29 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 - تدين منظمة الصحة العالمية بشدة ما ورد في التقارير عن مقتل أكثر من 460 مريضًا ومرافقيهم، واختطاف ستة عاملين صحيين، في 28 تشرين الأول/ أكتوبر من مستشفى الولادة السعودي في الفاشر.
وتأتي هذه الفاجعة الأخيرة في ظل أزمة آخذة في التفاقم بسرعة في الفاشر بشمال دارفور، حيث يؤدي تصاعد العنف والحصار المفروض وارتفاع معدلات الجوع والمرض إلى مقتل المدنيين، بمن فيهم الأطفال، وإلى انهيار النظام الصحي الهش بالفعل.
ورغم أن مستشفى الولادة السعودي هو المرفق الصحي الوحيد الذي كان يعمل في الفاشر، وأنه كان يعمل بشكل جزئي فقط، تعرض المستشفى للهجوم عليه للمرة الرابعة في شهر واحد في 26 تشرين الأول/ أكتوبر، وقد أدى الهجوم إلى مقتل ممرضة وإصابة ثلاثة عاملين صحيين آخرين. وفي 28 تشرين الأول/أكتوبر، اختُطف ستة عاملين صحيين هم: أربعة أطباء، وممرضة، وصيدلاني. وثمة تقارير عن إصابة ومقتل أكثر من 460 مريضًا ومرافقيهم ممن كانوا في المستشفى بالرصاص.
ومنذ بدء الصراع، قُتِل 46 عاملًا صحيًا في الفاشر - ومنهم مدير الرعاية الصحية الأولية في وزارة الصحة - وأصيب 48 آخرون. ولا يزال مصير الموظفين العاملين في ثلاث منظمات غير حكومية في الفاشر مجهولًا. وتدين منظمة الصحة العالمية بأشد العبارات هذه الهجمات المروعة على مرافق الرعاية الصحية، وتطالب باحترام حُرمة مرافق الرعاية الصحية كما كفلها القانون الإنساني الدولي.
ولا يزال أكثر من 260 ألف شخص محاصرين في الفاشر، دون إمكانية تُذكر للحصول على الغذاء أو الماء النظيف أو الرعاية الطبية. وفي الأيام الأخيرة، أَجبَر تصاعدُ العنف قرابة 28 ألف شخص على الفرار من مدينة الفاشر، إذ توجه 26 ألف شخص إلى المناطق الريفية في الفاشر وتوجه ما يصل إلى ألفي شخص إلى طويلة. ومن المتوقع أن يتوجه أكثر من 100 ألف شخص آخرين إلى طويلة في الأيام والأسابيع المقبلة، لينضموا إلى 575 ألف شخص نزحوا بالفعل من الفاشر طالبين الحماية واللجوء هناك وفي مناطق أخرى. وتشير التقارير إلى أن معظم النازحين، الذين غالبيتهم من النساء والأطفال غير المصحوبين بذويهم، يعانون نقصًا حادًا في المأوى والحماية والغذاء والمياه والرعاية الصحية.
وبالإضافة إلى العنف وانعدام المقومات الأساسية للحياة والصحة، فإن مرض الكوليرا يتفشى بسرعة في الفاشر بسبب عدم قدرة الناس على الوصول إلى مياه الشرب المأمونة. وقد تراجعت أنشطة الترصد الوبائي والتصدي للأمراض بسبب تدهور الأوضاع الأمنية. وخلال هذا العام وحده، سُجلت 272 حالة يُشتبه بإصابتها بالكوليرا في الفاشر، ومنها 32 وفاة، بمعدل مقلق للوفيات بين الحالات المصابة يقارب 12%. أما على مستوى دارفور ككل، فقد سُجلت 18468 حالة مُصابة و662 وفاة في 40 محلية.
وقد مُنع وصول المساعدات الإنسانية إلى الفاشر منذ شباط/ فبراير 2025، وثمة زيادة شديدة في معدلات سوء التغذية، لا سيما بين الأطفال والنساء الحوامل، الأمر الذي يضعف المناعة ويزيد من قابلية الإصابة بالكوليرا والملاريا والأمراض المعدية الأخرى. ولقد استنفدت أسر كثيرة مخزونها الغذائي أو فقدت إمكانية الوصول إلى الأسواق.
ورغم القيود المفروضة على الوصول إلى الفاشر، تواصل فرق منظمة الصحة العالمية العمل على مدار الساعة للحفاظ على استمرار تقديم الخدمات الصحية قدر الإمكان، خصوصًا في المناطق التي يصل إليها النازحون الفارون من ويلات العنف. ويجري نقل عشرين طنًا متريًا من الأدوية والمستلزمات الطبية الطارئة من نيالا إلى طويلة، وخاصة مستلزمات علاج الكوليرا وسوء التغذية الحاد الوخيم المصحوب بمضاعفات طبية، لتزويد الفرق الطبية وفرق الاستجابة السريعة العاملة على تقديم الرعاية إلى النازحين. ويجري أيضًا تسريع وتيرة تسليم الإمدادات الصحية التي قُدمت إلى الشركاء في مدينة أبشي، بتشاد، لنقلها إلى طويلة ومواقع التجمع الأخرى.
وتنسق المنظمةُ مع الشركاء الصحيين في مواقع الاستقبال في كورما، الواقعة بين الفاشر وطويلة، من أجل العمل على استقرار حالة المرضى والمصابين بحالات حرجة وتسهيل الإحالات إلى طويلة. وتستعد المنظمة لنشر فرق استجابة سريعة داخل طويلة والمناطق المحيطة بها من أجل تلبية الاحتياجات الصحية العاجلة للوافدين من الفاشر. وشاحنات المنظمة جاهزة على أهبة الاستعداد في دارفور للانضمام إلى قافلة المساعدات التابعة للأمم المتحدة التي تحمل الغذاء والدواء والإمدادات الصحية المنقذة للحياة إلى الفاشر فور فتح ممرات الوصول.
وتجدد منظمة الصحة العالمية دعوتها إلى الوقف الفوري للأعمال العدائية في الفاشر وجميع أنحاء السودان؛ وتوفير الحماية للمدنيين والعاملين في المجال الإنساني ومرافق الرعاية الصحية؛ وتأمين وصول المساعدات الإنسانية وصولاً آمنًا وسريعًا دون عوائق لإيصال المساعدات المنقذة للحياة.