24 أيلول/ سبتمبر 2025 - برزت الأمراض غير السارية في جميع أنحاء العالم تحديًّا من أكبر التحديات الصحية في
عصرنا.
وفي قطر، تسبب الأمراض القلبية الوعائية والسكري وأمراض السرطان والأمراض التنفسية المزمنة نحو 72% من جميع الوفيات. وقد أدت التغيرات الاجتماعية والتغيرات السريعة في نمط الحياة، فضلًا عن السكان في مرحلة الشيخوخة، إلى ارتفاع معدلات السمنة والخمول البدني والسكري، فتسبب ذلك في الضغط على الخدمات الصحية، فأصبح الابتكار والتكيُّف ضرورةٌ حتميةٌ.
واستجابة لذلك، كثَّف البلد جهوده للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، مسترشدًا في ذلك برؤية قطر 2030، والاستراتيجية الوطنية الثالثة للتنمية (2024-2030)، والاستراتيجيات الصحية الوطنية. وفي ظل الالتزام الوطني القوي، يتواصل التصدي للتحديات من خلال السياسات والاستراتيجيات والشراكات التي تضع الوقاية والكشف المبكر والرعاية التي تركز على الناس في صميم البرنامج الصحي لقطر.
وقد أحدث هذا العمل تغييرات ملموسة، مثل فرض الضرائب على المشروبات المحلاة بالسكر ومشروبات الطاقة، وخفض الملح في الخبز بنسبة 30%، ووضع مبادئ توجيهية وطنية بشأن النظام الغذائي للبالغين والأطفال والأمهات. وتُظهر هذه التدابير كيف يمكن للقيادة من جانب وزارة الصحة العامة والعمل المنسق المشترك بين القطاعات والشراكات القوية أن تُحدِث فرقًا حقيقيًا.
واتخذ البلد أيضًا خطوات جريئة في مكافحة السرطان. وتُلقي خطة قطر للسرطان (2023-2026)، التي أُطلِقَت في آب/ أغسطس 2023، نظرةً شاملةً على جميع مراحل السرطان. وتتطلع إلى ما هو أبعد من الرعاية السريرية، بالتركيز على التوعية والمشاركة المجتمعية والشراكات التي تُحوّل مكافحة السرطان إلى جهد وطني مشترك.
ولوحظ إحراز تقدم في مكافحة التبغ أيضًا. فقد صَدَّقَت قطر على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، وحظرت السجائر الإلكترونية، واستضافت بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022 بلا تدخين. وفي الآونة الأخيرة، عُيِّن مركز مكافحة التبغ التابع لمؤسسة حمد الطبية مركزًا متعاونًا مع منظمة الصحة العالمية في آب/ أغسطس 2025، وحصل المركز على شهادة تقدير خاص من المدير العام للمنظمة عن حملته التي كان عنوانها "معًا لمجالس خالية من التدخين في قطر"، التي تشجِّع على أن تكون التجمعات الاجتماعية أكثر حفاظًا على الصحة وخالية من التدخين. ويلزم اتخاذ تدابير جريئة لمواجهة التهديد المتزايد لمنتجات جديدة تستهدف الشباب، مثل توسيع نطاق خدمات الإقلاع عن التدخين، وإدخال التغليف البسيط، وإذكاء الوعي في صفوف الفئات السكانية المستهدفة.
وفي الوقت نفسه، استثمرت قطر في نُظُم ترصُّد أقوى لتوجيه السياسات بالبيّنات. وتكرر إجراء الدراسة الاستقصائية التي يُتبع فيها نَهج المنظمة التدريجي لعوامل الخطر، ويجري حاليًا تحويل نُظُم البيانات إلى نُظُم رقمية وربطها، ويجري أيضًا مواءمة المؤشرات مع المعايير العالمية. وإضافةً إلى ذلك، يجري حاليًا النظر في ترصُّد الأمراض غير السارية في المرافق الصحية. وتتيح هذه الأدوات رصد الاتجاهات وتحديد الثغرات واستهداف الموارد بمزيد من الفعالية.
غير أن التحديات لا تزال كبيرة. فهناك أكثر من 70% من البالغين يعانون زيادة الوزن أو السمنة، ويصيب ارتفاع ضغط الدم أكثر من 600,000 شخص تتراوح أعمارهم بين 30 و79 عامًا، ولا يزال كثيرٌ منهم دون تشخيص أو علاج. وستتطلب معالجة هذه الثغرات خدمات أقوى على مستوى الرعاية الصحية الأولية، وتعاونًا مستمرًا بين القطاعات، ومجتمعات محلية مشاركة ومستنيرة.
وما يميز رحلة قطر هو التزامها بالابتكار والشراكة. ففي مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية الذي عُقد في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، كانت الأمراض غير السارية وأنواع السرطان التي تصيب المرأة موضوعين محوريين. وتستعد قطر لاستضافة القمة العالمية الوزارية السادسة للصحة النفسية في الفترة من 30 أيلول/ سبتمبر إلى 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، فلفت ذلك الانتباه الدولي الرفيع المستوى إلى أهمية إدماج الصحة النفسية في الخطط الصحية الأوسع نطاقًا، وسلط الضوء على دور قطر في تشكيل المناقشات التي تبلغ تأثيراتها آفاقًا عالمية.
وتُظهِر تجربة قطر أنه على الرغم من أن الأمراض غير السارية تُلقي بعبءٍ ثقيلٍ على كاهل البلد، إلا أنه من الممكن إحراز تقدم حقيقي قابل للقياس عندما يكون هناك التزام قوي وحلول مُجرَّبة ومشاركة مجتمعية. فمن خلال التركيز على الوقاية والكشف المبكر وتحسين الخدمات الصحية، تعمل قطر على تحسين حياة الناس اليوم، مع وضع قدوة للإقليم في كيفية بناء مستقبلٍ أوفرَ صحة.