23 أيلول/ سبتمبر 2025
أصحاب المعالي والسعادة، الزملاء الأعزاء،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
شكرًا لكم على هذه المناقشة الوافية.
وقد تفاءلت كثيرًا عندما استمعت لأخبار توسُّع المكسيك في التغطية الفعالة بالتدخلات الخاصة بالأمراض غير السارية، واستثمار المملكة العربية السعودية في تعزيز الرعاية الصحية الأولية والنهوض بحلول الصحة الرقمية.
وبصفتي مواطنة سعودية، فقد شهدت بنفسي التقدم الذي أحرزته المملكة، والذي تضمن توسيع نطاق التحري عن أمراض مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري، واستخدام الأدوات الرقمية لدعم قرارات الرعاية السريرية ومتابعة المرضى.
فتلك الأساليب من أفضل الممارسات الإقليمية، ويمكن توظيفها عالميًا، وتبادلنا للخبرات يمكن أن يفيدنا كثيرًا.
ومن وجهة نظري، فإن هناك ثلاث أولويات تفرض نفسها:
أولًا، توسيع نطاق إتاحة الخدمات والأدوية والتكنولوجيات الأساسية من خلال الرعاية الصحية الأولية، لأنه مِن أُسس تحقيق الإنصاف في مجال الصحة والتغطية الصحية الشاملة.
ثانيًا، تحسين رعاية المصابين بالأمراض غير السارية وهذا يتطلب مشاركة حقيقية متعددة القطاعات، فلكلٍّ من قطاع الصحة والمالية والتعليم والمجتمع المدني والمجتمعات المحلية أنفسها دورٌ حاسم يؤديه.
وثالثًا، فإن أي تقدم يحتاج لقوة دافعة، وهذه القوة الدافعة هي الشراكات.
وعلينا أيضًا ألَّا ننسى أن الأمراض غير السارية من مواطن الضعف الملحة في حالات الطوارئ والبيئات الهشة. فنُظُم الرعاية الصحية الأولية القوية هي العمود الفقري للقدرة على الصمود، وتضمن استمرارية الرعاية والحصول على الأدوية الأساسية، ولو في أوقات الأزمات التي تعطل النُّظُم الصحية. وبإدماج التدبير العلاجي للأمراض غير السارية في الرعاية الصحية الأولية،
فإننا نضرب بذلك عصفورين بحجر واحد: تحقيق الاستدامة والحماية في أوقات الأزمات.
والحقيقة أننا نلمس هذا في الواقع. فحزمة مبادرة هارتس التي وضعتها منظمة الصحة العالمية، وينفذها الأردن وليبيا وعُمان واليمن والمغرب وباكستان، تحسِّن التدبير العلاجي لأمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم على مستوى الرعاية الأولية. وقد خفف ذلك العبء على مرافق الرعاية التخصصية وأبرز الأثر الملموس لأدوات المنظمة عند تطبيقها تطبيقًا سليمًا.
وتعاوننا مع منظمة الصحة للبلدان الأمريكية مثال آخر على ذلك. فنحن نحاول الاستفادة حاليًا، بالتعاون مع المدير الإقليمي الدكتور جارباس باربوسا، من الصندوق المتجدد الموارد للقاحات والصندوق المتجدد الموارد لمستلزمات الصحة العامة الاستراتيجية التابعين لمنظمة الصحة للبلدان الأمريكية، وذلك لتعزيز نُظُم الشراء، وتحسين القدرة الشرائية، والتوسع في إتاحة المنتجات الصحية الأساسية في جميع أنحاء إقليم شرق المتوسط.
وتلك المبادئ نفسها هي التي تقوم عليها المنصة العالمية لإتاحة أدوية سرطان الأطفال، وهي شراكة بين منظمة الصحة العالمية ومستشفى سانت جود لبحوث طب الأطفال واليونيسف والصندوق الاستراتيجي لمنظمة الصحة للبلدان الأمريكية. ومن خلال الشراء المجمع وتوفير الإمدادات بتكلفة ميسورة على نحو مستدام، فإننا نوفر للأطفال في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل فرصة عادلة للبقاء على قيد الحياة.
وتذكرنا تلك الأمثلة بأن تحقيق ثورة في رعاية المصابين بالأمراض غير السارية أمر ممكن بكل تأكيد. وهناك حلول تقنية يمكن أن تسهم في ذلك، وهي ليست
بالضرورة تقنيات متقدمة. والتعاون بين بلدان الإقليم الواحد وبين الأقاليم المختلفة يمكن أن يحقق نتائج مبهرة.
ومع التزامنا في المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط بالعمل على تحقيق الاكتفاء الذاتي بالتوصل إلى حلول لمشكلات الإقليم تنبع من داخله، فإننا ندرك أيضًا أن تعاوننا مع غيرنا من المنظمات والقطاعات والأقاليم يمكَّننا من التوسع في إتاحة الرعاية وتحسينها، وتحقيق تغيير ملموس يعزز صحة الجميع وعافيتهم.