تعزيز الصحة طيلة العمر

طباعة PDF

النهج الشامل لمراحل الحياة

يتناول نهج تعزيز الصحة طيلة العمر العوامل الأساسية التي تؤثر على الصحة مثل الأسرة، والشبكات الاجتماعية، والدعم الاجتماعي، والعلاقات، والعمل، ومستوى الدخل، والمعتقدات الصحية، وإتاحة الرعاية الصحية والمعلومات الصحية. ويشمل النهج كل مجالات عمل المنظمة، بما فيها صحة المرأة قبل الحمل وأثناءه، وبعده، وصحة حديثي الولادة والأطفال والمراهقين وكبار السن، مع الأخذ بعين الاعتبار المخاطر البيئية والمحددات الاجتماعية للصحة والمساواة بين الجنسين والإنصاف وحقوق الإنسان. وبتحديد المراحل الحاسمة طيلة العمر التي تؤثر على الصحة، يمكن إدراك الفرص السانحة لتعزيز الصحة والاستفادة منها على امتداد سلسلة الرعاية.

صحة الأمهات والأطفال والصحة الإنجابية

في عام 2016، وانطلاقاً من الإنجازات التي تحققت من خلال تنفيذ خطط تسريع وتيرة التقدُّم المحرز في مجال صحة الأمهات والأطفال في البلدان التي تنوء بعبء ثقيل من وفيات الأمهات والأطفال، انصب تركيز المنظمة، بالتعاون مع اليونيسف وصندوق الأمم المتحدة للسكان، على دعم الدول الأعضاء سعياً إلى معالجة الأسباب الرئيسية لوفيات الأمهات وحديثي الولادة والأطفال، وكان ذلك عبر إقرار تدخلات عالية المردود وشديدة التأثير وإعطاء الأولوية لجودة رعاية صحة الأمهات وحديثي الولادة وتعزيز النهوض بالرعاية السابقة للحمل.

وقدّم المكتب الإقليمي الدعم التقني للجهود المبذولة على الصعيد الوطني من أجل إعداد الخطط الاستراتيجية للصحة الإنجابية وصحة الأمهات وحديثي الولادة والأطفال والمراهقين. وجرى تحديد التوجهات الاستراتيجية ووضع خطط العمل من قِبل جميع الدول الأعضاء التي حضرت الاجتماع المشترك بين البلدان بشأن خطة عمل كل مولود في عمَّان، الأردن، في نيسان/أبريل عام 2016. ونظم المكتب الإقليمي حلقة عمل إقليمية عن تعزيز جودة الرعاية الصحية للأمهات وحديثي الولادة عُقدت في المغرب وشارك فيها ثمانية من البلدان التي تنوء بعبء ثقيل من وفيات الأمهات وحديثي الولادة. وتلقى المشاركون التدريب على استخدام الأدوات التي توفرها المنظمة من أجل تكوين رؤية سريعة عن الوضع الراهن على مستوى البلدان والمناطق، ومن بين تلك الأدوات قائمة مرجعية شاملة وإطار للتحليل. كما وضِعت خطط عمل لتعزيز جودة الرعاية الصحية للأمهات وحديثي الولادة، على أن يبدأ تنفيذها في عام 2017.

وشجّعت المنظمة الدول الأعضاء على إرساء الرعاية السابقة للحمل من أجل تحسين الحصائل الصحية للولادة، وحددت التدخلات والخطوات البرامجية الأساسية والإضافية المسنَدَة بالبيِّنات واللازمة لتيسير الجهود الرامية إلى تطوير الرعاية السابقة للحمل في البلدان. وباﻹضافة إلى ذلك، وضِعت المرتسمات القُطرية لتعزيز الجهود الوطنية في مجال الوقاية من الاضطرابات الخلقية والوراثية والتدبير العلاجي لها.

ولتحسين كفاءة القبالة تمشياً مع قواعد المنظمة ومعاييرها ومبادئها التوجيهية، عُقِدت حلقة عمل وطنية حول تعزيز استراتيجية القبالة في الصومال بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، وذلك في تشرين الأول/أكتوبر عام 2016. وقد ساعدت حلقة العمل على إعطاء الأولوية إلى التعامل مع الثغرات الرئيسية التي يلزم التصدّي لها بما يعزز برنامج القبالة في الصومال وإدماج التدخلات المسنَدَة بالبيِّنات في الاستراتيجية الوطنية للقبالة. ويجري التخطيط لعقد أنشطة مماثلة في ليبيا والمغرب وتونس من أجل تعزيز أطرها الاستراتيجية الوطنية لرعاية القبالة.

وعُقِد أيضاً اجتماع تشاوري، بالتعاون مع الفريق الاستشاري الإسلامي، وأكد الاجتماع على دور رجال الدين في إذكاء الوعي حول القضايا المتعلقة بالصحة الإنجابية وصحة الأمهات والأطفال، فضلاً عن التمنيع. ووضِعت خطة عمل تركز على الرضاعة الطبيعية والتمنيع والمباعدة بين الولادات والنظافة الشخصية والإصحاح وسلوك النساء في التماس العلاج (وبخاصة الأمهات الحوامل).

كما عٌقِدَت في تونس حلقة عمل تدريبية بشأن تعزيز خدمات تنظيم الأسرة من خلال المبادئ التوجيهية المسنَدَة بالبيِّنات وأفضل الممارسات، وحضرها 18 دولة عضواً، وهي الدول التي وضعت خطط عمل وطنية لضمان توفير خدمات جيدة لتنظيم الأسرة. ومن المتوقع أن يُسهِم بناء القدرات الوطنية في مجال تنظيم الأسرة إسهاماً كبيراً في حماية صحة الأمهات والأطفال وحديثي الولادة وتعزيزها. وعُقِدت مشاورة للخبراء في كانون الأول/ديسمبر عام 2016 للوقوف على التدخلات الأساسية في الصحة النفسية لإدماجها في برامج تقديم خدمات صحة الأمهات والأطفال والمراهقين.

وفيما يتعلق بصحة الطفل، أجريت استعراضات متعمقة للإدارة المتكاملة لصحة الأطفال في جمهورية إيران الإسلامية واليمن، وتم توثيق أربع قصص نجاح في تنفيذ الإدارة المتكاملة في الإقليم في إطار استعراض استراتيجي عالمي بهذا الشأن. وجرى طرح خيارات مبتكرة للتدريب على الإدارة المتكاملة لصحة الأطفال في الإقليم من خلال بناء قدرات الدول الأعضاء في أداة المواءمة الحاسوبية والتدريب والتعلم. وتلقى مُيسِّرون أساسيون من سبع دول من الدول الأعضاء المستهدفة التدريب في مجال رعاية حديثي الولادة في المنزل. وقدّمت المنظمة الدعم للدول الأعضاء لإعداد المكوّن الخاص بصحة حديثي الولادة والأطفال والمراهقين في الخطط الاستراتيجية للصحة الإنجابية وصحة الأمهات وحديثي الولادة والأطفال والمراهقين. كما تم تعزيز القدرات الإدارية لمديري صحة الأطفال على الصعيدين الوطني ودون الوطني في أفغانستان.

وتُقدِّم المنظمة الدعم التقني للدول الأعضاء لمواصلة التزامها بالصحة الإنجابية وصحة الأمهات وحديثي الولادة والأطفال والمراهقين، وبناء شراكات وثيقة مع وكالات الأمم المتحدة المعنية وأصحاب المصلحة الرئيسيين وتعبئة الموارد اللازمة للتغطية الصحية الشاملة للنساء والأطفال.

التغذية

يتواصل انتشار النقص في المغذيات الأساسية الزهيدة المقدار، مثل فيتامين (أ) والحديد وحمض الفوليك والزنك واليود، ما يسفر عن تأثيرات ضارة على بقاء الأطفال على قيد الحياة ونموهم وتطورهم، وكذلك على صحة المرأة وعافيتها. ويبلغ معدل انتشار التقزم والهزال ونقص الوزن على الصعيد الإقليمي 28% و9% و18% على التوالي، وتتحمل أفغانستان وجيبوتي وباكستان والسودان واليمن العبء الأكبر من التقزم، بيد أن العديد من البلدان تسير على الطريق صوب بلوغ الهدف الذي حددته جمعية الصحة العالمية لعام 2025 فيما يتعلق بالتقزم. ويبلغ معدل انتشار فرط الوزن والسمنة لدى البالغين في الإقليم 27% و24.4% على التوالي، و16.5% و4.8% على التوالي بين الأطفال في سن التعليم، مع تسجيل أعلى مستويات للسمنة في البحرين والكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة.

ولا تزال هناك حاجة في الإقليم إلى نُظُم الترصُّد الفعّال للتغذية ونُظُم الرصد والتقييم اللازمة لصنع القرارات والمساءلة والتنفيذ الفعّال للبرامج. ويمثل إدماج التغذية في النظم الصحية تحدياً في كثير من البلدان، لا سيما تلك البلدان التي تقل فيها إمكانية حصول السكان على الخدمات الصحية، ومنها الوقاية من الأمراض والعلاج وإعادة التأهيل، في حين أن الموارد المالية المتاحة محدودة للغاية. وتتفاقم هذه المشاكل في البلدان التي تعاني من الأزمات الإنسانية والصراعات.

وتمكّن معظم الدول الأعضاء في الإقليم حالياً إما من وضع خطط عمل وطنية أو مراجعتها تمشياً مع سياسات واستراتيجيات التغذية العالمية الخاصة بالمنظمة. كما أعدّ أكثر من 17 بلداً وثائق قانونية كاملة أو جزئية تتعلق بمدونة تسويق بدائل لبن الأم، غير أن التنفيذ لا يزال يشكِّل تحدياً. وفي عام 2016، تم التوسُّع في إعداد المبادئ التوجيهية الغذائية القائمة على الغذاء في الإقليم لتشمل أفغانستان ومصر وجمهورية إيران الإسلامية ولبنان وعُمان وقطر والمملكة العربية السعودية. وكانت مصر أول بلد بالإقليم يجري تحليلاً شاملاً لمدى استعداده لتسريع وتيرة العمل في مجال التغذية في إطار مشروع عالمي تدعمه منظمة الصحة العالمية واليونيسف.

وقد حققت البحرين ومصر والأردن والكويت وعُمان وقطر والمملكة العربية السعودية تقدماً هائلاً وتسير على الطريق الصحيح نحو القضاء بصفة دائمة على اضطرابات نقص اليود. وفي أفغانستان والجمهورية العربية السورية واليمن، قدّمت المنظمة الدعم لإرساء ترصُّد التغذية في المرافق الصحية وإدارة سوء التغذية الحاد في مراكز التغذية العلاجية من خلال أفرقة التغذية المتنقلة. وأصبحت باكستان والصومال والسودان واليمن أعضاءً في حركة تعزيز التغذية، ما يتيح فرصة هائلة لتحفيز العمل من أجل ضمان تقدم البلدان في مساعيها نحو بلوغ الغايات المرجوة من أهداف التنمية المستدامة، لا سيما الأهداف الأول والثاني والثالث. وتوجد حالياً برامج لتكميل الأغذية وإغنائها بالمغذيات الأساسية الزهيدة المقدار في كل بلدان الإقليم تقريباً.

ويعطي الإقليم الأولوية لوضع خارطة طريق للعمل من أجل التصدي لعوامل الخطر للأمراض غير السارية المرتبطة بالتغذية، من خلال الحد من تناول الملح والدهون. وستواصل المنظمة دعم اعتماد وتنفيذ عقد العمل من أجل التغذية (2016-2030) الذي أطلقته الأمم المتحدة، فضلاً عن تشجيعها لقيام الدول الأعضاء بتنفيذ استراتيجيات بشأن التصدي للعبء المزدوج الناجم عن سوء التغذية تنفيذاً منسَّقاً وشاملاً. وتعمل المنظمة مع الدول الأعضاء من أجل وضع إطار عمل للارتقاء بمستوى العمل بشأن التغذية، مع زيادة التركيز على التدخلات العالية المردود وتقديم الدعم التقني اللازم لتحديد غاياتها ورصد خطط العمل بها على الصعيد الوطني.

وسوف تواصل المنظمة توفير الخبرات التقنية على الصعيد القُطري في مجالات متخصصة، ومنها مثلاً اعتماد الصكوك القانونية التي تكفل تطبيق القواعد والمعايير الدولية على الصعيد الوطني والتدخلات المسنَدَة بالبيِّنات والانخراط في بناء القدرات للبلدان التي تنوء بعبء ثقيل في مجال الوقاية من سوء التغذية وعلاجها، ودعم البرامج التدريبية الوطنية في مجال رصد النمو الصحي، والوقاية من سوء التغذية لدى الأطفال دون سن الخامسة وعلاجها.

صحة الفئات الخاصة

واصلت المنظمة، في عام 2016، تقديم الدعم إلى البلدان فيما يتعلق بالشيخوخة والصحة، مع التركيز على وضع سياسات واستراتيجيات تشجع على التمتع بالصحة والنشاط في مرحلة الشيخوخة، وتقديم خدمات متكاملة تركز على الشخص وتلبي احتياجات المسنين، وتعزيز آليات الرصد والتقييم المسنَدَة بالبيِّنات لمعالجة أهم القضايا ذات الصلة بصحة المسنين. غير أنه في ظل الأزمات الإنسانية السائدة والموارد المالية المحدودة في العديد من البلدان، لم يتمكن سوى سبع بلدان من تخصيص أموال في الثنائية الحالية لدعم تنفيذ الأنشطة ذات الصلة.

وعملت المنظمة عن كثب مع السلطات المحلية في دولة الإمارات العربية المتحدة في مجال المدن المراعية للمسنين وقدّمت الدعم في تنظيم المنتدى الخامس لخدمات المسنين، الذي عقد في الشارقة في أيلول/سبتمبر. وقد أُعلِنت الشارقة منذ ذلك الحين مدينةً مراعية للمسنين وأصبحت عضواً بالشبكة العالمية للمدن المراعية للمسنين.

وسوف تواصل المنظمة دعم تنفيذ الاستراتيجية وخطة العمل العالميتين بشأن الشيخوخة والصحة 2016-2020 في البلدان. وستكون هناك حاجة إلى الشراكة الفعّالة والتنسيق بين أصحاب المصلحة المعنيين من أجل التغلب على محدودية الموارد في هذا المجال. وينبغي أن تكون الاحتياجات غير الملباة لكبار السن في بؤرة تركيز الجهود وبرامج الإغاثة في البلدان التي تشهد حالات الطوارئ.

‫العنف والإصابات والإعاقات‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

يمتلك إقليم شرق المتوسط ثاني أعلى معدلات الوفيات الناجمة عن التصادمات المرورية على الطرق (19.9 لكل 100 ألف نسمة) بين سائر أقاليم المنظمة. وتعدُّ البلدان المتوسطة الدخل مسؤولة عن الغالبية الساحقة من حالات الوفاة، بينما تمتلك البلدان المرتفعة الدخل في الإقليم معدّل وفيات إجمالي يزيد على ضعف متوسط المعدّل في البلدان المرتفعة الدخل على الصعيد العالمي. وقد بذلت البلدان جهوداً من أجل تنفيذ تدخلات مجرّبة عالية المردود، بيد أنها لا تتم في إطار نهج كامل لنظام السلامة، مما يحد من فاعليتها. وتوفر الغايات المتعلقة بالإصابات الناجمة عن التصادمات المرورية على الطرق في عقد العمل من أجل السلامة على الطرق 2011-2020 وأهداف التنمية المستدامة (الغايتان 6.3 و2.11) فرصاً هامة للبناء على الجهود التي تبذلها البلدان حالياً لتعزيز العمل الجماعي من أجل السلامة على الطرق في الإقليم.

وواصَلَت المنظمة، في عام 2016، الاضطلاع بدورها في وضع القواعد التقنية من خلال عملها على مختلف جوانب الوقاية من الإصابات الناجمة عن التصادُمات المرورية على الطرق ومكافحتها، وذلك بدءاً من جمع البيانات وحتى رعاية المصابين‎. وجرى تنظيم مشاورات للخبراء بهدف الحصول على مساهمات أهم الخبراء الإقليميين والعالميين في تعزيز العمل على الوقاية من الإصابات الناجمة عن التصادمات المرورية على الطرق والرعاية الطارئة في الإقليم. وأعدت المنظمة، بالتعاون مع كلية بلومبرغ للصحة العامة التابعة لجامعة جونز هوبكنز، تقريراً عن السلامة على الطرق في الإقليم يضم تحليلاً متعمقاً لعبء الإصابات الناجمة عن التصادمات المرورية على الطرق في الإقليم وعوامل الخطر ذات الصلة، مشفوعاً بتوصيات مقترحة للبلدان. وتم البدء في تنفيذ منهجية موحدة لتقدير تكلفة الإصابات الناجمة عن التصادمات المرورية على الطرق في الإقليم في بلدين (مصر وتونس)، كما تم الانتهاء من تقييم نظم الرعاية الطارئة القائمة في جمهورية إيران الإسلامية وليبيا وتونس. ووفرت المنظمة الدعم لمشاركة بلدان الإقليم في فعاليات سلامة الطرق عالمياً، وعُقِد اجتماع إقليمي بشأن الخدمات الأساسية للرعاية الطارئة على صعيدي الرعاية الأولية ومستشفيات الإحالة. ويتواصل العمل على إدماج الوقاية من الإصابات ومكافحتها في المبادرات الجارية. كما بدء التنفيذ التجريبي لأداة تقييم سياسة المنظمة لوقاية الأطفال من الإصابات في جمهورية إيران الإسلامية في إطار ممارسة عالمية في مختلف أقاليم المنظمة.

وفي مجال الوقاية من العنف، استمر التنسيق مع وكالات الأمم المتحدة المعنية وجامعة الدول العربية لضمان اتساق الرسائل واستمرار التنسيق المشترك بين الوكالات لتقديم الدعم التقني. كما تم الانتهاء من رسم خرائط بالبروتوكولات والمبادئ التوجيهية في القطاع الصحي التي تعنى بالتصدي للعنف ضد المرأة في البلدان، واستمر الدعم المركّز لتعزيز استجابة القطاع الصحي للعنف القائم على نوع الجنس في أفغانستان وباكستان. وبالتعاون مع برنامج الأمان الأسري الوطني بالمملكة العربية السعودية، جرى تنفيذ أداة تقييم مدى الجاهزية للوقاية من سوء معاملة الأطفال في بلدان مجلس التعاون الخليجي.

وأصدرت اللجنة الإقليمية القرار ش م/ل إ 63/ق-3 بشأن تحسين فرص الوصول إلى التكنولوجيات المساعدة، الأمر الذي كان بمثابة نقطة تحول بارزة في مجال الإعاقة وإعادة التأهيل. ونتيجة لذلك، شرعت المنظمة في إجراء تقييم سريع للوضع فيما يتعلق بتقديم التكنولوجيات المساعدة على مستوى المنظومة في بلدان الإقليم. وقد بدأ المسح النموذجي الذي تجريه منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي حول الإعاقة في باكستان وقطر، فيما وفرت المنظمة الدعم إلى عمان والسودان لوضع خطط عمل للإعاقة وتنفيذها، وإلى الجمهورية العربية السورية لتعزيز تقديم الخدمات الخاصة بإعادة التأهيل.

ويتراوح معدل انتشار العمى في البلدان بين 0.5% و1.5%، في حين توجد أعلى المعدلات في أفغانستان ومصر وجيبوتي والصومال واليمن. وتهدف خطة العمل العالمية للمنظمة بشأن توفير صحة العين للجميع للفترة 2014-2019 إلى دعم الجهود التي تبذلها الدول الأعضاء لتحقيق انخفاض قابل للقياس قدره 25% (مقارنة بعام 2010) في ضعف البصر الذي يمكن تجنبه بحلول عام 2019، مع التركيز بصفة خاصة على وضع خطط وطنية للعمل تتماشى مع إطار عمل منظمة الصحة العالمية لتعزيز النظم الصحية. وخلال عام 2016، عكفت أفغانستان ولبنان واليمن على وضع خطط عمل خمسية وطنية لصحة العين ونقحتها بما يتماشى مع خطة العمل العالمية، ما جعل مجموع البلدان التي وضعت خطط عمل وطنية في الإقليم حتى الآن 16 بلداً. وأعدت المنظمة قاعدة للبيانات استناداً إلى مؤشرات خطة العمل العالمية من أجل رصد تنفيذ خطط العمل الوطنية لصحة العين في بلدان الإقليم، بينما انتهت من تحديث المرتسمات القطرية الخاصة بصحة العين والأذن ورسم خرائط لانتشار التراخوما في البلدان المتوطن فيها المرض (أفغانستان ومصر وباكستان والصومال والسودان واليمن).

وأجريت تقييمات لحالة الخدمات الخاصة برعاية العين في سبعة بلدان، ولنظم معالجة اعتلال الشبكية السكري وداء السكري في ثمانية بلدان. وواصلت المنظمة بناء قدرات البلدان لإدماج صحة العين والأذن في برامج الرعاية الصحية الأولية وفي نظم المعلومات الصحية الوطنية، وتعزيز الدعوة المسنَدَة بالبيِّنات، والتخطيط لصحة العين والأذن كجزء من النظام الصحي العام. وهذا النهج معتمَد حالياً في معظم بلدان الإقليم .

ويُقدَّر معدل انتشار فقدان السمع المسبب للإعاقة في الإقليم بما يتراوح بين 2.7% و4.4%، وتبلغ نسبة البالغين منهم 91% ونسبة الأطفال 9%. ويمكن تجنب فقدان السمع في حوالي 50% من البالغين و60% من الأطفال من خلال الوقاية والكشف المبكر. وفي عام 2016، قدمت المنظمة الدعم إلى ثمانية بلدان (البحرين، وجيبوتي، والأردن، والكويت، والمغرب، وعُمان، وقطر، والمملكة العربية السعودية) وهي البلدان التي أجرت مسوحاً لتقدير معدل انتشار فقدان السمع، ولديها خطط وطنية لرعاية الأذن والسمع في مراحل مختلفة من الإعداد والتنفيذ، ولديها برامج لتحري الكشف عن فقدان السمع لدى المواليد وأطفال المدارس.

ويشكِّل عدم كفاية الموارد المالية والبشرية على الصعيدين القُطري والإقليمي أحد التحديات الرئيسية التي لا تزال تعوق العمل الفعّال من أجل التصدي للعنف والإصابات والإعاقات. وفيما يتعلق بالسلامة على الطرق والوقاية من الإصابات، فإن تفتت الجهود هو السمة السائدة نظراً لغياب نهج للسلامة يشمل المنظومة بأسرها، في حين أن التنسيق والعمل المتعدد القطاعات لا يستندان إلى آليات مستدامة. ولا يُعدُّ إنفاذ الأطر السياساتية والتشريعية وتنفيذها وتقييمها كافياً، بينما تعاني نظم البيانات من الضعف والتفتت، فضلاً عن نقص واسع النطاق في التبليغ. ولا تزال هناك فجوات كبيرة في خدمات الرعاية الطارئة التالية للإصابات ورعاية الإصابات الشديدة وإعادة التأهيل. وتشتمل التحديات المتعلقة بالإعاقة على إيجاد حيزٍ لمؤشرات صحة العين والأذن في نظم المعلومات الصحية الوطنية، وإدماج الرعاية الأولية للعين والأذن وتقديمها في إطار الرعاية الصحية الأولية. وتستمر أيضاً التحديات السياقية، والتي تشمل الأزمات وحالات ما بعد الأزمات في العديد من البلدان.

‫التثقيف الصحي وتعزيز الصحة‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

عدم كفاية النشاط البدني هو واحد من عوامل الوفاة العشرة الرئيسية على مستوى العالم، إذ يتسبب في وفاة نحو 3.2 مليون نسمة كل عام. ويحتل الإقليم المرتبة الثانية عالمياً من حيث أعلى معدل لانتشار الخمول البدني (31%)، وإن كان هناك تباين كبير عبر أنحاء الإقليم. وقد انصب التركيز في عام 2016 على بناء القدرات الوطنية في مجال إعداد خطط العمل الوطنية متعددة القطاعات المتعلقة بالنشاط البدني وخطط التسويق الاجتماعي والحملات الإعلامية. وأجرت المنظمة مسحاً لتقييم القدرات الوطنية في مجال إعداد السياسات والبرامج الخاصة بالنشاط البدني وتنفيذها، وتوسعت في نطاقه ليشمل 16 بلداً بدلاً من 12 بلداً. وفي محاولة للحد من ارتفاع مستويات الخمول البدني، نفذَّ 48% من بلدان الإقليم برنامجاً وطنياً واحداً على الأقل لتوعية الجمهور حول النشاط البدني في عام 2016. ويتمثل أكبر تحديين أمام البلدان في قدرتها المحدودة على تعبئة القطاعات غير الصحية لتنفيذ توصيات جمعية الصحة العالمية بشأن النشاط البدني، وعدم التنسيق بين مختلف القطاعات.

أما على الصعيد الإقليمي، كان التقدُّم الـمُحرَز في تنفيذ التوصيات المتعلقة بمكافحة الأغذية غير الصحية لدى الأطفال بطيئاً برغم الالتزام الواضح من البلدان، بينما شهد الإنفاق على ترويج الأغذية كثيفة الطاقة نمواً كبيراً في السنوات الأخيرة. وقد نفذ 19% فقط من بلدان الإقليم توصيات المنظمة المتعلقة بتسويق الأغذية والمشروبات غير الكحولية للأطفال.

وانطلاقاً من الشواغل التي أعرب عنها المشاركون في مناقشات الفريق الوزاري بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية والتي عُقِدَت أثناء الدورة الحادية والستين للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط في عام 2014، ومنتدى حول التسويق دون قيود للأغذية والمشروبات غير الصحية للأطفال والذي عُقِدَ في الأردن عام 2015، عُقِدَ اجتماع للخبراء لوضع اللمسات الأخيرة على خارطة الطريق الإقليمية لمواجهة التسويق دون قيود للأغذية والمشروبات غير الصحية للأطفال، كما شُرِع في تنفيذ مسح بشأن تسويق الأغذية.

المحددات الاجتماعية للصحة ونوع الجنس

شارك الإقليم في عام 2016 في الاجتماع التقني العالمي بشأن قياس الإجراءات المتعلقة بالمحددات الاجتماعية للصحة ورصدها استجابة لإعلان ريو السياسي بشأن المحددات الاجتماعية للصحة. وركّز الاجتماع، الذي عُقِدَ في حزيران/يونيو في أوتاوا بكندا، على تنسيق نظم الرصد واستعراض المؤشرات الأساسية التي اقترحتها المنظمة. وفي عام 2016 أيضاً، تمت ترجمة دليل التدريب الخاص بإدماج الصحة في جميع السياسات إلى اللغة العربية من أجل تحقيق أقصى استفادة منه في الإقليم، وبدأ بالفعل الإعداد لإجراء مشاورات إقليمية متعددة القطاعات بشأن إدماج الصحة في جميع السياسات. كما بدأت عُمان إجراء تقييم متعمق للمحددات الاجتماعية للصحة، كخطوة أولى في سبيل وضع خطط العمل الوطنية ودون الوطنية.

وشهد عام 2016 مواءمة أدوات المنظمة الخاصة بدعم إدماج المساواة بين الجنسين والإنصاف وحقوق الإنسان في السياسات والخطط الوطنية، وتجريب تلك الأدوات وتنفيذها. واستمر التعاون الوثيق مع وكالات الأمم المتحدة المعنية وجامعة الدول العربية من أجل تعزيز الصحة وحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين في العالم العربي، في حين جرى تجريب البروتوكولات والمبادئ التوجيهية بشأن العنف القائم على نوع الجنس في أفغانستان وباكستان، واشتمل ذلك على مواءمة أدوات المنظمة وبناء القدرات وتقييم مرافق الرعاية الصحية.

وتشمل التحديات المستمرة عدم كفاية كل من الموارد البشرية المخصصة لهذا الغرض والتمويل على الصعيدين الإقليمي والقُطري، وعدم ملاءمة القدرات الوطنية والأوضاع الأمنية، فضلاً عن الصراعات الدائرة في كثير من بلدان الإقليم.

‫الصحة والبيئة‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬‬

تُعَدُّ الصحة البيئية مجالاً ذا أهمية متزايدة للإقليم في ظل مساهمة عوامل الخطر البيئية، مثل تلوث الهواء والماء والتربة والتعرّض للمواد الكيميائية وتغيّر المناخ والإشعاع، في حدوث أكثر من 100 مرض وإصابة. وينعكس الأثر الصحي للمخاطر البيئية في كل من الأمراض السارية وغير السارية في جميع بلدان الإقليم، إذ تتسبب المخاطر البيئية في نحو 22% من إجمالي العبء المرضي. وأهم أسباب الوفاة المرتبطة بالصحة البيئية في الإقليم هي أمراض القلب، والسكتة، وعدوى الجهاز التنفسي، وأمراض الإسهال، وتصيب الفئات الأشد تأثراً، ومن بينها الأطفال وكبار السن. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 850 000 شخص يموتون قبل الأوان كل عام نتيجة للعيش أو العمل في بيئات غير صحية - أي نحو واحدة من بين كل 5 وفيات في الإقليم، وتقع 72% من هذه الوفيات نتيجة للأمراض غير السارية والإصابات.

ويعزى نحو نصف الوفيات المبكرة التي تسببها البيئة إلى تلوث الهواء، بينما يُعزى الباقي إلى التعرّض للمواد الكيميائية، ونقص المياه وخدمات الإصحاح، وغير ذلك من الأخطار البيئية. ويصل تلوث الهواء بالجسيمات إلى مستويات تبعث على القلق في العديد من مدن الإقليم، حيث يتنفس 98% من سكان المناطق الحضرية هواءً يتجاوز المستويات الآمنة لمنظمة الصحة العالمية بمقدار يصل إلى 12 ضعفاً، ما يؤدي إلى وقوع 400 000 وفاة سنوياً.

وفي عام 2016، وضعت بلدان عديدة خطط عمل وطنية لتنفيذ الاستراتيجية الإقليمية للصحة والبيئة وإطار العمل المتعلق بها (للفترة 2014-2019) واعتمدتها بلدان كثيرة، وكان لمنظمة الصحة العالمية دور فعال في وضع الصيغة النهائية لاستراتيجية الصحة والبيئة في المنطقة العربية (2017-2030). وأيدت جميع بلدان الإقليم خارطة الطريق العالمية بشأن الآثار الصحية لتلوث الهواء، في حين أبلغت 82 مدينة في 16 بلداً عن بياناتها الخاصة بنوعية الهواء إلى قاعدة بيانات المنظمة، ما يحسّن من تقديرات عبء الأمراض ويسلّط الضوء على الخصائص الإقليمية مثل تلوّث الغبار الطبيعي. وتم إعداد تقارير حالة عن المياه والإصحاح لجميع البلدان، إلى جانب المرتسمات القطرية عن العوامل التمكينية للمياه والإصحاح والصحة التي صدرت لأحد عشر بلداً.

وقد انعكست احتياجات الإقليم في العديد من الإجراءات المتخذة على الصعيدين العالمية والإقليمية، ومن بينها المبادئ التوجيهية لجودة مياه الشرب التي وضعتها المنظمة، والتوجيهات بشأن إدارة النشاط الإشعاعي، والاستراتيجية العالمية للمياه والإصحاح والصحة. ويجري حالياً إعداد موجز وافٍ بالمعايير الوطنية لجودة مياه الشرب. وقدمت المنظمة الدعم المعياري والتقني إلى البلدان بشأن إدارة جودة مياه الشرب والإصحاح/الاستفادة من مياه الصرف، كما وفرت التدريب مجال إدارة مأمونية المياه والإصحاح ومعالجة النفايات الكيميائية والسائلة في مرافق الرعاية الصحية.

وأعدت المنظمة مسودة لخطة عمل إقليمية لسلامة الغذاء لتمكين البلدان من تنفيذ التوصيات الصادرة عن تقييماتها الوطنية لسلامة الغذاء والمرتسمات الوطنية من أجل السيطرة على المخاطر والحد من عبء الأمراض المنقولة بالأغذية، ومن بينها الأمراض حيوانية المنشأ المرتبطة بسلامة الأغذية. كما عُقِدَت حلقة عمل تدريبية بهدف تحسين مختبر سلامة الغذاء، وتم الانتهاء من إعداد وثيقة توجيهية إقليمية بشأن القوانين واللوائح الخاصة بسلامة الغذاء. وقدمت المنظمة الدعم التقني أيضاً في مجال السلامة الكيميائية في الإقليم. وتلقى مشاركون من 12 بلداً في الإقليم التدريب على التخلص التدريجي من الزئبق في القطاع الصحي، وذلك في إطار العمل على معالجة الجوانب المتعلقة بالصحة البيئية لاتفاقية ميناماتا بشأن الزئبق.

ويتفاقم تأثير المخاطر البيئية ونقص الخدمات الصحية البيئية على معدلات المراضة والوفيات أثناء الطوارئ. ويتطلب التصدي للجوانب الصحية البيئية لحالات الطوارئ من المنظمة أن تتعاون مع جميع البلدان من أجل الاستثمار في تقييم أوجه الضعف والمخاطر والتأهب والاستجابة والتخطيط للتعافي.

وفي عام 2016، اضطلعت المنظمة ببناء القدرات في مجالات المياه والإصحاح والصحة والسلامة الكيميائية وسلامة الغذاء وإدارة النفايات في البلدان التي تعاني تحت وطأة الطوارئ والبلدان المجاورة لها، ونظمت حلقة عمل تدريبية تقنية حول خدمات الصحة البيئية في حالات النزاع للعاملين الصحيين السوريين وموظفي الأمم المتحدة، كما أجرت المنظمة تقييماً ميدانياً للآثار الصحية البيئية للأزمة في الجمهورية العربية السورية، وأصدرت تقريراً شاملاً يتضمن توصيات عملية. وقدمت المنظمة أيضاً الدعم التقني والإمدادات الطارئة إلى البلدان للتصدي لفاشيات الكوليرا، وإلى الجمهورية العربية السورية لتأمين مصادر مياه الشرب وآبار المياه الجوفية بالقرب من مرافق الرعاية الصحية.

وتلقى العاملون الصحيون والمستجيبون الأوائل التدريب على التعرض للمواد الكيميائية ورعاية الإصابات الشديدة، كما أتيحت صحائف الحقائق حول التعرّض للمواد الكيميائية باللغات المحلية للبلدان التي تشهد نزاعات. وقدمت المنظمة، علاوة على ذلك، الدعم التقني لمساعدة عدة بلدان في الاستجابة لحالات تلوث الهواء، واشتمل ذلك على إجراء تقييم للأثر الصحي لإحدى المناطق الصناعية الإسرائيلية على السكان الفلسطينيين (بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة).

وعلاوةً على ذلك، يتسبب تغيُّر المناخ في مخاطر شديدة على الصحة العامة، ولكنها مخاطر يمكن تجنبها. وفي الإقليم، يتسبب تغير المناخ في موجات حرارية وفيضانات وموجات جفاف، وعواصف ترابية أكثر تواتراً وأكثر كثافة. وتظهر آثاره في زيادة معدلات المراضة والوفيات، بما في ذلك أمراض الجهاز التنفسي المنقولة بالهواء، والأمراض المنقولة بالماء والأغذية، والأمراض المنقولة بالنواقل، وسوء التغذية، والإجهاد الحراري والإصابات المهنية. وشارك المكتب الإقليمي مشاركة فعالة في التحضير للدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في مراكش بالمغرب والمؤتمر العالمي الثاني المعني بالمناخ والصحة الذي عقدته منظمة الصحة العالمية في باريس بفرنسا. ووضعت ثمانية بلدان، بدعم من المنظمة، مرتسمات وطنية بخصوص المناخ والصحة والتعامل مع شدة التأثر بتغير المناخ والتكيّف معه وتخفيف حدة الآثار الناجمة عنه.