نظرة على عام 2022: مع تأثر الحالة الصحية بالفيضانات ونوبات الجفاف الأخيرة في عدة دول بإقليم شرق المتوسط، منظمة الصحة العالمية تحذر: الظروف المناخية الشديدة ستؤدي إلى أمراض شديدة

القاهرة، 7 كانون الأول/ ديسمبر 2022 - مع جهودها لمواجهة عدة حالات طوارئ في وقت واحد في إقليم شرق المتوسط، قدمت المنظمة في الوقت نفسه دعمًا هائلاً لخمسة بلدان في الإقليم تضررت بتغير المناخ في عام 2022، وهي أفغانستان والصومال والسودان واليمن بالإضافة إلى باكستان التي كانت الأشد تضررًا من بين الخمسة.
ومع تسبب المخاطر البيئية والمناخية فيما يقرب من 23٪ من إجمالي عبء المرض في الإقليم، "تتضح العلاقة أكثر وأكثر بين تغير المناخ والأحوال الجوية القاسية، بما فيها الجفاف والفيضانات"، كما صرح الدكتور أحمد المنظري، المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط خلال زيارة له مؤخرًا إلى السودان. وجدير بالذكر أن السودان أحد سبعة بلدان في القرن الأفريقي الكبير، تضم معه جيبوتي وإثيوبيا وكينيا والصومال وجنوب السودان وأوغندا، التي تفتقر بشدة للأمن الغذائي بسبب الجفاف، وهو من الظواهر المناخية الأخرى التي لها عواقب مدمرة على الصحة.
وفي كلمته الافتتاحية في الدورة التاسعة والستون للّجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشـرق المتوسط والتي عُقدت في القاهرة في الفترة من 10 حتى 13 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، قال الدكتور تيدروس أدحانوم غيبريسوس، المدير العام للمنظمة "إن انشغالنا بمواجهة الأزمة في باكستان يجب ألا ينسينا خطر تغير المناخ الذي يهدد وجود الإنسانية، والذي لو لم نواجهه فإننا سنضطر لمواجهة حالات طوارئ مثل هذه وأخطر منها على فترات متقاربة."
ومع انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP27) في الفترة من 6 إلى 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، تنعقد آمال المهتمين بالشأن الصحي العالمي على أن تتصدر قضايا الصحة والإنصاف المفاوضات المتعلقة بالمناخ.
منظمة الصحة العالمية تعزز الجهود الوطنية الرامية للوقاية من انتشار داء الليشمانيات في سوريا
عمر ذو السنوات الأربع، بعد تعافيه من داء الليشمانيَّات
5 كانون الأول/ ديسمبر 2022، حلب، سوريا - يمكن لأي طفل يبلغ من العمر أربع سنوات أن يلعب بالخارج مع أصدقائه. لكن هذا الطفل ليس عمر بالتأكيد، فقد أُصيب عمر بآفة كبيرة على خده نقلتها إليه ذبابة رمل تحمل داء الليشمانيات.
وداء الليشمانيات داء خطير ينتشر عن طريق ذبابة الرمل التي تلدغ أجزاء الجسم المكشوفة. ويمر الداء دون اكتشافه خلال المراحل الأولى من العدوى به، إذ لا يشعر المرضى سوى بآثار تشبه تلك التي تُخلِّفها لدغة البعوضة المعتادة. وبعد مرور بضعة أشهر، تبدأ الآفة في التورُّم على نحو غير مألوف.
وتتعاون المنظمة مع مختلف الشركاء في مجال الصحة للحد من معاناة الشعب السوري الناجمة عن داء الليشمانيات، من خلال تقديم العلاج للمرضى المصابين بعدواه، أو من خلال توفير تدابير وقائية مثل شبكات الأسِرَّة المضادة لذباب الرمل، أو من خلال تنفيذ حملات الرش في المناطق الموبوءة بشدة.
تقول أم عمر من ريف حلب: «كانت هناك آفة على خد ابني عمر. لم أُلقِ بالًا للأمر في البداية، حتى مرَّ أكثر من شهرين والآفة ما زالت موجودة». وأردفت: «فور علمي بوجود عيادة متنقلة تدعمها المنظمة تزور القرية منذ بضعة أشهر، أسرعت إليها لالتماس المشورة. وشخَّص الأطباء إصابة عمر بداء الليشمانيات، وأحالوه على الفور إلى مركز الفرقان في حلب لتلقِّي العلاج المناسب».
وتقع معظم حالات الإصابة بداء الليشمانيات في سوريا في المناطق الريفية بحلب، حيث تسبَّب العنف الناجم عن الصراع الممتد في ضعف إمكانية الحصول على المياه المأمونة، وتردِّي الأوضاع المعيشية، ومن ذلك إقامة المنازل بين الأنقاض المتهدِّمة.
وخلال حملة مكافحة داء الليشمانيات التي تدعمها المنظمة في حلب وريفها في الفترة من تموز/ يوليو إلى أيلول/ سبتمبر 2022، رشَّ 140 عاملًا صحيًّا أكثر من 300 45 منزل يقطنه أكثر من 234600 شخص.
تقول الدكتورة إيمان الشنقيطي، ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، إن «داء الليشمانيات هو أحد أمراض المناطق المدارية المهملة التي تحظى بأولوية المنظمة. ونحن نبذل قصارى جهدنا لدعم الجهود الوطنية الرامية لمكافحة المرض وتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030». وأضافت: «إننا بحاجة إلى توسيع نطاق جهودنا المشتركة مع الدول الأعضاء والجهات المانحة والشركاء التنفيذيين وخبراء الأمراض وجميع أصحاب المصلحة الآخرين لمواءمة استراتيجياتنا وخططنا الرامية إلى الوقاية من العدوى، والتخفيف من معاناة الأشخاص المصابين بداء الليشمانيات».
يقول سعيد أبو محمد، وهو من ريف حلب أيضًا، «على مدى السنوات الثلاث الماضية، أصيب ثلاثة من أفراد أسرتي بالمرض - أي بعبارة أخرى، أُصيبَ فرد واحد كل عام! وينطبق ذلك على معظم منازل القرية». وأردف: «لقد عانينا من هذا المرض حتى من قبل اندلاع الأزمة، ونحمد الله أن الجهود المتواصلة التي تبذلها الفرق الصحية المتنقلة تنعكس إيجابيًّا على الوضع العام في القرية».
الأسبوع العالمي للتوعية بمضادات الميكروبات يدعو القادة إلى تجديد الالتزامات العالمية
24 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 - يحتفل العالم هذا الأسبوع بالأسبوع العالمي للتوعية بمضادات الميكروبات، الذي يدعو راسمي السياسات إلى تشجيع العاملين الصحيين وعموم الناس على تطبيق أفضل الممارسات التي تحول دون ظهور العدوى المقاوِمة للأدوية وانتشارها، وحثِّ جميع القطاعات على دعم الاستخدام الرشيد للأدوية المضادة للميكروبات، وتعزيز التدابير الوقائية الرامية إلى معالجة مقاومة مضادات الميكروبات في إطار نهج الصحة الواحدة.
ويركز الأسبوع العالمي للتوعية بمضادات الميكروبات هذا العام على التهديد العالمي الذي تمثله مقاومة مضادات الميكروبات، واستنهاض إجراءات جماعية لمواجهة هذا التهديد، ويسلط الضوء على موضوع «الوقاية معًا من مقاومة مضادات الميكروبات».
ومقاومة مضادات الميكروبات، أو الجائحة الصامتة كما يُطلَق عليها في كثير من الأوقات، تحدٍّ عالمي متنامٍ يُهدِّد المكاسب التي تحققت في الآونة الأخيرة في مجالات صحة الإنسان ورفاهيته، وصحة الحيوان ورعايته، والبيئة، والأمن الغذائي والتغذوي وسلامة الأغذية، والنمو الاقتصادي والتنمية. وتحصد هذه الجائحة الصامتة أرواح 1.3 مليون شخص على الأقل كل عام.
وعلى الرغم من الخسائر الفادحة التي تسببها مقاومة مضادات الميكروبات في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، فإن التصدي لهذا التهديد لطالما طغت عليه أولويات الصحة العامة المتنافسة، خاصة في أوضاع الطوارئ.
ويقول الدكتور أحمد المنظري: «نحن الآن في مفترق طرق. وما لم نتحكم في إساءة استخدام الأدوية المضادة للميكروبات والإفراط في استخدامها ونوقفهما، فستزداد صعوبة علاج حالات العدوى البسيطة أو يستحيل علاجها في المستقبل. وعلينا أن نتحرك الآن».
وتتصدى منظمة الصحة العالمية لمقاومة مضادات الميكروبات من خلال العمل عن كثب مع الوكالات الشريكة المعنية بصحة الحيوان وصحة البيئة في ظل نهج الصحة الواحدة. ويلزم تعزيز الالتزامات السياسية الوطنية والإقليمية والعالمية بتنفيذ إجراءات الصحة الواحدة من أجل مكافحة انتشار مقاومة مضادات الميكروبات، والوقاية من تأثيرها على صحة الإنسان والحيوان والبيئة، والنمو الاقتصادي والتنمية، والأمن الغذائي والتغذوي وسلامة الأغذية.
وقد حقق إقليمنا العديد من المنجزات المهمة في هذا المضمار منذ أن اعتمدت جمعية الصحة العالمية «خطة العمل العالمية بشأن مقاومة مضادات الميكروبات» في أيار/ مايو 2015. ووضعت جميع البلدان خُططَ عملٍ وطنية لمقاومة مضادات الميكروبات، وأبلغت النظامَ العالمي لترصد مقاومة مضادات الميكروبات التابع للمنظمة ببيانات عن ترصد استهلاك مضادات الميكروبات. وأكثر من 70% من البلدان لديها أيضًا برامج وطنية للوقاية من العدوى ومكافحتها، وتواصل المنظمة تعزيز هذه البرامج في جميع أرجاء الإقليم.
وأضاف الدكتور المنظري: «في الوقت الذي يحق لنا فيه الاحتفاء بهذه الإنجازات، يتعين علينا أن نفعل أكثر من ذلك. لِنعمل معًا بروح رؤيتنا الإقليمية «الصحة للجميع وبالجميع» من أجل التصدي بفعالية للتهديد الفتاك والمتنامي الذي تمثله مقاومة مضادات الميكروبات، حتى ننقذ أجيالنا القادمة».
وسعيًا إلى تجديد التزام قادة العالم، وتوثيق عرى التعاون الدولي، وتسريع وتيرة العمل للتصدي لمقاومة مضادات الميكروبات، يُعقَد المؤتمر الوزاري الرفيع المستوى العالمي الثالث بشأن مقاومة مضادات الميكروبات في مسقط، عُمان يومَي 24 و25 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022. وسيشارك في هذا المؤتمر مسؤولون رفيعو المستوى منهم وزراء الصحة والزراعة وصحة الحيوان والبيئة والمالية، وراسمو السياسات، وكبار الخبراء العالميين، وممثلو القطاع الخاص، ومنظمات المجتمع المدني، والمؤسسات البحثية والمنظمات المتعددة الأطراف.
وستُدعَى البلدان إلى اعتماد بيان مسقط الوزاري، والالتزام بمراجعة خطط العمل الوطنية لمقاومة مضادات الميكروبات وتحديثها وتنقحيها بما يتماشى مع نهج الصحة الواحدة. وستوفر منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنظمة الصحة العالمية، والمنظمة العالمية لصحة الحيوان، التي يُطلَق عليها معًا اسم الرباعية، الدعم التقني اللازم لكل قطاع، وستقدِّم إرشادات بشأن المعايير والسياسات.
النهوض بالرعاية في مرحلة التنشئة في الأوضاع الإنسانية: نظرة عامة على ورش عمل في الدول العربية
عمان / بيروت / القاهرة 17 تشرين الثاني (نوفمبر) 2022 - أصدرت اليوم الشبكة العربية للطفولة المبكرة (ANECD)، ولجنة الإنقاذ الدولية (IRC)، ومنظمة إنقاذ الطفولة، ومنظمة اليونيسف، ومنظمة الصحة العالمية (WHO) تقريرًا بعنوان "النهوض بالرعاية في مرحلة التنشئة في الأوضاع الإنسانية". يعرض التقرير الدروس المستفادة من سلسلة من ورش العمل التي عقدها الشركاء في العام 2021 لتعزيز الالتزام بتنمية الطفولة المبكرة في المنطقة، ويسلط الضوء على الجهود التي بذلها العراق والأردن وفلسطين وسوريا لضمان رعاية الأطفال الذين يعيشون في ظروف الأزمات.
تُعتبر السنوات الأولى من العمر حاسمة لنمو الطفل. ومع ذلك، لا يزال الملايين من الرضع والأطفال الصغار في دول المنطقة يواجهون تحديات ضخمة للبقاء على قيد الحياة والنمو.
ويواجه الأطفال المتأثرون بالأزمة، وخاصة أولئك الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، مخاطر متعددة الأبعاد على نموهم، ويعزى ذلك في جزء كبير منه إلى حرمانهم من بيئة رعاية مستقرة. كما يتعرض الكثيرون لمستويات مرتفعة من انعدام الأمن والعنف والتوتر بسبب الحرب والصراع والنزوح القسري والهجرة وإعادة التوطين. ومن المحتمل أن تؤدي هذه التجارب إلى عدم وصول الرضع وصغار الأطفال ومقدمي الرعاية لهم إلى الخدمات الصحية الوقائية والعلاجية، ومخاطر عالية لسوء التغذية، وغيرها من المخاطر المحتملة الناشئة عن الأزمات الاجتماعية والاقتصادية والفقر المدقع وتغير المناخ.
وفي أواخر عام 2020، طورت المنظمات الخمس موجزًا بعنوان "رعاية التنشئة للأطفال الذين يعيشون في أوضاع إنسانية“، لضمان حصول الأطفال في حالات الأزمات على الرعاية التي يحتاجون إليها بشكل أفضل. واجتمعت المنظمات مرة أخرى في العام 2021 لتعزيز العمل على مستوى الدول من خلال دعم فرق العمل الوطنية في العراق والأردن وفلسطين وسوريا لتنظيم ورش عمل متعددة القطاعات ومن مختلف أصحاب العلاقة.
نتج عن ورش العمل هذه اتفاق الشركاء الحكوميين وغير الحكوميين في قطاعات الصحة والتعليم والحماية على الإجراءات ذات الأولوية لتزويد الأطفال برعاية التنشئة في كل سياق على حدة. وركزت هذه الإجراءات على تنفيذ السياسات، وجمع البيانات واستخدامها، والتعاون متعدد القطاعات، وآليات الحوكمة وزيادة الاستثمارات المستدامة.
وقد أرست المبادرة الأساس للشركاء الوطنيين والدوليين عبر مختلف القطاعات من أجل:
استكشاف الفرص وتحديد الإمكانات التي تمتلكها مختلف القطاعات في تقديم الخدمات والبرامج التي تلبي احتياجات الأطفال الصغار والعائلات والمجتمعات.
تشجيع الحوار عبر مختلف القطاعات.
تمكين التعلم والتبادل بين مختلف أصحاب العلاقة.
وأسفرت ورش العمل هذه عن نتائج ملموسة في الدول. على سبيل المثال:
في العراق، تم الانتهاء من إستراتيجية تنمية الطفولة المبكرة ونشرها من قبل الحكومة العراقية بالشراكة مع اليونيسف.
في فلسطين، تم توسيع إستراتيجية تنمية الطفولة المبكرة الحالية لتشمل لجنة حوكمة معززة لتنمية الطفولة المبكرة، وهي خطوة حاسمة حيث تلعب الحوكمة والتنسيق دورًا أساسيًا في ضمان جودة الخدمات لتنمية الطفولة المبكرة.
في شمال غرب سوريا، أضافت مجموعة التعليم برامج تنمية الطفولة المبكرة إلى إستراتيجيتها التعليمية للفترة ما بين 2021-2023. وهذه هي المرة الأولى التي يُشار فيها إلى تنمية الطفولة المبكرة كأولوية مجموعة التعليم هناك، مما أدى إلى تحفيز تمويل جديد من مجموعة الحماية.
بينما يوفر التقرير موردًا فريدًا للمجتمع العالمي لاستخدامه كقالب ليتم تكراره للنهوض بهذا العمل، لا تزال هناك حاجة ماسة لقيادة وطنية ودون الوطنية لتحسين تنمية الطفولة المبكرة بشكل فاعل في السياقات الإنسانية، وللمانحين لتقديم تمويل طويل الأجل ومستدام لتنمية الطفولة المبكرة، ولجميع الجهات الفاعلة ذات الصلة للعمل معًا من أجل رؤية مشتركة لتنمية الطفولة المبكرة للأطفال، خاصة الأكثر هشاشة وأولئك الذين يعيشون في سياقات الأزمات.