إنجاز كبير في العراق

طباعة PDF

في إنجاز هام حقَّقه القطاع الصحي العراقي مؤخراً بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، تم افتـتاح المركز الوطني لبحوث وضمان جودة الأدوية الذي أعيد إعماره وتأهيله بعد سنوات من التوقف عن العمل إثر تعرُّضه للتدمير والنهب أثناء النزاع المسلح في عام 2003.

بدأت عملية إعادة الإعمار – التي تكلَّفت حوالي 6 ملايـين دولار - في آب/أغسطس 2004، باستجابة من منظمـة الصحـة العالمية لطلب وزارة الصحـة العراقيـة في ذلك الحين، وتواصلت حتى اكتمل العمل وتم افتـتاحه هذا الأسبوع في صورته المتطورة. ويمثـِّل تشغيل هـذه المنشـأة الصحية التي تخـدم 27 مليون مواطن أمراً حيوياً لتحسين جودة الأدوية، ومن ثـَمَّ تحسين الوضع الصحي لسكان العراق. ويمكن إدراك أهمية هذه المنشأة إذا علمنا أنها المرفق القانوني الوحيد المتاح لتحليل المنتجات الصيدلانية سواء المستوردة من الخارج أو المصنَّعة محلياً، واعتماد صلاحيتها ومأمونيتها للاستخدام الطبي في العراق.

وكما هو معلوم، فقد أصبحت جودة المنتجات الصيدلانية مثار قلق عالمي في السنوات الأخيرة، فالتقارير الحديثة تشير إلى أن انتشار الأدوية الرديئة الصنع والمغشوشة قد بات يمثِّل نسبة مثيرة للقلق في الكثير من البلدان، ولاسيَّما البلدان التي تعرَّضت سلطاتها المنظِمة لصناعة الأدوية للإنهاك بسبب الدمار الناجم عن الكوارث الطبيعية، أو التي هي من صنع الإنسان.

ويمكن أن يؤدي الافتقار لنظم موثوق بها لضمان جودة الأدوية، وما ينجم عن ذلك من تداول أدوية رديئة الصنع – إلى عواقب صحية وخيمة من بينها فشل المعالجة، والآثار العكسية، وزيادة معدلات المرض والوفاة، وتطور المقاومة للأدوية وإهدار الموارد.

وقد وضعت السلطات الصحية هذه المخاطر نصب أعينها واتخذت قراراً استـراتيجياً بتقليص أثر استخدام الأدوية المقلَّدة. وعملت في هذا الشأن عن كثب مع منظمة الصحة العالمية على مدى عامَيْن لإعادة تأسيس المركز الوطني لضمان جودة الأدوية، مستعينة في هذا بتمويل من الاتحاد الأوروبي. وحظيَ المشروع بإشراف دوري من الفريق الدولي التابع لمنظمة الصحة العالمية برئاسة الدكتورة نعيمة القصير، ممثل منظمة الصحة العالمية في العراق. وتـتابعت الزيارات إلى الموقع، وكان آخرها الزيارة التي تمت في نيسان/إبريل الماضي للاطمئنان على اكتمال العمل قبل الافتـتاح الذي تم الأسبوع الماضي. وتم ذلك من خلال تجديد المباني الرئيسية للمركز وتوسيعها وتجهيزها بالمعدات الحديثة. وكذلك تطوير برامج تدريب ملائمة لتطبيق المناهج والتقنيات الحديثة والاستعانة بالدلائل الإرشادية المطورة لضمان جودة الأدوية وإدارة المعامل.

ويمثِّل الحصول على أدوية مأمونة وفي متناول القدرات المالية للمواطنين حق أساسي من حقوق الإنسان. ولعل الخدمات التي أصبح المركز يقدِّمها بالفعل بعد إعادة إعماره تسهم في تأصيل هذا الحق. وقد ازداد عدد العيِّنات التي يتم فحصها في المركز بين عامَيْ 2003 ونهاية 2006 نحو ثلاثة أضعاف (من 400 28 حالة إلى 90 ألف حالة) كما تقلص عدد العينات التي لم يكن باستطاعـة المركز التعامـل معها بسبب نقص المعدات من 156 حالة عام 2003 إلى 80 حالة فقط عام 2006.

كما أدى تجهيز المركز بالمعدات الاتصالية إلى زيادة ما يوفره المركز من فرص الحصول على الوثائق الحديثة والبيانات الخاصة بإجراءات ضمان جودة الأدوية عبر شبكة الإنتـرنت بما في ذلك الدخول على مواقع منظمة الصحة العالمية وسائر المواقع الإلكتـرونية المتخصِّصة.

وتعرب منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة العراقية عن الامتنان للاتحاد الأوروبي لإسهامه في تحقيق هذا الإنجاز الهام. ومن المأمول أن تكون هذه خطوة أولى نحو مزيد من التطوير في مجال ضمان جودة الأدوية لصالح الشعب العراقي.