تعافي النُّظم الصحية في الأوضاع الهشة والمتأثرة بالنزاعات في إقليم شرق المتوسط البداية المبكرة تحقق نتائج أكثر رسوخًا

تعافي النُّظم الصحية في الأوضاع الهشة والمتأثرة بالنزاعات في إقليم شرق المتوسط البداية المبكرة تحقق نتائج أكثر رسوخًا

تناقش الدورة الثانية والسبعون للجنة الإقليمية كيفية جعل تعافي النظام الصحي استثمارًا عالي المردود للنهوض بالإنصاف والأداء والسلام المستدام

القاهرة، 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 - في ظل الوضع الحالي، سيحتاج إقليم شرق المتوسط إلى سنوات من إعادة البناء في البلدان المتضررة من الصراعات المديدة والهشاشة. وبالنسبة لسكان الإقليم، الذين لا زالوا يعانون الصدمات البدنية والنفسية ويعيشون في ظل ظروف الجوع وسوء التغذية، وبالنسبة للنُظُم الصحية التي شهدت تدمير المرافق الصحية وحصارها واختطاف الأطباء، فإن الأثر الضار على الصحة لا حدود له.

وفي الوقت الذي تجتمع فيه الدول الأعضاء في القاهرة، مصر، للمشاركة في الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لشرق المتوسط، لا تزال الأعمال العدائية مستمرة في الأرض الفلسطينية المحتلة؛ ويواجه السودان أكبر نزوح في أي مكان في العالم؛ ويستمر العنف في اليمن وسوريا ولبنان إما بشكل متقطع أو يزداد عمقًا.

وقد أدى تأثير تغيُّر المناخ والكوارث الطبيعية إلى زيادة العبء بشكل بعيد المدى. وواجهت أفغانستان، التي تعاني بالفعل من هشاشة بالغة، زلزالًا آخر الشهر الماضي، في حين تعاني باكستان المجاورة الفيضانات المتكررة الناجمة عن تغير المناخ، ويمر العراق بالعام الأكثر جفافًا منذ عام 1933، وهي واحدة من أسوأ موجات الجفاف التي سُجلت حتى الآن.

ويواجه إقليم شرق المتوسط في الوقت الحالي 16 حالة طوارئ مُصنَّفة، ويوجد أكثر من 115 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدات. وقد أدت تلك الأزمات المتزامنة والممتدة التي تتمثل في النزاعات المسلحة والكوارث وفاشيات الأمراض وآثار تغير المناخ والانهيار الاقتصادي إلى إرباك المؤسسات، وتعطيل تقديم الخدمات الأساسية، وزيادة الحاجة إلى المساعدات الإنسانية.

وتبحث الورقة التقنية بعنوان تعافي النظم الصحية في الأوضاع الهشة والمتضررة من النزاعات في إقليم شرق المتوسط - التي تُعرَض في الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية احتياجات تعافي النظم الصحية في الإقليم، وتبين الإجراءات الاستراتيجية للدول الأعضاء والشركاء.

إن تعافي النُّظم الصحية ليس ترفًا، بل ضرورة استراتيجية. ولا يُقصَد بالتعافي الاقتصار على استعادة القدرات التي فقدها النظام الصحي، بل يمتد أيضًا إلى وضع تصوُّر جديد للنظام الصحي وإعادة بنائه ليصبح أقوى وأكثر إنصافًا وأكثر قدرة على تحمُّل الحقائق السابقة والصدمات المستقبلية على حد سواء، تماشيًا مع الاحتياجات الخاصة للبلدان والمجتمعات المحلية.

وإذ تسلط الورقة الضوء على التحديات الهائلة، فإنها تدعو إلى ضرورة أن تتبنى عملية إعادة البناء نهجَ "إعادة البناء على نحو أفضل"، فلا تقتصر على تلبية الاحتياجات الفورية فحسب، بل تعالج أيضًا الدوافع الأساسية للصراع والهشاشة، مع النهوض بالتغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي.

ويُقدِّم الإطار التشغيلي المُبيَّن في الورقة التقنية بعنوان تعافي النُظُم الصحية في الأوضاع الهشة والمتضررة من النزاعات في إقليم شرق المتوسط نهجًا عمليًا يمكن تكييفه مع ظروف كل بلد، ويتماشى مع برنامج العمل العام الرابع عشر للمنظمة، والخطة التنفيذية الاستراتيجية الإقليمية للمنظمة، ويستند إلى الدروس المستفادة من جميع أنحاء الإقليم.

إن تعافي النظام الصحي جسرٌ يوصلنا إلى السلام. فالنُظُم الصحية المنُصفة والقادرة على الصمود تُسهم في شرعية الدولة وثقة المجتمع، وهذا يساعد على إعادة تكوين النسيج الاجتماعي الذي مزقته الأزمة. وعندما تكون جهود التعافي شمولية وتسير وفقًا توجيه قيادة وطنية وتستجيب للاحتياجات المحلية، فإنها يمكن أن تساعد في التخفيف من العوامل المسببة للهشاشة والنزاع. وبهذه الطريقة، تصبح الرعاية الصحية ليس مجرد خدمة، بل أساسًا للوفاق والقدرة على الصمود والسلام على المدى الطويل.

والدول الأعضاء مدعوة إلى اعتماد القرار المرافق لهذه الورقة والذي يُعد خطوة مهمة في مسيرة تحقيق التغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي وغير ذلك من أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة.

ولكن أطر العمل وحدها لا تكفي، بل نحتاج الآن إلى الإرادة السياسية، والتمويل المستدام، والالتزام القوي من جانب الدول الأعضاء بالعمل، ولا سيما في البيئات الأكثر تعقيدا ومعاناةً من الإهمال.

ولقد أثبت إقليم شرق المتوسط من قبل أن التعافي أمر ممكن، ولو في ظل الهشاشة الشديدة. والتحدي الماثل أمامنا الآن هو ضمان إضفاء الطابع المؤسسي على عمليات التعافي، والتخطيط لها ودعمها، لأن مستقبل الصحة في الإقليم يعتمد على ذلك.