تعزيز ترصُّد الأمراض في إقليم شرق المتوسط

تعزيز ترصُّد الأمراض في إقليم شرق المتوسط

13 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 - لا تزال بلدان إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط تواجه تحديات مستمرة في الحصول على بيانات صحية عملية موثوق بها في الوقت المناسب. وفي العديد من السياقات، لا يزال الترصُّد مُجزَّأ وغير منسق وورقي وقائم على أمراض محددة وتحدده الجهات المانحة، وهذه ظروفٌ تؤخر الكشف عن الأمراض وتضعف الاستجابة السريعة لها. وقد اعتمدت الدورة الثامنة والستون للّجنة الإقليمية لشرق المتوسط القرار ش م/ل إ68/ق-3 في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 لوضع الاستراتيجية الإقليمية للترصُّد المتكامل للأمراض للتغلب على تجزؤ البيانات في إقليم شرق المتوسط، مستفيدةً من الدروس المستخلصة من جائحة كوفيد-19. وتقدم الاستراتيجية إطارًا مشتركًا للحوكمة والعمليات وضمان الجودة والرصد والتقييم بهدف تحسين أداء الترصُّد وتعزيز معلومات الصحة العامة في جميع أنحاء الإقليم.

ولترجمة هذا الالتزام إلى واقع عملي، شكل المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط فريق عمل تقني مشترك بين الإدارات معني بالترصُّد المتكامل للأمراض يجمع الفريق المعني بالعلوم والمعلومات والنشر، وإدارة الأمراض السارية، وإدارة الأمراض غير السارية، وبرنامج المنظمة للطوارئ الصحية، وفريق شلل الأطفال. ومن خلال هذا الهيكل، يزود المكتب الإقليمي لشرق المتوسط وزارات الصحة بإرشادات استراتيجية وأدوات عملية، إلى جانب الدعم المتخصص في الحوكمة والدعوة والإرشادات التقنية والمنصات الرقمية والخدمات المختبرية. ويمتد هذا الدعم المُنَسَّق إلى العمليات اليومية، ومنها تنمية الموارد البشرية وتصميم نماذج وأدوات موحدة تمكن من التشغيل البيني للترصُّد الروتيني والترصُّد القائم على الأحداث.

والتقدُّم الـمُحرَز واضحٌ على المستوى القُطري. فقد أشار أربعة عشر بلدًا إلى إنشاء هيئات وطنية متعددة القطاعات للحوكمة معنية بالترصُّد، وأعد اثنا عشر بلدًا - هي أفغانستان والعراق والكويت ولبنان وليبيا والمغرب وباكستان وقطر والصومال والسودان والجمهورية العربية السورية وتونس - خرائط طريق للترصُّد المتكامل للأمراض، وحددت الأولويات الوطنية للاسترشاد بها في التنفيذ. وتواكب هذه المكاسب في مجال الحوكمة استثمارات في القوى العاملة. ويجري تنفيذ برامج التدريب على مكافحة الأوبئة ميدانيًّا، وهي عنصر أساسي في عمليات الترصد المتكامل للأمراض، في 16 بلدًا من بلدان إقليم شرق المتوسط بدءًا من شباط/ فبراير 2025 وذلك من أجل تعزيز قدرات الاستقصاء والتحليل والاستجابة. ويُطبِّق الإقليم أيضًا إطار كفاءات مكافحة الأوبئة ميدانيًّا ضمن نهج الصحة الواحدة، مع تحديد المعارف والمهارات والكفاءات اللازمة لاختصاصيي الوبائيات الميدانية لتفعيل نَهج الصحة الواحدة في إطار النُظُم الوطنية لترصُّد الأمراض.

وبالتوازي مع ذلك، يحرز التحوُّل الرقمي تقدمًا ملحوظًا. فقد أعَدَّت اللجنة الفرعية الرقمية للبيانات المعنية بالترصد المتكامل للأمراض أداة تقييم رقمية للاستعداد لتنفيذها في أفغانستان وباكستان والعراق والجمهورية العربية السورية واليمن، وهذا يوفر أساسًا منهجيًا لتوجيه الاستثمارات التي تعمل على تحديث المنصات وتحسين تدفق البيانات وتمكين التشغيل البيني. واستكمالًا لهذا التقييم، يعكف المكتب الإقليمي لشرق المتوسط على نشر حزم رقمية مصممة خصيصًا وتجريب حلول مبتكرة، منها تطبيق الذكاء الاصطناعي لمسح مصادر البيانات والمؤلفات العلمية الواسعة النطاق للحصول على علامات مبكرة على وجود تهديدات للصحة العامة. ويجري تعزيز هذه الجهود من خلال التعاون مع شركاء مثل جامعة أوسلو ومنظمة "عازمون على إنقاذ الأرواح".

ولا تزال الشراكات عاملًا أساسيًّا للحفاظ على الزخم. وفي 16 أيلول/ سبتمبر 2025، عقد المكتب الإقليمي لشرق المتوسط اجتماعًا عن المشاركة الإقليمية في استخبارات الصحة العامة مع ممثلين من جميع الدول الأعضاء في إقليم شرق المتوسط البالغ عددها 22 دولة، تبعه في 17 أيلول/ سبتمبر اجتماع بالحضور الشخصي لشركاء اللجنة الفرعية المعنية بالحوكمة في مجال الترصد المتكامل للأمراض. وكان من بين الجهة المقدمة للمساهمة مركز منظمة الصحة العالمية لتحليل معلومات الجوائح والأوبئة، ومعهد روبرت كوخ، ووكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة، والشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية "إمفنت"، والهيئة الحكومية الدولية للتنمية، والمراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وبرنامج نُظُم معلومات الصحة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمركز الخليجي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، ومؤسسات أكاديمية مثل الجامعة الأمريكية في القاهرة، والجامعة الأمريكية في بيروت، ومعهد الإسكندرية للصحة العامة. وتناولت المناقشات مسائل الحوكمة والتمويل والعمليات التقنية، ومنها نُظُم تكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية وإدارة البيانات وقدرات المختبرات. وأكد الحوار من جديد على أن التعاون المتعدد القطاعات والتخصصات ضروري لبناء نُظُم ترصُّد فعّالة ومستدامة ومتكاملة تعزز التأهب الإقليمي وتحمي السكان وتعزز الأمن الصحي العالمي.

وستكون القيادة القُطرية المستدامة والتمويل الذي يمكن التنبؤ به والدعم المُنَسَّق من الشركاء عوامل أساسية لتعزيز هذه المكاسب. وسيواصل المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط العمل مع وزارات الصحة من أجل إضفاء الطابع المؤسسي على حوكمة الترصُّد المتكامل للأمراض، وتعزيز القوى العاملة في مجال الترصُّد، وتوسيع نطاق الحلول الرقمية الآمنة والقابلة للتشغيل البيني، وإدماج نَهج الصحة الواحدة في النُظُم الروتينية والنُظُم القائمة على الأحداث. وستُعطَى الأولوية لتحسين جودة البيانات وتوقيتها المناسب، وتعزيز وظائف المختبرات واستخبارات الصحة العامة، ومواءمة الاستثمارات مع خرائط الطريق الوطنية. ومن خلال هذا الجهد المستمر والمتعدد القطاعات، يمكن للإقليم تحقيق ترصُّد متكامل وقادر على الصمود يكتشف التهديدات مبكرًا، ويُمكِّن من الاستجابة السريعة والمسنَدَة بالبيِّنات، ويحمي السكان في جميع أنحاء إقليم شرق المتوسط.