بيان المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بشأن باكستان
زار الدكتور المنظري مناطق مختلفة في باكستان، منها مدينة لاركانا التي أدت الفاشية الحالية لفيروس نقص المناعة البشرية بها إلى زيادة تأثر المرافق الصحية المثقلة أصلاً بالأعباء في المنطقة الفقيرة
القاهرة، مصر، 1 آب/أغسطس 2019 - عُدت لتوي من باكستان التي زرتها ثلاث مرات بصفتي مدير منظمة الصحة العالمية الإقليمي لشرق المتوسط، وكانت هذه الزيارة الثالثة هي الأبرز والأكثر نجاحاً. وكانت الأيام الأربعة التي قضيتها في باكستان هذا الأسبوع فعالة ومثمرة حقاً.
وتسنَّى لي زيارة مناطق مختلفة من البلاد منها مدينة لاركانا التي أدت الفاشية الحالية لفيروس نقص المناعة البشرية بها إلى زيادة تأثر المرافق الصحية المثقلة بالأعباء في المنطقة الفقيرة.
وعقدتُ مباحثات مستفيضة مع المسؤولين الصحيين والسياسيين والعاملين في المجال الطبي والجهات المانحة والشركاء والأكاديميين للتعرف أكثر على احتياجاتهم وتعزيز الشراكات والدعوة معاً إلى حشد مزيد من الموارد. ولمست الالتزام السياسي القوي بمكافحة الأمراض، والأولوية العليا التي تحظى بها القضايا الصحية.
واجتمعتُ بالعاملين في المنظمة في المكتب الرئيسي والمكاتب الفرعية، ورأيت مدى التزامهم بإنقاذ الأرواح، وكنت فخوراً جداً بإنجازاتهم وجهودهم الجماعية لخدمة الشعب الباكستاني.
وفي مدينة لاركانا زرتُ مستشفى الشيخ زايد ومستشفى الأطفال اللذين استقبلا مئات الأطفال المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والذين يحتاجون إلى رعاية طبية عاجلة على نحو فاق قدرة هذين المستشفيين على التحمل.
وفي مستشفى الأطفال، رأيت منصور الذي يبلغ من العمر 8 أشهر ويعاني من سوء التغذية. وكانت أمه، التي لا حيلة لها، ضعيفة جداً على أن ترعى طفلها الذي بدا واضحاً أنه يتألم. وبدا جلياً أن الناس في هذه المنطقة، مثل أم منصور، يعانون من ضائقة مالية شديدة تجعل من الصعب عليهم إدخال أطفالهم إلى المستشفى في الوقت المناسب.
يعاني منصور الذي يبلغ من العمر 8 أشهر من سوء التغذية في مستشفى الأطفال بمدينة لاركانا. وكانت أمه التي لا حيلة لها ضعيفة جداً على أن ترعى طفلها الذي كان واضحاً أنه يتألم.
ومع ذلك وفي مواجهة هذه التحديات الجسيمة، لمستُ من العاملين الصحيين التزاماً لا يتزعزع بمواصلة خدمة الناس والتغلب على جميع الصعوبات.
كما التقيت بالكثير من الأبطال المجهولين في مجال الصحة الذي يعملون دون كلل أو ملل خلف الكواليس لإنقاذ الأرواح في باكستان. وأُعجبت بتفاني الدكتورة رافية بلوش في خدمة الآخرين. فعلى الرغم من تقاعدها، لا تزال الدكتورة رافية تزور مستشفى الشيخ زايد كثيراً لتقديم المساعدة، مُسخِّرة خبرتها الطويلة والمشهود بها في مجال أمراض النساء لخدمة النساء المحتاجات.
لا تزال الدكتورة رافية، على الرغم من تقاعدها، تزور مستشفى الشيخ زايد كثيراً لتقديم المساعدة، مُسخِّرة خبرتها الطويلة والمشهود بها في مجال أمراض النساء لخدمة النساء المحتاجات.
وقابلت الدكتور عبد الحكيم الذي يعمل تقني مختبرات منذ أكثر من 35 سنة في مستشفي الأطفال بمدينة لاركانا. ويُستفاد من خبرته حالياً في الاستجابة لفاشية فيروس نقص المناعة البشرية التي تشهدها المدينة في الوقت الراهن.
يعمل الدكتور عبد الحكيم تقني مختبرات منذ أكثر من 35 سنة في مستشفي الأطفال بمدينة لاركانا. ويُستفاد من خبرته حالياً في الاستجابة لفاشية فيروس نقص المناعة البشرية التي تشهدها المدينة في الوقت الراهن.
وتعطيني هذه النماذج الإيجابية أملاً صادقاً بأن النظام الصحي في باكستان سيتجاوز التحديات القائمة بل وسيتحسن. وزاد الأمل في نفسي بعد الاجتماعات مع معالي الدكتور ظفار ميرزا، المساعد الخاص لرئيس الوزراء لشؤون الصحة، ومعالي الدكتورة عذرا فضل بشوشو، وزيرة الصحة في ولاية السند، التي ناقشنا فيها الخطط الاستراتيجية لتعزيز النظام الصحي وتوسيع نطاق التدخلات التي تقدمها المنظمة والجهات الشريكة.
وأهيب بكل المنظمات والجهات المانحة وأصحاب المصلحة أن يقفوا إلى جانب الشعب الباكستاني. فباكستان تستحق حياة أفضل. وزادتني المعاناة التي رأيتها في عيون الأطفال والنساء تصميماً وعزماً على تقديم أقصى دعم نستطيع تقديمه. ليس أمامنا خيار آخر سوى العمل بسرعة والنجاح.
منظمة الصحة العالمية تصدر تقريراً جديداً عن وباء التبغ العالمي
يتواصل إحراز التقدم في مكافحة التبغ، ولكن يلزم اتخاذ المزيد من الإجراءات لمساعدة الناس على الإقلاع عن تعاطي منتجاته القاتلة
القاهرة، مصر، 26 تموز/يوليو 2019 - تواصل حكومات عديدة إحراز تقدُّم في مكافحة التبغ. فاليوم، يعيش 5 مليار شخصٍ في بلدان استحدثت تدابير فعالة لمكافحة التبغ، مثل حظر التدخين ووضع تحذيرات صحية مصوّرة على الغلاف، أي بزيادة قدرها أربع مرات عن العِقد الماضي. ولكن يُشير أحدث تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية عن وباء التبغ العالمي إلى وجود قصور في العديد من البلدان في تنفيذ سياسات مكافحة التبغ التي من شأنها إنقاذ الأرواح، مثل مساعدة الناس على الإقلاع عن تعاطيه.
ويوضح تقرير عام 2019 أن أكثر من نصف بلدان إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط (14 بلداً من أصل 22 بلداً) يطبق بالفعل سياسات لمساعدة الناس على الإقلاع عن تعاطي التبغ. فهناك ثلاثة بلدان (الكويت، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة) تطبق سياسات لدعم الإقلاع عن تعاطي التبغ تطبيقاً كاملاً على أعلى المستويات؛ و17 بلداً يغطي تكاليف خدمات المساعدة على الإقلاع عن تعاطي التبغ كلياً أو جزئياً في بعض المرافق الصحية أو أغلبها؛ وبلدان آخران يقدمان خدمات المساعدة للإقلاع عن تعاطي التبغ ولكن دون تغطية التكاليف. ويتضح من ذلك ارتفاع مستوى الطلب العام على تلقي الدعم للإقلاع عن تعاطي منتجات التبغ.
ويحلل التقرير الصادر عن المنظمة الجهود الوطنية المبذولة لتنفيذ أكثر التدابير فعالية من اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، والتي ثبُت تأثيرها في الحد من الطلب على التبغ. فهذه التدخلات – مثل تدابير السياسات الست "MPOWER" – قد أثبتت فعاليتها في إنقاذ الأرواح وتقليل التكاليف المتكبدة عن الإنفاق الذي يمكن تجنبه على الرعاية الصحية.
لابد من تعزيز خدمات الإقلاع عن تعاطي التبغ
ينصب تركيز تقرير منظمة الصحة العالمية السابع عن وباء التبغ العالمي على التقدم الذي أحرزته البلدان في مساعدة متعاطي التبغ على الإقلاع عنه. وتُظهر البيانات الواردة من إقليم شرق المتوسط حالة الجمود التي أصابت التقدم المُحرز في هذا الشأن، حيث اقتصر تقديم المساعدات للإقلاع عن تعاطي التبغ على مستوى أفضل الممارسات على 3 بلدان فقط في الإقليم. وبشكلٍ عام، حافظت 17 بلداً من أصل 22 بلداً من بلدان الإقليم على مستوى التنفيذ/الإنجاز لديها، بينما أظهر بلدان اثنان تحسناً ملحوظاً في تنفيذ السياسات المعنية بمساعدة الناس على الإقلاع عن تعاطي التبغ. ولكن شهدت 3 بلدان أخرى انخفاضاً في تقديم خدمات المساعدة على الإقلاع عن تعاطي التبغ.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور أحمد بن سالم المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط "نُقر ونُشيد بالإنجازات التي حققها الإقليم في مجال مكافحة وباء التبغ، ولكن انخفاض مستوى التقدم المُحرَز في بعض البلدان يبعث فعلياً على القلق". "وتمارس دوائر صناعة التبغ والجماعات التي تمثل واجهة لها ضغطاً على البلدان، مما يجعل من الصعوبة بمكان الحفاظ على الإنجازات السابقة التي حققتها تلك البلدان. كما توجد مشاكل أخرى تتعلق بغياب الوعي العام وعدم وجود حملات إعلامية".
وتقدم حزمة السياسات الست للحكومات أدوات عملية لتساعد الناس على الإقلاع عن تعاطي التبغ، ولوضع حدٍ للأشخاص الذين يموتون مبكراً بسبب الأمراض المرتبطة بتعاطي التبغ.
وتُعد خدمات المساعدة على الإقلاع عن تعاطي التبغ أقل تدابير السياسات الست تنفيذاً من حيث عدد البلدان التي تقدم تغطيةً كاملةً. وعلى الرغم من أن الإقليم يمضي قُدماً نحو تنفيذ التدابير المعنية بمكافحة التبغ بصورة أقوى، مثل حظر تعاطي التبغ في الأماكن العامة، إلا أنه من الضروري توفير بدائل لتعاطي التبغ للسكان من خلال خدمات المساعدة على الإقلاع عن تعاطي التبغ. ويأتي هذا ضمن التوصيات الرئيسية لاتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ للحد من الطلب على التبغ. ومن الضروري أن تبدأ بلدان الإقليم في العمل على دمج هذه الخدمات في الرعاية الصحية الأولية، لا سيّما أن 19 بلداً من أصل 22 بلداً من بلدان الإقليم أطرافٌ في الاتفاقية.
وقال الدكتور المنظري "تقديم المساعدة للناس على الإقلاع عن تعاطي التبغ قد ينقذهم من الموت مبكراً بسبب الأمراض المرتبطة بتعاطي التبغ". وأضاف "وبالتالي، بات ضرورياً أن تقدم الحكومات خدمات المساعدة على الإقلاع عن تعاطي التبغ لمساعدة الناس على الحفاظ على صحتهم والنجاح في الإقلاع عن تعاطي التبغ". وتتضمن خدمات المساعدة على الإقلاع عن تعاطي التبغ توفير خطوط ساخنة وطنية للمساعدة على الإقلاع عن تعاطي التبغ، ووصول خدمات برنامج التكنولوجيا المحمولة للإقلاع عن التبغ (mCessation) إلى عددٍ أكبر من الناس من خلال الهواتف الجوالة، وتولي القائمين على تقديم الرعاية الصحية الأولية إسداء المشورة في هذا الشأن، وتغطية نفقات العلاج ببدائل النيكوتين.
ويُقدَّر في الوقت الحالي عدد المدخنين على مستوى العالم بحوالي 1.1 مليار شخصٍ، يعيش نحو 80% منهم في البلدان المنخفضة الدخل والبلدان المتوسطة الدخل. وقد تدل الاتجاهات في مجال تعاطي التبغ على إحراز تقدم في إقليم شرق المتوسط، إلا أن بيانات معدلات انتشار تعاطي التبغ في بعض البلدان مدعاة للقلق. ولقد انخفضت معدلات تعاطي التبغ في معظم البلدان، إلا أن معدلات النمو السكاني تعني ضمناً أن إجمالي عدد الأشخاص الذين يتعاطون التبغ لا يزال مرتفعاً. وتبعث معدلات انتشار تعاطي التبغ بين الشباب في الإقليم على القلق بصفة خاصة، لا سيّما بين الفتيات. ويُعتبر تدخين الشيشة أكثر صور تعاطي التبغ انتشاراً بين هذه الفئة.
ويرى الدكتور المنظري أنه "من الضروري أن تفكر جميع البلدان بجدية في تعزيز تنفيذ اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ والسياسات الست للحد من الطلب على التبغ. فلقد أثبتت نجاحها في الكثير من البلدان حول العالم، وسيكون من شأنها مساعدة بلدان الإقليم على بلوغ الغاية التي التزمت بتحقيقها، ألا وهي الحد من انتشار تعاطي التبغ بنسبة 30% بحلول عام 2025".
-----------
ملاحظة إلى المحررين:
ما المقصود بالسياسات الست "MPOWER"؟
أُطلقت حزمة السياسات الست في عام 2008 لتعزيز مساعي الحكومات بشأن الاستراتيجيات الست لمكافحة التبغ، بما يتواءم مع اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ. وتتكون السياسات الست مما يلي:
- رَصْد تعاطي التبغ وسياسات الوقاية منه
- حماية الناس من التعرُّض لدخان التبغ
- عرض المساعدة للإقلاع عن التبغ
- التحذير من أخطار التبغ
- إنفاذ حظر الإعلان عن التبغ والترويج والدعاية له
- زيادة الضرائب المفروضة على التبغ
بيان من الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، حول زيارته للعراق
القاهرة، مصر، 23 تموز/يوليو 2019، أنهيت مؤخراً زيارة استغرقت أربعة أيام للعراق، اطلعت خلالها عن كثب على نظام صحي ينتقل من الاستجابة لحالات الطوارئ إلى إعادة الإعمار وإعادة التأهيل والقدرة على الصمود، ويتناول في الوقت نفسه الاحتياجات الصحية لملايين المستضعفين العراقيين واللاجئين.
وتشير الأولويات الصحية الوطنية الجديدة للدولة، بما في ذلك التمويل الصحي والصحة البيئية والاصحاح والتغطية الصحية الشاملة، إلى فصل جديد في قطاع الصحة في العراق، مما يعني تسهيل الوصول إلى خدمات صحية ميسورة التكلفة وتحسين الصحة والرفاهية لجميع العراقيين في كل مكان في جميع أنحاء البلاد. وخلال اجتماعاتنا مع معالي وزير الصحة العراقية وفريقه الفني، اتفقنا على أن هذا الهدف الطموح لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تعزيز التنسيق والتعاون بين السلطات الصحية الوطنية ومنظمة الصحة العالمية وجميع الشركاء في مجال الصحة.
وخلال زيارتي لبغداد، قمت بزيارة مركز الزوايا للرعاية الصحية الأولية، وأدركت من خلال الزيارة ضرورة تعزيز طب الأسرة على مستويات الرعاية الصحية الأولية كعامل رئيسي لتحقيق التغطية الصحية الشاملة.
وفي أربيل، قابلت معالي وزير الصحة الكردستاني، ومحافظ أربيل، ورئيس البرلمان الكردستاني، وأعضاء من البرلمان، وأتاحت لي مناقشاتنا أن أفهم بشكل أفضل الحاجة إلى تشريع صحي جديد في المنطقة لضمان حصول السكان، وبخاصة المحتاجين منهم، على خدمات صحية جيدة.
لقد رأيت تأثير العمل الذي تقوم به منظمة الصحة العالمية والموظفون الصحيون والشركاء لإنقاذ حياة الفئات المستضعفة في هذا البلد، بمن فيهم الرضع والأطفال في مستشفى هيفي للأطفال في محافظة دهوك، حيث دعمت منظمة الصحة العالمية إنشاء وحدة عناية مركزة لحديثي الولادة إلى جانب وحدة عناية مركزة للخدج. لقد رأيت أطفالاً يولدون قبل أوانهم في الأسبوع 28 وهم ينجحون في صراعهم للبقاء على قيد الحياة في وحدة الخدج، كما شاهدت العديد من الأطفال المصابين بأمراض تهدد الحياة وهم يتعافون في وحدة حديثي الولادة، كل ذلك بفضل الدعم الجماعي الذي قدمته منظمة الصحة العالمية والجهات المانحة. وفي كلتا الوحدتين، كانت الأسرّة مليئة بالخدّج والأطفال فيما انتظر آخرون قبولهم، مما يبرز الحاجة إلى التوسعة لاستيعاب المزيد من المحتاجين للرعاية.

كما زرت مستودع منظمة الصحة العالمية في أربيل، وهو مستودع هام لدعم الاستجابة الصحية في العراق وتعزيز العمليات العابرة للحدود في شمال شرق سوريا. ولا يسعني إلا أن أشيد بهذا الأسلوب الكفؤ والفعال لاستغلال الموارد.
وفي مركز الرعاية الصحية الأولية الذي تدعمه منظمة الصحة العالمية في مخيم شاريا، والذي يلبي الاحتياجات الصحية للنازحين في دهوك، قابلت عراقيين وعراقيات مصابين برضوح تهدد حياتهم، ورأيت كيف يمكن لتقريب الخدمات من القاطنين في المناطق النائية والمناطق المخدومة بشكل ضعيف أن ينقذ الأرواح في اللحظات الحرجة.
وفي نينوى، زرت مستشفيين ميدانيين أنشأتهما منظمة الصحة العالمية في غرب الموصل لتقديم الخدمات الصحية للعائدين إلى مناطقهم في أعقاب تدمير مستشفيين رئيسيين في المنطقة نتيجة النزاع. وقمت بجولة في مستشفى ابن سينا والمراكز الطبية الأخرى المتضررة لأطلع بشكل مباشر على الآثار المدمرة للهجمات على مرافق الرعاية الصحية.
ورغم امتلاء المستشفيات الميدانية في غرب الموصل بأعداد هائلة من المرضى، إلا أنها تغطي جزءاً من الفجوات الحالية في خدمات الرعاية الصحية الثانوية والثالثية للعائدين.

كما تحدثت خلال زيارتي إلى العاملين في مجال الصحة في مرافق الرعاية الصحية الأولية والمستشفيات الميدانية، وهم الأبطال المجهولون الذين يعملون في الخطوط الأمامية. أحيي شجاعتهم وقدرتهم على الصمود ورغبتهم في خدمة المجتمعات المستضعفة خلال الأزمة وبعدها، والآن خلال مرحلة الانتقال وإعادة البناء. ولولا هؤلاء لما كنا لننجح في إنقاذ الأرواح في أكثر الأوقات الحرجة.
وفي إطار جهود منظمة الصحة العالمية لتعزيز خدمات الإحالة للنازحين واللاجئين، سُررت بتقديم سيارتي إسعاف جديدتين إلى وزاة الصحة، تعزيزاً لالتزامنا بدعم النظام الصحي في البلاد. سوف يكون لسيارات الإسعاف هذه أثر كبير في تعزيز خدمات الإحالة للنازحين واللاجئين في محافظة دهوك.

يعكس العمل الذي تقوم به منظمة الصحة العالمية وشركاؤها في العراق الروح والقيم الحقيقية لمنظمة الصحة العالمية. ومن خلال محادثاتي مع شركاء مجموعة الصحة تمكنت من فهم مختلف أنواع واهتمامات أصحاب المصلحة الذين تعمل معهم منظمة الصحة العالمية لتحقيق جدول أعمالها المتكامل من أجل استجابة أفضل لعمليات الطوارئ في البلاد.
وخلال لقائي مع فريق الأمم المتحدة القُطري، اتفقنا على توحيد وتنسيق جهودنا نحو تحقيق الأهداف الصحية الوطنية بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة. كما اتفقنا على العمل جنباً إلى جنب مع الحكومة العراقية لتطوير استراتيجيات إضافية لتعزيز تغيير السلوك ودعم مرافق الرعاية الصحية الأولية وتقديم الخدمات لها باعتبارها طريقاً لتحقيق التغطية الصحية الشاملة.
لقد غادرت البلاد ولدي صورة واضحة حول ما تعنيه حالات الطوارئ التي طال أمدها والدور الذي تلعبه منظمة الصحة العالمية والشركاء الآخرون، واتعهد بأن تواصل منظمة الصحة العالمية، في عام 2019 وما بعده، التزامها الرامي إلى تعزيز التعاون مع السلطات الوطنية والشركاء والجهات المانحة، لبناء نظام صحي يمكنه تقديم الخدمات الصحية لجميع المواطنين في جميع أنحاء العراق، دون مواجهة قيود على إمكانية الوصول للخدمات أو صعوبات مالية.
بيان المدير الإقليمي الدكتور أحمد المنظري بشأن الاعتداءات على مرافق الرعاية الصحية في إقليم شرق المتوسط
30 حزيران/يونيو، القاهرة، مصر - لقد حان الوقت للتحدث مرة أخرى عن الهجمات على مرافق الرعاية الصحية في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط.
فقد شهد الإقليم منذ بداية عام 2019 أكثر من هجوم واحد يوميًا في المتوسط: وقُتل أو جُرح مئات العاملين الصحيين أو اعتُدى عليهم، وتضررت ودُمرت المستشفيات، وأُعطِبت سيارات الإسعاف وخرجت من الخدمة.
ومن المفجع أن كثيراً من تلك الهجمات نتجت عن تعمد المقاتلين استهداف مرافق الرعاية الصحية؛ وفي أحيان أخرى، نتجت عن الاستخدام العشوائي أو المتهور للقوة. وتعكس هذه الهجمات، في جميع الأحوال، تجاهلًا مزعجًا للحق في الحفاظ على الصحة واحترام حرمة الرعاية الصحية.
وأكثر ما يُقلق بشأن هذه الهجمات أنها واسعة الانتشار. وفي جميع النزاعات التي يشهدها إقليمنا، تعرضت مرافق الرعاية الصحية للاعتداءات وتعطلت عن أداء عملها بسبب العدوان العسكري، ما حرم الفئات الأشد ضعفًا من الخدمات الصحية.
وخلال زياراتي لعدد من بلدان الإقليم، التقيت بمهنيين صحيين يعملون في ظروف شديدة الصعوبة. وقد تعرض بعضهم لهجمات مباشرة عندما أصيبت مرافق الرعاية الصحية التي يعملون فيها. ووقعت، في بعض الهجمات، أضرار واسعة النطاق استلزمت نقل المرضى - بمن فيهم الأطفال حديثو الولادة الموجودون في الحاضنات - إلى مناطق أكثر أمنًا. وتذكر آخرون أصدقاء وزملاء قُتلوا أو أصيبوا بجروح بالغة وهُم يعملون لإنقاذ أرواح الآخرين.
وقد التقيتُ بمرضى أجبروا على السفر لساعات طويلة للحصول على الرعاية المنقذة للحياة، لأن المستشفيات الأقرب إلى منازلهم قد تضررت أو دُمِرت. وأخبروني عن أفراد أسرهم وأصدقائهم الذين لم يتمكنوا من تحمل تكلفة النقل إلى أقرب مرفق صحي عامل، ولم يكن لديهم خيار سوى البقاء في المنزل وانتظار الموت البطيء.
وقد أثرت في نفسي كثيراً قصص الفقد والصراع من أجل البقاء، وزادتني عزماً وتصميماً على مواصلة الاعتراض علنًا على هذه الأعمال المروعة. ويجب في إقليمنا، اليوم أكثر من أي وقت مضى، أن يتمكن المحتاجون إلى الرعاية الصحية المنقذة للحياة من الحصول عليها، بغض النظر عن موقعهم أو انتمائهم السياسي. فالصحة حق من حقوق الإنسان، ولكن الهجمات على مرافق الرعاية الصحية تحرم الملايين من الناس من هذا الحق الأساسي.
وإلى أن يوجد حل سياسي للنزاعات المستمرة في العديد من بلدان إقليم شرق المتوسط، يجب احترام سلامة العاملين الصحيِّين والمرضى ومرافق الرعاية الصحية. ويجب أن تظل الرعاية الصحية محايدة، لا سيَّما في سياق الأزمات، وألا تُستَغل لدوافع سياسية أو لأغراض عسكرية.
وأعرب عن تقديري الكامل للعاملين في المجال الإنساني في الإقليم - وخارجه - الذين يخاطرون بحياتهم يوميًا لمساعدة الملايين من المعرضين للخطر بسبب النزاع. وأحث جميع أطراف النزاع على أن تفي بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، والقوانين الدولية لحقوق الإنسان، لضمان حماية مرافق الرعاية الصحية. كما أحث الدول الأعضاء وأعضاء المجتمع الدولي على محاسبة جميع مرتكبي هذه الجرائم.