الأمراض غير السارية وحالات الصحة النفسية وباءٌ خفيٌّ في أفغانستان

21 أيلول/ سبتمبر 2025، كابُل، أفغانستان - تُسبِّب الأمراض غير السارية خسائر فادحة للنظام الصحي في أفغانستان. وتتسبب أمراض القلب والسكري والسرطان وأمراض الرئة المزمنة في حدوث 43% من الوفيات في البلاد، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 60% بحلول عام 2030، خصوصًا بين النساء. ويزيد تعاطي مواد الإدمان وحوادث المرور على الطرق من تفاقم هذا العبء.

The WHO Representative in Afghanistan inspecting the women’s and children’s drug addiction treatment centre in Bamyan Province. ممثل منظمة الصحة العالمية في أفغانستان يزور مركز علاج إدمان المخدرات للنساء والأطفال في ولاية باميان.

وهناك آلاف الأسر الأفغانية تعاني قوائم انتظار طويلة للحصول على العلاج، مع صعوبة الحصول على الرعاية المنقذة للحياة في الوقت المناسب في كثير من الأحيان، لا سيما في المناطق الريفية. فأمراض القلب والأوعية الدموية وحدها تحصد أرواح أكثر من 40,000 شخص كل عام، وهو ما يضع أفغانستان بين البلدان ذات أعلى معدلات الوفيات المُعدَّلة حسب السن.

Ms Frozan, a 43-year-old cancer patient at the National Cancer Hospital in Kabul.السيدة فروزان، مريضة سرطان تبلغ من العمر 43 عامًا، في المستشفى الوطني لأمراض السرطان في كابل.والسرطان أيضًا يلقي بعبءٍ ثقيلٍ على البلد، لا سيما على النساء الأفغانيات، حيث يندرج سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم ضمن الأنواع الثلاثة من أمراض السرطان الأكثر انتشارًا. ومن المؤسف أن معظم المرضى لا يلتمسون المساعدة الطبية إلا في مراحل متأخرة (المرحلة الثالثة أو الرابعة) عندما يكون العلاج أقل فعالية بكثير.

وفي خضم هذه التحديات، تبرز الصحة النفسية بوصفها أحد أكثر الشواغل إلحاحًا في أفغانستان، رغم إغفالها. فقد خَلَّفَت سنوات من النزاع والكوارث الطبيعية والنزوح آثارًا نفسيةً عميقةً، لا سيّما بين الأسر العائدة من باكستان وجمهورية إيران الإسلامية. وتشير التقديرات إلى أن واحدًا من كل خمسة أفغان يعاني من حالة صحية نفسية، وفي العام الماضي، عانى أكثر من نصف الأسر العائدة من اضطرابات مثل القلق أو الاكتئاب أو التوتر التالي للصدمات. وعلى الرغم من هذه الحاجة المُلحّة، لا تزال مستشفيات المحافظات وخدمات الرعاية الصحية الأولية تفتقر إلى خدمات الصحة النفسية، فتصبح العديد من الفئات السكانية الأكثر عُرضة للخطر في البلاد بدون رعاية.

Doctors at the women’s and children’s drug addiction treatment centre in Bamyan Province examining patients.أطباء في مركز علاج إدمان المخدرات للنساء والأطفال في ولاية باميان أثناء فحص المرضى.بالنسبة لأُسَر مثل أسرة رحيمي في شرق أفغانستان، فإن هذه الأعباء شخصيةٌ للغاية. فقد دمر الزلزال الأخير منزله، وتسبب في توقف رعاية زوجته المصابة بالسكري، وترك ابنتيه المراهقتين تعانيان القلق والخوف. يقول رحيمي: "ننجو من الكوارث، لكن المرض والقلق يبقيان معنا أبدًا".

واستجابة لذلك، اتخذت أفغانستان عدة خطوات مهمة. ففي آذار/ مارس 2025، وافقت وزارة الصحة العامة على سياسة صحية وطنية تعطي الأولوية للوقاية من الأمراض غير السارية ورعاية المصابين بها، وخدمات علاج السرطان، والصحة النفسية. وواصلت منظمة الصحة العالمية العمل عن كثب مع السلطات الصحية لترجمة هذه السياسة إلى إجراءات من خلال توسيع نطاق الحصول على الرعاية، وتعزيز الوعي المجتمعي، ودعم الفئات الضعيفة، لا سيما النساء والأطفال.

ويقول الدكتور إدوين سينيزا سلفادور، ممثل منظمة الصحة العالمية في أفغانستان: "في جميع أنحاء أفغانستان، يواجه الملايين عبئًا يوميًّا بسبب الأمراض المزمنة ومشكلات الصحة النفسية، فيُشكّل ذلك ضغطًا هائلًا على النظام الصحي الهشّ بالفعل".

"وإلى جانب المرض البدني، لا تزال الصدمات والمعاناة النفسية تؤثر على الأسر والمجتمعات. وهذا يسلط الضوء على المسؤولية المشتركة لمنظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية والجهات المانحة لتوسيع نطاق إتاحة الرعاية، ومعالجة الأمراض غير السارية والصحة النفسية على حد سواء، وضمان وصول الدعم بجودة عالية إلى مَن هُم في أمسِّ الحاجة إليه".The Deputy WHO Representative, along with other WHO staff, assessing the condition of a patient injured in the Kunar earthquake at Asadabad Provincial Hospital.نائب ممثل منظمة الصحة العالمية، برفقة عدد من موظفي المنظمة، يقيّمون حالة أحد المصابين في زلزال قندهار في مستشفى أساعداد التابع للولاية.

وبخلاف الزلازل أو الفاشيات، فإن الأمراض غير السارية وحالات الصحة النفسية قد لا تتصدر العناوين الرئيسية في الصحف، ولكنها تؤثر على كل محافظات البلد. وتُعَدُّ زيادة تقديم الخدمات وإذكاء الوعي وإظهار التضامن مع المتضررين مُهمةً مُلِحَّة.