منظمة الصحة العالمية تكثف الجهود المشتركة بينَ الأقاليم لمواجهة حالة الطوارئ الإنسانية في السودان
أدري، تشاد، 10 تموزَ/ يوليو2024 - مع فرار الملايين هربًا من الحرب والجوع في السودان، اجتمعت قيادات عُلْيَا من إقليمَيْ أفريقيا وشرق المتوسط التابعَيْن لمنظمة الصحة العالمية في تشادَ، ذلكَ البلد الذي يستضيفُ أكبر عددٍ من اللاجئين السودانيين، من أجل تقييم الاحتياجات الصحية العاجلة للمتضررين من هذه الأزمة الإنسانية المعقَّدة والآخذة في التدهور.
وتهدفُ البعثة إلى تحسين عمليات المنظمة في تشادَ والسودان والمكاتب التابعة للمكتب الإقليمي لأفريقيا والمكتب الإقليمي لشرق المتوسط من أجل خدمة المجتمعات المتضررة بتقديم الرعاية الطبية الحاسمة وتوسيع نطاق العمليات العابرة للحدود للمساعدات الإنسانية في ولايات دارفور في السودان.
وقالَ الدكتور شبل صهباني: "بصفتي ممثلاً لمنظمة الصحة العالمية في السودان، فإنه لمن الصعب جدًا رؤية هذا المستوى من المعاناة بين اللاجئينَ. فلقد شاركوا قصصًا عما قاسوه من عنفٍ وفقدانٍ وجوعٍ. ومع تدهور النظام الصحي بشدَّةٍ - حيثُ لحقتْ أضرارٌ بجميع المرافق الصحية البالغ عددُها 241 في وسط دارفور - وانتشار الأمراض، واقتراب المجاعة، يصبح تحدي تلبية الاحتياجات الصحية المتزايدة أكثر صعوبة وتحديًا. وإذا لمْ نتخذْ خُطوات فاعلة على وجه السرعة، فسنشهدُ ارتفاعًا في معدلات المراضة والوفاة والتأثير عبرَ الأجيال جراءَ الصراع الحاليّ.
إنَّ معدلات الجوع ترتفعُ بمعدلاتٍ مروعةٍ. وبحسب التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC)، وهو المرجعيةُ العالميةُ المعنيةُ بالمجاعة، فإنَّ السودان يواجهُ أسوأ مستويات من انعدام الأمن الغذائي الحاد التي سجَّلَها التصنيفُ في البلاد على الإطلاق. ومن ذلكَ مثلاً ما شهدته الأشهر الستة الماضية من ارتفاع عدد الأشخاص الذين يواجهونَ مستوياتٍ عاليةً من انعدام الأمن الغذائي الحاد بنسبة 45% ليرتفعَ العددُ منْ 17.7 مليونَ شخصٍ إلى 25.6 مليونَ شخصٍ.
وتضمُ الأولوياتُ العابرةُ للأقاليم لمنظمة الصحة العالمية توسيعَ نطاق العمليات عبر الحدود إلى السودان، وخاصةً إلى دارفور، التي حُرمت بشكلٍ كبيرٍ من المساعدات الإنسانية. وثمة ما يُعرقلُ الاستجابةَ بشدَّةٍ، ومن ذلك مثلاً ما تفرضُهُ أطرافُ النزاع من معوقات على إيصال المساعدات وإتاحتها، علاوة على انخفاض الموارد - إذْ لمْ يُموَّلْ سوى 18% منَ الاستجابة الإنسانية في السودان. ولذلك، فإنَّ فتحَ معبر أدري الحدودي بين تشادَ والسودان للسماح بدخول الإمدادات الإنسانية من شأنه إنقاذُ الأرواح.
وقالت ممثلة منظمة الصحة العالمية في تشادَ، الدكتورة آنيا بلانش: "لقدْ كانَ شعب تشادَ شديدَ الكرم وبالغَ الضيافة، وقدَّمَ الطعام والماء والمأوى للاجئين القادمين، ولكنَّ الاحتياجات هائلة. وأولويتُنا هي إنشاءُ أنظمة صحية متكاملة للاجئين والسكان المضيفين، بحيثُ لا ينتهي دور هذه النظم على تقديم الاحتياجات الطبية الفورية، وإنما تطورُ هذه النظم القدرةَ الصحيةَ لتشادَ على المدى الطويل لكيْ لا يعتمدَ مستقبلُ الناس على المساعدات."
وأدري بلدةٌ صغيرةٌ في شرق تشادَ، ولكنَّ الظروف الأخيرة تسببتْ في زيادة عدد قاطنيها إلى ست مراتٍ عدد سكانها الأصلي البالغ 40 ألفَ شخصٍ. فمنذ بداية النزاع في نيسان/ أبريل 2023، وصلَ إلى أدري أكثرُ منْ 600 ألف سودانيٍّ و180 ألفَ تشاديٍّ عائدٍ.
لقد نجا معظمُ اللاجئين من النزوح عدةَ مراتٍ في ظل تصاعد العنف الذي بدأ في الخرطوم وامتدَّ إلى أجزاءٍ مختلفةٍ من السودان. ولقد عبروا الحدود مصابين بجروح ناجمةٍ عنْ طلقات نارية، بعد أنْ نجوا من الاغتصاب والعنف الجنسي، واضطرُّوا للسير لأيامٍ دونَ طعامٍ كافٍ في معاناةٍ استمرتْ لشهورٍ.
وبحلول منتصف نيسان/ أبريل، ومع مرور عامٍ على اندلاع النزاع، بلغ عدد النازحين بسبب النزاع ما يقرب من 8.7 ملايين شخصٍ. وفي غضون ثلاثة أشهرٍ فقطْ، ارتفعَ هذا العددُ بأكثرَ منْ 45%، حيثُ يقدَّرُ عددُ النازحينَ اليومَ بنحو 12.7 مليون شخصٍ؛ ولقد نزحَ أكثرُ من 10 ملايين شخصٍ داخل السودان، بينما لجأَ مليونا شخصٍ إلى ست دولٍ مجاورةٍ.
وقالَ الدكتور ثيرنو بالدي، منسق مركز منظمة الصحة العالمية الإقليمي للطوارئ في غرب ووسط أفريقيا: "لقد شهدنا معاناةَ الناس هنا؛ فهم لا يملكون شيئًا ومعرَّضون للإصابة بالعديد من الأمراض، وخاصةً الأمراضَ التي قدْ تتحوَّل إلى أوبئة. والجهاتُ الفاعلةُ في مجال المساعدات الإنسانية موجودةٌ، لكنَ التمويل ضئيل للغاية. ونحن في منظمة الصحة العالمية، نتعاون بينَ الإقليمين لجعل عملياتنا تتسمُ بأقصى قدرٍ ممكنٍ منَ الكفاءة في استخدام الموارد.
ومع بدء هطول الأمطار الموسمية هنا، وتدني توفُّر المأوى، والظروف المعيشية السيئة، تتزايد المخاوفُ من تفشي أمراضٍ كالملاريا والكوليرا، التي يمكن أن تؤديَ إلى مستوًى آخرَ أشد وطأة من المعاناة.
وشدَّد الدكتور ريتشارد برينان، مدير البرنامج الإقليمي للطوارئ بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط، على الحاجة إلى التضامن والاهتمام العالميَّين. وقالَ في هذا الصدد: "إنَّ هذه اﻷزمةَ الكارثيةَ ذات الطبيعة المتغيرة وغير المتوقَّعة ﻻ تحظى إﻻ بقدرٍ ضئيلٍ من اهتمام المجتمع الدولي. وبوسعنا وعلينا - بكل تأكيدٍ - أنْ نفعلَ المزيدَ. فالسلامُ وإتاحةُ المساعدات والموارد أمور حيويَّة لحماية حياة الشعب السوداني وسبل عيشه".
منظمة الصحة العالمية قلقة بشأن الأزمة الصحية المتزايدة في الضفة الغربية

15 حزيران/ يونيو 2024، القدس/ القاهرة/ جنيف - لا تزال منظمة الصحة العالمية قلقةً إزاء الأزمة الصحية المتزايدة في الأرض الفلسطينية المحتلة، وخاصة الضفة الغربية، حيث الهجمات على البنيةِ التحتيةِ الصحيةِ والقيودِ المتزايدةِ المفروضة على الحركة تعرقل الحصول على الرعاية الصحية.
ومنذ بدء الحربِ في غزة، أدى تصاعد وتيرة العنف في الضفة الغربية، ومنها القدس الشرقية، إلى وفاة 521 فلسطينيًا، منهم 126 طفلاً في الفترة بين 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 و10 حزيران/ يونيو 2024. وإضافةً إلى ذلك، أُصيب أكثر من 5200 شخص، بينهم 800 طفل، الأمر الذي يُثقل كاهل المرافق الصحية المنهكة بالفعلِ بالعبء المتزايد لرعاية الرُّضوح وحالات الطوارئ.
وحتى 28 أيار/ مايو، وثَّقت المنظمةُ 480 هجومًا على مرافق الرعاية الصحية في الضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، ما أسفر عن 16 وفاة و95 إصابة. وقد طالت الهجمات 54 مرفقًا صحيًا، و20 عيادة متنقلة، و319 سيارة إسعاف. ووقَعَتْ تسعةٌ وخمسون في المائة من الهجمات في مدن طولكرم وجنين ونابلس. وهي تشمل هجمات على البنية التحتية الصحية وسيارات الإسعاف، واحتجاز العاملين الصحيين والمرضى، وعرقلة وصولهم إلى المرافق الصحية، واستخدام القوة بحق العاملين الصحيين، والتفتيش العسكري لسيارات الإسعاف والموظفين.
ولقد أدى إغلاقُ نقاط التفتيش، والعراقيلُ التعسفية، واحتجاز العاملين الصحيين، وتزايد انعدام الأمن، والحصار وإغلاق مدن ومجتمعات محلية بأكملها، إلى تشديد تقييد الحركة داخل الضفة الغربية، الأمر الذي أعاق الوصول إلى المرافق الصحية. وقد أدت الأضرار الواسعة التي أصابت البنى التحتية والمساكن، ولا سِيَّما في شمال الضفة الغربية، إلى تفاقم الوضع جراء عرقلة وصول سيارات الإسعاف وفرق الإسعافات الأولية.
وفي الفترة ما بين تشرين الأول/ أكتوبر 2023 وأيار/ مايو 2024، رُفض أو أُرجئ النظر في 44٪ من 28292 طلبًا لالتماس الرعاية الطبية خارج الضفة الغربية، في القدس الشرقية أو المرافق الصحية الإسرائيلية، في حين تُمنح إمكانية الحصول على الرعاية في الأساس لحالات السرطان والغسيل الكلوي وغيرها من الحالات التي تتطلب رعاية مُنقِذة للحياة. وفي الفترة نفسها، تم رفض أو تأجيل النظر في 48% من طلبات تصاريح المرافقة التي بلغ عددها 25562 طلبًا.
وتُظهِر المقارنةُ بين تشرين الأول/ أكتوبر 2022 وأيار/ مايو 2023 وتشرين الأول/ أكتوبر 2023 وأيار/ مايو 2024 انخفاضًا بنسبة 56٪ في طلبات الحصول على تصاريح المرضى في الضفة الغربية و22٪ في الموافقات، وانخفاضًا بنسبة 63٪ في طلبات الحصول على تصاريح المرافقين، وانخفاضًا بنسبة 24٪ في الموافقات. وفيما قبل تشرين الأول/ أكتوبر 2023، كان أكثر من 300 مريض يحتاجون إلى تصاريحَ يوميًا للعبور من الضفة الغربية إلى القدسِ الشرقيةِ والمرافق الصحية الإسرائيلية.
وتؤثِّر الأزمةُ الماليةُ الطويلةُ الأمد التي تواجهها السلطة الفلسطينية بشدة على النظام الصحي، وقد تفاقمت هذه الأزمة بسبب احتجاز إسرائيل إيرادات الضرائب المفروضة على الأرض الفلسطينية المحتلة، المتواصل منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، والتدهور العام للوضع الاقتصادي في الأرض الفلسطينية المحتلة. ويؤثرُ الوضعُ المالي على تقديم الخدمات الصحية تأثيرًا كبيرًا - ومن ذلك مثلاً أن العاملين الصحيين لم يحصلوا إلا على نصف رواتبهم منذ ما يقرب من عام، إضافة إلى نفاد مخزون 45% من الأدوية الأساسية. وفي معظم مناطق الضفة الغربية، صارت عيادات الرعاية الأولية والعيادات التخصصية للمرضى الخارجيين تعمل يومين في الأسبوع، بينما تعمل المستشفيات بقدرة 70٪ تقريبًا.
وتدعم منظمةُ الصحة العالمية وزارةَ الصحة بشراء الأدوية الأساسية وبتقديم المساعدة التقنية لمعالجة بعض السياسات والإجراءات بما يُسهم في حل الأزمة المالية في مجال الصحة. وإضافةً إلى ذلك، جهزت المنظمةُ سلفًا إمدادات في المستشفيات الرئيسية في جميع أنحاء الضفة الغربية، ومنها القدس الشرقية، ونظمت تدريبًا مجتمعيًا على التدبير العلاجي للرُّضوح - للعاملين في مجال الاستجابة للإسعافات الأولية في المجتمعات المتضررة - من أجل تعزيز التأهب لحالات الطوارئ، ولكن تفاقم انعدام الأمن وصعوبة إمكانية وصول العاملين الصحيين في حالات الطوارئ والمتطوعين الميدانيين للوصول إلى المصابين، واستمرار فرض حظر التجول الصارم، كلها أمور تشكل مجتمعة مخاطر كبيرة على النظام الصحي وتجعل من الصعب للغاية على فرق الاستجابة الوصول إلى من يحتاجون إلى الرعاية العاجلة.
وتدعو المنظمةُ إلى توفير حماية فورية وفعالة للمدنيين والرعاية الصحية في الضفة الغربية. وتؤكد المنظمةُ على وجوب احترام القانون الإنساني الدولي، وهذا يعني وجوب احترام قدسية الرعاية الصحية في جميع الأوقات.
رسوم توضيحية:
إتاحة الخدمات الصحية في الضفة الغربية (تشرين الأول/ أكتوبر 2023 - أيار/ مايو 2024)
اجتماع أقاليمي: النهوض بالتغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي من خلال إشراك القطاع الصحي الخاص
9 تموز/ يوليو 2024 - إذا أردنا تحقيق الغايات المتعلقة بالصحة من أهداف التنمية المستدامة، فإننا بحاجة إلى نقلة نوعية تستند إلى نهجٍ جديدٍ أكثر تعاونًا. ويجب أن ينطوي ذلك على تسخير موارد جميع الجهات الفاعلة في مجال الصحة وضمان إشراك القطاع الخاص أيضًا في الجهود الرامية إلى تحقيق أهداف الصحة العامة.
وفي الفترة من 15 إلى 17 تموز/ يوليو 2024، سيشارك المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط والمقر الرئيسي للمنظمة في استضافة اجتماع أقاليمي في القاهرة بمصر على مدى 3 أيام بشأن إشراك القطاع الخاص - وهو أول اجتماع من نوعه تستضيفه المنظمة على الصعيد العالمي.
والهدف من ذلك الاجتماع هو الجمع بين المستويات العالمية والإقليمية والقُطرية للمنظمة لدعم برنامج عمل إشراك القطاع الخاص. وسيضم المشاركون الذين سينضمون من 5 من أقاليم منظمة الصحة العالمية ممثلين عن وزارات الصحة والشركاء والجهات المانحة والقطاع الخاص، فضلًا عن أفرقة المنظمة المعنية.
كما يُمثِّل الاجتماع فرصةً لمناقشة كيفية الاستفادة من دور القطاع الصحي الخاص في المبادرات الرئيسية الإقليمية التي وضعتها المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط. وعلى وجه التحديد، يمكن للقطاع الخاص أن يكون له تأثيرٌ على المبادرات الرامية إلى تعزيز القوى العاملة الصحية وسلسلة الإمداد في إقليم شرق المتوسط.
إن إشراك القطاع الخاص للحفاظ على الخدمات الصحية وتقديمها في الأماكن الهشة والمتضررة من النزاعات والـمُعرَّضة للخطر أصبح له أهمية بالغة الآن أكثر من أي وقتٍ مضى بالنظر إلى الاحتياجات المتزايدة. ولا يزال عدد النازحين في الإقليم يتزايد، حيث يضطر الناس إلى ترك منازلهم بسبب الكوارث الطبيعية، والأسباب الناجمة عن النشاط البشري، وتأثيرات تَغيُّر المناخ.
وسيُتيح الاجتماعُ أيضًا منبرًا للمجتمع الصحي العالمي لإعطاء دفعة للحصائل الصحية من خلال إقامة شراكات جديدة مع الجهات الفاعلة في مجال الصحة العالمية ومختلف مستويات المنظمة. ويمكن للحاضرين أن يبحثوا معًا مجالات التآزر وأن ينتفعوا من الدروس المستفادة على مستوى الأقاليم والبلدان.
وتقدم المنظمة المساعدة التقنية لدعم الدول الأعضاء لإشراك القطاع الصحي الخاص في العمل من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي. وتشمل هذه المساعدة الحوكمة والتشريع والتنظيم والتمويل وتنظيم الخدمات الصحية.
للاطلاع على المزيد عن عمل المكتب الإقليمي في مجالي التغطية الصحية الشاملة والنُظُم الصحية.
اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة كبار السن لعام 2024: ضمان سلامة كبار السن في حالات الطوارئ

15 حزيران/ يونيو 2024، القاهرة، مصر - في اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة كبار السن لعام 2024، تُسلَّط الأضواء على كبار السن في حالات الطوارئ. وغالبًا ما يواجه كبار السن صعوبات في القدرة على الحركة، أو يعانون من حالات صحية مزمنة أو عزلة اجتماعية، وهي بعض العوامل التي يمكن أن تعوق قدرتهم على الحصول على المعونات أو الإجلاء الآمن أو تلقي الرعاية الطبية وخدمات الدعم في الوقت المناسب. ويمكن أن تؤدي الفوضى والإجهاد الناجمان عن حالات الطوارئ إلى تفاقم هذه الظروف، مما يزيد من خطر إيذاء كبار السن.
وتتزايد شيخوخة السكان بسرعة، حيث من المتوقع أن يرتفع عدد الأشخاص البالغين من العمر 60 عامًا فما فوق على الصعيد العالمي من 900 مليون شخص في عام 2015 إلى حوالي ملياري شخص في عام 2050. ولذلك، فمن المتوقع أن تزداد أيضًا إساءة معاملة كبار السن. وعلى هذا الأساس، تتزايد أهمية التأكيد على أن احترام كبار السن ورعايتهم من حقوق الإنسان التي ينبغي عدم انتهاكها على الإطلاق.
وقد تكون إساءة معاملة كبار السن عملًا منفردًا أو متكررًا، وقد تتمثل في عدم اتخاذ الإجراءات المناسبة على نحوٍ يترتب عليه الضرر أو الضغط النفسي للمُسن. كما يمكن أن تتخذ إساءة معاملة كبار السن أشكالًا عديدة، منها إساءة المعاملة البدنية أو الجنسية أو النفسية أو العاطفية. ومن أنواع إساءة معاملة كبار السن أيضًا الإيذاء المالي أو المادي، أو الهجر، أو الإهمال، أو الإهدار الخطير للكرامة والاحترام.
وعلى غرار أشكال العنف الأخرى، ارتفعت معدلات إساءة معاملة كبار السن خلال جائحة كوفيد-19. وتؤثر حالات الطوارئ، مثل الجوائح أو الكوارث الطبيعية أو النزاعات، تأثيرًا غير متناسب على كبار السن، إذ تزيد مواطن الضعف القائمة سوءًا. ويجب أن يتناول التخطيط للطوارئ والاستجابة لها الاحتياجات الخاصة لكبار السن.
إن إساءة معاملة كبار السن قضية صحية متنامية في جميع أنحاء العالم. ففي عام 2021، تعرّض حوالي شخص من كل 6 أشخاص تبلغ أعمارهم 60 عامًا فما فوق لشكلٍ ما من أشكال إساءة المعاملة في محيط المجتمع. ولا يُستثنَى إقليم شرق المتوسط من ذلك، خصوصًا أن الأزمات الإنسانية تؤثر على نصف بلدانه وأراضيه.
وتحدث إساءة معاملة كبار السن في سياق العلاقات وفي أماكن يُتوقَّع فيها وجود الثقة. وترتفع معدلات إساءة معاملة كبار السن في مؤسسات مثل دور رعاية المسنين ومرافق الرعاية الطويلة الأجل. ومن المثير للصدمة أن موظفَين اثنين من كل 3 موظفين في هذه المرافق أقروا في نفس العام بإساءة معاملتهم لكبار السن. ويمكن أن تؤدي أعمال العنف ضد كبار السن إلى إصابات بدنية خطيرة وآثار نفسية طويلة الأجل.
وتؤكد حملة اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة كبار السن هذا العام على الحاجة المُلحة لحماية كبار السن من إساءة المعاملة أثناء الأزمات. وتدعو هذه الحملة الحكومات إلى تعزيز بيئة أكثر شمولًا وحمايةً لكبار في حالات الطوارئ. كما تشجع الحملة على وضع سياسات شمولية تضمن عدم إغفال كبار السن أثناء الأزمات.
وتدعو الحملة راسمي السياسات والجهات المانحة الدولية والمنظمات والمجتمعات المحلية إلى إعطاء الأولوية لسلامة كبار السن وعافيتهم في استراتيجيات التأهب لحالات الطوارئ والاستجابة لها. وثمة تركيزٌ آخر يتمثل في تثقيف القائمين على الاستجابة لحالات الطوارئ ومقدمي الرعاية والجمهور وتدريبهم على كيفية دعم كبار السن بطرائق تكفل كرامتهم.
وفي اليوم العالمي للتوعية بشأن إساءة معاملة كبار السن لعام 2024، دعونا نجدد التزامنا باحترام حقوق كبار السن وحمايتها في جميع الأوقات، بما في ذلك أوقات الأزمات.