غالبا ما يتم التعامل مع السلامة على الطرق بوصفها قضية تتعلق بالمواصلات بدلا من اعتبارا قضية من قضايا الصحة العمومية، ومن ثم دُرج على تسمية الإصابات المترتبة على حوادث المرور على الطرق بالحوادث على الرغم من أن معظمها يمكن توقيه. ونتيجة لذلك بذلت العديد من الدول جهداً يسيراً لفهم الإصابات المترتبة على حوادث المرور على الطرق وتوقيها، أكثر مما تبذله لفهم الأمراض الأقل ضرراً والوقاية منها.
والحاصل أن هنالك نحو 140000 يصابون يومياً على الطرق في العالم، ويلقى ما يربو على 3000 حتفه، ناهيك عن إصابة نحو 15000 شخص بالإعاقة التي تستمر طيلة العمر. وكل من هؤلاء الأفراد لديه شبكة من الأسر والأصدقاء والجيران والزملاء أو الرفاق والتي تتأثر كذلك بهذه الإعاقة من الناحية العاطفية وخلافه. وتكافح الأسر للتغلب على وطأة الفقر عندما تفقد معيلها، أو عندما تتحمل المصاريف الإضافية المرتبطة برعاية أفراد الأسرة.
إن الأرقام الراهنة مثيرة للقلق بما فيه الكفاية. والأدهى من ذلك أن هذه الاتجاهات حال استمرارها، سيصل عدد من يلاقون حتفهم أو يصابون بالعجز من جراء الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق في عام 2020 إلى ما يزيد عن 60% مما يجعل من الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق أحد العوامل الرئيسية التي تسهم في العبء العالمي للأمراض والوفيات. ويعتبر هذا العبء أشد وطأة في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل حيث يمثل اليوم نحو 90% مما تتمخض عنه الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق من وفيات وعجز. ومن المتوقع أن يزيد هذا العبء قريبا ليصل إلى 95%.
سيهيئ يوم الصحة العالمي لعام 2004 الفرصة لتوجيه الاهتمام العالمي لهذه المشكلة من مشاكل الصحة العمومية والتي تتسم بالحساسة الشديدة والمتنامية بشكل سريع. ولقد اخترنا شعار "السلامة على الطرق لا يجوز أن يترك للمصادفة" لهذا اليوم والذي يكشف عن حقيقة مهمة تعطي سببا للتفاؤل ومفادها أن الإصابات الناجمة عن حوادث المرور على الطرق يمكن تفاديها، إذا تم الإقرار بكونها من المشاكل الخطيرة التي تجابه الصحة العمومية، وإذا اتخذت الحكومات وغيرها من الأطراف التدابير اللازمة للوقاية منها.
وتعتبر البلدان المرتفعة الدخل من أول من قام بالحشد والتعلم من واقع التجربة، فقد أدركت أن التنقل بالمحركات وإن كان يهيئ العديد من المزايا إلا أنه يحدث مخاطر كبيرة ما لم يتم إيلاء أقصى اهتمام لقضية السلامة. ولقد اتضح أن البلدان الأكثر نجاحا في الحد من المخاطر هي تلك التي أشركت العديد من المجموعات المختلفة من الحكومات والمجتمع المدني والصناعة نفسها في البرامج المنسقة المعنية بالبحوث والتطوير والتنفيذ والخاصة بالسلامة على الطرق. ومن ثم نجد الآن أن بعضاً من أكثر بلدان العالم استخداما للمحركات ، يحظى بأقل معدلات الوفيات الناجمة عن تصادمات المرور على الطرق لكل 100000 شخص، إذ تصل المعدلات السنوية إلى أقل من 6.0 وهي آخذه في التناقص. وعلى النقيض نجد أن العديد من البلدان الأخرى لديها معدلات تتجاوز 28.9 لكل 100000 شخص.
ونحن نأمل في مشاركتكم وسائر زملائكم في الاحتفال بيوم الصحة العالمي لعام 2004. ويهدف هذا الكتيب إلى تزويدكم ببعض المعلومات العامة حول الإصابات الناجمة عن تصادمات المرور على الطرق بهدف مساعدتكم في إيجاد طرق للاستفادة من يوم الصحة العالمي في إذكاء الوعي وتعزيز الإجراءات اللازمة للوقاية من مثل هذه الإصابات في الشهور والسنوات القادمة. وإنني على يقين أنه يمكنا من خلال اتخاذ التدابير اللازمة الآن والعمل معاً تحقيق نوع من الانحسار للاتجاهات الراهنة وإنقاذ ملايين البالغين والأطفال من الوفيات والعجز من الآن حتى عام 2020، ناهيك عن المزيد من ملايين الأرواح التي سيتم إنقاذها بعد ذلك.