منظمةُ الصحة العالمية ترحِّبُ بالدعم التمويلي المُقدَّم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لدعم عمليات الاستجابة الصحية الحرجة في السودان وسوريا واليمن

25 أيار/ مايو 2024 - وقَّعت منظمةُ الصحة العالمية اليوم اتفاقيات تمويل مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بقيمة 19.4 مليون دولار أمريكي من أجل التصدي المشترك للتحديات الصحية العالمية، ومنها الاستجابة لحالات الطوارئ. وسيعزز هذا الدعمُ عمليات المنظمة وبرامجها في ثلاثة بلدان، هي السودان وسوريا واليمن. وقد وقَّع الاتفاقيات كل من الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، ومعالي الدكتور عبد الله الربيعة، المشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وذلك في افتتاح أعمال جمعية الصحة العالمية في جنيف.
وهذا الدعمُ المقدمُ من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية يؤكد من جديد الالتزام المشترك بضمان إتاحة الخدمات الصحية للمجتمعات المحلية العرضة للخطر التي تعاني من نزاعات وفاشيات أمراض وضعف الخدمات الصحية. وبالنسبة إلى السودان، ستضمن المساهمةُ السخيةُ بمبلغ 5 ملايين دولار توفير علاجات الغسيل الكلوي المنقذ للحياة للمصابين بالفشل الكلوي في 77 مركزًا للغسيل الكلوي في جميع أنحاء البلد. ويشمل المشروعُ أيضًا شراء 100 جهاز للغسيل الكلوي ودعم مراكز الغسيل الكلوي التي تقدم الخدمات الأساسية لمرضى الكلى.
وقال الدكتورُ تيدروس أدحانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية: "توجد شراكة استراتيجية طويلة الأمد بين منظمة الصحة العالمية ومركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية. وهذا الدعمُ المستمرُ يعكسُ هدفنا المشترك المتمثل في التصدي للتحديات الصحية العالمية".
ونظرًا إلى أن سوريا لا تزال تعاني من آثار الزلازل التي ضربت البلاد في عام 2023، فقد خُصص قرابة 4.75 ملايين دولار أمريكي لدعم جهود التعافي هناك. فلقد تسببت الزلازلُ الهائلة التي ضربت جنوب شرق تركيا بالقرب من الحدود مع سوريا في دمارٍ كبيرٍ في كلا البلدين، وأودت بحياة الآلاف، ودمرت الكثير من البنية التحتية الأساسية، ومنها المرافق الصحية، أو ألحقت بها أضرارًا شديدة. ونحن ملتزمون بدعم جهود التعافي وضمان توفير الخدمات الصحية للسوريين المتضررين. وسيعود هذا الدعمُ بالنفع المباشر على قرابة 350000 شخص من خلال توفير الأدوية واللوازم الأساسية، في حين سيستفيد نحو 4.1 ملايين شخص مما سيجري استعادته من القدرات التشخيصية والإحالات بسيارات الإسعاف.
وقال الدكتور عبد الله الربيعة، المشرفُ العامُ على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية: "وتؤكد اتفاقيات التعاون هذه على حرص المملكةِ العربية السعودية على إنقاذ الأرواح وحماية المستقبلِ. ويسر مركزُ الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية أن يتعاون مع منظمة الصحة العالمية في التصدي للتحديات الصحية العالمية وخدمة المجتمعات المحلية العرضة للخطر في جميع أنحاء العالم".
وبالنسبة إلى اليمن، خُصِّص مبلغُ قدره 9.5 ملايين دولار أمريكي لدعم جهود المنظمة الرامية إلى التصدي لفاشيات الأمراض، مثل الحصبة والكوليرا. ويهدف التمويلُ أيضًا إلى النهوض بخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في مرافقِ الرعاية الصحية بضمان توفير إمدادات مستدامة من المياه للفئات السكانية الأكثر ضعفًا وعرضة للخطر. وعبر هذه المبادرات، ستقدم المنظمةُ خدمات طبية ورعاية صحية منقذة للحياة إلى 12.6 مليون يمني من خلال استجابة صحية مستدامة ومتكاملة.
وقالت الدكتورةُ حنان بلخي، المديرةُ الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط: "إن المملكة العربية السعودية شريك قيِّم لمنظمة الصحة العالمية. وهذه المساهمة من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية مفيدة للغاية في دعم جهودنا الرامية إلى خدمة المجتمعات الأكثر ضعفًا في حين نواصل التصدي للعواقب الوخيمة لحالات الطوارئ المتعددة في إقليمنا. ونحن ممتنون جدًا لهذا الدعم الذي تشتد الحاجةُ إليه، والذي من شأنه تحسين الوصول إلى الخدمات الصحية الضرورية والماسة، الأمر الذي يؤدي إلى نتائج صحية أفضل".
والمملكة العربية السعودية شريك استراتيجي طويل الأمدِ لمنظمة الصحة العالمية، وتتعاون مع المنظمة من أجل التصدِّي للتحدِّيات الصحية العالمية في جميع أرجاء العالم. ويتجلى ذلك في حقيقة أن المملكة من بين أكبر 20 مساهمًا إلى منظمة الصحة العالمية على مدار الثنائيات الثلاث الماضية المتتالية.
اليوم الدولي للقضاء على ناسور الولادة: دعوة إلى توفير رعاية صحية جيدة لجميع الأمهات

23 أيار/ مايو 2024، القاهرة، مصر – يوجد كل عام ما يقرب من 100 ألف حالة جديدة من حالات ناسور الولادة على مستوى العالم، وهي حالة صحية ذات أثر مدمِّر لكن يمكن الوقاية منها إلى حد كبير. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من مليونيْ فتاة وامرأة في جميع أنحاء العالم يتعايشن مع الناسور غير الخاضع للعلاج. وفي إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، يعاني العديد من الفتيات والنساء في العديد من البُلدان من هذه الإصابات الوخيمة أثناء الولادة.
وناسور الولادة هو فتحة بين قناة الولادة والمثانة أو المستقيم تنجم عن الولادة المُتعسِّرة المسؤولة عن 6% من جميع وفيات الأمهات في العالم تقريبًا. وتؤدي الإصابة به إلى حدوث سلس مستمر في البول أو البراز، وهو ما يؤدي غالبًا إلى الوصْم والإقصاء الاجتماعييْن، فضلًا عن حدوث التهابات جلدية وأمراض مصاحبة أخرى تشمل اضطرابات الكلى.
ومع ذلك، فقد ظلَّ ناسورُ الولادة مشكلةً «مستترةً» نظرًا لتأثيره على بعض من أكثر الأفراد تهميشًا في المجتمع - وهن الفتيات والنساء الفقيرات الشابات اللاتي لم ينلن حظًّا من التعليم في أغلب الأحوال في المناطق النائية من العالم.
لذلك من الضروري توفير القِبالة والرعاية التوليدية، فضلًا عن إتاحة العلاج الميسور التكلفة للوقاية من الإصابة بناسور الولادة وتدبيره علاجيًّا. ويتساوى ذلك في الأهمية مع توفير شبكة أمان اجتماعي للفتيات والنساء في كل بقعة من بقاع العالم، ولا سيما أشد المناطق فقرًا.
ولا يزال ناسور الولادة موجودًا لأن النُّظُم الصحية لا تتيح للأمهات الحصول على رعاية صحية جيدة، ومن ذلك خدمات تنظيم الأسرة وتوفير القابلات الماهرات. ومن الأسباب الأخرى التي تؤدي لهذه الحالة حملُ المراهقات، والولادة في سن مبكرة، والولادة المتعسرة، وتعذر الوصول إلى المرافق الصحية ورعاية القِبالة، وسوء التغذية لدى الأمهات. والفقر والأمية عاملان آخران يُسهمان في ذلك.
وقد بدأ ناسور الولادة في اكتساب اهتمام دولي في العقد الأخير أو نحو ذلك. حيث احتفلت الأمم المتحدة بأول يوم دولي للقضاء على ناسور الولادة في 23 أيار/ مايو 2013. والحصول على الرعاية الجيدة في فترة ما قبل الولادة، على النحو الذي يقي من الإصابة بناسور الولادة، هو حقٌّ أساسيٌّ، وسيُسهم في تحسين صحة الفتيات والنساء وعافيتهن وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
غير أن ثمة حاجة لتوفير دفعة قوية على الصعيدين العالمي والإقليمي للحد بشكل جذري من معدل الإصابة بناسور الولادة، وعلاج الحالات القائمة، وإجراء تغييرات منهجية لإنقاذ مزيد من الفتيات والنساء من معاناتهن غير المبررة وغير اللائقة بكرامتهن.
وفي اليوم الدولي للقضاء على ناسور الولادة لعام 2024، ينبغي تكريس جميع الجهود للقضاء على ناسور الولادة حتى لا تعاني أي فتاة أو امرأة أخرى من هذه الحالة المؤلمة التي يمكن الوقاية منها وعلاجها.
بيان الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، بشأن زيارتها إلى سوريا

18 أيار/ مايو 2024 - عدتُ مؤخرًا من سوريا، ولقد كان هدفي من هذه الزيارة الوقوف على فهمٍ أفضل للوضع والاحتياجات على أرض الواقع والتحديات التي تجابه عملنا الإنساني هناك. ولقد التقيتُ خلال الزيارة بمسؤولين سوريين رفيعي المستوى، وجهات مانحة رئيسية، والشركاء في دمشق. وزرتُ أيضًا محافظات حمص وحماة وحلب من أجل لقاء السلطات الصحية المحلية، والتحدث مع العاملين الصحيين والمرضى، والاطلاع بنفسي على أوجه ومدى تأثُّر القطاع الصحي في سوريا.
وإن ما أدركتُه من التعقيدات والتحديات التي تواجه الشعب السوري وعملياتنا الإنسانية ليدفعني للشعور بأقصى درجات القلق. فثمة عدد هائل من الأشخاص بحاجة للمساعدة، ولا يزال ثمة الكثير من مواضع الضعف بالغة الخطورة في أنحاء كثيرة من البلد. ومما يزيد تفاقم هذا الوضع الكارثي بالأساس أن التوترات السياسية المتزايدة في المنطقة تهددُ بمزيد من التصعيد في سوريا.
إن نقصَ الموارد ليس المؤثر الوحيد في مجال الصحة في سوريا، بل توجد عوامل أخرى. فالوضع الاجتماعي والاقتصادي في سوريا يتدهور بوتيرة سريعة، الأمر الذي يُعزى إلى استمرار حالة انعدام الأمن، وتغير المناخ، والمخاطر البيئية، والنزوح، والفقر، وانعدام الأمن الغذائي. وعلى الرغم من أن هذه العوامل ليست ضمن مجال قطاع الصحة، فإن لها تأثيرًا مباشرًا في مواطن الضعف في مجال الصحة على مستوى البلد ككل. لذا، أكدتُ في نقاشاتي مع كبار المسؤولين السوريين على الحاجة إلى مزيدٍ من التنسيقِ المتقدم المتعدد القطاعات على جميع المستويات للتصدي لهذه التحديات المركبة المتعددة الجوانب.
وعلى مستوى آخر، يُشار إلى أن الأمراض المزمنة مسؤولة عما يقرب من 75% من إجمالي الوفيات في جميع أنحاء البلاد. ولقد تحدثتُ، في حمص، إلى مريض في العقد الرابع من العمر يخضع بالفعل لغسيل الكلى، لكنه أخبرني بأنه مصاب بداء السكري أيضًا ولا يستطيع تحمل تكلفة أدويته، وأنه لا يوجد أطباء متخصصون لتوفير متابعة منتظمة. وعلى غرار الكثير من المرضى، لم يكن هذا المريض على دراية بالعواقب الوخيمة لترك هذا المرض وغيره من الأمراض دون علاج. وقد أعرب عن أمله في ألا يواجه مرضى السكري الآخرون المعاناة نفسها التي يقاسيها.
وإنني أشعرُ أيضًا ببالغ القلق إزاء تزايد معدلات سوء التغذية بين الأطفال دون سن الخامسة والأمهات، وهي نتيجة وخيمة لتزايد الفقر في جميع أنحاء البلد. فلقد تضاعفت معدلات سوء التغذية الحاد العام بين الأطفال دون سن الخامسة ثلاث مرات على مدى السنوات الأربع الماضية، وزاد عدد الأطفال الذين يعانون من التقزم في خمس محافظات من أصل 14 محافظة، مع الإشارة إلى أن بعض المناطق تعاني مستويات كارثية.
إن سوريا واحدة من أكبر أزمات النزوح في العالم، حيث يوجد بها أكثر من 7.2 ملايين نازح داخلي. ففي حلب، يعاني السكان ظروفًا معيشية بالغة الصعوبة نتيجة للصراع الذي طال أمده والزلزال المأساوي الذي ضرب المنطقة في شباط/ فبراير 2023. وقد تسبب عدم توفر الكهرباء في اللجوء إلى وسائل مبتكرة للتدفئة والطهي، ولكنها غير آمنة، الأمر الذي يزيد من خطر نشوب الحرائق والحروق المنزلية، ولا سيما بين الأطفال.
ونتيجة لما تعانيه البلاد من أحوال معيشية شديدة الاكتظاظ ومحدودية فرص الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي السليم، فإن العامين الماضيين شهدا بلاغات متواصلة عن تفشي الكوليرا، والتهابات الجهاز التنفسي الحادة الوخيمة، والحصبة، والقمل، والجرب في جميع أنحاء سوريا.
وأما النظامُ الصحي السوري، المنوط به مواجهة هذه الظروف القاتمة، فهو بالغ الهشاشة؛ ويتجلى ذلك في أن 65% فقط من المستشفيات و62% من مراكز الرعاية الصحية الأولية تعمل بكامل طاقتها، فضلاً عن النقص الشديد في الأدوية الأساسية والمعدات الطبية. ويظل العاملُ الأخطرُ والأشد إثارةً للقلق أن نصف القوى العاملة الصحية قد غادرت البلد، في حين أنه من المعلوم أن القوى العاملة الصحية هي العمود الفقري لأي نظام صحي. لذا يظل الإبقاء على القوى العاملة الصحية الماهرة وضمان توافر الإمدادات الطبية الكافية في سوريا، وفي جميع أنحاء الإقليم، أحد الأولويات الرئيسية.
وعلى الرغم مما شاهدته من عمل دؤوب وتعاون وثيق بين منظمة الصحة العالمية والشركاء من أجل إعادة توفير الخدمات الصحية وإعادة تأهيل المرافق الصحية، فإن فرص الحصول على الرعاية الصحية تظل محدودة. وعلى مستوى آخر، يساورني قلقٌ بالغ إزاء الوضع في مخيم الهول؛ والسبب أن إدارة المخيم قيدت إمكانية وصول المنظمة إلى المخيم منذ 9 أيار/ مايو، بعد أن أجبر نقصُ التمويل المنظمةَ على وقف الإحالات الطبية، مع العلم أن المنظمة أحد مقدمي الخدمات الصحية الرئيسيين في المخيم الذي بلغت الاحتياجات الصحية والمخاطر الصحية العامة فيه مستويات هائلة. لذا يجب إعادة تمكنينا من الوصول إلى سكان المخيم دون قيود، وذلك تماشيًا والمبادئ الإنسانية ومن أجل ضمان وفائنا بالتزاماتنا في مجال الصحة العامة. ويُشار هاهنا إلى أن عملنا في المخيمِ يشمل أيضًا تنسيق القطاع الصحي، ودعم التمنيع الروتيني، وإجراء أنشطة ترصد الأمراض والتصدي لها، والكثير غير ذلك.
وطوال زيارتي التي استغرقت خمسة أيام، كان انخفاض التمويل الإنساني لسوريا شاغلًا محوريًا ومثيرًا للقلق. ولقد تبين في نقاشاتي مع الجهات المانحة الرئيسية في دمشق أنهم على وعي تام بحجم الثغرات والاحتياجات. ومع ذلك، اتضح جليًا أيضًا أنهم يخضعون لقيود شديدة بسبب الأولويات الإقليمية والعالمية المتنافسة.
إن الوكالات الإنسانية تجد نفسها مضطرة في كثير من الأحيان لتحديد الأولويات، حتى على مستوى الأنشطة الأكثر أهمية المنقذة للأرواح. ويتعين علينا أحيانًا اتخاذ قرارات صعبة بتخفيض مستوى العمليات أو تقليصها بشكلٍ كبيرٍ بسبب عدم كفاية الموارد، ومن ذلك مثلاً الإحالات إلى مستشفيات الطوارئ من مخيمات تأوي نازحين في شمال شرق سوريا. وفي هذا المشهد المليء بالتحديات والمتسم بمحدودية التمويل، فإنه يمكننا تحديد الاحتياجات الأشد إلحاحًا بصورة أفضل إذا أجرينا استعراضًا شاملاً لعملياتنا الحالية للاستجابة الإنسانية، بالاستعانة بتقييم متعدد القطاعات للاحتياجات الإنسانية، ومن ثَمَّ سيمكننا تخصيص الموارد وفقًا لذلك.
وفي اجتماعاتي مع المسؤولين السوريين، أكدتُ على الحاجة الملحة للحصول على بيانات صحية مُحدَّثة للاسترشاد بها في تخطيط الاستجابة حسب الأولوية، وكذلك ضمان الاستخدام الفعال للموارد المحدودة من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية الأشد إلحاحًا. ولقد أبرزتُ أيضًا للشركاء في المجال الإنساني أهمية الاستفادة من تعاونهم القوي داخل فريق الأمم المتحدة القُطري في سوريا لتحديد أولويات الجهود وتعظيم أثر عملنا الجماعي.
وعلى الرغم من استمرار الحرب لأكثر من عشر سنوات، والضغوط المعقدة والمتعددة الجوانب التي تواجه الشعب السوري، فإن هذا الشعب لا يزال يُظهر صمودًا وتصميمًا مذهلين. وستظل المنظمةُ ملتزمة بتقديم الدعم. وبالمقابل، فإن عدم الاستثمار في صحة السكان سيؤدي حتمًا إلى مزيد من عدم الاستقرار في البلد، وسيشكل تهديدات للأمن الإقليمي والعالمي. ولا يمكن السماح بحدوث ذلك. إنني الآن، وبعد زيارتي، أجدني أكثر تصميمًا من أي وقت مضى على الدعوة إلى دعمٍ دولي أكبر وتعزيز الخبرة التقنية للمنظمة من أجل التصدي لهذه التحديات المعقدة. إن أرواحًا كثيرة على المحكِ، وستكون تكلفة التقاعس باهظة بكل ما تعنيه الكلمة.
اليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم 17 أيار/ مايو 2024: اعرف ضغط دمك واضبطه!

16 أيار/ مايو 2024 - ارتفاعُ ضغط الدم مشكلةٌ من مشكلات الصحة العامة، وهي مشكلةٌ صامتةٌ لكنها فتّاكة. وفي اليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم هذا العام 2024، نُذكّر جميع البالغين بقياس ضغط الدم بدقة وضبطه لكي يعيشوا حياةً أطول. فللكشف المبكر عن ارتفاع ضغط الدم والتدبير العلاجي الدقيق له أهمية بالغة.
ويُعدّ ارتفاع ضغط الدم أحد عوامل الخطر الرئيسية المؤدية إلى الوفاة المبكرة والإعاقة - في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط على وجه الخصوص. ويمكن أن يؤدي ارتفاع ضغط الدم غير المُعالَج إلى مضاعفات طبية خطيرة مثل السكتة الدماغية، والنوبات القلبية، وقصور القلب، وتلف الكلى، وغيرها من المشكلات الصحية الموهنة.
وفي عام 2019، أشارت التقديرات إلى أن ارتفاع ضغط الدم يؤثر على 38٪ من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و79 عامًا في الإقليم - أي أكثر من 104 مليون شخص. ومن المثير للصدمة أن أكثر من نصفهم (51%) غير مدركين لحالتهم الصحية، وأكثر من 60% من إجمالي الحالات لا يتلقون العلاج. وتبلغ نسبة مَن يسيطرون على حالتهم 16% فقط من العدد الكلي لمن يعانون من ارتفاع ضغط الدم.
وتشمل عوامل الخطر المُثبَتَة النظام الغذائي غير الصحي (تناول الملح بكثرة وقلة تناول الفواكه والخضروات)، والخمول البدني، وتعاطي التبغ والكحول، والسمنة. وتشمل عوامل الخطر الناشئة التلوث (الهواء والماء والضوضاء والضوء) والتوسع الحضري وفقدان الحيز الأخضر.
وفي الأوضاع الإنسانية في الإقليم، مثل الأماكن المتضررة من النزاعات أو المناطق المتضررة من الكوارث الناجمة عن الأنشطة البشرية والكوارث الطبيعية، ومنها الكوارث المرتبطة بالمناخ، يكون عبء ارتفاع ضغط الدم أسوأ من ذلك. ويُعزَى ذلك إلى محدودية الموارد، وارتفاع مستويات التوتر والإجهاد، وعدم كفاية فرص الحصول على الرعاية الصحية في هذه الأماكن.
ويلزم اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين التشخيص والعلاج ومعدلات المكافحة من أجل التصدي لعبء هذا المرض في إقليم شرق المتوسط. كما أنه من الضروري تمكين الناس من قياس ضغط الدم لديهم بدقة (أو قياسه لهم)، والسيطرة على حالتهم الصحية، وتَقَبُّل التغييرات في نمط الحياة.
وفي الوقت الراهن، تعيق الفجوات الكبيرة التي تكتنف جهود التدبير العلاجي لارتفاع ضغط الدم ومكافحته في الإقليم التقدُّم المحرَز صَوْب بلوغ الغاية 3.4 من أهداف التنمية المستدامة - والتي تتمثَّل في خفض الوفيات المبكرة الناجمة عن الأمراض غير السارية.
فارتفاع ضغط الدم، وما يصاحبه من مضاعفات، يؤدي إلى تفاقم أوجه عدم المساواة، ويفرض مصاعب اقتصادية على المرضى وأسرهم، وعلى النُظُم الصحية، والبرامج الاقتصادية والتنموية الوطنية.
وهناك حاجة إلى اتباع نَهج متعدد الأوجه لمعالجة مشكلة ارتفاع ضغط الدم. كما أن الإجراءات العالمية، مثل حزمة منظمة الصحة العالمية للتدخلات الأساسية في مجال الأمراض غير السارية، والحزمة التقنية لمبادرة هارتس (HEARTS) للتدبير العلاجي لأمراض القلب والأوعية في الرعاية الصحية، والدفع نحو التغطية الصحية الشاملة تهدف إلى تحسين مكافحة ارتفاع ضغط الدم. ولا تزال النُهُج الفردية بالغة الأهمية، لا سيّما في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. إلا أن للنُهُج السكانية التي تُعزِّز الصحة في جميع مراحل العمر أهمية بالغة أيضًا. ويمكن أن تهيئ هذه النُهُج بيئات مُعزِّزَة للصحة وأن تشجع على العيش بصحةٍ أفضل من مرحلة ما قبل الولادة إلى الشيخوخة.
ولتحسين الوقاية والعلاج، ينبغي للبلدان وضع آليات حوكمة وطنية لتنسيق الجهود الرامية إلى معالجة ارتفاع ضغط الدم ورصد تلك الجهود، ووضع برامج شاملة للتصدي لعوامل الخطر، وضمان كفاية العاملين الصحيين والتمويل، وتعزيز نُظُم المعلومات لجمع البيانات وتحليلها.
فلنُعطِ الأولوية لصحتنا وعافيتنا في اليوم العالمي لارتفاع ضغط الدم لعام 2024. انضموا إلينا في هذه الرسالة المهمة من أجل عالمٍ خالٍ من ارتفاع ضغط الدم تتمتع فيه الأجيال القادمة بصحةٍ أفضل وسعادة أكبر.
المصادر الأساسية
تدريب عبر الإنترنت على الحزمة التقنية لمبادرة هارتس (HEARTS)
تقرير عالمي عن ارتفاع ضغط الدم: السباق ضد القاتل الصامت
المبادئ التوجيهية للمنظمة بشأن العلاج الدوائي لارتفاع ضغط الدم لدى البالغين
التصدِّي للأمراض غير السارية في حالات الطوارئ: إطار عمل إقليمي
إطار عمل للوقاية من السكري ومكافحته في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط