كلمة افتتاحية تُلقيها المديرة الإقليمية في الإحاطة الصحفية للمكتب الإقليمي لشرق المتوسط
22 شباط/ فبراير 2024
الزملاءُ الأعزاءُ، السيداتُ والسادةُ،
السلام عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه،
أُحيِّيكُم مِنَ المكتبِ الإقليميِّ لمنظمةِ الصحةِ العالميةِ في القاهرةِ، مصر. ويُشرِّفُني أنْ أتحدَّثَ إليكمُ اليومَ بصِفتي المديرةَ الإقليميةَ الجديدةَ لشرقِ المتوسطِ.
وفي بدايةِ مُدةِ وِلايتي، أدركُ تمامًا التحدياتِ الكبرى التي يُواجِهُها إقليمُنا.
ففي غزَّةَ، لا يزالُ جميعُ السُّكانِ يواجهون عُنفًا وخسائرَ فادحةً لا يمكنُ تصوُّرُها، ولم يَعُدْ أمامَهم أيُّ مكانٍ يَفِرُّونَ إليه، وفي الوقتِ نفسِه لا تزالُ المساعداتُ المُنقِذةُ للأرواحِ غيرَ كافيةٍ على الإطلاقِ. وأمَّا في السودانِ، فنَشهدُ أكبرَ أزمةِ نُزوحٍ في العالَمِ، إذْ يَفرُّ ملايينُ الأشخاصِ بحثًا عنِ الأمانِ داخلَ البلدِ وخارجَه. كما أنَّ الزلازلَ التي ضربتْ أفغانستانَ والمغربَ وسوريَّا مؤخرًا، والفيضاناتِ التي وقَعتْ في ليبيا وباكستانَ، والتزايدَ الكبيرَ المستمرَّ في عددِ حالاتِ الإصابةِ بالكوليرا وحُمَّى الضَّنْكِ في شتَّى أنحاءِ الإقليمِ - كلَّ ذلك أدَّى إلى تفاقُمِ عبءِ الِاحتياجاتِ الصحيةِ والإنسانيةِ في جميعِ أنحاءِ الإقليمِ.
وتتزايدُ حالاتُ الطوارئِ الصحيةِ في شتَّى أنحاءِ الإقليمِ بوتيرةٍ سريعةٍ. فيتأثَّرُ ثلاثةَ عشَرَ بلدًا من بُلدانِنا تأثرًا مباشرًا أو غيرَ مباشرٍ بالنزاعاتِ، وقدِ استجَبْنَا في العامِ الماضِي لثلاثٍ وسبعينَ فاشيةً للأمراضِ - أيْ لأكثرَ مِن ضِعفِ العددِ الذي شَهِدَه عامُ ألفيْنِ وواحدٍ وعشرين، وعلى مَدارِ العاميْنِ الماضيَيْنِ وقعَتْ في إقليمِنا سِتُّ كوارثَ طبيعيةٍ مِن بينِ الكوارثِ الطبيعيةِ العشْرِ الأكثرِ فتكًا في العالَمِ.
ويزدادُ هذا التحدي تعقيدًا بسببِ الحقائقِ المُقلِقةِ المتمثَّلةِ في تعرُّضِ مَرافقِ الرعايةِ الصحيةِ لهَجَماتٍ متزايدةٍ، وانعدامِ الأمْنِ، والقيودِ الشديدةِ التي تَعُوقُ قدرتَنا على الوصولِ بالتدخلاتِ المنقِذةِ للأرواحِ إلى بعضِ الأشخاصِ الأشدِّ ضَعْفًا في الإقليمِ. ولذلك، فإنَّ أيَّ مكاسبَ هشَّةٍ حقَّقْنَاها في دعمِ النُّظُمِ الصحيةِ والنهوضِ ببَرْنامجِ العملِ الصحيِّ، والحفاظِ على الأمنِ الصحيِّ الإقليميِّ، مُعرَّضةٌ لخطرِ الِانتكاسِ. فكثيرًا ما نخطُو خُطْوتَيْنِ إلى الأمامِ وخُطوةً إلى الوراءِ في مساعدةِ شعوبِ الإقليمِ.
كما أن خفْضَ تمويلِ الأونروا، وهيَ أهمُّ وأكبرُ مُقدِّمٍ للمساعدةِ الإنسانيةِ في أزمةِ قِطاعِ غزَّةَ، يُسفِرُ عن مزيدٍ منَ العواقبِ الكارثيةِ على سُكانِ القطاعِ. ولا تستطيعُ أيُّ وَكالةٍ من الوَكالاتِ، ومنها منظمةُ الصحةِ العالميةِ، أنْ تسُدَّ الفَجَواتِ الحرجةِ التي قد تنشأُ إذا لم تتمكنِ الأونروا مِنَ العملِ بكاملِ طاقِتها. وهذا القرارُ لهُ أيضًا تَبِعاتٌ خطيرةٌ، لأنَّ خِدْماتِ الأونروا تشملُ السكانَ الفلسطينيينَ في لبنانَ والأردنِ وسوريَّا. وإعلانُ برنامجِ الأغذيةِ العالميِّ مؤخرًا عنْ وقفِ عملياتِ توصيلِ الأغذيةِ إلى شمالِ غزَّةَ بسببِ انعدامِ ضماناتِ السلامةِ يعني أيضًا أنَّ الوضعَ هناكَ سيزدادُ تدهورًا، وهوَ ما سيتركُ مئاتِ الآلافِ منَ السكانِ في وضعٍ محفوفٍ بالمخاطرِ، والأطفالُ والحواملُ هُمُ الأشدُّ تعرُّضًا لخطرِ سُوءِ التغذيةِ الحادِّ، والمرضِ والعواقبِ الصحيةِ الطويلةِ الأجلَ، بلِ الوفاةِ.
وعلى مدارِ الأسابيعِ الثلاثةِ التي انقضتْ منذُ أنْ توليتُ منصبَ المديرِ الإقليميِّ، استعرضتُ بدقةٍ التحدياتِ التي تُواجهُ إقليمَنا، لا سيَّما تصاعدُ وتيرةِ الطوارئِ الصحيةِ ونطاقَها، إلى جانبِ التحدياتِ العديدةِ التي تواجهُ تقديمَ المساعداتِ، ومنها انعدامُ الأمنِ، وتدهورُ النُّظمِ الصحيةِ، والنقصُ الحادُّ في التمويلِ. ولمواجهةِ تلك التحدياتِ، وضعتُ خمسَ أولوياتٍ شاملةٍ لعملِ المنظمةِ في حالاتِ الطوارئِ خلالَ مدةِ وِلايتي:
أولًا، نستهدفُ معالجةَ أوجهِ التفاوتِ في الحصولِ على الرعايةِ الصحيةِ، بما يضمنُ وصولَ الخِدْماتِ الأساسيةِ إلى كلِّ رُكنٍ من أركانِ إقليمِنا، ولا سيَّما السكانُ الذين يَصعُبُ الوصولُ إليهم في المناطقِ المتضرِّرةِ منَ الطوارئِ. وسنُركِّزُ تركيزًا خاصًّا على الأوضاعِ الهشَّةِ والمتضرِّرةِ منَ الصراعاتِ.
ثانيًا، يُمكِنُنا إنقاذُ الأرواحِ وحمايةُ الصحةِ العامةِ عن طريقِ تعزيزِ قُدُراتِ البُلدانِ على الوقايةِ من شتَّى الطوارئِ الصحيةِ، والتأهبِ لها واكتشافِها والاستجابةِ لها بفعاليةٍ، ابتداءً منَ الكوارثِ المتعلقةِ بالمناخِ وصولًا إلى الجوائحِ والنزاعاتِ.
ثالثًا، لا بدَّ مِنَ الِاستثمارِ في نُظُمٍ قويةٍ للصحةِ العامةِ من أجلِ الوقايةِ من الأمراضِ، والعافيةِ بوجهٍ عامٍّ. ومن خلالِ التدخلاتِ المُوجَّهةِ والشَّرَاكاتِ الِاستراتيجيةِ، نلتزمُ بتعزيزِ مبادراتِ الصحةِ العامةِ في جميعِ أنحاءِ الإقليمِ، لضمانِ قُدرةِ النُّظمِ الصحيةِ على الصمودِ في وجهِ أيِّ أزمةٍ.
رابعًا، ندركُ أنَّ العملَ الجماعيَّ والتعاونَ ضروريانِ للتصدي للتحدياتِ الصحيةِ المعقَّدةِ. ومن خلالِ إقامةِ شَرَاكاتٍ جديدةٍ والِاستفادةِ منَ الشَّرَاكاتِ الحاليةِ، نستطيعُ حشْدَ المواردِ بفعاليةٍ، وتعزيزَ النُّظمِ الصحيةِ.
وأخيرًا، لا بدَّ من تعزيزِ قُدُراتِ كلٍّ منَ المكتبِ الإقليميِّ والمكاتبِ القُطريةِ للمنظمةِ. فمن خلالِ التعاونِ والتأثيرِ الأقوى على برامجِ العملِ الصحيةِ العالميةِ، يُمكِنُنا أن نُلبِّيَ احتياجاتِ المجتمعاتِ المحليةِ التي نَدْعَمُها تلبيةً أفضلَ.
ومن خلالِ منْحِ الأولويةِ لعافيةِ المحتاجِينَ وسلامَتِهِم وكرامَتِهِم، والتركيزِ على الجانبِ الإنسانيِّ لحالاتِ الطوارئِ الإنسانيةِ، يُمكِنُنا إحرازُ تقدُّمٍ ملموسٍ نحوَ السلامِ والِاستقرارِ وتحسينِ الحصائلِ الصحيةِ.
الزميلاتُ والزملاءُ الأعِزَّاءُ،
في خِضَمِّ بعضِ أشدِّ الأَزْماتِ الإنسانيةِ، مِثلِ الزلازلِ في أفغانستانَ وسوريَّا، وتصاعُدِ الصراعِ في غزةَ والسودانِ، اضطلعتْ منظمةُ الصحةِ العالميةِ بدورٍ مِحوريٍّ من خلالِ التوصيلِ السريعِ للإمداداتِ الطبيةِ المنقِذةِ للأرواحِ من مركَزِنا للإمداداتِ اللوجستيةِ في دبي، لمنْعِ انهيارِ النظمِ الصحيةِ حتى يتسنَّى إنقاذُ الأرواحِ. وأنا ملتزمةٌ بمواصلةِ تحسينِ سلاسلِ إمداداتِنا الطبيةِ لجميعِ بُلدانِ الإقليمِ، من أجلِ تيسيرِ عملياتِ التوصيلِ على نحوٍ أسرعَ وأكْفَأَ، بما يساعدُ على الحفاظِ على استمرارِ النُّظمِ الصحيةِ في أداءِ وظيفَتِها.
وقد أبرمَ مركزُنا للإمداداتِ اللوجستيةِ في دبي والمدينةِ العالميةِ للخِدْماتِ الإنسانيةِ -هذا الأسبوعَ- اتفاقًا لإيصالِ الإمداداتِ الصحيةِ والأدويةِ، ومنها الأنسولين، إلى مليونٍ وخَمْسِمائةِ ألفِ مستفيدٍ في غزَّةَ من خلالِ جِسرٍ جويٍّ مؤقتٍ بينَ الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ ومصرَ، مع التخطيطِ لرِّحْلاتٍ جويةٍ متعددةٍ. ووصلتْ أمسِ أولُّ طائرةٍ إلى مصرَ بنجاحٍ. ونظرًا إلى أنَّ النظامَ الصحيَّ في غزةَ يكافِحُ لِيستمرَّ في أداءِ وظائِفِه، يجبُ تيسيرُ عملياتِ توصيلِ هذه الإمداداتِ إلى شتى أنحاءِ قطاعِ غزةَ على وجهِ السرعةِ. وقد أرسلتِ المنظمةُ حتى الآنَ مائةً وإحدى عشْرةَ شاحنةً تحملُ إمداداتٍ صحيةً إلى غزةَ، منها شاحناتٌ مُقدَّمةٌ من شركاءَ آخرينَ في مجالِ الصحةِ.
وأرسلتِ المنظمةُ أيضًا في الآوِنةِ الأخيرةِ إمداداتٍ طبيةً وصحيةً أساسيةً من مُستودَعِها في مدينةِ فرشانا بجمهورية تشادَ إلى ثمانيةِ شُركاءَ صحيين في غرْبِ دارفورَ من خلالِ عملياتِها العابرةِ للحدودِ بينَ تشادَ والسودانِ. وستُساعِدُ هذه الإمداداتُ على تلبيةِ الِاحتياجاتِ الصحيةِ لِمَا يَقرُبُ من ثلاثِمِائةٍ وأربعين ألفَ شخصٍ لمدةٍ تصلُ إلى ثلاثةِ أشهُرٍ.
وإضافةً إلى ذلك، لا بدَّ مِن منْحِ الأولويةِ للِاستثمارِ في القُوَى العاملةِ الصحيةِ، فهُمْ ركنٌ أساسيٌّ من أركانِ أيِّ نظامٍ صحيٍّ. وينطوي ذلك على تعزيزِ قُدُراتِهِم من خلالِ التدريبِ، وضمانِ حصولِهم على المواردِ التي يحتاجونَ إليها، والأهمُّ من ذلك، ضمانُ حمايتِهم وسلامتِهم في مناطقِ النزاعاتِ، عندما توجدُ حاجةٌ ماسَّةٌ إلى عملِهِمُ المُنقِذِ للأرواحِ.
وفي أثناءِ تلبيَتِنا للِاحتياجاتِ العاجلةِ، يجبُ علينا أيضًا أنْ ننظرَ في جهودِ إعادةِ الإعمارِ وإعادةِ التأهيلِ في البُلدانِ التي تعاني مِنَ الأَزَماتِ الإنسانيةِ. والطريقُ أمامَنا طويلٌ وشاقٌّ، لا سيَّما في أماكنَ مثلِ الأرضِ الفلسطينيةِ المحتلةِ وأفغانستانَ وسوريَّا والسودانِ والصومالِ واليمنِ، فتلك الأماكنُ تشهَدُ تدهورًا بالغًا في الهياكلِ الصحيةِ، ولا يزالُ لازمًا تقييمُ احتياجاتِ الصحةِ النفسيةِ تقييمًا كاملًا، خصوصًا لدى الأطفالِ.
وفي إقليمِنا اليومَ كثيرٌ جدًّا من المحرومين من حقِّهِمُ الأساسيِّ في الرعايةِ الصحيةِ المُنقِذةِ للأرواحِ؛ ويعيشُ كثيرٌ جدًّا منَ الناسِ في الفقرِ، ولا يستطيعون تحمُّلَ تكاليفِ الرعايةِ الطبيةِ الأساسيةِ لأطفالِهِم، فهُمْ يكافحون أيضًا من أجلِ إعالةِ أُسرِهِم؛ ويموتُ كثيرٌ جدًّا منَ الناسِ بلا مبرِّرٍ، أو يعانون من مُضاعفاتٍ صحيةٍ طويلةِ الأمدِ بلا داعٍ، لعدمِ توفُّرِ المواردِ اللازمةِ لإنقاذِهِم.
وحلولُ هذه المشكلاتِ ذاتُ طابَعٍ سياسيٍّ في المَقامِ الأولِ. وبصفتِنا وكالةً مَعنِيَّةً بالصحةِ العامةِ والتنميةِ والعملِ الإنسانيِّ، لن نتوقفَ أبدًا عن بَذْلِ جهودِ الدعوةِ إلى تعزيزِ حقوقِ الفئاتِ الأشدِّ ضعفًا.
ولكي نؤدِّيَ عملَنا بفعاليةٍ، لا سيَّما في أوضاعِ الطوارئِ، يجبُ على جميعِ أطرافِ النزاعِ أن تمنَحَ الأولويةَ للصحةِ بوَصْفِها حقًّا أساسيًّا، ويجبُ احترامُ قُدسيةِ الصحةِ. ويعني ذلك ضمانَ حصولِ الناسِ على الخِدْماتِ الصحيةِ الفعَّالةِ أينما كانوا، وعلى التدخلاتِ اللازمةِ في الوقتِ المناسبِ للحفاظِ على عافيَتِهم. وإعلاءُ هذا الحقِّ أمرٌ ضروريٌّ لتعزيزِ الصحةِ والعافيةِ والكرامةِ والقدرةِ على الصمودِ، حتى في أصعبِ الظروفِ.
شكرًا لكم.
منظمة الصحة العالمية والمدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي ترسلان إمداداتٍ صحيةً مُنقذةً للحياة إلى قطاع غزة

21 شباط/ فبراير، دبي، الإمارات العربية المتحدة – وسط تفاقم حالة الطوارئ الصحية، سيتولّى مركز الإمدادات اللوجستية التابع لمنظمة الصحة العالمية في دبي، بالشراكة مع المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي، إيصال إمداداتٍ صحية بالغة الأهمية تزيد قيمتها على 1.7 مليون دولار أمريكي إلى قطاع غزة.
ويجري تسليم ما مجموعه 80 طنًا متريًا من الأدوية المنقذة للحياة، ومنها الأنسولين، من خلال جسر جوي مؤقت بين الإمارات العربية المتحدة ومصر. ومن المتوقَّع أن تتولى عدة عمليات نقلٍ جويٍّ متناوبةٍ تسليم الإمدادات التي ستدعم نحو مليوني شخص في قطاع غزة.
وقالت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط : «يَمُدُّ مركزُ الإمدادات اللوجستية التابع للمنظمة في دبي شريان الحياة للبلدان المتضررة من الطوارئ الصحية في جميع أنحاء إقليم المنظمة لشرق المتوسط وخارجه. ومع توالي فصول الأزمة الصحية في قطاع غزة وتصاعد وتيرة الأعمال العدائية في رفح، باتت هذه الأدوية بالغة الأهمية للأشخاص الذين فُرِضَت قيودٌ شديدةٌ على حصولهم على الرعاية الطبية بسبب نقص الإمدادات الذي يعاني منه النظام الصحي بأسرِه".
وأضافت الدكتورة حنان بلخي: "تُعرِبُ منظمة الصحة العالمية عن عِرفانها للدعم المُقدَّم من المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي، وحكومة دبي، وحكومة الإمارات العربية المتحدة، لإيصال الإمدادات المنقذة للحياة إلى السكان الأكثر ضعفًا في العالم في وقتٍ هُم في أشد الحاجة فيه إلى تلك الإمدادات".
وقد ارتفع عدد سكان رفح خمسة أمثال إلى 1.5 مليون نَسَمة حيث يضم الآن نصف النازحين من غزة. ولا يزال عدد أكبر من الأسر يصل إلى رفح مع اشتداد العنف في جنوب قطاع غزة.
وقال الدكتور جيوسيبي سابا، المدير التنفيذي للمدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي: «منذ عام 2018، ظَلَّ مركز الإمدادات اللوجستية في المدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي في طليعة جهود الاستجابة الإنسانية التي تبذلها منظمة الصحة العالمية، إذ تولَّى المركز إرسال الإمدادات الصحية الإنسانية إلى ما يزيد على 100 مليون شخص. وقد بدأ تنسيقنا للاستجابة لحالة الطوارئ الإنسانية في غزة في تشرين الأول/ أكتوبر. واليوم، نواصل التنسيق الوثيق مع المنظمة وجميع شركائنا لتلبية الاحتياجات المُلِحّة للمساعدات الصحية الإنسانية في غزة من خلال الجسر الجوي المستمر وأربع عمليات نقل جوي إضافية على الأقل».
وقَدَّمَت المنظمة، من خلال مركز الإمدادات اللوجستية التابع لها في دبي، أدويةً كافيةً للوصول إلى أكثر من مليون شخص في غزة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023. ومع ذلك، لا تزال الاحتياجات في ازدياد، ولا يزال منع دخول المعونات الإنسانية يعوق إيصال الإمدادات.
وقد واصلت المنظمةُ تقديمَ الإمدادات الطبية الحيوية ودعم الخدمات الصحية في غزة، واجتياز العقبات اللوجستية والأمنية المعقدة لعمل ذلك. غير أن الاحتياجات تتجاوز المساعدات بكثير، ويُعدُّ استمرار تسليم الإمدادات الصحية من مصر إلى جنوب قطاع غزة عاملًا أساسيًا للعمليات الجارية التي تضطلع بها المنظمة للتصدي لحالات النقص الحاد في الأدوية وتعزيز النظام الصحي المتدهور.
منظمة الصحة العالمية تنقل مرضى الحالات الحرجة من مجمع ناصر الطبي خوفًا على سلامة المرضى المتبقين

20 شباط/ فبراير 2024 - قادت منظمة الصحة العالمية بعثتين لإنقاذ الأرواح لنقل 32 مريضًا في حالةٍ حرجةٍ، منهم طفلان، من مجمع ناصر الطبي في جنوب غزة يومي 18 و19 شباط/ فبراير وسط استمرار الأعمال العدائية والقيود المفروضة على إمكانية الدخول. وقد أُوفِدَت البعثتين اللتان تنطويانِ على مخاطرَ عالية من خلال شراكةٍ وثيقةٍ مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. كما قَدَّمَ الفريقُ إمداداتٍ محدودةٍ من الأدوية الأساسية والأغذية للمرضى المتبقين والموظفين الذين لا تصل المساعدات إليهم.
وكَفَلَت أربع سيارات إسعاف تابعة لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني النقلَ الآمنَ للمرضى الذين خضعوا للتقييم والفرز الطبي بتنسيقٍ من مدير المستشفى. ونُقِل المرضى إلى مستشفى غزة الأوروبي في خان يونس، ومستشفى الأقصى في المنطقة الوسطى في غزة، والمستشفيات الميدانية التابعة للهيئة الطبية الدولية والإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا في رفح.
وطَلَبَ العاملون في المستشفى نقلَ المرضى بعد خروج المستشفى عن الخدمة في أعقابِ غارةٍ عسكريةٍ في 14 شباط/ فبراير، بعد حصارٍ دام أسبوعًا. ونُقِلَ المرضى الضعفاء والمُعرضون للمخاطر وسط صراعٍ نشطٍ بالقرب من قافلة المساعدات. وأعاقت الظروف السائدة على الطرق سرعةَ حركةِ سياراتِ الإسعاف، مما عَرَّض صحة المرضى لمزيدٍ من المخاطر. وكان من بين المرضى الذين نُقِلوا أثناء البعثتين ثلاثة مصابين بالشلل - اثنان منهم مصابان بفغر الرُّغامي (ثُقب القصبة الهوائية) - وعدة مرضى آخرين رُكِّبَت لهم مثبتات خارجية للكسور بسبب إصابات شديدة في العظام. واحتاج اثنان من المرضى المصابين بالشلل إلى تهوية يدوية مستمرة طوال الرحلة، بسبب عدم وجود أجهزة تنفس اصطناعي محمولة. واقتضى الأمرُ نقلَ مريضٍ مصابٍ بكسرٍ في العمود الفقري مرةً أخرى رغم حالته، وكان هذا المريض قد سبق أن أحالته منظمة الصحة العالمية إلى مجمع ناصر الطبي خلال بعثة إلى مستشفى الأهلي في شمال غزة.
ولا توجد كهرباء أو مياه جارية في مستشفى ناصر، كما أن النفايات الطبية والقمامة تخلق أرضًا خصبةً للأمراض. وقال موظفو منظمة الصحة العالمية أن الدمار الذي لحق بالمستشفى "لا يمكن وصفه". وكانت المنطقة محاطة بمبانٍ محترقةٍ ومدمرةٍ، وطبقاتٍ ثقيلةٍ من الحطام، ولم يكن هناك أي طريق صالح للسير.
وتشير التقديرات إلى وجود 130 مريضًا ومصابًا وما لا يقل عن 15 طبيبًا وممرضًا داخل المستشفى. ولمّا كانت وحدة العناية المركزة قد خرجت عن الخدمة، فقد نَقَل موظفو المنظمة المريض الوحيد المتبقي في وحدة العناية المركزة إلى منطقة أخرى من المجمع يتلقى فيها مرضى آخرون الرعاية الأساسية.
وتخشى المنظمة على سلامة المرضى والعاملين الصحيين المتبقين في المستشفى وعافيتهم، وتُحذّر من أن يؤدي المزيد من تعطُّل تقديم الرعاية المنقذة للحياة للمرضى والمصابين إلى مزيدٍ من الوفيات. ويجري بذل جهود لتيسير المزيد من إحالات المرضى في خضم الأعمال العدائية الجارية.
وقبل إيفاد البعثتين، تلقت المنظمة رفضين متتاليين لدخول المستشفى لإجراء تقييم طبي، وتسبب ذلك في تأخير إحالة المرضى الذين تشتد حاجتهم إلى الإحالة. وتفيد التقارير بأن خمسة مرضى على الأقل قد توفوا في وحدة العناية المركزة قبل أن يتسنى إيفاد أية بعثة أو نقل أي منهم.
وفي 17 شباط/ فبراير، سَلَّمت بعثةٌ تقودها وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، وضَمَّت موظفين من منظمة الصحة العالمية، 000 24 لترٍ من الوقود وإمدادات محدودة من الأغذية والمياه إلى المستشفى، بعد أن تعذَّر الوصول إليه في 16 شباط/ فبراير بسبب ظروف الطرق الصعبة، ومنها وجود خندقٍ عميقٍ وموحلٍ يتعذر عبوره على بُعد 50 مترًا من المستشفى. وفي ذلك اليوم، وعلى الرغم من المخاطر، تمكن موظفو المنظمة، بصحبةِ مهندسٍ، من الوصول إلى مجمع ناصر الطبي سيرًا على الأقدام. غير أنه لم يُسمَح لهم إلا بفحص المولد الكهربائي الذي توقف عن العمل بعد نفاد الوقود. وخلال كلتا البعثتين، عَرَّف كبارُ موظفي المنظمة أنفسَهم بوضوحٍ عند دخول مجمع المستشفى، وطلبوا الموافقة على تقييم المرضى وتقييم أداء المستشفى لوظائفها. وقد رُفضت هذه الطلبات.
ومع استمرار الغارة، فإن أي ضرر آخر لمجمع ناصر الطبي سيعني مزيدًا من التأخير في إعادة التشغيل. وقد أُحرِقَ المستودع الطبي الكبير في المستشفى، إلى جانب الإمدادات التي توفرها المنظمة والشركاء، ولحِقَ بمستودع الإمدادات الطبية اليومية ضررٌ جزئي. وتوقَّف مركز إعادة بناء الأطراف الذي تدعمه المنظمة، ومقره داخل المستشفى، عن العمل. وهذه تطوراتٌ مأساويةٌ ستحد أكثرَ من فرص الحصول على الرعاية الصحية في ظروفٍ تستمر فيها الاحتياجات في التصاعد.
ويمثل تفكيك مجمع ناصر الطبي وتدهوره ضربةً موجعةً للنظامِ الصحي في غزة. فالمرافق في الجنوب تعمل بما يتجاوز قدرتها القصوى بالفعل، وهي بالكاد قادرةٌ على استقبال المزيد من المرضى.
وتُكرّرُ المنظمةُ دعواتها إلى حمايةِ المرضى والعاملينَ الصحيين والبنيةِ الأساسيةِ الصحيةِ والمدنيين. ويجب عدم عسكرة المستشفيات أو إساءة استخدامها أو الهجوم عليها.
وتكرر المنظمة دعواتها إلى جميع الأطراف لاحترام القانون الإنساني الدولي ومبادئ التحوط والتمييز والتناسُب، وضمان استمرار إمكانية الدخول حتى تتمكن المستشفيات من مواصلة تقديم الرعاية المنقذة للأرواح.
الصور: https://multimedia.who.int/asset-management/2AOJ8ZZYWFRL?WS=everydayWorkflow&Flat=y
UNIFEED b-roll: https://www.unmultimedia.org/tv/unifeed/asset/3175/3175146/
اليوم العالمي لسرطان الأطفال لعام 2024: تقليل فجوة البقاء على قيد الحياة

15 شباط/ فبراير 2024 - في اليوم العالمي لسرطان الأطفال لعام 2024، نُلقي الضوء على الدور الحيوي الذي يضطلع به الآباء، وأطباء الأسرة، وأطباء الأطفال في الكشف المبكر عن أمراض سرطان الأطفال. فما من أحد أكثر استعدادًا لتوجيه كل ما يملك من استثمارات في عافية أبنائه أكثر من الآباء. وبتعرفك على العلامات والأعراض المبكرة لبعض أنواع السرطان وتحريها بعناية، يمكنك إنقاذ حياة طفلك.
وتُشخَّص حالات أكثر من 1000 طفل في العالم يوميًّا بالإصابة بالسرطان. ويتيح التقدم الطبي الحديث فرصًا سانحة للغاية للبقاء على قيد الحياة في البلدان المرتفعة الدخل، حيث سيتمكن أكثر من 80% من الأطفال المصابين بالسرطان من البقاء على قيد الحياة. وفي المقابل، لن ينجو سوى 20% من الأطفال الذين شُخِّصت حالاتهم بالسرطان في بعض البُلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
إطار «علاج الجميع»: المبادرة العالمية لمنظمة الصحة العالمية لمكافحة سرطان الأطفال
«تشير أحدث التقديرات إلى أن أكثر من 70% من جميع الأطفال المُشخَّصة حالاتهم بالسرطان تُوفوا في عام 2022.» (1) وخلافًا للسرطان في مرحلة البلوغ، فإن العوامل الأساسية التي تُسهم في الإصابة بالسرطان في مرحلة الطفولة لا تُفهَم جيدًا، ولا يمكن الوقاية إلا من نسبة ضئيلة من أمراض سرطان الأطفال. ويعني ذلك أن تعافي هؤلاء الأطفال يعتمد اعتمادًا كبيرًا على قدرة النُّظُم الصحية على ضمان تشخيص حالاتهم في الوقت المناسب، وإحالتهم مبكرًا، وتوفير العلاج المناسب لهم. وتحقيق ذلك يشكِّل تحديًا من نوع خاص في العديد من بلدان الإقليم التي تواجه حالات طوارئ إنسانية وكوارث طبيعية وعدم استقرار سياسي.
وفي عام 2018، أطلقت المنظمة المبادرة العالمية لمكافحة سرطان الأطفال. وهدفها الرئيسي هو تقليص فجوة البقاء على قيد الحياة بحلول عام 2030، من خلال التأكد من بقاء ما لا يقل عن 60% من الأطفال المصابين بالسرطان في جميع أنحاء العالم على قيد الحياة بعد تشخيص حالاتهم. والمبادرة جهد تعاوني تشارك فيه منظمة الصحة العالمية على نطاق عالمي وإقليمي وقُطري، بالمشاركة مع مستشفى سانت جود لبحوث الأطفال.
ويمكن بلوغ هذا الهدف الطموح في المقام الأول من خلال تعزيز النُّظُم الصحية، بحيث يكون بمقدور مقدِّمي الرعاية الصحية الأولية –أو حتى الآباء– اكتشاف العلامات المبكرة لسرطان الأطفال، ومن ثَم، يستطيع نظام الإحالة توجيه الطفل إلى الرعاية المتخصصة ذات الأهمية الحيوية لبقائه على قيد الحياة. وبالإضافة إلى العلاج، يحتاج الأطفال أيضًا إلى تركيز الاهتمام على نمائهم البدني والمعرفي المستمر وعافيتهم الغذائية. ويستدعي ذلك تقديم الرعاية من فريق متفرِّغٍ ومتعدد التخصصات.
ويضطلع الوالدانِ، والممارسون العامُّون، وأطباء الأطفال بدور حيوي في الكشف عن سرطان الأطفال في مرحلة مبكرة. ومن الضروري الإلمام بالعلامات والأعراض المبكرة لبعض أنواع السرطان، والاستمرار في تحرِّيها لدى أطفالك.
وفي إقليم شرق المتوسط، كان سرطان الدم هو أكثر أنواع السرطان شيوعًا في صفوف الأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين صفر و19 عامًا في عام 2022 (1). وتُعَد الحمى الشديدة دون مبرر واضح العلامةَ الأكثر شيوعًا على الإصابة بسرطان الدم. وهي كذلك علامة شائعة على الإصابة باللِّمفومة.
ويُعَد ورم أرومة الشبكية، وهو ورم في العين، سرطانًا آخر شائعًا لدى الأطفال. ومن الأهمية بمكان اكتشاف هذا الورم في مراحله المبكرة للوقاية من العمى. وتضخم العين هو العلامة الأكثر شيوعًا عليه. وتشيع أيضًا أورام الدماغ إلى حد ما في صفوف الأطفال. ومن العلامات والأعراض التي ينبغي تحرِّيها الصداع، وحالات التأخر النمائي، وزيادة محيط الرأس لدى الرضع.
فلنساهم جميعًا في مستقبل يُتاح فيه لكل طفل فرصة ليعيش حياة كاملة موفورة الصحة، بغضِّ النظر عن مكان مولده. إن الاحتفال باليوم العالمي لسرطان الأطفال لا يعني رفع الوعي والتعبير عن الدعم للأطفال والمراهقين المصابين بالسرطان والناجين منه وأسرهم وحسب، بل هو دعوة أيضًا إلى كل واحد منا كي يؤدي دورًا في مكافحة سرطان الأطفال.
موقع Cancer Today الإلكتروني. الوكالة الدولية لبحوث السرطان.