مبادرة الخلو من شلل الأطفال | الأخبار | مواجهة الفاشيات في الصومال

مواجهة الفاشيات في الصومال

طباعة PDF

في حين تستحوذ الاستجابة لكوفيد-19 على الشواغل الصحية المجتمعية، فإن كل فرصة تطعيم ضائعة تُعرِّض المكاسب الهشة التي تحققت ضد شلل الأطفال في الصومال لخطر التراجع

polio-programme-somaliaأفرقة الترصُّد المجتمعي لكوفيد-19 والشلل الرخو الحاد تتحدث إلى الأُسَر عن أي أفراد تظهر عليهم الأعراض في منطقتها. ويعمل الفريق الصومالي المعني بشلل الأطفال حاليًا على توجيه الاستجابة لكوفيد-19 ومكافحة فاشيات شلل الأطفال المستمرة في ظل ظروف صعبة. الصورة: مكتب منظمة الصحة العالمية في الصومال

22 تموز/ يوليو 2020 - يمثل كوفيد-19 بالنسبة للصوماليين الأزمة الأكثر إلحاحًا في دائرةٍ تبدو بلا نهاية من الفيضانات وانعدام الأمن الغذائي والنزاعات وفاشيات الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات مثل الحصبة والكوليرا وشلل الأطفال. وفي ضوء هذه المعلومات الأساسية، يعمل برنامج شلل الأطفال التابع للمنظمة على توجيه الاستجابة لكوفيد-19، كما يعمل على نطاقٍ أوسع، للحفاظ على مستويات المناعة ضد اللقاحات وتحسين فرص الحصول على الرعاية الصحية. وهذا ليس بالأمر السهل.

ويشعر الدكتور محمد علي كامل، رئيس فريق شلل الأطفال المنتهية ولايته ومدير أحداث كوفيد-19 في الصومال، بالإعجاب الشديد بالالتزام الذي أبداه الموظفون الصحيون. وقد اتصل مؤخرًا بأخصائي لوجستيات شلل الأطفال مصاب بكوفيد-19 ويعاني من أعراض المرض ليصر على توقفه عن العمل عن بُعد من فراش المرض. ويذكر الدكتور كامل أن أخصائي لوجستيات شلل الأطفال قال: "لا يا سيدي، سأستمر".

ومنذ تشخيص أول حالة إصابة بكوفيد-19 في الصومال في 16 آذار/ مارس 2020، كافح برنامج شلل الأطفال الجائحة من الألف إلى الياء. ويوضح الدكتور كامل قائلًا: "لا يوجد برنامج صحي آخر تتوفر له خبرة مماثلة لخدمة السكان الصوماليين خلال فاشية كوفيد-19. وقد تصدَّى أعضاء فريق شلل الأطفال، خلال الفترة التي قضوها في البرنامج، للعديد من فاشيات الأمراض المختلفة. وهذا يعني أنهم في وضع جيد وأنهم مدربون جيدًا على الاستجابة لفيروس كوفيد-19".

«لقد أمضى برنامج شلل الأطفال سنوات في بناء قدرات الموظفين وإنشاء نُظُم لتنفيذ حملات التطعيم والكشف عن فيروس شلل الأطفال في المجتمع. ويكون الفريق هو خط الدفاع الأول والأخير في بعض النواحي".

polio-somaliaالدكتور محمد علي كامل، رئيس فريق شلل الأطفال المنتهية ولايته ومدير أحداث كوفيد-19 في الصومال، يتحدث إلى أحد القائمين بالتطعيم ضد شلل الأطفال قبل ظهور الجائحة. الصورة: مكتب منظمة الصحة العالمية في الصومال

تشمل الاستجابة التثقيف، وتحديد الحالات، وتتبع المخالطين، والتدبير العلاجي للحالات، ودعم البيانات. وحتى حزيران/ يونيو 2020، كان العاملون في مجال شلل الأطفال الذين يعملون ضمن أفرقة الاستجابة السريعة قد وصلوا إلى 2.6 مليون شخص برسائل عن الوقاية من كوفيد-19. وقاد مسؤولو شلل الأطفال على مستوى المناطق داخل أفرقة العمل استقصاءً لأكثر من 4500 شخص يُشتَبَه في إصابتهم بكوفيد-19 في جميع أنحاء البلد. وقد أنشأ البلد 3 مرافق لاختبار كوفيد-19، واستُخدِم الهيكل الخاص بشلل الأطفال لجمع عينات البراز من حالات الشلل الرخو الحاد وشحنها في نقل عينات كوفيد-19.

وطوال هذه الفترة، واصل العاملون في مجال شلل الأطفال عملهم بتفرغٍ كاملٍ للقضاء على فاشيات فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاحات التي أصابت 16 طفلًا بالشلل حتى الآن منذ عام 2017.

ويعمل الفريق انطلاقًا من التزامٍ إنسانيٍّ تجاه السكان الصوماليين، الذين عانوا أكثر من 30 عامًا من الصراع وانعدام الأمن اللذين طال أمدهما. ويحتاج ما لا يقل عن 5.2 مليون شخص إلى المساعدات الإنسانية، كما أن الرعاية الصحية الثانوية والثالثية تكاد تكون منعدمة خارج عدد قليل من المدن الكبيرة. فالإلمام بالأمور الصحية منخفضٌ، والسكان مُعرَّضون بشدة للإصابة بأمراض مثل شلل الأطفال والحصبة والكوليرا، ومرض كوفيد-19 الذي ظهر في هذه الآونة. وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2019، تسببت الفيضانات التي اندلعت على نطاقٍ واسعٍ في مزيدٍ من الاضطرابات والمخاطر للأسر الصومالية.

وتزداد صعوبة عمل الفريق بسبب الآثار العاطفية الناجمة عن الجائحة. وقد اكتُشف حتى الآن ما لا يقل عن 143 عاملًا صحيًا مصابًا بعدوى كوفيد-19. وفي نيسان/ أبريل، توفي إبراهيم علمي محمد، مسؤول شلل الأطفال على مستوى المناطق، والذي قضى 19 عامًا في السعي من أجل خلو الصومال من شلل الأطفال، بسبب مرض مرتبط بكوفيد-19. وتُذكِّرنا وفاته، وهي واحدةٌ من العديد من وفيات موظفي الخطوط الأمامية في جميع أنحاء العالم بسبب كوفيد-19، بالمخاطر التي يواجهونها في كل مرة يذهبون فيها إلى العمل.

التحديات الماثلة أمامنا لدحر شلل الأطفال

الدكتور كامل على يقين من أن برنامج شلل الأطفال سيتطلب تمويلًا مستمرًا ودعمًا من السلطات والشركاء والمجتمعات المحلية من أجل استمرار أنشطة شلل الأطفال في خضم الجائحة.

وقال الدكتور كامل: «للحفاظ على المكاسب التي تحققت في مجال المناعة، يجب علينا تنفيذ عدد من حملات التطعيم ضد شلل الأطفال كل عام حتى يتسنى لبرنامج التمنيع الروتيني الوصول إلى كل طفل صومالي بجميع لقاحات شلل الأطفال. والصومال بلدٌ هشٌ للغاية ومُعرّض بشدة لخطر توطن فيروس شلل الأطفال إن لم نحافظ على البنية الأساسية لشلل الأطفال وندعمها".

ومنذ اكتشاف فاشيات فيروسات شلل الأطفال المشتقة من اللقاحات لأول مرة في عام 2017، عمل البرنامج على تبسيط ترصُّد الأمراض لحالات الشلل الرخو الحاد وغيرها من الأمراض التي يمكن الوقاية منها، ومن أمثلة ذلك إدخال تكنولوجيا الهواتف المحمولة لتسجيل بيانات الحالات المشتبه فيها. وقد أُدخل الترصُّد البيئي للأمراض لأول مرة. وعلى مدى 3 سنوات، نَفَّذَ العاملون الصحيون في الخطوط الأمامية أكثر من 15 حملة لشلل الأطفال، منها حملات متكاملة مع برنامج الحصبة.

oral-polio-vaccineأحد القائمين على التطعيم المتطوعين يعطي قطرتين من لقاح شلل الأطفال لطفل صومالي في آب/ أغسطس 2019. وعلى الرغم من الجهود المبذولة، لا يزال هناك العديد من المناطق التي يتعذر الوصول إليها ولا يتمكَّن البرنامج من إعطاء اللقاحات فيها. الصورة: منظمة الصحة العالمية/ إلياس أحمد

ويوضح الدكتور كامل قائلًا: "ما زلنا لا نعرف مصدر الفيروس بالضبط. وهناك العديد من المناطق التي يتعذر الوصول إليها، حيث لا يمكننا إعطاء اللقاحات أو الاستجابة بحملات التمنيع في تلك المناطق. ونشك في سريان الفيروس بين الأطفال والمجتمعات المحلية المُعرضة للمخاطر التي تعيش في تلك المناطق".

ويعتقد الدكتور كامل باقتناعٍ شديدٍ بأن من واجب برنامج شلل الأطفال دعم التدخلات الصحية الأخرى. ويقول: "يُظهِرُ فيروس كوفيد-19 ما يمكن أن يحققه العاملون في الخطوط الأمامية لمكافحة شلل الأطفال، كما يُظهرُ قوة نُظُم الترصّد والاستجابة".

وبالرغم من التحديات، لا يزال الدكتور كامل يعتقد أنه من خلال التمويل والدعم المستمرين، يمكن القضاء على فاشيات فيروسات شلل الأطفال المشتقة من اللقاحات في الصومال. ويقول: "يُشكّلُ فيروس كوفيد-19 حالة طوارئ هائلة في الصومال. ويعمل موظفونا بكل ما أوتوا من قوة، ونتوقع أن نرى المزيد من الحالات، ولكن في الوقت نفسه يجب أن نواصل مكافحة شلل الأطفال. ويستحق المجتمع الصومالي والعالم أن يكونا خاليين من هذا المرض".

"يجب علينا أن نحدد موعدًا جديدًا لحملة شهر آذار/مارس للتطعيم ضد شلل الأطفال التي تأخرت بسبب تفشي فيروس كوفيد-19. وعلينا أن نبذل كل ما في وسعنا للحفاظ على سلامة العاملين الصحيين من هذا الفيروس. إنه وضع صعب، ولكن يجب ألا نتوقف حتى نتغلب على كلا الفيروسين".