3 أيلول/ سبتمبر 2025
الزملاء الأعزاء،
السيدات والسادة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أود في البداية أن أشير إلى الخطر الذي يهددنا جميعًا، ألا وهو مقاومة مضادات الميكروبات، التي تعد واحدةً من أشد التهديدات الملحة للصحة العالمية والتنمية والأمن. فهي تضعف قدرتنا على علاج الأمراض الشائعة، وتهدد الأمن الغذائي، وتقضي على عقود من التقدم في مجال الصحة. ويتفاقم هذا التحدي بوتيرة سريعة، فيزداد من حيث النطاق والحجم والتعقيد.
واعتماد قرار جمعية الصحة العالمية السابعة والسبعين رقم 66، إلى جانب الإعلان السياسي للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن مقاومة مضادات الميكروبات في عام 2024، أكد من جديد الحاجة الملحة إلى تحديث خطة العمل العالمية لعام 2015. ويجب أن يراعي هذا التحديث البينات الجديدة، ومسببات الأمراض المتطورة، وأوجه التفاوت المستمرة، والحاجة إلى استجابة أشمل وأكثر قابليةً للتنفيذ وخضوعًا للمساءلة في إطار نهج الصحة الواحدة.
وتعد مشاورة اليوم خطوةً أساسيةً في تشكيل تلك الاستجابة. وبينما ينصب تركيزنا على قطاع الصحة البشرية، يقود شركاؤنا في التحالف الرباعي –وهم منظمة الأغذية والزراعة، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة– مشاورات تكميليةً في مجالاتهم.
وما تطرحونه اليوم من رؤًى سوف تسترشد به مباشرةً خطة العمل العالمية المقبلة، وهو ما يضمن استنادها إلى واقع إقليم شرق المتوسط وأولوياته واحتياجاته.
فإقليمنا يواجه تحديات فريدةً، منها: النظم الصحية الهشة، والنزاعات المطولة، والأزمات الإنسانية، ومحدودية الحصول على الخدمات الصحية الأساسية. ولكنه يضرب أيضًا أروع الأمثلة على القيادة والابتكار، مثل المؤتمرات المشتركة بين الوزارات التي استضافتها سلطنة عمان في عام 2022 والمملكة العربية السعودية في عام 2024، التي وضعت أهدافًا طموحةً وأطلقت مبادرات ملموسةً.
وفي عام 2019، تشرفت بأن أكون أول من يشغل منصب المدير العام المساعد لمقاومة مضادات الميكروبات في منظمة الصحة العالمية، وكان ذلك علامةً فارقةً في الارتقاء بهذه القضية على برنامج العمل الصحي العالمي، وكان لإقليمنا دور محوري في هذا الصدد.
وقد شارك في الاستقصاء العالمي الذي تسترشد به خطة العمل العالمية الجديدة ما يقرب من 400 طرف من الأطراف المعنية، منهم 13 دولةً من دولنا الأعضاء. وكانت أولوياتهم واضحةً، ألا وهي:
الإنصاف والإتاحة –لا سيما للبلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط– فيما يخص مضادات الميكروبات ووسائل التشخيص وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية الجيدة.
وتعزيز الحوكمة والتمويل والمساءلة.
والترصد القوي، والمشاركة المجتمعية، والابتكار في وسائل التشخيص والعلاج.
وإدماج نهج الصحة الواحدة – من حيث المبدأ وعلى صعيد الممارسة العملية.
وأحثكم اليوم على التحلي بالإقدام، والصراحة، والتطلع إلى المستقبل. فلنرسم خطة عمل عالميةً سليمةً تقنيًا، وعادلةً اجتماعيًا، ويمكن تطبيقها عمليًا –مع التصدي للمحددات الاجتماعية، وتناول ما يتعلق بالنوع الاجتماعي من أبعاد مقاومة مضادات الميكروبات– حتى تراعى احتياجات إقليمنا مراعاةً تامةً في الأولويات والموارد العالمية.
وختامًا، أؤكد أننا نستطيع معًا أن نضمن مستقبلًا تظل فيه مضادات الميكروبات الفعالة ركنًا أساسيًا من أركان الصحة والتنمية للجميع.