الطوارئ الصحية لمنظمة الصحة العالمية | الأخبار | الصحة النفسيّة في حالات الطوارئ


الصحة النفسيّة في حالات الطوارئ

طباعة PDF

يُواجه الأشخاص الذين يتعرّضون لأعمال عنف أو نزاعات مُسلّحة خطراً مرتفعاً للغاية للإصابة بالضغوط أو الأمراض النفسية. وقد أفضت الكوارث الطبيعية والصراعات السياسية السائدة في إقليم شرق المتوسط إلى زيادة الحاجة إلى خدمات الصحة النفسيّة، لاسيّما للأشخاص الذين تعرّضوا لأعمال عنف أو شاهدوها، أو من أُجبروا على النزوح عن ديارهم. وفي المـُجمل، يتأثّر أكثرُ من 62 مليون شخص في الإقليم بحالات الطوارئ، من بينهم 5 ملايين لاجئ مازالوا داخل الإقليم، وما يزيد على 21 مليون شخص من النازحين داخلياً. ومن المـُتوقّع أن يُواجه عدد كبير من هؤلاء حالاتٍ تتعلق بالصحة النفسية. أما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون سلفاً من اضطرابات نفسية، فهم بحاجة الآن إلى مزيد من المساعدة أكثر من أي وقت مضى.

وعلى الرغم من ذلك، تواجه كثيرٌ من البلدان التي تشهد حالات طوارئ فجوةً بين احتياجات الصحة النفسية للسكان وبين تقديم خدمات وتدخلات الصحة النفسية. وتتسبّب مجموعات السكان الذين يعانون من الضغوط النفسية وسائر حالات الصحة النفسية في زيادة الطلب على الطواقم الطبية المـُجهدة بالفعل. ويُعد تعطُّل النُّظُم الصحية، وقلّة عدد إخصائيي الصحة النفسية المـُتوفّرين، ونقْص الأدوية نفسانية التأثير عقبات إضافية تحول دون تقديم خدمات الصحة النفسية في الأماكن التي تشهد حالات طوارئ.

وتُقدِّر منظمة الصحة العالمية أن سورياً واحداً من بين كل 30 سورياً يعاني من حالات نفسية وخيمة، من قبيل الاكتئاب الوخيم أو الذُّهان أو أي شكل مـُسبِّب للإعاقة من أشكال القلق، وأن سوريّاً واحداً من بين كل 5 سوريين يعاني من حالات نفسية متوسطة إلى معتدلة، من قبيل الاكتئاب المتوسط إلى المعتدل أو الاضطرابات الناجمة عن القلق.
وفي المـُجمل، يستفيد أكثر من 10.000 شخص من برنامج المنظمة المعني بالصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي كل شهر. وللمرة الأولى، أنشأت المنظمة وحدات للمرضى الداخليّين الذين يعانون من اضطرابات الصحة النفسية في المستشفيات العمومية في كل من دمشق وحماة واللاذقية. وتتوافر الأدوية نفسانية التأثير التي تُقدَّم عن طريق المنظمة على جميع مستويات الرعاية الصحية، غير أنها تنخفض وبشدة في المناطق المـُحاصرة والتي يصعب الوصول إليها، نظرا لإزالة هذا النوع من الأدوية من القوافل المشتركة بين الوكالات. http://www.emro.who.int/syr/syria-news/mental-health-care-in-syria-another-casualty-of-war.html
ويتجلى تأثير الصراع الدائر في اليمن على الأطفال في الرسومات وأعمال النحت التي يُنتجها الأطفال النازحون داخلياً، إذ يُعبّرون من خلال أعمالهم الفنية عما يلاقونه من أهوال الحرب. ويستمر نحو 40 إخصائياً نفسياً في التواجد داخل البلاد من أجل تقديم الخدمات لنحو 26 مليون شخص، من بينهم 3.1 مليون نازح داخلي. ويتركّز مُعظم الإخصائين في صنعاء، تاركين سكانُ المناطق الأخرى المتضررة من الحرب في البلاد من دون إمكانية للحصول على الرعاية.
وحتى الوقت الحالي، قامت المنظمة بتدريب 120 عاملاً صحياً كجزءٍ من خطة دمج الصحة النفسية في خدمات الرعاية الصحية الأولية في اليمن. كما تهدف المنظمة إلى بناء قدرات 200 عامل صحي في شتى ربوع البلاد.
وأفضت الأزمة التي لا تزال مُستعرة في العراق، فضلاً عن نزوح نحو 4 مليون شخص في الوقت الراهن، إلى زيادة الاحتياجات الصحية، بما في ذلك خدمات الصحة النفسية. وأوضحت الاستقصاءات الوبائيّة التي شملت المجموعات السكانية المتضرّرة من النزاع أن متوسط معدل الانتشار بلغ 15% للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الضغوط التالية للصدمات، بينما بلغ متوسط معدل الانتشار 17% للأشخاص الذين يعانون من اضطراب الاكتئاب الشديد. ويؤثر الذُّهان والاكتئاب الوخيم والاضطراب الناجم عن القلق المـُسبّب للإعاقة على نحو 3-4% من الأشخاص، بينما تؤثر الحالات المتوسطة إلى المعتدلة من الاضطرابات الناجمة عن الاكتئاب والقلق على 15-20% من الأشخاص.
وفي الأنبار (إحدى كبرى المحافظات العراقية التي تأوي أشخاصاً نازحين داخلياً)، كان النظام الصحي بعيداً عن مستوى التطور المناسب حتى قبل الأزمة الراهنة، مع ما كان يصحب ذلك من توافر محدود للموارد البشرية والبنية التحتية. وواجه النظام تحدياً كبيراً جرّاء الأزمة الحالية وافتقد إلى القدرة على إدماج الصحة النفسية في خدمات الرعاية الصحية الأولية. ولا يحصل كثير من مقدمي الرعاية الصحية على التدريب على التدبير العلاجي للاضطرابات النفسية المتوسطة إلى المعتدلة. وحتى قبل اندلاع الأزمة في الأنبار، كان هناك ثلاثة أطباء نفسيّين، وعدد قليل من الإخصائيّين النفسيّين وطواقم التمريض النفسية. وتعمل المنظمة مع السلطات الوطنية لإعطاء الأولوية إلى اعتماد نهج استراتيجي وطني يتضمن دمج الصحة النفسية في خدمات الرعاية الصحية الأولية.
تُقدِّر منظمة الصحة العالمية أن ثُلُث المتردّدين على مراكز الرعاية الصحية الأولية في قطاع غزة والضفة الغربية يعانون من مشكلات تتعلق بالصحة النفسية. ويرتفع معدل انتشار اضطراب الضغوط التالية للصدمات بشكل خاص بين الأطفال الفلسطينيين داخل فلسطين، حيث يعاني 30% من الأطفال الذين يشهدون نزاعات مسلحة وحوادث صادمة من اضطراب الضغوط التالية للصدمات، فضلا عن ارتفاع خطر الإصابة باضطرابات أخرى، كالأعراض الانفعالية أو العُصَاب. وفي العموم، لا يحصل الفلسطينيون الذين يعانون من مشكلات نفسية على تدخلات الصحة النفسية المناسبة. وفيما يتعلق بالجهود المبذولة لتوفير الرعاية الصحية النفسية المتكاملة المُتاحةً والقادرة على التصدي على نحو ملائم للزيادة في احتياجات السكان الفلسطينيين من خدمات الصحة النفسية وما يكتنفها من تعقيد، فهي محفوفة بالتحديات. وتشمل تلك التحديات غياب العاملين الصحيّين النفسيّين المـُدرّبين، وضعْف تنسيق استجابة الصحة النفسية في حالات الطوارئ، والنقْص المـُزمن في أدوية المؤثرات العقلية؛ وغياب برامج التدخل وإعادة التأهيل المناسبة طويلة الأمد والمتعلقة بالأشخاص المصابين بشكل من أشكال الاضطراب النفسي الوخيم.
وتؤدي مراكز الصحة النفسية المجتمعية دوراً متزايداً كأحد مقدّمي المستوى الأول للرعاية الأكثر تخصصاً. وتُواصل المنظمة تقديم الدعم لوزارة الصحة من أجل النهوض بمراكز الصحة النفسية المجتمعية (هناك 13 مركزاً من مراكز الصحة النفسية المجتمعية في الضفة الغربية و 6 مراكز مماثلة في قطاع غزة)، ودعم مشاركة المجتمع المدني لتقديم خدمات الصحة النفسية، والتصدي للوصم والتمييز ضد الأشخاص المصابين باضطرابات صحية نفسية. وقد شرعت المستشفيات النفسية في كل من قطاع غزة والضفة الغربية في تقديم خدمات إعادة التأهيل المرتكزة على نهج التعافي من العلاج للأشخاص المصابين باعتلالات نفسية وخيمة. وبالرغم من أن أعمال الإصلاح في المستشفيات النفسيّة في كل من غزة والضفة الغربية جارية على قدم وساق، فلا يزال يتعيّن القيام بالمزيد. وفي عام 2015، وُضعَت استراتيجيةٌ وطنيةٌ جديدةٌ للصحة النفسية في فلسطين 2015 - 2019، واْعتُمِدَت من أجل دمج تقديم التدخلات المـُسندة بالبيِّنات، للتعامل مع الحالات النفسية ذات الأولوية في الرعاية الصحية الأولية، يدعمها نظام للإحالة؛ وكذلك من أجل توسيع نطاق الرعاية الصحية النفسية المجتمعية؛ وضمان إيلاء تركيز خاص على التدخلات اللازمة للتعامل مع الصدمة والأزمات.
تمثل الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي مكونات أساسية من مكونات تقديم الخدمات الصحية، ولها عظيمُ الأثر في وقت الأزمات الإنسانية. وقبل وقوع حالة الطوارئ، وإبّان مرحلة التأهُّب، ينبغي دمج خدمات الصحة النفسية في نظام الرعاية الصحية الأولية. كما ينبغي إتاحة الدعم السيكولوجي والنفسي بشكل فوري للتعامل مع مشكلات نفسية مـُحدّدة ومُلحَّة كجزء من الاستجابة الصحية الأولية لحالة الطوارئ. وبينما تتعافى البُلدان من حالات الطوارئ، تصبح المجتمعات المحلية المتضررة بحاجة كذلك إلى الحصول على رعاية طويلة الأمد للصحة النفسية وذلك من أجل الحد من خطر التعرُّض لمجموعة واسعة من مشكلات الصحة النفسية، وإتاحة الفرصة للسكان كي يعيدوا بناء حياتهم ويُسهموا على نحو إيجابي في إعادة إعمار بلادهم.
وبالرغم من عِظَم التحديات، فقد تزايد توفير خدمات الصحة النفسية على نحوٍ واسعٍ في مرافق الرعاية الصحية الأولية والرعاية الصحية الثانوية في جميع أرجاء الجمهورية العربية السورية. وللمرة الأولى، تتوفر خدمات الصحة النفسية في أكثر من 150 مركزاً من مراكز الرعاية الصحية الأولية والرعاية الصحية الثانوية في 11 محافظة، بما في ذلك المحافظات الأشدُّ تضرراً من الأزمة الحالية. ويُقدِّم الخدماتِ نحو 1000 من المـُمارسين العموميّين غير المتخصّصين تحت إشراف إخصائييّن وطنييّن، وقد تلقوا جميعهم التدريب عبْر برنامج عمل المنظمة الخاص برأْب الفجوة في الصحة النفسية. وفضلاً عن ذلك، يُقدِّم فريق الإخصائييّن النفسييّن مجموعةً واسعةً من التدخلات العلاجية النفسية من خلال أفرقة متعددة التخصُّصات على مستوى الرعاية الصحية الأولية وعلى مستوى الرعاية الصحية الثانوية./p>

وتُقدِّر منظمة الصحة العالمية أن سورياً واحداً من بين كل 30 سورياً يعاني من حالات نفسية وخيمة، من قبيل الاكتئاب الوخيم أو الذُّهان أو أي شكل مـُسبِّب للإعاقة من أشكال القلق، وأن سوريّاً واحداً من بين كل 5 سوريين يعاني من حالات نفسية متوسطة إلى معتدلة، من قبيل الاكتئاب المتوسط إلى المعتدل أو الاضطرابات الناجمة عن القلق.


01/10 
start1 stop1 previous1 next1