تعزيز الصحة طيلة العمر

طباعة PDF

صحة الأمهات والأطفال والصحة الإنجابية

لا تزال وفيات الأمهات والأطفال تُمثِّل مشكلة كبيرة من مشكلات الصحة العمومية في الإقليم. ويُسهِم عدد من العوامل العامة في العبء المرتفع لوفيات الأمهات والأطفال الذي ينوء به بعض البلدان. ومن هذه العوامل غياب الالتزام المستدام بصحة الأطفال والأمهات؛ وأوجه الضَعف التي تعتري النُظُم الصحية والتي تشوب إدارة برامج صحة الأمهات والأطفال، والكوارث الطبيعية وتلك التي من صنع الإنسان، والقلاقل السياسية؛ والاستغلال دون الأمثل للموارد البشرية والمالية المحدودة أصلاً. كما تُؤثِّر التحدِّيات التي تواجه النُظُم الصحية، وأشار إليها القسم السابق، تأثيراً حاداً على تقديم الرعاية الصحية إلى الأمهات والأطفال. وتواجه البلدان التي ترتفع بها معدلات وفيات الأمهات والأطفال تحدِّيات كبرى منها عدم كفاية أعداد القوى العاملة في الصحة، وعدم التوازن في توزيعها، وقصور التدريب المُقدَّم إليها، وارتفاع معدلات تغيير الموظفين على كل المستويات. وهناك تحدِّيات كبرى أخرى تتمثل في تعطُّل نُظُم الإحالة أو قصورها، وغياب رعاية الطوارئ بالأمهات والأطفال أو تدني جودتها في مستشفيات الإحالة، والتوافر المحدود للأدوية الأساسية، وهو ما يرتبط ارتباطاً مباشراً بسهولة الحصول على الخدمات وجودتها.

وإدراكاً منها بوجوب تعزيز الجهود التي تبذلها الحكومات، والشركاء، والجهات المانحة للاستجابة إلى الاحتياجات الصحية للأمهات والأطفال بالإقليم، فقد شرعت منظمة الصحة العالمية ومنظمة اليونيسف وصندوق الأمم المتحدة للسكان، بالتعاون مع البلدان وسائر الأطراف المعنية، في مبادرة إقليمية لإنقاذ أرواح الأمهات والأطفال بُغْيَة تسريع وتيرة التقدُّم المحرَز صوب بلوغ الهدفين الرابع والخامس من الأهداف الإنمائية للألفية. وكان محور التركيز الاستراتيجي المعتمد لهذه المبادرة متمثلاً في إعطاء الأولوية للبلدان ذات معدلات وفيات الأمهات والأطفال المرتفعة، وفي التركيز على التدخلات المجرَّبة وعالية التأثير المنفذة على مستوى الرعاية الصحية الأولية، وأخيراً في تعزيز إقامة الشراكات.

وتُركِّز المبادرة على البلدان التي ترزح تحت عبء مرتفع من معدلات أمراض ووفيات الأمهات والأطفال؛ وهذه البلدان هي: أفغانستان، وباكستان، والجمهورية اليمنية، وجنوب السودان1 ، وجيبوتي، والسودان، والصومال، والعراق، ومصر، والمغرب. وأُطلِقَت المبادرة في اجتماع رفيع المستوى في دبي، بالإمارات العربية المتحدة، في كانون الثاني/يناير 2013، وخرج هذا الاجتماع بإعلان دبي. ويعطي هذا الإعلان قوة دفع لجميع الدول الأعضاء، ويُبيِّن الخطوات المستقبلية التي يمكن للبلدان اتخاذها في هذا الشأن.

ووضِعَت مرتسمات قُطرية لكل بلد من البلدان ذات العبء المرتفع من وفيات الأمهات والأطفال، مشفوعة بتقدير للآثار الصحية المحتملة، والتقدُّم المُنجَز صوب بلوغ غايات الهدفين الرابع والخامس من الأهداف الإنمائية للألفية، وتوسيع نطاق التغطية بالتدخلات الرئيسية، وتقدير الموارد المالية اللازمة لهذه التدخلات الموسَّعة. وقدَّمَت المنظمة، بالتعاون مع اليونيسف وصندوق الأمم المتحدة للسكان، الدعم التقني إلى البلدان المعنية لإعداد خطط تسريع وتيرة التقدُّم في صحة الأمهات والأطفال، بما في ذلك عَقْد اجتماع للشركاء، ورصد عملية إعداد الخطط والشروع في خطوات إطلاق هذه الخطط في البلدان. وبحلول نهاية 2013، أُطلِقت خطط تسريع وتيرة التقدُّم في أربعة بلدان.

وللحفاظ على الزخم الذي أوجده الاجتماع الرفيع المستوى، تبنَّت اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط قراراً (ش م/ل إ60/ ق6) اعتمدت بموجبه إعلان دبي، وحثَّت فيه البلدان التي ترزح تحت عبء مرتفع من وفيات الأمهات والأطفال على: تقوية الشراكات المتعددة القطاعات من أجل تنفيذ خطط تسريع الوتيرة الوطنية الخاصة بها؛ وتخصيص الموارد البشرية والمالية الوطنية اللازمة؛ والعمل على حشد موارد إضافية من الجهات المانحة والشركاء والوكالات الإنمائية. وخصص المكتب الإقليمي 2.6 ملايين دولار أمريكي للتسريع ببدء تنفيذ هذه الخطط، ووزِّعت الاعتمادات المالية على جميع البلدان التي تحظى بالأولوية في ما يتعلق بالهدفين الرابع والخامس من الأهداف الإنمائية للألفية.

وقد تابع المكتب الإقليمي عن كثب تنفيذ خرائط الطريق التي وضعتها اللجنة المعنية بالمعلومات والمساءلة عن صحة المرأة والطفل، ويدعم تنفيذها في البلدان التي تحظى بالأولوية. وتم التحقُّق مع المقرّ الرئيسي للمنظمة من صحة خرائط الطريق السبع (أفغانستان، وباكستان، والجمهورية اليمنية، وجيبوتي، والصومال، والعراق، والمغرب)، ووزِّعت اعتمادات تحفيزية بناءً على ذلك.

وسوف ترصُد المنظمة التقدُّم في تنفيذ المبادرة الإقليمية لإنقاذ أرواح الأمهات والأطفال، بما يتماشى مع التوصيات الواردة في إطار المساءلة الذي وضعته اللجنة المعنية بالمعلومات والمساءلة عن صحة المرأة والطفل، وسوف ترفع تقريراً سنوياً إلى اللجنة الإقليمية حول التقدُّم في تنفيذ المبادرة. وسوف تُقيِّم المنظمة، بالتعاون مع الشركاء، النتائج التي تُسفِر عنها خطط تسريع الوتيرة. وسينبغي في الوقت ذاته توسيع نطاق عمل المنظمة حتى تقدم الدعم التقني للبلدان التي ترزح تحت عبء مرتفع من معدلات أمراض ووفيات الأمهات والأطفال.

التغذية

انخفض معدل الانتشار المقدَّر للتقزم ونقص الوزن بين الأطفال دون الخامسة من 40,4% و22,6% في 1990 إلى 27,2% و14,4% في 2011 على التوالي، مع تسجيل أكبر مستوى للتحسن في دول مجلس التعاون الخليجي وجمهورية إيران الإسلامية والأردن ولبنان وفلسطين وتونس، بينما زاد معدل الانتشار المُقدَّر للهُزال من 9,6% في عام 1991 إلى 10,1% في عام 2011، وهي زيادة تعزى إلى الكوارث وانعدام الأمن الغذائي وانتشار القلاقل السياسية في أفغانستان وباكستان وجيبوتي والجمهورية العربية السورية والصومال والعراق واليمن.

لا يزال عَوَز المغذيات الزهيدة المقدار (الحديد، وفيتامين أ، واليود) يمثل مشكلة صحية هامة، إذا تشير الدراسات التي أجريت في 2012-2013 إلى خلو أربعة بلدان حالياً (البحرين، والأردن، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة) من عَوَز اليود، بينما يُتوقع أن تُظهِر المسوح الجارية في ثلاثة بلدان أخرى (الكويت، وعُمان، وقطر) نتائج مماثلة، وسوف يسهم ذلك في تغيير خارطة عَوَز اليود. وهناك سيطرة كبيرة على عَوَز فيتامين أ السريري، وذلك بفضل البرامج الحالية للمكملات الغذائية وإغناء الطعام. ويتمثل أحد التحدِّيات التي ما فتئت تواجه عملية إغناء الطحين الإلزامي باليود وحمض الفوليك في كل البلدان تقريباً لمعالجة فقر الدم، ولكن تشير التقارير إلى إحراز تأثير إيجابي لهذا الإغناء في كل من البحرين والأردن.

وهناك العديد من التدخلات التغذوية المستهدفة التي تأتي في إطار خطط تسريع الوتيرة لبلوغ الهدفين الرابع والخامس من الأهداف الإنمائية للألفية في البلدان التي ترزح تحت وطأة العبء المرتفع من وفيات الأطفال والأمهات، ومن بين هذه التدخلات تقديم مكملات حمض الفوليك والحديد، وإنشاء مراكز تغذية لمعالجة حالات سوء التغذية الوخيمة والمعقدة في أفغانستان وباكستان واليمن. وفي العراق، تشمل التغطية حوالي 90% من حالات سوء التغذية الوخيمة والحادة في جميع أنحاء البلاد. ويتم على أحسن وجه حالياً التوسع في تدخلات التغذية، بما في ذلك بناء قدرات العاملين المجتمعيين والصحيين وتدريبهم، بالتنسيق مع اليونيسف، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو). وقدَّمَت منظمة الصحة العالمية الدعم التقني لباكستان واليمن بموجب مبادرة "تعزيز التغذية"، التي تعمل على حشد الموارد الإضافية من الحكومات ومن الجهات المانحة، بينما تتلقى أفغانستان الدعم بموجب مبادرة "الجهود المتجددة لمكافحة جوع الأطفال".

ويسهم انخفاض مستويات الاقتصار على الرضاعة الطبيعية (أقل من 34%) وتدني ممارسات التغذية لحديثي الولادة والأطفال في زيادة معدل انتشار فرط الوزن والسمنة. وهناك بعض البلدان، مثل البحرين، تقوم بإدماج التغذية ورصد النمو في عيادات الصحة الأولية لمعالجة السمنة في مرحلة عمرية مبكرة. وأُنشئت المستشفيات الصديقة للأطفال في الكثير من البلدان بهدف تشجيع الرضاعة الطبيعية. ومع ذلك، فبعد مرور 33 عاماً على اعتماد المدونة الدولية لقواعد تسويق بدائل لبن الأم في عام 1981، لم يُصدر سوى 7 بلدان (32%) من إجمالي 22 بلداً قوانين تعكس جميع الأحكام الواردة في المدونة، بينما أصدر 11 بلداً قوانين تعكس بعض هذه الأحكام. وقد أُعد بيان للسياسات وخطة عمل إقليميان للحث على التنفيذ الكامل للمدوَّنة، وتشجيع الرضاعة الطبيعة في جميع البلدان. ومن هنا، ينبغي الحرص على مواصلة إجراءات المتابعة خلال الأعوام القادمة.

التشيخ وصحة الفئات الخاصة

تُعتَبر تدخلات تعزيز الصحة والتدخلات الوقائية، التي تُنفَّذ في فترة مبكرة من العمر، استثمارات عالية المردود للغاية في صحة أطفال المدارس، والبالغين العاملين، وكبار السن. وواصل المكتب الإقليمي تقديم الدعم إلى المدارس التي تُعزِز الصحة في الإقليم عن طريق وضع مرتسمات قُطرية، وإعداد قواعد بيانات إقليمية في سبعة بُلدان. وتم الانتهاء من صياغة دليل إقليمي بالتدابير المُقتَرحة في خدمات الصحة المدرسية، كما أُعِدت الطرق والمنهجيات الرامية إلى إضفاء الطابع المؤسسي على تعزيز الصحة النفسية في المدارس.

وفي إطار الجهود الإقليمية لتنفيذ خطة العمل العالمية بشأن صحة العاملين، قدَّم المكتب الإقليمي الدعم التقني إلى العديد من البلدان، إلا أن هناك حاجة لرؤية جديدة واستراتيجية شاملة، وسيكون ذلك محور العمل في عام 2014. ومع تزايد أعداد كبار السن وتشكيلهم نسبة أكثر وضوحاً ضمن عموم السكان، أصبحت الحاجة ماسة إلى وضع استراتيجيات أفضل لتلبية الاحتياجات الصحية والاجتماعية الخاصة بكبار السن. وقدَّم المكتب الإقليمي الدعم التقني إلى البلدان لإيجاد بيئات مواتية، ومواقع مُعزِّزة للصحة، وأنماط حياة صحية لجميع الفئات العمرية. ورُوجِعَت مسودة دليل إقليمي للتدريب على خدمات الرعاية الصحية الأولية لكبار السن في مشاورة إقليمية حول خدمات الرعاية الصحية الملائمة للمسنين.

العنف والإصابات والإعاقات

انطلقت في 2013 الخطة الإقليمية الخمسية للوقاية من الإصابات، وتُركِّز هذه الخطة على رعاية الإصابات والرضوح الناجمة عن التصادمات المرورية. ومع إصدار التقرير العالمي عن حالة السلامة على الطرق 2013، الذي شمل معظم بلدان الإقليم، وُضِع خط الأساس لرصد عِقد العمل من أجل السلامة على الطرق 2011-2020. واحتفل الكثير من البلدان بأسبوع الأمم المتحدة الثاني للسلامة على الطرق، والذي ركَّز على سلامة المشاة، كما أُعِدَّت أداة تجريبية لرسم ملامح أنظمة الرعاية بالرضوح. واستُكمِل المسح الخاص بالتقرير العالمي للوقاية من العنف في 88% من البلدان المشاركة في هذا التقرير. وفي السنتين 2014-2015، سوف يوضع تركيز أكبر على دعم وزارات الصحة للإيفاء بالأدوار المتوقعة منها في إطار استجابة أوسع نطاقاً في مجالات الوقاية من العنف والإصابات والإعاقة التأهيل.

وصِيغت مسودة قانون نموذجي للإعاقة في ضوء اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. وأُعلِن بموجب بيان إقليمي مشترك للأمم المتحدة بشأن الإعاقة أثناء الكوارث، الالتزام بتكثيف الجهود المبذولة لدمج الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع السياسات والبرامج الرامية إلى الحدّ من مخاطر الكوارث، ومواجهة الحالات الإنسانية. كما ساهمت الدول الأعضاء في اجتماع الأمم المتحدة الرفيع المستوى حول الإعاقة والتنمية، وفي إعداد خطة العمل العالمية لمنظمة الصحة العالمية بشأن الإعاقة.

ولا يزال الإقليم يواجه تحدِّيات في مواجهة ضعف الإبصار والسمع، من أهمها غياب الدعم السياسي، وانخفاض مستوى الوعي بجسامة المشكلة، ونقص الموارد المالية. إلا أنه وبعد اعتماد جمعية الصحة العالمية لخطة العمل العالمية للوقاية من العمي الذي يمكن تجنبه 2014-2019، وضع أربعة بلدان خططاً وطنية خمسية لصحة العين. وقد تم مؤخراً تعيين عاملين ذوي خبرة في مجال الوقاية من العمى بالتعاون مع مؤسسة "إمباكت" لإقليم شرق المتوسط بغرض تعزيز الدعم التقني المقدم للبلدان ذات العبء المرتفع.

التثقيف الصحي وتعزيز الصحة

انصَب اهتمام التثقيف الصحي وتعزيز الصحة في 2013 على تحسين صحة السكان طيلة العمر، ولاسيَّما صحة الأطفال والمرأة والمراهقين، والأمراض غير السارية. وعُقِدت مشاورة مع العلماء المسلمين لمناقشة الممارسات الضارة بالمرأة، كان من ثمارها إبرام اتفاقية مع المركز الدولي الإسلامي للدراسات والبحوث السكانية، بجامعة الأزهر، مصر، ووضع خطة عمل مشتركة لتنفيذها في البلدان ذات الأولوية في الإقليم. وسوف يقودنا ذلك في عام 2014 إلى مراجعة الأدبيات المؤلَّفة حول التجارب الدولية والإقليمية في مجال التصدِّي لزواج الأطفال والعنف القائم على النوع الاجتماعي، بما في ذلك تشويه الأعضاء التناسلية للمرأة، وإعداد حِزم تدريبية ومنهج دراسي لطلاب جامعة الأزهر.

ووسّعت المنظمة، بالتعاون مع مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها، في أتلانتا، الولايات المتحدة الأمريكية، من نطاق تنفيذ المسح العالمي لصحة طلاب المدارس في العديد من البلدان التي لم يشملها المسح قبل ذلك، كما أجرت جولات جديدة للمسح في بلدان أخرى. وتسهم هذه المسوح في تزويد البلدان ببيانات قابلة للمقارنة حول عوامل الخطر السلوكية بين طلاب المدارس يمكن الاسترشاد بها في إعداد سياسة وبرامج تعزيز الصحة للمواقع المدرسية. وأُطلِق برنامج إقليمي لتعميم مراعاة تعزيز الصحة في وسائل الإعلام، وسوف يستهدف هذا البرنامج الارتقاء بقُدُرات الصحفيين في تغطية القضايا الصحية، وإقامة الشبكات في هذه الشأن. ويتواصل تنفيذ البرنامج بالتعاون مع مؤسسة تومسون رويترز ووكالة الأنباء الفرنسية.

المُحدِدات الاجتماعية للصحة والنوع الاجتماعي

الفقر والتوزيع غير العادل للموارد بين سكان الحضر وسكان الريف من المُحدِدات الاجتماعية الرئيسية للصحة في الإقليم. وتتعرض المجموعات الأكثر تأثراً، مثل الفقراء، والأمهات اللاتي يُعلن أسرهن، واللاجئين، لخطر أوجه الجور في المجال الصحي أكثر من المجموعات السكانية الأخرى.

ولا تزال مبادرات التعامل مع المحددات الاجتماعية للصحة والنوع الاجتماعي في القطاع الصحي تعتمد على النهج الرأسي أكثر من النُهُج البرمجية المتكاملة. وهناك تحدِّيات أخرى منها عدم كفاية البيانات المُصنَّفة حسب الجنس، والحاجة إلى مواصلة العمل المتعدد القطاعات، ونقص القُدُرات اللازمة لتعميم مراعاة المُحدِدات الاجتماعية للصحة والنوع الاجتماعي في البرامج والسياسات والاستراتيجيات الصحية. وقد تعاونت المنظمة مع الدول الأعضاء في العديد من المبادرات التي تتناول المحددات الاجتماعية للصحة، ولكن لا يوجد حتى الآن رؤية شاملة ملموسة لخطة إقليمية عملية التوجُّه. وقرر عدد كبير من البلدان إعطاء هذا المجال من مجالات العمل الأولوية في البرنامج التعاوني مع منظمة الصحة العالمية في عام 2014 والأعوام التالية، وقد بدأ العمل على إعداد خطة العمل. ونأمل أن نعد تقريراً إيجابياً عن نتائج هذا العمل في التقرير السنوي للعام القادم.

الصحة والبيئة

على الرغم من تفاوت بلدان الإقليم في مستوى الدخل، والتنمية، والصحة والظروف البيئية، تتمايز المجموعات الثلاثة التي صُنِّفَت إليها بلدان الإقليم في ما بينها تمايزاً واضحاً. فالمجموعة الأولى تشمل البلدان ذات الدخول المرتفعة، والتي تتمتع بخدمات جيدة في مجال صحة البيئة، وتُؤثِّر فيها المخاطر البيئية تأثيراً مباشراً على الأمراض غير السارية. أما المجموعة الثانية فتشمل البلدان المتوسطة الدخل، والتي تجتهد بها خدمات الصحة البيئية وتنوء بعبء مزدوج من المخاطر البيئية التي تُؤثِّر على الأمراض السارية وغير السارية على حد سواء. بينما تشمل المجموعة الثالثة البلدان المنخفضة الدخل التي لا تتوافر بها خدمات أساسية كافية في مجال الصحة البيئية، وتُؤثِّر فيها المخاطر البيئية تأثيراً جلياً على الأمراض السارية في المقام الأول.

واعتمدت اللجنة الإقليمية استراتيجية للصحة والبيئة في الفترة 2014-2019، وتُقدِّم هذه الاستراتيجية خارطة طريق لمجموعات البلدان الثلاثة تهدف إلى حماية الصحة من المخاطر البيئية في الإقليم. وتُبين هذه الاستراتيجية الإجراءات الضرورية لتقليل العبء الهائل للمخاطر البيئية، والتي تشير التقديرات إلى أنها تسبِّب ما يقرب من 24% من إجمالي العبء المرضي، بالإضافة إلى أكثر من مليون حالة وفاة سنوياً على مستوى الإقليم. والتحدي حالياً هو أن تترجم البلدان هذه الاستراتيجية إلى خطط عمل وطنية، وأن تقوم المنظمة برصد التقدُّم المحرَز.

ولتعزيز قدرات المنظمة في تقديم الدعم التقني للدول الأعضاء، أُجرِي إصلاح تنظيمي وهيكلي عُهِد بموجبه إلى المركز الإقليمي لأنشطة صحة البيئة بالإدارة الشاملة للبرنامج البيئي الإقليمي في إقليم شرق المتوسط اعتباراً من 2013. وقام المركز بأنشطة في مجالات جودة مياه الشرب، وإعادة استخدام مياه الصرف، وإدارة السلامة، وطوارئ الأخطار الكيميائية، وجودة الهواء، والتغير المناخي، وإدارة مخلفات الرعاية الصحية، واستراتيجيات صحة البيئة، وإدارة معلومات صحة البيئة. وقد قُدِّم الدعم التقني في مجال صحة البيئة في عدد من حالات الطوارئ، لاسيّما الأزمة السورية، كما تم تعزيز القُدُرات في مجال التأهب للأحداث الكيميائية في الإقليم والاستجابة لمقتضياتها. كما قدَّم المكتب الإقليمي الدعم لمساعدة البلدان على الوفاء بمتطلبات القُدُرات الأساسية اللازمة لتنفيذ اللوائح الصحية الدولية (2005) في ما يتعلق بسلامة الغذاء، والأحداث الكيميائية والنووية الإشعاعية.

وأجرى المركز الإقليمي لأنشطة صحة البيئة، دراسة بحثية رائدة لإعداد بيِّنات علمية حول الحدّ الأدنى من الاحتياجات من المياه المنزلية اللازم لحماية الصحة في استجابة من المركز لطلبات عدد من الدول الأعضاء. كما أجريَت دراسة شملت 2851 أسرة وبحثت الارتباط بين استهلاك المياه المنزلية والإصابة بالإسهال بين الأطفال دون سن الخامسة. وتقدم نتائج الدراسة البيّنات للاسترشاد بها في إعداد السياسات الوطنية و/أو الأدوات التشريعية لأهداف الخدمة والدعم من أجل تأمين الحدّ الأدنى من الاحتياجات من المياه المنزلية اللازم لحماية الصحة. وينبغي تكرار الدراسة في مواقع مختلفة لإعداد مزيد من البيّنات، وصياغة توصية بالتوجيهات من المنظمة.


1 أصبحت جنوب السودان دولة عضواً في الإقليم الأفريقي لمنظمة الصحة العالمية اعتباراً من أيار/مايو 2013.