تزويد موظفي المستشفيات في لبنان بالمهارات اللازمة لتلبية الاحتياجات المتزايدة في مجال الصحة النفسية
25 أيلول/ سبتمبر 2025 - أدت الأزمات المتداخلة التي تفاقمت بسبب تصعيد الأعمال العدائية في عام 2023 وبدء الحرب في عام 2024 إلى الضغط على نظام الرعاية الصحية في لبنان إلى أقصى حد. ولتلبية الاحتياجات النفسية والاجتماعية المتزايدة للمرضى والأعباء النفسية الواقعة على العاملين في مجال الرعاية الصحية، عُقدت سلسلة من حلقات العمل التدريبية بشأن الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في مستشفيات البلد.
وقد تولَّى تنفيذ المبادرة منظمةُ الصحة العالمية بالتعاون مع البرنامج الوطني للصحة النفسية ومركز عمليات طوارئ الصحة العامة بوزارة الصحة العامة، في إطار التخطيط للطوارئ والاستجابة لها في لبنان. وتهدف المبادرة إلى تعزيز الصحة النفسية وقدرات الاستجابة النفسية الاجتماعية للموظفين في الخطوط الأمامية في المستشفيات العامة والخاصة في جميع أنحاء لبنان، مع إعطاء الأولوية لطواقم التمريض والأطباء في غرف الطوارئ والمهنيين في مجال إعادة التأهيل.
استهداف الاحتياجات ذات الأولوية
صُمِّم التدريب بالتشاور مع مديري المستشفيات. وانطلاقًا من معايير الاعتماد المعمول بها في وزارة الصحة العامة واستنادًا إلى تقييم الاحتياجات، فقد اعتمد هذا التدريب على التدريب على الصحة النفسية الذي قُدِّم قبل حالة الطوارئ 2023/2024. وركزت حلقات العمل على ما يلي:
معالجة الحالات النفسية الحادة، مثل نوبات الهلع أو الهذيان، للأطباء في المرافق التي لا توجد بها خدمات داخلية في مجال الصحة النفسية، وذلك استجابةً للحاجة المتزايدة إلى تقييم حالات الطوارئ النفسية وعلاجها دون دعم متخصص؛
التعامل مع أزمات الضغوط النفسية التي تواجهها طواقم التمريض وتزويدها بالمهارات اللازمة لوقف تفاقم هذه الأزمات في المستشفيات وبتقنيات الرعاية الذاتية لمساعدتها على التعامل مع المستويات العالية من الإجهاد النفسي وظروف العمل الصعبة؛
مهارات طواقم التمريض في نقل الأخبار السيئة إلى المرضى، وتمكينها من إظهار التعاطف عند نقل المعلومات الحساسة، وهذه المهارات مطلوبة بشكلٍ عاجلٍ في أعقاب تصاعد الحرب وتأثيرها على المرضى والأُسَر؛
تدريب المهنيين في مجال إعادة التأهيل على الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي لتعزيز قدرتهم على تلبية احتياجات الصحة النفسية والاحتياجات النفسية والاجتماعية للأشخاص ذوي الإعاقة في سياق تزايد حالات الإعاقة بسبب الحرب، لا سيما بين الشباب.
وقُدم تدريب متقدم على التعامل مع أزمات الضغوط النفسية إلى مجموعة مختارة من طواقم التمريض لتتولى هي تقديم التدريب في المستشفيات بعد ذلك. ولهذا الأمر أهمية خاصة في ضوء النقص في طواقم تمريض العلاج النفسي في المستشفيات اللبنانية.
الإنجازات الرئيسية
تدريب أكثر من 1,800 من أفراد طواقم التمريض في مجال التعامل مع أزمات الضغوط النفسية في أكثر من 110 مستشفى.
تدريب أكثر من 1,900 من أفراد طواقم التمريض على مهارات نقل الأخبار السيئة إلى المرضى في أكثر من 115 مستشفى.
تدريب 160 طبيبًا على التدبير العلاجي لحالات الطوارئ النفسية في 58 مستشفى.
تدريب نحو 200 من المهنيين في مجال إعادة التأهيل على تقديم خدمات الصحة النفسية والدعم النفسي والاجتماعي للأشخاص ذوي الإعاقة.
حصول 81 فردًا من طواقم التمريض على تدريب متقدم على التعامل مع أزمات الضغوط النفسية في 56 مستشفى.
وعلى الرغم من التحديات مثل إرهاق طواقم التمريض، وانخفاض مشاركة الأطباء والثغرات في التوثيق، كانت معدلات الرضا مرتفعة. وأظهرت الاختبارات السابقة واللاحقة للتدريب المتقدم على التعامل مع أزمات الضغوط النفسية تحقيق مكاسب معرفية كبيرة.
وأفاد المدربون والمستشفيات على السواء بأن المهارات التي اكتسبها المتدربون قد طُبِّقَت على الفور في الممارسة العملية. وأفادت إحدى الممرضات المتدربات أن التدريب على نقل الأخبار السيئة إلى المرضى قد غَيَّرَ أسلوبها في دعم والدها في عملية بتر. وأشار مشارك آخر إلى مدى استفادته من أساليب التعامل مع أزمات الضغوط النفسية في التعامل بفعّالية أكثر مع الأزمات اليومية التي يواجهها مع المرضى والأسر.
وطلبت المستشفيات توسيع نطاق التدريب على التعامل مع أزمات الضغوط النفسية ليشمل العاملين الآخرين في الخطوط الأمامية مثل موظفي الأمن.
الخطوات المستقبلية
تمثل الدورة التدريبية المتقدمة على التعامل مع أزمات الضغوط النفسية خطوةً أولى نحو إضفاء الطابع المؤسسي على التدريب داخل المستشفيات، ويجري الشروع في وضع خطط لإدماج التعامل مع أزمات الضغوط النفسية في البرامج التدريبية السنوية لطواقم التمريض.
وأبرزت المبادرة الحاجة إلى ضمان عافية موظفي الخطوط الأمامية العاملين في مجال الرعاية الصحية، لا سيما أثناء حالات الطوارئ وأوضاع ما بعد الطوارئ، وأظهرت كيف يمكن لتدخلات التأهب لحالات الطوارئ والاستجابة لها، في ظروف مثل ظروف لبنان، أن تدعم إدماج الصحة النفسية في الرعاية الصحية، والحد من الوصم، والمساعدة على ضمان النظر إلى الدعم النفسي الاجتماعي بوصفه عنصرًا أساسيًا وليس اختياريًا من عناصر الرعاية.
الرسائل الرئيسية
تَوَلَّت المنظمة، بالتعاون مع البرنامج الوطني للصحة النفسية ومركز عمليات طوارئ الصحة العامة بوزارة الصحة العامة، تدريب أكثر من 2,500 من العاملين في مجال الرعاية الصحية من المستشفيات العامة والخاصة في لبنان، وتزويد طواقم التمريض والأطباء والمهنيين في مجال إعادة التأهيل بالمهارات الأساسية اللازمة لتلبية احتياجات الصحة النفسية والاحتياجات النفسية الاجتماعية.
استجاب التدريب للاحتياجات الحرجة التي حددها موظفو المستشفيات والأطراف المعنية الوطنية، بما في ذلك الأعداد المتزايدة من حالات الطوارئ النفسية التي تتطلب التعامل مع أزمات الضغوط النفسية، ومهارات نقل الأخبار السيئة إلى المرضى، ودعم الأشخاص ذوي الإعاقة.
أسهمت المسؤولية المشتركة عن المبادرة من جانب منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة العامة وقطاع المستشفيات الخاصة والعامة في نجاح المبادرة واستدامتها.
حالات الطوارئ يمكن أن تتيح فرصًا لإدماج الصحة النفسية والدعم النفسي الاجتماعي في النظام الصحي. ويُعدّ تعزيز قدرات موظفي الخطوط الأمامية الآن عاملًا أساسيًّا في أنشطة التأهُّب للطوارئ والاستجابة لها في لبنان.
حماية الأرواح وتعزيز العافية: التقدم الذي أحرزه الأردن في مجال الأمراض غير السارية والصحة النفسية
25 أيلول/ سبتمبر 2025 - تتسبب الأمراض غير السارية فيما يقرب من 78% من مجموع الوفيات في الأردن. وتتصدر أمراض القلب والأوعية الدموية (29%) والسرطان (26%) القائمة، في حين يتسبب داء السكري في 5% من الوفيات، وتتسبب الأمراض التنفسية المزمنة في 2% منها. ويحدث ما يقرب من نصف هذه الوفيات المرتبطة بالأمراض غير السارية قبل سن 70 عامًا.
ويرجع هذا الوضع إلى ارتفاع مستويات عوامل الخطر، ومنها الخمول البدني، والنظام الغذائي الغني بالملح والسكر والدهون، وارتفاع ضغط الدم، وارتفاع مستوى السكر في الدم. ومن كل 10 رجال يتعاطى ثمانية منتجات التبغ أو النيكوتين. ولا يزال التدخين في صفوف النساء في ازدياد. وتصيب زيادة الوزن والسمنة 60% من البالغين، وتتجاوز هذه النسبة 80% في النساء المُسنات. ويعاني طفلٌ واحدٌ من كل 3 أطفال تقريبًا تتراوح أعمارهم بين 6 و12 سنة من زيادة الوزن أو السمنة.
وفي السنوات الأخيرة، قطع الأردن خطواتٍ هائلة في معالجة هذه الاتجاهات المثيرة للقلق. وقد وضعت وزارة الصحة، بدعم من منظمة الصحة العالمية وشركاء آخرين، خطةً شاملةً للتصدي للأمراض غير السارية ومشكلات الصحة النفسية.
الحوكمة والقيادة
أُطلقت عدة استراتيجيات وطنية، منها الاستراتيجية الوطنية لمكافحة التبغ 2024-2030، والاستراتيجية الوطنية للتغذية 2023-2030، وخطة العمل الوطنية للصحة النفسية وتعاطي مواد الإدمان 2022-2026. وانتهى الأردن أيضًا من إعداد أول دراسة عن مبررات الاستثمار في الصحة النفسية في إقليم شرق المتوسط، وتعزيز الحوكمة واتخاذ القرارات في هذا المجال البالغ الأهمية.
الوقاية والتوعية
ارتفع عدد عيادات الإقلاع عن التدخين من 5 عيادات في عام 2019 إلى 29 عيادة في أنحاء البلد في عام 2025. وكان الأردن من أوائل بلدان الإقليم التي نفَّذت خطة وطنية لتسريع وتيرة الوقاية من السمنة، وإدماج استشارات التغذية في الرعاية الأولية، فأعاد بذلك تشكيل منتجات الأغذية، وأدخل توسيم واجهة العبوات، وقَيَّدَ تسويق الأغذية غير الصحية للأطفال.
ودعمت منظمةُ الصحة العالمية الحكومةَ في إنشاء مساحات لممارسة الأنشطة بتجهيز الحدائق العامة بأجهزة رياضية، والدعوة إلى إدماج النشاط البدني في البرامج المدرسية. وتؤدي الحملات والمبادرات المدرسية إلى الحد من الوصم المرتبط بالصحة النفسية، وهذا يشجع على التماس المساعدة في وقتٍ مبكر.
تكامل النظام الصحي
أُدمِجَت خدمات الأمراض غير السارية في حزمة خدمات الرعاية الصحية الأولية الأساسية التي تقدمها وزارة الصحة، وهذا يُعزز التغطية الصحية الشاملة. ويُنفذ الأردن الحزم التقنية التي أعدتها منظمة الصحة العالمية مثل حزمة تقنية للتدبير العلاجي لأمراض القلب والأوعية في الرعاية الصحية (HEARTS) لتعزيز الوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية ومكافحتها. وقد أدت برامج مثل برنامج عمل منظمة الصحة العالمية بشأن سد الفجوات في مجال الصحة النفسية (mhGAP) وبرنامج التفكير الصحي إلى توسيع نطاق الحصول على الرعاية من خلال تدريب العاملين الصحيين غير المتخصصين، وتعزيز الإحالات، وتحسين الحصول على الأدوية الأساسية.
التدخلات السريرية
وُضعت بروتوكولات سريرية مسندة بالبيّنات لعلاج ارتفاع ضغط الدم والسكري والأمراض التنفسية المزمنة وسرطان الأطفال. ويتواصل بناء القدرات لتعزيز كفاءة العاملين الصحيين في تنفيذ هذه البروتوكولات. وتُنتج مؤشرات رصد الأمراض غير السارية، التي تستند إلى توجيهات منظمة الصحة العالمية والمضمنة في نُظُم المعلومات الصحية القائمة، بيانات مستندة إلى المرافق بشأن الكشف المبكر عن الأمراض غير السارية وفحصها ومكافحتها.
ويشارك الأردن أيضًا في مبادرات عالمية مثل المبادرة العالمية لمكافحة سرطان الأطفال، والمنصة العالمية لإتاحة أدوية سرطان الأطفال، والمبادرة الخاصة للصحة النفسية.
ترصُّد الأمراض غير السارية
أجرى الأردن دراسات استقصائية وطنية في عام 2025 عن عوامل خطر الإصابة بالأمراض غير السارية والصحة المدرسية، واستنتج بيانات لتوجيه السياسات الصحية وتخطيط البرامج.
وإذ يجتمع العالم لحضور الاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن الوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها وتعزيز الصحة النفسية، توضح تجربة الأردن مدى التحديات وأثر العمل الحاسم.
ومن خلال توسيع نطاق الوقاية، وتقوية النظم الصحية، والاستثمار في مكافحة الأمراض غير السارية وتعزيز الصحة النفسية، يُمَهِّد الأردن الطريقَ لمستقبلٍ أكثرَ صحة.
الأمراض غير السارية في المغرب: تَحَدٍّ متزايد
ارتفاع ضغط الدم والسكري والسرطان... أمراضٌ فتّاكة صامتة. وفي المغرب، بدأت الاستجابة تتبلور في شكل سياسات مبتكرة وحملات توعية وتوسيع نطاق الحصول على الرعاية.
24 أيلول/ سبتمبر 2025 - تُعَدُّ الأمراض غير السارية من أكثر تحديات الصحة العامة إلحاحًا في المغرب. فهي تتسبب فيما يقرب من 85٪ من جميع الوفيات، منها 24٪ من الوفيات بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و70 عامًا.
وكشف المسح الوطني باتباع النهج التدريجي للترصُّد (STEPS) الذي أُجري بين البالغين من عمر 18 عامًا فأكثر في الفترة 2017-2018 لجمع بيانات موحدة عن الأمراض غير السارية وعوامل الخطر المرتبطة بها، أن 94.3% منهم لديهم عامل واحد على الأقل من عوامل الخطر المرتبطة بالأمراض غير السارية. وشملت هذه العوامل التدخين، والنُظُم الغذائية غير الصحية، والخمول البدني، والوزن الزائد. والأرقام تنذر بالخطر: إذ كان 29.3% منهم مصابين بارتفاع ضغط الدم، و10.6% يعانون من السكري، و10.4% في مرحلة ما قبل السكري، و11.7% مدخنين، و21.1% لم يمارسوا نشاطًا بدنيًا كافيًا، و76.3% لم يتناولوا الكمية الموصى بها من الفواكه والخضروات، و53% يعانون من زيادة الوزن و20% يعانون من السمنة.
وإلى جانب الأثر الصحي، تُلقي الأمراض غير السارية بعبءٍ مالي كبير على نظام الرعاية الصحية في المغرب. فثمة أربع حالات (أمراض الكلى في مراحلها النهائية، والسرطان، وارتفاع ضغط الدم الشديد، والسكري) تستهلك وحدها أكثر من 73٪ من الإنفاق على الأمراض على المدى الطويل.
وفي حين يتزايد الطلب على الرعاية، لا تزال الموارد محدودة. وتبلغ نسبة توافر العاملين في مجال الرعاية الصحية 1.5 فقط لكل 1,000 شخص، وهذه النسبة أقل بكثير من النسبة المستهدفة البالغة 4.45 التي حددتها الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
ويثير هذا الوضع قلقًا أكبر في سياق التحوُّل الديمغرافي في المغرب. ومع ارتفاع متوسط العمر المتوقع وانخفاض معدلات الخصوبة، يشيخ السكان بسرعة. وفي الوقت الحالي، يتعايش 2.57 مليون من كبار السن مع مرض واحد على الأقل من الأمراض غير السارية. وإذا استمرت الاتجاهات الحالية، فإن هذا العدد يمكن أن يصل إلى 3.9 مليون شخص بحلول عام 2030، وفقًا للجنة العليا للتخطيط.
استراتيجية وطنية للاستجابة المتعددة القطاعات
لمواجهة هذه التحديات، أطلقت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية الاستراتيجية الوطنية المتعددة القطاعات للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها (2019-2029)، مدعومة بميثاق وطني وقعه 25 شريكًا، من بينهم 13 وزارة حكومية.
وقد أحرز المغرب تقدمًا كبيرًا في تنفيذ هذه الاستراتيجية، بدءًا من بناء مراكز علاج الأورام ومستشفيات الأمراض النفسية ومراكز إحالة الصحة الإنجابية ومراكز علاج الإدمان وتجهيزها بدعمٍ من مؤسسة محمد الخامس للتضامن.
ونُفذت برامج فحص مُنَظَّمَة لسرطان الثدي وسرطان عنق الرحم والسكري والأمراض القلبية الوعائية. وعلاوة على ذلك، وضع المغرب مبادئ توجيهية سريرية وبروتوكولات علاجية، لا سيما للسكري والسرطان، وعزز قدرات المهنيين في مجال الرعاية الصحية من خلال إدماج التدبير العلاجي للأمراض غير السارية في خدمات الرعاية الصحية الأولية من خلال حزمة تقنية أطلقتها المنظمة باسم (HEARTS) للتدبير العلاجي لأمراض القلب والأوعية في الرعاية الصحية لتحسين صحة القلب والأوعية الدموية.
وبدعم من المنظمة، أجرت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية العديد من المسوح الوطنية، منها مسح باتباع النهج التدريجي (STEPS) لترصد عوامل خطر الأمراض غير السارية في الفترة 2017-2018 والنسخ المتعددة للمسح العالمي المعني بالشباب والتبغ، لرصد انتشار عوامل خطر الإصابة بالأمراض غير السارية.
وعلاوة على ذلك، تهدف استراتيجية المغرب للإصلاح الصحي (2019-2029) إلى تحقيق التغطية الصحية الشاملة من خلال التأمين الصحي الإجباري، بما في ذلك التأمين ضد الأمراض غير السارية. وتشمل الاستراتيجية الوقاية من عوامل الخطر (مثل النظام الغذائي غير الصحي والتبغ والكحول والخمول البدني)، وإدماج الرعاية الخاصة بالأمراض غير السارية في الخدمات الصحية الأولية، وحملات التوعية الرامية إلى تعزيز أنماط الحياة الصحية.
وبالإضافة إلى ذلك، وُضعت عدة خطط استراتيجية متعددة القطاعات، وهي: خطة للصحة النفسية (غاياتها المستهدفة في عام 2030)، وخطة للوقاية من الإدمان والتدبير العلاجي له (2024-2030)، وخطة للسكري (2025-2034)، وخطتان وطنيتان لمكافحة السرطان (2010-2019 و2020-2029).
الرعاية المُلطِّفة: استجابة تركز على الإنسان لعلاج الأمراض غير السارية
هناك أكثر من 163,000 مغربي يحتاجون إلى الرعاية الملطفة كل عام بسبب الأمراض المزمنة مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية والاضطرابات التنكسية العصبية. وأصبح من المعترف به الآن أن الرعاية الملطفة، التي كانت تُغفَل في السابق، ركيزةٌ استراتيجيةٌ للنظام الصحي في المغرب. ومنذ عام 2010، أُدمِجَت في الخطة الوطنية للسرطان، إلى جانب التحري والتشخيص والعلاج. وهذا يعكس تحوّلًا نحو اتباع نهج شامل ورحيم إزاء الصحة يركّز على تخفيف المعاناة والحفاظ على كرامة المرضى.
وبالتعاون مع المنظمة، أنشأ المغرب وحدات للرعاية الملطفة في جميع المستشفيات الجامعية والمراكز الإقليمية لعلاج الأورام، ونَشَرَ فرقًا متنقلة لتقديم الرعاية المنزلية. ووضعت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية دليلًا عمليًّا وإطارًا وطنيًّا لتقييم الرعاية الملطفة استنادًا إلى مؤشرات منظمة الصحة العالمية، واستحدثت برامج معتمدة للتعليم المستمر بشأن الرعاية الملطفة للعاملين في مجال الرعاية الصحية، مع إدماج وحدات تدريبية في مناهج التدريب الطبي.
وتعكس مكافحة المغرب للأمراض غير السارية تحوُّلًا أوسع نطاقًا في نظامه الصحي يضع الناس في بؤرة الاهتمام. ويبرهن إدماج الرعاية الملطفة في الاستراتيجية الوطنية على الالتزام الذي لا يقتصر على معالجة الأبعاد الطبية فحسب، بل يعالج أيضًا الأبعاد الإنسانية والاجتماعية للأمراض المزمنة، وهذا يمهد الطريق أمام نظام صحي أكثر إنصافًا وقدرةً على الصمود وتركيزًا على الناس.
الأمراض غير السارية في قطر: من العبء إلى العمل
24 أيلول/ سبتمبر 2025 - برزت الأمراض غير السارية في جميع أنحاء العالم تحديًّا من أكبر التحديات الصحية في
عصرنا.
وفي قطر، تسبب الأمراض القلبية الوعائية والسكري وأمراض السرطان والأمراض التنفسية المزمنة نحو 72% من جميع الوفيات. وقد أدت التغيرات الاجتماعية والتغيرات السريعة في نمط الحياة، فضلًا عن السكان في مرحلة الشيخوخة، إلى ارتفاع معدلات السمنة والخمول البدني والسكري، فتسبب ذلك في الضغط على الخدمات الصحية، فأصبح الابتكار والتكيُّف ضرورةٌ حتميةٌ.
واستجابة لذلك، كثَّف البلد جهوده للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها، مسترشدًا في ذلك برؤية قطر 2030، والاستراتيجية الوطنية الثالثة للتنمية (2024-2030)، والاستراتيجيات الصحية الوطنية. وفي ظل الالتزام الوطني القوي، يتواصل التصدي للتحديات من خلال السياسات والاستراتيجيات والشراكات التي تضع الوقاية والكشف المبكر والرعاية التي تركز على الناس في صميم البرنامج الصحي لقطر.
وقد أحدث هذا العمل تغييرات ملموسة، مثل فرض الضرائب على المشروبات المحلاة بالسكر ومشروبات الطاقة، وخفض الملح في الخبز بنسبة 30%، ووضع مبادئ توجيهية وطنية بشأن النظام الغذائي للبالغين والأطفال والأمهات. وتُظهر هذه التدابير كيف يمكن للقيادة من جانب وزارة الصحة العامة والعمل المنسق المشترك بين القطاعات والشراكات القوية أن تُحدِث فرقًا حقيقيًا.
واتخذ البلد أيضًا خطوات جريئة في مكافحة السرطان. وتُلقي خطة قطر للسرطان (2023-2026)، التي أُطلِقَت في آب/ أغسطس 2023، نظرةً شاملةً على جميع مراحل السرطان. وتتطلع إلى ما هو أبعد من الرعاية السريرية، بالتركيز على التوعية والمشاركة المجتمعية والشراكات التي تُحوّل مكافحة السرطان إلى جهد وطني مشترك.
ولوحظ إحراز تقدم في مكافحة التبغ أيضًا. فقد صَدَّقَت قطر على اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطارية بشأن مكافحة التبغ، وحظرت السجائر الإلكترونية، واستضافت بطولة كأس العالم لكرة القدم في عام 2022 بلا تدخين. وفي الآونة الأخيرة، عُيِّن مركز مكافحة التبغ التابع لمؤسسة حمد الطبية مركزًا متعاونًا مع منظمة الصحة العالمية في آب/ أغسطس 2025، وحصل المركز على شهادة تقدير خاص من المدير العام للمنظمة عن حملته التي كان عنوانها "معًا لمجالس خالية من التدخين في قطر"، التي تشجِّع على أن تكون التجمعات الاجتماعية أكثر حفاظًا على الصحة وخالية من التدخين. ويلزم اتخاذ تدابير جريئة لمواجهة التهديد المتزايد لمنتجات جديدة تستهدف الشباب، مثل توسيع نطاق خدمات الإقلاع عن التدخين، وإدخال التغليف البسيط، وإذكاء الوعي في صفوف الفئات السكانية المستهدفة.
وفي الوقت نفسه، استثمرت قطر في نُظُم ترصُّد أقوى لتوجيه السياسات بالبيّنات. وتكرر إجراء الدراسة الاستقصائية التي يُتبع فيها نَهج المنظمة التدريجي لعوامل الخطر، ويجري حاليًا تحويل نُظُم البيانات إلى نُظُم رقمية وربطها، ويجري أيضًا مواءمة المؤشرات مع المعايير العالمية. وإضافةً إلى ذلك، يجري حاليًا النظر في ترصُّد الأمراض غير السارية في المرافق الصحية. وتتيح هذه الأدوات رصد الاتجاهات وتحديد الثغرات واستهداف الموارد بمزيد من الفعالية.
غير أن التحديات لا تزال كبيرة. فهناك أكثر من 70% من البالغين يعانون زيادة الوزن أو السمنة، ويصيب ارتفاع ضغط الدم أكثر من 600,000 شخص تتراوح أعمارهم بين 30 و79 عامًا، ولا يزال كثيرٌ منهم دون تشخيص أو علاج. وستتطلب معالجة هذه الثغرات خدمات أقوى على مستوى الرعاية الصحية الأولية، وتعاونًا مستمرًا بين القطاعات، ومجتمعات محلية مشاركة ومستنيرة.
وما يميز رحلة قطر هو التزامها بالابتكار والشراكة. ففي مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية الذي عُقد في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، كانت الأمراض غير السارية وأنواع السرطان التي تصيب المرأة موضوعين محوريين. وتستعد قطر لاستضافة القمة العالمية الوزارية السادسة للصحة النفسية في الفترة من 30 أيلول/ سبتمبر إلى 1 تشرين الأول/ أكتوبر 2025، فلفت ذلك الانتباه الدولي الرفيع المستوى إلى أهمية إدماج الصحة النفسية في الخطط الصحية الأوسع نطاقًا، وسلط الضوء على دور قطر في تشكيل المناقشات التي تبلغ تأثيراتها آفاقًا عالمية.
وتُظهِر تجربة قطر أنه على الرغم من أن الأمراض غير السارية تُلقي بعبءٍ ثقيلٍ على كاهل البلد، إلا أنه من الممكن إحراز تقدم حقيقي قابل للقياس عندما يكون هناك التزام قوي وحلول مُجرَّبة ومشاركة مجتمعية. فمن خلال التركيز على الوقاية والكشف المبكر وتحسين الخدمات الصحية، تعمل قطر على تحسين حياة الناس اليوم، مع وضع قدوة للإقليم في كيفية بناء مستقبلٍ أوفرَ صحة.