تؤكد الوفود على الحاجة إلى رؤية جماعية وعمل متماسك لإعادة بناء النظم الصحية في البلدان المتضررة من الحروب والنزاعات المديدة
16 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، القاهرة، مصر - اعتمدت الدول الأعضاء في إقليم شرق المتوسط قرارًا بشأن تعافي النظم الصحية في الأوضاع الهشة والمتأثرة بالنزاعات في اجتماع الدورة الثانية والسبعية للجنة الإقليمية في القاهرة، مصر. وشددوا على أن النهوض بالنظم الصحية في مجالي التعافي وإعادة البناء في البلدان المتأثرة بالحروب والنزاعات المديدة يتطلب رؤيةً جماعيةً وعملًا متماسكًا.
وشددت الوفود على نَهج الربط بين العمل الإنساني والتنمية والسلام للتمكين من الانتقال الفعال من الاستجابة للطوارئ إلى التعافي، وشددت على أن التعافي المستدام يتطلب استراتيجية واضحة وتمويلًا طويل الأجل يمكن التنبؤ به. وحُثَّت البلدان الأكثر استقرارًا في الإقليم على دعم تنفيذ القرار والإشراف عليه، إذ يعزز ذلك التضامن الإقليمي.
وشملت التعديلات التي أُدخِلَت على القرار نصوصًا لتأمين الدعم المالي اللازم لتعافي النظام الصحي وبناء القدرة على الصمود.
وسَلَّطت الدول الأعضاء الضوء على التحديات المُلحّة التي تتطلب اتخاذ إجراءات موحدة، ومنها هجرة ذوي الكفاءة من القوى العاملة الصحية، والحاجة المُلحّة إلى استمرار الإمدادات الطبية وتوزيعها توزيعًا مُنصِفًا، وإدماج الدعم النفسي الاجتماعي في جميع جهود التعافي.
كما دعت الدول الأعضاء إلى توفير الرعاية الصحية المجتمعية التي تركز على الناس والاستخدام المسؤول للرقمنة والذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات. وبالإضافة إلى ذلك، حُدِّدَت خدمات الصحة النفسية وبناء الثقة والشفافية والعدالة الاجتماعية عواملَ محورية لتعزيز القدرة على الصمود، وإعداد المجتمعات المحلية للأزمات، والنهوض بالأمن الصحي والتغطية الصحية الشاملة.
وشَدَّدَت الدول الأعضاء والشركاء على أهمية المساعدة التقنية التي تقدمها المنظمة من أجل التعافي في الأوضاع الهشة والمتضررة من النزاعات. وطلب القرار من المديرة الإقليمية إنشاء منصة تنسيق إقليمية لتنسيق جهود التعافي والجمع بين البلدان لتبادل الخبرات والتجارب.
وأيَّدَت المنظمات الطبية المستقلة، ومنها تلك التي تركز على السرطان والناعور، القرار وأسهمت في المناقشات، كما فعلت الاتحادات التي تمثل طلاب الطب والرعاية الذاتية.
إعادة البناء على نحو أفضل
إن تعافي النُّظم الصحية ضرورةٌ استراتيجية. ولا يُقصَد بالتعافي الاقتصار على استعادة القدرات التي فقدها النظام الصحي، بل يمتد أيضًا إلى وضع تصوُّر جديد للنظام الصحي وإعادة بنائه ليصبح أقوى وأكثر إنصافًا وأكثر قدرة على تحمُّل الواقع السابق والصدمات المستقبلية على حدٍ سواء، ومُصممًّا خصيصًا لتلبية الاحتياجات الخاصة للبلدان والمجتمعات المحلية.
إن تعافي النظام الصحي جسرٌ يوصلنا إلى السلام. فالنُظُم المنُصفة والقادرة على الصمود تُسهم في شرعية الدولة وثقة المجتمع، وهذا يساعد على إصلاح النسيج الاجتماعي الذي مزقته الأزمة. وعندما تكون جهود التعافي شمولية وتسير وفقًا توجيه قيادة وطنية وتستجيب للاحتياجات المحلية، فإنها تساعد في التخفيف من العوامل المسببة للهشاشة والنزاع. وعندئذ تصبح الرعاية الصحية ليس مجرد خدمة، بل أساسًا للوفاق والقدرة على الصمود والسلام على المدى الطويل.
وإذ يُقرُّ القرار بحجم التحدي، فإنه يدعو إلى اتباع نَهجٍ أفضلَ لإعادة البناء يلبي الاحتياجات الفورية والدوافع الأساسية للنزاع والهشاشة، مع النهوض في الوقت نفسه بالتغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي.
ترجمة توافق الآراء إلى إجراءات
إن القرارات وحدها ليست كافية. والمطلوب الآن هو الإرادة السياسية، والتمويل المستدام، وأن تعمل الدول الأعضاء والمنظمة والشركاء - لا سيما في البيئات المُعقَّدَة والمُهمَلة - على دعم الاستقرار في البلدان المتضررة من النزاعات.
ولقد أثبت إقليم شرق المتوسط من قبل أن التعافي أمر ممكن، ولو في ظل الهشاشة الشديدة. ومُهمتنا الآن هي ضمان إضفاء الطابع المؤسسي على عمليات التعافي، والتخطيط لها وتوفير الموارد اللازمة لها.