دعم الرضاعة الطبيعية لينتفع بفوائدها المزيد من الأطفال والأمهات
1 آب/ أغسطس 2024، القاهرة، مصر – للرضاعة الطبيعية فوائد مُثبَتة للرضع والأمهات. ولكن العديد من النساء لا يُرضعن أطفالهن طبيعيًّا للمدة التي يرغبن فيها بسبب افتقارهن إلى البيئة الداعمة. وتركز حملة الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية هذا العام على شعار «سد الفجوة: دعم الرضاعة الطبيعية للجميع».
وتُعدُّ الرضاعة الطبيعية أحد أفضل طرق ضمان صحة الطفل وبقائه على قيد الحياة. وتوصي منظمة الصحة العالمية بأن تقتصر تغذية الرضَّع على الرضاعة الطبيعية حتى يبلغوا من العمر 6 أشهر. ولكن، على الصعيد العالمي، أقل من نصف عدد الرضع الأصغر من 6 أشهر تقتصر رضاعتهم على الرضاعة الطبيعية.
وفي إقليم شرق المتوسط، تقتصر رضاعة نحو 35% فقط من الرضع الأصغر من 6 أشهر على الرضاعة الطبيعية. هذا يعني أن طفلين تقريبًا من بين كل ثلاثة أطفال لا تقتصر تغذيتهما على الرضاعة الطبيعية في الأشهر الستة الموصى فيها بذلك، ولم يتحسَّن هذا المعدل على مدى عقدين.
وتحتفي حملة الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية المقرر تنظيمها من 1 إلى 7 آب/ أغسطس بالأمهات المُرضعات، وتوضح لراسمي السياسات والعاملين الصحيين والأسر والمجتمع كيفية دعم الأمهات لإنجاح الرضاعة الطبيعية.
ولبن الأم هو الغذاء المثالي للرضع؛ فهو مأمون ونظيف، ويحتوي على أجسام مضادة تساعد في حمايتهم من العديد من أمراض الطفولة الشائعة. ويوفر لبن الأم كل ما يحتاج إليه الرضيع من طاقة ومُغذِّيات خلال الأشهر الأولى من عمره. ويظل يوفر نصف احتياجات الطفل الغذائية أو أكثر خلال النصف الثاني من العام الأول من عمره، وما يصل إلى ثلث هذه الاحتياجات خلال العام الثاني.
وتشير الدراسات إلى أن الأطفال الذين رضعوا رضاعة طبيعية يتفوقون في اختبارات الذكاء، ويكونون أقل ميلًا لزيادة الوزن أو السمنة، وأقل عرضة للإصابة بمرض السكري في وقت لاحق من حياتهم. ويقل تعرُّض النساء اللاتي يُرضعن أطفالهن رضاعة طبيعية لخطر الإصابة بسرطان الثدي وحالات سرطان المبيض.
إجراءات تشمل المجتمع بأسره لإنجاح الرضاعة الطبيعية
إنَّ استحقاقات الأمومة الفعَّالة، التي لا تجبر المرأة على الاختيار بين الأسرة والعمل، تهيئ بيئة تمكينية للأمهات لإرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية. وعلى مستوى رسم السياسات، ينبغي أن تحصل الأمهات الحديثات الإنجاب على إجازة أمومة مدفوعة الأجر تتراوح بين 18 أسبوعًا و6 أشهر على الأقل، وذلك لدعم الرضاعة الطبيعية من بين أسباب أخرى. هذا، بالإضافة إلى إجازة مدفوعة الأجر بعد العودة إلى العمل للرضاعة الطبيعية، أو لضخ لبن الثدي وتخزينه.
ويُعَد كذلك الحصول على إجازة أبوَّة كافية مدفوعة الأجر بعد ولادة الطفل أمرًا بالغ الأهمية.
وينبغي أن تُتاح لكل امرأة إمكانية الحصول على مشورة مفيدة ولائقة بشأن الرضاعة الطبيعية من مهنيين صحيين مُدرَّبين. ومن المهم بالقدر نفسه تقديم الأسر والمجتمعات المحلية الدعم إلى المرأة لإرضاع أطفالها في أي وقت وأي مكان. فالرضاعة الطبيعية أمر طبيعي وعادي، ويجب عدم انتقاد أو منع ممارستها في الأماكن العامة.
وتُحسِّن الرضاعة الطبيعية صحة الرضع والأمهات وعافيتهم، ولكنها تتطلب دعمًا كافيًا. وهذا يستدعي استثمارًا في برامج دعم الرضاعة الطبيعية، بما في ذلك الحماية من تسويق مستحضرات الرضع الغذائية الذي يقوِّض الثقة في الرضاعة الطبيعية. ويواصل التسويق غير الملائم لبدائل لبن الأم عرقلة الجهود المبذولة لتحسين معدلات الرضاعة الطبيعية ومدتها في جميع أنحاء العالم. لذا، ينبغي وضع حد للترويج الاستغلالي لبدائل لبن الأم في جميع السياقات.
وفي الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية هذا العام، دعونا نُقدِّم كل الدعم الممكن لتشجيع الرضاعة الطبيعية. فقد حان الوقت لسد هذه الفجوة الناجمة عن عدم اقتصار تغذية ما يقرب من ثُلثي عدد الرضَّع في الإقليم على الرضاعة الطبيعية خلال الشهور الستة الأولى من عمرهم.
الاحتفال بمرور خمسين عامًا على تأثير البرنامج الأساسي للتمنيع المُنقِذ للأرواح

22 تموز/ يوليو 2024 - استضاف المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط فعَّالية للاحتفال بالذكرى الخمسين للبرنامج الأساسي للتمنيع مساء يوم 17 تموز/ يوليو 2024 في القاهرة، مصر.
ويُعد البرنامج الأساسي للتمنيع حجر الزاوية في مجال الصحة العامة العالمية منذ تدشينه عام 1974، وكان في البداية يُسمَّى البرنامج الموسَّع للتمنيع. فعلى مدى عقود، أنقذت هذه المبادرة التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية عددًا لا يُحصَى من الأرواح، وحَمت ملايين الأطفال من الأمراض التي يمكن الوقاية منها، وهو ما جعل البرنامج يستحق وصف «الأساسي»* في اسمه الجديد.
وقد دُعيت مجموعة واسعة النطاق من المشاركين الرفيعي المستوى للاحتفال بهذه المناسبة البالغة الأهمية. وانضم المديرون والمستشارون والممثلون الوطنيون لبرامج التمنيع الوطنية من أنحاء الإقليم إلى وكالات الأمم المتحدة، والمنظمات الشريكة والجهات المانحة في الفعَّالية.
وفي الكلمة الافتتاحية للدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، التي ألقتها على الحضور نيابةً عنها الدكتورة رنا الحجة، مديرة إدارة البرامج بالمكتب الإقليمي لشرق المتوسط، وصفت الدكتورة حنان البرنامج الأساسي للتمنيع بأنه «نموذجٌ رائعٌ لما يمكن تحقيقه لحماية صحة مجتمعاتنا عندما نتعاون جميعًا». وحثَّت على استمرار الدعم المُقدَّم من كل الجهات صاحبة المصلحة لتعزيز جهود التمنيع في أنحاء الإقليم، من أجل سدِّ الثغرات وتحقيق الأهداف الإقليمية والعالمية للبرنامج الأساسي للتمنيع في النهاية.
وتأتي دعوة العمل تلك متسقةً مع المبادرات الإقليمية الرئيسية الجديدة التي أطلقتها المديرة الإقليمية ورؤيتها المتمثلة في تسريع وتيرة العمل، وتوسيع نطاق الإتاحة، وضمان الإنصاف في مجال الصحة.
وفي الفعالية، طرحت المنظمة مسوِّغات الاستثمار للانتقال في مجال شلل الأطفال تهدف إلى دعم الاستثمارات في أصول برنامج شلل الأطفال بما يتجاوز استئصال المرض. وبهذه الطريقة، يمكن أن تواصل تلك الأصول دعمها لجهود التمنيع الروتيني، والترصُّد، والاستجابة لفاشيات الأمراض الأخرى التي تصيب الإقليم.
تقدير النجاحات المُحرَزة في مجال التمنيع
أتاحت الفعالية فرصة أيضًا لتقدير الإنجازات المُحرَزة على المستوى القُطري في التمنيع على مدى خمسين عامًا ماضية. فحصلت أفغانستان، والأرض الفلسطينية المحتلة، والصومال، والسودان، والجمهورية العربية السورية، واليمن على جوائز، إشادةً باستمرارها في تقديم خدمات التمنيع، حتى في خضم الصراعات الدائرة، وغيرها من حالات الطوارئ الأخرى.
وكُرِّمت جيبوتي، التي تواجه بدورها العديد من التحديات، لالتزامها بتحسين برنامج التمنيع الوطني ومساعيها في هذا الشأن.
ومُنِح العراق وليبيا جائزتين بوصفهما أول بلدين في الإقليم يُكمِلان عملية الانتقال في مجال شلل الأطفال. وكُرِّمت مصر والبحرين وجمهورية إيران الإسلامية وعُمان للقضاء على الحصبة والحصبة الألمانية.
واحتُفيَ كذلك بتسعة بلدان لِمَا اتخذته من خطوات في إدخال لقاحات جديدة؛ وهي: البحرين والكويت والمغرب وقطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لإدخال لقاح فيروس الورم الحليمي البشري، وباكستان لتقليلها عدد الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعات تمنيع، ولاتخاذها قرارًا بإدخال لقاح فيروس الورم الحليمي البشري، وتونس لاتخاذها قرارًا بإدخال لقاح فيروس الورم الحليمي البشري، ولبنان لإدخاله لقاح المكورات الرئوية واللقاح المضاد للفيروس العجلي، رغم القيود الاقتصادية الصارمة، والأردن لاتخاذه قرارًا بإدخال اللقاح المتقارن للمكورات الرئوية.
ومُنِحَت كذلك وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) تكريمًا خاصًّا لاستمرارها في تقديم خدمات التمنيع في قطاع غزة خلال الحرب الدائرة.
وساعد الكثير من الأفراد والجهات صاحبة المصلحة في تحقيق نجاح البرنامج الأساسي للتمنيع، وتلقَّوا تكريمًا على تفانيهم أيضًا في أثناء الأمسية. ووُزِّعت جوائز على المديرين الوطنيين للبرنامج الأساسي للتمنيع، ومستشاري التمنيع، والعاملين الصحيين، وأعضاء المنظمات الشريكة، وممثلي الحكومات.
والتزمت الجهات صاحبة المصلحة المشارِكة في الفعالية بشعار «ملتزمون معًا بمواصلة التمنيع»، سواء شخصيًّا أو عبر رسالة مُسجَّلة. وعكس هذا الالتزام إصرارًا على الحفاظ على نجاح البرنامج الأساسي للتمنيع وتأثيره عن طريق مواصلة الرحلة التي بدأت قبل خمسين عامًا.
* أُقيمَ تحالف غافي للقاحات في صورة شراكة صحية عالمية في عام 2000 بهدف إتاحة فرص متساوية لحصول الأطفال الذين يعيشون في أفقر بلدان العالم على اللقاحات الجديدة والقليلة الاستعمال. ويهدف التحالف، على وجه التحديد، إلى تسريع وتيرة إتاحة اللقاحات، وتعزيز نُظُم الصحة والتمنيع في البلدان، واستحداث تكنولوجيا تمنيع جديدة ومبتكرة. ولقد دعَّم التحالف منذ إنشائه تمنيع 326 مليون طفل إضافي، وحال دون وقوع 5.5 ملايين حالة وفاة محتملة.
كلمة افتتاحية للمديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية الدكتورة حنان بلخي في جلسة إحاطة إعلامية، 17 تموز/يوليو 2024
الزَّمِيلَاتُ وَالزُّمَلَاءُ الْأَعِزَّاءُ،
طَابَتْ أَوْقَاتُكُمْ بِكُلِّ خَيْرٍ،
كَانَتْ زِيَارَتِي الْأَخِيرَةُ إِلَى دُبَيّ بِالْإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ، حَيْثُ زُرْتُ هُنَاكَ مَرْكَزَ الْإِمْدَادَاتِ اللُّوجِسْتِيَّةِ التَّابِعَ لِمُنَظَّمَةِ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةِ، وَشَاهَدْتُ فِي أَثْنَاءِ زِيَارَتِي فَرِيقَ الْمُنَظَّمَةِ وَهُمْ يُعِدُّونَ إِمْدَادَاتٍ صِحِّيَّةً لِنَقْلِهَا جَوًّا إِلَى لُبْنَانَ وَالسُّودَانِ. وَسَعِدْتُ بِنَجَاحِ هَذَا الْمَرْكَزِ فِي تَوْسِيعِ نِطَاقِ قُدْرَتِهِ عَلَى التَّعَامُلِ مَعَ الطَّلَبِ الْمُتَزَايِدِ عَلَى الْإِمْدَادَاتِ الصِّحِّيَّةِ الطَّارِئَةِ. فَقَدْ أَكْمَلَ الْفَرِيقُ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ رِحْلَةً جَوِّيَّةً خِلَالَ النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِنْ هَذَا الْعَامِ لِتَوْصِيلِ الْإِمْدَادَاتِ إِلَى أَرْبَعٍ وَخَمْسِينَ دَوْلَةً فِي جَمِيعِ أَقَالِيمِ الْمُنَظَّمَةِ السِّتَّةِ، مُقَارَنَةً بِخَمْسٍ وَثَلَاثِينَ رِحْلَةً فِي عَامِ أَلْفَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ بِأَكْمَلِهِ. وَنِيَابَةً عَنْ مُنَظَّمَةِ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةِ أَوَدُّ أَنْ أَشْكُرَ حُكُومَةَ الْإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الَّتِي دَعَمَتْ وَيَسَّرَتْ عَمَلِيَّاتِ النَّقْلِ، بَلْ تَحَمَّلَتْ تَكَالِيفَهَا أَحْيَانًا.
وَتَوْسِيعُ سِلْسِلَةِ إِمْدَادَاتِنَا الصِّحِّيَّةِ هُوَ إِحْدَى مُبَادَرَاتِي الرَّئِيسِيَّةِ الثَّلَاثِ الَّتِي طَرَحْتُهَا بَعْدَ أَنْ تَوَلَّيْتُ مَنْصِبِي، وَذَلِكَ لِزِيَادَةِ إِتَاحَةِ الْأَدْوِيَةِ وَالْإِمْدَادَاتِ الصِّحِّيَّةِ الْمُنْقِذَةِ لِلْحَيَاةِ. وَإِنَّنَا مَا زِلْنَا نُوَاجِهُ تَحَدِّيَاتٍ تَحُدُّ مِنِ اسْتِجَابَتِنَا لِحَالَاتِ الطَّوَارِئِ الْإِنْسَانِيَّةِ فِي إِقْلِيمِ شَرْقِ الْمُتَوَسِّطِ.
أَوَّلُ هَذِهِ التَّحَدِّيَاتِ هُوَ الْقُيُودُ الْمَفْرُوضَةُ عَلَى وُصُولِ الْمُسَاعَدَاتِ وَالْعَامِلِينَ فِي الْمَجَالِ الْإِنْسَانِيِّ.
فِي ظِلِّ مَا تُقَاسِيهِ غَزَّةُ مِنْ أَوَامِرِ الْإِخْلَاءِ الَّتِي صَدَرَتْ مُؤَخَّرًا، وَاسْتِمْرَارِ الْأَعْمَالِ الْعَدَائِيَّةِ، تُعَانِي الْمَرَافِقُ الصِّحِّيَّةُ الْعَامِلَةُ وَسَيَّارَاتُ الْإِسْعَافِ نَقْصًا هَائِلًا فِي الْوَقُودِ وَالْإِمْدَادَاتِ. فَخِلَالَ شَهْرٍ مَضَى، لَمْ يُسْمَحْ إِلَّا لِسِتَّ عَشْرَةَ شَاحِنَةً تَابِعَةً لِمُنَظَّمَةِ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةِ بِدُخُولِ غَزَّةَ عَبْرَ مَعْبَرِ كَرَمِ أَبُو سَالِمٍ. وَمَا زَالَ نَقْلُ الْمُسَاعَدَاتِ إِلَى غَزَّةَ يُوَاجِهُ عَقَبَاتٍ كَثِيرَةً، بِسَبَبِ اسْتِمْرَارِ الْأَعْمَالِ الْعَدَائِيَّةِ، وَالطُّرُقِ الْمُتَضَرِّرَةِ وَالْمُدَمَّرَةِ، وَانْعِدَامِ الْأَمْنِ، وَالْقُيُودِ الْمَفْرُوضَةِ عَلَى دُخُولِ الشَّاحِنَاتِ.
فَفِي مِصْرَ، تَقِفُ فِي الْعَرِيشِ أَرْبَعٌ وَأَرْبَعُونَ شَاحِنَةً لِمُنَظَّمَةِ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةِ مُحَمَّلَةً بِالْإِمْدَادَاتِ الصِّحِّيَّةِ، وَأَرْبَعُونَ شَاحِنَةً فِي الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ، تَنْتَظِرُ فَتْحَ مَعْبَرِ رَفَحَ لِلدُّخُولِ، نَاهِيكُمْ عَنْ شَاحِنَاتٍ تَابِعَةٍ لِجِهَاتٍ إِنْسَانِيَّةٍ أُخْرَى. وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ الْأَوْلَوِيَّةُ الْفَوْرِيَّةُ لِفَتْحِ مَعْبَرِ رَفَحَ عَلَى الْأَمَدِ الطَّوِيلِ، لِضَمَانِ التَّدَفُّقِ الْوَاسِعِ وَغَيْرِ الْمُقَيَّدِ لِلْمُسَاعَدَاتِ الَّتِي تَشْتَدُّ إِلَيْهَا الْحَاجَةُ، وَوُصُولِ الْمُسَاعَدَاتِ دُونَ قُيُودٍ أَوْ عَوَائِقَ عَبْرَ جَمِيعِ الطُّرُقِ وَالْمَعَابِرِ الْمُتَاحَةِ.
وَمَا زَالَ مُوَظَّفُو الْمُنَظَّمَةِ وَشُرَكَاؤُهَا فِي غَزَّةَ يُوَاجِهُونَ تَحَدِّيَاتٍ كَبِيرَةً فِي الْوُصُولِ إِلَى الْمَرَافِقِ الصِّحِّيَّةِ، وَكَذَلِكَ قَوَافِلُ الْمُسَاعَدَاتِ الَّتِي قُيِّدَتْ حَرَكَتُهَا أَوْ مُنِعَتْ مِنَ الْوُصُولِ إِلَى وِجْهَتِهَا. فَالْعَامِلُونَ فِي مَجَالَيِ الصِّحَّةِ وَالْإِغَاثَةِ يُعَانُونَ أَشَدَّ الْمُعَانَاةِ وَهُمْ يُحَاوِلُونَ عِلَاجَ الْمَرْضَى بِمَوَارِدَ شَحِيحَةٍ، الْأَمْرُ الَّذِي أَدَّى إِلَى الْتِهَابِ الْجُرُوحِ، وَعَمَلِيَّاتِ بَتْرِ الْأَعْضَاءِ، بَلْ أَدَّى إِلَى حَالَاتِ وَفَاةٍ، كَانَ مِنَ الْمُمْكِنِ تَجَنُّبُهَا لَوْ تَوَفَّرَتِ الْمَوَارِدُ الطِّبِّيَّةُ اللَّازِمَةُ لِلْعِلَاجِ. وَلَا أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِمَّا حَدَثَ مِنْ رَفْضٍ لِلطَّلَبَاتِ الْمُقَدَّمَةِ بِالسَّمَاحِ بِدُخُولِ بَعْثَاتٍ لِتَقْدِيمِ إِمْدَادَاتٍ طِبِّيَّةٍ إِلَى الْمُسْتَشْفَى الْأَهْلِيِّ وَمُسْتَشْفَى أَصْدِقَاءِ الْمَرِيضِ.
وَالْأَمْرُ فِي السُّودَانِ لَا يَخْتَلِفُ عَنْ غَزَّةَ، فَالنَّاسُ فِي دَارْفُورَ وَكُرْدُفَانَ وَالْخُرْطُومِ وَالْجَزِيرَةِ مَحْرُومُونَ فِعْلِيًّا مِنَ الْمُسَاعَدَاتِ الْإِنْسَانِيَّةِ، خَاصَّةً فِي دَارْفُورَ وَالْفَاشِرِ، فَهُنَاكَ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ أَلْفِ شَخْصٍ مَحْرُومِينَ مِنَ الْحُصُولِ عَلَى الْغِذَاءِ وَالرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ وَالْمُسْتَلْزَمَاتِ الطِّبِّيَّةِ.
وَقَدْ أُرْسِلَتْ إِلَى تَشَادَ بَعْثَةٌ رَفِيعَةُ الْمُسْتَوَى مِنْ خُبَرَاءَ فِي إِقْلِيمَيِ الْمُنَظَّمَةِ لِشَرْقِ الْمُتَوَسِّطِ وَأَفْرِيقِيَا، وَذَلِكَ لِتَقْيِيمِ الِاحْتِيَاجَاتِ الصِّحِّيَّةِ لِلَّاجِئِينَ وَالْمُجْتَمَعَاتِ الْمُسْتَضِيفَةِ لَهُمْ، وَأَيْضًا لِتَحْسِينِ وتَوْسِيعِ نِطَاقِ الْعَمَلِيَّاتِ عَبْرَ الْحُدُودِ لِتَصِلَ إِلَى وِلَايَاتِ دَارْفُورَ الْمُتَضَرِّرَةِ مِنَ النِّزَاعِ، وَخَاصَّةً إِيصَالِ الْإِمْدَادَاتِ الطِّبِّيَّةِ الْعَاجِلَةِ. وَفِي مَطْلَعِ هَذَا الْأُسْبُوعِ، نَجَحَتِ الْمُنَظَّمَةُ -فِي إِطَارِ عَمَلِيَّاتِهَا عَبْرَ الْحُدُودِ- فِي إِيصَالِ إِمْدَادَاتٍ طِبِّيَّةٍ إِلَى شَمَالِ دَارْفُورَ. وَهَذِهِ الْمُسَاعَدَاتُ تُلَبِّي بَعْضَ الِاحْتِيَاجَاتِ الصِّحِّيَّةِ لِمِائَتَيْنِ وَخَمْسَةِ آلَافِ شَخْصٍ. وَمَا زَالَ هُنَاكَ حَاجَةٌ قُصْوَى إِلَى تَوْسِيعِ عَمَلِيَّةِ تَوْصِيلِ الْإِمْدَادَاتِ إِلَى هَذِهِ الْمَنَاطِقِ. وَمَا زِلْنَا نَدْعُو إِلَى فَتْحِ مَعْبَرِ أَدْرِي بَيْنَ تَشَادَ وَدَارْفُورَ، فَسَوْفَ يَكُونُ مُنْقِذًا لِلْحَيَاةِ حَقًّا، وَهُوَ أَكْثَرُ الْمَعَابِرِ مَوْثُوقِيَّةً، عِنْدَمَا تَخْرُجُ الطُّرُقُ الْأُخْرَى عَنِ الْخِدْمَةِ فِي مَوْسِمِ الْأَمْطَارِ.
أَمَّا التَّحَدِّي الثَّانِي فَهُوَ الْهَجَمَاتُ الْمُتَكَرِّرَةُ عَلَى مَرَافِقِ الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ
مُنْذُ السَّابِعِ مِنْ تِشْرِينَ الْأَوَّلِ/ أُكْتُوبَرَ أَلْفَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ، أُبْلِغَ عَنْ أَلْفٍ وَثَلَاثِ هَجَمَاتٍ عَلَى الْمَرَافِقِ الصِّحِّيَّةِ فِي الْأَرْضِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ الْمُحْتَلَّةِ، أَيْ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ هَجْمَةٍ فِي مِائَتَيْنِ وَسَبْعَةٍ وَسَبْعِينَ يَوْمًا فَقَطْ.
وَفِي السُّودَانِ، تَحَقَّقَتِ الْمُنَظَّمَةُ مِنْ وُقُوعِ اثْنَتَيْنِ وثَمَانِينَ هَجْمَةً عَلَى مَرَافِقِ الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ مُنْذُ بِدَايَةِ الْأَعْمَالِ الْعَدَائِيَّةِ فِي نِيسَانَ/ أَبْرِيلَ مِنْ عَامِ أَلْفَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ، مَعَ الْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الْأَسَابِيعَ السِّتَّةَ الْأَخِيرَةَ وَحْدَهَا قَدْ شَهِدَتْ سَبْعَةَ عَشَرَ هُجُومًا عَلَى هَذِهِ الْمَرَافِقِ.
وَأُكَرِّرُ مَا تُنَادِي بِهِ مُنَظَّمَةُ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةِ دَوْمًا مِنْ أَنَّ حِمَايَةَ الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ أَمْرٌ لَا يَقْبَلُ التَّفَاوُضَ، وَيَنُصُّ عَلَيْهِ الْقَانُونُ الْإِنْسَانِيُّ الدَّوْلِيُّ، الَّذِي لَا يَسْتَثْنِي أَيَّ دَوْلَةٍ عُضْوٍ مِنَ الِالْتِزَامِ بِهِ.
وَأَمَّا التَّحَدِّي الثَّالِثُ فَهُوَ الْوِقَايَةُ مِنْ تَفَشِّي الْأَمْرَاضِ وَالِاسْتِجَابَةُ لَهَا.
فِي غَزَّةَ، أَدَّى تَرَاكُمُ الْقُمَامَةِ فِي الشَّوَارِعِ وَانْتِشَارُ مِيَاهِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ إِلَى تَزَايُدِ حَالَاتِ الْعَدْوَى التَّنَفُّسِيَّةِ الْحَادَّةِ، وَأَمْرَاضِ الْإِسْهَالِ، وَمُتَلَازِمَةِ الْيَرَقَانِ الْحَادَّةِ، وَالْعَدْوَى الْجِلْدِيَّةِ.
وَلَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ فِي السُّودَانِ كَذَلِكَ، فَقَدْ وَرَدَتْ تَقَارِيرُ تُفِيدُ بِانْتِشَارِ الْكُولِيرَا وَالْحَصْبَةِ وَالسُّعَالِ الدِّيكِيِّ وَالْمَلَارِيَا وَحُمَّى الضَّنْكِ وَالْتِهَابِ السَّحَايَا فِي وِلَايَاتٍ عِدَّةٍ فِي السُّودَانِ. فَهُنَاكَ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ مَلَايِينِ نَازِحٍ يَعِيشُونَ فِي ظُرُوفٍ بَالِغَةِ الْقَسْوَةِ، وَهُمْ يُعَانُونَ صُعُوبَةَ الْحُصُولِ عَلَى الْمِيَاهِ الْمَأْمُونَةِ وَالنَّظَافَةِ الْعَامَّةِ وَخِدْمَاتِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ وَمُكَافَحَةِ النَّوَاقِلِ وَالتَّمْنِيعِ وَالْأَدْوِيَةِ.
وَفِي الصُّومَالِ، بَلَغَ عَدَدُ حَالَاتِ الْكُولِيرَا وَالْإِسْهَالِ الْمَائِيِّ الْحَادِّ فِي الْأَشْهُرِ السِّتَّةِ الْأُولَى مِنْ عَامِ أَلْفَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ ضِعْفَ مُتَوَسِّطِ عَدَدِ الْحَالَاتِ فِي الْأَشْهُرِ السِّتَّةِ الْأُولَى مِنَ السَّنَوَاتِ الثَّلَاثِ الْمَاضِيَةِ. وَفِي الْيَمَنِ، ارْتَفَعَ هَذَا الْعَدَدُ بِنِسْبَةِ ثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ فِي الْمِائَةِ مُنْذُ هَذَا الْوَقْتِ مِنَ الْعَامِ الْمَاضِي.
إِنَّ زِيَادَةَ الِاسْتِثْمَارَاتِ مِنْ أَجْلِ السَّيْطَرَةِ عَلَى تَفَشِّي الْأَمْرَاضِ وَمَنْعِ انْتِشَارِهَا -دَاخِلَ الْبُلْدَانِ وَعَبْرَ الْحُدُودِ- أَمْرٌ بَالِغُ الْأَهَمِّيَّةِ. وَإِذَا كَانَتِ الْمُجْتَمَعَاتُ فِي حَاجَةٍ إِلَى أَنْظِمَةٍ صِحِّيَّةٍ وَأَنْظِمَةِ تَرَصُّدٍ تَتَمَتَّعُ بِالْحِمَايَةِ وَالْمَوَارِدِ الْجَيِّدَةِ فِي حَالَاتِ الطَّوَارِئِ، فَيَجِبُ أَنْ تَتَمَتَّعَ أَيْضًا بِإِمْكَانِيَّةِ الْوُصُولِ إِلَى مَصَادِرِ مِيَاهٍ آمِنَةٍ وَدَائِمَةٍ، وَخِدْمَاتِ الصَّرْفِ الصِّحِّيِّ.
وَالتَّحَدِّي الرَّابِعُ هُوَ أَنَّ تَخْفِيضَ التَّمْوِيلِ الْمُقَدَّمِ مِنَ الْجِهَاتِ الْمَانِحَةِ يُؤَدِّي إِلَى تَكْلِفَةٍ بَشَرِيَّةٍ حَقِيقِيَّةٍ وَمَأْسَاوِيَّةٍ.
يُعَانِي إِقْلِيمُ شَرْقِ الْمُتَوَسِّطِ حَالَاتِ طَوَارِئَ عَدِيدَةً لَمْ يَعُدِ الْعَالَمُ يُولِيهَا أَيَّ اهْتِمَامٍ. وَأَحَدُ أَسْبَابِ ذَلِكَ -لِلْأَسِفِ الشَّدِيدِ- هُوَ تَزَايُدُ الْحَالَاتِ الطَّارِئَةِ وَالْكَوَارِثِ الَّتِي تَحْدُثُ فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ الْعَالَمِ. نَاهِيكَ عَنْ أَنَّ مَلَايِينَ الْأَشْخَاصِ فِي إِقْلِيمِنَا مَا زَالُوا يُكَابِدُونَ وَيُكَافِحُونَ مِنْ أَجْلِ النَّجَاةِ وَالْبَقَاءِ عَلَى قَيْدِ الْحَيَاةِ، وَإِنْ كَانَتْ مُعَانَاتُهُمْ بَعِيدَةً عَنِ الْأَنْظَارِ.
فَعَلَى سَبِيلِ الْمِثَالِ، أَدَّى انْخِفَاضُ التَّمْوِيلِ الْمُقَدَّمِ مِنَ الْجِهَاتِ الْمَانِحَةِ لِلْمُنَظَّمَةِ إِلَى إِغْلَاقِ ثَلَاثَةِ مُسْتَشْفَيَاتٍ لِلْوِلَادَةِ فِي أَفْغَانِسْتَانَ، مُنْذُ بِدَايَةِ عَامِ أَلْفَيْنِ وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ. أَذْكُرُ مِنْهَا مُسْتَشْفًى رَئِيسِيًّا لِلْوِلَادَةِ فِي مُقَاطَعَةِ بَادَاخْشَانَ، كَانَ يُقَدِّمُ خِدْمَاتِهِ إِلَى مَا يُقَارِبُ خَمْسِينَ امْرَأَةً كُلَّ يَوْمٍ.
وَكَانَتِ الْمُنَظَّمَةُ تُقَدِّمُ الدَّعْمَ إِلَى أَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ مُسْتَشْفًى فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ أَفْغَانِسْتَانَ فِي عَامِ أَلْفَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ. فَاضْطُرَّتْ، بِسَبَبِ نَقْصِ التَّمْوِيلِ، إِلَى خَفْضِ هَذَا الْعَدَدِ إِلَى سِتَّةِ مُسْتَشْفَيَاتٍ فَقَطْ. وَانْخَفَضَ أَيْضًا الدَّعْمُ الْمُقَدَّمُ إِلَى الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ الْأَوَّلِيَّةِ انْخِفَاضًا كَبِيرًا، مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ وَسَبْعَةَ عَشَرَ مَرْكَزًا لِلرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ الْأَوَّلِيَّةِ فِي عَامِ أَلْفَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ إِلَى أَرْبَعَةٍ وَأَرْبَعِينَ مَرْكَزًا فِي عَامِ أَلْفَيْنِ
وَأَرْبَعَةٍ وَعِشْرِينَ. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنَ الدَّعَوَاتِ وَالنِّدَاءَاتِ الْحَثِيثَةِ الَّتِي أَطْلَقَتْهَا الْمُنَظَّمَةُ، فَلَمْ تَتَلَقَّ أَيَّ تَمْوِيلٍ إِضَافِيٍّ لِدَعْمِ الْمُسْتَشْفَيَاتِ وَالرِّعَايَةِ الْأَوَّلِيَّةِ فِي أَفْغَانِسْتَانَ، الْأَمْرُ الَّذِي اضْطَرَّهَا إِلَى تَحْدِيدِ خِدْمَاتٍ مُعَيَّنَةٍ تُقَدِّمُهَا وَأُخْرَى تُوقِفُهَا.
أَمَّا الصُّومَالُ فَهُوَ حَالَةُ الطَّوَارِئِ الصِّحِّيَّةِ الَّتِي عَانَتْ أَشَدَّ نَقْصٍ فِي التَّمْوِيلِ فِي إِقْلِيمِ شَرْقِ الْمُتَوَسِّطِ فِي عَامِ أَلْفَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ. فَفِي الصُّومَالِ مِائَةٌ وَعِشْرُونَ مَرْفَقًا صِحِّيًّا تَعْتَمِدُ فِي عَمَلِهَا عَلَى الْمُسَاعَدَاتِ الْإِنْسَانِيَّةِ، وَلَكِنَّهَا تُوَاجِهُ خَطَرَ الْإِغْلَاقِ قَرِيبًا نَتِيجَةً لِنَقْصِ التَّمْوِيلِ، الْأَمْرُ الَّذِي سَيَتْرُكُ مِلْيُونًا وَسَبْعَمِائَةَ أَلْفِ شَخْصٍ يُوَاجِهُونَ صُعُوبَةً وَمَحْدُودِيَّةً فِي الْوُصُولِ إِلَى الْخِدْمَاتِ الصِّحِّيَّةِ.
وَأَمَّا فِي سُورِيَا، فَإِنَّ مِائَةً وَثَلَاثَةً وَخَمْسِينَ مَرْفَقًا صِحِّيًّا سَيُوَاجِهُ خَطَرَ الْإِغْلَاقِ الْكُلِّيِّ أَوِ الْجُزْئِيِّ، إِذَا لَمْ تَجْرِ زِيَادَةُ التَّمْوِيلِ الْحَالِيِّ.
الزَّمِيلَاتُ وَالزُّمَلَاءُ الْأَعِزَّاءُ،
إِنَّ مُوَاجَهَةَ هَذِهِ التَّحَدِّيَاتِ بِفَعَّالِيَّةٍ يَتَطَلَّبُ مِنَ الدُّوَلِ الْأَعْضَاءِ وَالْمُجْتَمَعِ الدَّوْلِيِّ إِعْطَاءَ الْأَوْلَوِيَّةِ لِالْتِزَامَاتِهِمَا الْإِنْسَانِيَّةِ، مِثْلَ ضَمَانِ إِمْكَانِيَّةِ وُصُولِ الْمُسَاعَدَاتِ، وَالْحُصُولِ عَلَيْهَا دُونَ عَوَائِقَ، وَحِمَايَةِ الْعَامِلِينَ الصِّحِّيِّينَ، وَحِمَايَةِ الْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ الْحَيَوِيَّةِ لِلصِّحَّةِ الْعَامَّةِ. وَلَقَدْ صَارَتِ الدِّبْلُومَاسِيَّةُ الْإِنْسَانِيَّةُ حَاسِمَةً الْآنَ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ وَقْتٍ مَضَى، لِضَمَانِ وَقْفِ إِطْلَاقِ النَّارِ، وَتَأْمِينِ الْمَمَرَّاتِ الْآمِنَةِ لِلْمُسَاعَدَاتِ. وَيَجِبُ أَيْضًا تَوْفِيرُ مَوَارِدَ مَالِيَّةٍ كَافِيَةٍ لِلصِّحَّةِ لِجَمِيعِ النَّاسِ.
إِنَّ جُهُودَنَا الْجَمَاعِيَّةَ يَجِبُ أَنْ تُرَكِّزَ عَلَى إِعَادَةِ بِنَاءِ الْمُجْتَمَعَاتِ الْمَحَلِّيَّةِ وَالنُّظُمِ الصِّحِّيَّةِ، وَتَعْزِيزِ قُدْرَتِهَا عَلَى الصُّمُودِ، لِتَكُونَ أَكْثَرَ جَاهِزِيَّةً وَاسْتِعْدَادًا لِلتَّصَدِّي لِمَا قَدْ يُهَدِّدُهَا مِنْ جَوَائِحَ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
وَيَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْمَلَ بِمَزِيدٍ مِنَ الْجِدِّ لِلْوَفَاءِ بِهَذِهِ الِالْتِزَامَاتِ الْإِنْسَانِيَّةِ، اسْتِنَادًا إِلَى مَبَادِئِ التَّضَامُنِ وَالْإِنْصَافِ، وَذَلِكَ تَمَاشِيًا مَعَ اتِّفَاقِ الْمُنَظَّمَةِ بِشَأْنِ الْجَوَائِحِ، الَّذِي نَحُثُّ الدُّوَلَ الْأَعْضَاءَ عَلَى تَأْيِيدِهِ قَرِيبًا.
وَخِتَامًا، أُؤَكِّدُ مَرَّةً أُخْرَى أَنَّ مَا سَنَتَّخِذُهُ حَالِيًّا مِنْ إِجْرَاءَاتٍ هُوَ مَا سَيُحَدِّدُ قُدْرَتَنَا عَلَى حِمَايَةِ الصِّحَّةِ الْإِقْلِيمِيَّةِ وَالْعَالَمِيَّةِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
أَشْكُرُكُمْ جَزِيلَ الشُّكْرِ.
بيان الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية، بشأن زيارتها للأرض الفلسطينية المحتلة

11 تموز/ يوليو 2024، القاهرة، مصر -- عدتُ للتو من الأرض الفلسطينية المحتلة، حيث زرتُ الضفة الغربية، وأيضًا القدس الشرقية وجنين وغزة.
إن الوضع في غزة مثيرٌ للقلق على المستوى الإنساني من جهة، وعلى مستوى أعمال المساعدة الإنسانية أيضًا. ولقد شاهدتُ بنفسي حجم الدمار الهائل؛ فرأيت أشخاصًا أتت عليها الشدائدُ وأرهقت أرواحهم، ومنازل صارت أطلالاً وخرابًا، ومستشفيات مكتظة، ومدينةً مدمرة كليًا. إن النقصَ الحاد في الوقود زاد الوضع سوءا و يعرض جميع العمليات الصحية والإنسانية للخطر بل ويقوضها.
الشوارع المدمرة تجري فيها مياهُ الصرف الصحي و تتراكم في أنحائها القمامة، التي تفوح رائحتها الكريهة من جراء أسابيع من التراكم و التخمر في كل مكان. وهذا الوضعُ هو البيئة المثالية لانتشار الأمراض، و سبب في الزيادة المضطردة لحالات الإسهال المائي الحاد والعدوى التنفسية الحادة و غيرهم من الأمراض التي تم رصدها من بداية التصعد العسكري.
من أهم المخاطر التي تواجهها غزة اليوم هو انهيار القانون والنظام و العدوان و العنفَ المستمر. هذه عوامل تزيد في تدمير مدينةً منهارة ومحطمة وتخلق بيئةً شديدة الخطورة، ليس على العاملين في المجال الإنساني فحسب، ولكن على كل شخصٍ في غزة أيضًا.
وعلاوة على ذلك، فإن انهيار القانون والنظام يجعل التصدي للعنف القائم على النوع الاجتماعي أمرًا شبه مستحيل، مما يعرض الفلسطينيين النازحين للمزيد من المخاطر المُهددة لحياتهم.
في أثناء زيارتي، التقيتُ بموظفي منظمة الصحة العالمية في غزة، وكثير منهم من الموظفين المحليين الذين عانو خسائر بالغة ومعاناة شديدة القسوة على المستوى الشخصي. وعلى الرغم من تلك التحديات، فإنهم يواصلون المخاطرة بحياتهم من أجل إيصال الوقود والإمدادات الطبية إلى المستشفيات، ونقل المرضى إلى بر الأمان والرعاية، ساعين للتغلب على ما يجابههم من تأخيرات وعقبات بسبب الحرب القائمة.
ونتيجة لتصاعد الأعمال العدائية وتزايد الاحتياجات في غزة و أيضا في الضفة من بعد 7 أكتوبر، وسعت منظمةُ الصحة العالميةُ أعمالها و بالذات إهتمامها بسلسلة إمدادها الطبي لغزة و نقل المرضى. ومع ذلك، فإن قاسمًا كبيرًا من هذه المساعدات لا يزال عالقًا على الحدود، ممنوعًا من الدخول لمن هم في أمس الحاجة إليه، ولا يصل إلى غزة سوى جزء ضئيل منها وحتى إذا دخلت الإمدادات إلى غزة، فإن انهيار القانون وغياب النظام يصعِّبان على فرقنا إيصالها إلى المستشفيات رغم أنها بحاجة إليها على وجه السرعة.
أما بالنسبة للمرضى فإن هناك أعداد كبيرة بحاجة الى رعاية صحية و لا يجدونها.
وزرتُ أيضًا المستشفى الميداني التابع للهيئة الطبية الدولية في دير البلح، ذلك المستشفى الذي اضطر لتغيير مكانه مرتين وضاعف قدرته الاستيعابية ثلاث مرات خلال الأشهر القليلة الماضية. وهناك، قابلتُ جنى ابنة السبع سنوات، تلك الفتاة التي تعاني من حالة سوء تغذية حاد، وقد تم إجلاؤها من مستشفى كمال عدوان في الشمالِ قبل ثلاثة أشهر، ولا تزال تنتظر الإجلاء خارج غزة. وجنى حالة واحدة من أكثر من 10000 مريض بحاجة إلى رعاية متخصصة خارج القطاع، ولكنهم ما زالوا غير قادرين على الخروج لتلقيها منذ 7 أيار/ مايو. وأما حالاتهم فهي بين الإصابات الشديدة والأمراض المزمنة وغيرها.
في اجتماعاتي مع مهند هادي، نائب المنسق الخاص للأمم المتحدة والمنسق المقيم للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتور وينسلاند، المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، اتفقنا على الحاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية للتخفيف من المعاناة في غزة.
نحن بحاجة إلى أن تفي الدول الأعضاء بولايتها الدبلوماسية العالمية وأن تدفع نحو إقرار هدنة فورية وتعجل بذلك.
ونحتاج إلى فتح جميع الحدود، وخاصة معبر رفح، والسماح بتدفق الوقود والإمدادات الطبية وغيرها من المساعدات الإنسانية الأساسية.
ونحتاج إلى تمكين أولئك المحتاجين إلى رعاية طبية من مغادرة القطاع وتلقي الرعاية اللازمة.
وفيما قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر، وعلى الرغم من الحاجة إلى استصدار تصاريح، كان بمقدور سكان غزة طلب الرعاية الطبية في الضفة الغربية، وحتى القدس الشرقية. ولابد من استعادة إمكانية الحصول على هذه الرعاية. ويجب أيضًا السماح بخروج من يحتاجون إلى رعاية طبية في بلدان أخرى، دون مزيد من التأخير.
إن سكان غزة بحاجة إلى ما هو أكثر من الغذاء والماء والدواء - فهم بحاجة إلى الحماية والسلام والأمن والكرامة. ولقد قال لي أحد الرجال: "إننا نتوق إلى وقف إطلاق النار، لنحصل على فرصة للعيش دون خوف."
وقالت لي امرأة إن لديها سؤالاً واحدًا تريد من العالم الإجابة عليه. ثم أردفت: "هل تعتبروننا بشرًا؟"، وكررت سؤالها ثلاث مرات.
وخلال زيارتي التي استمرت أحد عشر يومًا، سافرتُ إلى الضفة الغربية، حيث شاهدتُ تدهورًا سريعًا في الوضع الصحي. في مستشفى جنين العام وعيادة الأونروا، علمتُ كيف تودي الهجمات المتكررة بحياة العاملين في المجال الصحي أو تسبب إصابتهم، ورأيتُ الأضرار الواسعة التي لَحِقَت بالبنية التحتية والمعدات الطبية.
ونظرًا لتضرر الطرق وتقييد إمكانية الوصول، أنشأت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها، وفيهم جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، خدمات طبية متنقلة للوصول إلى الناس في مكان الإصابة.
وعلاوة على ذلك، دعمت منظمةُ الصحة العالمية التدريبَ على إدارة الإصابات الجماعية وتخطيط الاستجابة لها في مستشفى جنين العام وستة مستشفيات أخرى في الضفة الغربية. ويظل هدفنا هو توفير رعاية سلسة وفعالة للإصابات الشديدة والرضوح على جميع المستويات، بناءً على الدروس المستفادة من غزة.
وبينما ندعم حق جميع الفلسطينيين في الصحة، فإن علينا أيضًا العمل على تعزيز الأنظمة الصحية الهشة بالفعل في البلدان المجاورة، وخاصة الأردن ولبنان وسوريا.
وإنه ليساورنا قلق شديد بشأن تصاعد العنف على طول الحدود بين لبنان وإسرائيل، الأمر الذي تسبب في زيادة الوفيات والإصابات بين المدنيين والعاملين في المجال الصحي، وكذلك زيادة النزوح، والأضرار التي لَحِقَت بالبنية التحتية الصحية.
وبكل أسف وأسى، نشأت أجيال كاملة في إقليمنا لا تعرف شيئًا سوى الصراع والحرمان. وستظل معالجة الأسباب السياسية الجذرية لحالات الطوارئ هذه ليست مجرد ضرورة إنسانية، بل إنها استثمار استراتيجي في الاستقرار والأمن الإقليميين.
ولكم جزيل الشكر.