كوفيد-19: الحفاظ على سلامة أمهات وأطفال المغرب
1 حزيران/يونيو 2020 – عُقدت ندوة عبر الإنترنت ظهيرة الأربعاء في شهر أيار/مايو 2020، وكان الصخب الصادر في خلفية الندوة كاشفًا بوضوح لصيحات الأطفال وأصوات غرغرة الرضع التي تردد صداها بينما كان المشاركون من النساء والرجال في المغرب يضبطون ميكروفوناتهم وسماعاتهم. وخلال ساعتين تاليتين تدرّب اختصاصيو التوليد - وهم مئات الممرضين والقابلات والأطباء المغاربة - على اتقاء انتشار فيروس كوفيد-19 أثناء رعايتهم للحوامل والمواليد الجدد.
ومع امتلاء "غرفة الدردشة" - بعدد 472 مشاركًا أول الأمر، ثم 547، ثم 650 مشاركًا - اتضح أن العديد من هؤلاء العاملين الصحيين كانوا يتناوبون العمل ورعاية أسرهم، وكانوا حريصين على وقاية مرضاهم أو أطفالهم في المنزل. وهدفت الندوة الإلكترونية تدريب المشاركين على المبادئ التوجيهية لرعاية الحمل والولادة وحديثي الولادة خلال جائحة كوفيد-19. وبعد المناشدات المعتادة لإسكات صخب الميكروفونات، بدأ منظمو الندوة على الإنترنت التقديم. وتناول عديد من الخبراء الطبيين موضوعات مثل السراية العمودية - العدوى بالولادة - وإجراءات الولادة والعمليات القيصرية للحوامل المشتبه أو المؤكد إصابتهن بكوفيد-19. وغطي التدريب أيضًا رعاية المواليد الجدد، واشتمل على الرضاعة الطبيعية واللقاحات. وبينما كان الأطباء يتحدثون، كتب العاملون الصحيون أسئلتهم للإجابة عليها بعد انتهاء العروض المقدمة على برنامج باوربوينت. وفي غرفة الدردشة على الحاسوب، انهالت الأسئلة التي مرت سريعًا على الشاشة. مثل "هل ينبغي أن نطلب دائمًا إجراء اختبار كوفيد-19 لجميع الحوامل المصابات بالحمى؟" و"كيف تُكتشف الحوامل اللاتي لا تظهر عليهن أعراض المرض؟" و"النساء في الريف يلدن في المنزل، فما هي تدابير النظافة التي يمكن اتخاذها للوقاية من الفيروس؟" و"ما هي الخطوات الأولى التي ينبغي اتخاذها عند التعرض العرضي لقطيرات اللعاب (في سياق كوفيد-19)؟"
ووردت أسئلة عديدة من المشاركين حول "هل ينقل حليب الثدي فيروس كوفيد-19؟".
وقد أجيب على بعض الأسئلة خلال شرائح العرض التقديمي. ووضّح المختصون - القادمون من المركز المتعاون مع منظمة الصحة العالمية في مجال الصحة الإنجابية وطب الولدان وخدمة الإنعاش - أن الرضاعة الطبيعية موصى بها في جميع الحالات، وأكدوا على أن الأطفال الذين لا يعانون من أعراض ينبغي أن يتلقوا اللقاحات في موعدها المحدد. وأكد مقدم العرض على "ضرورة عدم فصل الطفل عن أمه من دون ضرورة قصوى".
وقد أجيب على بعض أسئلة المشاركين بسهولة. فمثلًا سألت إحدى القابلات: "إذا كانت المرأة تعاني من ضائقة تنفسية بسبب كوفيد-19 وكانت تلد، هل يجب أن البدء بإعطاء الأكسجين؟". وأجاب مقدم العرض، مدير المركز المتعاون مع منظمة الصحة العالمية في مجال الصحة الإنجابية: "نعم، يجب ذلك!" بينما استغرقت الإجابة على أسئلة أخرى وقتًا أطول - مثل المشاكل المتعلقة بإعدادات الحرارة والرطوبة لحاضنات الأطفال المحتمل إصابتهم بكوفيد-19. وقد نصح المختصون العاملين الصحيون بمراجعة البروتوكولات الجديدة لبرنامج كوفيد-19 التي أعدتها وزارة الصحة المغربية.
وتأتي هذه الدورة التدريبية بعد الدورة الأولى لمديري خدمات صحة الأم والطفل. وقد نظمت وزارة الصحة المغربية كلا التدريبين بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان ومركز الصحة الإنجابية المتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
والأهم من ذلك كله، أن العاملين الصحيين الذين غمروا ندوة الإنترنت بالعديد من الأسئلة كانوا حريصين على إنقاذ الأرواح - وإنقاذ حياة الأمهات والرضّع على حد سواء. وتساءلوا عن أعراض كوفيد-19 لمراقبتها في الرضّع حديثي الولادة. فرد أحد المقدمين: "إذا كان الطفل يتنفس جيدًا، ولونه جيد، وحركاته جيدة، فالمحتمل أن صحته على ما يرام".
ومع اختتام الندوة على الإنترنت، تصاعدت أصوات التقدير والعرفان في غرفة الدردشة: مثل "شرح جيد" و"شكرًا على الكثير من التفاصيل" و"شكراً على هذا العرض الثري والمهم". وتقلص عدد الحضور من 500 إلى 400 إلى 300 عند تسجيل خروج المشاركين. ومع تركيزهم الدائم على عافية الأمهات والرضع، أصبح مئات العاملين الصحيين في المغرب الآن أكثر دراية ببرنامج كوفيد-19- وأصبحوا قادرين على "التغلب على هذه الجائحة"، على حد تعبير أحد الحاضرين.
وقد نَظَّم التدريب الإلكتروني "رعاية الحوامل والمواليد الجدد في سياق كوفيد-19" للعاملين الصحيين المغاربة منظمة الصحة العالمية وصندوق الأمم المتحدة للسكان بتمويل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية.
من المرجح تفاقم أزمة الغذاء في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع استمرار "كوفيد-19"
تصريح صادر عن المدراء الإقليميين لكل من اليونيسف، منظمة الأغذية والزراعة، برنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحية العالمية
عمان/ القاهرة ، 27 أيار/مايو 2020- "تعمل الحكومات مع الشركاء عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على مدار الساعة لحماية المجتمعات المحليّة من مرض فيروس الكورونا (كوفيد-19). وبينما تُنقذ هذه الجهود العديد من الأرواح، إلا أن الآثار بالغة على سلاسل إمداد وتوريد الغذاء، وعلى توَفُّر وإمكانية الحصول على أنواع أفضل من الأطعمة الآمنة والمغذية، والقدرة على تحمل تكاليفها. كما أن العائلات الهشة تكافح من اجل تأمين دخل للعائلة وتوفير لقمة على مائدة الطعام.
"إن أكثر بلدان المنطقة تضررًا من الجائحة هي البلدان التي تواجه أصلًا أزمة غذائية. وقد أدّى الوباء إلى تفاقم التحديات في بلدان مثل افغانستان وسوريا واليمن والسودان من حيث الكمية ووتيرة توفّر وتنوع الطعام الذي يستهلكه الأطفال والعائلات. وتحتل هذه البلدان أول عشر مواقع على لائحة دول العالم التي عانت من أسوأ أزمات الغذاء في العام 2019 من حيث عدد السكان الذين عانوا الأزمة أو ما هو أسوأ (التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي IPC/CHالمرحلة 3 أو أعلى)، إذ بلغ عدد المتضررين قرابة 40 مليون شخص . ومن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى خلق نوع جديد من الأزمات الغذائية، أو على الاغلب تفاقم الأزمات الحالية.
"تتابع منظماتنا عن كثب أثر جائحة "كوفيد-19"على تغذية أولئك الأكثر تضرراً، ولا سيما أكثر مجتمعات المنطقة فقرًا وهشاشة. في العام الماضي، عانى ما نسبته واحد من كل خمسة أشخاص في المنطقة من نقص التغذية .
"إننا ندعو الحكومات وشركاء التنمية الدوليين والمانحين والقطاع الخاص، إلى معالجة توفير وتأمين وإتاحة القدرة على تحمل تكاليف الطعام الآمن والمغذّي، وتأمين تغذية أكثر العائلات هشاشة والأطفال والنساء الحوامل والمرضعات في جميع أنحاء المنطقة، مع تنفيذ التدابير اللازمة حول الصحة والوقاية والتحكم في الوقت نفسه. ويمكن القيام بذلك من خلال الإجراءات التالية:
- ضمان استمرارية حركة سلاسل التوريد والإمداد الغذائي وتوفّر الأطعمة المغذية والآمنة.
- حماية دخل وسبل عيش أولئك الذين يعتمدون على الزراعة والعمل المؤقت.
- إنشاء ودعم خطط حماية اجتماعية وبرامج مجتمعية لمساعدة الفئات الأكثر هشاشة وأولئك الذين فقدوا وظائفهم بسبب الإغلاق، وذلك لكي يتمكنوا من الحصول على الطعام الكافي والآمن والمُغذّي.
- تغذية الأمهات والرضع والأطفال الصغار من خلال توفير خدمات التغذية الأساسية للحوامل والمرضعات والأطفال حديثي الولادة والأطفال المرضى، ودعم الرضاعة الطبيعية لدى الأمهات المرضعات، بما في ذلك اللواتي يعانين من "كوفيد-19"، وتزويدهنّ بالمعلومات الدقيقة حول تغذية الأمهات والرضّع والأطفال الصغار.
- تأكيد توفّر الاستجابة للهزال من خلال معالجة الأطفال والأمهات الذين يعانون الهزال ونقص التغذية، وتكييف الخدمات من خلال تقليل الزيارات العلاجيّة، وتوفير إمكانية أكبر لإيصال الإمدادات إلى البيت. وكذلك تنفيذ تدابير لمنع الهزال لدى للأطفال الذين يعانون الهشاشة والفئات الأخرى المعرضة لخطر النحافة، بما في ذلك كبار السن والمرضى. إن هذه الفئات الهشة والتي تعاني من ضعف في جهاز المناعة معرضة بشكل كبير لخطر الموت، ويزداد هذا الخطر في حالة إصابتهم بـ "كوفيد-19". لذلك، فمن المهم:
- تكثيف الجهود لتعزيز قدرة الأمهات وأولياء الأمور على اكتشاف ورصد الحالة التغذوية لأطفالهم.
- الشروع في/ تكثيف اللامركزية في معالجة النفايات البسيطة عن طريق التحول إلى المعالجة المجتمعية كلما أمكن.
- الشروع في/ تكثيف الجهود لمنع الاضطرابات في توافر السلع الأساسية لعلاج هزال الأطفال.
- توفير المغذيات الدقيقة من خلال الخدمات الروتينية للنساء الحوامل والأطفال الصغار. ويمكن تعليق/تأجيل حملات المغذيات الدقيقة المخطط لها (مثل مكملات فيتامين أ والتخلص من الديدان) مؤقتًا/وإعادة التخطيط لها في أقرب فرصة ممكنة وحالما تسمح الظروف.
- توفير بديل عن الغذاء والتغذية المدرسية أثناء إغلاق المدارس بواسطة تزويد طواقم موظفي المدارس وأولياء الأمور والأطفال بالتوجيهات حول أهمية النظم الغذائية الآمنة والصحية، والنظافة، والنشاط البدني للأطفال الذين في سن المدرسة. واستكشاف طرق بديلة، مثل التحويلات النقدية وإيصال المواد الغذائية إلى المنازل لمساعدة العائلات الفقيرة في الحصول على وجبات مغذية للأطفال أثناء إغلاق المدارس. وعند إعادة فتح المدارس، تُستأنف برامج الوجبات المدرسية، ويُشجع طاقم العاملين في المدرسة على الترويج لها بين الأطفال وأولياء أمورهم.
- إنشاء نظام للأمن الغذائي ومراقبة التغذية، وذلك باستخدام مسح عبر الهاتف المحمول أو الإنترنت لرصد نجاعة سوق الأغذية، وآليات التكيف، وأنماط استهلاك الأغذية والفقر متعدد الأبعاد، وجمع المعلومات حول الأمن الغذائي والتغذية وتحديثها في الوقت المناسب لتحديد السكان المعرضين للخطر، ورصد ومعالجة العوامل التي من المحتمل أن يكون لها تأثير سلبي على الحالة التغذوية للفئات الهشّة.
ملاحظة إلى المحررين
جرى العمل على هذا التصريح بمراعاة متطلبات التباعد الاجتماعي.
سوف يتم تحديث توصياتنا بشكل دوري كلما ظهرت أدلة جديدة، وسوف نستمر في تطوير الاستراتيجيات والخطط حول كيفية دعم الحكومات في جميع أنحاء المنطقة لتقديم برامج دعم التغذية الفعالة في سياق "كوفيد-19"
سوف يُرفق بهذا التصريح موجز أكثر تفصيلاً عن كل من المجالات الستة، وقائمة بالمفردات والمصادر عن النظم الغذائية الصحية وعن مجموعة من المراجع.
للحصول على الورقة المتعلقة بوضع التغذية في المنطقة يرجى الضغط هنا
بيان الدكتور أحمد بن سالم المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، بشأن مرض كوفيد-19
19 أيار/مايو 2020 - لقد كشفت لنا جائحة كوفيد-19 الحالية التأثير الوخيم الذي لا يمكن تصوره لتهديد الصحة العامة على الأفراد والمجتمعات والبلدان. ونكرر دوماً أن الأمراض المُعدِية لا تعترف بالحدود، وأن اندلاع فاشية في أحد البلدان يمكن أن يهدد الأمن الصحي للإقليم والأقاليم الأخرى. واليوم نرى أن هذا التحذير قد أصبح حقيقة على نطاق مُثير للقلق وبنسبة تُنذر بالخطر.
وفي ظل إصابة خمسة ملايين شخص، منهم أكثر من 300,000 وفاة، وفرض حظر الخروج في بلدان بأكملها، وتراجع الاقتصادات، يعاني الناس في جميع أنحاء العالم من مستويات غير مسبوقة من العزلة والقلق والخوف مما يخبئه المستقبل.
ولكن في هذا الواقع المؤلم، هناك بصيص من الأمل وحالة من التضامن جعلت البشرية في أفضل حالاتها وهي تواجه عدواً مشتركاً. وأصبحت المجتمعات تتضافر على نحوٍ لم يسبق له مثيل، وتدعم بعضها بعضاً، وتدعم أيضاً جميع القوى العاملة المشاركة في الاستجابة.
فقد أنتج المتطوعون المجتمعيون في إيران مئات الآلاف من الكمامات لمساعدة الناس على الوقاية. وفي السودان، اجتمع طلاب كلية الصيدلة لتوزيع مليون مُطهِّر لليدين على الأسر الفقيرة. وفي مصر، تعاونت منظمات الشباب على إطلاق مبادرة لدعم الصحة النفسية لأقرانهم. وفي الأردن، حيث طُبقت أعلى درجات حظر الخروج، قام المتطوعون المجتمعيون والمجموعات الشبابية، بالتنسيق مع وزارة الصحة، بتوصيل الأدوية للمرضى المصابين بأمراض مزمنة.
كما نشهد مستويات غير مسبوقة من التضامن بين البلدان في إقليمنا، على مستوى الاستجابة العالمية والإقليمية، وهناك تركيز على اتخاذ إجراءات سريعة لدعم البلدان الأكثر عُرضة للخطر.
واجتمع الاتحاد الأفريقي، الذي تضم عضويته سبعة بلدان من إقليمنا، مرة أخرى تحت قيادة رئيس الوزراء الإثيوبي لدعم البلدان المحتاجة بإمدادات كوفيد-19.
وأرسلت مصر إمدادات كوفيد-19 إلى السودان وإيطاليا والصين والولايات المتحدة على متن ست طائرات مُحمَّلة بالمساعدات، بالإضافة إلى 10 أطنان من المعدات اللازمة لحماية آلاف العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يناضلون بلا كلل في الخطوط الأمامية للمعركة ضد هذا المرض.
وقامت المملكة العربية السعودية بتيسير رحلة جوية مستأجرة لنقل إمدادات المنظمة إلى اليمن للاستجابة العاجلة لمرض كوفيد-19، كما تبرعت المملكة بمبلغ 10 ملايين دولار أمريكي لتنفيذ خطة الاستجابة العالمية التي وضعتها المنظمة، و10 ملايين دولار أمريكي أخرى لمكافحة مرض كوفيد-19 في اليمن على وجه التحديد. ومؤخراً، تعهدت المملكة، التي تترأس حالياً قمة مجموعة العشرين، بتقديم 500 مليون دولار لدعم الجهود العالمية لمكافحة الجائحة.
وأرسل الأردن أطباء ومعدات طبية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومعدات وقاية للعاملين الصحيين إلى اليابان، وأدوية إلى تونس، ومعدات وقاية وإمدادات إلى بلجيكا.
وتظل الكويت واحدة من أهم الجهات المانحة التي تساهم في خطط الاستجابة العالمية والإقليمية لمرض كوفيد-19، مما يتيح للمنظمة توسيع نطاق أنشطتها في جميع أنحاء العالم، بما يشمل ستة بلدان في إقليمنا حيث توجد بعض الفئات السكانية الأكثر عُرضة للخطر، ومنهم اللاجئون.
كما تبرعت عُمان بمسحات وأدوات اختبار لليمن، وتكرمت بفتح حدودها لتسهيل نقل إمدادات كوفيد-19 إلى البلد الذي مزقته الحرب.
وقبل بضعة أيام فقط، أرسلت قطر شحنة من 10 أطنان من الإمدادات إلى الصومال، تلبية للاحتياجات الملحة في جميع أنحاء البلد. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أرسلت قطر عدة شحنات تزن 25 طناً من المساعدات الطبية إلى جمهورية الكونغو الديمقراطية وجمهورية ألبانيا وجمهورية أنغولا دعماً لجهود الاستجابة في هذه البلدان. كما أرسلت قطر 85 طناً من الإمدادات إلى إيران وإيطاليا ولبنان وتونس والجزائر ونيبال ورواندا.
ووفرت الإمارات العربية المتحدة أربع رحلات جوية مستأجرة من مركز الإمدادات اللوجستية التابع للمنظمة في دبي، مما أتاح للمنظمة وشركائها نقل الإمدادات والفرق التقنية المطلوبة على نحو عاجل إلى إيران والصومال وإثيوبيا. وفي الآونة الأخيرة، قدمت الإمارات لمنظمة الصحة العالمية منحة عينية بقيمة 10 ملايين دولار أمريكي من أدوات اختبار تفاعل البوليميراز المتسلسل، كافية لإجراء 500,000 اختبار للمرضى المُشتبه في إصابتهم بمرض كوفيد-19. وتسهم هذه الاختبارات بشكل كبير في تعزيز قدرات الاختبار في أفريقيا وإقليم شرق المتوسط، بينما نسعى لاحتواء انتقال المرض.
وهذه الأمثلة المُفرحة على التضامن الإقليمي والتعاون تذكِّرنا أنَّ الأمور المشتركة بيننا أقوى من الفروق. والآن، أكثر من أي وقت مضى، وفي حين تتعرض الصحة العالمية للخطر، علينا أن نواصل الوقوف معاً بقوة من أجل الصالح العام.
وبينما تم، ولا يزال يجري، القيام بالكثير، نحن بحاجة إلى زيادة هذا الزخم الإيجابي. فلنغتنمها فرصة، وننظر إلى الجائحة الحالية على أنها الفترة التي وضعت فيها البلدان خلافاتها جانباً. وتذُكِّرنا الجائحة بصورة صارخة بأنه لا أحد آمن، حتى يكون كل شخص آمناً، بغض النظر عن الموقع الجغرافي أو الانتماء السياسي. ولنجعل الصحة جسراً للسلام، كما فعلنا بنجاح في الماضي.
وبينما نعمل معاً من أجل الإنسانية، دعونا نتذكر الرؤية الإقليمية للمنظمة، التي أصبحت الآن أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، والمتمثِّلة في أنَّ "الصحة للجميع" لا يمكن تحقيقها إلا "بالجميع".
بيان الدكتور أحمد بن سالم المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، بشأن مرض كوفيد-19

12 أيار/مايو 2020 - يوافق اليوم مرور 134 يوماً منذ الإبلاغ عن أول حالة إصابة بمرض كوفيد-19 في الصين، و105 أيام على الإبلاغ عن أول حالة إصابة في إقليم شرق المتوسط. وخلال هذه الفترة، أُصيب نحو أربعة ملايين شخص في جميع أنحاء العالم، لقى حتفه منهم للأسف حوالي 300,000 شخص.
لقد تأثرنا جميعاً بهذه الجائحة، سواءً في حياتنا الشخصية أو المهنية. ولكن هناك فئة من الناس تأثرت حياتهم تأثراً أكبر بكثير، وهم العاملون بمجال الرعاية الصحية في الخطوط الأمامية للمعركة ضد هذا المرض.
ويشارك أغلبُ العاملين في مجال الرعاية الصحية، وعددهم 50 مليوناً تقريباً على مستوى العالم، منهم حوالي 3.5 ملايين في إقليمنا، مشاركةً مباشرةً أو غير مباشرة في الاستجابة لمرض كوفيد-19، ضمن فرق الترُّصد التي تكشف عن حالات الإصابة المحتملة، ومقدِّمي خدمات الرعاية الصحية الذين يشخِّصون المرضى ويعالجونهم، والعاملين في المختبرات، والعاملين في مجال صحة المجتمع، والموظفين بوزارات الصحة الوطنية.
كما وُجِّهت قدرات برنامج المنظمة لاستئصال شلل الأطفال بالكامل نحو مكافحة مرض كوفيد-19. وتوقفت حملات شلل الأطفال مؤقتاً، وبات موظفو البرنامج يعملون على مدار الساعة من أجل استقصاء الحالات، وتتبُّع المُخالِطين، والمسارعة بإرسال العينات إلى المختبرات لاختبارها، وتوعية الناس بسُبُل حماية أسرهم.
وفي حين ألقت الجائحةُ الحاليةُ الضوءَ على الحاجة المُلحّة إلى مزيد من الاستثمار في النُظُم الصحية، بما في ذلك القوى العاملة الصحية، فقد سلَّطت الضوء أيضاً على المخاطر الهائلة التي يواجهها العاملون الصحيون كل يوم، ما يؤكِّد أهمية دعوتنا إلى ضمان عافيتهم وسلامتهم وحمايتهم.
وحتى قبل جائحة كوفيد-19، كان العاملون الصحيون في الإقليم، لا سيّما في البلدان التي تعاني من نزاعات سياسية وأزمات أخرى، من الموارد النادرة التي لا تُقدُّر بثمن. وعلى مدار السنوات الخمس الماضية وأكثر، أبلغ الإقليم باستمرار عن تعرُّض العاملين الصحيين والعاملين في مجال الرعاية الصحية لهجماتٍ بأعدادٍ كبيرة تثير القلق، ولا تزال البلدان التي تعاني من النزاعات تبلِّغ عن نقص حاد في مِهْنِيّي الرعاية الصحية.
ويعمل الأطباء وطواقم التمريض وعاملو المختبرات وأخصائيو التَّصْوير التَّشْخيصِيّ الطِّبِّيّ والصيادلة وغيرُهم من العاملين في المرافق الصحية والخدمات التي تسبق الوصول إلى المُسْتَشْفَى، مثل سائقي الإسعاف وعاملي النظافة والعاملين المسؤولين عن التخلُّص من النفايات الطبية، في الخطوط الأمامية للاستجابة لمرض كوفيد-19. وفي نصف بلدان الإقليم تقريباً، يعمل العديد منهم في أماكن رعاية صحية تكون فيها تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها ضعيفة. وقد يؤدي ذلك إلى عواقب وخيمة من حيث تزايد انتقال المرض من المرضى إلى العاملين في مجال الرعاية الصحية، ومنهم إلى زملائهم.
وتتسبب جائحة كوفيد-19 الحالية في إثقال كاهل القوى العاملة الصحية الهشة بالفعل. وبسبب عبء العمل المتزايد، يعمل العاملون الصحيون لساعات طويلة تحت وطأة ضغط شديد، ما تسبب في إصابتهم بالضائقة النفسية والإجهاد والإنهاك المهني. وفي بعض الحالات، يتعرَّض العاملون الصحيون للوَصْم والتمييز، فيُتَّهَمون بأنهم حاملون للمرض، ويتعرَّضون للعنف البدني والنفسي.
كما أنهم مُعرَّضون لخطر الإصابة بالمرض أو فقدان حياتهم، ويخشون نقل العدوى إلى أسرهم وأحبائهم. ويؤدي النقص الحالي في معدات الوقاية الشخصية إلى زيادة هذا الخطر. وهذه ليست مجرد أرقام بالنسبة لنا: فقبل أسبوعين، توفي أحد أفراد برنامج استئصال شلل الأطفال في الصومال بعد إصابته بمرض كوفيد-19. كما جاءت نتيجة التحليل لزميل صومالي آخر إيجابية. وفي باكستان، أثبتت الاختبارات إصابة 12 فرداً على الأقل في أسرة برنامج استئصال شلل الأطفال بمرض كوفيد-19.
وفي مواجهة هذه الضغوط والتعرُّض لمستويات من المرض والوفاة لم يتعرض لها العديد منهم من قبل، أفادت تقارير حديثة أيضاً بمحاولات انتحار في صفوف العاملين الصحيين.
وحتى 8 نيسان/أبريل، أُصيب أكثر من 22,000 عامل في مجال الرعاية الصحية في 52 بلداً بمرض كوفيد-19، وفق التقارير الواردة إلى المنظمة. وتتراوح نسبة العاملين الصحيين المصابين في إقليمنا من 1% إلى 20%. ونظراً لعدم إبلاغ المنظمة بطريقة منهجية عن حالات العدوى بين العاملين الصحيين، نعتقد أنَّ هذا العدد ربما لا يُمثِّل العدد الحقيقي لحالات الإصابة بمرض كوفيد-19 بين العاملين الصحيين.
وبينما قد يُصاب بعضهم بالعدوى خارج المرافق الصحية، في منازلهم أو مجتمعاتهم المحلية، تشير البيانات المحدودة المتاحة إلى أنَّ أكثر من 90% منهم يُصابون بالعدوى داخل المرافق الصحية حيث يتعرَّضون للفيروس الفتاك. ويبلغ متوسط أعمار العاملين الصحيين المصابين في إقليمنا 35 عاماً، وترتفع نسبة الإصابة قليلاً بين الإناث عنها بين الذكور. وبشكل عام، تفيد التقارير بوقوع حالات العدوى في صفوف التمريض والأطباء أكثر من أي مهنة أخرى.
ولا يسعنا أن نتحمل فقدان شخص آخر من هؤلاء المهنيين ممن هم في مقتبل العمر، ولا يزالون قادرين على العطاء على المستوى الشخصي والمهني والمساهمة في الحفاظ على صحة سكان الإقليم.
مع احتفالنا باليوم الدولي للتمريض اليوم، أود أن نتوقف لحظة لنعرب عن التقدير لكوادر التمريض وغيرهم من العاملين الصحيين الذين فقدوا حياتهم بسبب COVID-19 والدعوة لحماية أولئك الذين يواصلون العمل بلا كلل.
وإضافة إلى المخاطر التي يواجهها العاملون الصحيون بشكل مباشر، يؤثر النقص في هذه القوى العاملة على قدرة البلدان على الاستجابة بفاعلية، ما يؤدي إلى تداعيات متتابعة وواسعة النطاق ويُعرِّض المزيد من الأرواح للخطر.
ويؤثر النقص في تخصصات معينة، مثل الأطباء وطواقم التمريض في مجال الرعاية المركزة، وأخصائيي الأمراض المُعدية، وأطباء الرئة، وأخصائيي المُعَالَجَةِ التَّنَفُّسِيَّة، وأخصائيي الوقاية من العدوى ومكافحتها، وغيرهم تأثيراً سلبياً على توفير الخدمات العلاجية للمرضى الذين يعانون من أعراض وخيمة.
كما يؤدي العدد المحدود لمِهْنِيّي الصحة العامة، مثل أخصائيي الوبائيات، إلى عدم كفاية الموظفين في فرق الاستجابة السريعة. وإضافةً إلى محدودية الموارد، مثل وسائل النقل، يُشكِّل ذلك تحدياً أمام تتبُّع المُخالِطين، ما يترتب عليه من إغفال بعضهم ومِن ثَم مواصلة انتقال المرض.
ونظراً لظهور الجائحة بشكل مفاجئ وعبء العمل الهائل، يفتقر العديد من العاملين الصحيين إلى التدريب المناسب، ما يؤثر على جودة الرعاية المُقدَّمة. ومع تزايد عدد الاختبارات، قد يتسبب عبء العمل المرتفع الذي يواجهه العاملون بالمختبرات في إصابتهم بالضغط والإجهاد، الأمر الذي يؤدي إلى تدني الجودة ويُعرِّض سلامة الاختبارات للخطر.
ونحتاج الآن، أكثر من أي وقت مضى، إلى الإقرار بأهمية الاستثمار في قوانا العاملة الصحية، واتخاذ إجراءات ملموسة تضمن عافيتهم وسلامتهم، وتُمكِّنهم من تقديم الخدمات بفعالية وكفاءة.
ولمعالجة التحديات المختلفة التي تواجه العاملين الصحيين، وضعت منظمة الصحة العالمية إرشاداتٍ إقليميةً تحدد فيها الإجراءات الاستراتيجية لراسمي السياسات والمديرين على المستويات الوطنية ودون الوطنية وعلى مستوى المرافق.
ويجب التوسُّع فوراً في تدابير الوقاية من العدوى ومكافحتها، ليس فقط لحماية العاملين الصحيين، بل لحماية المرضى الذين يخاطر العاملون بحياتهم لإنقاذهم ولحماية أسر العاملين أيضاً. وينبغي حشد قدرات إضافية لمعالجة النقص في أعداد العاملين. ويجب توفير الإرشادات والتدريب والحوافز وبيئة عمل مُشجِّعة، لتمكينهم من تقديم الخدمات بفعالية وكفاءة، بما يشمل تزويدهم بمعدات الوقاية والتأكد من قدرتهم على استخدامها استخداماً صحيحاً.
ويجب الحفاظ على عافيتهم وصحتهم النفسية من خلال الدعم النفسي والاجتماعي وتحديد ساعات عمل معقولة. والأهم من ذلك، يجب علينا وضع حدٍّ للعنف والوَصْم ضد العاملين الصحيين، والاعتراف بجهودهم وتفانيهم وإنجازاتهم وتقديرها.
وبينما يكدُّ العاملون الصحيون ليلاً ونهاراً للحفاظ على سلامتنا جميعاً من مرض كوفيد-19 وغيره من الأمراض، تقع على عاتقنا مسؤولية جماعية للحفاظ على سلامتهم من خلال الاعتراف الإيجابي بجهودهم، وفوق ذلك كله من خلال اتخاذ المجتمعات والسلطات الصحية والحكومات إجراءاتٍ داعمةً وملموسة. وفي حين يقف العاملون الصحيون في الخطوط الأمامية لهذه الاستجابة، فإن رؤيتنا الإقليمية "الصحة للجميع وبالجميع" تؤكد أهمية المسؤولية الجماعية في الحفاظ على سلامة جميع الفئات السكانية، ومنهم الأشخاص الذين نذروا حياتهم لإنقاذ حياة الآخرين.