تعافي النُّظم الصحية في الأوضاع الهشة والمتأثرة بالنزاعات في إقليم شرق المتوسط البداية المبكرة تحقق نتائج أكثر رسوخًا

تناقش الدورة الثانية والسبعون للجنة الإقليمية كيفية جعل تعافي النظام الصحي استثمارًا عالي المردود للنهوض بالإنصاف والأداء والسلام المستدام
القاهرة، 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 - في ظل الوضع الحالي، سيحتاج إقليم شرق المتوسط إلى سنوات من إعادة البناء في البلدان المتضررة من الصراعات المديدة والهشاشة. وبالنسبة لسكان الإقليم، الذين لا زالوا يعانون الصدمات البدنية والنفسية ويعيشون في ظل ظروف الجوع وسوء التغذية، وبالنسبة للنُظُم الصحية التي شهدت تدمير المرافق الصحية وحصارها واختطاف الأطباء، فإن الأثر الضار على الصحة لا حدود له.
وفي الوقت الذي تجتمع فيه الدول الأعضاء في القاهرة، مصر، للمشاركة في الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لشرق المتوسط، لا تزال الأعمال العدائية مستمرة في الأرض الفلسطينية المحتلة؛ ويواجه السودان أكبر نزوح في أي مكان في العالم؛ ويستمر العنف في اليمن وسوريا ولبنان إما بشكل متقطع أو يزداد عمقًا.
وقد أدى تأثير تغيُّر المناخ والكوارث الطبيعية إلى زيادة العبء بشكل بعيد المدى. وواجهت أفغانستان، التي تعاني بالفعل من هشاشة بالغة، زلزالًا آخر الشهر الماضي، في حين تعاني باكستان المجاورة الفيضانات المتكررة الناجمة عن تغير المناخ، ويمر العراق بالعام الأكثر جفافًا منذ عام 1933، وهي واحدة من أسوأ موجات الجفاف التي سُجلت حتى الآن.
ويواجه إقليم شرق المتوسط في الوقت الحالي 16 حالة طوارئ مُصنَّفة، ويوجد أكثر من 115 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدات. وقد أدت تلك الأزمات المتزامنة والممتدة التي تتمثل في النزاعات المسلحة والكوارث وفاشيات الأمراض وآثار تغير المناخ والانهيار الاقتصادي إلى إرباك المؤسسات، وتعطيل تقديم الخدمات الأساسية، وزيادة الحاجة إلى المساعدات الإنسانية.
وتبحث الورقة التقنية بعنوان تعافي النظم الصحية في الأوضاع الهشة والمتضررة من النزاعات في إقليم شرق المتوسط - التي تُعرَض في الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية احتياجات تعافي النظم الصحية في الإقليم، وتبين الإجراءات الاستراتيجية للدول الأعضاء والشركاء.
إن تعافي النُّظم الصحية ليس ترفًا، بل ضرورة استراتيجية. ولا يُقصَد بالتعافي الاقتصار على استعادة القدرات التي فقدها النظام الصحي، بل يمتد أيضًا إلى وضع تصوُّر جديد للنظام الصحي وإعادة بنائه ليصبح أقوى وأكثر إنصافًا وأكثر قدرة على تحمُّل الحقائق السابقة والصدمات المستقبلية على حد سواء، تماشيًا مع الاحتياجات الخاصة للبلدان والمجتمعات المحلية.
وإذ تسلط الورقة الضوء على التحديات الهائلة، فإنها تدعو إلى ضرورة أن تتبنى عملية إعادة البناء نهجَ "إعادة البناء على نحو أفضل"، فلا تقتصر على تلبية الاحتياجات الفورية فحسب، بل تعالج أيضًا الدوافع الأساسية للصراع والهشاشة، مع النهوض بالتغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي.
ويُقدِّم الإطار التشغيلي المُبيَّن في الورقة التقنية بعنوان تعافي النُظُم الصحية في الأوضاع الهشة والمتضررة من النزاعات في إقليم شرق المتوسط نهجًا عمليًا يمكن تكييفه مع ظروف كل بلد، ويتماشى مع برنامج العمل العام الرابع عشر للمنظمة، والخطة التنفيذية الاستراتيجية الإقليمية للمنظمة، ويستند إلى الدروس المستفادة من جميع أنحاء الإقليم.
إن تعافي النظام الصحي جسرٌ يوصلنا إلى السلام. فالنُظُم الصحية المنُصفة والقادرة على الصمود تُسهم في شرعية الدولة وثقة المجتمع، وهذا يساعد على إعادة تكوين النسيج الاجتماعي الذي مزقته الأزمة. وعندما تكون جهود التعافي شمولية وتسير وفقًا توجيه قيادة وطنية وتستجيب للاحتياجات المحلية، فإنها يمكن أن تساعد في التخفيف من العوامل المسببة للهشاشة والنزاع. وبهذه الطريقة، تصبح الرعاية الصحية ليس مجرد خدمة، بل أساسًا للوفاق والقدرة على الصمود والسلام على المدى الطويل.
والدول الأعضاء مدعوة إلى اعتماد القرار المرافق لهذه الورقة والذي يُعد خطوة مهمة في مسيرة تحقيق التغطية الصحية الشاملة والأمن الصحي وغير ذلك من أهداف التنمية المستدامة المتعلقة بالصحة.
ولكن أطر العمل وحدها لا تكفي، بل نحتاج الآن إلى الإرادة السياسية، والتمويل المستدام، والالتزام القوي من جانب الدول الأعضاء بالعمل، ولا سيما في البيئات الأكثر تعقيدا ومعاناةً من الإهمال.
ولقد أثبت إقليم شرق المتوسط من قبل أن التعافي أمر ممكن، ولو في ظل الهشاشة الشديدة. والتحدي الماثل أمامنا الآن هو ضمان إضفاء الطابع المؤسسي على عمليات التعافي، والتخطيط لها ودعمها، لأن مستقبل الصحة في الإقليم يعتمد على ذلك.
تحديث خاص عن الطوارئ الصحية قُدِّم في الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط
15 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، القاهرة، مصر - عُرِضَ اليوم في الدورة الثانية والسبعين للّجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط تحديثٌ خاصٌ عن حالات الطوارئ في إقليم شرق المتوسط. وتجمع هذه الدورة التي تستمر ثلاثة أيام، وبدأت أعمالها اليوم في المكتب الإقليمي للمنظمة في القاهرة، وزراء الصحة وأعضاء الوفود الرفيعي المستوى من الدول الأعضاء في الإقليم البالغ عددها 22 دولة، وممثلين عن المنظمات الشريكة والمجتمع المدني.
وقالت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط في كلمتها التي ألقتها في افتتاح هذه الدورة: "نجتمعُ في أجواء يسودها التباسٌ تامٌ في مستقبل إقليمنا وفي الصحة العالمية. فقد اجتمعت الحروب والكوارث والنزوح وتراجُع المعونات لتزيد تفاقُمَ المآسي التي تتتابع علينا الواحدة تلو الأخرى. وما لم نتحرك لتصحيح الأوضاع، فإن التاريخ سيذكر أيامَنا هذه ضمن العصور المظلمة. ولكن هناك أناس منا - ومنهم الحاضرون في هذه القاعة - لا يزالون يؤمنون بولاية هذه المنظمة، ولا يزالون يؤمنون بحق الجميع في الصحة".
ويوجد في إقليم شرق المتوسط أعلى تركيز لحالات الطوارئ الإنسانية على مستوى العالم. فهناك أكثر من 115 مليون شخص - أي ما يقرب من شخص واحد من كل ستة أشخاص في أنحاء الإقليم - يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية. والمنظمة تستجيب في الوقت الحالي إلى 15 حالة طوارئ مُصنَّفة في الإقليم، منها ثماني حالات بلغت أعلى مستوى حسب درجات التصنيف. ويستضيف إقليم شرق المتوسط ما يقرب من نصف النازحين داخليًا في العالم أجمع، وأكثر من نصف جميع اللاجئين في العالم أجمع. وأدت الأزمات الإنسانية الكارثية في السودان وغزة، وحالات الطوارئ المديدة في أفغانستان واليمن والصومال وسوريا، إلى دفع النظم الصحية إلى حافة الهاوية، إذ يواجه بعضها أزمات متصاعدة، مثل الزلازل الأخيرة في أفغانستان. وفي الوقت نفسه، انخفض الدعم الإنساني الدولي إلى مستوى قياسي، وهذا يهدد بتقويض المكاسب التي تحققت بشق الأنفسِّ في مجالات الأمن الصحي وترصُّد الفاشيات ومكافحتها.
وقالت الدكتورة أنيت هاينزلمان، القائمة بأعمال مدير البرنامج الإقليمي للطوارئ، خلال هذه الدورة: "إن البيئة التي نعمل فيها تتغير، لكن ليس للأفضل. ونحن نواجه تراجعًا في إمكانية إيصال المساعدات الإنسانية، وتلاشيًا لاحترام القانون الإنساني الدولي، والتمويل العالمي وصل إلى نقطة الانهيار. وتواجه خطة الاستجابة الإنسانية العالمية فجوة تمويلية نسبتها 80%، وهي نسبة غير مسبوقة لانخفاض الدعم في وقت تسجل فيه الاحتياجات ارتفاعًا قياسيًا. إن نظام المساعدات الإنسانية يشهد بعض التغييرات في ظل وجود خيارات وموازنات صعبة. وبالنسبة إلى المنظمة، فإن هذا يعني أننا نعاني نقصًا في التمويل وزيادة في الضغوط، لكن ذلك لا يثبط عزيمتنا. فنحن نواصل تقديم الخدمات لأن تكلفة تقاعسنا عن العمل تُقاس بعدد الأرواح التي تُزهَق".
وقد أحرزت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها تقدمًا كبيرًا في جميع أنحاء الإقليم على الرغم من التحديات الهائلة. ففي العام الماضي، ظلت معدلات الوفيات من الحالات المصابة في ثمانٍ من أصل تسع فاشيات للكوليرا ضمن حدود المعايير الدولية، إذ بلغت أقل من 1٪. وتجاوزت معدلات الشفاء من سوء التغذية الحاد الوخيم للأطفال الذين أُدخِلوا إلى أكثر من 600 مركز إسعاف تدعمه منظمة الصحة العالمية 80%. وفي غزة، تُعَدُّ المنظمةُ أكبر الجهات التي توفر الأدوية والإمدادات الأساسية، حيث تقدم الوقود والسلع الطبية إلى 51 شريكًا في 32 مرفقًا وتتيح أكثر من 22 مليون علاج وجراحة منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023. ودعمت المنظمة أيضًا الإجلاء الطبي لما مجموعه 7,841 مريضًا، منهم 5,405 طفلًا.
وفي السودان، تواصل المنظمة دعم المستشفيات ومراكز إسعاف حالات سوء التغذية، وإيصال الأدوية الأساسية، والمساعدة على احتواء فاشيات الكوليرا والحصبة وسط النزوح الجماعي وظروف المجاعة. وقد تلقى أكثر من 17 مليون شخص لقاحات الكوليرا الفموية بين آب/ أغسطس 2024 وآب/ أغسطس 2025 بعد أن تمكنت المنظمة من الوصول إليهم. وتظل المنظمة الجهة الوحيدة التي تقدم الإمدادات إلى مراكز الإسعاف التي تعالج سوء التغذية الحاد الوخيم المصحوب بمضاعفات طبية، وتدعم علاج ما يقرب من 30,000 طفل يعانون من سوء التغذية الوخيم في الأشهر التسعة الأولى من عام 2025.
وفي أفغانستان، وفي أعقاب زلزال آب/ أغسطس، نشرت المنظمة أفرقة للاستجابة السريعة في غضون 24 ساعة، وسَلَّمَت أكثر من 52 طنًا متريًا من الإمدادات الطبية، وقَدَّمَت 13,000 استشارة في غضون أيام.
وأخبرت الدكتورة حنان بلخي الوزراء والوفود بأن: "العمل الذي تؤديه منظمةُ الصحة العالمية وشركاؤها لا غنى عنه لحماية الأمن الصحي وإنقاذ الأرواح كل يوم. فلولا شريان الحياة الذي توفره المنظمة، لشهدنا مستويات أعلى كثيرًا من حالات الوفاة والمرض. وبرنامج الطوارئ أشد مجالات عمل المنظمة تضررًا من التخفيضات الأخيرة في التمويل. ونحن نحتاج إلى دعمكم للحفاظ على قدرتنا على تلبية الاحتياجات العاجلة".
وأقَرَّت الدول الأعضاء بأن الأمن الصحي مسؤوليةٌ جماعيةٌ تتطلب مزيدًا من الاستثمارات في التأهُّب، والقدرة على الصمود، والتعاون عبر الحدود، وتبادل المعلومات، وأشارت إلى أن الطوارئ الصحية لا تسبب انتكاسات فورية فحسب، بل تهدد أيضًا المكاسب الإنمائية على المدى الطويل. وسُلط الضوء على التمويل المستدام الذي يمكن التنبؤ به بوصفه أمرًا بالغ الأهمية للتأهُّب والاستجابة، مع الاعتراف بصندوق المنظمة الاحتياطي للطوارئ آليةٌ حيويةٌ، إذ يتيح اتخاذ إجراءات فورية عند وقوع الأزمات.
وقال الدكتورة أنيت هاينزلمان، مخاطبةً الدول الأعضاء والوفود: "إن مناشدتنا لكم بسيطةٌ ولكنها عاجلة: ساعدونا على استمرار القدرة على الاستجابة لحالات الطوارئ، وخصصوا التمويل لحماية وظائف المنظمة والدول الأعضاء في إدارة الطوارئ، وكونوا مناصرين لحماية الرعاية الصحية ودعم مبادئ الإنسانية والقانون الإنساني الدولي. وإذ وصل اتفاق مكافحة الجوائح إلى شكله النهائي، فلنستعد معًا لمواجهة التحدي العالمي المُقبل. لأن التأهُّب ليس تكلفة نتكبدها، بل استثمارٌ في السلام والاستقرار وفي حياة شعوبنا".
أطفال لم يتلقوا أية جرعات من اللقاحات: معالجة عدم الإنصاف في التغطية بالتمنيع الروتيني

في جميع أنحاء إقليم شرق المتوسط، يوجد الملايين من الأطفال لا يحصلون على الحماية من الأمراض الفتاكة التي يمكن الوقاية منها أثناء مراحل نموهم. وهؤلاء الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعات من اللقاحات، وعددهم أكثر من 14.3 مليون طفل في الفترة بين عامي 2019 و2024، لم يتلقوا لقاح روتيني واحد.
واللقاحات المأمونة والفعالة وميسورة التكلفة متوفرة منذ عقود، ومع ذلك فإن الحصبة والحصبة الألمانية تتوطنان في العديد من بلدان الإقليم. وثمة حاجة ماسّة إلى تسريع وتيرة العمل وتنسيقه لسد هذه الفجوات في التمنيع، التي تتجلى بأكبر قدر من الوضوح في المجتمعات المحلية التي تواجه الصراع والفقر والنزوح وتخدمها نظمٌ صحيةٌ هشة. فبدون الحماية، يكون الأطفال معرضين بشدة للإصابة بالحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال وغيرها من الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات والتي يمكن أن تسبب الإعاقة مدى الحياة أو الوفاة.
قصة يارا
لطالما حلمت مُعلمة المدرسة فرح بغناء تهويدات لطفلتها، كما كانت تفعل والدتها وأجيال أخرى من قبل. لكن ابنتها يارا، التي تبلغ من العمر 3 سنوات الآن، لم تسمع صوت والدتها. إنها تعيش في عالم الصمت، نتيجة فقدان السمع العميق الناجم عن متلازمة الحصبة الألمانية الخلقية.
وتحدث الإصابة بمتلازمة الحصبة الألمانية الخِلْقِيّة حينما تُصاب المرأة الحامل بعدوى الحصبة الألمانية ثم تنتقل العدوى إلى الجنين. وتُذكّرنا قصة يارا وفرح كيف يمكن أن يكون لعدم الحصول على لقاح مهم أثرًا بالغًا على مدى أجيال.
فلقاحٌ بسيطٌ ضد الحصبة الألمانية يحمي من متلازمة الحصبة الألمانية الخِلْقِيّة، لكن اللقاح لم يكن متاحًا عندما كانت فرح طفلة. يارا هي واحدة من العديد من الأطفال الذين يواجهون تشوهات خلقية لأن والدتها لم تحصل على الحماية من فيروس الحصبة الألمانية أثناء فترة الحمل.
ولا يمكننا أن نقبل باستمرار عدم حماية الملايين من الأطفال في جميع أنحاء الإقليم من الأمراض التي يمكن الوقاية منها.
وفي الأماكن التي لا زال فيها فجوات التمنيع قائمة، لا زالت الحصبة تُمثل تهديدًا خطيرًا للصحة العامة. فالحصبة مرض شديد العدوى ينتقل عن طريق الهواء، ويمكن أن يسبب مضاعفات خطيرة، منها الالتهاب الرئوي والتهاب الدماغ والعجز مدى الحياة، بل قد تؤدي إلى الوفاة. وعلى الرغم من أن الحصبة الألمانية قد تبدو خفيفة، إلا أنه عند الإصابة بها أثناء الحمل فإنها يمكن أن تسبب متلازمة الحصبة الألمانية الخِلْقِيّة التي قد تؤدي إلى عيوب خِلقية وخيمة، وقد تؤدي أيضًا إلى الصمم والعمى.
ففجوات التمنيع تغذي الفاشيات، وتُثقل كاهل النظم الصحية، وتجهض التقدم المُحرَز على مدى سنوات في مجال الصحة العامة. ويعيش تسعون في المائة من الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعات في الإقليم في 5 بلدان فقط هي السودان بنسبة 30%، واليمن بنسبة 23%، وأفغانستان بنسبة 17%، وباكستان بنسبة 14%، والصومال بنسبة 6%. وعلى الرغم من أن جميع بلدان إقليم شرق المتوسط وأراضيه البالغ عددها 22 بلدًا وأرضًا تقدم لقاح الحصبة، فقد توقفت التغطية بهذا اللقاح في السنوات الأخيرة. وقد أدخل ثمانية عشر بلدًا اللقاح المضاد للحصبة الألمانية؛ ولكن لا زال هناك 3 بلدان لم تفعل ذلك، وهذا جعل التخلص من هذا المرض أمرًا بعيد المنال.
ولم يتلق نحو مليوني طفل في الإقليم الجرعة الأولى من اللقاح المضاد للدفتيريا والتيتانوس والسعال الديكي في عام 2019. وازداد العدد منذ ذلك الحين. ولم يحصل على التطعيم 2.5 مليون طفل آخر في عام 2020، و2.4 مليون طفل في عام 2021، و1.9 مليون طفل في عام 2022، و2.7 مليون طفل في عام 2023، و2.8 مليون طفل في عام 2024. وارتفع العدد التراكمي للأطفال دون سن 5 سنوات ممن لم يتلقوا أي جرعات من اللقاحات في الإقليم بمقدار 12.3 مليون طفل بين عامي 2020 و2024، وجميعهم مُعرَّضون للأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، ومُعَرَّضون بشدة لخطر المرض والعجز والوفاة.
يتمثَّل الهدف الاستراتيجي للإقليم في خفض عدد الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعات من خلال:
ضمان تحقيق الإنصاف بين جميع المجتمعات في الحصول على خدمات التمنيع؛
إدخال اللقاحات التي تحتوي على الحصبة الألمانية في جميع البلدان؛
تنفيذ حملات تلقيح تداركي تشمل فئة عمرية كبيرة للوصول إلى الأطفال غير الحاصلين على أي جرعة من اللقاحات، وإدماج التطعيم ضد الحصبة الألمانية في التدخلات الأخرى في مجال صحة الطفل؛
تعزيز نُظُم التمنيع الروتيني لتحقيق تغطية قدرها 95% بجرعتين من لقاح الحصبة ولقاح الحصبة الألمانية والحفاظ على تلك النسبة؛
تعزيز قدرات الترصُّد والقدرات المختبرية فيما يخص الحصبة والحصبة الألمانية ومتلازمة الحصبة الألمانية الخِلْقِيّة؛
حشد الموارد والشراكات المحلية والخارجية لاستهداف الوصول إلى الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعة من اللقاحات والقضاء على الحصبة الألمانية.
وستواجه الدول الأعضاء هذه الأزمة المتزايدة خلال الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط. ويُطلَب من البلدان اعتماد قرار للقضاء على الحصبة الألمانية ومتلازمة الحصبة الألمانية الخِلْقِيّة في الإقليم، وخفض عدد الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعات من اللقاحات، وتعزيز نُظُم الترصُّد والتمنيع الروتيني، وحشد الموارد المحلية والخارجية.
ويحث القرار المقترح الدول الأعضاء على ما يلي:
- إعادة تأكيد الالتزام بالقضاء على الحصبة؛
- تنفيذ استراتيجيات للتصدي لمشكلة الأطفال غير الحاصلين على أي جرعة من اللقاح؛
- إنشاء لجان وطنية للتحقق؛
- اعتماد هدف إقليمي للتخلص من الحصبة الألمانية؛
- زيادة الطلب على اللقاحات؛
- زيادة التمويل المحلي؛
- تقديم تقارير سنوية عن التقدم المُحرَز إلى الفريق الاستشاري التقني الإقليمي المعني بالتمنيع واللجنة الإقليمية للتحقق من القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية؛
- تعزيز الترصُّد والكشف المبكر عن الفاشيات؛
- إقرار غايات لوقف فاشيات الحصبة الألمانية بحلول عام 2030 وتحقيق القضاء على المرض في جميع البلدان بحلول عام 2035.
إن ضياع فرصة تلقي التطعيم يعني ضياع فرصة إنقاذ حياة إنسان. وبالوصول إلى الأطفال الذين لم يتلقوا أي جرعات من اللقاحات، يمكن للبلدان سد فجوة التمنيع، وحماية الفئات الأكثر ضعفًا، ووقف الفاشيات قبل أن تبدأ. الأدوات موجودة. واللقاحات مأمونة وفعالة وميسورة التكلفة. والمطلوب هو الإرادة السياسية والعمل المُنَسَّق لضمان عدم تخلف أي طفل عن الرَكب.
روابط ذات صلة:
كلمة افتتاحية تُلقيها الدكتورة حنان حسن بلخي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط في الدورة الثانية والسبعين للَّجنة الإقليمية لشرق المتوسط

15 تشرين الأول/ أكتوبر 2025
أصحاب المعالي والسعادة وزراء الصحة ورؤساء الوفود،
السيدات والسادة،
مرحبًا بكم في الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لشرق المتوسط.
لقد شارك كثيرٌ منكم في دورات اللجنة الإقليمية أكثر مني؛ فهذه ليست سوى الدورة الثانية لي.
ولكني آملُ أن يتضح للجميع، حتى للمعتادين على الإجراءات، أن الأمور الآن في المكتب الإقليمي لشرق المتوسط قد اختلفت عمَّا كانت عليه.
فقد ظل هذا الإقليم شعلة من النشاط على مدار الأشهر الثمانية عشر الماضية.
فقد أعدنا هيكلة عملنا، وأعدنا ترتيب أولوياته، وأطلقنا خطة تنفيذية استراتيجية جديدة تنطوي على ثلاث مبادرات رئيسية وشرعنا في تنفيذها، واستجبنا لست عشرة حالة طوارئ مُصنَّفة ولست وخمسين فاشية من فاشيات الأمراض، وحشدنا أكثر من 1.4 مليار دولار أمريكي من المساهمات الطوعية، فأعدنا تنشيط التحالف الصحي الإقليمي، وأقمنا 15 شراكة جديدة. ونحن بصدد إنشاء فريق عمل إقليمي معني بالتمويل يتألف من خبراء في التمويل الصحي من الدول الأعضاء للنهوض بالتمويل المبتكر والاستراتيجي والمستدام للصحة في إقليمنا.
وفي هذا العام، راجعنا أيضًا طريقة عمل اللجنة الإقليمية نفسها، فوضعنا برنامج عمل يُعبِّر عن الأولويات الحقيقية لإقليمنا، وتكون دفته في يد الدول الأعضاء.
ولا تزال الشفافية والمساءلة والقرارات المُراعية للجميع من الأركان الرئيسية لقيادتي، وأشكركم على الثقة التي أوليتموني إياها.
ويحدوني الأمل في أن نُعزز معًا التنسيق ونبني الثقة الدائمة فيما بين الدول الأعضاء، وبين الدول الأعضاء والأمانة.
وسنستعرض في الأيام المقبلة تقريري السنوي، إلى جانب تقارير اللجنة الفرعية للبرامج المُنبثقة عن اللجنة الإقليمية، واللجنة الفرعية الإقليمية المعنية باستئصال شلل الأطفال والتصدي لفاشياته.
وسنُقيِّم أيضًا التقدم المُحرز في استئصال شلل الأطفال ومرحلته الانتقالية، والطوارئ الصحية، وأمور أخرى.
وسندرس ورقات تقنية عن الأطفال غير الحاصلين على أي جرعة من اللقاح، وتعافي النُّظُم الصحية في السياقات الهشة، والرعاية المُلطفة، والسلامة البيولوجية والأمن البيولوجي في المختبرات، إضافةً إلى النظر في خطة عمل تنفيذية جديدة بشأن تغيُّر المناخ والصحة.
وجميع الورقات التقنية التي سنُناقشها من اقتراحكم أنتم، دولنا الأعضاء.
وفيما يتعلق بالحوكمة، سنُناقش برنامج عمل المنظمة بشأن التحوُّل وجدول الأعمال المؤقت لدورة المجلس التنفيذي الثامنة والخمسين بعد المائة.
وأخيرًا، تأتي لحظة من اللحظات المفضلة لدي، ألا وهي تكريم رواد من إقليمنا من خلال جوائز التميز في رعاية مرضى السرطان وبحوث متلازمة داون.
أصحابَ المعالي والسعادة،
شكرًا لكم على قيادتكم وتفانيكم في إثراء مناقشاتنا.
وأتمنى لكم جميعًا لجنة إقليمية مُثمِرة تشحذ التفكير.