الطوارئ الصحية

يشهد إقليم شرق المتوسط نطاقاً غير مسبوق من حالات الطوارئ

وتنشأ هذه الطوارئ عن جميع الأخطار – الطبيعية منها (الجيولوجية والمتعلقة بالأرصاد الجوية المائية)، والحيوية/الفاشيات، والمجتمعية (لا سيما النزاعات والصراعات الأهلية)، والتكنولوجية. وعلاوة على ذلك، يضم الإقليم أكبر عدد على مستوى العالم من الأفراد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية، وهو مصدر العدد الأكبر من الأفراد الـمُشرَّدين قسرياً ويعيش فيه العدد الأكبر منهم.

إذ عاش في الإقليم 70.2 مليون شخص (53.3%) من بين 131.7 مليون شخص كانوا في حاجة إلى المساعدة في العالم في 2018. وواجه الإقليم أيضاً حركة متزايدة للسكان بسبب التشرد القسري والهجرة. وفي نهاية عام 2018، بلغ عدد النازحين قسراً في العالم أجمع 70.8 مليون شخص، بمَن فيهم اللاجئون والمشردون داخلياً. وكان من بينهم 32.1 مليون نازح من الإقليم (45.3%)، بينما ظل 25.4 مليون يقيمون في الإقليم.

وظلت تسعة بلدان من بين 22 بلداً في الإقليم تستجيب لحالات طوارئ في عام 2018 (طوارئ من المستوى الثالث حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية: الصومال والجمهورية العربية السورية واليمن، وطوارئ من المستوى الثاني: العراق وليبيا وفلسطين والسودان، وطوارئ من المستوى الأول: أفغانستان وباكستان). وتُصنَّف متلازمة الشرق الأوسط التنفسية التي يسببها فيروس كورونا في المملكة العربية السعودية على أنها طارئة من المستوى الثاني منذ عام 2012. وتأثرت سبعة بلدان أخرى في الإقليم بالطوارئ تأثراً مباشراً أو غير مباشر، وهذه البلدان هي: جيبوتي ومصر والأردن والكويت ولبنان وعُمان والإمارات العربية المتحدة.

واستمرت الهجمات على مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها بلا هوادة في عددٍ من البلدان، ما جعل إقليمنا الأشد خطراً من بين جميع أقاليم المنظمة على العاملين الصحيين. إذ وثَّق نظام المنظمة لترصد الهجمات على الرعاية الصحية 725 هجوماً في الإقليم خلال عام 2018 أفضت إلى 137 وفاة. واتُّخِذَت على الصعيد القُطري خطوات لمنع هذه الهجمات أو التخفيف من آثارها عن طريق زيادة الوعي بالحق في الصحة إلى جانب تدابير مادية مختلفة للحدِّ من أثر الهجمات على البنية الأساسية الصحية.

ضمان تأهُّب البلدان

عقدت المنظمة في كانون الأول/ديسمبر 2018 اجتماعها الإقليمي السابع للأطراف المعنية لاستعراض تنفيذ اللوائح الصحية الدولية (2005)، وضم الاجتماع مختلف القطاعات الوطنية والشركاء التقنيين. وحضر هذا الاجتماع أكثر من 100 مشارك لمناقشة الوضع الحالي لتنفيذ القدرات الأساسية المطلوبة بموجب اللوائح الصحية الدولية والسُبُل المتاحة أمام الإقليم للمضي قُدُماً في هذا المضمار. وقد أعدت المنظمة أيضاً إرشادات حول اختصاصات اللجنة المتعددة القطاعات المعنية باللوائح الصحية الدولية ومهامها، والصلات التي ينبغي أن تربط مثل هذه اللجنة بسائر هياكل التنسيق في بلدٍ ما.

ووفقاً للمادة 54 من اللوائح الصحية الدولية (2005)، واصلت الدول الأطراف في إقليم شرق المتوسط تقديم تقارير سنوية إلى المنظمة بشأن تحقيق القدرات الأساسية المطلوبة بموجب اللوائح الصحية الدولية. وعُدِّلت أداة التبليغ السنوي لتكون أكثر اتساقاً مع أداة التقييم الخارجي المشترك، وذلك بعد عملية تشاورية مع مراكز الاتصال الوطنية المعنية باللوائح الصحية الدولية. وقُدِّمت أداة التبليغ السنوي المنقَّحة للدول الأطراف في آذار/مارس 2018.

والتقييم الخارجي المشترك عملية تعاونية طوعية تهدف إلى تقييم قدرات بلدٍ ما بموجب اللوائح الصحية الدولية (2005) على الوقاية من أخطار الصحة العامة والكشف عنها والاستجابة السريعة لها. وحتى كانون الأول/ديسمبر 2018، أجرى 17 بلداً في الإقليم التقييم الخارجي المشترك، وأُعِدَّ 15 تقريراً عن هذا التقييم. وبلغ متوسط الدرجات الإجمالية للتقييم الخارجي المشترك في المجالات التقنية التسعة عشر في الإقليم 3، وهو ما يعني "قدرة متطورة"، وتوفرت في المتوسط أكثر الخصائص التي تتسم بها هذه المجالات التقنية، غير أنه لا تزال هناك حاجة إلى العمل من أجل تحقيق الخصائص المتبقية وضمان استدامة جميع القدرات.

وجدير بالذكر أن وضع خطة عمل وطنية للأمن الصحي خطوة ضرورية تالية في عملية رصد وتقييم القدرات الأساسية المطلوبة بموجب اللوائح الصحية الدولية في البلدان. ويستطيع كل بلد، عند استخدامه التقييم الخارجي المشترك لإعداد خطته للعمل، تسليط الضوء على الفجوات والاحتياجات أمام المانحين والشركاء القائمين والمحتَملين في جهدٍ منه لسد الفجوات بالموارد. ومن شأن تنفيذ خطة عمل وطنية للأمن الصحي أن يمكِّن البلدان من التصدي للفجوات من خلال إجراءاتٍ منظَّمة يدعهما أصحاب المصلحة على الأصعدة الوطنية والإقليمية والعالمية. وتُوجِّه الخططُ الدولَ الأعضاء في عملية بناء قدراتها لتكون أفضل تأهُّباً وأحسن استعداداً من الناحية العملية لإدارة مخاطر الصحة العامة وأحداثها، ومن ثَمَّ تحمي سكانها على نحو أفضل. وقد استكمل 12 بلداً في الإقليم خططه الوطنية للأمن الصحي في عام 2018، وتعتزم ثلاثة بلدان الانتهاء من خططها، ومن المقرر أن تضع ثلاثة بلدان أخرى (هي المغرب وتونس والإمارات العربية المتحدة) اللمسات الأخيرة على خطط العمل الخاصة بها في عام 2019. ويتطلب تنفيذ خطط العمل تخصيص الموارد اللازمة، وسيكون إحدى أولويات الدعم الذي تقدمه المنظمة في عام 2019.

وقُدِّم الدعم إلى مصر والعراق والأردن وليبيا والمغرب وباكستان والصومال وتونس لتوصيف المخاطر وإعداد الخطط الوطنية من أجل التأهُّب لجميع الأخطار في مجال الصحة العامة والاستجابة لها. وأعد المكتب الإقليمي مرتسماً إقليمياً للمخاطر المحتمَلة، ووضع خطط طوارئ لأخطار بعينها، بُغيَة تسهيل الدعم المقدَّم إلى البلدان التي تستجيب لطوارئ الصحة العامة وتنسيق شؤونه.

ونُفِّذَت عدة أنشطة لاستيفاء متطلبات اللوائح الصحية الدولية (2005) في نقاط الدخول بالدول الأعضاء، منها إعداد خطط للتأهُّب والاستجابة لجميع أخطار الصحة العامة في حالات الطوارئ، وتعزيز التعاون عبر الحدود، وتقديم المشورة بشأن إجراءات التحرِّي في نقاط الخروج والدخول في سياق طوارئ الصحة العامة.

وفي عام 2018، قدَّمَت المنظمة تدريباً لجميع البلدان في الإقليم على إجراء عمليات محاكاة وطنية. وتلقَّى المشاركون تدريباً على كيفية تصميم تمارين "محاكاة نظرية" وتنفيذها من أجل اختبار الخطط والإجراءات التي توضح قدرات البلدان المطلوبة بموجب اللوائح الصحية الدولية، إذ تمثل هذه التمارين جزءاً مبدئياً وأساسياً من برنامج التمرين الوطني. وتُرجِم إلى اللغة الفرنسية دليل تمارين المحاكاة الذي أصدرته منظمة الصحة العالمية مؤخراً، ويجري حالياً ترجمته إلى اللغة العربية. ودعمت المنظمة إجراء استعراض خارجي للاستجابات الوطنية لأحداث الصحة العامة الحادة، وخاصة النُّظُم المطبَّقة، والقدرات في مجالات الترصّد، والمختبرات، والتنسيق، والتبليغ بالمخاطر، والتدبير العلاجي للحالات. وأُجريَت استعراضات لاحقة في جمهورية إيران الإسلامية (الزلازل)، والمغرب (داء البروسيلات)، وباكستان (حمى الضنك)، مع التخطيط لتنفيذ أنشطة مماثلة في عُمان (حمى الضنك). ونفَّذ العراق والأردن وفلسطين وباكستان وتونس تمارين محاكاة لاختبار استجاباتها الوطنية لأحداث الصحة العامة الحادة. وأُجري أيضاً تمرين محاكاة إقليمي لاحتمال وفادة فيروس مرض الإيبولا، واختبَر هذا التمرين عدة عناصر في القدرات الإقليمية لتعزيز التأهُّب والاستعداد التشغيلي في البلدان.

وأُحرِزَ تقدم مهم في تعزيز تأهُّب المستشفيات. ونُفِّذَت أنشطة لتقييم تأهُّب المستشفيات، ووضع خطط التأهُّب، وتدريب القوى العاملة بالمستشفيات في البحرين وليبيا والسودان. وأعدَّت المنظمة حِزَماً تدريبية إلكترونية حول تأهُّب المستشفيات وإدارة جميع الأخطار، ومن المنتظَر البدء في تجريب هذه الحزَم التدريبية في البلدان التي تستخدم نهجاً مختلطاً يجمع بين التدريب الإلكتروني والتدريب المباشر وجهاً لوجه. كما أُحرِز تقدم جيد في النهوض بالأنشطة ذات الصلة بنهج الصحة الواحدة في الإقليم؛ واستُخدِمت نُهُج جديدة منها عقد حلقة عمل تأهيلية وطنية حول الخدمات البيطرية وإجراء استعراضات لاحقة في المغرب. وأُعدت خطة إقليمية (استناداً إلى نتائج التقييم الخارجي المشترك) بهدف تعزيز نَهج "الصحة الواحدة" في بلدان الإقليم، بما في ذلك حزمة تدريبية عبر شبكة الإنترنت.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2018، وقَّعت تشاد ومصر وإثيوبيا وليبيا وجنوب السودان والسودان إعلان الخرطوم بشأن السودان والبلدان المجاورة: الأمن الصحي عبر الحدود، وتعهدت فيه بتقوية التأهُّب والاستجابة لأخطار الصحة العامة وأحداثها عبر الحدود في مسعَى منها إلى تعزيز تنفيذ اللوائح الصحية الدولية وتحقيق الأمن الصحي العالمي.

وضم الاجتماع العالمي الثاني بشأن صحة المهاجرين مسؤولي التنسيق المعنيين بصحة المهاجرين من مكاتب المنظمة وممثلي المؤسسات صاحبة المصلحة للاتفاق على عددٍ من التوصيات الرامية إلى تعزيز صحة اللاجئين والمهاجرين. واتسقت حصائل الاجتماع الذي استمر يومين مع خطة العمل العالمية للمنظمة بشأن تعزيز صحة اللاجئين والمهاجرين. ويعكف المكتب الإقليمي حالياً على إعداد خطة عمل إقليمية لتعزيز صحة اللاجئين والمهاجرين، وضمان إدماجهم في الخطط الوطنية للتأهُّب والاستجابة في مجال الصحة العامة.

التدبير العلاجي لفاشيات الأمراض الـمُعدية

شهد عام 2018 حدوث أو استمرار 19 فاشية رئيسية لعشرة أمراض مستجدَّة مختلفة وأمراض يمكن أن تتحول إلى أوبئة في 12 بلداً من بلدان الإقليم الاثنتين والعشرين، ما أدّى إلى 435625 حالة إصابة و844 وفاة. ومن هذه الفاشيات: جُديري الماء (الحُماق) في باكستان، وداء الشيكونغونيا في السودان، والكوليرا في الصومال واليمن، وحمى القرم-الكونغو النزفية في أفغانستان والعراق وباكستان، وحمى الضنك في عُمان وباكستان والسودان واليمن، والدفتريا في اليمن، وحمى التيفود شديد المقاومة للأدوية في باكستان، وفيروس كورونا المسبِّب لمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية في الكويت وعُمان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وداء الفيالقة المرتبط بالسفر في الإمارات العربية المتحدة، وحمّى غرب النيل في تونس. وتعاونت منظمة الصحة العالمية مع البلدان المعنية من أجل التحقيق في هذه الفاشيات والتصدي لها والتخفيف من آثارها.

وفي اليمن، تعاونت المنظمة مع وزارة الصحة العامة والسكان لتعزيز أنظمة الترصُّد للإنذار المبكر عن الأمراض والتدبير العلاجي للحالات، وتوزيع اللقاحات المضادة للكوليرا التي تُؤخَذ عن طريق الفم، وتحسين فرص الوصول إلى المياه المأمونة وخدمات الإصحاح. وفي أيار/مايو 2018، أطلقت المنظمة ووزارة الصحة العامة والشركاء حملة التطعيم الفموي الأولى ضد الكوليرا في اليمن بهدف مكافحة أكبر فاشية للكوليرا في العالم.

وجاءت هذه الحملة في إطار خطة استجابة متكاملة ومستمرة وأوسع نطاقاً للفاشية تضمنت أنشطة الترصُّد وكشف الحالات، وإشراك المجتمع وتوعيته، وتعزيز قدرات الفحص المختبري، وتحسين جودة المياه وخدمات الإصحاح، وتدريب أفرقة الاستجابة السريعة ونشرها. وفي آذار/مارس 2018، نفَّذت المنظمة بالتنسيق مع وزارة الصحة العامة والسكان، واليونيسف، حملة تطعيم واسعة النطاق لمكافحة انتشار الكوليرا. واستهدفت الحملة ما يقرب من مليون طفل تراوحت أعمارهم بين 6 أسابيع و15 عاماً في 39 مديرية تحظى بالأولوية في 11 محافظة.

وفي السودان، دعمت المنظمة تحسين الكشف المبكر عن الأمراض والتشخيص المختبري والتدبير العلاجي للحالات والوصول إلى المياه المأمونة وخدمات الإصحاح، مما أدى إلى تقليل حالات الإصابة بالإسهال المائي الحاد وتقليل حالات الوفاة التي يسببها. واحتوت كذلك وزارة الصحة الاتحادية في السودان، بدعمٍ من المنظمة والشركاء، فاشية لداء الشيكونغونيا من خلال التدبير المتكامل لمكافحة النواقل، والإبلاغ عن المخاطر، وتحسين الترصُّد. وشهدَت باكستان فاشية كبيرة لحمى التيفود شديد المقاومة للأدوية، ودعمت المنظمة استجابة البلد وقدمت لها الدعم التقني للتقصِّي الميداني ووَضْع خطة عمل وطنية.

المركز الإقليمي لعمليات الطوارئ

واصَل المركز الإقليمي لعمليات الطوارئ تنسيق استجابة المنظمة لحالات الطوارئ المصنَّفة من خلال التبادل الآني للمعلومات واتخاذ القرارات بصورة جماعية. واستضاف المركز كذلك عدداً من عمليات المحاكاة وعمليات المحاكاة النظرية على المستويين العالمي والإقليمي بشأن فاشيات الأمراض والطوارئ الصحية المحتملة، بما فيها الإنفلونزا ومرض فيروس الإيبولا.

وشاركت سبعة بلدان من الإقليم في إحدى عمليات المحاكاة التي أُجريت بشأن جائحة عالمية في كانون الأول/ديسمبر 2018، وتولى تنسيق هذه العملية مركز عمليات الطوارئ العالمي التابع للمنظمة وشبكة مراكز عمليات الطوارئ، وهي شبكة تضم مراكز عمليات الطوارئ العالمية. وكانت مصر والأردن ولبنان وعُمان والمملكة العربية السعودية وتونس والإمارات العربية المتحدة ضمن أكثر من 40 بلداً حول العالم شاركت في محاكاة استمرت 3 أيام، وكانت هذه المحاكاة أول تدريب عالمي على التصدي للجوائح.

وأتاحت عملية المحاكاة فرصة عملية لقياس قدرة المنظمة والبلدان على الاستجابة لفاشيات الإنفلونزا المحتملة التي قد تتحول إلى جائحة، وسمحت بتحديد الفجوات التي يتعين معالجتها. وأُجريت عملية المحاكاة بمناسبة مرور 100 عام على جائحة الإنفلونزا في عام 1918 التي أصابت، حسب التقديرات، ثلث سكان العالم وأدت إلى وفاة ملايين الأشخاص.

وقدَّمَت المنظمة المساعدة إلى الدول الأعضاء لتعزيز قدراتها على الوقاية من الأنفلونزا الموسمية والجائحة وترصُّدهما والتأهُّب والاستجابة لهما. واستضافت تونس اجتماعاً للخبراء والمسؤولين بوزارات الصحة من 5 بلدان، وناقش الاجتماع تعزيز الخطط الوطنية للتأهُّب للأنفلونزا الجائحة، وركَّز على تحسين ترصُّد الأنفلونزا، وتقييم المخاطر، والتأهُّب والاستجابة، وتحديد درجة وخامة الفاشيات. وعُقِد تدريب متقدم حول تقييم وخامة الأنفلونزا الجائحة بهدف تقوية قدرات 14 بلداً على تحديد القيم الأساسية والقصوى للأنفلونزا. ونتيجة لذلك أكملت 5 بلدان في الإقليم حساب القيم الأساسية والقصوى للأنفلونزا في عام 2018. وتلقى خبراء من 13 بلداً تدريباً متقدماً حول الكشف عن الأنفلونزا وتحديد خصائص فيروساتها من أجل تعزيز وتوحيد الكشف عن فيروسات الأنفلونزا الموسمية والجائحة وتأكيدها.

وفي الصومال، درَّبت المنظمة موظفين معنيين بالترصُّد الصحي من 11 إقليماً في جميع أرجاء البلد على الشبكة الإلكترونية للإنذار المبكر والاستجابة؛ وهي نسخة مُحدَّثة من نظام الإنذار والاستجابة تُحسِّن الكشفَ في الوقت المناسب عن مختلف الممرِضات التي تمثل تهديداً شديداً وتبادلَ المعلومات بشأنها. وبالمثل، كان الترصُّد نشاطاً حظِيَ بالأولوية خلال موسم الحج السنوي في المملكة العربية السعودية. ونجحت المنظمة ووزارة الصحة السعودية في تجريب نظام للإنذار المبكر بالأمراض، وتنفيذ مجموعة من تدابير التأهُّب والاستعداد حسبما تنص اللوائح الصحية الدولية (2005) فيما يتعلق بالتجمعات البشرية الحاشدة. ويرجع الفضل جزئياً إلى هذه الجهود المتضافرة في عدم تسجيل موسم الحج مرة أخرى هذا العام أي حدث من أحداث الصحة العامة التي يُحتَمَل أن تثير قلقاً (كما كان يحدث منذ ظهور متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في عام 2012). وعلاوة على ما سبق، أنشأت المنظمة في عام 2018 مجموعة من الخبراء في مجال متلازمة الشرق الأوسط التنفسية في الإقليم ممن يمكن نشرهم بسرعة خلال أي فاشية للمرض.

وحصل 130 فرداً من أفرقة الاستجابة السريعة للإيبولا ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية المتعددة التخصصات على تدريب إضافي في 5 بلدان بهدف تحسين سرعة الاستجابة للطوارئ وتعزيز جودتها. وساعدَت هذه الدورات التدريبية على زيادة معارف المتدربين وصقل مهاراتهم في طرق إجراء تقييمات سريعة للمخاطر، واستقصاء الفاشيات وتحليل البيانات الوبائية، وسُبُل تنفيذ تدابير الصحة العامة الأولية لاحتواء فاشية ما. ونُشِرت بنشاط فرق الاستجابة السريعة الوطنية المدَّربة، واستجابت لعددٍ من الطوارئ منها فاشيات في أفغانستان وليبيا والصومال والجمهورية العربية السورية واليمن.

وسوف تضع المنظمة في 2019 اللمسات النهائية على الإطار الاستراتيجي الإقليمي للوقاية من الأمراض المستجدّة والأمراض التي يمكن أن تتحول إلى أوبئة ومكافحتها، وسوف تُقدِّم المساعدةَ التقنية إلى الدول الأعضاء للشروع في تنفيذه. ويتناول الإطار جميع المجالات ذات الأولوية فيما يتعلق بالتدبير العلاجي للأخطار المعدية بدءاً من الوقاية والترصُّد إلى التأهُّب والاستجابة. وتتضمّن بعض الأولويات التي حددتها المنظمة في عام 2019، ويتناولها الإطار بالتفصيل، مواصلة تعزيز الأنظمة الحالية للترصُّد الوبائي والفيروسي لمختلف الأمراض المستجدّة والتي تعاود الظهور التي تمثل تهديداً شديداً. وستتولى المنظمة، في البلدان التي تشهد حالات طوارئ معقَّدة، تدريب القوى العاملة الصحية بانتظام وتحسين المنصات الإلكترونية لجمع البيانات في الوقت الحقيقي وتحليلها آلياً لدعم تقصي الفاشيات والتدخلات المتعلقة بها واحتوائها.

وسوف تحصل البلدان على الدعم لقدراتها المختبرية التشخيصية الأساسية في مجال الكشف عن المُمرِضات التي تمثل تهديداً شديداً، حسبما تتطلب اللوائح الصحية الدولية (2005)، إلى جانب دعمها لزيادة قدراتها على الاستجابة السريعة بتعزيز المهارات والكفاءات التشغيلية اللازمة لإجراء تقصيات ميدانية وتنفيذ أنشطة الاستجابة في الوقت المناسب. وسوف تدعم المنظمة كذلك الجهود البحثية الرامية إلى تحسين فهم مَواطن الفجوات في المعرفة بأسباب الأمراض وانتقالها وعوامل الخطر المرتبطة بها، وعبء المرض، وحصائل المرضى المرتبطة بالممرضات التي تمثل تهديداً شديداً.

الاستجابة لحالات الطوارئ الصحية الإنسانية

تواصل المنظمة تعزيز إدارتها لحالات الطوارئ من خلال تطبيق نظام إدارة الأحداث – وهو ممارسة مثلى عالمية أقرّها كثير من وكالات الصحة العامة في العالم. وساعد الاتساق المتزايد في تطبيق نظام إدارة الأحداث على زيادة قدرة المنظمة على التنبؤ وتعزيز فعاليتها في الاستجابة لحالات الطوارئ، بما في ذلك في إقليم شرق المتوسط. كذلك حسَّنت المنظمة إدارتها لحالات الطوارئ الممتدة الأجل من خلال تطبيق الربط بين العمل الإنساني والتنمية الذي يجمع بين الشركاء في مجال العمل الإنساني والتنمية للتحليل المشترك، والتخطيط المشترك، وتحديد الحصائل الجماعية.

وواصَل المركز الإقليمي لعمليات الطوارئ تنسيق استجابة المنظمة لحالات الطوارئ المصنَّفة، واستضاف عدداً من عمليات المحاكاة وعمليات المحاكاة النظرية على الصعيدين العالمي والإقليمي في عام 2018 بشأن فاشيات الأمراض والطوارئ الصحية المحتملة.

وما فتئ مركز المنظمة للعمليات والإمدادات اللوجستية، بالمدينة العالمية للخدمات الإنسانية في دبي، يضمن إيصال الأدوية وسائر الإمدادات الصحية بأمان ودون انقطاع وفي الوقت المناسب وبطريقة يُعوَّل عليها، بما يضمن حماية الناس من آثار الطوارئ الصحية. ووصل إلى البلدان في إقليم شرق المتوسط ما يقرب من 75% من جميع الإمدادات الصحية التي اشترتها المنظمة على الصعيد العالمي في عام 2018: وبوجه عام، سلّمت المنظمة من مركزها للإمدادات اللوجستية في دبي أكثر من 1462 طناً مترياً من الإمدادات الصحية لما يزيد على 4.5 مليون مستفيد في 22 بلداً في ثلاثة من أقاليم المنظمة.

وفي عام 2018، أنشأت المنظمة 25 مركزاً للتغذية العلاجية لمساعدة الأطفال اليمنيين الذين يعانون من مضاعفات طبية بسبب سوء التغذية (ليصل إجمالي عدد المراكز العاملة إلى 54 مركزاً في 19 محافظة)، وسلَّمت إلى مراكز التغذية 450 مجموعة من مجموعات معالجة سوء التغذية الحاد الوخيم، ودرَّبت 621 عاملاً صحياً على التدبير العلاجي لحالات سوء التغذية الحاد الوخيم، ووفرت الأدوية والوقود لاستمرار عمل المراكز الصحية. وإجمالاً، عالجت المنظمة في عامَي 2017 و2018 أكثر من 14697 طفلاً، وارتفع معدل الشفاء من 75% (في عام 2017) إلى 87% (في عام 2018).

وفي عام 2018، تطلَّب الوضع السريع التغيُّر في الجمهورية العربية السورية من المنظمة أن تتدخل في مناطق جغرافية كثيرة. ففي الغوطة الشرقية، أُحيل أكثر من 4200 شخص إلى المستشفيات العامة وحصل ما يزيد على 55000 طفل على التطعيمات ضد شلل الأطفال وغيره من أمراض الطفولة، كما قدَّم العاملون في مجال صحة المجتمع والفِرَق المتنقلة التدخلات النفسية إلى أكثر من 34000 شخص. ووزَّعت المنظمة في جنوب غرب الجمهورية العربية السورية أكثر من 70 طناً من الأدوية والإمدادات على مرافق الرعاية الصحية، ودعمت المنظمات غير الحكومية التي قدمت ما يزيد على 97000 استشارة في مجال الرعاية الصحية الأولية من خلال العيادات الثابتة والفرق المتنقلة. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2018، استطاعت قافلة مشتركة بين الوكالات والهلال الأحمر العربي السوري الوصول إلى الناس في مخيم الركبان للمرة الأولى منذ 9 شهور، وسلمت المنظمة إلى المخيم أكثر من 3 أطنان من الأدوية والإمدادات الطبية (تكفي لعلاج 31601 حالة)، وقيَّمت الحالة الصحية والاحتياجات الصحية هناك. وعبر محورها الحدودي في غازي عنتاب بتركيا، دعمت المنظمة التكاليف التشغيلية لمرافق الرعاية الصحية الأولية والثانوية (38 مرفقاً)، والفرق المتنقلة (185 فريقاً)، والعيادات المتنقلة (54 عيادة)، وسيارات الإسعاف في شمال غرب سوريا. وسلم محور غازي عنتاب 497 طناً من الإمدادات الطبية إلى المناطق التي تشتد فيها الاحتياجات الصحية، ودعم 1.8 مليون استشارة في مجال الرعاية الصحية الأولية، وعلاج أكثر من 88800 مريض مصاب بالرضوح. وقدَّم أيضاً محور غازي عنتاب الدعمَ إلى الشركاء من خلال توفير الخبرة التقنية والتدريب. ففي خريف 2018، سلم محور غازي عنتاب إلى شمال غرب سوريا أكبر شحنة عابرة للحدود على الإطلاق من أدوية الطوارئ ومستلزماتها، إذ قدَّم 104 أطنان من الإمدادات إلى 180 مرفقاً للرعاية الصحية. وفي 2018، أوصلت المنظمة أكثر من 245 طناً من المعدات والإمدادات الطبية (كانت كافية لتلبية الاحتياجات الصحية لما يزيد على 200000 فرد) إلى شمال شرق سوريا عن طريق معبر اليعربية الحدودي في العراق. ودعمت المنظمة كذلك إحدى المنظمات غير الحكومية الدولية التي قدمت خدمات الرعاية الصحية الأولية وخدمات إحالة الطوارئ إلى أكثر من 10000 شخص في مدينة الرقة في عام 2018.

وخلَّف العنف في جنوبي طرابلس في ليبيا، في أيلول/سبتمبر 2018، مئات الجرحى في حاجة إلى الرعاية الطبية العاجلة والمنقِذة للحياة. وأُبلِغ كذلك عن هجمات على مرافق الرعاية الصحية والعاملين فيها في ليبيا. ونشرت المنظمة 10 فرق متنقلة لمعالجة إصابات الطوارئ الشديدة في المناطق التي يدور فيها القتال في مسعى منها لدعم جهود الاستجابة التي تنفِّذها وزارة الصحة الليبية. ووفرت المنظمة أيضاً الأدوية اللازمة لعلاج الإصابات الشديدة للحالات الحرجة التي بلغت 200 حالة. وحصلت كذلك المرافق الصحية على الأدوية اللازمة لعلاج الأمراض المزمنة في المناطق التي تستضيف مشردين بسبب العنف الذي تشهده البلاد.

وفي آب/أغسطس 2018، استجابت المنظمة والسلطات الصحية في العراق لفاشية أمراض معدية معوية في البصرة تسببت فيها إمدادات المياه غير المأمونة. واستجابت المنظمة ووزارة الصحة من خلال توفير الأدوية والإمدادات الطبية، بما يضمن حصول جميع المرضى على العلاج مجاناً، وتدريب العاملين الصحيين ونشرهم، وإطلاق حملات لتوعية المجتمع، وتعزيز رصد جودة المياه في المناطق المتأثرة.

ودعماً للمتضررين من الجفاف في أفغانستان، قدَّمت المنظمة الدعم لتنفيذ الاستجابة السريعة بالحزمة الأساسية من الخدمات الصحية في المناطق المعرَّضة للخطر الأكبر. وأرسلت المنظمة أيضاً الإمدادات الطبية إلى المرافق الصحية في المناطق المتضررة بالجفاف التي تحظى بالأولوية. وفي عام 2018، قُدِّمت أكثر من 1.24 مليون استشارة صحية، ونُشِرَ 18 فريقاً صحياً متنقلاً لتقديم الخدمات الأساسية المنقِذة للحياة إلى السكان المتضررين بالجفاف والمشرَّدين بسبب الصراع، فضلاً عن تقديم الخدمات الصحية الأساسية إلى 32 منطقة من المناطق التي يصعب الوصول إليها.

وفي 2018، مَوَّل عدد من الجهات المانحة الرئيسية عمل المنظمة في مجال الطوارئ بنسبة 80% في المتوسط. وشملت هذه الجهات المانحة الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية (USAID)، ووزارة الخارجية الأمريكية، ومكتب المفوضية الأوروبية للمساعدات الإنسانية والحماية المدنية (إيكو)، وألمانيا، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، واليابان، وجمهورية كوريا، وصندوق الأمم المتحدة المركزي لمواجهة الطوارئ، ووزارة التنمية الدولية بالمملكة المتحدة، والنرويج، وقطر، والكويت، والبنك الدولي، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وعُمان، والصين، وإيطاليا، والجزائر، وسلوفاكيا، والسويد، وليتوانيا.‬ وبالرغم من تلقِّي بعض الدول دعماً كبيراً من الجهات المانحة في 2018، تواجه بلدان أخرى حالات طوارئ منسية، ولا تزال الاحتياجات الصحية بها تفتقر كثيراً إلى التمويل، منها الصومال والسودان والبلدان التي تستضيف اللاجئين.

ولاتزال الشراكات ضرورية للعمل في مجال الاستجابة لحالات الطوارئ، مع التأكيد على العمل الجماعي والتنسيق بين القطاعات المتعددة، خاصة مع قطاعات التغذية والمياه والإصحاح. وللمنظمة ثلاث شراكات تنفيذية رئيسية على الصعيد العالمي، تعمل جميعها بنشاط في الإقليم، وهذه الشراكات هي: مجموعة الصحة العالمية، والشبكة العالمية للإنذار بحدوث الفاشيات ومواجهتها، وأفرقة الطوارئ الطبية.

ومجموعة الصحة العالمية هي الشريك التنفيذي الأكبر في الأزمات الإنسانية، مع تفعيل 29 مجموعة على الصعيدين القُطري والإقليمي تعمل من 8 مواقع على المستوى الوطني و42 موقعاً على المستوى دون الوطني، وتهدف إلى خدمة 57.1 مليون شخص في حاجة إلى الخدمات الصحية. أما الشبكة العالمية للإنذار بحدوث الفاشيات ومواجهتها فتمثل شبكة من مؤسسات الصحة العامة التي تنشر خبراء تقنيين استجابةً للفاشيات وأحداث الصحة العامة في جميع أرجاء العالم. ويستضيف مكتب المنظمة الإقليمي لشرق المتوسط 12 شريكاً في الشبكة، وقد نشر في عام 2018 خبراء منها للاستجابة لفاشية حمى الضنك في باكستان. وأفرقة الطوارئ الطبية هي أفرقة مكتفية ذاتياً تستطيع تدعيم الخدمات السريرية أثناء الطوارئ. كما أن أفرقة الطوارئ الطبية الوطنية آخذة في الاتساع في جميع أنحاء الإقليم، مع قيام بعض الدول الأعضاء بإعداد أفرقة طوارئ طبية قد تُنشَر على الصعيد الدولي في نهاية المطاف لتقديم الدعم الإضافي عندما تعجز القدرات الوطنية في مكان آخر.