منظمة الصحة العالمية تدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتعافي النُظُم الصحية في حالات الطوارئ في إقليم شرق المتوسط

13 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 - تتعرض النُّظم الصحية في أنحاء إقليم المنظمة لشرق المتوسط إلى ضغوط هائلة. ففي نيسان/ أبريل 2025، أثَّرَت 16 حالة طوارئ مُصنَّفة على ملايين الأشخاص في الإقليم، منهم نحو 115 مليون شخص في حاجة ماسة إلى الخدمات الصحية والدعم الإنساني. ومن النزاعات المسلحة والكوارث الطبيعية إلى فاشيات الأمراض وتغيُّر المناخ والانهيار الاقتصادي، تدفع هذه الأزمات المتداخلة المؤسسات الصحية إلى أقصى حدودها، وتترك المجتمعات مُعَرَّضة للخطر.
وثمة تراجعٌ يحدث الآن في التقدم الذي أُحرِزَ بشِقِّ الأنفس نحو تحقيق الأهداف الصحية الرئيسية، لا سيما التغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي. كما أن البنية الأساسية المتضررة، والعاملون الصحيون النازحون، وتَعَطُّل سلاسل الإمداد كلها عوامل تزيد من صعوبة حصول الناس حتى على الرعاية الأساسية.
إن تعافي النظم الصحية لا يقتصر على إعادة بناء المرافق الصحية. فهو ليس عملًا يُنجَز بعد الأزمة. بل يجب أن يبدأ في أثناء الأزمة. وينطوي ذلك على استعادة الخدمات الأساسية، وإعادة بناء الثقة، وإنشاء نظم أكثر قدرة على الصمود أمام الصدمات في المستقبل. وفي الأوضاع الهشة والمتأثرة بالنزاعات، لا بد من تسريع وتيرة التعافي من أجل تحقيق الاستقرار والسلام وتحقيق الأهداف الإنمائية وحماية الأرواح.
وأمامنا فرصة لإعادة البناء على نحو أفضل، ومعالجة مواطن الضعف التي طال أمدها، وتعزيز الإنصاف، والحد من المخاطر في المستقبل. ويجب أن يركز التعافي على الناس وأن يكون شموليًّا ونابعًا من الواقع المحلي.
تعزيز التعافي الفعال
وتدعو المنظمة إلى اتباع المبادئ الرئيسية لتوجيه تعافي النظم الصحية في الإقليم.
- التدخل المبكر: ينبغي أن يبدأ التعافي مبكرًا، وغالبًا ما يكون جنبًا إلى جنب مع الاستجابة الإنسانية، وأن يكون مُصمَّمًا وفقًا لاحتياجات كل مجتمع محلي.
- المرونة ومراعاة ظروف النزاع: يجب أن تتكيف الاستراتيجيات مع الظروف المتغيرة وأن تراعي ديناميات البيئات الهشة.
- القيادة الوطنية والمحلية: ينبغي أن تتولى الجهات الفاعلة الوطنية والمحلية قيادة جهود التعافي، باستخدام نهج الربط بين العمل الإنساني والتنمية والسلام لإدارة المخاطر إدارةً شاملة.
ولدعم البلدان، وضعت المنظمة إطارًا تنفيذيًّا يمكن تكييفه لتعافي النظم الصحية يمكن إدماجه في الاستراتيجيات الوطنية واستخدامه في عمليات التعافي المتعددة القطاعات. ويستند إطار تعافي النظام الصحي إلى التجارب الإقليمية ويتسق مع برنامج العمل العام الرابع عشر للمنظمة والخطة الخطة التنفيذية الاستراتيجية لإقليم شرق المتوسط 2025-2028. كما أنه يدعم برنامج بناء القدرة على الصمود الذي ورد بيانه في الورقة التقنية للجنة الإقليمية، والذي يركز على النهوض بالتغطية الصحية الشاملة وتعزيز الأمن الصحي.
وقد صاغت المنظمة قرارًا يدعو إلى الالتزام المستمر بالتعافي كأساس للنظم الصحية القادرة على الصمود. ووُضعت إرشادات عملية لمساعدة الدول الأعضاء ومنظمة الصحة العالمية والشركاء على تنفيذ استراتيجيات التعافي بفعالية.
وسوف تستعرض الدورة الثانية والسبعون للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية ورقة تقنية حول تعافي النُظُم الصحية، ومن المتوقع أن تَبِتَّ في القرار المُقتَرَح.
التصدي لتعاطي مواد الإدمان في جميع أنحاء إقليم شرق المتوسط

13 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 - إن تعاطي مواد الإدمان يؤثر على الملايين في جميع أنحاء إقليم شرق المتوسط، ويؤثر على الأسر والمجتمعات والنُظُم الصحية. وعواقبه بعيدة المدى بالنسبة للأفراد والأُسَر والمجتمعات، من الإدمان وحالات الصحة النفسية إلى الأمراض المُعدية.
واستجابةً للتحدي المتزايد من تحديات الصحة العامة في جميع أنحاء إقليم شرق المتوسط، أطلقت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط مبادرة إقليمية رئيسية لتسريع استجابة الصحة العامة لتعاطي مواد الإدمان، وقد أقرتها اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط في دورتها الحادية والسبعين في تشرين الأول/ أكتوبر 2024.
وتهدف هذه المبادرة على وجه التحديد إلى الحد من المراضة والوفيات عن طريق منع بدء تعاطي مواد الإدمان بين الفئات السكانية المُعَرَّضة للمخاطر، وتوسيع نطاق توافر الخدمات وإمكانية الحصول عليها، ودعم السياسات واللوائح المتوازنة بدلًا من الاعتماد على نُظُم العقاب، مثل السجن، التي غالبًا ما تؤدي إلى تفاقم الإقصاء الاجتماعي والتكاليف التي تتكبدها نُظُم الصحة والعدالة الجنائية.
ولتسريع وتيرة تنفيذ هذه المبادرة، عُقد حوار رفيع المستوى بشأن السياسات في أبو ظبي في شباط/ فبراير 2025. وتمخض هذا الحوار بشأن السياسات عن توافق في الآراء لتعزيز التنسيق والتعاون بين القطاعات استنادًا إلى الآليات القائمة مثل التحالف الصحي الإقليمي، وتقديم الإرشاد المُوَجَّه والدعم إلى البلدان مع مراعاة السياق والاحتياجات والموارد في كل بلد.
وأُطلق تحالف إقليمي للصحة النفسية والوقاية من تعاطي مواد الإدمان في تموز/ يوليو 2025 لإشراك منظمات المجتمع المدني وضمان الشمولية والمشاركة مع أصوات أصحاب التجارب الشخصية في النهوض بأهداف المبادرة وتعزيز الإجراءات التعاونية في جميع أنحاء الإقليم، في حين أُنشئ الفريق الاستشاري الاستراتيجي والتقني المعني بالصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان لتوجيه البلدان في وضع سياسات ولوائح وخدمات مسندة بالبيّنات وتعزيز البحوث الإقليمية بشأن تعاطي مواد الإدمان.
وبمناسبة انعقاد الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية، علينا أن نعترف بأنه على الرغم من إحراز بعض التقدم، ولكن لا تزال هناك تحديات تحتاج إلى استثمارات مناسبة في حلول مستدامة ومسندة بالبيّنات لتحسين حصائل الصحة العامة بشكل كبير وتعزيز الاستقرار الاجتماعي للأجيال المقبلة. والمبادرة الرئيسية أكثر من مجرد جهد إقليمي، فهي تدعو إلى اتخاذ إجراءات جماعية حاسمة للتصدي لواحد من أكثر تحديات الصحة العامة إلحاحًا في عصرنا، لكنه تحدٍ مُهمَل.
تعزيز ترصُّد الأمراض في إقليم شرق المتوسط

13 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 - لا تزال بلدان إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط تواجه تحديات مستمرة في الحصول على بيانات صحية عملية موثوق بها في الوقت المناسب. وفي العديد من السياقات، لا يزال الترصُّد مُجزَّأ وغير منسق وورقي وقائم على أمراض محددة وتحدده الجهات المانحة، وهذه ظروفٌ تؤخر الكشف عن الأمراض وتضعف الاستجابة السريعة لها. وقد اعتمدت الدورة الثامنة والستون للّجنة الإقليمية لشرق المتوسط القرار ش م/ل إ68/ق-3 في تشرين الأول/ أكتوبر 2021 لوضع الاستراتيجية الإقليمية للترصُّد المتكامل للأمراض للتغلب على تجزؤ البيانات في إقليم شرق المتوسط، مستفيدةً من الدروس المستخلصة من جائحة كوفيد-19. وتقدم الاستراتيجية إطارًا مشتركًا للحوكمة والعمليات وضمان الجودة والرصد والتقييم بهدف تحسين أداء الترصُّد وتعزيز معلومات الصحة العامة في جميع أنحاء الإقليم.
ولترجمة هذا الالتزام إلى واقع عملي، شكل المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط فريق عمل تقني مشترك بين الإدارات معني بالترصُّد المتكامل للأمراض يجمع الفريق المعني بالعلوم والمعلومات والنشر، وإدارة الأمراض السارية، وإدارة الأمراض غير السارية، وبرنامج المنظمة للطوارئ الصحية، وفريق شلل الأطفال. ومن خلال هذا الهيكل، يزود المكتب الإقليمي لشرق المتوسط وزارات الصحة بإرشادات استراتيجية وأدوات عملية، إلى جانب الدعم المتخصص في الحوكمة والدعوة والإرشادات التقنية والمنصات الرقمية والخدمات المختبرية. ويمتد هذا الدعم المُنَسَّق إلى العمليات اليومية، ومنها تنمية الموارد البشرية وتصميم نماذج وأدوات موحدة تمكن من التشغيل البيني للترصُّد الروتيني والترصُّد القائم على الأحداث.
والتقدُّم الـمُحرَز واضحٌ على المستوى القُطري. فقد أشار أربعة عشر بلدًا إلى إنشاء هيئات وطنية متعددة القطاعات للحوكمة معنية بالترصُّد، وأعد اثنا عشر بلدًا - هي أفغانستان والعراق والكويت ولبنان وليبيا والمغرب وباكستان وقطر والصومال والسودان والجمهورية العربية السورية وتونس - خرائط طريق للترصُّد المتكامل للأمراض، وحددت الأولويات الوطنية للاسترشاد بها في التنفيذ. وتواكب هذه المكاسب في مجال الحوكمة استثمارات في القوى العاملة. ويجري تنفيذ برامج التدريب على مكافحة الأوبئة ميدانيًّا، وهي عنصر أساسي في عمليات الترصد المتكامل للأمراض، في 16 بلدًا من بلدان إقليم شرق المتوسط بدءًا من شباط/ فبراير 2025 وذلك من أجل تعزيز قدرات الاستقصاء والتحليل والاستجابة. ويُطبِّق الإقليم أيضًا إطار كفاءات مكافحة الأوبئة ميدانيًّا ضمن نهج الصحة الواحدة، مع تحديد المعارف والمهارات والكفاءات اللازمة لاختصاصيي الوبائيات الميدانية لتفعيل نَهج الصحة الواحدة في إطار النُظُم الوطنية لترصُّد الأمراض.
وبالتوازي مع ذلك، يحرز التحوُّل الرقمي تقدمًا ملحوظًا. فقد أعَدَّت اللجنة الفرعية الرقمية للبيانات المعنية بالترصد المتكامل للأمراض أداة تقييم رقمية للاستعداد لتنفيذها في أفغانستان وباكستان والعراق والجمهورية العربية السورية واليمن، وهذا يوفر أساسًا منهجيًا لتوجيه الاستثمارات التي تعمل على تحديث المنصات وتحسين تدفق البيانات وتمكين التشغيل البيني. واستكمالًا لهذا التقييم، يعكف المكتب الإقليمي لشرق المتوسط على نشر حزم رقمية مصممة خصيصًا وتجريب حلول مبتكرة، منها تطبيق الذكاء الاصطناعي لمسح مصادر البيانات والمؤلفات العلمية الواسعة النطاق للحصول على علامات مبكرة على وجود تهديدات للصحة العامة. ويجري تعزيز هذه الجهود من خلال التعاون مع شركاء مثل جامعة أوسلو ومنظمة "عازمون على إنقاذ الأرواح".
ولا تزال الشراكات عاملًا أساسيًّا للحفاظ على الزخم. وفي 16 أيلول/ سبتمبر 2025، عقد المكتب الإقليمي لشرق المتوسط اجتماعًا عن المشاركة الإقليمية في استخبارات الصحة العامة مع ممثلين من جميع الدول الأعضاء في إقليم شرق المتوسط البالغ عددها 22 دولة، تبعه في 17 أيلول/ سبتمبر اجتماع بالحضور الشخصي لشركاء اللجنة الفرعية المعنية بالحوكمة في مجال الترصد المتكامل للأمراض. وكان من بين الجهة المقدمة للمساهمة مركز منظمة الصحة العالمية لتحليل معلومات الجوائح والأوبئة، ومعهد روبرت كوخ، ووكالة الأمن الصحي بالمملكة المتحدة، والشبكة الشرق أوسطية للصحة المجتمعية "إمفنت"، والهيئة الحكومية الدولية للتنمية، والمراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، وبرنامج نُظُم معلومات الصحة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمركز الخليجي للوقاية من الأمراض ومكافحتها، ومؤسسات أكاديمية مثل الجامعة الأمريكية في القاهرة، والجامعة الأمريكية في بيروت، ومعهد الإسكندرية للصحة العامة. وتناولت المناقشات مسائل الحوكمة والتمويل والعمليات التقنية، ومنها نُظُم تكنولوجيا المعلومات والموارد البشرية وإدارة البيانات وقدرات المختبرات. وأكد الحوار من جديد على أن التعاون المتعدد القطاعات والتخصصات ضروري لبناء نُظُم ترصُّد فعّالة ومستدامة ومتكاملة تعزز التأهب الإقليمي وتحمي السكان وتعزز الأمن الصحي العالمي.
وستكون القيادة القُطرية المستدامة والتمويل الذي يمكن التنبؤ به والدعم المُنَسَّق من الشركاء عوامل أساسية لتعزيز هذه المكاسب. وسيواصل المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط العمل مع وزارات الصحة من أجل إضفاء الطابع المؤسسي على حوكمة الترصُّد المتكامل للأمراض، وتعزيز القوى العاملة في مجال الترصُّد، وتوسيع نطاق الحلول الرقمية الآمنة والقابلة للتشغيل البيني، وإدماج نَهج الصحة الواحدة في النُظُم الروتينية والنُظُم القائمة على الأحداث. وستُعطَى الأولوية لتحسين جودة البيانات وتوقيتها المناسب، وتعزيز وظائف المختبرات واستخبارات الصحة العامة، ومواءمة الاستثمارات مع خرائط الطريق الوطنية. ومن خلال هذا الجهد المستمر والمتعدد القطاعات، يمكن للإقليم تحقيق ترصُّد متكامل وقادر على الصمود يكتشف التهديدات مبكرًا، ويُمكِّن من الاستجابة السريعة والمسنَدَة بالبيِّنات، ويحمي السكان في جميع أنحاء إقليم شرق المتوسط.
بيان الدكتورة حنان حسن بلخي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط في المؤتمر الصحفي للجنة الإقليمية الثانية والسبعين
8 تشرين الأول/ أكتوبر 2025
السيدات والسادة،
أشكركم على الانضمام إلينا اليوم.
في هذا المؤتمر الصحفي، سنستعرض الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية، ولكنني أريد أن أتحدث أولًا عن غزة.
في شهر أيلول/سبتمبر، حضرتُ المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن حل الدولتين في الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي اشتركت في رئاسته المملكة العربية السعودية وفرنسا، وسلَّط الضوءَ على مسار إيجابي لإنهاء هذه المأساة.
وقد تحقق تقدمٌ كبيرٌ نحو الاعتراف بدولة فلسطين. وإحرازُ تقدم في حل الدولتين من شأنه أن يُحسِّن كثيرًا من قدرتنا على فتح ممرات إنسانية وضمان استمرار تدفُّق المساعدات إلى غزة.
وآملُ أن يستمر تقدُّم هذه المبادرة، وأن يدوم الزخم بين الدول الأعضاء في هذا الصدد.
والآن، بعد عامَيْن من اندلاع الحرب في غزة، نرى أخيرًا بصيصًا من الأمل بأن نهايتها قد تكون قريبة.
ولكن عندما يتوقف القتال، سيبدأ نضالٌ جديدٌ لإعادة بناء النظام الصحي الممزق في غزة، ولإنقاذ جميع سكانها من حافة المجاعة واليأس.
وتعكف منظمة الصحة العالمية على التخطيط لليوم التالي لانتهاء الصراع، ولدينا الآن رؤية واضحة تحدد أين وكيف يمكننا المضي قدمًا.
وسنحتاج إلى الانتقال سريعًا من الاستجابة للأزمات إلى التعافي، لأن إعادة بناء النظام الصحي في غزة لن تُنقِذ الأرواح في الوقت الراهن فحسب؛ بل ستُعيد الكرامة والاستقرار والأمل في المستقبل.
أولًا، علينا أن نجعل المستشفيات تستأنف عملها. فيعمل حاليًّا 14 من أصل 36 مستشفى، ولكن بشكل جزئي فقط، بسبب النقص الحاد في الكهرباء والمياه النظيفة والأدوية، فضلًا عن تعطُّل المعدات وتضرُّر البنية التحتية. وتعرضت بعض المنشآت للقصف، وأُعيدَ تأهيلها أكثر من مرة. وقد أوصلت منظمة الصحة العالمية -التي تُورِّد الوقود إلى جميع المستشفيات وسيارات الإسعاف- 17 مليون لتر من الوقود، مما حافظ على استمرار العمليات الجراحية ورعاية الحديثي الولادة وسلاسل تبريد اللقاحات. ولكن توجد حاجةٌ إلى أكثر من ذلك بكثير. كما أن الإمدادات الأساسية –ابتداءً من المضادات الحيوية، ووصولًا إلى ضمادات الجروح– يجب أن تصل فورًا وبلا تأخير إلى جميع أنحاء قطاع غزة.
وفي الوقت نفسه، يجب أن نواجه الجوع وسوء التغذية. ويكفي أنه قد فات الأوان لإنقاذ 455 شخصًا، منهم 151 طفلًا معظمهم دون سن الخامسة، كانت السلطات الصحية الفلسطينية قد أعلنت وفاتهم بسبب سوء التغذية منذ شهر كانون الثاني/ يناير. وهناك أكثر من نصف مليون شخص محاصَرين في ظروف شبيهة بالمجاعة، وأكثر من مليون شخص آخر يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد. وسبعةٌ من كل عشر نساء حوامل ومرضعات يعانين من سوء التغذية الحاد، وطفلٌ من كل خمسة أطفال يُولَد ناقص الوزن أو مبتسرًا، والأمراضُ المعدية في ازدياد كبير.
وتدعم المنظمةُ وشركاؤها مراكز الإسعاف المتبقية التي تعالج الأطفال من سوء التغذية الحاد، ونعمل على فتح مراكز إسعاف جديدة. ولكن التعافي الدائم يتطلب إعادة بناء النُّظم الغذائية، واستعادة المياه النظيفة، وتعزيز خدمات الصرف الصحي، وهي أسس الصحة العامة.
ومن بين مراكز الرعاية الصحية اﻷولية في غزة البالغ عددها ١٧٦ مركزًا، ﻻ يزال نحو ثلث هذه المراكز فقط يعمل بشكل جزئي. ويجب علينا -على وجه السرعة- إعادة تأهيل جميع مرافق الرعاية الصحية الأولية لاستعادة العمود الفقري للصحة العامة، أيْ مراكز التلقيح، وعيادات التوليد، والصيدليات، وخدمات الصحة النفسية. ويجب أن تواصل الفِرَق المتنقلة والمستشفيات الميدانية خدمة السكان النازحين إلى أن يُعاد فتح المرافق الدائمة.
لقد تحمَّل الأطباء والممرضون والمساعدون الطبيون في غزة الإرهاق والتعب وفقدان الأحبة. ولقي أكثر من 1700 عامل صحي حتفهم منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023. ولا غنى لمَن يواصلون تقديم الخدمات عن الحماية والأجور والدعم النفسي الاجتماعي. ويجب أن تبدأ عملية إعادة بناء النظام الصحي في غزة بسكانها، من خلال تدريب مهنيين جُدد، وإعادة فتح الكليات الطبية وغيرها من الكليات والمدارس المتعلقة بالصحة، وإعادة الذين أُجبروا على الفرار إلى وطنهم.
وستتطلب إعادة بناء القطاع الصحي تكلفة كبيرة –تزيد على 7 مليارات دولار أمريكي مُوزَّعة على الاستجابة الإنسانية والتعافي المبكر وتلبية احتياجات أطول أمدًا– ولكن هذا الاستثمار ضروري لتحقيق السلام والاستقرار اللذين يمكن أن تجلبهما الصحة.
وعلى الجهات المانحة ألَّا تكتفي بتقديم المساعدات الطارئة التي تُلبي الاحتياجات الإنسانية العاجلة فحسب، بل عليها أيضًا تقديم الدعم المرن الذي يمكن التنبؤ به لعدة سنوات، اللازم لإعادة بناء البنية التحتية وتعزيز القدرات المحلية، والسماح للمؤسسات الفلسطينية بقيادة عملية تعافٍ شامل وشفاف ومستدام.
وعندما نعيد البناء، يجب أن نعيد البناء على نحو أفضل. فيجب أن يكون النظام الصحي في غزة أكثر إنصافًا واستدامةً وقدرةً على الصمود مما كان عليه قبل الحرب. وينبغي إمداد المستشفيات بالطاقة المتجددة، وتجهيز العيادات بشبكات المياه النظيفة، وتحديث شبكات المعلومات الصحية لتتبُّع الفاشيات وتوجيه التخطيط.
إن منظمة الصحة العالمية ظلت بعد كل قصف وقطع للخدمات موجودة في الميدان، وتواصل أداء عملها في غزة. وكانت المنظمةُ الجهةَ الرئيسية التي تُقدِّم الأدوية والمستلزمات الطبية، إذ قدمت الدعم لأكثر من 22 مليون علاج وعملية جراحية. ونسقنا عمليات إجلاء طبي لأكثر من 7800 مريض في حالة حرجة –من بين ما يزيد على 15000 من المحتاجين– وشاركنا في قيادة حملات تطعيم حَمَت 600 ألف طفل من شلل الأطفال. ووقفنا إلى جانب العاملين الصحيين في غزة حينما لم يتبقَّ لهم سوى شجاعتهم، وسنقف إلى جانبهم الآن.
والمنظمة على أهبة الاستعداد لدعم الاستجابة وتعافي النظام الصحي في غزة فور توقف الصراع، وذلك من خلال استعادة الخدمات الأساسية، وتعزيز القوى العاملة الصحية، وإعادة بناء نظام رعاية قادر على الصمود ويُركِّز على الناس.
في الأسبوع المقبل، سيجتمع في القاهرة وزراء الصحة وراسمو السياسات وقادة الصحة الإقليميون للمشاركة في الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط.
وسنحتفل بإنجازاتنا العديدة، إلى جانب التصدي للتحدي الاستثنائي الذي تشهده الصحة العالمية في هذه اللحظة.
فقد تضافر الصراع وتغيُّر المناخ والهشاشة الاقتصادية والأزمات الإنسانية غير المسبوقة لتضع النُّظُم الصحية تحت ضغوط شديدة. كما أن تخفيضات المساعدات الخارجية تهدد بتفاقم هذه الضغوط، فالأثر الكامل لتلك التخفيضات بدأ للتو في الظهور.
وستُتيح اللجنةُ الإقليمية للبلدان منصةً للتناقش بشأن مسائل تقنية عاجلة، وبشأن الخيارات السياسية التي ستشكل ملامح مستقبل الصحة في الإقليم.
ويجمع جدولُ الأعمال بين الأولويات العاجلة المُنقذة للأرواح والإصلاحات الطويلة الأجل، مُستندًا إلى الخطة التنفيذية الاستراتيجية الإقليمية، والمبادرات الرئيسية الثلاث بشأن إتاحة الأدوية، والقوى العاملة الصحية، وتعاطي مواد الإدمان.
وسوف نستعرض ونناقش أيضًا أربع ورقات تقنية والقرارات المرتبطة بها، إضافةً إلى إطلاق عملية تشاور إقليمية بشأن الصحة وتغيُّر المناخ.
وسينظر الوزراء في مشروع قرار لخفض عدد الأطفال غير الحاصلين على أي جرعة من اللقاحات إلى النصف بحلول عام 2030، والالتزام في الوقت نفسه بالقضاء على الحصبة الألمانية ومتلازمة الحصبة الألمانية الخلقية. ففي الفترة بين عامَي 2019 و2023، سُجِّل 12.6 مليون طفل لم يتلقَّوا أي جرعة من اللقاحات في شتى أنحاء الإقليم، ومعظم هؤلاء الأطفال في المجتمعات النازحة المتضررة من النزاعات. وتتجسد في كل طفل منهم مأساة يمكن الوقاية منها – حياة مُعرَّضة لخطر الإصابة بالحصبة أو شلل الأطفال أو الحصبة الألمانية. وهذا القرار ليس خطوة تقنية رئيسية فحسب، بل هو أيضًا بيان سياسي يشدد على استحقاق كل طفل للحماية.
وسيدعو قرار آخر إلى جعْل الرعاية المُلطفة جزءًا أساسيًّا من النُّظُم الصحية الوطنية. فلا يحصل فعلًا على الرعاية الملطِّفة في الوقت الراهن سوى 1% من 2.4 مليون شخص يحتاج إلى تلك الرعاية كل عام في إقليمنا. ولا يزال ملايين الناس –ومنهم مرضى السرطان، والأطفال المصابون باعتلالات خلقية، واللاجئون المصابون بمرض مزمن– يموتون بعد معاناة طويلة بآلام يمكن تفاديها. والتوسع في تقديم الرعاية الملطفة مسألةٌ تتعلق بالكرامة والرأفة والإنصاف.
وفي ظل تزامن 16 حالة طوارئ، واحتياج أكثر من 115 مليون شخص إلى المساعدة، يقع على عاتق إقليم شرق المتوسط ثلث عبء العمل الإنساني في العالم أجمع. فمن غزة إلى السودان، ومن اليمن إلى أفغانستان، مُزِّقت النُّظُم الصحية بسبب الحرب والصدمات المناخية والانهيار الاقتصادي. وسيدعو أحد القرارات الجديدة إلى جعل تعافي النُّظُم الصحية أساسَ القدرة على الصمود، بما يضمن أن تسير الاستجابة الإنسانية جنبًا إلى جنب مع الاستثمار المبكر في إعادة بناء الخدمات، واستعادة الثقة، وتمهيد الطريق للسلام.
ولطالما كانت سلامة المختبرات من الجوانب البعيدة عن الأضواء في مجال الأمن الصحي الإقليمي. فضعف الحوكمة، وتفكُّك الرقابة، وعدم كفاية التدريب يجعل المرافق عُرضة للحوادث أو سوء الاستعمال. وسيُناقش الوزراءُ أطرًا لسد هذه الثغرات، وحماية العاملين الصحيين، وتعزيز دور المختبرات في الترصُّد والتشخيص والتأهب.
وأخيرًا، سنتناول الآثار الصحية لحالة الطوارئ المناخية في إقليم شرق المتوسط. فالعواصف الترابية والحرارة الشديدة والفيضانات وندرة المياه تُعيد تشكيل المشهد الصحي، وتؤدي إلى تفاقم مواطن الضعف. واستنادًا إلى خطة العمل العالمية بشأن تغيُّر المناخ والصحة التي اعتمدتها جمعية الصحة العالمية في وقت سابق من هذا العام، ستُطلق اللجنةُ الإقليمية الثانية والسبعون عملية تشاور لوضع إطار تنفيذي إقليمي بشأن المناخ والصحة. وسيكون ذلك الإطارُ خريطةَ طريق مُحدَّدة السياق يتبناها الإقليم لجعل النُّظُم الصحية مُنصِفة وجاهزة للمستقبل، وقادرة على التكيف مع تغيُّر المناخ. وسيُعزز الإطارُ نُظُمَ الترصُّد والإنذار المبكر، والمرافق الصحية المقاومة لتقلبات المناخ، وحشد التمويل الذي يركز على الإنصاف، وإنشاء مرصد إقليمي جديد معني بالصحة والمناخ.
وسيُدعَى الوزراء أيضًا إلى إقرار دعوة إلى العمل بشأن سرطان الثدي – وهو أكثر السرطانات شيوعًا بين النساء في الإقليم.
وإلى جانب هذه المسائل الرئيسية، سيناقش المشاركون مجموعة من المسائل التقنية وأمور الحوكمة، ومنها الأعمال التحضيرية للمجلس التنفيذي المقبل. وسنستعرض عملية التحوُّل الجارية، وسندرس أولويات التمويل الصحي، وسنُسلِّط الضوء على التقدُّم الـمُحرَز في استئصال شلل الأطفال.
إن إقليم شرق المتوسط لديه كثيرٌ مما يمكن أن يُقدمه للعالم أجمع -من خلال تضامنه وشجاعته وابتكاره- وستظهر مواطن القوة هذه في اللجنة الإقليمية هذا العام.
ولا تزال منظمة الصحة العالمية ملتزمة بمساعدة الدول الأعضاء على تحقيق نتائج حقيقية من أجل الصحة والإنصاف في جميع أنحاء إقليم شرق المتوسط.
وأدعوكم جميعًا إلى متابعة مداولات الدورة الثانية والسبعين على الهواء مباشرة عبر الموقع الإلكتروني لمكتب المنظمة الإقليمي وقنواته على وسائل التواصل الاجتماعي.
والآن أُعطي الكلمة للسيد عزيز أبو عيشة، رئيس قسم الطوارئ والتأهب بجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.