" ليبيا: كارثة مفجعة "

WHO and partners organized a workshop to build national rapid response capacities for a timely and effective national response to diseases in Egypt

WHO provided immediate technical support to Pakistan during the devasting floods that affected the country in 2022

WHO built critical care capatices in Yemen through providing a training course for doctors and nurses in a practice centre and intensive care unit

WHO and partners conducted training on influenza and SARS-CoV-2 genetic sequencing in Oman

WHO supported Lebanon to strengthen its cholera epidemiological surveillance to better monitor the outbreak and inform the cholera response


مع مرور أسبوعين على اجتياح إعصار دانيال لليبيا، فإن حجم الدمار الذي لحق بالبلاد يفوق الوصف. فالأزمة الإنسانية التي خلفها الإعصار في أوحاله هائلة، خاصة في مدينة درنة التي اجتاحتها جبال من المياه تبلغ نحو 30 مليون متر مكعب عندما انهار سدان على الجبال المشرفة على المدينة، لتبتلع المياه أحياء كاملة وتجرف في طوفانها عائلات بأكملها.


وبسبب العاصفة، فإن الكثير من البنى التحتية الحيوية، ومنها مرافق الرعاية الصحية والكهرباء والمباني والطرق والاتصالات، تدمر تمامًا أو أصيب بتلفيات. وقد جاءت هذه الكارثة الأخيرة لتزيد من الضغوط الهائلة على النظام الصحي في ليبيا الذي كان يعاني من قبلها من هشاشة وضعف شديدين قللا من فرص الكثيرين في الحصول على الرعاية الصحية المناسبة.

ومن جانبها، تجتهد المنظمة في توفير الاحتياجات الصحية العاجلة، فضلًا عن تقييم الاحتياجات الصحية الطويلة الأجل للناجين والسكان المتضررين الذين نزحوا إلى مستوطنات ومخيمات مؤقتة، وذلك لأن الأولوية الآن لضمان توافر الخدمات الصحية الأساسية لهم في أقرب مكان ممكن من إقامتهم.

وفقًا لصور الأقمار الصناعية، فإن العاصفة ألحقت أضرارًا بأكثر من 2200 مبنى. وفي درنة، يُقدّر عدد المشردين بما يتراوح بين 40 ألف و45 ألف إنسان، ولكن العدد الفعلي أكبر من ذلك على الأرجح.

وقد تسببت السيول في وفيات ودمار وتلف للبنى التحتية والممتلكات، فضلاً عن تعطل خدمات الرعاية الصحية بسبب تضرر المباني، ونقص الأدوية والأجهزة الطبية، والعجز في الموارد البشرية.

وتوصلت التقييمات الميدانية الأولية التي أجرتها المنظمة إلى أن 63% من المستشفيات و52% من مرافق الرعاية الصحية الأولية التي خضعت للتقييم متعطلة عن العمل جزئيًا أو كليًا بسبب الكارثة. وتمكنت السلطات الصحية، بدعم من المنظمة، من إعادة 10 مرافق صحية للعمل حتى الآن، وساعدت في إنشاء ستة مستشفيات ميدانية.

كثفت المنظمة جهود استجابتها للطوارئ لتوفير الإمدادات الصحية الحيوية والدعم للسكان المتضررين، ونشرت 12 منسقًا ميدانيًا من المنظمة من بلديات أخرى في المناطق المتضررة، ومنها درنة والبيضاء وشحات وبعض البلديات الأخرى.

وتعكف فِرَق المنظمة على رصد الاحتياجات الصحية، وتنسيق إرسال الأدوية والمعدات الطبية، ونشر الفِرَق الطبية في المناطق المتضررة. وإضافة إلى ذلك، ساهمت الفرق في جهود الترصُّد لضمان الكشف المبكر عن أي مخاطر صحية ومكافحتها، خاصةً الأمراض السارية والأمراض التي يمكن أن تتحول إلى أوبئة.

في 17 أيلول/سبتمبر الماضي، وصلت إلى بنغازي شحنتان تحملان 34 طنًا متريًا من الإمدادات والأجهزة الطبية، وقد مثّل ذلك مرحلة مهمة في الجهود المكثفة الرامية إلى التغلب على التحديات غير المسبوقة التي تواجهها المجتمعات المحلية التي ضربها الإعصار. وقد انتهت الفرق حتى الآن من توزيع ما يصل إلى 17.1 طن متري من الإمدادات.

كانت الشحنتان قد وصلتا من مركز الإمدادات اللوجستية العالمي التابع للمنظمة في دبي، وتشملان الأدوية الأساسية، ومستلزمات علاج الرضوض والجراحة الطارئة، والأجهزة الطبية، وأكياس الجثث من أجل تكريم المتوفين ودفنهم. وتتضمن هذه الإمدادات ما يكفي لتوصيل المعونة الصحية إلى ما يقرب من 250 ألف إنسان، وتهدف إلى استكمال ما نقص من المستلزمات في أكثر من نصف المرافق الصحية في المناطق المتضررة.

نشرت المنظمة عيادات متنقلة كانت قد أرسلتها قبل الإعصار في المناطق المتضررة لتقديم الخدمات الطبية لسكان البيضاء وأجزاء أخرى من شرق ليبيا، حيث دُمرت معظم المرافق الصحية إما جزئيًا أو كليًا، بسبب الفيضانات. وستواصل المنظمة نشر المزيد من العيادات المتنقلة في ليبيا لتوفير الخدمات الصحية التي يحتاجها السكان المتضررون.

حتى الآن، تمكن الأهالي ورجال الإنقاذ من انتشال ما يقرب من 4265 جثة والتعرف عليها، وقد صدرت لهم شهادات وفاة. ومن المتوقع أن يرتفع هذا العدد مع استمرار جهود البحث عن أكثر من 8500 إنسان ما يزالون في عداد المفقودين.

ومن بين مئات القصص المأساوية التي تتكشف الآن في ليبيا، هناك قصة تستحق الإشادة بها هي قصة السيد عبد القادر الخرم، وهو متطوع في جهود الإغاثة الإنسانية من درنة. فبعد أن نقل عبد القادر أسرته إلى مكان آمن، سارع بالانضمام إلى جهود الإنقاذ مع زملائه من الهلال الأحمر الليبي عندما انهار السد فوق درنة. وفي أثناء محاولته إنقاذ امرأة مسنة حاصرتها مياه الفيضان، جرفته المياه لتُنتشل جثته وجثة زميله خالد دوال من البحر بعد ذلك. وهناك أيضًا حسين بوزينوبه، من مدينة البيضاء، الذي فُقد أثناء مشاركته في عمليات الإنقاذ، وعُثر على جثته بعد يومين.

أعرب الدكتور أحمد زويتن، ممثل منظمة الصحة العالمية في ليبيا، عن أسفه العميق للخسائر الهائلة في الأرواح ولحجم الكارثة، قائلًا: "هذه كارثة مفجعة! والحزن يعتصر قلوبنا على آلاف الأرواح التي فاضت إلى بارئها، ونتقدم بخالص تعازينا لذويهم. ومن الناحية العملية، فإن تركيزنا ينصب الآن على توفير الدعم اللازم لاستئناف تقديم الخدمات الصحية وإغاثة السكان المتضررين في شرق ليبيا".

تعكف المنظمة، بالتعاون مع الشركاء في مجال الصحة، على إجراء تقييمات صحية شاملة، وإعادة تشغيل المرافق الصحية المتضررة، وإنشاء عيادات صحية ثابتة ومتنقلة بالقرب من السكان المتضررين، ونشر فرق طبية للطوارئ من خارج ليبيا لتقديم خدمات الرعاية الصحية في المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها. ولتحقيق ذلك، صرفت المنظمة 2.3 مليون دولار أمريكي من صندوقها الاحتياطي للطوارئ لتيسير الاستجابة التنظيمية السريعة، وطلبت 11.1 مليون دولار أمريكي لتمويل استجابتها للفيضانات.

تتضمن أولويات المنظمة استمرار تقديم الخدمات الصحية الروتينية، ولاسيما التطعيم، لتجنب ظهور الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات مثل الحصبة والدفتريا. كما تعمل المنظمة أيضًا، بالتعاون مع السلطات الصحية المحلية، على تعزيز نظم الإنذار والترصد المبكرين للوقاية من الأمراض المنقولة عن طريق المياه والغذاء التي يمكن أن تنتشر بعد الفيضانات وحالات النزوح الجماعي للسكان، ومكافحة مثل تلك الأمراض.

يواجه سكان درنة، الذين فقدوا أحباءهم ومنازلهم وممتلكاتهم، مشكلات نفسية هائلة بدأت وطأتها تتضح بعد زوال الصدمة الأولى للخراب والخسارة الذي حل بهم فجأة.

وبالصمود والتعاطف والتكاتف، فإن الليبيين مصممون على تجاوز هذه الأزمة والخروج منها أقوى مما كانوا. ولكن رحلتهم للتعافي ستطول، وستكون المنظمة دائمًا بجوارهم لتنسيق تقديم الخدمات الصحية إلى السكان المتضررين والمساعدة في تقديمها لإنقاذ حياتهم.

وفضلًا عن ذلك، ستجتهد المنظمة لضمان أن الاستثمارات في إعادة البناء سيكون هدفها إعادة البناء على نحو أفضل. فإقامة نظام صحي قادر على الصمود سيحقق نتائج صحية أفضل في المستقبل وسيساعد في حماية أرواح البشر وصحتهم وعافيتهم في شرق ليبيا وباقي أنحاء البلاد.