الأجلاء،

الزملاء الأعزاء، والشركاء الكرام،

لا يزال تعاطي مواد الإدمان في إقليم شرق المتوسط يفتقر إلى الاهتمام الكافي والمعالجة الفعالة، رغم كونه من أخطر المشكلات الصحية العامة وأكثرها إلحاحًا.

فهو لا يهدد صحة الأفراد فحسب، بل يهدد أمن المجتمعات، وسلامتها، ورفاهها الاقتصادي أيضًا.

والتكلفة الإنسانية والاقتصادية للتعاطي باهظة للغاية. إذ يزيد تعاطي مواد الإدمان عبءَ اضطرابات الصحة النفسية، والتهاب الكبد، والسل، وفيروس العوز المناعي البشري. وفي بعض البلدان، تقترب التكلفة من 2% من الناتج المحلي الإجمالي بسبب التداعيات الناجمة عن التعاطي، التي تشمل التكاليف الصحية، وانتشار الجريمة، ونقص الإنتاجية.

وفي عام 2022، تعاطَى المخدراتِ ما يقدر بنحو 292 مليون شخص على الصعيد العالمي، أي 5.6% من السكان الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عامًا.

وفي إقليمنا، تعاطَى 6.7% من السكان المخدرات، وهي نسبة تفوق المتوسط العالمي. ويتفاقم العبء بشكل خاص في أوساط الشباب، إذ تشير التقارير إلى تعاطي 4.9% من شبان الإقليم القنب الهندي العام الماضي.

ومن المؤسف أن التغطية بالعلاج ما زالت منخفضة على نحو يبعث على القلق. ففي عام 2022، لم يتلقَّ العلاج سوى شخص واحد من كل 13 شخصًا ممن يعانون من الاضطرابات الناجمة عن تعاطي المواد في إقليم شرق المتوسط.

ويزيد تفاقمَ هذا الوضع حالةُ الوصم المحيطة بالمتعاطين والتفاوت في الحصول على الأدوية الأساسية، والإفراط في الاعتماد على التدابير العقابية.

ولسد هذه الثغرات، أطلقنا المبادرة الإقليمية الرئيسية لتسريع إجراءات الصحة العامة بشأن تعاطي مواد الإدمان، التي أقرتها اللجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية في دورتها الحادية والسبعين في عام 2024.

وتمثل هذه المبادرة تحولًا استراتيجيًّا نحو اتباع نهج الصحة العامة الذي يركز على الوقاية والرعاية والكرامة الإنسانية، من خلال العمل في ثلاثة مجالات رئيسية:

1. تعزيز الصحة والوقاية، لوقف بدء التعاطي وتهيئة بيئات داعمة خالية من الوصم.

2. تدخلات النُّظُم الصحية، أي إدماج علاج الاضطرابات الناجمة عن تعاطي المواد في حزم منافع التغطية الصحية الشاملة.

3. السياسات والتدخلات التنظيمية، من أجل دعم البلدان في اعتماد استجابات مسندة بالبيِّنات وتركز على الصحة.

وفي شباط/ فبراير 2025، اجتمعنا مع أكثر من 100 جهة من جهات المصلحة في أبو ظبي لإجراء حوار رفيع المستوى بشأن السياسات.

وقد أنشأنا منذ ذلك الحين فريقًا استشاريًّا استراتيجيًّا وتقنيًّا، ونحن بصدد إطلاق تحالف إقليمي لمنظمات المجتمع المدني لدعم التنفيذ وإعلاء أصوات الأشخاص من أصحاب التجارب الشخصية.

ولكن لا سبيل إلى النجاح إلا بالتعاون. فلا يمكن لقطاع منفرد أو جهة واحدة التصدي لمشكلة تعاطي مواد الإدمان والتغلب عليها دون مساعدة الآخرين.

وهنا يتجلى دور التحالف الصحي الإقليمي في تغيير قواعد اللعبة.

إذ يتيح التحالف، بوصفه منصة تعاونية تضم 18 وكالة من وكالات الأمم المتحدة، آلية حيوية لمواءمة الاستراتيجيات، وتنسيق الدعم التقني، وتعظيم تأثيرنا المشترك.

وبالنظر إلى تضاؤل الموارد وتزايد الاحتياجات، يتطلب إنجاز الكثير المطلوب بالقليل المتاح اتخاذ إجراءات استراتيجية موحدة.

واليوم، ألتمس منكم ثلاثة طلبات رئيسية:

المشاركة معنا لإضفاء الطابع المحلي على المبادرة من خلال إجراء حوارات وطنية بشأن السياسات وتنسيق البعثات القطرية للأمم المتحدة، مع ضمان المواءمة مع الأولويات الوطنية وترجمة الأهداف الإقليمية إلى إجراءات ملموسة.

التعاون بشأن خُطط عمل الدعم القُطري المشتركة والمزودة بالموارد (2025-2028) وخطة مشتركة لتعبئة الموارد لتأمين الموارد المالية والبشرية اللازمة للتنفيذ المستدام، بما في ذلك دمج التدخلات الخاصة بتعاطي مواد الإدمان في حزم منافع التغطية الصحية الشاملة.

دعم الجهود الوطنية لبناء القدرات من خلال تعزيز القوى العاملة الصحية ووضع أطر قوية للرصد والمساءلة.

لأننا، معًا، نستطيع إجراء تحوُّل شامل في أسلوب التصدي لتعاطي مواد الإدمان في الإقليم؛ بالانتقال من منطق العقاب إلى فلسفة الوقاية، ومن العمل الفردي إلى الشراكة الحقيقية، ومن تفتت الجهود إلى التناغم والتأثير الفعلي.

 
المزيد من المقالات...


الصفحة 2 من 120