مبادرة الخلو من شلل الأطفال | الأخبار | التطعيم ضد شلل الأطفال رغم الصعاب في اليمن: رسائل من الخطوط الأمامية لاستئصال شلل الأطفال

التطعيم ضد شلل الأطفال رغم الصعاب في اليمن: رسائل من الخطوط الأمامية لاستئصال شلل الأطفال

طباعة PDF

Muneera Abdo is one of thousands of vaccinators across Yemen working tirelessly to reach every last child with polio vaccineمنيرة عبده هي واحدة من آلاف القائمين على التطعيم في جميع أنحاء اليمن، وتعمل بلا كلل للوصول إلى آخر طفل بلقاح شلل الأطفال.

22 حزيران/ يونيو 2021 - في حي البريكة، وهو حي فقير في مدينة عدن الساحلية في جنوب اليمن، تشق منيرة عبده طريقها ببطء في الشوارع الرملية. وتطرق منيرة أبواب المنازل التي غالبًا ما تكون مصنوعة من قطاعات الصفيح المُهمَلة وهي تحمل صندوق تبريد بلاستيكي قديم معلق على كتفها.

ومنيرة هي أحد القائمين على التطعيم ضد شلل الأطفال، وتعمل في بعض المناطق الأكثر صعوبةً على وجه الأرض. وهي تطرق كل الأبواب لتطعيم الأطفال دون سن 5 سنوات، وترفع مستوى الوعي بأهمية التطعيم بين الآباء الذين يتردد كثيرٌ منهم في التطعيم أو يرفضون تطعيم أطفالهم تمامًا.

وقالت منيرة: "أسعَدُ لحظات حياتي عندما أخدم مجتمعي وأُسهِم في إنقاذ حياة الأطفال."

ومنيرة هي واحدة من آلاف القائمين على التطعيم في جميع أنحاء اليمن. عملهم بسيط، ولكنه صعب للغاية: إيصال لقاح شلل الأطفال إلى كل طفل دون إغفالٍ لأحد بعدد المرات اللازمة للقضاء على الفيروس. ويقطع القائمون على التطعيم مسافات شاسعة عبر الصحاري وفوق التلال والجبال للوصول إلى المجتمعات المحلية التي تعيش بعيدًا عن التجمعات السكانية.

ولم يسبق لوظيفة منيرة أن استأثرت بدرجة مماثلة من الاهتمام. وبعد مرور أكثر من 15 عامًا على خلو اليمن من حالات شلل الأطفال، تأكدت فاشية فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاحات في اليمن في عام 2020. ومنذ ذلك الحين، تلقى ملايين الأطفال لقاح شلل الأطفال الفموي في أيام التمنيع الجماعي المتعددة لتعزيز المناعة ووقف الفاشية.

وتطرق تيسير أحمد كل الأبواب في مديرية ثلاء، في الجبال الطويلة شديدة الانحدار بمحافظة عمران في شمال البلد خلال شهري تشرين الثاني/ نوفمبر 2020 وأيار/ مايو 2021.

وقالت تيسير: "إنها مهمة شاقة، ولكن التعب يزول كلما رأيت الآباء يُحضرون أطفالهم لتلقي التطعيم دون أي تردد".

Sometimes, vaccinators in Yemen reach the end of a long and difficult road, only to continue on foot for hours moreفي بعض الأحيان، يصل القائمون على التطعيم في اليمن إلى نهاية طريق طويل وصعب، ولا يكون أمامهم إلا الاستمرار سيرًا على الأقدام لساعات أخرى

الصراع يؤخر حملات شلل الأطفال

كان النظام الصحي المتضرر في اليمن وسوء حالة الصرف الصحي في العديد من القرى سيشهد انتشار فيروس شلل الأطفال بسهولة من طفل إلى آخر في جميع أنحاء البلاد لولا القائمون على التطعيم مثل منيرة وتيسير. وقد أدى الصراع وعدم الاستقرار اللذان أغرقا أجزاء من البلد في أزمة إنسانية طويلة الأمد إلى انخفاض معدلات التطعيم وتأخير الحملات، مما جعل مزيدًا من الأطفال عُرضة للفيروس.

وأصيب ما مجموعه 34 طفلًا بالشلل بسبب الفاشية حتى 20 حزيران/ يونيو 2021. وتُسلّط هذه الخسائر البشرية المروعة الضوءَ على فجوة التمنيع في اليمن والتحديات التي تواجه تقديم الرعاية الصحية في أي صراع. وانخفضت معدلات التمنيع في محافظة صَعدة، وهي بؤرة الفاشية، في السنوات الست عشرة الماضية منذ أن نُظمت آخر حملة تطعيم عن طريق الزيارات المنزلية في عام 2004.

واستجابةً للحاجة المُلحة إلى تقديم خدمات التطعيم لجميع الأطفال في هذه المحافظة، فقد نَفَّذَت منظمة الصحة العالمية واليونيسف، بالتعاون مع وزارة الصحة العامة والسكان، أنشطة التوعية الصحية في هذه المحافظة، واستهدفت تلك الأنشطة نحو 200000 طفل دون سن الخامسة بلقاحات شلل الأطفال واللقاحات الأخرى، بالإضافة إلى تقديم دعم آخر في مجالي الصحة والتغذية. وستتواصل جولات إضافية من التوعية على مدار عام 2021.

وكان الانتفاع بالخدمات زاخرًا بالمعلومات: فقد كان عامل الجذب الرئيسي للأسَر هو حزمة الخدمات الصحية تحت عنوان "التدبير العلاجي المتكامل لأمراض الطفولة"، التي تدعم الأطفال دون سن 5 سنوات بتقديم الرعاية الصحية، ومنها التطعيمات. وفي الجولة الأولى من التوعية، قدم العاملون الصحيون المدربون العلاج من خلال حزمة خدمات التدبير العلاجي المتكامل لأمراض الطفولة إلى 44624 طفل دون سن 5 سنوات. ومن بين هؤلاء الأطفال، كان عُمر 4967 طفلًا دون الشهرين وتَلَقَّوا تطعيمهم لأول مرة.

ولكن لكي تُثمر هذه الجهود عن سد فجوة التمنيع في اليمن، لا بد من استمرارها، وهذا ليس بالأمر اليسير.

وقال الدكتور أدهم عبد المنعم، ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن: "على الرغم من جميع التحديات الأمنية والإنسانية، إلا أننا نجحنا في تنفيذ عدة جولات من حملات التطعيم في جميع أنحاء البلد لتصل اللقاحات إلى ملايين الأطفال. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين إنجازه لاحتواء الفاشية الحالية ومنعها من مواصلة الانتشار".

وكما يعلم القائمون على التطعيم مثل منيرة وتيسير، فإن العمل لا يمكن أن يُنجَز إلا خطوة بخطوة عن طريق الزيارات المنزلية دون إغفال أي طفل. إنها مهمةٌ شاقةٌ للغاية، فهي تنطوي على صعوبة من الناحية اللوجستية، كما أنها مضنية جسديًا ووجدانيًا أيضًا. ولهذا السبب، غالبًا ما ينظر الناس على المستوى الميداني لاستئصال شلل الأطفال إلى عملهم على أنه ليس عملًا، بل دعوة.

وقالت منيرة: "من وجهة نظري، حماية الأطفال من الأمراض هي عملٌ إنسانيٌّ أكثر من كونها وظيفة مدفوعة الأجر".