أطفال لم يتلقوا أية جرعات من اللقاحات: معالجة عدم الإنصاف في التغطية بالتمنيع الروتيني

أطفال لم يتلقوا أية جرعات من اللقاحات: معالجة عدم الإنصاف في التغطية بالتمنيع الروتيني

في جميع أنحاء إقليم شرق المتوسط، يوجد الملايين من الأطفال لا يحصلون على الحماية من الأمراض الفتاكة التي يمكن الوقاية منها أثناء مراحل نموهم. وهؤلاء الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعات من اللقاحات، وعددهم أكثر من 14.3 مليون طفل في الفترة بين عامي 2019 و2024، لم يتلقوا لقاح روتيني واحد.

واللقاحات المأمونة والفعالة وميسورة التكلفة متوفرة منذ عقود، ومع ذلك فإن الحصبة والحصبة الألمانية تتوطنان في العديد من بلدان الإقليم. وثمة حاجة ماسّة إلى تسريع وتيرة العمل وتنسيقه لسد هذه الفجوات في التمنيع، التي تتجلى بأكبر قدر من الوضوح في المجتمعات المحلية التي تواجه الصراع والفقر والنزوح وتخدمها نظمٌ صحيةٌ هشة. فبدون الحماية، يكون الأطفال معرضين بشدة للإصابة بالحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال وغيرها من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات والتي يمكن أن تسبب الإعاقة مدى الحياة أو الوفاة.

قصة يارا

لطالما حلمت مُعلمة المدرسة فرح بغناء تهويدات لطفلتها، كما كانت تفعل والدتها وأجيال أخرى من قبل. لكن ابنتها يارا، التي تبلغ من العمر 3 سنوات الآن، لم تسمع صوت والدتها. إنها تعيش في عالم الصمت، نتيجة فقدان السمع العميق الناجم عن متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية.

وتحدث الإصابة بمتلازمة الحصبة الألمانية الخِلْقِيّة حينما تُصاب المرأة الحامل بعدوى الحصبة الألمانية ثم تنتقل العدوى إلى الجنين. وتُذكّرنا قصة يارا وفرح كيف يمكن أن يكون لعدم الحصول على لقاح مهم أثرًا بالغًا على مدى أجيال.

فلقاحٌ بسيطٌ ضد الحصبة الألمانية يحمي من متلازمة الحصبة الألمانية الخِلْقِيّة، لكن اللقاح لم يكن متاحًا عندما كانت فرح طفلة. يارا هي واحدة من العديد من الأطفال الذين يواجهون تشوهات خلقية لأن والدتها لم تحصل على الحماية من فيروس الحصبة الألمانية أثناء فترة الحمل.

ولا يمكننا أن نقبل باستمرار عدم حماية الملايين من الأطفال في جميع أنحاء الإقليم من الأمراض التي يمكن الوقاية منها.

وفي الأماكن التي لا زال فيها فجوات التمنيع قائمة، لا زالت الحصبة تُمثل تهديدًا خطيرًا للصحة العامة. فالحصبة مرض شديد العدوى ينتقل عن طريق الهواء، ويمكن أن يسبب مضاعفات خطيرة، منها الالتهاب الرئوي والتهاب الدماغ والعجز مدى الحياة، بل قد تؤدي إلى الوفاة. وعلى الرغم من أن الحصبة الألمانية قد تبدو خفيفة، إلا أنه عند الإصابة بها أثناء الحمل فإنها يمكن أن تسبب متلازمة الحصبة الألمانية الخِلْقِيّة التي قد تؤدي إلى عيوب خِلقية وخيمة، وقد تؤدي أيضًا إلى الصمم والعمى.

ففجوات التمنيع تغذي الفاشيات، وتُثقل كاهل النظم الصحية، وتجهض التقدم المُحرَز على مدى سنوات في مجال الصحة العامة. ويعيش تسعون في المائة من الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعات في الإقليم في 5 بلدان فقط هي السودان بنسبة 30%، واليمن بنسبة 23%، وأفغانستان بنسبة 17%، وباكستان بنسبة 14%، والصومال بنسبة 6%. وعلى الرغم من أن جميع بلدان إقليم شرق المتوسط وأراضيه البالغ عددها 22 بلدًا وأرضًا تقدم لقاح الحصبة، فقد توقفت التغطية بهذا اللقاح في السنوات الأخيرة. وقد أدخل ثمانية عشر بلدًا اللقاح المضاد للحصبة الألمانية؛ ولكن لا زال هناك 3 بلدان لم تفعل ذلك، وهذا جعل التخلص من هذا المرض أمرًا بعيد المنال.

ولم يتلق نحو مليوني طفل في الإقليم الجرعة الأولى من اللقاح المضاد للدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي في عام 2019. وازداد العدد منذ ذلك الحين. ولم يحصل على التطعيم 2.5 مليون طفل آخر في عام 2020، و2.4 مليون طفل في عام 2021، و1.9 مليون طفل في عام 2022، و2.7 مليون طفل في عام 2023، و2.8 مليون طفل في عام 2024. وارتفع العدد التراكمي للأطفال دون سن 5 سنوات ممن لم يتلقوا أي جرعات من اللقاحات في الإقليم بمقدار 12.3 مليون طفل بين عامي 2020 و2024، وجميعهم مُعرَّضون للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، ومُعَرَّضون بشدة لخطر المرض والعجز والوفاة.

يتمثَّل الهدف الاستراتيجي للإقليم في خفض عدد الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعات من خلال:

ضمان تحقيق الإنصاف بين جميع المجتمعات في الحصول على خدمات التمنيع؛

إدخال اللقاحات التي تحتوي على الحصبة الألمانية في جميع البلدان؛

تنفيذ حملات تلقيح تداركي تشمل فئة عمرية كبيرة للوصول إلى الأطفال غير الحاصلين على أي جرعة من اللقاحات، وإدماج التطعيم ضد الحصبة الألمانية في التدخلات الأخرى في مجال صحة الطفل؛

تعزيز نُظُم التمنيع الروتيني لتحقيق تغطية قدرها 95% بجرعتين من لقاح الحصبة ولقاح الحصبة الألمانية والحفاظ على تلك النسبة؛

تعزيز قدرات الترصُّد والقدرات المختبرية فيما يخص الحصبة والحصبة الألمانية ومتلازمة الحصبة الألمانية الخِلْقِيّة؛

حشد الموارد والشراكات المحلية والخارجية لاستهداف الوصول إلى الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعة من اللقاحات والقضاء على الحصبة الألمانية.

وستواجه الدول الأعضاء هذه الأزمة المتزايدة خلال الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط. ويُطلَب من البلدان اعتماد قرار للقضاء على الحصبة الألمانية ومتلازمة الحصبة الألمانية الخِلْقِيّة في الإقليم، وخفض عدد الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعات من اللقاحات، وتعزيز نُظُم الترصُّد والتمنيع الروتيني، وحشد الموارد المحلية والخارجية.

ويحث القرار المقترح الدول الأعضاء على ما يلي:

  • إعادة تأكيد الالتزام بالقضاء على الحصبة؛
  • تنفيذ استراتيجيات للتصدي لمشكلة الأطفال غير الحاصلين على أي جرعة من اللقاح؛
  • إنشاء لجان وطنية للتحقق؛
  • اعتماد هدف إقليمي للتخلص من الحصبة الألمانية؛
  • زيادة الطلب على اللقاحات؛
  • زيادة التمويل المحلي؛
  • تقديم تقارير سنوية عن التقدم المُحرَز إلى الفريق الاستشاري التقني الإقليمي المعني بالتمنيع واللجنة الإقليمية للتحقق من القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية؛
  • تعزيز الترصُّد والكشف المبكر عن الفاشيات؛
  • إقرار غايات لوقف فاشيات الحصبة الألمانية بحلول عام 2030 وتحقيق القضاء على المرض في جميع البلدان بحلول عام 2035.

إن ضياع فرصة تلقي التطعيم يعني ضياع فرصة إنقاذ حياة إنسان. وبالوصول إلى الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعات من اللقاحات، يمكن للبلدان سد فجوة التمنيع، وحماية الفئات الأكثر ضعفًا، ووقف الفاشيات قبل أن تبدأ. الأدوات موجودة. واللقاحات مأمونة وفعالة وميسورة التكلفة. والمطلوب هو الإرادة السياسية والعمل المُنَسَّق لضمان عدم تخلف أي طفل عن الرَكب.

روابط ذات صلة:

بوابة المنظمة لبيانات التمنيع - البيانات العالمية