تعتبر التصادمات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق من الأسباب الرئيسية للمراضة والوفيات في العالم. فبالإضافة إلى العبء البشري المدمر الناجم عن الإصابات المترتبة، والإصابات والعجز، فإنها تحدث نتائج اقتصادية واجتماعية مهلكة للمصابين ولأسرهم وللمجتمع بل للبلد برمته. ومن أجل هذا قامت منظمة الصحة العالمية بتكريس اليوم العالمي للصحة لعام 2004 للسلامة على الطرق تحت شعار " السلامة على الطرق لا يجوز أن تترك للمصادفة" وذلك لتعزيز هذه القضية المهمة من قضايا الصحة العمومية.
وقد شهد اليوم كذلك إطلاق التقرير العالمي للوقاية من الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق، وهو نتاج عمل مشترك بين منظمة الصحة العالمية، والبنك الدولي ويمثل تقيماً شاملاً لحجم المشكلة وتأثيرها، واستراتيجيات التدخلات المتاحة ذات التوصيات القابلة للوضع في حيز التنفيذ في المستقبل بغية الحد من هذا العبء الضخم.
وفي هذا السياق، لا يسعنا النظر إلى يوم الصحة العالمي على أنه مجرد حدث للاحتفال، وإنما هو بمثابة التزام بقضية معينة، ونوع من التكريس لهدف، ووعد بتحقيق مستقبل أفضل.
تعتبر التصادمات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق من الأسباب الرئيسية للمراضة والوفيات في العالم قاطبة.
وقد قامت منظمة الصحة العالمية بتكريس يوم الصحة العالمي لعام 2004 للسلامة على الطرق، والتي تمثل قضية مهمة من قضايا الصحة العمومية والتنمية، تحت شعار" السلامة على الطرق لا يجوز أن تترك للمصادفة".
بالإضافة إلى هذا شهد هذا اليوم إطلاق التقرير العالمي حول الوقاية من حوادث المرور على الطرق، والذي يمثل نتاجاً للعمل المشترك بين منظمة الصحة العالمية والبنك الدولي. فهو يمثل تقييماً شاملاً لحجم المشكلة وتأثيرها.
ولطالما تعاملنا مع السلامة على الطرق بوصفها قضية مواصلات أكثر من كونها قضية من قضايا الصحة العمومية. ومن هنا فقد اصطلحنا على تسمية الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق باسم "الحوادث" على الرغم من أن غالبية هذه الحوادث يمكن الوقاية منها. ونتيجة لذلك، فإن الجهد الذي تبذله البلدان لفهم قضية الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق والوقاية منها أقل بكثير من الجهد المبذول لفهم الأمراض الأقل ضرراً والوقاية منها.
ففي كل يوم يصاب نحو 140000 فرد على الطرق في العالم، كما يلاقي 3000 شخص حتفه، ناهيك عن إصابة نحو 15000 بالعجز طوال عمرهم. وكل من هؤلاء الأفراد لديه شبكة من الأسر والأصدقاء والجيران والزملاء أو الرفاق والتي تتأثر كذلك بهذه الإعاقة من الناحية العاطفية وخلافه. وتكافح الأسر للتغلب على وطأة الفقر عندما تفقد معيلها، أو عندما تتحمل المصاريف الإضافية المرتبطة برعاية أفراد الأسرة.
إن الأرقام الراهنة مثيرة للقلق بما فيه الكفاية. والأدهى من ذلك أن هذه الاتجاهات حال استمرارها، سيصل عدد من يلاقون حتفهم أو يصابون بالعجز من جراء الإصابات على الطرق في عام 2020 إلى ما يزيد عن 60% مما يجعل من الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق أحد العوامل الرئيسية التي تسهم في العبء العالمي للأمراض والوفيات. ويعتبر هذا العبء أشد وطأة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل حيث يمثل اليوم نحو 90% مما تتمخض عنه الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق من وفيات وعجز. ومن المتوقع أن يزيد هذا العبء قريبا ليصل إلى 95%.
سيهيئ يوم الصحة العالمي لعام 2004 الفرصة لتوجيه الاهتمام العالمي لهذه المشكلة من مشاكل الصحة العمومية والتي تتسم بالحساسة الشديدة والمتنامية بشكل سريع. ولقد اخترنا شعار " السلامة على الطرق لا يجوز أن يترك للمصادفة" لهذا اليوم والذي يكشف عن حقيقة مهمة تعطي سببا للتفاؤل ومفادها أن الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق يمكن تفاديها، إذا تم الإقرار بكونها من المشاكل الخطيرة التي تجابه الصحة العمومية، إذا اتخذت الحكومات وغيرها من الأطراف التدابير اللازمة للوقاية منها.
وتعتبر البلدان المرتفعة الدخل من أول من قام بالحشد والتعلم من واقع التجربة فقد أدركت أن التنقل بالمحركات وإن كان يهيئ العديد من المزايا إلا أنه يحدث مخاطر كثيرة ما لم يتم إيلاء أقصى اهتمام لقضية السلامة. ولقد اتضح أن البلدان الأكثر نجاحا في الحد من المخاطر هي تلك التي أشركت العديد من المجموعات المختلفة من الحكومات والمجتمع المدني والصناعة نفسها في البرامج المنسقة المعنية بالبحوث والتطوير والتنفيذ الخاصة بالسلامة على الطرق. ومن ثم نجد الآن أن بعض من أكثر بلدان العالم استخداما للمحركات ، تحظى بأقل معدلات الوفيات الناجمة عن تصادمات المرور على الطرق لكل 100000 شخص، إذ تصل المعدلات السنوية إلى أقل من 6.0 وهي آخذه في التناقص. وعلى النقيض نجد أن العديد من البلدان الأخرى لديها معدلات تتجاوز 28.9 لكل 100000 شخص.
ونحن نأمل في مشاركتكم وسائر زملائكم في الاحتفال بيوم الصحة العالمي لعام 2004. ويهدف هذا الكتيب إلى تزويدكم ببعض المعلومات العامة حول الإصابات الناجمة عن تصادمات المرور على الطرق بهدف مساعدتكم في إيجاد طرق للاستفادة من يوم الصحة العالمي في إذكاء الوعي وتعزيز الإجراءات اللازمة للوقاية من مثل هذه الإصابات في الشهور والسنوات القادمة. وإنني على يقين أنه يمكننا من خلال اتخاذ التدابير اللازمة الآن والعمل معاً تحقيق نوع من الانحسار للاتجاهات الراهنة وإنقاذ ملايين البالغين والأطفال من الوفيات والعجز من الآن حتى عام 2020، ناهيك عن المزيد من ملايين الأرواح التي ستزهق بعد ذلك.
يتم الاحتفال بيوم الصحة العالمي في إقليم شرق المتوسط والعالم قاطبة في يوم السابع من نيسان/ أبريل من كل عام، ولطالما كان هذا الحدث فرصة لإلقاء الضوء على قضايا الصحة العمومية المهمة، ولتعزيز النقاش والجدل الدائر حول مختلف جوانب الوقاية وتعزيز الصحة. ويركز يوم الصحة العالمي 2004 هذا العام على شعار" السلامة على الطرق لا يجوز أن تترك للمصادفة".
وعلى الصعيد العالمي، ارتفع العبء العالمي الناجم عن الإصابات من 12% في عام 1999 إلى 15% في عام 2000 ومن المتوقع أن يتزايد بشكل أكبر بحلول عام 2020. فالإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق، بشكل خاص، في ازدياد ومن المتوقع أن يتفاقم الوضع في السنوات القادمة، إذ قد تقفز الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق من المكانة التاسعة للأسباب الرئيسية لسنوات العمر الضائعة باحتساب مدد العجز إلى المكانة الثالثة بحلول عام 2020. ومن المتوقع أن تمثل الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق نحو 2.3 مليون وفاة سنويا، أي ضعف العبء الحالي للوفيات تقريباً والذي يبلغ 1.2 مليون وفاة في العام. ومن الأمور المثيرة للقلق أن 90% من هذه الوفيات من المتوقع أن تحدث في البلدان الأقل استخداماً للمحركات.
والحاصل أن خطر الوفيات والعجز الناجم عن تصادمات المرور على الطرق في بلدان إقليم شرق المتوسط يزيد بشكل عام مع زيادة الدخل لكل نسمة. إن خطر الوفيات الناجمة عن تصادمات المرور على الطرق في الإقليم، وفقاً للبيانات المتاحة، تتراوح ما بين 8 وفيات لكل 100000 نسمة في اليمن إلى 24 لكل 100000 نسمة في عمان. كما أن معدلات الوفيات لكل 10000 مركبة تسجل أعلى معدلاتها في الجمهورية العربية السورية حيث تبلغ 36 وفاة لكل 10000 مركبة، وأدنى معدلاتها في البحرين حيث تبلغ 3 وفيات لكل 10000 مركبة، بيد أن هذه الأرقام توضح تماما إذا ما تم مقارنتها مع بلد متقدم من قبيل المملكة المتحدة والتي تسجل 1.5 وفاة لكل 10000 مركبة، زيادة احتمال وفاة المواطنين في الإقليم بسبب التصادمات على الطرق. فوفقاً لتقرير الصحة العالمي لعام 2003، شهد إقليم شرق المتوسط ما مجموعه 132000 وفاة في عام 2002 بسبب التصادمات على الطرق وحدها.
ومن الأمور المثيرة للقلق أن أكثر مستخدمي الطرق تضرراً في الإقليم هم المشاة، وقائدي الدراجات، ومستخدمي المواصلات العامة. وتعتبر الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق ثاني أهم مسبب للوفيات بين صفوف الأطفال، والمواطنين في سن العمل. فالإصابات والإعاقات الناجمة عن تصادمات المرور على الطرق تفضي إلى نتائج اقتصادية واجتماعية على الشخص المصاب وعلى أسرته ومجتمعه بل بلده ككل. وتكلف هذه الإصابات والحكومات الحكومات في البلدان النامية ما يتراوح بين 1% و2% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً، وهو ما يعني خسارة نحو 520مليار دولار أمريكي سنوياً، أي أكثر من إجمالي المساعدات الإجمالية التي تتلقاها البلدان النامية في العالم قاطبة. ووفقا لتقديرات البنك الدولي نجد أنه في عام 1999 وحده، وصل ما تحملته حكومات إقليم شرق المتوسط من تكاليف من جراء الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق ما يربو على 7.5 مليار دولار أمريكي.
إن الإصابات والوفيات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق يمكن توقيها. فقد تم تحديد وتنفيذ العديد من الاستراتيجيات الفعالة في البلدان المتقدمة، وبالتالي شهدنا انخفاضا بطيئا وأن كان بمعدلات ثابتة في هذه البلدان. والحق أن نمط الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق في البلدان النامية يختلف عنه في البلدان المتقدمة. فالمشاكل من قبيل الافتقار إلى البيانات وضعف ما تحظى به من أولوية السياسات، وانتهاج مستخدمي الطرق لسلوكيات محفوفة بالمخاط، وضعف التعاون بين القطاعات، والمصالح الاقتصادية والسياسية المتعلقة بالطرق المخصصة للنقل العام، والطرق السيئة، والأنكى من ذلك ضعف القدرة على إنفاذ القوانين كلها من الأمور التي تسهم في تهيئة الوضع لمخاطر غير مسبوقة على الطرق. وبناء عليه لا يمكن ببساطة نقل الاستراتيجيات والتكنولوجيات والسياسات الخاصة بالوقاية من البلدان المتقدمة وغرسها في العالم النامي.
ومع هذا فإن هذه الصورة القميئة لا يجوز أن تحول بأي حال من الأحوال دون اتخاذنا استجابة مواتية من أجل التخفيف من وطأة معاناة شعوب الإقليم من ناحية، ومن أجل الحماية من الخسائر الاقتصادية والاجتماعية على الجانب الأخر. ومنظمة الصحة العالمية إذ تدرك الطبيعة الحاسمة لهذه المعضلة، فإنها تسعى إلى حشد الحكومات والمنظمات والمجتمعات من أجل التعاطي بفعالية مع هذه المشكلة. وقد تم اختيار موضوع " الطرق الآمنة" للحملة الخاصة بيوم الصحة العالمي لعام 2004 بهدف تحفيز اهتمام مختلف أصحاب المصلحة والمجتمعات والمنظمات بإعداد الاستراتيجيات اللازمة لمحاربة هذا الخطر.
ولقد تم إطلاق التقرير العالمي حول الوقاية من الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق والذي يعد بمثابة نتاجاً مشتركا لمنظم الصحة العالمية والبنك الدولي في يوم الصحة العالمي. والهدف من هذا التقرير هو تقديم تقييم شامل لما نعرفه عن حجم المشكلة، وتأثير هذه الاستراتيجية المتعددة القطاعات، واستراتيجيات التدخل المتاحة. فعلى الصعيد الإقليمي قام العديد من البلدان بما فيها جيبوتي ومصر وجمهورية إيران الإسلامية وعمان والمملكة العربية السعودية بإدخال أنشطة بالفعل للتصدي لهذه المشكلة، والحد من عبء الوفيات والإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق.
إن يوم الصحة العالمي لا يقتصر على كونه حدثاً للاحتفال، وإنما هو نوع من الالتزام بقضية، وتكريس لهدف، ووعد بتحقيق مستقبل أفضل. إن الوقاية من الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق تعتمد على قطاعات مختلفة مثل المنظمات الحكومية وغير الحكومية والإعلام والأعمال الخاصة والمجتمعات المحلية، والمدارس، وقطاع المواصلات والصحة. والحق أن رفع مستوى وعي سائر الأطراف المعنية هو مطلب أساسي للوقاية من الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق. ويتعين أن يكون هناك نوع من التركيز على سلوكيات مستخدمي الطرق، والبنية الأساسية المحسنة، وعنصر السلامة، وصيانة المركبات. ومن الأمور الحاسمة الحصول على التزام الأفراد بمراعاة سلامتهم الشخصية وسلامة من يرافقهم وكذلك سائر مستخدمي الطرق بما فيهم المشاة، وبإمكانية وضع حلول جديدة من خلال التطرق إلى الإمكانيات الكامنة في المجتمع.
يعد إطلاق يوم الصحة العالمي مجرد البداية لحملة عالمية تتواصل على مدى العام للوقاية من الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق. فلنتكاتف جميعا حثي يمكن للأطفال والآباء العودة إلى منازلهم أمنين في نهاية كل يوم. وأنا على يقين من أننا يمكنا سويا أن نصنع فرقاً حقيقياً.