الكلمة الافتتاحية في الإحاطة الإعلامية في قصر الأمم المتحدة في 21 ديسمبر 2023
الدكتور ريتشارد بيبركورن، ممثل المنظمة في الأرض الفلسطينية المحتلة
شون كيسي، منسق الفرق الطبية للطوارئ بالمنظمة
في بعثة مشتركة أخرى شديدة الخطورة، وصل أمس، 20 كانون الأول/ ديسمبر 2023، فريقٌ من المنظمة وبعض الشركاء الآخرين من الأمم المتحدة منهم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية ودائرة الأمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام وإدارة الأمم المتحدة لشؤون السلامة والأمن، إلى المستشفى الأهلي العربي ومستشفى الشفاء في شمال غزة.
وكانت الخطة الأولية هي تسليم الوقود إلى المستشفيين، ولكن كان لا بد من تغييرها والاقتصار على الإمدادات فحسب بسبب عدم وجود ضمانات للسلامة ومشكلات تتعلق بالموافقات.
وسَلَّمت أفرقتنا 7 منصات من اللوازم الطبية للجراحة وعلاج الجروح ومستلزمات لدعم النساء أثناء الولادة وسوائل وريدية وأدوية. وقد شهدوا بأنفسهم تأثير الهجمات الأخيرة على المستشفيين وحجم الدمار الذي حل بهما.
ولا يجد موظفونا كلمات تكفي لوصف وضع المرضى والعاملين الصحيين المتبقين في المستشفيين، والذي يفوق مرحلة الكارثة.
وكان فريق من المنظمة قد زار المستشفى الأهلي العربي منذ أكثر من أسبوع، ووجدها في ذلك الوقت في حالة فوضى عارمة، ومكتظة تمامًا، وفي وضع كارثي. ولكن المستشفى كان لا يزال يعمل جزئيًا في ذلك الوقت، وتوجد فيه غرف عمليات، واختصاصيان صحيان يجريان العمليات الجراحية باستمرار. أما الآن، فإن المستشفى الأهلي أصبح أطلال مستشفى. وقبل يومين، كان المستشفى الأهلي هو المستشفى الوحيد الذي يمكن للمصابين التوجه إليه لإجراء عمليات جراحية في شمال غزة، وكان يعاني تحت ضغط العدد الكبير من المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية طارئة. أما الآن، فلم تَعُد هناك غرف عمليات بسبب نقص الوقود والتيار الكهربائي واللوازم الطبية والعاملين الصحيين، ومنهم الجراحون وغيرهم من المتخصصين. وقد توقف المستشفى تمامًا عن العمل ولا يتجاوز دوره حاليًا دار الرعاية في مرحلة الاحتضار، ولا يقدم إلا القليل جدًا من خدمات الرعاية والتي يعجز عن تقديمها أحيانًا.
وفي قطاع غزة بأكمله، لا توجد إلا 9 مرافق صحية فقط تعمل ، من أصل 36 مرفقًا، وهذه التسعة لا تعمل إلا جزئيًا. وجميعها في الجنوب. أما الشمال، فلا توجد فيه مستشفيات عاملة. وكان المستشفى الأهلي آخر مستشفى يعمل ولكنه لا يعمل حاليًا إلا في الحد الأدنى، أي أنه لا يزال يعالج المرضى ولكنه لا يقبل مرضى جدد، ومعه مستشفيات الشفاء والعودة والصحابة. وما تزال هذه المستشفيات تأوي آلاف النازحين.
وفي المستشفى الأهلي، يواصل طاقم مكون من 10 موظفين تقريبًا، جميعهم من الأطباء والممرضين المبتدئين، تقديم خدمات الإسعافات الأولية الأساسية، وتخفيف الألم قدر الإمكان، ورعاية الجروح، وإسعاف الإصابات الشديدة. كما يحتمي في قسم العظام في المستشفى وكنيسة داخل سوره 80 مصابًا منهم كبار السن والنساء والأطفال الصغار، وكان عددهم في الأسبوع الماضي 250 شخصًا. والكثير من هؤلاء المرضى فقدوا أفراد أسرهم، وليس لديهم أي أحد يمكن أن يساعدهم بإحضار الماء أو الطعام لهم. وبعض هؤلاء المرضى جروحه بليغة وينتظر إجراء عمليات جراحية منذ أسبوعين، أو أجريت له عمليات جراحية لكنه الآن معرض لخطر الإصابة بعدوى بعد العملية بسبب نقص المضادات الحيوية والأدوية الأخرى. وهؤلاء المرضى جميعًا لا يستطيعون الحركة ويلزم نقلهم على وجه السرعة للحفاظ على حياتهم.
أما جثامين ضحايا الهجمات الأخيرة، فقد تُركت في الفِناء لأنه لا يمكن دفنها الدفن اللائق بها بأمان.
وقد أُلقي القبض على أكثر من 20 من العاملين بالمستشفى الأهلي في 18 كانون الأول/ ديسمبر. ثم أُفرج عن ستة منهم وأجبروا على الانتقال إلى الجنوب. أما الباقون قيد الاحتجاز فلا تتوفر معلومات عنهم. وتجدد المنظمة دعوتها لجميع أطراف النزاع إلى احترام القانون الإنساني الدولي، وحماية العاملين الصحيين والمرضى والمرافق الصحية وسيارات الإسعاف في جميع الأوقات.
وستواصل المنظمة سعيها لإمداد المرافق الصحية في شمال غزة بما يلزمها. ولكن ما لم يتوافر الوقود والعاملون الصحيون والاحتياجات الأساسية الأخرى، فلا قيمة للأدوية، وسيواجه جميع المرضى الموت ببطء وهم يتجرعون الألم.
وحتى الآن، قُتل في الأعمال العدائية في غزة أكثر من 20 ألف شخص، أي ما يقرب من 1٪ من إجمالي عدد سكان القطاع.
هذا، وتكرر المنظمة الصحة العالمية دعوتها إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية. وهذا الوقف ضروري الآن لتعزيز المرافق الصحية المتبقية وإعادة تجهيزها، وتقديم الخدمات الطبية التي يحتاج إليها آلاف المصابين وغيرهم ممن يحتاجون إلى رعاية أساسية أخرى، وقبل كل شيء، لوقف إراقة الدماء وإزهاق الأرواح.
الخلفية:
الوفيات والإصابات:
في غزة (البيانات حتى 21 كانون الأول/ ديسمبر): ما يقرب من 20 ألف حالة وفاة (وفقًا للمكتب الإعلامي في غزة)، 70% منهم من الأطفال والنساء، وما يقرب من 8 آلاف طفل؛ وأكثر من 52,500 إصابة، و7600 شخص مفقود أو تحت الأنقاض.
136 قتيلًا من الزملاء في الأونروا منذ بدء الأعمال العدائية
ما لا يقل عن 198 قتيلًا بين العاملين الصحيين الفلسطينيين، وفقًا لوزارة الصحة في غزة.
في الضفة الغربية: 291 وفاة، ما يقرب من 30% منهم من الأطفال، و3600 إصابة.
في غزة: تشير التقديرات إلى نزوح أكثر من 1.9 مليون، أو 85% من السكان، نصفهم من الأطفال، ومنهم أكثر من 1.4 مليون نزحوا إلى مرافق الأونروا وغيرها من الأماكن العامة، ومنها المستشفيات.
في الضفة الغربية: 2000 نازح منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر
الاحتياجات الصحية:
في قطاع غزة بأكمله، لا توجد إلا 9 مرافق صحية فقط، من أصل 36 مرفقًا، تعمل جزئيًا.
الجنوب: توجد 9 مرافق صحية تعمل جزئيًا. هناك ثلاثة مستشفيات فقط تستطيع إجراء جراحات.
المستشفيان الرئيسيان في جنوب غزة يعملان بمعدل ثلاثة أضعاف السعة السريرية لهما.
بلغت معدلات إشغال المستشفيات الآن 206% في أقسام المرضى الداخليين و250% في وحدات العناية المركزة، بالإضافة إلى توفير المأوى لآلاف النازحين داخليًا.
يوجد مستشفيان ميدانيان يعملان بكامل طاقتهما في الجنوب (تديرهما فرق طبية للطوارئ من الأردن والإمارات العربية المتحدة)، وتبلغ إجمالي سعتهما 200 سرير.
الشمال: المستشفيات في الشمال أغلقت بالكامل تقريبًا. توجد 4 مستشفيات تعمل بالحد الأدنى، أي لا تزال تعالج المرضى لكنها لا تقبل مرضى جدد. وتقدم هذه المستشفيات الإسعافات الأولية للمرضى الموجودين بالفعل داخل المستشفى، ولكن قدراتها محدودة للغاية مع عدم وجود وقود لتشغيل المستشفى.
السعة السريرية المتاحة تبلغ 38% مما كانت عليه قبل اندلاع الصراع. وتستقبل المستشفيات أعدادًا من المرضى تفوق بكثير السعة السريرية لها.
ومن بين العاملين الصحيين الذين كانوا يعملون قبل التصعيد، لا يعمل حاليًا إلا 30% فقط.
الأرض الفلسطينية المحتلة: 493 هجومًا صحيًا مؤكدًا في الأرض الفلسطينية المحتلة:
غزة (حتى 20 كانون الأول/ ديسمبر): 246 هجومًا في قطاع غزة أسفرت عن مقتل 582 شخصًا وإصابة 748 آخرين. وقد أثَّرت الهجمات على 61 مرفقًا من مرافق الرعاية الصحية، (منها 26 مستشفى تدمر من أصل 36 مستشفى بالقطاع)، وأثَّرت على 76 سيارة إسعاف، (منها 38 سيارة تعرضت لتلفيات)
الضفة الغربية (حتى 15 كانون الأول/ ديسمبر): 251 هجومًا في الضفة الغربية أسفرت عن 7 قتلى و 45 مصابًا. وقد أثَّرت على 20 مرفقًا صحيًا و 193 سيارة إسعاف. ومن بين هذه الهجمات، كان هناك 157 واقعة انطوت على عرقلة تقديم الرعاية الصحية، و 133 وقائع انطوت على استخدام القوة، و36 واقعة انطوت على الاحتجاز، و 32 واقعة انطوت على تفتيش سيارات إسعاف.
البيانات السابقة:
منظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية لبحوث السرطان: 10 سنوات من التعاون لمكافحة السرطان

تُواصِلُ منظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية لبحوث السرطان العمل معًا من أجل تحسين نُظُم ترصُّد السرطان في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط. والهدف من ذلك هو تحسين نُظُم التبليغ والترصد وجودة البيانات المتعلقة بالسرطان، مما يُسهم في نهاية المطاف في مكافحة السرطان. وتدعم هذه الجهود ملايين الأشخاص في الإقليم المُعرَّضين لخطر الإصابة بالسرطان أو المتعايشين معه.
وقد احتفلت الوكالة الدولية لبحوث السرطان والمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط للتوّ بمرور 10 سنوات من التعاون لدعم ترصد السرطان في الإقليم. وفي إطار رؤيتهما للعقد المقبل، هناك مزيدٌ من التحسينات في كلٍ من بيانات السرطان ومكافحته في جميع بلدان الإقليم وأراضيه.
وقد سُلِّطَ الضوء على المرحلة الرئيسية التي استغرقت 10 سنوات في حلقة عمل حول استخدام بيانات السرطان للاسترشاد بها في التخطيط لمكافحته، وقد اشتركت الوكالة الدولية لبحوث السرطان والمكتب الإقليمي في استضافة تلك الحلقة التي عُقدت في مقر المكتب الإقليمي في القاهرة، مصر. وضمَّ المشاركون خبراء من سجلات حالات الإصابة بالسرطان، وجهات التنسيق المعنية ببرامج الأمراض غير السارية في وزارات الصحة في جميع أنحاء الإقليم.
وركَّزت حلقة العمل هذه على تفاصيل برنامج العمل المقرَّر بشأن أسباب السرطان في الإقليم. ويُمثّل ذلك أحد المجالات ذات الأولوية المنصوص عليها في خطة العمل المشتركة الخامسة للمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية والوكالة الدولية لبحوث السرطان لعام 2023، وذلك من حيث ترصُّد السرطان وعوامل الخطر. ويَنصَبُّ تركيز خطة العمل المشتركة على التطوير المشترك والتدريب وتبادل المعارف لدعم التقييم الوطني للأسباب الرئيسية للسرطان في جميع أنحاء الإقليم. كما تهدف هذه الخطة إلى توسيع نطاق نُظُم عالية الجودة لترصد السرطان واستدامة تلك النُظُم، فضلًا عن بناء القدرات في مجال استخدام المؤشرات وتبادلها لدعم الدعوة إلى الوقاية من السرطان.
وافتتح حلقة العمل هذه الدكتور أزموس همريتش، مدير التغطية الصحية الشاملة/ الأمراض غير السارية والصحة النفسية بالمكتب الإقليمي، والدكتور فريدي براي، رئيس فرع ترصُّد السرطان بالوكالة الدولية لبحوث السرطان. وشارك الدكتور همريتش والدكتور براي في وضع خطة العمل الأولى المشتركة بين الوكالة الدولية لبحوث السرطان والمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية.
ومنذ عام 2013، ضمنت الشراكة بين الوكالة الدولية لبحوث السرطان والمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية إحراز تقدُّم في تطوير نُظُم مستدامة وعالية الجودة لترصُّد السرطان في جميع أنحاء الإقليم.
ومن خلال المبادرة العالمية لإعداد سجلات حالات الإصابة بالسرطان، قَدَّمت الوكالة الدولية لبحوث السرطان والمكتب الإقليمي الدعم التقني إلى 20 بلدًا في إقليم شرق المتوسط، بما في ذلك زيارات ميدانية، بالإضافة إلى توصيات مصممة خصيصًا لاثنا عشر بلدًا. وقد جرى تدريب أكثر من 100 مهني في مجال تسجيل حالات الإصابة بالسرطان، منهم 3 مدربين إقليميين في شبكة المبادرة العالمية لإعداد سجلات حالات الإصابة بالسرطان في العقد الماضي. وقد تحقق ذلك من خلال سلسلة من 5 حلقات عمل تناولت موضوعات أساسية ومتطورة بشأن تسجيل حالات الإصابة بالسرطان.
كما تلقت فِرَق تسجيل حالات الإصابة بالسرطان من 5 بلدان في إقليم شرق المتوسط تدريبًا ميدانيًا على إجراءات تسجيل حالات الإصابة بالسرطان في سجل إزمير للسرطان في تركيا. ونُظِّم ذلك بالتعاون مع المركز الإقليمي لتسجيل حالات الإصابة بالسرطان التابع الوكالة الدولية لبحوث السرطان في شمال أفريقيا ووسط وغرب آسيا والمكاتب القُطرية المعنية التابعة لمنظمة الصحة العالمية.
بيان المدير الإقليمي خلال جلسة إعلامية للإحاطة
19 كانون الأول/ ديسمبر 2023
أشكركم على الانضمام إلى هذه الإحاطة الإعلامية، وهي الإحاطة الأخيرة لي قبل نهاية العام. أتحدث إليكم اليوم وقلبي يمتلئ حزنًا على ما أشهده، وتشهدونه جميعًا، من معاناة لا يتصورها إنسان.
فإقليمنا، الذي يزيد عدد سكانه على نصف مليار نسمة، يضم 38% من سكان العالم المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية، أي أكثر من 140 مليون إنسان.
وهذا العدد يمثل المآسي اليومية التي يعيشها الناس في سوريا وأفغانستان والمغرب بعد الزلازل، والأهوال التي يعيشها الشعب الليبي بعد الفيضانات الكارثية، والجفاف في القرن الأفريقي، والتفاقم السريع في الصراع في السودان، وبطبيعة الحال، الأزمات الإنسانية في غزة التي ما زالت تتكشف أبعادها القاسية غير المسبوقة.
في الأسبوع الماضي، عقد المجلس التنفيذي للمنظمة دورة طارئة استثنائية بشأن الوضع الصحي في الأرض الفلسطينية المحتلة بناءً على طلب 17 دولة من الدول الأعضاء.
وكانت هذه هي المرة الأولى منذ بدء الصراع التي يتوصل فيها المجتمع الدولي إلى توافق في الآراء بشأن الوضع في غزة، بإصدار قرار يدعو إلى تقديم المساعدات الإنسانية الفورية باستمرار وبلا عوائق.
وبرغم ذلك القرار، وبرغم الجهود المتواصلة التي يبذلها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني في جميع أنحاء العالم، فإن العنف الوحشي لا يزال مستمرًّا بلا هوادة. وما لم يتوقف هذا الصراع فورًا، فلا سبيل لتلبية احتياجات الناس على نحو كافٍ.
لقد دعت المنظمة باستمرار، وما زالت تدعو، إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار.
ومنذ أسابيع، والمدير العام للمنظمة، الدكتور تيدروس، يحذِّر من أن الأحوال المعيشية وافتقاد الرعاية الصحية يمكن أن يؤديا إلى وفيات تفوق الوفيات التي تسببها القنابل.
وهذه المخاطر لم تزدد إلا شدةً بمرور الوقت.
ولم يقتصر الأمر على عدم حماية العاملين في مجال الرعاية الصحية والمرافق الصحية، بل وصلنا إلى تعرُّضهم لهجمات، كما حدث مؤخرًا في مستشفى كمال عدوان وقصف مستشفى ناصر في جنوب غزة.
وفي 16 كانون الأول/ ديسمبر، شارك موظفو المنظمة في بعثة مشتركة للأمم المتحدة إلى مستشفى الشفاء، الذي كان فيما مضى أحد مراكز الإحالة الرئيسية لنظام الرعاية الصحية في غزة، لتوصيل الإمدادات الصحية.
ووصف موظفونا ما شاهدوه بأنه "حمام دم"، وقالوا إن قسم الطوارئ في المستشفى ممتلئ بالمرضى الذين يفترشون الأرض.
ولأول مرة، هناك تقارير عن اعتراض الأهالي للشاحنات التي تحمل الطعام قبل تسليمها، وهو أمر لم يحدث من قبل، ويدل على وطأة الجوع في غزة.
ووفقًا لتقييم نشره برنامج الأغذية العالمي مؤخرًا، فإن أكثر من 90% من الأسر تنام وهي لا تجد ما يخفِّف جوعَها، و63% منها تقضي يومًا كاملًا بلا طعام.
وأنا أناشد العالم أن تسود الإنسانية، وأكرر مجددًا دعوة المنظمة لحماية العاملين في مجال الرعاية الصحية والمساعدات الإنسانية في قطاع غزة.
إن التحايل على حق الإنسان الأساسي في الصحة له تبعات هائلة ستدوم سنواتٍ، ويمثل سابقةً لتجاهل قيمة الإنسانية نفسها.
وعندما كان فريقنا في مستشفى الشفاء، طلب منهم الكثيرون في المستشفى أن ينقلوا للعالم ما يحدث، على أمل أن يهبَّ البعض لتخفيف معاناتهم قريبًا.
ولكن المؤسف أن المسؤولين عن نقل الأخبار يتعرضون للقتل أيضًا. وأود هنا أن أتقدم بخالص تعازيَّ للإعلاميين الذين فقدوا 64 من زملائهم.
وبينما تتواصل المأساة في غزة أمام أعين العالم، وقعت أحداث مؤخرًا زادت إلحاحَ مخاوفنا جميعًا.
فهناك هجمات بطائرات بدون طيار في البحر الأحمر، وطائرات عسكرية فوق بيروت، وهجمات إسرائيلية على ريف دمشق، وكلها تطورات تثير قلقًا بالغًا. ومثل تلك الحوادث لا يقتصر أثرها على تفاقم الأزمات القائمة فحسب، بل تنبهنا إلى احتمال وقوع كارثة إنسانية قد تعصف بالمنطقة بأسرها.
وفي الوقت نفسه، فإن المنظمة لا تنسى شعوبًا أخرى تعاني، منها شعب السودان واليمن والصومال وليبيا وسوريا وأفغانستان.
ولكننا في غاية القلق بسبب التدهور السريع للموقف في السودان، الذي يشهد الآن أكبر موجة نزوح للأطفال في العالم.
وهناك زيادة مروعة في عدد النازحين بسبب الصراع. ومن بين هؤلاء، فإن 300 ألف من النازحين الذين كانوا قد لجأوا إلى ولاية الجزيرة اضطروا إلى النزوح مرة أخرى منذ اندلاع الاشتباكات في تلك المنطقة في 15 كانون الأول/ ديسمبر.
وبعد ثمانية أشهر من تفاقم النزاع، أصبح النظام الصحي مُنهَكًا إلى حد الانهيار، لأن قدرات هذا النظام تتراجع في وقت تزيد فيه الاحتياجات زيادة بالغة.
أما في دارفور، في غرب السودان، فإن الموقف يمثل كارثة. ولا يمكن للشركاء الدوليين الوصول إلى المحتاجين إلا من خلال عمليات عالية المخاطر تنطلق من دولة تشاد المجاورة.
وفي ولاية الجزيرة، تدهورت الأحوال الصحية والإنسانية بشدة بسبب تكثيف العمليات العسكرية. ونتيجة لذلك، كان لا بد من تعليق العمل مؤقتًا في مركز عمليات المنظمة في ود مدني، عاصمة الولاية، والذي كان يمثل عصب الاستجابة الصحية في الخرطوم والولايات المحيطة به منذ بدء الصراع.
يعاني ملايين السودانيين من جوع وصل إلى حد الكارثة. فهناك ما يقرب من 17.7 مليون إنسان في شتى أنحاء السودان يعانون من انعدام تام في الأمن الغذائي، منهم 4.9 ملايين على شفا المجاعة. وقد ارتفعت تقديرات إجمالي المحتاجين إلى المساعدة الإنسانية في عام 2023 من 15.8 مليون إنسان إلى 24.7 مليونًا.
إن المنظمة لن تنسى أبدًا وضْع الناس الذين تَعِد بخدمتهم في أحلك الأوقات، والوقوف إلى جانبهم في أصعب اللحظات. ولكننا نحتاج، كي نؤدي عملنا، إلى الموارد وإلى القدرة على الوصول إلى المحتاجين بأمان.
ولا يعقل أن ينزف إنسان حتى الموت، أو أن يموت وهو في انتظار الأطباء القلائل الذين نجوا من القتل الذي طال الكثيرين منهم.
وفي حين أصبحت الفظائع الجماعية في السودان أمرًا معتادًا، فإن الكوليرا، التي يمكن أن تقتل في غضون ساعات، تنتشر في تسعة بلدان في إقليمنا، وتؤثر على الأطفال دون سن الخامسة أكثر من غيرهم.
وفي السودان وحده، انتشرت فاشية الكوليرا الفتاكة في 9 ولايات من أصل 18 ولاية في البلاد.
وأقل ما تُوصف به فاشية الكوليرا هو أنها تبعث على القلق الشديد.
وفي خضمِّ ذلك، نجد بادرة مشجعة، ألا وهي توقيع أكثر من 130 بلدًا على إعلان الإمارات العربية المتحدة بشأن المناخ والصحة، في الدورة 28 لمؤتمر الدول الأطراف.
وهذا بصيصٌ من الأمل للبلدان في إقليمنا التي تتحمل وطأة الكوارث المناخية، كما رأينا في الصومال وليبيا وباكستان في عام واحد تقريبًا.
ومع اقتراب العام من نهايته، فإن قلبي مع زملائنا في الأونروا، وكُلِّي حزنٌ على فقدان 135 من العاملين فيها، وعلى فقدان زميلتنا العزيزة في المنظمة ديما الحاج، التي قُتلت مع عائلتها، وكذلك طفلها البالغ من العمر ستة أشهر.
فكل هؤلاء ضحُّوا بحياتهم من أجل الإنسانية، وسأذكرهم دائمًا في دعائي.
وفي خضمِّ القتال المشتعل، يبذل العاملون في المنظمة ووكالات الأمم المتحدة وجميع الجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني، فضلًا عن وسائل الإعلام، كل ما في وسعهم لمد يد العون إلى الفئات الأكثر تضررًا من الصراع. وأود أن أعرب عن خالص شكري لجميع موظفينا في الميدان الذين أصبحوا قدوة عظيمة بتفانيهم وإنسانيتهم.
وعلى الرغم من الشعور بالعجز الذي يسود في هذه الأيام، فإنني متمسك الأمل، وأختتم كلامي بالأمل في أن يعيش إقليمنا وشعبُه حياة يتمتع فيها بالأمان والكرامة والازدهار.
إن إقليم شرق المتوسط يستحق التعاطف من العالم، وأن ينظر المجتمع العالمي إلى شعوب هذا الإقليم على أنهم بشر، وليس مجرد أرقام تتغير على شاشات التلفزيون. ونحتاج من دول الإقليم، ولا سيَّما تلك التي تتمتع بالاستقرار الاقتصادي، مثل دول الخليج، أن تدعم بقية الدول الأعضاء التي تمر بأوقات عصيبة تجعلها في أشد الحاجة إلى الدعم.
إن شعوبنا مثل بقية الشعوب تستحق حياة تتجاوز مجرد النجاة من الموت، وتُحترم فيها حقوق الإنسان، كما تستحق الأمل في التطلع لمستقبل لأطفالها، وأن تنام ليلًا وهي تأمل في غدٍ واعد.
خالص الشكر على جهودكم، وأتمنى أن يكون عام 2024 وما بعده أفضل للإقليم.
منظمة الصحة العالمية تُسلِّم إمدادات صحية إلى مستشفى الشفاء، وتدعو إلى استمرار إتاحة الوصول إلى غزة لتلبية الاحتياجات العاجلة في شمال غزة

17 كانون الأول/ ديسمبر 2023 - شارك موظفون من منظمة الصحة العالمية في بعثة مشتركة للأمم المتحدة إلى مستشفى الشفاء في شمال غزة في 16 كانون الأول/ ديسمبر لتسليم إمدادات صحية وتقييم الوضع في هذا المرفق. وكان من بين الشركاء في بعثة اليوم مكتب تنسيق الشؤون اﻹنسانية، وإدارة الأمم المتحدة لشؤون السلامة والأمن، ودائرة اﻷمم المتحدة للإجراءات المتعلقة بالألغام. وقد تمكَّن الفريق من إيصال الأدوية واللوازم الجراحية، ومعدات جراحة العظام، ومواد التخدير والعقاقير إلى المستشفى.
ويحتاج مستشفى الشفاء، الذي يعمل حاليًا بالحد الأدنى من الأداء، إلى استئناف العمليات الأساسية على الأقل على وجه السرعة لمواصلة خدمة الآلاف المحتاجين إلى الرعاية الصحية المُنقذة للحياة.
ولم يعد مستشفى الشفاء، الذي كان فيما مضى أهم وأكبر مستشفى إحالة في غزة، يضم الآن سوى عدد قليل من الأطباء وطواقم التمريض، إلى جانب 70 متطوعًا، يعملون في ظل ما وصفه موظفو المنظمة بأنه "ظروف عصيبة يصعُب تصديقها"، كما وصفوا هذا المستشفى بأنه "مستشفى يحتاج إلى الإنعاش". ولا تزال غرف العمليات والخدمات الرئيسية الأخرى متوقفة عن العمل بسبب نقص الوقود والأكسجين والطاقم الطبي المتخصص والإمدادات. وتقتصر قدرة المستشفى على توفير الرعاية الأساسية لعلاج الرضوح، ولا يتوافر به الدم اللازم لنقل الدم، ونادرًا ما يكون لديه أي موظفين لتقديم الرعاية إلى أعداد المرضى التي تتدفق باستمرار. وتُقدَّم خدمات غسيل الكُلى لنحو 30 مريضًا يوميًا، وتعمل أجهزة غسيل الكُلى على مدار الساعة يوميًا طوال أيام الأسبوع باستخدام مولد كهربائي صغير.
ووصف الفريق قسم الطوارئ بأنه "حمام دم" بداخله مئات الجرحى، ويصل إليه مرضى جدد كل دقيقة. وكان المرضى المصابون بالرضوح يخضعون لخياطة الجروح على أرضيات المستشفى، ولا يمكن العلاج في المستشفى بدون ألم. وقال موظفو منظمة الصحة العالمية إن قسم الطوارئ ممتلىء بدرجة تستدعي توخي الحذر حتى لا يطأ المارُّ على المرضى الذين افترشوا أرضيات القسم. ويُنقَل مرضى الحالات الحرجة إلى المستشفى الأهلي العربي لإجراء العمليات الجراحية.
كما يستخدم عشرات الآلاف من النازحين مبنى المستشفى وأرضياته مأوىً لهم. وهناك حاجة إلى استجابة إنسانية متعددة الجوانب لتوفير الغذاء والماء والمأوى لهم.
وقد طلب العديد منهم من فريقنا أن يخبروا العالم بما يحدث على أمل أن تُخفَّفَ معاناتهم في وقتٍ قريب. ولا يزال مستشفى الشفاء يعاني من نقصٍ حادٍ في الغذاء والمياه المأمونة للعاملين الصحيين والمرضى والنازحين. ويعكس ذلك مخاوف خطيرة ومتزايدة بشأن استمرار الجوع في جميع أنحاء قطاع غزة، وعواقب سوء التغذية على صحة الناس وقابليتهم للإصابة بالأمراض المُعدية.
وتلتزم المنظمة بتعزيز مستشفى الشفاء في الأسابيع المقبلة حتى يتمكن من استئناف عمله الأساسي على الأقل ومواصلة تقديم الخدمات المُنقذة للحياة المطلوبة في هذه المرحلة الحرجة. ويمكن تشغيل ما يصل إلى 20 غرفة عمليات في المستشفى، بالإضافة إلى خدمات الرعاية بعد الجراحة بشرط توفير إمدادات منتظمة من الوقود والأكسجين والأدوية والغذاء والماء. وهناك أيضًا حاجة ماسة إلى مزيد من الكوادر الطبية والتمريضية والداعمة المتخصصة، بما في ذلك فِرَق الطوارئ الطبية.
وفي الوقت الحالي، لا يزال المستشفى الأهلي العربي هو المستشفى الوحيد الذي يعمل بشكلٍ جزئي في شمال غزة إلى جانب ثلاثة مستشفيات تعمل بالحد الأدنى من الأداء، وهي مستشفى الشفاء ومستشفى العودة ومجمع الصحابة الطبي، بعد أن كان هناك 24 مستشفى قبل النزاع. ويساور المنظمة قلقٌ بالغٌ أيضًا إزاء تطورات الوضع في مستشفى كمال عدوان، وهي بصدد جمع المعلومات على وجه السرعة.
ومع استمرار الأعمال العدائية وزيادة الاحتياجات الصحية في جميع أنحاء قطاع غزة، يجب عودة مستشفى الشفاء إلى العمل على وجه السرعة إذ يُعد هذا المستشفى حجر الزاوية في النظام الصحي في غزة وذلك حتى يتسنى له أن يخدم شعبًا محاصرًا يدور في حلقة مفرغة من الموت والدمار والجوع والمرض.
روابط ذات صلة
مقتل موظفة بمنظمة الصحة العالمية في غزة
منظمة الصحة العالمية تشعر باستياء بالغ إزاء الهجوم الأخير الذي استهدف المستشفى الإندونيسي في غزة
المنظمة تفقد الاتصال بمستشفى الشفاء في غزة وسط تقارير عن تعرضه لهجمات
إجلاء بعض الأطفال المصابين بالسرطان من غزة للعلاج في مصر والأردن
ارتفاع خطر انتشار الأمراض في غزة مع تعطل المرافق الصحية وشبكات المياه والصرف الصحي