المركز الإعلامي | الأخبار | ملاحظات لوسائل الإعلام | 2007 | مبادرة التحرُّر من الأغلال لإعادة حقوق الإنسان وحفظ الكرامة للمتعايشين مع الاضطرابات النفسية

مبادرة التحرُّر من الأغلال لإعادة حقوق الإنسان وحفظ الكرامة للمتعايشين مع الاضطرابات النفسية

طباعة PDF

أين تقع خدمات الرعاية الصحية المقدَّمة للمتعايشين مع الاضطرابات النفسية على خريطة الرعاية الصحية العمومية؟ وإلى أي مدى تلبي تلك الخدمات حقوق هذه الفئة من المجتمع وتحفظ كرامة أفرادها؟ وهل تعبِّر خبرات وتجارب بلدان إقليم شرق المتوسط عن نجاحٍ أم إخفاق في هذا الصدد؟ وهل تتفاعل منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية في البلدان الأعضاء لتطوير خدمات الرعاية الصحية للمتعايشين مع الاضطرابات النفسية؟

تساؤلات عديدة ستكون محور الاجتماع البلداني الذي يعقده المكتب الإقليمي لشرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية في المدة من 9 – 11 أيلول/سبتمبر 2007 تحت عنوان تحسين جودة الخدمات فيما يتعلَّق بالكرامة والحقوق الإنسانية للمتعايشين مع الاضطرابات النفسية.

يستهدف الاجتماع تقيـيم الوضع الحالي لخدمات الرعاية المقدَّمة في مجال الصحة النفسية، واستعراض الدلائل الإرشادية وآليات رصد الأداء داخل المؤسسات الصحية المعنيَّة التي أَعَدَّتها منظمة الصحة العالمية، ومراجعة التجارب الإقليمية في هذا المجال والخروج بتوصيات من شأنها وضع سياسة ومناهج وأدوات إقليمية لتقيـيم الوضع المشار إليه.

تعود أهمية هذا الاجتماع الذي يعقده المكتب الإقليمي إلى مسعاه الجاد لإيجاد جسر تتواصل من خلاله الأحاديث المتواتـرة عن حقوق الإنسان، وما هو قائم بالفعل على أرض الواقع، وتحويل الأقوال إلى أفعال تصب في صالح المتعايشين مع الاضطرابات النفسية وتتيح لهم فرص الاستفادة من خدمات رعاية شاملة عالية الجودة تحفظ عليهم كرامتهم الإنسانية وحقوقهم الصحية والمجتمعية.

ويوجد في العالم اليوم حوالي 450 مليون إنسان يعانون نوعاً أو آخر من الاضطرابات النفسية أو العقلية بما في ذلك الاضطرابات السلوكية ومعاقرة مواد الإدمان. ومن بين كل أربعة أُسَر، هنالك أسرة يعاني أحد أفرادها من أحد أنواع هذه الاضطرابات. وليس إقليم شرق المتوسط باستثناء من هذا الوضع العالمي.

إن الصحة حق أصيل من حقوق الإنسان كما نصَّ على ذلك دستور منظمة الصحة العالمية منذ إرسائه قبل ستين عاماً تقريباً. والأكثر من ذلك أن البُعد النفسي هو مكوِّن أساسي في تعريف الصحة بشكل عام كما تنص عليه ديباجة الدستور. وإذا وضعنا تلك الحقيقة إلى جانب حقيقة أخرى مفادها أن المادة الأولى من الإعلام العالمي لحقوق الإنسان تنص على أن كافة البشر أحرار ومتساوون في الحقوق والكرامة الإنسانية، تتشكَّل أمامنا علامة استفهام كبيرة حول ما آلت إليه أحوال المتعايشين مع الأمراض النفسية الآن، وما قد يتعرَّضون إليه من سوء المعاملة التي تصل إلى انتقاص لكافة حقوقهم الإنسانية والمجتمعية، في بعض الأحايـين.

وتسعى منظمة الصحة العالمية والسلطات الصحية في البلدان الأعضاء لتغيـير هذه الأوضاع. ومن الخطوات العملية التي اتخذتها المنظمة في هذا الشأن إصدار وثائق حول قانون رعاية الصحة النفسية: المبادئ العشر الأساسية والدلائل الإرشادية لتعزيز الحقوق الإنسانية للمتعايشين مع الاضطرابات النفسية كما أُصدرت مؤخراً مطبوعة بعنوان (( الكتاب المرجعي لمنظمة الصحة العالمية في الصحة النفسية وحقوق الإنسان والتشريع )).

وعلى صعيد إقليم شرق المتوسط أصدر المكتب الإقليمي عدداً من المطبوعات حول قضايا تتعلَّق بالصحة وحقوق الإنسان مثل المطبوعة التي تحمل العنوان نفسه وأخرى بعنوان (( الصحة حقاً من حقوق الإنسان في الإسلام )) وثالثة بعنوان (( 25 سؤالاً حول الصحة وحقوق الإنسان )).

وسوف يناقش الاجتماع مسودة الدليل الإقليمي للمستخدِم حول مكافحة العزل والاستبعاد والقيود في مؤسسات الصحة النفسية، إلى جانب آليات المتابعة العملية، الرامية إلى تأمين مراعاة الكرامة الإنسانية، وحقوق الإنسان الخاصة بالأشخاص المتعايشين مع الاضطرابات النفسية، في إطار خدمات صحية عالية الجودة.

لقد تحقَّق الكثير من التقدُّم في المعالجة الفعَّالة لغالبية الاضطرابات النفسية، الأمر الذي يمكِّن المتعايشين مع هذه الاضطرابات من أن يحيوا حياة طبيعية ويصبحوا أعضاء عاملين ومنـتجين في المجتمع.

ويقول الدكتور حسين الجزائري المدير الإقليمي لشرق المتوسط (( يتمتع إقليمنا برصيد ثقافي قوي في مجال معاملة الفئات المهمَّشة بمن فيهم المتعايشون مع الاضطرابات النفسية. وقد شهد القرنان التاسع والعاشر إنشاء أول مستشفيات نفسية لائقة بل وعنابر نفسية داخل المستشفيات العامة في البلدان الإسلامية، يكفلها أناس ذوو دوافع ثقافية ودينية وخيرية، ولم يكن المتعايشون مع هذه الاضطرابات النفسية يلقون الرعاية فحسب، بل كان المجتمع يسهم في تحسين أوضاعهم المعاشية. وكانت المعالجة في ذلك الزمن مزيجاً من المعالجة النفسية والثقة والدعم، وتقوم على علاقة وثيقة بين التكوين النفسي والمزاجي والبدني، وكانت الموسيقى جزء بالغ الأهمية من العلاج )).

غير أن الوضع لم يظل على هذا النحو في القرون التي تلت ذلك العهد. وأصبح المتعايشون مع الاضطرابات النفسية ضحايا للمعاملة غير الإنسانية وللوصمة والتميـيز والحرمان من حقوقهم التي يكفلها القانون، والاستبعاد من قِبَل أفراد مجتمعهم بل – والأكثر مدعاة للأسف – داخل النظام الصحي نفسه في بعض الأحيان.

وإزاء هذه الممارسات أطلقت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها مبادرة (( التحرُّر من الأغلال )) في إشارة إلى كسر السلاسل الحديدية التي تلجأ بعض المنشآت الصحية النفسية إلى تقيـيد نزلائها بها. وقد بدأ التطبيق المبدئي لهذه المبادرة في المستشفيات النفسية بأفغانستان والصومال حيث يلقى النزلاء معاملة إنسانية وعلاجاً مناسباً بعيداً عن القيود.

وتمثِّل التشريعات آلية أخرى لتحسين مستوى الرعاية للمتعايشين مع الاضطرابات النفسية، لكنها تتطلَّب حسماً في التطبيق كي تصبح نافذة وفعَّالة. وتظل الشراكة المتعدِّدة القطاعات بين الإعلام والمجتمع المدني والحكومات ومنظمة الصحة العالمية، والمبادرات المجتمعية لرعاية هذه الفئة، وإدماج خدمات الرعاية الصحية الخاصة بها في برامج الرعاية الصحية الأولية، مع التأكيد على الأهمية القصوى لحفظ الكرامة والحقوق الإنسانية للمتعايشين مع الاضطرابات النفسية، من أهم التدخُّلات التي تعمل المنظمة وبلدانها الأعضاء على تعزيزها.

لمزيد من المعلومات يُرجى الاتصال على:

وحدة الصحة النفسية:

وحدة الإعلام:

هاتف:  27653702 – 27655242

هاتف:  27650202

فاكس: 27654552 فاكس: 27654552