كلمة ختامية تلقيها الدكتورة حنان حسن بلخي المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط في الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لشرق المتوسط

17 تشرين الأول/ أكتوبر 2025
أصحاب المعالي والسعادة وزراء الصحة ورؤساء الوفود،
الزملاء الأعزاء والشركاء الكرام،
السيدات والسادة،
يسعدني أن أتقدم بجزيل الشكر لكم جميعًا على مشاركتكم وجهودكم في هذه الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لشرق المتوسط.
لقد حققنا على مدار ثلاثة أيام نتائج مهمةً، تمثلت في اعتماد خمسة قرارات حاسمة، وإقرار دعوة إلى العمل بشأن سرطان الثدي بالإجماع، فضلًا عن التقدم في التصدي لتعاطي منتجات التبغ والنيكوتين الجديدة والمستجدة في إقليمنا.
وقد طرحتم أيضًا أفكارًا قيمةً بشأن أعمال المنظمة، ومنها تنفيذ البرامج، والميزانية، ومسائل الحوكمة.
وقد اطلعنا على تلك الجهود الجماعية الرامية إلى استئصال شلل الأطفال من الإقليم، والتعاون المستمر بين البلدان للوصول إلى هذا الهدف المهم، وهو ما يؤكد مرةً أخرى عزمنا المشترك على القضاء على هذا المرض إلى الأبد.
فأكرر شكري لكم جميعًا على أوقاتكم ورؤاكم الثاقبة وإسهاماتكم القيمة. وأتقدم بخالص تقديري إلى معالي الدكتور صالح الحسناوي على دوره القيادي في رئاسة الدورة بكفاءة واقتدار، وإلى معالي وزير الصحة في سوريا، وسعادة وزير الصحة في السودان، اللذين شغل كل منهما منصب نائب الرئيس في أثناء هذه الدورة.
وأود كذلك أن أتوجه بالشكر إلى فريق المكتب الإقليمي، الذين كان تفانيهم وحرصهم وقودًا يدفع نجاحنا ويحدث فرقًا دائمًا في حياة ملايين الناس في جميع أنحاء الإقليم. وأخص بشكري فريق المترجمين الفوريين والتحريريين على جهودهم الكبيرة.
أصحاب المعالي والسعادة،
إني أتطلع إلى رؤيتكم جميعًا مرةً أخرى في الدورة الثالثة والسبعين للجنة الإقليمية العام المقبل إن شاء الله، وقبلها في اجتماعنا في المجلس التنفيذي في شباط/ فبراير، والجمعية العمومية في أيار/ مايو، لنستمر في هذه النقاشات، وتمثيل إقليم شرق المتوسط وأعمالنا أمام بقية الدول الأعضاء في المنظمة والشركاء العالميين.
وختامًا، أتمنى لكم عودةً آمنةً إلى بلدانكم، واستمرار النجاح والتوفيق في جهودكم الرامية إلى تحقيق الصحة للجميع.
شكرًا جزيلًا.
قادة الصحة يضاعفون جهودهم لتسريع وتيرة استئصال شلل الأطفال في اجتماع اللجنة الإقليمية
16 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، القاهرة، مصر - اجتمع وزراء الصحة وكبار المسؤولين في وزارات الصحة من جميع أنحاء إقليم شرق المتوسط في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2025 لحضور الاجتماع الرابع عشر للجنة الفرعية الإقليمية المعنية باستئصال شلل الأطفال والتصدي لفاشياته، الذي عُقِد أثناء الدورة الثانية والسبعين للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط في القاهرة.
ولإقليم شرق المتوسط أهميةٌ محوريةٌ في جهود الاستئصال العالمية. فعلى مدى العقود الثلاثة الماضية، تمكنت جميع الدول الأعضاء من استئصال شلل الأطفال باستثناء دولتين. وقد نجحت جميع الدول الأعضاء في وقف فاشيات شلل الأطفال مرارًا، وعززت تأهبها واستجابتها للفاشيات، ووسَّعت نطاق الحصول على التطعيم، وحشدت الموارد المحلية لحماية الأطفال من فيروس شلل الأطفال. ولا تزال أفغانستان وباكستان، وهما آخر بلدين يتوطن فيهما فيروس شلل الأطفال البري، تُكثفان جهودهما لوقف سريان العدوى. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات مستمرة تتطلب اهتمامًا مستمرًا، منها صعوبة الوصول إلى بعض المناطق، وانعدام الأمن - الذي يدفع السكان إلى التنقُّل - وتفاوت جودة حملات التطعيم.
وقَدَّمَ الدكتور حامد جعفري، مدير برنامج استئصال شلل الأطفال والأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات في الإقليم، في تحديثٍ تقني من إعداده، لمحةً عامةً عن التقدم المُحرَز، وسلَّط الضوء على التضامن الإقليمي القوي والإرادة السياسية القوية التي تحقق النتائج. وأثنى على الدول الأعضاء لتعاونها وعدم التسامح مطلقًا مع انتقال أي فيروس من فيروسات شلل الأطفال، وأكَّدَ على أهمية تكثيف الحكومات والشركاء للجهود على نحو عاجل لضمان الوصول إلى كل طفل ووقف سراية الفيروس إلى الأبد.
وأكَّد الدكتور جعفري على التحديات التي تشمل انخفاض التمويل الدولي، واستمرار سريان فيروس شلل الأطفال في المناطق التي يتعذَّر الوصول إليها في الإقليم، وذلك في وقتٍ يزداد فيه تعقيد النزاعات والأزمات الإنسانية في العديد من البلدان. وشَدَّدَ على أن للجنة الفرعية دورٌ حاسمٌ في تيسير إتاحة وسائل القضاء على هذا المرض، وحشد الالتزام السياسي، وتأمين الموارد المالية المحلية والدولية.
وفي كلمته أمام اللجنة الفرعية، أكد سعادة السيد منصور بن إبراهيم بن سعد آل محمود، وزير الصحة في قطر والرئيس المشارك للجنة الفرعية، على الحاجة المُلحّة إلى الاستفادة من الموسم القادم لانخفاض انتقال فيروس شلل الأطفال البري، وقال: "الأشهر الستة المقبلة ستكون حاسمة في جهودنا الجماعية للقضاء على شلل الأطفال إلى الأبد".
ونيابةً عن سعادة السيد أحمد بن علي الصايغ، وزير الصحة ووقاية المجتمع والرئيس المشارك للجنة الفرعية، أشار الدكتور حسين الرند، وكيل الوزارة المساعد للصحة العامة ونائب وزير الصحة ووقاية المجتمع في الإمارات العربية المتحدة، إلى الظروف المُعقَّدة التي يواجهها الإقليم في مجال الصحة العامة، فقال: "في هذه الظروف تحديدًا، تشيد الإمارات العربية المتحدة بالجمع الاستراتيجي بين برامج شلل الأطفال والبرنامج الموسَّع للتمنيع، فمن شأن هذا النَهج أن يُسرّع وتيرة استئصال شلل الأطفال، وأن يُعزز التمنيع الروتيني على المدى الطويل".
ويمتد الدعم الإقليمي من المناصرة الرفيعة المستوى إلى الاستثمارات المالية المستدامة، وهي استثماراتٌ ضروريةٌ للقضاء على شلل الأطفال في هذه المنطقة الجغرافية البالغة الأهمية، ولتعزيز النظم الصحية على حد سواء. وفي وقتٍ سابقٍ من هذا العام، انضمت المملكة العربية السعودية إلى المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال بوصفها جهة مانحة رئيسية، حيث التزمت بتقديم 500 مليون دولار أمريكي للجهود العالمية لاستئصال شلل الأطفال. وتأتي هذه المساهمة في وقت حيوي، إذ يبدأ البرنامج في تنفيذ خطة عمل جديدة مُنَسَّقّة للقضاء على سراية شلل الأطفال وسط عجز واسع النطاق في التمويل.
وقال السيد عبد الله القويزاني، ممثل المملكة العربية السعودية: «إن المملكة العربية السعودية تُثني على تنفيذ مبادرة "تحدي القضاء على شلل الأطفال" في أفغانستان، التي تفخر المملكة بالمشاركة في رعايتها. وتُسهم المبادرة في تعزيز خدمات التمنيع الروتيني وتحسين جودة حملات التطعيم ضد شلل الأطفال. والمملكة العربية السعودية تُعرب عن تقديرها لهذه الجهود المتضافرة التي تنهض بهدفنا المشترك المتمثل في عالمٍ خالٍ من شلل الأطفال".
وأكدت الدول الأعضاء من جديد التزامها بتحقيق خلو الإقليم من شلل الأطفال، وحددت خطوات لتعزيز التأهُّب والمساءلة على الصعيد الوطني، وتقوية الاستجابة للفاشيات والتنسيق عبر الحدود، واستمرار الحملات العالية الجودة التي تصل إلى جميع الأطفال. ودعت أيضًا إلى مواصلة التمويل الدولي وحشد التمويل المحلي لضمان عدم تأثر جهود الاستئصال بتخفيضات التمويل العالمية.
وأكد الدكتور كريس إلياس، رئيس مجلس مراقبة شلل الأطفال، متحدثًا نيابةً عن شركاء المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال، أن الأشهر الستة المقبلة بالغة الأهمية للحفاظ على الدعم العالمي والاستفادة من الفرص الوبائية الحالية للقضاء على شلل الأطفال. وأقرَّ بظروف التنفيذ المتزايدة التعقيد، لكنه شدد على أن الهدف لا يزال في المتناول. وأثنى الدكتور إلياس على العاملين الصحيين لتفانيهم في بيئات مليئة بالتحديات، وشكر المانحين - ومنهم المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة - على قيادتهم وشراكتهم المستمرة، وحَثَّ الجميع على مواصلة المسيرة.
وفي ختام الاجتماع، أثنت الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، على الدول الأعضاء والجهات المانحة، بمن فيهم أعضاء الروتاري، لجهودها الكبيرة. وأكدت للدول الأعضاء أن استئصال شلل الأطفال يأتي على رأس أولويات منظمة الصحة العالمية، ودعت جميع البلدان إلى تكثيف الجهود الدبلوماسية للقضاء على شلل الأطفال في الإقليم.
وجاء اجتماع اللجنة الفرعية في أعقاب اجتماع "متحدون للقضاء على شلل الأطفال"، وهو اجتماع رفيع المستوى عُقد في 14 تشرين الأول/ أكتوبر وجَمَعَ الحكومات والشركاء والبعثات الدبلوماسية للنظر في التقدم الإقليمي المُحرَز والأولويات المستقبلية. وفي 16 تشرين الأول/ أكتوبر، أشرَكَت جلسةٌ مخصصةٌ الجهات التنفيذية الراعية لمبادرة "تحدي القضاء على شلل الأطفال"، وهي مبادرة التمويل القائمة على النتائج لدعم استئصال شلل الأطفال وتعزيز النظم الصحية في أفغانستان.
وستجتمع اللجنة الفرعية مرة أخرى في أوائل عام 2026 لاستعراض التقدم المُحرَز نحو مستقبلٍ خالٍ من شلل الأطفال في اجتماعها الخامس عشر. وأثناء الاجتماع المُقبل، ستقترح الأمانة إجراءات لاستلهام روح التوصيات الصادرة عن المجلس العالمي للرصد، وعرضها على أعضاء اللجنة الفرعية.
المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط تعرضُ رؤيةً جريئةً للصحة في إقليم شرق المتوسط: "تستحقها شعوبنا"
16 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، القاهرة، مصر - في افتتاح الدورة الثانية والسبعين للّجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط أمس، تحدثت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية، عن المشكلات التي يواجهها الإقليم بشكلٍ مباشرٍ وصريح.
وتوجهت بحديثها إلى الوزراء ورؤساء الوفود وممثلي الشركاء المجتمعين فقالت: "نجتمعُ في أجواء يسودها التباسٌ تامٌ في مستقبل إقليمنا وفي الصحة العالمية. فقد اجتمعت الحروب والكوارث والنزوح وتراجُع المعونات لتزيد تفاقُمَ المآسي التي تتتابع علينا الواحدة تلو الأخرى. وما لم نتحرك لتصحيح الأوضاع، فإن التاريخ سيذكر أيامَنا هذه ضمن العصور المظلمة. ولكن ما يزال حتى اليومِ أناسٌ، ومنهم الجمع الكريم في هذه القاعة، يؤمنون بالولاية المسندة إلى هذه المنظمة، وما يزالون يؤمنون بأن الصحة حق للجميع".
وشدَّدت الدكتور حنان على أن إقليم شرق المتوسط، الذي يبلغ عدد سكانه 750 مليون نَسَمة، تَلقَّى العام الماضي ثلثَي الهجمات العالمية على المرافق الصحية، وأن المستشفيات، التي كانت ملاذًا آمنًا في السابق، أصبحت أماكن يُمارَس فيها العنف.
وأكَّدت الدكتورة حنان من جديد التزام منظمة الصحة العالمية بتحقيق الصحة للجميع، على الرغم من التحديات، وأشادت بالعاملين في الخطوط الأمامية الذين يخاطرون بحياتهم في مناطق النزاع والمناطق التي تعاني من نقص الخدمات. وأثنت على الدول الأعضاء لقيادتها في مجال حوكمة الصحة العالمية، ودورها في اتفاق المنظمة بشأن الجوائح وزيادة الاشتراكات المقدرة بنسبة 20٪. وتعكس التعهدات السخية ببذل جهود لاستئصال شلل الأطفال من جانب بلدان مثل المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، وقطر تضامنًا إقليميًا قويًا. وفي عام 2024 وحده، بلغت المساهمات الطوعية لبرنامج المنظمة للطوارئ 87.5 مليون دولار أمريكي.
واستعرضت الدكتور حنان التقدُّم المُحرَز في إطار الخطة التنفيذية الاستراتيجية الإقليمية والمبادرات الرئيسية الثلاثة في مواجهة تحديات غير مسبوقة.
استئصال شلل الأطفال
يتواصل تراجع فيروس شلل الأطفال البري في أفغانستان وباكستان، واحْتُوِيتَ الفاشيات المشتقة من اللقاحات في غزة ومصر.
الأمراض السارية
يصل التمنيع الروتيني الآن إلى 85% من الأطفال. وأدخل السودان لقاح الملاريا، وحصلت مصر على الإشهاد على خلوها من الملاريا، وكافحت التهاب الكبد B، وأصبح الأردن أول بلد على مستوى العالم يجري التحقق من القضاء على الجذام فيه.
الأمراض غير السارية والصحة النفسية
قضت المملكة العربية السعودية وعُمان على الدهون المتحولة الضارة، وتَبنَّى 14 بلدًا أفضل الممارسات في مجال السياسات المعنية بالأمراض غير السارية، ويجري إدماج خدمات الصحة النفسية في الرعاية الأولية بخطى ثابتة.
المناخ والصحة البيئية
أكثر من 150 مدينة ترصد الآن جودة الهواء، وأُدمِجَت الصحة في التخطيط للتصدي لتغيُّر المناخ في 7 بلدان.
قدرة النظم الصحية على الصمود
دعمت المنظمة جهود التعافي في العراق والسودان والجمهورية العربية السورية واليمن، وتدعم أيضًا التخطيط لمرحلة ما بعد انتهاء الصراع في غزة.
الهجرة والنزوح
تعمل الدول الأعضاء باستمرار على ضمان حصول اللاجئين والمهاجرين على الخدمات الأساسية، مع وجود مبادرات جديدة تركز على التكيف مع المناخ والحد من مخاطر الكوارث.
استخدام التكنولوجيا الرقمية في مجال الصحة والبيانات
تمضي الاستراتيجيات الوطنية لاستخدام التكنولوجيا الرقمية في مجال الصحة قُدُمًا، وثمة نماذج يُحتذى بها مثل برنامج مصر للمبادئ التوجيهية للرعاية السريرية، ومنصة بيانات الوفيات في المملكة العربية السعودية، وقد حصلت تلك المنصة على جوائز.
وسلَّطت الدكتورة حنان بلخي الضوء على التقدم المُحرَز في المبادرات الرئيسية بشأن توسيع نطاق الحصول المُنصِف على المنتجات الطبية، والاستثمار في قوى عاملة صحية قادرة على الصمود ومستدامة، وتسريع إجراءات الصحة العامة بشأن تعاطي مواد الإدمان.
ويجري تعزيز النُظُم التنظيمية، فقد بلغت المملكة العربية السعودية مستوى النضج 4 حسب تصنيف المنظمة، وتُعِدُّ لتصبح أول سلطة تنظيمية في الإقليم مُدرجة في قائمة منظمة الصحة العالمية بحلول عام 2026. ووصلت مصر إلى المستوى 3، تليها مباشرة المغرب وباكستان وتونس.
وتعمل البلدان على تعزيز القدرات الإنتاجية وتحسين نظم الإمداد من خلال الشراء المُجمَّع وتوظيف التقنيات الرقمية في المخازن. ويمضي التقارب في مجال التنظيم قُدمًا من خلال مبادرة مواءمة اللوائح التنظيمية في شمال أفريقيا التي تشمل 6 بلدان.
ومن المتوقع أن يعاني إقليمُنا عجزًا في العاملين الصحيين يبلغ 2.1 مليون عامل بحلول عام 2030. ولمواجهة ذلك، تعكف الدول الأعضاء على وضع استراتيجيات لتعزيز الرعاية الأولية، وإجراء تغيير شامل في التعليم، وتحسين الحوكمة. ويزداد التعاون الإقليمي من خلال الشراكات مع جامعة الدول العربية، والمجلس العربي للاختصاصات الصحية، والتحالف الصحي الإقليمي.
ويُعدّ تعاطي مواد الإدمان أحد التحديات المستجدة، إذ يؤثر على 6.7% من الأشخاص في الفئة العمرية 15-64 عامًا. وتدعم المنظمة البلدان في توسيع نطاق العلاج، وإدماج الرعاية الصحية في الخدمات الأولية، وتوسيع نطاق الوقاية. وثمة تحالفٌ إقليمي يعمل على إشراك المجتمع المدني وأصحاب التجارب الشخصية. وهناك أدوات جديدة مثل أطلس تعاطي مواد الإدمان والبرامج المدرسية تساعد على حماية الشباب، وبدأت باكستان ومصر العلاج ببدائل الأفيون، ويجري حاليًا تنفيذ استراتيجيات متعددة القطاعات في قطر والصومال وتونس.
وفي حين أثَّرَ خفض التمويل تأثيرًا بالغًا على العمليات، فترتب عليه إغلاق العيادات، وتَوقُّف الخدمات الصحية للأمهات والأطفال، فإن المنظمة تواصل تقديم الخدمات الأساسية، بدءًا من مكافحة الكوليرا إلى المساعدات المنقذة للحياة في غزة والسودان. وقد حشدت المنظمة 1.4 مليار دولار أمريكي في عام 2024، وأسَّست فرقة العمل الإقليمية المعنية بالتمويل الصحي لمساعدة الدول الأعضاء على تعزيز حشد الموارد محليًّا. وعلى الرغم من هذه الجهود، لا يزال 40% من الميزانية المعتمدة للفترة 2026-2027 دون تمويل.
واختتمت الدكتورة حنان البلخي حديثها بدعوةٍ للعمل، فأخبرت الوفود أن: "التضامن الإقليمي ليس محل نقاش، بل هو سبيلنا الوحيد للمُضي قُدمًا. إن الصحة في إقليمنا مسؤولية مشتركة. ولا سبيل أمامنا إلا تحويل هذه الأزمة إلى فرصة لبناء نُظم تليق بشعوب إقليمنا، وقادرة على الصمود والاعتماد على الذات".
نداء القاهرة للعمل بشأن سرطان الثدي: النهوض بالإنصاف والابتكار في إقليم شرق المتوسط

16تشرين الأول/ أكتوبر 2025، القاهرة، مصر - لا يزال سرطان الثدي أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء على مستوى العالم وفي إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، مع وجود تفاوتات كبيرة في الحصائل بين البلدان. وفي عام 2022 وحده، شُخِّص ما يُقدَّر بنحو 2.3 مليون امرأة بسرطان الثدي على مستوى العالم، وتُوفيت منهن 670,000 امرأة. وتؤكد هذه الأرقام الحاجة المُلحّة إلى إتاحة الكشف المبكر والتشخيص والعلاج على نحو منصف.
ففي البلدان ذات التصنيف الأعلى على مؤشر التنمية البشرية، تُصاب امرأة واحدة من كل 12 امرأة بسرطان الثدي في حياتها، وتتوفى امرأة واحدة من كل 71 امرأة بسبب هذا المرض. وفي المقابل، في البلدان ذات مؤشر التنمية البشرية المنخفض، لم تُشخَّص إلا حالة واحدة من كل 27 امرأة، في حين تتوفى امرأة واحدة من كل 48 امرأة، وهذا يسلط الضوء على الثغرات الحرجة في قدرة النظام الصحي وإمكانية الحصول على الرعاية. وتتجاوز هذه الإجحافاتُ الحصائلَ الصحية الفردية، وتُسهم في عبء يمتد عبر الأجيال. ففي عام 2020، تَيَتَّمَ 1.04 مليون طفل بفقدان أمهاتهم بسبب الوفيات الناجمة عن السرطان، وكان ربع هذه الوفيات مرتبطًا بسرطان الثدي.
وفي إقليم شرق المتوسط، تُصاب أكثر من 130 ألف امرأة بسرطان الثدي الذي يتسبب في 52 ألف وفاة سنويًّا. ويتفاقم هذا العبء بفعل عوامل خطر متعددة، منها الفقر المتأصل، والبنية الأساسية الصحية المحدودة، وقلة الوعي، وضعف الإقبال على الفحص، والحواجز الثقافية التي غالبًا ما تهمش الاحتياجات الصحية للمرأة. وتؤدي هذه التحديات إلى تأخير التشخيص والعلاج، وهذا يقلل معدلات النجاة من مرض يمكن علاجه بنسبة كبيرة عند اكتشافه في وقت مبكر.
وتعكس نسبة الإصابة إلى الوفيات في جميع أنحاء الإقليم هذه التفاوتات. ففي عام 2022، أبلغ الأردن عن 60 حالة سرطان ثدي في كل 100,000 امرأة، وبلغ معدل الوفيات 19.3 في كل 100,000 امرأة. وعلى الرغم من انخفاض معدل الإصابة في الصومال إلى 38.6 حالة لكل 100,000 امرأة، فقد ارتفع معدل الوفيات إلى 25.7 حالة لكل 100,000 امرأة. وأما مصر التي فيها أحد أعلى معدلات الإصابة، إذ يبلغ 55.4 في كل 100,000 امرأة، فقد أبلغت عن معدل وفيات يبلغ 19.8 وفاة في كل 100,000 امرأة.
ويتوقع "تقرير منظمة الصحة العالمية لعام 2024 عن سرطان المرأة في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: تحليل الوضع ومسوغات الاستثمار" أنه في غياب التدخلات الموسَّعة، ستصل الخسائر الاقتصادية الناجمة عن سرطان الثدي إلى 408 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2050. ومع ذلك، فإن الاستثمار في التشخيص المبكر والعلاج الشامل يحقق عائدًا مُقنِعًا يتراوح بين 6.4 و7.8 دولارات أمريكية لكل دولار أمريكي مُستَثمَر.
وقد خطت المبادرة الرئاسية المصرية بشأن صحة المرأة، منذ إطلاقها في عام 2019، خطوات كبيرة في تحسين حصائل سرطان الثدي. والبرنامج متوائمٌ مع المبادرة العالمية لمنظمة الصحة العالمية بشأن سرطان الثدي، ويركز على التوعية على مستوى المجتمعات المحلية، والفحوص السريرية السنوية للثدي للفئات المعرضة للخطر، ومسارات الإحالة السريعة للتشخيص والعلاج. ويُظهِرُ هذا النموذج قوة الالتزام السياسي والرعاية المتكاملة، ويقدم نهجًا يمكن تكراره في البلدان الأخرى ذات الدخل المنخفض والمتوسط.
وقال معالي وزير الصحة والسكان في مصر الدكتور خالد عبد الغفار: "إن نداء القاهرة للعمل يعكس التزام مصر الراسخ بالنهوض برعاية مريضات سرطان الثدي من خلال الإنصاف والابتكار والمشاركة المجتمعية. وإننا فخورون بأن نكون قدوة حسنة من خلال المبادرة الرئاسية بشأن صحة المرأة، وندعو جميع بلدان الإقليم إلى الانضمام إلينا لضمان عدم تخلف أي امرأة عن الرَكب".
وفي 23 كانون الثاني/ يناير 2025، استضافت المبادرة الرئاسية المصرية حوارًا رفيع المستوى بشأن النهوض بالإنصاف والابتكار في رعاية مريضات سرطان الثدي عُقِدَ على هامش المؤتمر الدولي السابع عشر لسرطان الثدي وأمراض النساء والأورام المناعية، الذي عُقِد في القاهرة. وضم الحدث راسمي السياسات والقيادات الصحية والخبراء لمناقشة الاستراتيجيات الرامية إلى سد الفجوة في الإنصاف وتسريع الابتكار في مجال رعاية مريضات سرطان الثدي.
وانطلاقًا من هذه المداولات، أُطلِق نداء القاهرة للعمل، الذي حدَّد مجموعة من الالتزامات الرئيسية لدفع عجلة التقدُّم الـمُحرَز في جميع أرجاء الإقليم. وهو بمثابة إطار عملي وموحد لتحفيز الشراكات وتوسيع نطاق التدخلات المُثبَتة والفعالة والمسندة بالبيِّنات والمبتكرة، بما يضمن عدم إهمال أي امرأة. ويمثل هذا النداء خطوة ملموسة نحو النهوض بالتضامن الإقليمي والعمل الجماعي المستدام من أجل صحة المرأة وعافيتها في جميع أنحاء الإقليم وخارجه.
وقالت الدكتورة حنان حسن بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: "إن نجاح نداء القاهرة للعمل يعتمد على الوحدة والشراكة. فمن خلال العمل الجماعي الذي يضم الحكومات والمجتمع المدني والمؤسسات العالمية، يمكننا إحداث تحوُّل في حصائل سرطان الثدي في جميع أنحاء الإقليم. وهذه هي اللحظة المناسبة لننطلق نحو العمل والابتكار والوفاء بوعد تحقيق الإنصاف في مجال الصحة لجميع النساء".
ويحدد الإطار الإجراءات ذات الأولوية للحكومات الوطنية والمجتمع المدني والشركاء العالميين. وتشمل هذه الأولويات تعزيز الوعي العام من خلال حملات تراعي الاعتبارات الثقافية، وتقوية نُظُم الرعاية الصحية الأولية، والاستثمار في البنية الأساسية للتشخيص والعلاج، وتوسيع نطاق الحصول على الدعم النفسي الاجتماعي وخدمات توجيه المرضى. ويدعو الإطار أيضًا إلى إدماج بيانات سرطان الثدي في نُظُم المعلومات الصحية الوطنية وإنشاء منصات إقليمية للتعاون والتعلم.
وتؤكد منظمة الصحة العالمية وشركاؤها من جديد التزامهم بدعم الدول الأعضاء في تنفيذ نداء القاهرة للعمل، والمضي قُدمًا نحو عهدٍ جديدٍ من التضامن الإقليمي والتعاون العالمي في مجال رعاية مريضات سرطان الثدي.