بيان المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، الدكتورة حنان حسن بلخي، في الإحاطة الإعلامية
السابع من آب/ أغسطس لعام ألفين وأربعة وعشرين
مَسَاءُ الخَيْرِ،
شُكْرًا جَزِيلًا لِحُضُورِكُمْ.
مَرَّةً أُخْرَى، كَشَفَتِ الْأَحْدَاثُ الْمُتَتَابِعَةُ وَالْجَسِيمَةُ فِي الْأُسْبُوعَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ عَنْ عُمْقِ وَتَعْقِيدَاتِ نِطَاقِ حَالَاتِ الطَّوَارِئِ فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ الْإِقْلِيمِ. فَقَدْ شَهِدَتْ هَذِهِ الْفَتْرَةُ الْوَجِيزَةُ سِلْسِلَةً مِنَ التَّطَوُّرَاتِ الْمُقْلِقَةِ؛ بَدْءًا بِاكْتِشَافِ سُلَالَاتٍ مُتَحَوِّرَةٍ مِنْ فَيْرُوسِ شَلَلِ الْأَطْفَالِ فِي غَزَّةَ، وَمُرُورًا بِضَرَبَاتٍ عَسْكَرِيَّةٍ وَاغْتِيَالَاتٍ فِي عِدَّةِ دُوَلٍ، الْأَمْرُ الَّذِي يُنْذِرُ بِتَهْدِيدَاتٍ أَشَدَّ لِلْأَمْنِ الْإِقْلِيمِيِّ، وَوُصُولًا إِلَى إِعْلَانِ تَحَقُّقِ ظُرُوفِ الْمَجَاعَةِ فِي شَمَالِ دَارْفُورَ بِالسُّودَانِ، وَلَمْ يَقِفِ الْأَمْرُ عِنْدَ هَذَا الْحَدِّ، بَلِ امْتَدَّ إِلَى مَوْجَاتِ حَرٍّ وَفَيَضَانَاتٍ قَاتِلَةٍ تُبْرِزُ مُجَدَّدًا الْآثَارَ الْمُتَزَايِدَةَ لِلتَّغَيُّرِ الْمُنَاخِيِّ.
وأَوَدُّ بِدَايَةً إِطْلَاعَكُمْ عَلَى مُسْتَجَدَّاتِ الْأُمُورِ فِي الْأَرْضِ الْفِلَسْطِينِيَّةِ الْمُحْتَلَّةِ.
فِي الْأُسْبُوعِ الْأَخِيرِ مِنْ شَهْرِ تَمُّوزَ/ يُولْيُو وَحْدَهُ، دَعَمَتْ مُنَظَّمَةُ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةُ الْإِجْلَاءَ الطِّبِّيَّ لِنَحْوِ مِائَةِ مَرِيضٍ مِنْ غَزَّةَ يُعَانُونَ مَجْمُوعَةً مِنَ الْحَالَاتِ الطِّبِّيَّةِ الْخَطِيرَةِ، وَمَعَهُمْ مُرَافِقُوهِمْ، إِلَى بَلْجِيكَا وَإِسْبَانْيَا وَالْإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ.
وَشَكَّلَ نَقْلُ خَمْسَةٍ وَثَمَانِينَ مَرِيضًا إِلَى الْإِمَارَاتِ الْأُسْبُوعَ الْمَاضِيَ أَكْبَرَ عَمَلِيَّةِ إِجْلَاءٍ طِبِّيٍّ مُنْذُ تِشْرِينَ الْأَوَّلِ/ أُكْتُوبَرَ أَلْفَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَعِشْرِينَ. وَلَقَدِ اتَّسَمَتِ الْعَمَلِيَّةُ بِتَعْقِيدٍ بَالِغٍ، إِذْ نُقِلَ الْمَرْضَى وَمُقَدِّمُو الرِّعَايَةِ مِنْ جَمِيعِ أَنْحَاءِ غَزَّةَ إِلَى مَعْبَرِ كَرْمِ أَبُو سَالِمٍ، وَمِنْ هُنَاكَ إِلَى مَطَارٍ إِسْرَائِيلِيٍّ، قَبْلَ أَنْ يَسْتَأْنِفُوا رِحْلَتَهُمْ إِلَى الْإِمَارَاتِ الْعَرَبِيَّةِ الْمُتَّحِدَةِ.
وَتُعْزَى صُعُوبَةُ الرِّحْلَةِ وَطَبِيعَتُهَا الشَّاقَّةُ، إِلَى حَدٍّ كَبِيرٍ، إِلَى إِغْلَاقِ مَعْبَرِ رَفَحَ مُنْذُ السَّادِسِ مِنْ أَيَّارَ/ مَايُو الْمَاضِي. وَمِمَّا لَا رَيْبَ فِيهِ أَنَّ عُبُورَ هَؤُلَاءِ الْمَرْضَى مِنْ مَعْبَرِ رَفَحَ إِلَى مِصْرَ كَانَ سَيُتِيحُ لَهُمْ مَسَارًا أَيْسَرَ وَأَقْصَرَ بِكَثِيرٍ، مُخَفِّفًا عَنْهُمُ الْكَثِيرَ مِنَ الْمُعَانَاةِ وَالْمَشَقَّةِ. وَلَقَدْ دَأَبْنَا مُنْذُ أَشْهُرٍ عَلَى الدَّعْوَةِ لِفَتْحِ جَمِيعِ الطُّرُقِ الْمُمْكِنَةِ أَمَامَ الْمَرْضَى، وَعَلَى رَأْسِهَا مَعْبَرَا كَرْمِ أَبُو سَالِمٍ وَرَفَحَ إِلَى الْأُرْدُنِ وَمِصْرَ، وَمِنْ هُنَاكَ إِلَى بُلْدَانٍ أُخْرَى.
وَنُوَاصِلُ أَيْضًا الدَّعْوَةَ إِلَى اسْتِئْنَافِ تَحْوِيلِ الْمَرْضَى وَعَمَلِيَّاتِ الْإِجْلَاءِ إِلَى الضِّفَّةِ الْغَرْبِيَّةِ، وَخُصُوصًا الْقُدْسَ الشَّرْقِيَّةَ، إِذْ لَا يَزَالُ أَكْثَرُ مِنْ عَشَرَةِ آلَافِ شَخْصٍ فِي غَزَّةَ بِحَاجَةٍ إِلَى الْإِجْلَاءِ الطِّبِّيِّ.
وَثَمَّةَ قَلَقٌ بَالِغٌ جَرَّاءَ اكْتِشَافِ نَوْعٍ مُتَحَوِّرٍ مِنْ فَيْرُوسِ شَلَلِ الْأَطْفَالِ مِنَ النَّمَطِ الثَّانِي فِي عَيِّنَاتٍ بِيئِيَّةٍ فِي غَزَّةَ. وَعَلَى الرَّغْمِ مِنْ عَدَمِ اكْتِشَافِ أَيِّ حَالَاتٍ سَرِيرِيَّةٍ لِشَلَلِ الْأَطْفَالِ حَتَّى الْآنَ، فَإِنَّ الْمَخَاطِرَ الْمُحْدِقَةَ بِالْأَطْفَالِ جَسِيمَةٌ وَكَثِيرَةٌ، الْأَمْرُ الَّذِي يَسْتَدْعِي مِنَّا تَحَرُّكًا عَاجِلًا لِاحْتِوَاءِ الْفَيْرُوسِ وَالْحَيْلُولَةِ دُونَ انْتِشَارِهِ. وَلِهَذِهِ الْغَايَةِ، تَتَعَاوَنُ مُنَظَّمَةُ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةُ مَعَ وِزَارَةِ الصِّحَّةِ وَالْيُونِيسِفِ فِي اتِّخَاذِ عِدَّةِ تَدَابِيرَ رَئِيسِيَّةٍ، وَمِنْهَا مَثَلًا خُطَطٌ لِعِدَّةِ حَمَلَاتِ تَطْعِيمٍ ضِدَّ شَلَلِ الْأَطْفَالِ.
وَلَا بُدَّ لِي هُنَا مِنَ التَّحَلِّي بِالْوُضُوحِ وَأَنْ أُؤَكِّدَ أنَّنَا بِحَاجَةٍ إِلَى وَقْفٍ دَائِمٍ لِإِطْلَاقِ النَّارِ، لِضَمَانِ تَنْفِيذِ هَذِهِ الْحَمَلَاتِ بِنَجَاحٍ. وَأُشَدِّدُ هُنَا عَلَى أَنَّ الْإِخْفَاقَ دُونَ تَحْقِيقِ ذَلِكَ يَعْنِي الْمُجَازَفَةَ بِانْتِشَارِ الْفَيْرُوسِ عَلَى نِطَاقٍ أَوْسَعَ، وَحَتَّى عَبْرَ الْحُدُودِ.
ثَانِيًا؛ يُسَاوِرُ الْمُنَظَّمَةَ قَلَقٌ بَالِغٌ إِزَاءَ التَّصْعِيدِ الْمُتَوَاصِلِ لِلْأَحْدَاثِ فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ الْإِقْلِيمِ.
فَخِلَالَ الْأُسْبُوعَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ، أَدَّتِ الضَّرَبَاتُ الْقَاتِلَةُ ضِدَّ الْمَدَنِيِّينَ وَالْكِيَانَاتِ السِّيَاسِيَّةِ وَالْبِنَى التَّحْتِيَّةِ إِلَى تَفَاقُمٍ سَرِيعٍ لِمَخَاطِرِ انْدِلَاعِ حَرْبٍ أَوْسَعَ نِطَاقًا.
وَمِمَّا يُؤْسَفُ لَهُ أَنَّهُ يَتَحَتَّمُ عَلَيْنَا الِاسْتِعْدَادُ وَالتَّحَسُّبُ بِشَكْلٍ مَلْمُوسٍ لِاتِّسَاعِ الصِّرَاعِ وَمَا قَدْ يَنْطَوِي عَلَيْهِ ذَلِكَ مِنْ تَدَاعِيَاتٍ، وَهَا هِيَ مُنَظَّمَةُ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةُ تَضْطَلِعُ بِدَوْرِهَا فِي هَذَا الصَّدَدِ. فَفِي لُبْنَانَ، نَعْكُفُ عَلَى نَشْرِ خُبَرَاءَ فِي حَالَاتِ الطَّوَارِئِ وَإِرْسَالِ الْإِمْدَادَاتِ الْحَيَوِيَّةِ لِدَعْمِ وِزَارَةِ الصِّحَّةِ. وَزَوَّدْنَا أَيْضًا مَرْكَزَ عَمَلِيَّاتِ الطَّوَارِئِ التَّابِعَ لِوِزَارَةِ الصِّحَّةِ بِالْمُعِدَّاتِ وَالدَّعْمِ الْفَنِّيِّ وَالْكَوَادِرِ اللَّازِمَةِ لِتَنْسِيقِ أَنْشِطَةِ الطَّوَارِئِ وَضَمَانِ سَلَامَةِ أَنْظِمَةِ التَّرَصُّدِ وَتَوَفُّرِ الْإِمْدَادَاتِ الْكَافِيَةِ فِي الْمُسْتَشْفَيَاتِ. وَعَزَّزَتِ الْمُنَظَّمَةُ أَيْضًا قُدُرَاتِ ثَمَانِيَةٍ وَتِسْعِينَ مُسْتَشْفًى عَلَى التَّدْبِيرِ الْعِلَاجِيِّ لِلْإِصَابَاتِ الْجَمَاعِيَّةِ، بِالْإِضَافَةِ إِلَى التَّخْزِينِ الْمُسْبَقِ لِعِشْرِينَ مَجْمُوعَةً مِنْ لَوَازِمِ إِسْعَافِ الْمُصَابِينَ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمُسْتَلْزَمَاتِ الْمُنْقِذَةِ لِلْحَيَاةِ.
وَنَتَعَاوَنُ أَيضًا مَعَ الْمَسْؤُولِينَ الصِّحِّيِّينَ فِي سُورِيَا وَإِيرَانَ وَالْأُرْدُنِ وَبُلْدَانٍ أُخْرَى لِوَضْعِ خُطَطِ طَوَارِئَ احْتِيَاطِيَّةٍ. وَإِنَّنَا لَنَأْمَلُ وَنَدْعُو أَلَّا نَضْطَرَّ يَوْمًا إِلَى تَفْعِيلِ هَذِهِ الْخُطَطِ.
أَمَّا فِي السُّودَانِ، فَإِنَّ الْمُسْتَوَى الْمُفْزِعَ مِنْ انْعِدَامِ الْأَمْنِ الْغِذَائِيِّ يَكْشِفُ عَنْ وَاقِعٍ مَأْسَاوِيٍّ تَقْشَعِرُّ لَهُ الْأَبْدَانُ. وَيُظْهِرُ أَحْدَثُ تَحْلِيلٍ أَجْرَتْهُ لَجْنَةُ مُرَاجَعَةِ الْمَجَاعَةِ، ضِمْنَ التَّصْنِيفِ الْمَرْحَلِيِّ الْمُتَكَامِلِ لِلْأَمْنِ الْغِذَائِيِّ، أَنَّ الْعُنْفَ الْمُسْتَمِرَّ قَدْ دَفَعَ أَجْزَاءً مِنْ شَمَالِ دَارْفُورَ، وَلَا سِيَّمَا مُخَيَّمُ زَمْزَمَ، إِلَى هَاوِيَةِ الْمَجَاعَةِ. وَمُخَيَّمُ زَمْزَمَ أَحَدُ أَكْبَرِ مُخَيَّمَاتِ النَّازِحِينَ دَاخِلِيًّا، إِذْ يُقَدَّرُ عَدَدُ سُكَّانِهِ بِنَحْوِ خَمْسِمِائَةِ أَلْفِ شَخْصٍ عَلَى الْأَقَلِّ. وَقَدْ ذَكَرَتِ اللَّجْنَةُ أَنَّ مَنَاطِقَ أُخْرَى فِي السُّودَانِ –فِي دَارْفُورَ وَغَيْرِهِ– قَدْ تَكُونُ عَلَى شَفَا الْمَجَاعَةِ، وَأَنَّ خَطَرَ اتِّسَاعِ نِطَاقِ الْمَجَاعَةِ لَا يَزَالُ قَائِمًا مَا دَامَ النِّزَاعُ مُسْتَمِرًّا ووُصُولُ الْمُسَاعَدَاتِ الْإِنْسَانِيَّةِ مُقَيَّدًا.
إِنَّ هَذَا التَّدَهْوُرَ الْمَأْسَاوِيَّ، الَّذِي كَانَ بِالْإِمْكَانِ تَفَادِيهِ تَمَامًا، يَرْفَعُ سَقْفَ التَّحَدِّيَاتِ أَمَامَ عَمَلِيَّاتِنَا الْإِنْسَانِيَّةِ وَيَزِيدُ مَخَاطِرَهَا بِشَكْلٍ كَبِيرٍ. فَنَحْنُ بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلَى الْوُصُولِ إِلَى الْمُحْتَاجِينَ عَبْرَ جَمِيعِ الطُّرُقِ الْمُمْكِنَةِ، وَخَاصَّةً الْمَعَابِرَ الْحُدُودِيَّةَ. وَقَدْ حَقَّقْنَا نَجَاحًا مُتَوَاضِعًا الْأُسْبُوعَ الْمَاضِيَ، إِذْ تَمَكَّنَّا مِنْ إِيصَالِ بَعْضِ الْإِمْدَادَاتِ الطِّبِّيَّةِ إِلَى شَرْقِ دَارْفُورَ وَجَنُوبِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا أَرَدْنَا حَقًّا تَلْبِيَةَ الِاحْتِيَاجَاتِ الْمُلِحَّةِ الْمُنْقِذَةِ لِحَيَاةِ الْفِئَاتِ الْأَكْثَرِ ضَعْفًا وَعُرْضَةً لِلْمَخَاطِرِ فِي دَارْفُورَ، فَإِنَّ فَتْحَ مَعْبَرِ أَدْرِي الْحُدُودِيِّ بَيْنَ تَشَادَ وَالسُّودَانِ أَمْرٌ حَيَوِيٌّ لَا غِنَى عَنْهُ.
وَفِي شَتَّى أَنْحَاءِ السُّودَانِ، لَا يَزَالُ النِّزَاعُ يُسَبِّبُ نُزُوحَ الْآلَافِ وَتَشْرِيدَهُمْ. وَكَمَا أَشَرْتُ سَابِقًا، لَا يَزَالُ السُّودَانُ يُمَثِّلُ أَكْبَرَ أَزْمَةِ نُزُوحٍ فِي الْعَالَمِ، إِذْ أُجْبِرَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مِلْيُونَ شَخْصٍ عَلَى تَرْكِ دِيَارِهِمْ. وَلَقَدْ تَفَاقَمَ الْوَضْعُ بِشِدَّةٍ عَلَى إِثْرِ الْأَمْطَارِ الْغَزِيرَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الشَّرْقِ وَالْجَنُوبِ وَالْغَرْبِ، فَقَدْ أَجْبَرَتِ الْمَزِيدَ وَالْمَزِيدَ مِنَ النَّاسِ عَلَى النُّزُوحِ، وَعَرْقَلَتْ إِيصَالَ الْمُسَاعَدَاتِ الْإِنْسَانِيَّةِ.
لَقَدْ أُصِبْتُ بِالذُّهُولِ –وَالْغَضَبِ الشَّدِيدِ– عِنْدَ الِاطِّلَاعِ عَلَى تَقْرِيرِ مُنَظَّمَةِ هيومن رايتس ووتش الَّذِي يَسْتَعْرِضُ بِالتَّفْصِيلِ انْتِشَارَ الْعُنْفِ الْجِنْسِيِّ عَلَى نِطَاقٍ وَاسِعٍ فِي جَمِيعِ أَنْحَاءِ الْبِلَادِ. فَقَدْ تَعَرَّضَتْ فَتَيَاتٌ لَا تَتَجَاوَزُ أَعْمَارُهُنَّ تِسْعَ سَنَوَاتٍ وَنِسَاءٌ فِي السِّتِّينَ مِنَ الْعُمْرِ لِلِاغْتِصَابِ وَالِاغْتِصَابِ الْجَمَاعِيِّ عَلَى أَيْدِي الْأَطْرَافِ الْمُتَحَارِبَةِ. وَلَعَلَّ اتِّخَاذَ الِاغْتِصَابِ الْمُمَنْهَجِ سِلَاحًا فِي هَذِهِ الْحَرْبِ هُوَ الْوَجْهُ الْأَكْثَرُ وَحْشِيَّةً وَفَظَاعَةً فِي هَذَا النِّزَاعِ.
وَمَرَّةً أُخْرَى، تَبْذُلُ الْمُنَظَّمَةُ قُصَارَى جَهْدِهَا لِدَعْمِ النَّاجِينَ. وَتُدَرِّبُ مُنَظَّمَةُ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةُ الْعَامِلِينَ الصِّحِّيِّينَ عَلَى التَّدْبِيرِ الْعِلَاجِيِّ السَّرِيرِيِّ لِلْحَالَاتِ الَّتِي تَعَرَّضَتْ لِلِاغْتِصَابِ، وَتَقْدِيمِ الدَّعْمِ النَّفْسِيِّ وَالِاجْتِمَاعِيِّ، وَالْإِحَالَةِ، مَتَى أَمْكَنَ، إِلَى الخِدْمَاتِ الْأَسَاسِيَّةِ الْأُخْرَى.
وَفِي أَنْحَاءٍ أُخْرَى مِنَ الْإِقْلِيمِ، تَتَسَبَّبُ الظَّوَاهِرُ الْمُنَاخِيَّةُ الْقُصْوَى، وَمِنْهَا الْفَيَضَانَاتُ وَمَوْجَاتُ الْحَرِّ وَالْعَوَاصِفُ، فِي تَعْطِيلِ حَيَاةِ النَّاسِ وَسُبُلِ عَيْشِهِمْ. وَقَدْ وَرَدَتْنَا تَقَارِيرُ عَنْ وَفَيَاتٍ وَإِصَابَاتٍ نَجَمَتْ عَنْ مَوْجَاتِ الْحَرِّ فِي بَعْضِ بُلْدَانِ الْمَنْطِقَةِ.
وَقَدْ أَسْفَرَتِ الْفَيَضَانَاتُ الْعَارِمَةُ الَّتِي اجْتَاحَتْ أَفْغَانِسْتَانَ مُؤَخَّرًا عَنْ سُقُوطِ ثَمَانِيَةٍ وَخَمْسِينَ قَتِيلًا وَإِصَابَةِ ثَلَاثِمِائَةٍ وَثَمَانِينَ شَخْصًا.
وَقَدْ سَارَعَتْ مُنَظَّمَةُ الصِّحَّةِ الْعَالَمِيَّةُ إِلَى دَعْمِ نِظَامِ الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ عَبْرَ إِيصَالِ أَكْثَرَ مِنْ مِائَةٍ وَسِتِّينَ طُنًّا مِتْرِيًّا مِنَ الْإِمْدَادَاتِ الطِّبِّيَّةِ، وَنَشْرِ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَيَّارَةَ إِسْعَافٍ لِلْإِحَالَاتِ، وَتَفْعِيلِ أَنْظِمَةِ إِدَارَةِ التَّدْبِيرِ الْعِلَاجِيِّ لِلْإِصَابَاتِ الْجَمَاعِيَّةِ، وَإِرْسَالِ سِتَّةَ عَشَرَ فَرِيقًا مُتَنَقِّلًا لِلصِّحَّةِ وَالتَّغْذِيَةِ.
وَتَأْتِي هَذِهِ الْفَيَضَانَاتُ وَمَوْجَاتُ الْحَرَارَةِ فِي سِيَاقِ مُنَاخٍ قَاسٍ يَزِيدُ وَتِيرَةَ وُقُوعِ الْحَوَادِثِ الْمُنَاخِيَّةِ الْقَاسِيَةِ وَشِدَّتِهَا. وَلِهَذِهِ الْحَوَادِثِ أَيْضًا آثَارٌ أَوْسَعُ نِطَاقًا عَلَى الصِّحَّةِ، وَمِنْهَا زِيَادَةُ انْتِشَارِ الْأَمْرَاضِ الْمَحْمُولَةِ بِالنَّوَاقِلِ وَالْأَمْرَاضِ الْمَحْمُولَةِ بِالْمَاءِ، وَزِيَادَةُ مُضَاعَفَاتِ الْأَمْرَاضِ غَيْرِ السَّارِيَةِ، وَخَفْضُ إِنْتَاجِ الْغِذَاءِ، وَتَقَلُّصُ الْقُوَى الْعَامِلَةِ الصِّحِّيَّةِ، وَتَضَرُّرُ الْبِنَى التَّحْتِيَّةِ الصِّحِّيَّةِ، بِالْإِضَافَةِ إِلَى الْأَثَرِ النَّفْسِيِّ وَالْعَقْلِيِّ.
وَيُشَكِّلُ تَغَيُّرُ الْمُنَاخِ تَهْدِيدًا جَوْهَرِيًّا لِصِحَّةِ الْبَشَرِ. لِذَا حَانَ الْوَقْتُ لِلِانْتِقَالِ إِلَى إِجْرَاءَاتٍ جَمَاعِيَّةٍ وَمَلْمُوسَةٍ، وَإِدْرَاكِ أَنَّ هَذَا التَّهْدِيدَ لَا يَعْرِفُ وَلَا يَقِفُ عِنْدَ الْحُدُودِ، الْأَمْرُ الَّذِي يَجْعَلُ الْجَمِيعَ عُرْضَةً لِلْخَطَرِ.
الزَّمِيلَاتُ وَالزُّمَلَاءُ الْأَعِزَّاءُ،
فِي الْخِتَامِ، أَوَدُّ الْعَوْدَةَ إِلَى مَوْضُوعِ التَّوَتُّرَاتِ السِّيَاسِيَّةِ الْمُتَصَاعِدَةِ فِي الْإِقْلِيمِ.
إِنَّ السُّكَّانَ الْمَدَنِيِّينَ، الَّذِينَ يَرْزَحُونَ بِالْفِعْلِ تَحْتَ وَطْأَةِ الْعُنْفِ وَيُعَانُونَ الْجُوعَ وَالْمَرَضَ، يَجِبُ أَلَّا يَتَعَرَّضُوا لِمَزِيدٍ مِنَ التَّهْدِيدَاتِ.
وَعَلَيْنَا إِعَادَةُ بِنَاءِ النُّظُمِ الصِّحِّيَّةِ لَا الْإِمْعَانُ فِي تَدْمِيرِهَا، وَذَلِكَ لِكَيْ تَسْتَطِيعَ تِلْكَ النُّظُمُ تَحَمُّلَ الْمَزِيدِ مِنَ الصَّدَمَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ تُؤَثِّرَ فِينَا جَمِيعًا، وَلَيْسَ أَقَلَّهَا الْجَائِحَةُ التَّالِيَةُ.
إِنَّ الْجُهُودَ الْمَبْذُولَةَ فِي سَبِيلِ تَحْسِينِ فُرَصِ الْحُصُولِ عَلَى الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ فِي هَذِهِ الْبُلْدَانِ تَأَثَّرَتْ بِالْفِعْلِ بِمَحْدُودِيَّةِ الْقُدُرَاتِ وَالْمَوَارِدِ الصِّحِّيَّةِ، وَآثَارِ الْعُقُوبَاتِ، وَالْبِنْيَةِ التَّحْتِيَّةِ الْمُدَمَّرَةِ. وَلَا يَسَعُ هَذِهِ الْجُهُودَ تَحَمُّلُ الْمَزِيدِ مِنَ الْعَرَاقِيلِ.
وَيَجِبُ أَنْ يَنْصَبَّ تَرْكِيزُنَا الْجَمَاعِيُّ عَلَى دَفْعِ خُطَّةِ الصِّحَّةِ الْإِقْلِيمِيَّةِ قُدُمًا، وَتَجَنُّبِ تَعَرُّضِهَا لِمَزِيدٍ مِنَ الِانْتِكَاسَاتِ.
إِنَّ كُلَّ دَوْلَةٍ عُضْوٍ لَهَا مَصْلَحَةٌ فِي ضَمَانِ الْأَمْنِ الْبَشَرِيِّ وَالصِّحِّيِّ لِإِقْلِيمِنَا. وَلَا بُدَّ مِنْ بَذْلِ كُلِّ الْجُهُودِ الدُّبْلُومَاسِيَّةِ لِمَنْعِ تَفَاقُمِ هَذَا الْوَضْعِ الْمُقْلِقِ.
وَبَيْنَمَا تَتَعَاوَنُ الْمُنَظَّمَةُ مَعَ الشُّرَكَاءِ فِي سَبِيلِ إِنْقَاذِ كُلِّ حَيَاةٍ نَسْتَطِيعُ إِنْقَاذَهَا، فَإِنَّنَا نَحْتَاجُ إِلَى الْتِزَامَاتٍ مِنْ جَمِيعِ الْأَطْرَافِ الْمُتَحَارِبَةِ بِاحْتِرَامِ قُدْسِيَّةِ الرِّعَايَةِ الصِّحِّيَّةِ احْتِرَامًا تَامًّا غَيْرَ مَشْرُوطٍ.
إِنَّنَا بِحَاجَةٍ إِلَى الْوُصُولِ غَيْرِ الْمَشْرُوطِ وَغَيْرِ الْمُقَيَّدِ إِلَى جَمِيعِ الْمُحْتَاجِينَ إِلَى الرِّعَايَةِ وَالْمُسَاعَدَةِ.
وَنَحْنُ بِحَاجَةٍ إِلَى مُبَاشَرَةِ الْعَمَلِ الْإِنْسَانِيِّ بِمَنْأًى عَنِ التَّسْيِيسِ وَالْهَجَمَاتِ.
وَنَحْنُ أَيْضًا بِحَاجَةٍ إِلَى تَمْوِيلٍ مُسْتَدَامٍ.
وَخِتَامًا –وَكَمَا نُؤَكِّدُ مِرَارًا وَتَكْرَارًا– فَإِنَّنَا فِي أَمَسِّ الْحَاجَةِ إِلَى السَّلَامِ.
معًا لسد الفجوة ودعم الأمهات المرضعات

بمناسبة الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية لعام 2024، أكدت الدكتورة حنان حسن بلخي، مديرة منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، أن: «الرضاعة الطبيعية مُهمة لكلٍ من الطفل والأم. فهي تحمي الرضيع من الأمراض وسوء التغذية، كما تقلل من خطر إصابة الأم بالسكري والسمنة وحتى بعض أنواع السرطان. وكثيرٌ من النساء لا يُرضعن أطفالهن رضاعةً طبيعيةً طالما يرغبن في ذلك بسبب القيود والالتزامات. ولا بد من تغيير ذلك الوضع.»
ويدعو الأسبوع العالمي للرضاعة الطبيعية إلى دعم جميع الأمهات المرضعات لتمكينهن من إرضاع أطفالهن رضاعةً طبيعيةً طالما يرغبن في ذلك.

ويجب أن تحصل جميع النساء على ما يلي:
إجازة أمومة مدفوعة الأجر لمدة 18 أسبوعًا على الأقل، ويُفضل أن تكون أكثر من 6 أشهر
فترة راحة إضافية مدفوعة الأجر للرضاعة الطبيعية أو لاعتصار لبن الأم بعد انتهاء إجازة الأمومة والعودة إلى العمل
مرونة في خيارات العودة إلى العمل
وبعد إجازة الأمومة، يمكن لأرباب العمل أن يقدموا خياراتٍ مثل:

الجداول الزمنية المرنة في العمل
رعاية الأطفال في أماكن العمل
العمل عن بُعد
العمل بدوامٍ جزئي
السماح للأمهات بإحضار أطفالهن إلى مكان العمل
منظمةُ الصحة العالمية والإمارات العربية المتحدة تُجليان 85 مريضًا من غزة

30 تموز/ يوليو 2024
القدس، القاهرة، جنيف - تم اليوم إجلاء 85 مريضًا ومصابًا بجروحٍ خطيرةٍ من غزة إلى أبو ظبي، في الإمارات العربية المتحدة، لتلقي الرعاية المتخصصة. وتحقق هذا الإجلاءُ شديد التعقيد بدعمٍ وشراكة بين منظمة الصحة العالمية وحكومة الإمارات العربية المتحدة وشركاء آخرين، وهذا أكبر إجلاء طبي إلى خارج غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وقالت الدكتورةُ حنان حسن بلخي، المديرةُ الإقليميةُ لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: «إني ممتنة للغاية لدولة الإمارات العربية المتحدة لإجلائها مرضى ومصابين بجروحِ خطيرة من غزة وتقديم الرعاية الطبية المُنقذِة للحياة لهم. وهذه المبادرة دليلٌ واضحٌ على ما نحتاج إليه بشكلٍ عاجلٍ من تضامن بينيٍّ على مستوى الإقليم؛ فدعم شعوب الإقليم يجب أن يبدأ من داخل الإقليم نفسه. ولا يزال الآلاف داخل غزة معرضين للخطر ما لم يحصلوا على الرعاية الطبية المتخصصة. وإنني أحث الدول الأعضاء القادرة على استقبال ورعاية المزيد من المرضى على الإسراع بذلك».
وهذه المجموعة ضمت 35 طفلاً و50 بالغًا تم نقلهم - بدعم من المنظمة - من غزة عبر معبر كرم أبو سالم إلى مطار رامون في إسرائيل. وضمن هذه المجموعة ثلاثة وخمسون مريضًا مصابون بالسرطان، بينهم أربعة أطفال، وعشرون مريضًا مصابون بإصابات شديدة، وثلاثة مصابون بأمراض الدم، مثل الثلاسيميا، وثلاثة مصابون بحالات مرضية ولادية، واثنان مصابان بفقرِ الدمِ الفانكوني، ومريض بحالة مرضية عصبية، وآخر مصاب بمرض في القلب، وواحد مصاب بمرض في الكبد، وواحد مصاب بالفشل الكُلوي. وبالإضافة إلى ذلك، رافقَ المرضى ثلاثة وستون من أفراد أسرهم ومقدمي الرعاية.
وقال الدكتورُ تيدروس أدحانوم غيبريسوس، المديرُ العام لمنظمة الصحة العالمية: "نحن ممتنون لدولة الإمارات العربية المتحدة لدعمها إجلاء هؤلاء المرضى لتلقي الرعاية العاجلة التي يحتاجون إليها. ونأمل أن يمهد ذلك السبيل إلى إنشاء ممرات إجلاء عبر جميع الطرق الممكنة، وخاصة معبرَي كرم أبو سالم ورفح إلى الأردن ومصر، ومن هناك إلى بلدان أخرى. وندعو أيضًا إلى استئناف عمليات الإجلاء إلى الضفة الغربية والقدس الشرقية. وأذكّر بأن آلاف المرضى يعانون دون داعٍ. ودائمًا وأبدًا، ندعو إلى وقف إطلاق النار".
وكان من المقرر تنفيذ الإجلاء في 29 تموز/ يوليه ولكنه أُرجئ، الأمر الذي أضاف تحديات كبيرة إلى العملية من جهة، واستلزم إعادة توجيه الموارد الشحيحة بالأصل.
وتمكن فريقُ المنظمة من تنظيم وإدارة نقل المرضى من عدة أماكن في غزة إلى معبر كرم أبو سالم رغم الظروف البالغة الصعوبة؛ مثل تضرر الطرق وانعدام الأمن وكثرة المخاطر التي تهدد سلامة الفريق والمرضى.
وقبل الإجلاء، نقلت المنظمةُ وشركاؤها تسعة مرضى في 27 تموز/ يوليو من شمالِ غزة إلى المستشفى الميداني لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في دير البلح لتحقيق الاستقرار الطبي للمرضى ومن ثم المضي قدمًا في نقل الحالات. وتم نقل مرضى آخرين من خمسة مواقع في دير البلح وخان يونس. وفي أعقاب تأجيل تنفيذ الإرجاء، وبالتنسيق مع المنظمة، تمت إعادة إيواء بعض المرضى المصابين بإصابات حرجة في المستشفى الميداني لمنظمة أطباء بلا حدود في دير البلح حيث تلقوا الرعاية هناك، وذلك بعد أن كانوا قد نقلوا بالفعلِ إلى نقطة المغادرة النهائية في الجنوب. ودبرت المنظمةُ والهيئةُ الطبية الدولية الإمدادات الطبية والكهرباء والمياه المأمونة ومرافق الصرف الصحي في المستشفى الذي لا يزال قيد الإنشاء والإعداد.
وفي أثناء عمليةِ الإجلاء، خَضَعَ المرضى لعمليات نقل متتابعة في كرم أبو سالم، حيث استقلوا حافلات وفرتها ونظمتها المنظمةُ ليتوجهوا من هناك إلى المطار بعد عمليات التفتيش الأمنية. ووفرت المنظمةُ أيضًا الكراسي المتحركة لضمان تمكين المرضى من تبديل الحافلات بأمان عند المعابر، وتولت توفير الغذاء والماء والمهنيين الطبيين خلال الرحلة بأكملها، في غزة وطوال الطريق إلى المطار، ودعمت توثيق بيانات المرضى.
ودعمت جهات أخرى عملية الإجلاء، مثل الفرق الطبية الإسعافية من منظمة كادوس، والهيئة الطبية الدولية، ومنظمة أطباء بلا حدود في بلجيكا، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.
ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تم إجلاء نحو 5000 شخص خارج غزة لتلقي العلاج، وحصل أكثر من 80٪ منهم على الرعاية في مصر وقطر والإمارات العربية المتحدة. ولا يزال أكثر من 10000 شخص آخر في غزة يحتاجون إلى الإجلاء الطبي. وتأتي عمليةُ الإجلاء اليوم في أعقاب عمليات إجلاء سابقة إلى إسبانيا وبلجيكا من القاهرة، بتنسيق من منظمة الصحة العالمية. وقد تم إجلاء عشرين مريضًا إلى هذه البلدان في الأيام القليلة الماضية.
وتواصل المنظمةُ دعوة المجتمع الدولي إلى تكثيف الجهود لضمان تنفيذ عمليات إجلاء طبي مأمونة ومستدامة ومنظّمة في الوقت المناسب.
خمسة عشر طفلًا من غزة في طريقهم لتلقي الرعاية الطبية العاجلة في إسبانيا
القاهرة، كوبنهاغن، جنيف، 24 تموز/ يوليو 2024 - سيصل اليوم إلى إسبانيا ستة عشر شخصًا من سكان غزة يعانون حالات مرضية معقدة لتلقي الرعاية هناك، ويأتي ذلك عبر عملية إجلاء تشارك فيها منظمة الصحة العالمية وعدة شركاء. وتضم هذه المجموعةُ خمسة عشر طفلًا تتراوح أعمارهم بين 3 أعوام و17 عامًا، ووالدة أحد الأطفال التي ستُعالج هي الأخرى في إسبانيا. وهؤلاء المرضى كانوا في أحد مستشفيات مصر خلال الأشهر القليلة الماضية، بعد أن جرى إجلاؤهم من غزة. وهذه المجموعة جزء صغير من آلاف الأطفال والبالغين الآخرين الذين يحتاجون إلى تلقي الرعاية الطبية المتخصصة خارج غزة.
وقال الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، المديرُ العام لمنظمة الصحة العالمية: "إن هؤلاء الأطفال الذين يعانون حالات مرضية شديدة سيتلقون الرعاية التي يحتاجون إليها بفضل التعاون بين عدة شركاء وبلدان. وإننا ممتنون للغاية لما قدمته مصر وإسبانيا من دعم وتسهيلات. ونحن نحثُّ البلدان الأخرى التي لديها القدرات والمرافق الطبية على الترحيب بأولئك الذين ألقت عليهم هذه الحرب بويلاتها دون أن يقترفوا أي ذنب".
وهذه المجموعة تضم ثلاثة عشر طفلاً يعانون إصابات معقدة، وطفلاً مصابًا بمرضٍ مزمنٍ في القلب، والأخير مريض بالسرطان. ويرافق هؤلاء الأطفال 25 فردًا من أفراد الأسر ومقدمي الرعاية الصحية، ولقد كان الأطفال موجودين في مصر منذ ما قبل 6 أيار/مايو الماضي، ولكن عمليات الإجلاء صارت شبه مستحيلة مع إغلاق معبر رفح. ومنذ ذلك الحين، لم يجرِ إجلاء سوى 23 شخصًا عبر معبر كرم أبو سالم.
ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023، تم إجلاء نحو 5000 شخص خارج غزة لتلقي العلاج، وحصل أكثر من 80٪ منهم على الرعاية في مصر وقطر والإمارات العربية المتحدة. ولا يزال 10000 شخص بحاجة ماسة إلى الإجلاء.
وقالت الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: "هذه المجموعة الصغيرة من الأطفال هم مجرد رقم صغير للغاية من بين آلاف. ولا يزال آلاف الناس - من جميع الأعمار - في غزة بحاجة إلى إجلاء طبي، وهم معرَّضون لخطر الموت إذا لم يتمكنوا من الحصول بسرعة على الرعاية الطبية المتقدمة التي يحتاجون إليها. ويجب أن يتمكن أولئك المحتاجون إلى الإجلاء الطبي من مغادرة قطاع غزة، ويفضل أن يكون ذلك إلى الضفة الغربية، والقدس الشرقية، وأيضًا إلى مصر أو الأردن ومن ثم إلى بلدان أخرى.
ولقد جرى دعم عملية الإجلاء إلى إسبانيا اليوم عبر آلية الاتحاد الأوروبي للحماية المدنية بالشراكة مع منظمةِ الصحة العالمية. ويسَّر صندوق إغاثة الأطفال الفلسطيني المسائل المتعلقة بوثائق المرضى والموافقات على إجلائهم. ودعمت الحكومةُ المصرية رعايتهم في أثناء وجودهم في مصر، وتقدم إسبانيا دعمًا مماثلًا. وسيجري علاج الأطفال في عدة مستشفيات في جميع أنحاء إسبانيا.
وتشجع المنظمةُ البلدان الأخرى على أن تحذو حذو إسبانيا.
وقال الدكتور هانز هنري ب. كلوج، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لأوروبا: "نحن ممتنون حقًا لإسبانيا، الدولة العضو في منظمة الصحة العالمية/ أوروبا، لقبولها طلبنا بتلقي عدة أطفال من غزة العلاج الذين هم في أمسِّ الحاجة إليه، وذلك نموذج ينبغي للبلدان الأخرى أن تحتذي به. وإننا نتقدم بالشكر إلى السيد بيدرو سانشيز، رئيس وزراء إسبانيا، والسيدة مونيكا غارسيا، وزيرة الصحة، وكل الذين ساهموا في تحقيق ذلك. ولا ريب أن "إنقاذ طفل واحد، حياة واحدة، هو إنقاذ للبشرية كلها"، وهو يُرسي ويعلي من شأن الترابط بين الإنسانية جمعاء".
وتكرر المنظمةُ مناشداتها بإنشاء عدة ممرات للإجلاء الطبي لضمان المرور المستدام والمنظم والآمن وفي الوقت المناسب عبر جميع الطرق الممكنة، ومنها معبرا رفح وكرم أبو سالم. والأمر الأكثر إلحاحًا هو استئناف عمليات الإجلاء الطبي من غزة إلى الضفة الغربية، وخاصة القدس الشرقية، حيث المستشفيات مستعدة لاستقبال المرضى. ويجب أيضًا تسهيل نقل المرضى إلى مصر والأردن، ليجري نقلهم من هناك إلى دول أخرى عند الحاجة.
وأضافَ الدكتورُ تيدروس: "إن تضامن البلدان المضيفة يمثل نقطة مضيئة في حربٍ كثرت فيها المآسي والأوقات العصيبة. وأشددُ على أن حصول المرضى أصحاب الحالات المرضية الوخيمة على الرعاية الطبية اللازمة لا ينبغي أن يكون خبرًا رئيسيًا يتصدر الأخبار والصحف، بل ينبغي أن يكون تعاونًا عالميًا روتينيًا".
وتدعو منظمةُ الصحة العالميةُ مرة أخرى إلى إنهاء الحرب، لأن السلام، وفي نهاية المطاف، سيظل الطريق الأفضل إلى ضمان الصحة.